
ماستر 'سيكولوجيا الإعاقة' بجامعة ابن طفيل: خطوة رائدة نحو فهم أعمق لقضايا الإعاقة في المغرب
الألباب المغربية/ سعيد موزك
في خطوة رائدة تعزز موقعها في مجال التعليم العالي بالمغرب، عززت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة عرضها البيداغوجي السيكولوجي بإعتماد ماستر جديد ونوعي يتعلق الأمر بماستر 'سيكولوجيا الإعاقة'، للموسم الجامعي 2024/2025. يعتبر هذا البرنامج الأول من نوعه في المملكة، ويهدف إلى معالجة القضايا السيكولوجية المرتبطة بالإعاقة. الذي ينسق بحرفية عالية من قبل الدكتورة عتيقة بونو بذات الجامعة، جاء لسد فراغ كبير في مجال البحث العلمي المتعلق بحقل السيكولوجيا، وليفتح آفاقا جديدة للدراسات الأكاديمية التي تلامس واقع الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد شهد هذا الماستر في بدايته التحاق مجموعة من الطلبة والطالبات من أفضل المنتسبين إلى ميدان السيكولوجيا، سواء من جامعة ابن طفيل أو من خارجها، تحت إشراف فريق بيداغوجي أكاديمي من الأساتذة المختصين في مجالاتهم، والمتمرسين في التدريس الجامعي في ميدان السيكولوجيا على وجه التحديد.
في هذا الإطار، نظم ماستر سيكولوجيا الإعاقة بتنسيق مع شعبة علم النفس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، صباح يوم الخميس 13 مارس 2025 قراءة في كتاب يحمل عنوان 'تدبير مجال الإعاقة بالمغرب: مسارات وتحديات وسوء فهم مجتمعي' لمؤلفه رشيد كنوني، الباحث في علم النفس الاجتماعي والخبير في السياسات الاجتماعية المتعلقة بمجالات الإعاقة والطفولة والأسرة، الحائز على دكتوراه الدولة في علم النفس الاجتماعي سنة 2005. يعد من أبرز إصداراته في مجال الإعاقة 'التنشئة الاجتماعية للطفل المعاق'، و'دراسة نفسية اجتماعية للقضايا المتعلقة بالاندماج الاجتماعي'، و'الإعاقة بالمغرب: عنف التمثلات وممكنات التغيير'، بالإضافة إلى 'سيكولوجيا الإنسان الأمي'، إلى جانب مقالات وأوراق بحثية علمية في عدد من المجلات والمؤلفات الجماعية.
يعتبر الدكتور رشيد الكنوني من المؤسسين لمجال النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، حيث انضم إلى المندوبية السامية للأشخاص في وضعية إعاقة منذ تأسيسها سنة 1994، قبل أن تتحول إلى كتابة الدولة ثم إلى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بتسميتها الحالية. أشرف على إعداد وتنفيذ مجموعة من السياسات العمومية والبرامج الاجتماعية، خصوصًا في مجال الإعاقة، وقد شغل عدة مناصب، منها مدير النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة ما بين 2006 و2018، قبل أن يُكلف بمهام في رئاسة الحكومة.
مثل المغرب في العديد من المؤتمرات الدولية الأممية في أوروبا والولايات المتحدة والصين، إضافة إلى عدة دول عربية وإفريقية. وبحكم عمله منذ تأسيس قطاع الإعاقة، يُعتبر الدكتور رشيد الكنوني شاهدًا على التحولات التي شهدها تدبير مجال الإعاقة على مدى 30 عامًا في المغرب. ورغم إدارته لعدد من الملفات، حرص الدكتور على عدم الابتعاد عن الحقل الأكاديمي، حيث يساهم في التكوين الأساسي والمستمر لفائدة بعض الكليات والمعاهد الوطنية ومؤسسات أخرى في مجالات علم النفس الاجتماعي والتربية الخاصة والعمل الاجتماعي وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
وهو اليوم عضو في المجلس الإداري للمركز الوطني محمد السادس للمعاقين، ومستشار لدى بعض المؤسسات داخل وخارج المغرب. حصل الدكتور رشيد الكنوني على عدد من الجوائز والشهادات التقديرية، من بينها الجائزة الأولى للبحث العلمي في مجال الإعاقة من جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس سنة 2017، والمواطنة الفخرية من مجلس أوستن بولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية كجزء من الزائر الدولي القيادي سنة 2009، بالإضافة إلى تكريمات أخرى.
أما اليومياتية، يستضيفه ماستر سيكولوجيا الإعاقة بجامعة ابن طفيل بالصفة التي يحافظ عليها كثيرا، وهي صفة الباحث في علم النفس الاجتماعي وكذلك الخبير في مجال الإعاقة. أما الكتاب فهو ثمار أكثر من 25 عاما من العمل الميداني والتحليل الأكاديمي، ويتناول التحولات الكبرى التي شهدها قطاع الإعاقة بالمغرب مع التركيز على النجاحات والإخفاقات التي عرفتها السياسات والبرامج الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة.
انطلقت الندوة العلمية تحت عنوان 'قراءة في كتاب تدبير مجال الإعاقة بالمغرب: مسارات وتحديات وسوء فهم مجتمعي'، حيث تم افتتاح فعالياتها من قبل الدكتور القريشي عبد المجيد، أستاذ علم النفس المعرفي بالجامعة، الذي تولى إدارة اللقاء بكفاءة عالية. وقد تلت تلك الافتتاحية كلمة السيدة منسقة الماستر، الدكتورة عتيقة بونو، التي أضافت لمسة من العمق إلى الحوار العلمي.
كما شهدت الندوة كلمات ملهمة من قبل منسقة طلبة وطالبات الفوج الأول من ماستر 'سيكولوجيا الإعاقة'، الذين عبّروا ببلاغة وحنان عن سرورهم الكبير بالانتماء إلى هذا التخصص، مؤكدين على أهمية البعد الإنساني والأخلاقي في مسيرتهم الأكاديمية. وفي نفس السياق، قدّم الدكتور أحمد الفرحان، نائب عميد البحث العلمي والتعاون، مداخلته التي تناولت دور البحث العلمي في تنمية مجال الإعاقة.
بالإضافة إلى ذلك، أسهم الدكتور عبد المالك أصريح، الباحث الخبير في مجال الإعاقة والفاعل المدني، بكلمة تدعو إلى الاهتمام بقضايا الإعاقة والتحديات المرتبطة بها. ثم تطرق الدكتور نبيل شكوح، منسق شعبة علم النفس، بأبعاد مقاربة سيكولوجية متميزة، والتي عمّقت النقاش حول الأبعاد النفسية التي تؤثر على حياة ذوي الإعاقة.
بعد ذلك، كانت هناك مداخلة متميزة من مؤلف الكتاب، الدكتور رشيد الكنوني، الذي قدم رؤى جديدة حول الموضوع وأهميته في السياق المغربي، مما أضفى بعداً إضافياً وغنياً على النقاشات. وفي الختام، ألقى السيد العميد، الدكتور جمال الكركوري، كلمة عبر من خلالها عن إعجابه بمستوى الندوة ودعمه المتواصل لمثل هذه المشاريع البيداغوجية والعلمية. وقد أكد معاليه دعم السادة الأساتذة والسيد رئيس جامعة ابن طفيل لمثل هذه المبادرات التي تعزز الفسيفساء الغنية والثرية للعرض الجامعي الذي تتمتع به جامعة ابن طفيل، لا سيما في السنوات الأخيرة.
يطرح كتاب الدكتور رشيد الكنوني أسئلة كبرى ومثيرة حول قضايا الإعاقة، ويستهدف تفكيك الطابوهات التي لا تزال قائمة في هذا المجال. يسهم هذا التفكيك في فتح آفاق جديدة للتفكير المعقلن بعيدًا عن الفوضى التي قد نلاحظها أحيانًا دون إيجاد حلول. لم يكتفِ المؤلف بدراسة نظرية لموضوع الإعاقة في المغرب، بل مارس العمل الميداني بشكل مباشر مما يمنحه مصداقية أكبر. كانت تدخلاته في أوقات صعبة، وليس في أوقات التيسير، مما يعكس إدراكه العميق لمشكلات الإعاقة في بلادنا، وتصوره للحلول، ووضع السياسات، والتفاعل مع البرامج والتدخلات المباشرة.
ساهم الدكتور الكنوني في حدثين مهمين: البحث الوطني للإعاقة بالمغرب سنة 2004، والبحث الوطني الثاني سنة 2014، مما جعله واحدا من المتمكنين في مسألة الإعاقة بالمغرب وخبيرا فيها. اعتمد في تحليله على المنهج التاريخي والمنهج التحليلي لسياسات والبرامج التي ميزت تدبير مجال الإعاقة بالمغرب. حيث استعرض المنهج التاريخي مراحل تطور حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، بما في ذلك القوانين والسياسات المعتمدة عبر السنوات.
أما المنهج التحليلي، فقد مكنه من دراسة السياسات والبرامج التي أُعدت في سياقات زمنية معينة، مع تقييم أدائها وتأثيرها، والوقوف عند نماذج نجاحاتها وإخفاقاتها، وتحديد التحديات التي تواجهها السياسات الحالية، واقتراح الحلول المناسبة لتحسين وضع الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع المغربي.
يعتبر هذا الكتاب مرجعا أساسيا ليس فقط للمهتمين بقضايا الإعاقة، بل أيضا كمرجع تاريخي يوثق مرحلة هامة في تاريخ المغرب المتعلقة بتطوير منظومة حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بصفة خاصة. حيث خصص أكثر من 50 صفحة لمختلف المحطات التاريخية لمسألة الإعاقة بالمغرب بدقة كبيرة.
تجعل هذه الصفة التاريخية الكتاب مرجعا معتمدا للمشتغلين بالتاريخ، حيث عاش الكاتب العديد من تلك المراحل، وكان شاهدا عليها وليس مجرد ناقل. المؤرخ الدقيق هو الذي يبحث عن أقرب راوي للمحادثة التاريخية، ويبحث عن من عايش الواقعة التاريخية وكان فاعلاً فيها.
بالإضافة إلى كونه مرجعا قانونيا، يتطرق الكتاب بدقة لنصوص القانونية والتشريعية، مع ذكر أرقامها وتواريخ صدورها، مما يسهل عودة الباحثين في المجال القانوني. كما يسلط الضوء على التحولات التي طرأت على المنظومة الاجتماعية بالمغرب، ويبرز الوعي المتزايد بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، ودور المجتمع المدني في نشر الوعي وتحفيز أجهزة الدولة.
يعتبر الكتاب أيضا مرجعا لمنظومات الصحية والتعليمية والإدماجية لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة. ومن السمات الوصفية للكتاب أنه يصف كل القضايا بدقة، مما يمكن القارئ، حتى لو كان غير مطلع على شؤون الإعاقة، من التعرف على المسارات الأساسية التي عرفها المغرب.
تتجلى سمة التقييم في الكتاب من خلال خروج الدكتور رشيد الكنوني من جبة المسؤولية إلى تقييم التجربة والمراحل، مع استخدامه لعبارات تعبر عن أسفه على بعض التجارب، مما يعكس أخلاقيات البحث العلمي. كما يعد الطرح واقعيًا، حيث يطرح القضايا بموضوعية، ويشير إلى أهمية تجارب سابقة رغم محدوديتها.
في الختام، يتعامل الكتاب مع المسألة بوعي شامل، مما أدى إلى وصف التطور المؤسسي في المغرب، والوصول إلى مرحلة بناء سياسة عمومية مندمجة تعنى بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


طنجة نيوز
منذ يوم واحد
- طنجة نيوز
10 علامات تدل على أنك أكثر ذكاءً مما تعتقد – رقم 7 ستفاجئك!
كثيرون يعتقدون أن الذكاء مرتبط فقط بالتفوق الدراسي أو القدرة على حل المعادلات الرياضية المعقدة، لكن العلم يقول عكس ذلك! في الواقع، هناك علامات 'خفية' قد لا تنتبه لها، لكنها تكشف أنك شخص ذكي بالفطرة، وربما أكثر مما تعتقد. إليك أبرز 10 علامات أثبتتها دراسات علم النفس والسلوك: 1. تتحدث مع نفسك ربما تبدو غريبًا وأنت تتمتم بكلمات لوحدك، لكن العلم يقول إن الحديث مع الذات دليل على التفكير المنظم والقدرة على حل المشاكل. 2. تحب العزلة أحيانًا لا تحب التجمعات الكبيرة؟ تفضل الجلوس وحيدًا دون الشعور بالملل؟ هذه من خصائص الأشخاص ذوي الذكاء المرتفع الذين يجدون المتعة في التأمل والتحليل. 3. تتأخر في النوم إذا كنت من الأشخاص الذين تهاجمهم الأفكار ليلاً، وتجد صعوبة في النوم مبكرًا، فقد تكون ممن يمتلكون نشاطًا دماغيًا مرتفعًا في المساء. 4. سريع الملاحظة تلتقط التفاصيل الصغيرة؟ تلاحظ تعابير الوجه أو التغيرات في نبرة الصوت؟ هذه مهارات عقلية تتعلق بالذكاء الاجتماعي والعاطفي. 5. تميل إلى الشك والسؤال لا تقبل الأمور كما هي؟ تسأل دائمًا 'لماذا؟' و'كيف؟'؟ هذا فضول صحي يدل على رغبة في الفهم والتعمق. 6. تتقبل النقد بسهولة لا تنزعج من الملاحظات؟ بل تستفيد منها؟ هذه علامة على الذكاء العاطفي والنضج الفكري. 7. لديك حس دعابة 'ذكي' الدراسات أثبتت أن من يمتلكون حسًا ساخرًا ويفهمون النكتة بسرعة، غالبًا ما يتمتعون بمعدل ذكاء أعلى من المتوسط. 8. تتعلم من الفشل لا تعتبر الأخطاء نهاية العالم؟ بل نقطة انطلاق جديدة؟ التفكير بهذه الطريقة دليل على عقل مرن ومنفتح. 9. تحب القراءة ليس فقط الكتب، بل حتى المقالات أو التعليقات الطويلة؟ القراءة تُنشط الدماغ وتوسع المدارك. 10. لديك حدس قوي أحيانًا 'تشعر' أن شيئًا ما غير صحيح دون دليل مباشر؟ هذا الحدس مبني على ملاحظة لا واعية وتحليل داخلي معقد. 📌 خلاصة: الذكاء لا يعني أن تكون عبقريًا خارقًا، بل أن تمتلك أدوات تساعدك على فهم نفسك والعالم بشكل أعمق. وإذا وجدت نفسك في أكثر من علامة من هذه القائمة… فهنيئًا لك! قد تكون أذكى مما تعتقد، فقط لم تكتشف الأمر بعد. هل وجدت نفسك في هذه العلامات؟ شاركنا رأيك في التعليقات! ولا تنسَ مشاركة المقال مع أصدقائك… ربما تكتشف أن أحدهم 'عبقري متنكر' 😊


جريدة الصباح
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الصباح
صدمة البلوغ عند الأطفال
ينظر إلى البلوغ عادة باعتباره مرحلة طبيعية في مسار النمو الجسدي والنفسي للطفل، لكنه في الواقع قد يمثل مرحلة حرجة نفسيا، تتحول فيها الطمأنينة إلى قلق داخلي صامت، خاصة عندما لا تتم مرافقة الطفل خلالها بالدعم النفسي والمعرفي اللازم، وهو ما يعرف في علم النفس التحليلي بـ»صدمة


المغرب اليوم
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- المغرب اليوم
تقلب المزاج بالأطعمة يسائل تأثيرات النظام الغذائي على الصحة النفسية
يقال إن بعض الأطعمة تمنح آكلها شعورًا بالسعادة والراحة النفسية، مما يعزز الهدوء والصفاء الذهني والانتعاش والطمأنينة، بينما تساهم أطعمة أخرى في تقلب مزاج الإنسان، فتُشعره بنوع من القلق والتوتر والانزعاج والكسل، وربما تؤدي إلى زيادة الضغط النفسي والانفعال والعصبية. من هذا المنطلق تُثار نقاشات وتُطرح تساؤلات حول العلاقة المحتملة بين النظام الغذائي والصحة النفسية بشكل عام، ومدى تأثير نوعية الأغذية على وظائف الجهاز العصبي بشكل خاص. علم النفس الغذائي هشام العفو، متخصص نفساني ورئيس رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، قال إن 'التوجه العلمي الحديث يشير إلى أن التغذية تعتبر محددا أساسيًا في الحفاظ على صحة الدماغ وتحقيق توازن الحالة المزاجية، حيث تتداخل عوامل غذائية متعددة مع الأُطر البيولوجية والنفسية للأفراد، لذلك من الضرورة استثمار نتائج الدراسات لتحليل الصحة العقلية في علاقتها بالتغذية'. وأضاف العفو أن 'دراسة نُشرت في مجلة Nature Mental Health، شملت 181,990 مشاركًا، أظهرت أن اتباع نظام غذائي متوازن يرتبط بزيادة كمية المادة الرمادية في الدماغ، وهذه الزيادة تعتبر مؤشرًا مهمًا على الصحة الدماغية، التي تسهم بدورها في تحسين الأداء المعرفي والوظائف التنفيذية'، مشيرا إلى أن 'تحسين بنية الدماغ يعني قدرة أكبر على المعالجة والاحتفاظ بالمعلومات، مما يساهم في تقليل مستويات التعب الذهني والاكتئاب'. وتابع قائلا: 'دراسة ميدانية، أُجريت بواسطة 'إدارة مراقبة الأمراض والوقاية منها' الأمريكية، توصلت إلى وجود ارتباط مباشر بين استهلاك المشروبات السكرية وحدوث أعراض أكثر شدة للاكتئاب والقلق، خاصة بين المراهقين، مما يعني أن النظام الغذائي الضعيف من جهة، والغني من جهة أخرى بالأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية، يمكنه أن يؤدي إلى اضطرابات معرفية وعاطفية نتيجة زيادة التهابات الجسم التي تