logo
المفاوضات التجارية اختبار لصورة ترامب "صانع الصفقات"

المفاوضات التجارية اختبار لصورة ترامب "صانع الصفقات"

جريدة الاياممنذ 18 ساعات
واشنطن - أ ف ب: سعى دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض لتحقيق طموحه المزمن بإعادة ترتيب التجارة الأميركية مع العالم، غير أن النتيجة حتى الآن كانت نشر الفوضى والضبابية.
بدأ قطب العقارات الذي بنى سمعته في الأعمال كما في السياسة على صورته كـ"صانع صفقات" بارع، بتطبيق إستراتيجية متشددة تقوم على فرض رسوم جمركية عقابية توقعت إدارته أن تؤدي إلى انتزاع "تسعين صفقة في تسعين يوما".
غير أن كل ما حققه إلى الآن هو اتفاقان، بالإضافة إلى خفض التصعيد في الحرب التجارية مع الصين من خلال اتفاق مؤقت.
وحدد ترامب بالأساس لعشرات الشركاء والخصوم التجاريين على السواء وبينهم الاتحاد الأوروبي والهند واليابان، مهلة تسعين يوما حتى التاسع من تموز للتوصل إلى اتفاق قبل دخول الرسوم الجمركية المشددة حيز التنفيذ.
لكن قبل أيام من ذلك الاستحقاق، مدد ترامب المهلة حتى الأول من آب.
وكان ذلك ثاني تمديد منذ أن أعلن عن الرسوم الإضافية في نيسان، ما أعاد طرح "نظرية تاكو"، وهي مفردة لقيت انتشارا في أوساط أسواق الأسهم الأميركية خلال الآونة الأخيرة، تختصر بالأحرف الأولى عبارة "ترامب دائما يتراجع".
وتشير "نظرية تاكو" التي أطلقتها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن الرئيس الجمهوري غالبا ما يتراجع عن السياسات التي يقرّها بنفسه، ما إن تنعكس اضطرابات في أسواق الأسهم.
ويعتقد أن وزير الخزانة سكوت بيسنت كان من أكثر الذين دعوا إلى تعليق العقوبات وإعطاء مهلة.
غير أن لقب "تاكو" أثار غضب ترامب، الذي أكد، الثلاثاء، أن الاستحقاق كان محددا بالأساس في الأول من آب.
وأعلن خلال اجتماع للوزراء "لم أدخل أي تغيير، بل ربما توضيح".
وكتب، "ندعوكم إلى المشاركة في اقتصاد الولايات المتحدة الاستثنائي، السوق الأولى في العالم بفارق كبير".
وبعث بحوالى عشرين رسالة هذا الأسبوع، ولا سيما إلى الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك والبرازيل، يعلن فيها دخول الرسوم الجمركية المشددة حيز التنفيذ على منتجاتها التي تستوردها الولايات المتحدة.
ورأت إينو ماناك، الباحثة في السياسة التجارية في مجلس العلاقات الدولية، أن هذه الرسائل "هي أسلوب ترامب للتصدي لهذه التسمية".
وقالت لوكالة فرانس برس، "يريد أن يظهر أنه لا يماطل بشأن الاستحقاق، بل إنه جاد بهذا الصدد".
وأضافت، "لا شك أنه محبط لعدم رؤية سيل من الصفقات المتواردة".
وأوضح وليام راينش، المستشار في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن "التحول في خطابه من (لن يكون هناك تكلفة، الدول الأخرى ستدفع الثمن) إلى (سيكون هناك تكلفة على المدى القريب إنما مكاسب على المدى البعيد)، وضعه في موقع أكثر تعقيدا سياسيا".
ولطالما أكد ترامب أن الدول الأخرى ستدفع ثمن سياسته الجمركية، في حين أن الشركات الأميركية هي التي تتكبد الفاتورة في الواقع.
وقال راينش، المسؤول التجاري الأميركي السابق، "في ذهن الرأي العام، الرسوم مؤلمة، لكن الاتفاقات ستكون مكسبا".
وحذر من أنه في حال عدم التوصل إلى صفقات، فقد يستخلص الأميركيون أن سياسة ترامب غير مجدية وسيعتبرون إستراتيجيته فاشلة.
في هذه الأثناء، أعلن ترامب عن رسوم مشددة بنسبة 50% على واردات النحاس اعتبارا من الأول من آب.
كما أكد وزير التجارة هاورد لوتنيك، أن المسؤولين سيختتمون بحلول نهاية الشهر التحقيقات حول أشباه الموصلات والأدوية، ما قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية.
وقالت ماناك، إن "هذا التوقيت ليس بالصدفة، فهو يطابق الاستحقاق الجديد في الأول من آب، ما يزيد الضغط ويصرف الانتباه عن أي قصور في الصفقات التي يتم التوصل إليها ضمن هذه المهلة".
ويعتقد المحللون أن مؤيدي ترامب لن يعيروا اهتماما للمحادثات التجارية ما لم تؤد الرسوم الجمركية إلى زيادة التضخم.
وقالت إميلي بنسون، مسؤولة الإستراتيجية في شركة: "مينرفا تكنولوجي فيوتشرز"، إن "السياسة التجارية ليست في طليعة اهتمامات الناخب العادي".
وبرأيها، فإن تركيز إدارة ترامب على تعزيز قطاع التصنيع الأميركي وإعادة تنشيط الصناعات الدفاعية يشير إلى أنها مستعدة لتحمل التبعات السياسية لهذه القرارات من أجل تحقيق أهدافها.
غير أن هذا يتطلب من الإدارة موازنة دقيقة وصعبة.
فمن المرجح بنظر ماناك أن يبدي الناخبون اهتماما اكبر في حال نفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية مشددة في مطلع آب.
وقالت، "قد نرى أيضا رد فعل سلبيا من السوق، لن يمر بدون أن يترك أثرا".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فورن أفيرز: الضربات العسكرية لن تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية
فورن أفيرز: الضربات العسكرية لن تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

