logo
مجلس رام الله المركزي: خطوة للوراء تستدعي خطوة للأمام

مجلس رام الله المركزي: خطوة للوراء تستدعي خطوة للأمام

إيطاليا تلغراف٢٥-٠٤-٢٠٢٥

إيطاليا تلغراف
عريب الرنتاوي
كاتب ومحلل سياسي أردني
لولا بعض فضول اجتاح أوساطًا سياسية وشعبية فلسطينية، لمعرفة هُوية من سيصبح 'رجلًا ثانيًا' في منظمة التحرير، لما تابعت هذه الأوساط مجريات ووقائع أعمال الدورة الحالية للمجلس المركزي للمنظمة، ولولا تلك الكلمات التي صدرت عن الرئيس الفلسطيني في حقّ 'حماس'، لما اهتم أحدٌ بخطابه الافتتاحي في الدورة المذكورة.
صورة المنظمة والقيادة الفلسطينيتَين، في أذهان الشعب، محمّلة بالشكوك والاتهامات وانعدام الثقة واليقين، تلكم ليست تقديراتنا، تلكم خلاصة عشرات استطلاعات الرأي العام التي أُجريت قبل 'طوفان الأقصى'، وبالأخص بعده.
في السياق
الدعوة لتفعيلِ منظمة التحرير؛ بعثِها وإحيائِها، ودمقرطتها، صدرت بلسان مبين، عن كل فلسطيني وفلسطينية، استشعر أو استشعرت، خطورة المرحلة وجسامة التحديات الراهنة.
لكن هذه الدعوات والمبادرات، التي انخرطت بها أوساط رسمية عربية: (الدوحة، والجزائر، والقاهرة)، ودولية نافذة: (موسكو، وبكين)، ذهبت أدراج الرياح، وظلت صيحات في وادٍ سحيق، لم تقابل إلا بإعلاء جدران الصدّ والتعطيل، من قبل قيادة استمرأت الاستئثار والتفرد، ولم تفكر للحظة واحدة، في إجراء المراجعات المطلوبة، والتخلّي عن الرهانات الخائبة، حتى حين اقتربت نيران الاستيطان والمستوطنين، وهمجية اليمين الفاشي المتحكّم بتلابيب القرار في تل أبيب، من ثيابها.
إذن، لم تأتِ الدعوة لانعقاد المجلس في سياق الاستجابة لضرورات 'ترتيب البيت الفلسطيني'، وترميم ما أصابه من شقوق وتصدّعات، كما تقول 'ماكينة الدعاية' في رام الله، بل في سياق آخر، مغاير تمامًا.
لقد كان واضحًا، أن انعقاد المجلس المركزي الذي اغتصب سلطات أعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني: المجلس الوطني، وصار ينوب عنه، فيما يعنيه وما لا يندرج في إطار صلاحياته، قد جاء فاقدًا لـ'نصابه السياسي'، حتى وإن توفر على نصاب قانوني 'شرعي' ظاهريًا.
المجلس انعقد في غياب فصائل المقاومة الأساسية، لم تدعَ حماس إليه، وهي غير ممثلة فيه على أية حال، وكذا الحال بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي، والمجلس انعقد بمقاطعة رسمية معلنة من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمبادرة الوطنية.. مع أن المجلس وضع في صدارة أهدافه، ترتيب البيت الداخلي، والرئيس الذي وصف فصيلًا فلسطينيًا أساسيًا بأقذع الأوصاف، وأكثرها ابتذالًا، هو ذاته الذي زعم أنه وجّه لجنته التنفيذية، للبحث في سبل استعادة الوحدة وترتيب البيت الداخلي.
على أية حال، لم يعُد خافيًا على أحد، أن انعقاد المجلس بعد تسعة عشر شهرًا على حرب التطويق والتطهير والإبادة، لم يأتِ في سياق فلسطيني وطني داخلي، يُعنى بِجَبْهِ التحديات والارتقاء إلى مستوى الكارثة والبطولة التي يسطر أهل غزة ومقاومتها، بدمهم الغزير، فصولها وصفحاتها يوميًا، وإنما جاء في سياق التكيف مع إملاءات الخارج، الرامية إلى إعادة تكييف وتأهيل السلطة والمنظمة، للتساوق مع شروط 'اليوم التالي' ومندرجاته.
