logo
بيتكوين في الخليج... مصيدة للشباب أم فرصة استثمارية؟

بيتكوين في الخليج... مصيدة للشباب أم فرصة استثمارية؟

العربي الجديدمنذ 5 أيام
مع الارتفاع التاريخي لسعر عملة
بيتكوين
وتداوله عند مستوى 118.857 ألف دولار وتوقعات مواصلة الزيادة، تحتل العملات الرقمية مكانة متزايدة في اهتمامات الشباب الخليجي الذين يبحثون عن بدائل جديدة للادخار أو الاستثمار، وسط حالة من الحذر والمغامرة على حد سواء. دعم هذه الخطوة الانفتاح الأميركي والعالمي الكبير على
العملات الرقمية
ومحاولة تقنينها، حيث وقّع الرئيس دونالد ترامب قبل أيام على تشريعات جديدة لتنظيم العملات المشفرة، وأقر القانون المعروف باسم جينيوس أكت (GENIUS Act)، وقبلها تعهد بشكل متكرر بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم".
كما أن التحولات الرقمية السريعة والمدعومة بمبادرات حكومية لإصلاح الاقتصاد وتنويعه وتعزيز الاستقلال المالي شجعت الأجيال الشابة في الخليج على الانخراط في الاستثمارات الرقمية، حيث يرون فيها فرصة محتملة لتحقيق أرباح سريعة أو حماية مدخراتهم في مواجهة تقلبات الأسواق التقليدية وأزمات التضخم العالمي. وحسب بيانات أوردها موقع مؤسسة كارنيغي الأميركية، فإن هذه الحماسة مدعومة بمعدل انتشار للاستثمار في العملات الرقمية يقارب 19% من السكان في دول الخليج بحلول نهاية العام الجاري، مع تقدير لبلوغ قيمة السوق لحوالي 792 مليون دولار في نفس الفترة، ما يعكس مؤشراً اقتصادياً لافتاً، رغم أن السوق لا تزال في طور النمو مقارنة بأميركا الشمالية وأوروبا الغربية.
أسواق
التحديثات الحية
الأسواق الخليجية تترقب صعود الذهب
ورغم الجذب الهائل لهذه الفرصة الرقمية الجديدة، تختلف الأطر القانونية والتنظيمية لتداول العملات الرقمية بشدة بين دول الخليج، إذ تتبنى الكويت نهجاً متحفظاً تجاه تشريع وتداول تلك العملات، كما رفضت قطر الاعتراف بها وسيلة قانونية للتبادل المالي. إلا أن قطر بدأت مؤخراً بتخفيف موقفها، إذ أقرت تنظيماً جديداً للأصول الرقمية عبر "مركز قطر المالي"، مع توقعات بإتمام الإطار التشريعي بشكل نهائي خلال الربع الثاني من عام 2025 من أجل فتح الأبواب أكثر أمام الابتكار المالي وجذب التقنيات الجديدة إلى السوق المحلية.
في المقابل، تتبنى الإمارات والسعودية والبحرين سياسات أكثر انفتاحاً نحو العملات الرقمية وتكنولوجيا "البلوكشين"، ويظهر ذلك في مشروعات العملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC) ومحاولات تعظيم الاستفادة من حلول الدفع الرقمي العابر للحدود، حسب تقرير نشره موقع إيكونومي ميدل إيست، المتخصص في تغطية الأخبار الاقتصادية والمالية بالشرق الأوسط.
مخاطر تقلب العملات الرقمية