فورن أفيرز: الضربات العسكرية لن تمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية

بيت لحم- معا- ذهب تقرير لمجلة "فورن أفيرز" إلى أن القوة تفشل في وقف الانتشار النووي، وأن الدبلوماسية وحدها كفيلة في نهاية المطاف بمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية. وقالت المجلة إن "القنابل قادرة على كسب الوقت؛ لكن الدبلوماسية وحدها هي التي تضمن أمناً دائماً"، ورجحت أنه حتى لو ألحقت حملات القصف أضرارًا جسيمة بالمواقع النووية الإيرانية، فإن التاريخ يُظهر أن تدمير البنية التحتية السطحية نادرًا ما يُحقق أمنًا مستدامًا. وفي حين قد تعوق الضربات قدرات أي دولة نووية ناشئة، فإنها تميل أيضًا إلى تعزيز طموحاتها النووية. وفي الساعات الأولى من صباح 22 يونيو/حزيران، أطلقت 7 قاذفات شبح من طراز بي-2 تابعة لسلاح الجو الأمريكي قنابل خارقة للذخائر تزن 30 ألف رطل على أكثر المواقع النووية الإيرانية تحصينًا. وبينما أعلنت واشنطن أن المهمة، التي أُطلق عليها اسم "عملية مطرقة منتصف الليل"، حققت نجاحًا باهرًا، وصرح الرئيس دونالد ترامب بأن المنشآت "دُمّرت تمامًا"، يبدو الواقع أقل يقينًا بكثير. والحقيقة الأكثر ترجيحا هي أن عملية "مطرقة منتصف الليل" لم تنجح إلا في شراء الوقت لإدارة ترامب؛ الوقت الذي ينبغي لها أن تستخدمه للتفاوض على الحل الاستراتيجي الطويل الأجل للمسألة النووية الإيرانية، والذي تعتقد خطأ أنها حققته بالفعل. وأشارت المجلة إلى أن "الهجمات العسكرية المباشرة على البرامج النووية تُصمم للقضاء على قدرة الدولة على بناء سلاح نووي من خلال تدمير البنية التحتية الحيوية، أو قتل أفراد رئيسيين، أو الحد من قدرة الدولة المستهدفة على تجميع سلاح نووي". لكن القدرة المادية لا تُمثل إلا نصف ما يُدخل في دفع عجلة التسلح النووي، إذ يتطلب بناء رادع نووي إرادة سياسية قوية. ولفتت المجلة إلى أن "إيران صمدت طويلًا أمام هجمات لم تُلحق ضررًا قاتلًا ببرنامجها النووي، إذ شملت هذه الهجمات هجوم ستوكسنت الإلكتروني على منشأة نطنز، وهو جهد أمريكي إسرائيلي مشترك ألحق أضرارًا بنحو ألف جهاز طرد مركزي عامي 2009 و2010، وموجة اغتيالات إسرائيلية لعلماء نوويين إيرانيين بين عامي 2010 و2012، وأعمال تخريب إسرائيلية أحدث استهدفت منشأة نطنز عامي 2020 و2021". في المقابل، ردّت إيران على كل هجوم بجعل بنيتها التحتية المادية أكثر متانة، بما في ذلك بناء أجهزة طرد مركزي أكثر تطورًا ونقل منشآت رئيسة مثل فوردو إلى أعماق الأرض. ولا تزال بعض مزايا إيران بعيدة عن متناول الغارات الجوية، بما في ذلك إتقانها دورة الوقود النووي. والأهم من ذلك، وفق المجلة، أن محاولات مهاجمة برنامجها النووي عززت عزيمة إيران وعززت قناعات قيادة البلاد بضرورة وجود رادع نووي لمنع أعدائها - وفي مقدمتهم إسرائيل والولايات المتحدة، من تهديد إيران متى شاءوا. وخلُصت المجلة إلى أن عملية "مطرقة منتصف الليل"، في أحسن الأحوال، ربما تكون أخّرت البرنامج النووي الإيراني لما يقارب 12 إلى 18 شهرًا. وأشارت تقييمات استخباراتية أمريكية إلى أن التأخير الذي فرضته الضربات قد لا يتجاوز بضعة أشهر، نظرًا إلى قدرة إيران على انتشال المواد، وتوزيع مواقعها، وإعادة بناء منشآتها باستخدام منشآت سرية. ورأت أن "اعتبار هذا التوقف انتصارًا استراتيجيًا سيكون خطأً فادحًا". وبحسب التقرير، لتحويل هذا التوقف التكتيكي إلى مكسب استراتيجي، ينبغي لواشنطن استغلال هذه الفرصة القصيرة للسعي إلى مخرج دبلوماسي، بما في ذلك إلزام إيران بالعودة إلى التزاماتها السابقة بمنع الانتشار النووي، ومنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق الوصول الفوري إلى مواقعها النووية وسلطة التفتيش المفاجئ عليها، ربما مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات.