من هنا يمكن تفسير مشاعر الريبة والشك، التي ميّزت نظرة الشعب والفصائل لهذا الحدث، الذي بدا هزيلًا ولا يليق باللحظة الفلسطينية، وما تستبطنه من مخاطر وتحديات جسام.
في السياسة
أما في السياسة، فكان مؤسفًا هذا الإسفافُ في لغة التخاطب مع مكونات الشعب الفلسطيني وكياناته، وهو أمر غير مسبوق، أو نادر على أقل تقدير، في التجربة الفلسطينية، على أن الإسفاف في اللفظ وحده، لا يختصر المسألة، ولا يقلل من دلالة رسائلها.
فالقول بأن قضية 'الرهائن' هي ذريعة إسرائيل للمضي في حرب التطهير والإبادة، مردود على أصحابه تمامًا، بدلالة ما قاله بتسلئيل سموتريتش قبل يوم واحد فقط من انعقاد المجلس المركزي، حين باح بأن تحرير هؤلاء ليس في صدارة أولويات الحرب على غزة، وإنما تدمير حماس وتهجير أهل القطاع، وبسط السيادة الإسرائيلية على الشريط، وبناء مدن استيطانية تكفل غلق هذا الملف، مرة واحدة وإلى الأبد.
وإذا كانت قضية الرهائن، أو الأسرى والمحتجزين، والحاجة لـ'تحريرهم' هي 'ذريعة إسرائيل للمضي في حرب الإبادة العرقية، فما هي ذريعتها، وهي تنكل بالضفة الغربية، وتستبيحها طولًا وعرضًا؟!
ما هي ذريعتها، وهي تخضع قيادة السلطة، بمن فيها الرئيس شخصيًا ورئيسُ حكومته ووزراؤُه، لأكثر الإجراءات إذلالًا عند الحركة والتنقل، داخل الضفة والقدس، ومنها إلى الخارج؟
ما هي ذريعة إسرائيل وهي تمضي بأقصى سرعة، في عمليات القضم الزاحف للأرض والحقوق والمقدسات الفلسطينية؟ ما هي ذريعتها وهي تسطو على أموال المقاصة، وتفرض تجويعًا حتى على العاملين في أجهزة السلطة ودوائرها؟
ولماذا يتطوّع فلسطينيون في مواقع المسؤولية، وهنا الحديث عن رأس السلطة، لتسويق وتسويغ الرواية الإسرائيلية، في الوقت الذي يتفلت فيه قادة إسرائيل، من المستويين؛ الأمني والسياسي، للكشف عن 'الذرائع المختلقة' التي 'فبركها' نتنياهو وأركان حكومته، للمضي في هذه الحرب، ولتعطيل التوصل إلى اتفاقات لإنهائها، وتبرير التنصل من الاتفاقات حال إبرامها.
ألم تَتَناهَ إلى رام الله، اعترافاتُ يوآف غالانت الأخيرة عن 'أنفاق فيلادلفيا' المزعومة، وشهادات رونين بار عمّا كان تفعله الحكومة لإطالة أمد الحرب وتدمير كل فرصة لإنهائها، ومِن خلف الرجلين- بما يمثلان- رهطٌ من كبار المسؤولين ورؤساء الحكومات السابقين، وزعماء المعارضة، الذين ما انفكوا يلقون باللائمة عن استمرار الحرب، على نتنياهو وحكومة اليمين الفاشي.
من هنا، حقَّ للفلسطينيين أن ينظروا بعين الريبة والشك لهذا الاجتماع، المحسومة نتائجه سلفًا، فهو لم ينعقد أصلًا، إلا في سياق 'هندسات اليوم التالي'، لطي صفحة المقاومة، وفتح صفحة التساوق مع مخرجات الحل الإسرائيلي المدعوم أميركيًا: ألم يقل ترامب قبل يومين فقط، إنه ونتنياهو يقرآن من الصفحة ذاتها!
أما حكاية إصلاح المنظمة، وتجديد دمائها، وتغيير قادة أجهزتها، وانتخاب 'نائب للرئيس'، فتلكم بضاعة لم تعد تجد من يشتريها، لا من الفلسطينيين، ولا من أصدقائهم والعارفين بدهاليز تركيباتهم الداخلية.
