logo
ما بعد الصفقة الثالثة

ما بعد الصفقة الثالثة

جريدة الاياممنذ 2 أيام
ليس رئيس الحكومة الإسرائيلية هو من لديه حلفاء ائتلافيون يضغطون عليه من أجل مواصلة الحرب، ولكن أيضاً الرجل الذي ثبت بالفعل وليس بالقول أو التقدير وحسب، بأنه الأكثر قدرة على حسم قرار مواصلة الحرب أو وقفها، أكثر من بنيامين نتنياهو نفسه، ونقصد بذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا يغيب عن الأذهان بأنه دخل البيت الأبيض مجدداً، محملاً بدعاية انتخابية مضمونها وقف الحروب، وإشاعة الاستقرار في العالم، لدرجة إعلانه بأنه يسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام، لكنه بعد أكثر من ستة أشهر، فشل تماماً، ليس فقط في وقف الحرب الروسية الأوكرانية وحسب، بل في خفض تصعيد حدتها، وحتى في عدم إطلاق التفاوض حولها، لذلك فإن حاجته لوقف الحرب في الشرق الأوسط تبدو أكثر إلحاحاً وضغطاً عليه من أي شيء آخر.
والحقيقة أن ترامب كما كان حاله في ولايته الأولى، يبدو بأنه غير قادر على تحقيق أي إنجاز يذكر سوى في الشرق الأوسط، وهو في هذه الولاية كما سبق له وأن فعل في ولايته السابقة، حصل بمجرد زيارته للمنطقة على استثمارات خليجية اعلن عن قيمتها بنفسه، وقال بأنها بلغت 5،1 تريليون دولار، وما يؤكد هذا السياق هو أن ترامب نفسه، هو من أعلن عن اتفاق وقف الحرب بينه وبين الحوثي في اليمن، وهو نفسه من كان أطلق التفاوض مع ايران ضد الرغبة الإسرائيلية، وإن كان هو نفسه من أشرك اميركا في حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران، ولكنه اقتصرها على ضربة واحدة، تلقى خلالها الرد الإيراني على قاعدة العديد، ثم اعلن بنفسه عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وليس بين أميركا وإيران وحسب.
وقد فعل ترامب ذلك لإرضاء مؤيديه الذين صدموا من قراره ضرب ايران، وهم يعتبرون التدخل في شؤون الدول الأخرى غير مناسب، وفق ما قاله الكاتب جيسون ويليك في «واشنطن بوست»، وهذا يعني بأن قرار مواصلة الحرب أو وقفها، بات أمراً يتقرر بين ترامب ونتنياهو، الواقعين تحت ضغوط حلفائهما ومؤيديهما المتضادين، مع ملاحظة ان هناك ضغوطاً ضد مواصلة الحرب، من المعارضة الاسرائيلية ومن ذوي الأسرى، فيما هناك ضغوط داخل البيت الأبيض من صقور الإدارة لمواصلة دعم إسرائيل حتى تحقيق أهدافها من الحرب التي لم تتحقق بعد، والتي طال الوقت كثيراً من أجل تحقيقها، هذا رغم كل ما استخدمته إسرائيل من دمار وقتل، حتى أن جيشها وليس فقط أجهزتها الأمنية، اعتبر طوال الوقت بأن انعدام البديل السياسي، والاهداف السياسية المحددة، لا يبدد ما يتم إنجازه من إنجازات عسكرية وحسب، بل ويجعل الجيش يدور في حلقة مفرغة، كما لو كان يدور حول نفسه.