«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!
«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!

جريدة الايام

timeمنذ 3 ساعات

  • جريدة الايام

«النرجسي والمراوغ» في محادثات واشنطن!

«سنهزم هؤلاء الوحوش وسنعيد رهائننا إلى الوطن». كان ذلك تصريحاً محملاً برسائل بالغة الخطورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب عودته من واشنطن. إنه إعلان صريح بنجاح مهمته في البيت الأبيض، التي تعني بالضبط الإفلات من ضغوط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتحقيق وقف إطلاق نار في غزة مع «الوحوش الفلسطينيين»! قبل أن يغادر العاصمة الأميركية ذكر المعنى نفسه: «إذا لم نحقق أهدافنا بالتفاوض فسوف نحققها بالقوة»، لكنه بدا عند عودته أكثر عدوانية واستعداداً للمضي في حرب الإبادة على غزة بغير سقف زمني. بفوائض قوة يستشعرها طلب مجدداً: «تفكيك المنظمات الفلسطينية، ونزع سلاحها، وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين في غزة». هذا طلب إذعان لا تفاوض قيل إنه في مراحله الأخيرة. «لا يمكن التوصل إلى اتفاق شامل». كان ذلك توصيفاً آخر، أكثر صراحة ووضوحاً، لطبيعة الصفقة التي يمكن أن يمررها لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة قبل أن يعود إلى الحرب بعد ستين يوماً. «إسرائيل تريد إنهاء الحرب».. كما يطلب ترامب، لكن وفق شروطها. حسب التصريحات الصادرة عن الجانبَين الأميركي والإسرائيلي، فإنه تجمعهما «رؤية إستراتيجية واحدة». هذا يفسر إلى حد كبير ما تستشعره إسرائيل من فوائض قوة تدعوها إلى الحرب على أكثر من جبهة بعضلات غيرها. السؤال الرئيس هنا: من يقود الآخر، ترامب النرجسي أم نتنياهو المراوغ؟ قبل محادثات واشنطن صرح ترامب: «سوف أكون حازماً جداً مع نتنياهو، لكنه لم يصل إلى أي اختراق تطلع إلى إعلانه من واشنطن حتى يكون ممكناً أن يبدو في صورة من يستحق جائزة «نوبل للسلام». في نفس المحادثات خاطب نتنياهو نرجسيته المفرطة بتسليمه وثيقة أرسلها إلى لجنة «نوبل للسلام» ترشحه للفوز بها، وهو يدرك أن مجرد ذكر اسمه بإرثه وجرائمه، التي استدعت استصدار مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية إهانة بالغة للجائزة. بعد المحادثات أكد نتنياهو: «من المستحيل تماماً التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم». إنه رفض صريح لأي صفقة تنهي الحرب مرة واحدة، خشية تفكك ائتلافه الحكومي تحت ضغط وزيرَي الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش المتطرفَين. لم يسجل المراوغ المحترف أي اختلاف مع ترامب، لكنه وضع خطوطاً حمراء باسم الأمن الإسرائيلي تجعل من فكرة الصفقة الشاملة مستحيلة تماماً. هاجس نتنياهو مصالحه السياسية