لم يبقَ فلسطيني واحد، إلا وطالب السلطة والرئاسة باختيار 'نائب للرئيس'، لا سيما مع تمادي الرئيس في الكِبَر، ولطالما كانت نتائج هذه المطالبات، وبالًا على المطالبين بها.
اليوم، تستيقظ الرئاسة على الحاجة لترسيم موقع 'الرجل الثاني'، وهي حاجة (والأصح: إملاء) تأتي كمتطلب خارجي مشروط بأن يحتل هذا الموقع، من هو أكثر تساوقًا مع معطيات الهيمنة الإسرائيلية – الأميركية المنفلتة من كل عقال، ودائمًا لضمان وجود 'خاتم' فلسطيني على أية صفقة أو تسوية، تكتيكية كانت في سياق ما بعد الحرب على غزة، أو إستراتيجية تتصل بمستقبل القضية والمشروع الوطنيَين الفلسطينيَين.
ليس هذا ما طالب به الفلسطينيون لسنوات طويلة، تلكم إملاءات عواصم دولية، منخرطة في مشروع إعادة تشكيل و'هندسة' الشرق الأوسط، وفي القلب منه، فلسطين.
خطوة للوراء.. خطوة للأمام
وبدل أن يكون انعقاد المجلس بعد طول تغييب، سببًا يدفع للتفاؤل بإمكانية استرداد العافية للمنظومة السياسية الفلسطينية، وتوحيدها بعد إصلاحها وبعثها، جاء انعقاد المجلس ليعمق الانقسام، ويزيد من حدة وخطورة الشرخ، لا سيما في ضوء المواقف الناضحة بكل مشاعر العداء لقسم لا يستهان به من فصائل العمل الوطني، ذات النفوذ والشعبية الوازنتين.
وبات واضحًا لكل أعمى وبصير، أننا أمام خطوة للوراء، وأن ملف المصالحة قد طُوي تمامًا، وأن الرهانات على عودة الوعي ويقظة الضمير الوطني، قد خابت وطاشت سهامها.
لم يعد المجلس المركزي، تجسيدًا للتعددية الفلسطينية، السياسية والاجتماعية والجغرافية والثقافية، بل صار أداة مطواعة لفريق متنفذ، يُستدعى 'عند الطلب'، وغالبًا لتمرير وتشريع قرارات وسياسات محفوفة بالالتباسات والشبهات.
فقد المجلس صفته التمثيلية الجامعة، وتحوّل إلى غطاء تحتمي به 'ترويكا' القرار في رام الله، بمعزل عن بقية فصائل العمل الوطني، وعن جزء كبير من فتح ذاتها، دع عنك القوى الحيّة من شعب فلسطين، من خارج فصائله وقواه المنظمة.
ولهذه الأسباب مجتمعة، بات الفلسطينيون يتحسبون لاجتماعاته ويتوجسون من دوافع الدعوات لانعقاده، بدل أن يستعجلوا انعقاده المنتظم أو الطارئ.
تُبقي هذه التطورات الباب مفتوحًا لخيار وحيد، سيشكل إن تم، خطوة للأمام: المضي قدمًا على طريق تشكيل أوسع ائتلاف وطني فلسطيني، في إطار جبهة وطنية متحدة، تضم فصائل المقاومة وألوف الشخصيات الوطنية والحراكات الشبابية والمبادرات المجتمعية، ذودًا عن منظمة التحرير، وبهدف استردادها وتحريرها من أيدي خاطفيها.
يبقى الخيار المتاح، الكفّ عن طرق الأبواب الموصدة بإحكام، والعمل على تفتيح أبواب وقنوات التواصل والتفاعل بين القوى الحيّة والفاعلة في الشعب الفلسطيني، من أجل منع مزيد من الانهيارات في جدران الموقف الوطني الفلسطيني، واستنقاذ ما يمكن إنقاذه من منظومة 'الممثل الشرعي الوحيد'، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، الذي لم يواجه يومًا، مخاطر التصفية، مثلما يواجه الآن، وبانخراط مباشر وغير مباشر، من بعض الفلسطينيين وأبناء جلدتِهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"لانكبة مع الجهاد"
"لانكبة مع الجهاد"