لكن المخاطر تظل محدقة بالفئات محدودة ومتوسطة الدخل، فالعملات الرقمية كما يصفها العديد من الخبراء الغربيين، ليست نقوداً اعتيادية بقدر ما هي أصول عالية التقلب والمضاربة، تتأثر بشكل جوهري بالعوامل النفسية والاقتصادية وتقلبات العرض والطلب، وهذا التقلب يجعلها تشكل "مصيدة" للكثيرين من الباحثين عن الثراء السريع، حسب تقرير شركة برايس وترهاوس كوبرز (PwC) الخاص بتنظيم العملات الرقمية لعام 2025. ويورد التقرير أن 75% من دول العالم "تلتزم جزئياً أو لا تلتزم بإجراءات مكافحة غسل الأموال في الأسواق الرقمية"، ما يعكس نقص الحماية التي يواجهها المستثمرون الصغار، خاصة في بيئة التنظيمات غير المكتملة كما هو الحال في دول الخليج.
في ضوء ذلك، ينظر الخبراء إلى العملات الرقمية في دول الخليج باعتبارها سلاحاً ذا حدين: فهي من جهة تمثل منصة واعدة للشباب الباحثين عن الاستقلال المالي وفرص استثمارية جديدة في اقتصاد رقمي سريع التطور، فيما تحمل من جهة أخرى مخاطر مضاربات العملات وخسارة رأس المال أو التعرض للاحتيال، وهو ما فصله تحليلياً خبيران لـ "العربي الجديد".
الأسس التقنية والمالية
المستشار الاقتصادي والخبير المالي هاشم الفحماوي، يشير لـ "العربي الجديد" إلى أن بيتكوين من أبرز العملات الرقمية التي تحظى باهتمام عالمي، ما يعكس طبيعة الهيكل المالي والتنظيمي الذي بُنيت ضمنه، مشدداً على ضرورة التمييز بين العملات الرقمية ذات الأسس التقنية والمالية القوية، وتلك التي لا تمثل سوى عمليات نصب واحتيال تستهدف المستثمرين، خاصة في غياب تشريعات واضحة ورقابية فعالة. ويؤكد الفحماوي وجود عدد كبير من العملات الرقمية "ليس لها أي أصول حقيقية أو مشاريع ملموسة"، واصفاً إياها بأنها "مجرد أدوات للاستثمار الوهمي، وستُشطب في القريب العاجل، بسبب عدم قدرتها على الامتثال للتشريعات الجديدة التي من المتوقع أن تُفرض قبل نهاية عام 2025".
أسواق
التحديثات الحية
أسبوع صعب في سوق العملات الرقمية
ويتوقع الفحماوي أن تلعب هيئة أسواق المال الأميركية (SEC) دوراً محورياً في وضع قوانين صارمة تنظم هذا القطاع، وتفرض رقابة شديدة على العملات الرقمية، بما في ذلك متطلبات التأمين المالي وإيداع الأموال في البنوك أو البنك الاحتياطي الفيدرالي، ما سيجبر العديد من العملات غير الملتزمة على الخروج من السوق، أو التوقف التام عن التداول. وإزاء ذلك، ينصح الفحماوي المستثمرين من دول الخليج بأن يكونوا أكثر حذراً عند الدخول إلى سوق العملات الرقمية، وضرورة التحقق من مشاريع العملات التي ينوون الاستثمار فيها، لأن هناك عدداً كبيراً منها يُطلق تحت مسميات خادعة، مثل الذكاء الاصطناعي، دون أن يكون لها أي علاقة فعلية بهذه التقنية، ما يعد جزءاً من "عمليات احتيال ممنهجة" حسب وصفه.
من ناحية أخرى، يشير الفحماوي إلى أن بعض العملات الرقمية التي تمتلك مشاريع قوية وشفافة قد تشهد ارتفاعات كبيرة في المستقبل القريب، خاصة إذا تم اعتمادها ضمن التشريعات الجديدة لدول الخليج أو دخلت ضمن منظومة الاقتصادات الرسمية، وهو ما قد يمنحها زخماً استثمارياً قوياً، ويحقق عوائد تصل إلى 300% أو حتى 600% في بعض الحالات. وحسب تقدير الفحماوي، فإن العملات المنظمة من جانب الولايات المتحدة الأميركية، أو لديها مكاتب قانونية ومالية مرتبطة بها في دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية والهند، ستكون الأكثر قدرة على التكيف مع هذه التغيرات التشريعية، وبالتالي الأقرب إلى الاستمرارية والنمو، في حين ستتعرض العملات غير المنظمة إلى التصفية التدريجية، وربما اختفاء كامل من السوق خلال فترة قصيرة.