قبل الأمن الإسرائيلي خشية أن يجد نفسه خلف القضبان محكوماً عليه بالفساد والاحتيال، وتقبل الرشى إذا ما تفككت حكومته. حرص نتنياهو، وهو في واشنطن، على الاتصال الدائم بسموتريتش، الأكثر حرصاً من بن غفير على البقاء في الحكومة، لطمأنته أنه لن يعقد أي صفقة شاملة. لم يكن مستغرباً أن ينتحل وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لنتنياهو الأعذار: «حماس رفضت نزع سلاحها، وإسرائيل أبدت مرونة». الشق الأول من الكلام صحيح والشق الثاني لا دليل عليه. ماذا يقصد بالضبط بـ»مرونة إسرائيل»؟ لا شيء مطلقاً.. إنه الولاء لها قبل الإدارة، التي يخدمها. بنى نتنياهو مناوراته مع ترامب على التمركز عند طلب أن يكون الاتفاق جزئياً ومؤقتاً لمدة ستين يوماً يستعيد خلالها عشرة أسرى إسرائيليين. بترجمة سياسية فالمعنى بالضبط خسارة المقاومة الفلسطينية نصف أوراقها التفاوضية دون أن يفضي ذلك إلى إنهاء الحرب. بترجمة سياسية أخرى: تخفيف ضغط حلفائه اليمينيين المتطرفين عليه دون أن يتخلى عن استهداف العودة إلى الحرب مجدداً بذريعة فشل المفاوضات مع «حماس» في التوصل إلى وقف نار مستدام. هذا سيناريو شبه مؤكد، إلا إذا مارس ترامب ضغوطاً حقيقية على نتنياهو. المشكلة هنا أنه لا يقدر على هذا الخيار وتبعاته بالنظر إلى طبيعة إدارته. لتجاوز تلك العقدة اقترح أن يحصل نتنياهو على عفو من المحاكمة، التي تتهدده في مستقبله السياسي. كان ذلك داعياً إلى انتقادات واسعة لترامب داخل إسرائيل نفسها. المفارقة الكبرى أن الشعور الإسرائيلي الطاغي بالقوة يتناقض مع تصريحات رئيس الأركان، إيال زامير، عن ضرورة وقف إطلاق النار في غزة بأي ثمن تعبيراً عن الجو العام داخل الجيش، فلا بنوك أهداف جديدة، والخسائر في صفوفه فادحة. رغم ذلك كله يصف نتنياهو إسرائيل بأنها أصبحت قوة عظمى، رغم تراجع مكانتها في العالم كله؛ جراء حرب الإبادة التي تشنها على غزة. ثبت بيقين، حرباً بعد أخرى، أنه ليس بوسعها ربح المواجهات العسكرية وحدها. لولا تدخل الولايات المتحدة عسكرياً واستخباراتياً بعد السابع من أكتوبر (2023) لحاقت بها هزيمة إستراتيجية مروّعة. لم يتم التحقيق في حوادث السابع من أكتوبر، استقال على خلفيتها قادة عسكريون وأمنيون، غير أن المسئول السياسي الأول يرفض الامتثال لأي تحقيق خشية إجباره على التنحي عن منصبه. ولولا تدخل الولايات المتحدة مرة أخرى في حربها مع إيران لما كان ممكناً أن تصمد طويلاً تحت وطأة الخسائر الفادحة، التي طالتها الصواريخ الباليستية. بنص كلام ترامب: «لقد أنقذنا إسرائيل، والآن سوف ننقذ نتنياهو». مأزق الرئيس النرجسي أنه قد يبدو ضعيفاً ومنقاداً لمناور محترف. الضعف أكثر ما يزعج ترامب أن ينسب إليه، لكنه واقع الآن في أفخاخ نتنياهو.