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 4 أيام

  • إيطاليا تلغراف

"لانكبة مع الجهاد"

د. إدريس أوهنا نشر في 16 مايو 2025 الساعة 20 و 15 دقيقة إيطاليا تلغراف د. إدريس أوهنا النكبة ليست حدثا تاريخيا مضى، نتفاعل مع ذكراه 77، بل هو حدث مستمر في الحاضر في سياق استكمال سرقة أرض فلسطين، وتهجير أهلها قسرا بما نشاهده ويشاهده العالم كله من حصار وتجويع وتقتيل وإبادة جماعية وتطهير عرقي، ضدا على جميع المواثيق والقوانين الدولية، وانتهاكا لكل الأخلاق والحقوق الإنسانية. ولا حل للنكبة الماضية الحاضرة، القديمة والمستمرة، إلا بالجهاد.. هذه الشعيرة العظيمة التي أراد لها أعداء الأمة الإسلامية والمعتدون على أراضيها وأعراضها ومقدساتها أن تصير منسية، أو مرادفة للإرهاب؛ كي لا يقف في وجه عدوانهم واحتلالهم وتوسعهم في العالم العربي والإسلامي شيء. ولذلك أقول لا نكبة مع الجهاد، إنما النكبة عندما تتولى الأمة عن ذروة سنام دينها وسر شرفها وعزتها ألا وهو: الجهاد في سبيل الله. إنما النكبة عندما تنطفئ جذوة الجهاد في قلوب المسلمين، وتندرس معاني الجهاد في وعيهم وثقافتهم؛ ولذلك وجب علينا أكثر من أي وقت مضى أن نعمل على إحياء مفهوم الجهاد بمعناه الخاص وبمعناه العام في أوساط المسلمين، في عقولهم وقلوبهم وثقافتهم، الثقافة بما هي -على حد تعبير مالك بن نبي- نظرية في السلوك قبل أن تكون نظرية في المعرفة. والجهاد بمعناه الخاص هو القتال أو الجهاد العسكري، ومن النصوص الشرعية المؤصلة له في كتاب الله تعالى قوله تعالى: – {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} البقرة 190 -{والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم}، وغيرها كثير. ومن السنة النبوية والحديث في صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: -'رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها' -'والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل' رواه البخاري (2797) ومسلم (1876) باختلاف يسير. – وقال في حديث آخر: 'رَأسُ الأَمرِ الإِسلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِروَةُ سَنَامِهِ الجِهَاد' [أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، برقم (2408)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، وأخرجه غيره] ويدخل في هذا الجهاد إعداد وسائله وأسبابه، أي إعداد القوة العسكرية، عقيدة، وعلما وتقنية، وعدة وعتادا، وما مثال باكستان عنا ببعيد. ولا بد إلى جانب إحياء مفهوم الجهاد بمعناه الخاص في أوساط الأمة من إحياء الجهاد بمعناه العام كذلك، وهو أنواع، يمكن إجمالها في ثلاثة أنواع: – الجهاد المالي، وقد ورد معطوفا على الجهاد بالنفس في آيات، وتقدم الجهاد بالنفس في آيات، ونخص بالذكر في هذا المقام الإسناد المالي للمقاومة الفلسطينية. (دعم المقاومة بالتطوع المالي، وبمال الزكاة أو بعضه، وبثمن أضحية العيد أو بعضه، على قدر استطاعة كل أحد) – الجهاد الروحي: وهو جهاد ميدانه النفس الإنسانية والوساوس الشيطانية، وجاء فيه قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} العنكبوت69، وفي هذا النوع من الجهاد قال عليه الصلاة والسلام: 'المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله' [رواه أحمد في المسند (23958)، والحاكم في الإيمان وصححه على شرط مسلم، وغيرهما]. ومن جملة الطاعات الدعاء وباستمرار لإخواننا في غزة وفلسطين وفي كل مكان في صلواتنا وخارج صلواتنا. ويدخل في هذا الجهاد الروحي الصبر على الطاعات عموما بحمل النفس على القيام بها، والصبر على المعاصي بحبس النفس دون ارتكابها، والصبر على المصائب والابتلاءات بترويض النفس على تحملها والرضا والتسليم بقدر الله فيها، وعدم اليأس من رحمة الله وفرجه ونصره. وأساس هذا الجهاد التربية القرآنية الإيمانية التي تبني الشخصية المسلمة بناء قويا متوازنا. – الجهاد المدني: وهو الجهاد السلمي الذي يسهم في إصلاح المجتمع والأمة ويعالج مشكلاتهما، ويسهم من خلال ذلك في نصرة القضية الفلسطينية ودعمها، ويشمل مجالات عدة: ومنها المجال الدعوي الإعلامي باللسان والقلم والصورة، قال الله تعالى في سورة الفرقان خطابا لرسوله صلى الله عليه وسلم: 'فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا' الفرقان52، جاهدهم به: أي بالقرآن، فاعتبر الجهاد بالبيان والقرآن جهادا، بل جهادا كبيرا. وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم' [رواه أحمد في المسند (12246)، والحاكم في الجهاد (ج1، ص81)، وصححه على شرط مسلم، وغيرهما]. ويدخل في المجال الدعوي والإعلامي هذا: البيان الشفهي بالمحاضرات والندوات والكلمات والبودكاستات والخطب والدروس والأشعار.. وكذا البيان التحريري عن طريق الكتب والمجلات والدراسات والبحوث والمقالات، والبيانات والبلاغات، والتدوينات والتغريدات، التي تخاطب الناس على مختلف مستوياتهم ولغاتهم، كل بما يليق به. ويدخل فيه كذلك البيان الإعلامي والمعلوماتي المتمثل في الأعمال الدرامية عن طريق الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والسكيتشات وغيرها، وعن طريق القنوات الإعلامية والفضائيات، وعن طريق شبكة المعلومات العالمية (الإنترنيت)، ووسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها وتنوعها. ومن مجالات الجهاد المدني كذلك ولا يسع الوقت للتفصيل فيها: المجال العلمي والثقافي، والمجال الاجتماعي والأسري، والمجال الاقتصادي كسبا وإنفاقا، والمجال التعليمي والتربوي، والمجال الصحي والطبي(ولا يخفى دور الأطباء وتضحياتهم في مستشفيات غزة جزاهم الله خيرا، ومنهم مغاربة نفخر بهم وبجهادهم…) عموما وختاما أقول: طوفان الأقصى أذن في الأمة بالجهاد والمقاومة سبيلا لعزتها وشرفها وحريتها واستقلالها، ولا نكبة مع الجهاد، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد. إيطاليا تلغراف السابق 'صفقة القرن'… عندما تصبح الكرامة العربية سلعة!