والدليل العملي على هذا، هو ان الجيش الاسرائيلي، مع الموساد، قد حققا انجازات عسكرية خاطفة وسريعة في كل من لبنان وايران، وهما يقومان بتنفيذ عمليات عسكرية متواصلة في سورية دون أي رد فعل سوري، لا سياسي ولا عسكري، أما فيما يخص غزة، فإن الجيش الإسرائيلي والموساد، والاستخبارات العسكرية، ومعهما كل ما لدى أميركا من أقمار تجسس، لم يستطيعوا تحقيق هدف تحرير المحتجزين بالقوة، لا الأحياء منهم ولا الأموات، رغم محاولاتهم المستميتة لتحقيق ذلك بدليل، أنهم يعلنون بشكل باهت للغاية بين فترة وأخرى، عن استعادة جثة هنا وجثة هناك، وبالنتيجة فإن إسرائيل لم تحرر بالقوة خلال أكثر من عشرين شهراً، إلا أقل من 5% من المحتجزين، كذلك لم تستطع إسرائيل ان تسحق قوة حماس العسكرية بالكامل، فما زالت المقاومة توقع القتلى في صفوف جيش الاحتلال، بل وحتى انها تقف في طريق البرنامج الإسرائيلي لتوزيع المساعدات الإغاثية عبر «مؤسسة غزة الإنسانية» الأميركية.
وعلى الطاولة ما زالت حماس تجلس أمام إسرائيل ومع الوسطاء، لتفاوض من أجل وقف الحرب، في ظل «عض أصابع»، وصل الى حد العظم، وإذا كان نتنياهو قد اعتبر في وقت ما بأن الحرب الاسرائيلية الحالية، إنما هي حرب الوجود الثانية، فإن قائد حماس الميداني الجديد، عز الدين الحداد قال مؤخراً: بأن هذه الحرب إما ان تكون حرب تحرير أو حرب استشهاد، وعلى عكس إسرائيل العاجزة عن تحديد هدف او حتى بديل سياسي، فإن حماس تسعى الى وقف الحرب وانسحاب اسرائيل الى خارج حدود القطاع التي كانت قبل السابع من أكتوبر، إضافة الى تحرير ألف أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية، مئة منهم من ذوي الأحكام المؤبدة، بينهم مروان وعبد الله البرغوثي واحمد سعدات الذين سيمثل تحريرهم صورة نصر لحماس.
ولم يعد مهماً عند حماس ان تبقى في الحكم أو لا، وذلك لأن اسرائيل هي من ترفض ان تكون السلطة الفلسطينية هي بديل حماس في حكم قطاع غزة، وبالنظر الى ان احتمال تشكيل إدارة عربية أو دولية، هو أمر شبه مستحيل، فإن دافع نتنياهو لرفض عودة السلطة لإدارة القطاع، هو دليل على أنه راهن طوال 17 سنة على الانقسام، وهو لأجل مداعبة أحلام بن غفير وسموتريتش الفاشية، الخاصة بضم غزة لإسرائيل بعد تحقيق ما منع ذلك طوال العقود الماضية، وهو الكثافة السكانية في حدود الجغرافية الضيقة، بشق طريق التهجير، بعد تنفيذ كل هذا القتل الجماعي، الذي تسبب في وسم إسرائيل بكونها دولة ابادة جماعية، وذلك بقتلها وجرحها 10% من سكان القطاع بشكل مباشر وتام، ومن خلال ارتكاب مئات المجازر الجماعية، وممارسة حرب التجويع والحصار، وإلقاء ما يعادل عدة قنابل نووية، كان آخرها إلقاء قنبلة الـ 500 رطل على مقهى على شاطئ البحر، قبل أسبوع، إضافة الى قتل اكثر من 600 شخص من طالبي المساعدات الإنسانية من «مؤسسة غزة الإنسانية».