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى
انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

جريدة الايام

timeمنذ 3 ساعات

  • جريدة الايام

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

انتظر كثيرون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة يعلنه الرئيس ترامب بعد اجتماعه بنتنياهو في البيت الأبيض، على خلفية وعد ترامب الشخصي بإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب، عبر اتفاق وشيك. وقد ساد اعتقاد بأن ترامب سيفرض الاتفاق على نتنياهو أثناء اجتماعهما في واشنطن، وذلك على غرار نجاحه في وقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعد 12 يوماً من اندلاعها. في هذا السياق قدم طاقم ترامب حوافز كثيرة لتسهيل عملية التوصل الى اتفاق، كتصميم اتفاق انتقالي يشجع نتنياهو على الدخول في مسار تفاوضي يقود الى إنهاء الحرب بمضمون الشروط الإسرائيلية. لكن نتنياهو عطل المسار التفاوضي بوضع شروط استفزازية حالت دون التوصل إلى اتفاق، سواء من خلال تعهده باستئناف الحرب بعد 60 يوماً وتشبثه باقتطاع 40% من أراضي قطاع غزة كمناطق عازلة بحسب الخرائط التي قدمها المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن تمسكه باحتكار الشركة الأميركية للإغاثة، حيث قتل خلال انتظار المساعدات ما ينوف على 800 مواطن، ورغم ذلك تصر حكومة نتنياهو على استبعاد المنظمات الدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والخدمية، وتستمر سلطات الاحتلال بالتحضير لتجميع أكثرية سكان القطاع في معسكر اعتقال ضخم على أطراف رفح، توطئة لتهجيرهم. ثبت بالملموس أن نتنياهو ومعسكره الكاهاني عازمون على مواصلة الحرب، وهم يدفعون الى تأجيل أي اتفاق جزئي، وصولاً الى يوم 28 تموز، حيث يدخل الكنيست في عطلة لمدة 3 أشهر. وفي هذه الحالة تستمر الحرب وفقاً لخطة التطهير العرقي الفاشية. وسواء حدثت هدنة الستين يوماً او لم تحدث، يستمر مخطط التطهير العرقي، سيما وأن نتنياهو يتمتع بسلطة مطلقة على الاستراتيجية العسكرية بحسب تقرير» نيويورك تايمز». ويلاحظ أن سياسات نتنياهو تتكشف أكثر في وعوده للوزير المتطرف سموتريتش، وعده 7 مرات وأوفى بوعوده، في الوعد رقم 7 وعد بنقل السكان جنوباً ووضع أكثرية المواطنين في معسكر اعتقال ضخم اسماه «مدينة إنسانية» مترافقاً مع تدمير أماكنهم في – مدن وبلدات ومخيمات- تدميراً كاملاً ليحول دون عودتهم إليها، وفرض حصار شامل على من تبقى خارج معسكرات التجميع الحدودية. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا رضخ ترامب لشروط وألاعيب نتنياهو حتى في تفاصيلها؟ أولاً لأن ترامب أبرم اتفاقاته بقيمة 4 ترليونات دولار، ولم يربطها مسبقاً باشتراط التطبيع الرسمي بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، ولا بإنهاء الحرب او بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن أقصى ما يمكن حدوثه هو تأجيل إبرام الاتفاقات مع إسرائيل، بمعنى لا يوجد تراجع يؤدي الى خسائر وخلط للأوراق. ثانياً: لأنه لا يوجد خلاف بين إدارة ترامب وطاقمه الممسك بملف الحرب، وبين سياسة نتنياهو ومعسكره الكاهاني الذي يقدم حلاً فاشياً للقضية الفلسطينية. ثالثاً: لا يوجد ضغوط او احتجاجات عربية وفلسطينية خصوصاً، ولا يوجد ضغوط دولية على الموقف الأميركي الاستفزازي. فقد تراوحت المواقف العربية الرسمية بين التوسط ونقل الشروط الإسرائيلية الأميركية وبين الصمت المريب. لهذه الأسباب يندمج الموقف الأميركي بموقف أقصى اليمين الإسرائيلي الذي تمثله حكومة نتنياهو في موقف واحد. البقاء ضمن معادلة قوة حماس المحدودة والتي لا تملك من عناصر القوة غير