حديث في ذكرى تأسيس الأمن الوطني
حديث في ذكرى تأسيس الأمن الوطني

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 4 أيام

  • إيطاليا تلغراف

حديث في ذكرى تأسيس الأمن الوطني

إيطاليا تلغراف نشر في 16 مايو 2025 الساعة 11 و 41 دقيقة إيطاليا تلغراف بقلم: عزيز لعويسي تحتفي المديرية العامة للأمن الوطني ومعها الشعب المغربي قاطبة بالذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني، الذي شكل وقتها، إلى جانب القوات المسلحة الملكية، إحدى تجليات المغرب المستقل، وتعبيرات السيادة المغربية، بعد خروج شاق وعسير من عهد الحجر والحماية، وفي هذا الإطار، وبقدر ما تفرض المناسبة، الوقوف وقفة إجلال واحترام أمام أسرة مؤسسة الأمن الوطني، تقديرا لأدوارها المتعددة الزوايا، في حماية الأمن القومي، وضمان الحق الفردي والجماعي في الأمن، بقدر ما تقتضي استحضار روح محدثها ومؤسسها، الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله، الذي وضع لبنات التأسيس، وخلفه ووارث سره، الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي مكن المؤسسة الأمنية الناشئة، مما تحتاجه من رعاية ودعم وتطوير، لتكون في صلب تحولات ومتغيرات ومتطلبات المغرب المستقل؛ وإذا كان التاريخ يسجل للملكين الراحلين، إحداث وتأسيس مؤسسة الأمن الوطني وإرساء لبناتها وقواعدها الأولى، ووضعها على السكة الصحيحة في اتجاه النهوض والإصلاح والتطوير، فإن عهد خلفهما، الملك محمد السادس حفظه الله، ميزه تحديث حقيقي للشرطة المغربية، بانتقالها من مؤسسة تقليدية إلى مؤسسة حديثة مواطنة، محافظة على النظام العام، ومكرسة للإحساس الفردي والجماعي بالأمن، حامية للوطن، وقريبة من المواطنين ومستجيبة لمختلف حاجياتهم ومتطلباتهم الأمنية، ومنخرطة بحرفية، في صلب القضايا المجتمعية؛ برؤية ملكية سديدة، وتجربة تحديثية رائدة، يقودها المدير العام للأمن الوطني، عبداللطيف حموشي، الذي يرأس المديرية العامة للأمن الوطني منذ عشر سنوات، برز نموذج مدرسة أمنية مغربية خالصة، تحظى ليس فقط، بالإشادة والاحترام الدوليين، بل وباتت لاعبا محوريا في صناعة الأمن والاستقرار الدوليين، لما اكتسبته من خبرة ومهنية وحرفية عالية، ويكفي الإشارة في هذا الصدد، إلى التنظيم الأمني المحكم، الذي طبع زيارة البابا الراحل فرنسيس للمغرب، في واحدة من الأحداث التي شدت أنظار العالم إلى المملكة، كأرض للسلام والتعايش والأمن والاستقرار والعيش المشترك، وإلى انخراط مصالح الأمن الوطني المغربي، في تأمين تظاهرات وأحداث رياضية عالمية، من قبيل مونديال قطر وأولمبياد باريس، واحتضان المغرب هذه السنة، للدورة 93 للجمعية العامة لمنظمة الإنتربول، وهو حدث 'يعكس ثقة المجتمع الدولي في الأجهزة الأمنية المغربية، كشريك موثوق به في حفظ الأمن عبر العالم'… وعلاوة على ذلك، تحول الأمن الوطني المغربي، إلى نموذج للنجاح الأمني في إفريقيا، وبات مؤسسة داعمة للأمن الإفريقي، سواء بوضع خبرته رهن إشارة البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة، أو بتمكين الشرطيين الأفارقة من تكوينات أساسية أو تخصصية، برحاب المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، الذي ظل على الدوام، في صلب معركة تحديث المرفق الأمني، وبات صرحا إفريقيا وعربيا رائدا، في مجال التكوين الشرطي؛ عملية هيكلة وتحديث المرفق الأمني، بقدر ما طالت بنيات الاستقبال، ووسائل وتقنيات العمل والتدخل، ومناهج التكوين، بقدر ما