أي ان حماس قد وضعت «ارجلها في مياه باردة» فهي متيقنة من تحقيق هدف اطلاق الأسرى الفلسطينيين، ما دامت ناجحة في الاحتفاظ بالمحتجزين الإسرائيليين، بعد ان نجحت طوال الوقت في القبض عليهم باعتبارهم الورقة «الجوكر» لديها في هذه الحرب، كذلك هي تراهن على أن نتنياهو يصطدم بالحائط حين يقول بإخراج حماس من المشهد السياسي، ويرفض البديل السياسي التلقائي وهو السلطة الفلسطينية، بل ان حماس التي لم تمت، فيما استنفد الجيش الإسرائيلي كل ما في جعبته من خطط وعتاد، والمشكلة لم تكن لا عند هيرتسي هاليفي ولا عند يوآف غالانت، فها هما إسرائيل كاتس، وإيال زامير، على طريق سابقيهما، ترتفع عقيرتهما بالكلام وحسب، ولم تحقق «عربات جدعون» إسرائيل كاتس أكثر مما حققته «السيوف الحديدية» المنطلقة منذ بدء الحرب، وها هو صوت زامير يعلو في وجه نتنياهو بأكثر مما كان يفعل هاليفي.
وفي الوقت الذي قالت فيه «يديعوت احرونوت» بأن ترامب يسعى لإعلان الهدنة مع بقاء حماس في غزة، أشار المحلل العسكري والسياسي للصحيفة الاسرائيلية آفي يسخاروف إلى أن حماس ما زالت متماسكة وتعيد بناء نفسها بعد «عربات جدعون»، ودون ما تعلنه الأوساط الإسرائيلية نفسها، فإن بنود الصفقة الثالثة التي يجري تداولها حالياً، بعد صفقتي تشرين الثاني 2023، وكانون الأول 2025، ورغم موافقة حماس على مقترح ستيف ويتكوف الذي كانت رفضته، ولم تنجح المقترحات المصرية والقطرية بتعديله، وانحصر في امرين اساسيين هما اطلاق نصف المحتجزين الأحياء والأموات، مقابل هدنة 60 يوماً، وكذلك اطلاق معظم الأحياء (8 من اصل 10) في اليوم الأول، إلا ان «تعديلات حماس» المرفقة بالموافقة على المقترح من حيث المبدأ، تلزم أسرائيل _وفي ذلك تتكئ حماس على المنطق التفاوضي_ بما كانت قد وافقت عليه في صفقة كانون الثاني، مع ويتكوف نفسه، وتنصلت منه، أي إدخال المساعدات دون تحديد، ومواصلة وقف النار خلال التفاوض على إنهاء الحرب.
يبدو اخيراً بأن نتنياهو اقرب لأن يختار ترامب بدلاً من بن غفير وسموتريتش، باعتباره طريقه للتخلص من كابوس القضاء الإسرائيلي الذي يهدد مسيرته السياسية بالتوقف، ومسحها من كتاب التاريخ، وترامب نفسه يدرك بأن أميركا غير قادرة على تسليح أوكرانيا وأسرائيل في حروب متواصلة، لكل هذا فإن دافعه لوقف الحرب يعزز من قدرة حماس على التفاوض ورفض توقيع صك الاستسلام.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصدر اسرائيلي: الاتفاق مع حماس قد يتم خلال أسبوع أو أسبوعين
مصدر اسرائيلي: الاتفاق مع حماس قد يتم خلال أسبوع أو أسبوعين

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

مصدر اسرائيلي: الاتفاق مع حماس قد يتم خلال أسبوع أو أسبوعين

بيت لحم معا- صرح مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة رويترز أن إسرائيل وحماس قد تتوصلان إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار "في غضون أسبوع أو أسبوعين، وليس قبل ذلك. وأضاف أنه إذا وافق الجانبان على وقف إطلاق النار المقترح لمدة 60 يومًا، فستستغل إسرائيل هذه الفترة لاقتراح وقف إطلاق نار دائم يُلزم حماس بنزع سلاحها.

إسرائيل توافق: قطر ستضخ أموالا لإعادة إعمار غزة خلال وقف إطلاق النار
إسرائيل توافق: قطر ستضخ أموالا لإعادة إعمار غزة خلال وقف إطلاق النار

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

إسرائيل توافق: قطر ستضخ أموالا لإعادة إعمار غزة خلال وقف إطلاق النار

بيت لحم- معا- صرح مسؤول إسرائيلي كبير صباح اليوم بأن وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع أو أسبوعين. وتحدث المسؤول، شريطة عدم الكشف عن هويته، خلال زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لواشنطن. وقال إن الجانبين اتفقا على وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، وستستغل إسرائيل هذه الفترة للترويج لوقف إطلاق نار دائم يُلزم حماس بنزع سلاحها. وهدد قائلًا: "إذا رفضت حماس، فسنمضي قدمًا في العمل العسكري". وتشعر واشنطن باقتراب الإعلان عن اتفاق صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار، وأفادت صحيفة يديعوت احرنوت بأنه ضمن الشروط التي وافقت عليها إسرائيل ستبدأ قطر ودول أخرى بضخ موارد وأموال لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك خلال فترة وقف إطلاق النار. ستتمكن قطر من ضخ أموال إلى قطاع غزة لإعادة إعماره، بدءًا من بدء سريان الصفقة. بحسب التقارير العبرية فإن الغرض من هذا التمويل هو إرسال إشارة إلى حماس بأن إسرائيل تنوي إنهاء الحرب، حتى لو لم تُعلن ذلك رسميًا في المرحلة الأولى من الاتفاق، قبل أن تُفرج حماس عن جميع الاسرى وتوافق على نزع سلاحها وحل حكومتها في قطاع غزة. وتُصرّ إسرائيل على أن قطر، بل دول أخرى أيضًا، هي من تتولى توجيه الأموال لإعادة إعمار القطاع. بالنسبة لحماس، هذه مسألة مبدئية ينبغي أن تُشير إلى أن الحرب قد انتهت لدى الرأي العام الفلسطيني في غزة كما طلبت إسرائيل من السعودية والإمارات العربية المتحدة المساعدة في إعادة إعمار قطاع غزة، لكنهما ترفضان ذلك ما لم تُعلن إسرائيل رسميًا انتهاء الحرب في غزة. يبقى الخلاف الرئيسي في المفاوضات بين الطرفين حول محور موراج ، الذي لم توافق حماس على أي اتفاق معه حتى الآن، حتى بعد أن قدمت إسرائيل خريطة جديدة للبقاء الجزئي في هذا المحور. وقدمت إسرائيل إلى قطر مقترحًا جديدًا يتناول نشر قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على طول الخطوط وخاصة في منطقة محور موراج. وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الليلة الماضية بأنه يرى فرصةً حقيقيةً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة قريبًا وأفادت مصادر في حركة حماس لصحيفة الشرق الأوسط السعودية بإحراز تقدم في المفاوضات حول العديد من القضايا العالقة عقب لقاء ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض. إلا أن الاتفاق لم يُحسم بعد، والمفاوضات مستمرة، حيث يواصل الوسطاء جهودهم لتقريب وجهات النظر. واتهمت المصادر إسرائيل بـ"إضاعة الوقت وعدم البت في القضايا المتبقية محل الخلاف". وأوضحت أن وفد حماس أثار قضايا مثل المساعدات الإنسانية، وانسحاب القوات، ووقف الأعمال العدائية، وأُحرز تقدم في بعضها، لكن لا تزال هناك حاجة إلى "لمسات أخيرة" لاستكمال معالجتها.

ترامب: سعر‭ ‬الفائدة أعلى مما ينبغي وعلى باول الاستقالة فوراً
ترامب: سعر‭ ‬الفائدة أعلى مما ينبغي وعلى باول الاستقالة فوراً

جريدة الايام

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الايام

ترامب: سعر‭ ‬الفائدة أعلى مما ينبغي وعلى باول الاستقالة فوراً

واشنطن - رويترز: قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، إن سعر الفائدة في الولايات المتحدة أعلى مما ينبغي، داعياً رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إلى الاستقالة "فوراً". وحث ترامب، في منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، مجلس الاحتياطي الاتحادي إلى خفض سعر الفائدة القياسي ثلاث نقاط مئوية على الأقل، وتيسير السياسة النقدية للمساعدة في خفض تكلفة خدمة ديون البلاد. وأضاف: "سعر الفائدة أعلى مما ينبغي بثلاث نقاط على الأقل. التأخر الشديد يكلف الولايات المتحدة في إعادة تمويل الديون 360 مليار دولار عن كل نقطة سنوياً. لا تضخم، الشركات تتدفق إلى أميركا. البلد الأكثر نشاطاً في العالم! خفضوا سعر الفائدة!!!". وفي منشور منفصل، قال ترامب: إن جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي "عليه التقدم باستقالته على الفور".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store