الرهائن والأسرى الإسرائيليين، والقدرة على إلحاق خسائر بشرية في جيش الاحتلال -بلغت الخسائر 890 جندياً وضابطاً منذ 7 أكتوبر، بينهم 448 جندياً خلال فترة الاجتياح البري الممتدة منذ 20 شهراً – وفي المستوى السياسي أصبحت مكانة إسرائيل في الحضيض بفعل استهدافها للمدنيين الأبرياء وارتكابها حرب إبادة يومية، وقد تتحول يوماً بعد يوم الى دولة منبوذة ومعرّضة للعقوبات. لكن وجود رأي عام عالمي أكثري مناهض للممارسات والسياسات الإسرائيلية لم يقلل من حجم الكارثة التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، لم يؤد إلى توفير الغذاء والدواء ومستوى من الحماية للتجمعات البشرية المكتظة. مقابل القوة المتغطرسة الإسرائيلية المدعومة من إدارة ترامب بلا حدود، وفي شتى المجالات، تمارس إسرائيل حرب إبادة متصاعدة وتحوّل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة البشرية، والتي تمضي في تدمير البنية التحتية وتفكيك المجتمع، ودفعه نحو تهجير قسري داخل قطاع غزة كمقدمة لتهجير قسري خارجه. إذا ما استمرت الحرب وانحصرت المواجهة بين القوتين المذكورتين، فإن النتائج لن تكون سراً أو عصية على المعرفة والاستكشاف، وهي استكمال الإبادة والتهجير وخسائر بشرية ومادية متزايدة. لا يتفق الواقع على الأرض مع تقييم محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد حين قال إن عامل الوقت يلعب لصالح المقاومة التي تملك القدرة على الصمود طويلاً، وإن قوات الاحتلال عاجزة عن التقدم ميدانياً. فلا يمكن فصل صمود المقاومة عن صمود المجتمع الذي يفتقد لكل المقومات التي تصل أحياناً الى الصفر، والأسوأ ان دولة الاحتلال تتحكم في تلك المقومات وقد دأبت على تحطيمها. الخسائر التي تلحق بالمحتلين لا تقارَن بالخسائر التي تلحق بالمواطنين، ولا يقتصر الخطر على الخسائر الهائلة، بل يمتد الى تهديد الوجود الفلسطيني في القطاع وفرض الحل الفاشي من طرف واحد، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمدنية على حد سواء. لا يوجد مصلحة للشعب الفلسطيني في إبقاء هذه المعادلة تفعل فعلها دون اعتراض أو تدخل او محاولة الخروج من هذا المسار الكارثي. حكومة نتنياهو بالأقوال والممارسة تسعى الى حسم الصراع على طريقتها، واذا تُركت وحدها او بمشاركة أميركية فقط وبدون مبادرات، فإن روح الانتقام تطغى على ما عداها وستقود الأمور الى العدم. السؤال، لماذا لا نبحث عن حلول ومبادرات بدعم الدول العربية التي أبرمت الاتفاقات مع إسرائيل، وبدعم دول المؤتمر الدولي العربي المزمع عقده لدفع حل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالاستناد لدعم الأمين العام للأمم المتحدة، ولتأييد قوى سلام إسرائيلية بدأت تعيد بناء مواقفها وأطرها. إن انتزاع زمام المبادرة السياسية يرتبط أساساً بحكمة وواقعية فلسطينية مسؤولة تشارك فيها الحركة السياسية بسائر أطيافها من خلال الشرعية الفلسطينية -المنظمة والسلطة -، وإذا أردنا ترجمة الواقعية في بنود سنقبل بقطاع غزة والضفة بدون سلاح المقاومة، والانتقال الى الشكل السلمي للنضال كشكل رئيسي، المقرون بطلب الحماية الدولية – قوات الأمم المتحدة ومن ضمنها قوات عربية – تشرف على وقف الحرب وحماية المواطنين وتأمين الاحتياجات الأساسية لملايين الفلسطينيين. إذا ما تم الاتفاق على هذا البند، فإن البنود الأخرى ستكون محط تفاهم كصيغة الوضع الانتقالي، تحت مظلة المنظمة والسلطة باعتبارهما الشرعية الفلسطينية. ونزع كل الذرائع التي استُخدمت وما تزال تُستخدم لمواصلة حرب الإبادة، وفي مقدمة ذلك الأسرى الإسرائيليون الذين ينبغي مبادلتهم بأسرع وقت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store