أدوات ربح سريعة
في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، لـ "العربي الجديد"، أن اهتمام الشباب الخليجي ببيتكوين، إلى جانب العملات الرقمية الأخرى، يعود إلى صفة الحماس التي تميز الشباب وإلى رؤيتهم لهذه العملات بأنها أدوات استثمارية جديدة تتيح لهم فرصة تحقيق أرباح سريعة، ما يُعد من العوامل الرئيسية التي تدفعهم لشرائها، لكن البيئة القانونية في دولهم ليست موحدة إزاء رغباتهم. ففي حين تنظم الإمارات هذا النوع من الاستثمارات ضمن إطار قانوني واضح، تبقى بقية الدول إما متحفظة أو غير مشجعة، حيث لا تمنع الاستثمار الشخصي في هذه العملات، خاصة عبر المنصات الإلكترونية، لكنها في المقابل لا تشجع المضاربة عليها باعتبارها استثمارات عالية المخاطر.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
صندوق النقد يحاجج بالعملات الرقمية للبنوك المركزية
ويشير درويش إلى أن انهيار أسعار هذه العملات في مراحل سابقة تسبب في خسائر مالية كبيرة للكثير من المستثمرين، ما يؤكد خطورة التعامل معها باندفاع، خاصة من قبل فئة الشباب التي قد تتأثر بفكرة الربح السريع دون دراسة المخاطر المرتبطة بها. ويضيف أن هناك فرقاً بين الشباب الذين يستثمرون باعتدال ومعرفة، بعد اطلاعهم على طبيعة الأسواق وحركاتها، وأولئك الذين يدخلون هذا المجال بحماسة زائدة، ودون خلفية كافية، ما يزيد من احتمال تعرضهم للخسارة، محذراً مما وصفه بـ "أكثر الأمور خطورة"، وهو أن يلجأ بعض الشباب إلى الاستدانة لشراء هذه العملات، خاصة إذا تم ذلك على أمل تحقيق أرباح سريعة، في حين أن السوق الرقمية العالمية تشهد تقلبات حادة، وقد تتحول من ارتفاع إلى انهيار مفاجئ، كما جرى في أكثر من مناسبة.
ولذا يشدد درويش على ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بتوعية الشباب حول هذه المخاطر، وعدم السماح لفكرة "الربح السريع" بأن تطغى على أهمية الاستثمار المنتج والمستقر، الذي يُبنى على مشاريع حقيقية تسهم في النمو الاقتصادي على المدى الطويل. ويلفت درويش إلى أن ضرورة الالتزام بمبدأ استثماري مفاده أن الاستثمار في الأصول عالية المخاطر، مثل العملات الرقمية، يجب ألا يتجاوز نسبة تتراوح بين 10 إلى 15% من إجمالي ثروة الشخص، لأن تجاوز هذه النسبة يعرض المستثمر إلى خطر فقدان كل شيء دفعة واحدة في حال انهيار السوق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تراجع النفط وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأميركية
تراجع النفط وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأميركية

العربي الجديد

timeمنذ 9 دقائق

  • العربي الجديد

تراجع النفط وسط مخاوف اقتصادية وترقب قرار الفائدة الأميركية

انخفضت أسعار النفط اليوم الثلاثاء، في ظل ضبابية التوقعات الاقتصادية العالمية بعد اتفاق التجارة الذي توصلت إليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بشأن أسعار الفائدة . وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات، بما يعادل 0.1%، إلى 69.98 دولارا للبرميل بحلول الساعة 04.25 بتوقيت غرينتش، ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 11 سنتاً، أي 0.2%، إلى 66.60 دولارا للبرميل. أغلق كلا العقدين على ارتفاع بأكثر من اثنين بالمائة في الجلسة السابقة، ولامس برنت أمس الاثنين أعلى مستوى له منذ 18 يوليو/تموز. فرض الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسوم استيراد 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه حال دون اندلاع حرب تجارية شاملة بين الحليفين الرئيسيين، والتي كانت ستؤثر على ما يقرب من ثلث التجارة العالمية وتقلل من توقعات الطلب على الوقود. ونص الاتفاق أيضاً على أن يشتري الاتحاد الأوروبي منتجات طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار في السنوات القادمة، وهو ما يقول محللون إنه من شبه المستحيل أن يفي به الاتحاد الأوروبي. وجاء في الاتفاق أن تستثمر الشركات الأوروبية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال محللو بنك إيه.إن.زد في مذكرة إنه رغم الارتياح الذي ساد الأسواق العالمية بعد إتمام الاتفاق التجاري في ظل حالة ضبابية متزايدة، فإنه لم يتضح بعد الجدول الزمني وقطاعات ضخ الاستثمارات. سيارات التحديثات الحية السيارات الأوروبية وألمانيا الأكثر تضرراً من اتفاق الرسوم وأضاف المحللون: "نعتقد أن نسبة 15% ستضع صعوبات أمام توقعات النمو في منطقة اليورو، لكن من المرجح ألا تدفع الاقتصاد إلى الركود". والتقى مسؤولون اقتصاديون كبار من الولايات المتحدة والصين في ستوكهولم وأجروا محادثات استمرت لأكثر من خمس ساعات أمس الاثنين. ومن المتوقع أن تُستأنف المناقشات اليوم الثلاثاء. وقالت بريانكا ساشديفا كبيرة محللي السوق في شركة فيليب نوفا للسمسرة إن المشاركين في سوق النفط ينتظرون أيضا اجتماع اللجنة الاتحادية الأميركية للسوق المفتوحة يومي 29 و30 يوليو /تموز. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي مجلس الاحتياطي على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه قد يشير إلى الميل نحو سياسة التيسير النقدي وسط مؤشرات على تباطؤ التضخم. وأردفت تقول "يسير الزخم في اتجاه الصعود على المدى القريب، لكن السوق معرضة للتقلبات الناجمة عن مفاجآت البنوك المركزية أو انهيار المفاوضات التجارية". وأضافت "لا تزال الاحتمالات بحدوث تباطؤ اقتصادي وخفض الاحتياطي الاتحادي لأسعار الفائدة غير مؤكدة، مما يحد من ارتفاع أسعار النفط". وفي الوقت نفسه، حدد ترامب أمس الاثنين مهلة جديدة "10 أيام أو 12 يوماً" لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة عقوبات. وهدد ترامب بفرض عقوبات على كل من روسيا ومشتري صادراتها ما لم يتم إحراز تقدم. وفيما يتعلق بالمعروض، تتوقع (آي.إن. جي)، أن يستكمل تحالف أوبك+ الإلغاء الكامل لتخفيضات الإمدادات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً بنهاية سبتمبر/أيلول. وقالت أوبك في بيان أمس الاثنين، إن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التابعة لتحالف أوبك+ شددت على ضرورة الالتزام الكامل باتفاقيات إنتاج النفط خلال اجتماعها أمس، وذلك قبل الاجتماع المنفصل الذي سيعقد يوم الأحد، بين ثمانية أعضاء في التحالف لاتخاذ قرار بشأن زيادة إنتاج الخام في سبتمبر /أيلول. واجتمع وزراء من لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، التي تضم وزراء الطاقة بكبرى الدول الأعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا، عبر الإنترنت لإجراء محادثات قصيرة. وتجتمع اللجنة كل شهرين، ولديها سلطة الدعوة إلى عقد اجتماع كامل لأوبك+ لمعالجة تطورات السوق إذا ما رأت ضرورة لذلك. أسواق التحديثات الحية الصناعات الغذائية بأوروبا "الخاسر المجهول" وترامب أكبر الرابحين وقلص تحالف أوبك+، الذي يضخ حوالي نصف النفط العالمي، الإنتاج لعدة سنوات لدعم السوق. إلا أنه عكس مساره هذا العام لاستعادة حصته في السوق، ومع مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأوبك بضخ المزيد للمساعدة في الحفاظ على أسعار البنزين. وبدأ الأعضاء الثمانية في رفع الإنتاج في إبريل/نيسان ومنذ ذلك الحين سرعوا من وتيرة الزيادات. ويدعو أحدث قرار لهم إلى زيادة إنتاج النفط بمقدار 548 ألف برميل يوميا في أغسطس/آب. وتعقد الدول الثماني اجتماعا منفصلا في الثالث من أغسطس، ونقلت رويترز عن ثلاثة مصادر في أوبك+ قولهم الأسبوع الماضي إن من المرجح أن تتفق الدول الثماني على زيادة أخرى قدرها 548 ألف برميل يوميا في سبتمبر. وسيعني ذلك أنه بحلول سبتمبر، ستكون مجموعة أوبك+ ألغت بالكامل أحدث شريحة لتخفيضات الإنتاج التي تبلغ 2.2 مليون برميل يوميا، وستكون الإمارات نفذت زيادة في حصتها بمقدار300 ألف برميل يوميا قبل الموعد المحدد. (رويترز، العربي الجديد)

هل يصفّي السودان شركات الجيش؟
هل يصفّي السودان شركات الجيش؟

العربي الجديد

timeمنذ 39 دقائق

  • العربي الجديد

هل يصفّي السودان شركات الجيش؟

استبعد اقتصاديون التزام المؤسسة العسكرية السودانية بالخروج من النشاط الاقتصادي المدني، ما لم يتبعه قرار رسمي بتصفية شركات الجيش وطرح أسهمها في البورصة ليتم تحويلها إلى شركات مساهمة عامة. وقالوا لـ"العربي الجديد" إن قرار تعليق أنشطة بعض شركات المؤسسة العسكرية يختلف عن قرار التصفية المأمول، والذي سبق أن طالب بتطبيقه مختصون عبر وضع وزارة المالية يدها عليها بصورة كاملة ونهائية، مؤكدين أن تلك الشركات هي المتسبب الأول في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. وعلق الجيش السوداني، الأسبوع الماضي، نشاط عدد من شركاته، من بينها مطبعة حديثة في الخرطوم، وشركتان تعملان في مجال التعدين بولاية نهر النيل، وتضمن الإيقاف أيضاً تعليق أعمال شركات تابعة للجيش وجهاز المخابرات والشرطة تعمل في الإنشاءات والاستيراد، بما في ذلك الأدوية والوقود حسب مصدر عسكري، كما شمل الإيقاف المطبعة الخاصة بالجيش في الخرطوم بحري. وتضم استثمارات الجيش تحت مظلة منظومة الصناعات الدفاعية، نحو 300 شركة تدر حوالي ملياري دولار سنوياً، وخضعت المنظومة الدفاعية أخيراً لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، كما تشمل استثمارات الجيش شركة سودان ماستر تكنولوجي، وتضم عدة أذرع أهمها شركة جياد الصناعية التي تُعتبر أكبر المدن الصناعية في البلاد. أسواق التحديثات الحية انهيار الجنيه السوداني في السوق الموازي... ما الأسباب؟ ولم يفلح اتفاق بين المكونين المدني والعسكري عام 2021، في تخطي عقبة الشركات الأمنية والعسكرية، وكان الاتفاق آنذاك يقضي أن تؤول الشركات للدولة وإشراف وزارة المالية، مع احتفاظ الجيش بالشركات ذات الصبغة التصنيعية العسكرية فقط. وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، عادل عبد العزيز، إن "التوجه الذي ينبغي أن نعمل عليه، هو الدفع نحو إدراج كل المؤسسات الاقتصادية الكبرى في السودان، بما فيها المملوكة للجيش وللقوات النظامية الأخرى، لأن تكون مسجلة في سوق الخرطوم للأوراق المالية بحيث تصبح مفتوحة لمساهمات المواطنين والمستثمرين، وتعرض حساباتها في شفافية حسب قانون السوق". إلا أن الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، يقول: "من المبكر الاستنتاج أن الشركات التي تعمل في أنشطة بعيدة تماماً عن المجال العسكري، والتي صدر قرار بإيقافها عن العمل هو التزام من المؤسسات العسكرية بالابتعاد عن ممارسة أنشطة اقتصادية مدنية تنافس القطاع الخاص، وهو أمر سبق أن تمت مطالبة الجيش به، والسبب هو أن قرار الإيقاف لبعض الأنشطة يختلف تماماً عن قرار التصفية، وبالتالي قد يتم إلغاء قرار الإيقاف في أي لحظة لأنه قرار يجمد العمل، لكن يبقي الموظفين والعاملين في تلك الشركات في مناصبهم، ولا يوقف دفع الشركات للمرتبات وأموال التسيير". وأضاف أن "تحويل شركات الجيش إلى شركات مساهمة عامة يوفر أموالاً للحكومة السودانية، وسيزيد أموال الجمارك والضرائب بسبب الشفافية التي ستعمل بها تلك الشركات، وهو أمر مطلوب للاقتصاد السوداني لأنه سيزيد من التنافسية، وسيفتح الباب واسعاً للجميع وفق الكفاءة". طاقة التحديثات الحية شركات نفط عالمية تقاضي جنوب السودان بسبب مستحقات متأخرة ومن جانبه، يقول الاقتصادي، أحمد خليل، لـ"العربي الجديد"، إن السبب الحقيقي وراء تحويل هذه الشركات وخصخصتها جعل بعضها مدخلاً للفساد الإداري والمالي، كما أن معظمها يتحصل على إعفاءات، ما يجعلها في منافسة كبيرة وغير متكافئة مع شركات القطاع الخاص. ويضيف أن "تعليق النشاط ليس قراراً حاسماً، بل فضفاض يمكّن من عودتها مرة أخرى وهذا في اعتقادي من النشاطات الهدامة للاقتصاد السوداني". وفي المقابل، استبعد الاقتصادي، أحمد محمد الشيخ، فرضية انتهازية تلك الشركات. وقال إن أموال وشركات المؤسسة العسكرية تتمتع بنظام مالي متقدم كثيراً على أنظمة الدولة، لما تمتلكه من شفافية ومراجعة لوجود ضباط ماليين في كل وحدة، كما أنها تخضع لرقابة شديدة أكثر من الشركات المدنية. وأوضح أن هناك أمثلة عالمية لامتلاك مؤسسات عسكرية في دول أجنبية استثمارات كبيرة وتشترك جميعها في الشعار الموحد "تعمير في السلم وتدمير في الحرب". كما تلعب أدواراً اقتصادية كبيرة لأنها تُعتبر جزءاً من الدولة، حسب الشيخ.

ليبيا تغرق في الظلام رغم الموازنات الاستثنائية
ليبيا تغرق في الظلام رغم الموازنات الاستثنائية

العربي الجديد

timeمنذ 39 دقائق

  • العربي الجديد

ليبيا تغرق في الظلام رغم الموازنات الاستثنائية

تشهد مناطق عدة في ليبيا انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، تجاوزت في بعض المناطق النائية أكثر من 15 ساعة متواصلة يومياً، ما أثار تذمراً واسعاً في صفوف المواطنين الذين يشتكون من تراجع الخدمات الأساسية وغياب التوضيحات الرسمية. في قرية وزان الحدودية غرب البلاد، التي تبعد 361 كيلومتراً عن طرابلس، يقول المواطن محمد صالح (45 عاماً) لـ"العربي الجديد": "تنقطع الكهرباء يومياً ما بين 10 إلى 15 ساعة. أحياناً تعود لساعة واحدة فقط ثم تختفي مجدداً. لا نعرف السبب، ولا توجد أي توضيحات من شركة الكهرباء أو من الجهات الرسمية". وفي بلدة مزدة، الواقعة على بعد 187 كيلومتراً جنوب العاصمة، قال المواطن مسعود القنطراري، إن التيار لا يصلهم إلا لفترات محدودة. وأضاف: "الانقطاع يبدأ من السادسة صباحاً حتى السابعة مساء، ثم تعود الكهرباء لساعتين ونصف الساعة، قبل أن تنقطع مجدداً". أما في العاصمة طرابلس ، حيث الكثافة السكانية أعلى، فلا يبدو الوضع أفضل. يقول سالم الغرياني، أحد سكان حي الطبي، لـ"العربي الجديد": "الكهرباء تنقطع يومياً لما يقارب عشر ساعات. أقطن في الطابق السابع، والمياه تنقطع أيضاً لأن المضخات تعمل بالكهرباء، فنواجه معاناة مزدوجة من الحر وانقطاع المياه". وفي منطقة عين زارة جنوبي العاصمة، يقول سعد الدين الماي، إنه يعتمد على المولدات أكثر من الشبكة العامة. ويضيف: "عدنا لاستخدام المولدات رغم الضجيج والتكاليف، وكأننا نعيش في سنوات مضت. أين وعود الحكومة بحل الأزمة؟". من جانبه، انتقد الخبير الاقتصادي، محمد الشيباني، أداء الشركة العامة للكهرباء ، قائلاً إن الأخيرة "تحصلت على ميزانيات استثنائية لأغراض الصيانة والتطوير، ورغم ذلك عدنا إلى سياسة طرح الأحمال لساعات طويلة". وأضاف: "المواطن يدفع فواتيره بانتظام عبر العدادات الذكية، لكن الخدمة لا توازي حجم التكاليف". في المقابل، عزت الشركة العامة للكهرباء، في بيان رسمي، الانقطاعات الأخيرة في طرابلس إلى "تعديات على خطوط نقل الطاقة بمنطقة جنزور، نتيجة أعمال حفريات غير منسقة". وأوضحت أن هذه التعديات "أدت إلى خروج عدد من وحدات الإنتاج عن الخدمة، وفصل التغذية عن محطات الجلاء وبن حامد وفشلوم"، مؤكدة أنها "أعادت تشغيل الوحدات واستعادت استقرار الشبكة". اقتصاد عربي التحديثات الحية تحذيرات مصرف ليبيا المركزي من صندوق بلقاسم حفتر وأضافت الشركة أن أعمال المتابعة الميدانية مستمرة لاستكمال مشروع محطة تحويل الجامعة وسط مدينة الزاوية، ضمن الخطة الاستعجالية لتحسين أداء الشبكة، مشيرة إلى أن المشروع "سيساهم في دعم الاستقرار وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء نتيجة التوسع العمراني والسكاني". بدوره، كشف مصرف ليبيا المركزي أن الشركة العامة للكهرباء صرفت حتى نهاية يونيو/حزيران نحو 2.1 مليار دينار ليبي، فيما يبلغ سعر الصرف الرسمي حوالي 5.5 دنانير للدولار. كما حصلت الشركة على اعتمادات مستندية بقيمة 371 مليون دولار، مخصصة لتوريد قطع الغيار وتنفيذ مشاريع الصيانة والتوسعة. وتنفق الدولة الليبية سنوياً نحو 615 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء، وسط دعوات لترشيد الدعم وتحسين كفاءة الإنفاق العام. وسط الانقطاعات اليومية، يعيش طلاب الجامعات ظروفاً صعبة، خاصة مع دخول فصل الصيف. ويقول نزار العريبي، طالب في كلية الطب بجامعة طرابلس، لـ"العربي الجديد": "الانقطاع المتكرر للكهرباء أصبح جزءاً من حياتي اليومية. لم أعد أحتمل هذا الوضع. بل أصبح أسوأ من ذي قبل". ويضيف: "الكهرباء والإنترنت هما وسيلتان أساسيتان للبقاء على اتصال بالعالم الخارجي. لا نستطيع السفر أو التحرك بحرية. كيف يمكنني الدراسة وتطوير نفسي في هذه الظروف؟". ورغم امتلاك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، وفئة سكانية صغيرة نسبياً لا تتجاوز 7.5 ملايين نسمة، ما زال قطاع الكهرباء عاجزاً عن تلبية الحد الأدنى من احتياجات المواطنين، في ظل اعتماد متزايد على المولدات الخاصة، واستمرار انقطاعات التيار التي تصل إلى أكثر من 12 ساعة يومياً في بعض المناطق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store