همت العنصر البشري، الذي ظل على الدوام في صلب العناية والاهتمام الملكي، باعتباره صانع النجاح والتميز، ومحرك الإصلاح والتحديث وصمام أمانه، وفي هذا الصدد، تم تعديل المراسيم المتعلقة بالنظام الأساسي الخاص بموظفي الأمن الوطني خلال سنتي 2010 و2019، وكان من ثمرة ذلك، إقرار زيادات مادية معتبرة وغير مسبوقة في أجور نساء ورجال الأمن الوطني، والرفع من التعويضات، فضلا عن تجويد نظام الترقي المهني، مقارنة مع سنوات خلت ميزها التأخر والانتظار والحيف، وقد تعزز ذلك، بإحداث مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني، التي رأت النور سنة 2010 بتعليمات ملكية سامية، لتضطلع بمهام تعزيز وتطوير الخدمات الاجتماعية لفائدة موظفي الأمن الوطني وأسرهم، لتكون بذلك، الواجهة الاجتماعية لأسرة الأمن الوطني؛ ما وصلت إليه المؤسسة الأمنية من حرفية وخبرة وكفاءة عالية، بقدر ما يقوي مشاعر الفخر والاعتزاز بهذه المؤسسة الوطنية الحيوية والاستراتيجية، التي باتت إحدى تعبيرات القوة المغربية الناعمة، في سياق جيوسياسي إقليمي ودولي، موسوم بالقلق والتوتر والاضطراب، بقدر ما يدعو إلى الإبقاء على نفس درجة حرارة الجاهزية والاستعداد والاجتهاد واليقظة، ليس فقط لصون المكتسبات المحققة، بل ولتكون علاوة على ذلك، في مستوى الرهانات والتحديات المطروحة وطنيا وإقليميا ودوليا، سواء تعلق الأمر بمواكبة متغيرات جغرافية الجريمة بأبعادها ومستوياتها المختلفة، أو بتخليق المرفق الأمني، عبر التصدي الحازم، لبعض الممارسات التي تمس بصورة الشرطة المغربية وسمعتها، أو بتعزيز مرتكزات الحكامة الأمنية الرشيدة، أو بالنهوض بالأوضاع المادية والاجتماعية لنساء ورجال الأمن الوطني، ليكونوا في صلب التحول الأمني، أو بتطوير مناهج وبرامج ومقاربات التكوين الشرطي، من أجل بلوغ وإدراك ما يحتاجه حاضر ومستقبل الشرطة العصرية، من قدرات ومهارات صلبة وناعمة، أو على مستوى احترام حقوق الإنسان وخدمة ثقافتها، أو بالدفاع عن المصالح العليا للوطن وقضاياه المصيرية… . ونختم بتوجيه رسالة شكر وامتنان لنساء ورجال الأمن الوطني، مثمنين حجم التضحيات التي يقدمونها، في سبيل حماية الوطن والمواطنين، وضمان الحق في الأمن، والاستجابة للحاجيات الأمنية للمواطنين، منوهين بكل المدراء العامين، الذي تعاقبوا على المديرية العامة للأمن الوطني منذ تأسيسها، وكافة أطرها وموظفيها الشرفاء والنزهاء، ممن تركوا بصمة في تطوير وتحديث المنظومة الأمنية، لتصل إلى ما وصلت إليه من كفاءة وحرفية، تليق بمغرب يتحرك وينهض، باتت اليوم، محل تقدير واحترام دوليين؛ وحتى لا نبخس الناس أشياءها، لا يمكن البتة، استحضار مسار تطور وتحديث منظومة الأمن الوطني، دون التوقف عند المدير العام الحالي عبداللطيف حموشي، الذي يجمع منذ عشر سنوات، بين 'الحسنيين' إذا ما جاز التوصيف، ونقصد هنا 'المديرية العامة للأمن الوطني' و'المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني'، وهذه التوليفة، التي تستند إلى رؤية ملكية متبصرة، منحت للرجل، فرص الاجتهاد والإبداع والخلق، وأفقا للتفكير الاستراتيجي، كان من نتائجه، بروز نموذج أمني مغربي خالص، يستحق كل الثناء والتشجيع والتنويه. فهنيئا للشرطة المغربية والقوات المسلحة الملكية، بعيدها الوطني، وألف شكر وتحية، لكل المرابطين في الحدود.. لكل عيون الوطن التي لا تنــــــام … إيطاليا تلغراف السابق حماس تؤكد أن إدخال المساعدات إلى القطاع هو 'الحد الأدنى' للمفاوضات

صداقة ترامب وأردوغان وحل الأزمات العالقة
صداقة ترامب وأردوغان وحل الأزمات العالقة

إيطاليا تلغراف

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • إيطاليا تلغراف

صداقة ترامب وأردوغان وحل الأزمات العالقة

إيطاليا تلغراف سمير العركي كاتب وباحث في الشؤون التركية كثيرًا ما تكون العلاقات الشخصية بين رؤساء الدول وكبار المسؤولين، مدخلًا لحلحلة العديد من الأزمات العالقة أو دفع العلاقات الثنائية إلى محطات أكثر تقدمًا. فالرئيسان التركي، رجب طيب أردوغان، والأميركي، دونالد ترامب، يتمتعان بعلاقات شخصية متميزة، منذ الولاية الأولى لترامب، يعول عليها الجانب التركي كثيرًا لحلحلة المسائل العالقة بين الدولتَين. ففي يوم الاثنين 5 مايو/ أيار، أجرى الرئيسان محادثات هاتفيّة، بحثا فيها عدّة ملفات إقليمية ودولية مهمّة، حيث وصفها أردوغان بأنّها 'كانت مثمرة للغاية وشاملة وصادقة'، الأمر الذي اتّفق معه فيها ترامب. لكن الملاحظ أنّه وبعيدًا عن فحوى الاتصال، فقد بدا واضحًا حرص الرئيسين على إضفاء شكل من أشكال الحميمية في حديث كل منهما عن الآخر. فأردوغان يصف ترامب بـ 'الصديق العزيز'، مشيرًا إلى أنه 'سيكون سعيدًا باستضافة ترامب في تركيا خلال أقرب فرصة'، أو تلبية دعوة الرئيس الأميركي لزيارة الولايات المتحدة. أما ترامب فقد وصف علاقته مع الرئيس التركي بأنها 'كانت ممتازة خلال السنوات الأربع من ولايته الأولى بين عامي 2016-2020'. وكان الرئيس الأميركي، قد فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أثناء استقباله في البيت الأبيض في أبريل/ نيسان الماضي بقوله: 'تربطني علاقة رائعة برجل يُدعى أردوغان – أنا معجب به، وهو معجب بي، وهذا يُثير ضجة إعلامية. لم نواجه أي مشاكل قط، رغم أننا مررنا بالكثير'. يشار هنا إلى أن الأكاديمية الوطنية للاستخبارات في تركيا، والتابعة لجهاز المخابرات MIT، استشرفت في تقرير لها صدر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي فور نجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية، أثر العلاقات الشخصية بينه وبين أردوغان على تفكيك أزمات البلدَين. وقال التقرير إن ترامب يمتلك القدرة على تجاوز المؤسسات الأميركية في بناء علاقة متميزة مع الحلفاء. كما وصف التقرير علاقة أردوغان بترامب خلال الفترة الأولى للرئيس الأميركي، بـ 'تطابق الكيمياء'، لكنه حذر من 'فردانية' ترامب وتقلباته الحدية في قراراته التي يأخذها بمعزل عن معاونيه. من هنا فإن ثمة تساؤلات عن مدى تأثير هذه العلاقة على حل أزمات المنطقة وفي القلب منها الحرب في غزة، في ظل الأوضاع الإنسانية شديدة السوء التي وصل إليها القطاع، وكذلك مستقبل الدولة السورية في مرحلة ما بعد الأسد، وما الذي يمكن أن تقدمه واشنطن لدعم الحكومة الجديدة، كما تشمل قدرة تركيا على دعم رؤية ترامب في ضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. كما تمتد الأسئلة إلى قدرة هذه العلاقات الشخصية في إحراز تقدم في ملف الصناعات الدفاعية المتعثر. غزة.. إيقاف الحرب يعد التعاطي الأميركي مع الحرب الإسرائيلية في غزة، واحدًا من نقاط الخلاف العميقة بين أنقرة وواشنطن، منذ انطلاق طوفان الأقصى في 2023. من هنا فإن معظم مباحثات المسؤولين الأتراك مع نظرائهم الأميركيين، وآخرها اتصال أردوغان- ترامب، تنصب على ضرورة إنهاء الحرب وإدخال المساعدات، ووضع رؤية لإعادة الإعمار. لذا فالمأمول أن تحدث علاقة الرئيسين اختراقًا واضحًا في الموقف الأميركي المنحاز، وعدم اقتصاره على تصريحات متفرقة بشأن إدخال المساعدات الإنسانية سرعان ما يتم دهسها تحت جنازير السياسات الإسرائيلية المتشددة. لكن الأمر ليس بالسهل نظرًا لاختلاف الرؤية التركية للحل ليس مع الولايات المتحدة وحدها، بل مع بعض الدول الإقليمية أيضًا. فأنقرة ترفض تصفية المقاومة الفلسطينية في القطاع، وتعتبر أن ما تقوم به هو عمل مشروع يشبه ما فعله الأتراك خلال حرب الاستقلال. كما ترفض وبشدّة إخلاء قطاع غزة، وتطالب بفتح المجال أمام إعادة الإعمار مع بقاء السكان فيه، لأنهم أصحاب الأرض وهم أولى الناس بها. من هنا كانت اللقاءات المتعددة لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بقيادات حركة حماس، آخرها لقاءان خلال ثمانية أيام فقط في شهر أبريل/ نيسان الماضي، في أنقرة والدوحة على الترتيب، لتنسيق المواقف المشتركة. إذ خرج بعدها فيدان بتصريحات مؤكدًا فيها انفتاح الحركة على هدنة طويلة مع إسرائيل، مقابل إيقاف الحرب، لكن نتنياهو رفض ذلك. لكن ومع ذلك فإن المنتظر أن تستثمر تركيا علاقة الرئيسين لدفع ترامب إلى إلزام إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى حل من شأنه إنهاء الحرب وإعادة الإعمار. سوريا.. رفع العقوبات في لقائه بنتنياهو في أبريل/ نيسان الماضي، كشف ترامب عن قوله لأردوغان في محادثة خاصة: 'تهانينا، لقد فعلتم ما لم يستطع أحد فعله طوال ألفي عام. لقد استوليتم على سوريا'. هذا الاعتقاد لدى ترامب جعل الملف السوري حاضرًا وبقوة في محادثات المسؤولين الأتراك مع نظرائهم الأميركيين، كما كان حاضرًا في الاتصال الأخير لرئيسي الدولتَين. فتركيا بدأت اتصالاتها مبكرًا مع الإدارة الأميركية حتى قبل أن تتسلم مهامها رسميًا، لبحث ترتيب الأوضاع الأمنية والسياسية في مرحلة ما بعد الأسد. ففي ولايته الأولى، كان ترامب يميل إلى وجهة النظر التركية، بشأن خطورة محاربة تنظيم إرهابي مثل تنظيم الدولة، بتنظيم آخر مماثل وهو حزب العمال الكردستاني PKK. وبدا متفهمًا للعمل العسكري الذي تنفذه القوات التركية في شمال سوريا، لكن ضغوط وزارتَي الدفاع والخارجية الأميركيتَين آنذاك حالت دون حصول أنقرة على النتائج المأمولة. وفي ولاية ترامب الحالية، وفي موازاة التطورات التي شهدتها سوريا، تأمل تركيا أن يتم إغلاق ملف التهديدات الأمنية في شمال سوريا نهائيًا. ويبدو أن المحادثات الثنائية بين الرئيسين انعكست إيجابيًا على رؤية ترامب للوضع الأمني في سوريا، إذ شرعت القوات الأميركية في سحب جنودها ومعداتها من قواعدها في شمال شرق سوريا، تزامنًا مع بدء انسحاب قوات سوريا الديمقراطية 'قسَد' من مناطق واسعة شرق الفرات تنفيذًا لاتفاقها مع الحكومة السورية. هذا الفراغ يتوقع أن تملأَه القوات الحكومية السورية، المدعومة من أنقرة، وبمساعدة النقاط العسكرية التركية المنتشرة في مناطق الشمال. أيضًا فإن أنقرة تعمل على إقناع واشنطن، بضرورة رفع العقوبات، والاعتراف بالنظام السياسي الموجود حاليًا، في موازاة جهود قطرية وسعودية مماثلة، ما قاد إلى حدوث اختراقات مهمة في هذا الصدد، آخرها ما أعلنه وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عن تقديم قطر منحة لسوريا قيمتها 29 مليون دولار شهريًا لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد، وذلك لدفع رواتب العاملين المدنيين في القطاع العام. مشيرًا إلى حصول المنحة على استثناء من العقوبات الأميركية. عقوبات 'كاتسا' فرضت إدارة ترامب الأولى عقوبات ضد أنقرة في ديسمبر/ كانون الأول 2020 وفق قانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصوم الولايات المتحدة المعروف بـ'كاتسا CAATSA'، وذلك بسبب شراء تركيا المنظومة الدفاعية الروسية إس- 400. كما امتدت العقوبات الأميركية للسبب ذاته، إلى إخراج تركيا من مشروع تصنيع الطائرة الشبحية إف- 35. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المحاولات التركية لرفع تلك العقوبات، لكن دون جدوى مع تمسكها بحيازة المنظومة حتى الآن وعدم التفريط فيها. والآن تأمل أنقرة أن تستثمر الأجواء الإيجابية التي تغلف علاقة رئيسي البلدين، لرفع تلك العقوبات، خاصة بعد نجاحها في يونيو/ حزيران 2024 في توقيع صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 23 مليار دولار، تقضي بشراء 40 مقاتلة إف-16، إضافة إلى تحديث أسطولها الجوي الحالي. خصوم تركيا في واشنطن في ولايته الأولى نجح بعض أعضاء الإدارة الأميركية في الحد من التأثير الإيجابي للعلاقات الشخصية بين ترامب وأردوغان. وبقيت قضايا تنظيم غولن، ودعم البنتاغون لحزب العمال وفروعه في شمال سوريا، وغيرهما دون حلول حقيقية. بل لم تمنع تلك العلاقة واشنطن من إصدار عقوبات بحق أنقرة وبعض مسؤوليها؛ بسبب اعتقال تركيا القس أندرو برونسون لأكثر من عشرين شهرًا، كما تعرض مدير بنك 'خلق' التركي للسجن في الولايات المتحدة، بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية ضد إيران. وبالنظر إلى تركيبة الإدارة الأميركية الحالية، سنجد أنها تضم مسؤولين مؤثرين يحملون أفكارًا محافظة من أقصى اليمين، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخارجية، ماركو روبيو. أو لديهم رؤى سلبية تجاه تركيا ورئيسها، مثل مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، تولسي غابارد، التي قالت في خطاب ألقته عام 2020: 'تركيا تدعم إرهابيي تنظيم الدولة والقاعدة من وراء الكواليس منذ سنوات. وأردوغان ليس صديقنا. إنه أحد أخطر الدكتاتوريين في العالم، وليس من حق الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام مساعدة هذا الإسلامي' وختامًا فإنه رغم حاجة ترامب إلى الدور التركي المتوازن للمساهمة في إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، فإن ترجمة علاقته المتميزة بأردوغان إلى سياسات وإجراءات ملموسة، لا يزال يحوطها شكوك في ظل وجود شخصيات في البيت الأبيض تحمل أفكارًا متشددة تجاه المسلمين بشكل عام، وتجاه تركيا ورئيسها بشكل خاص.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store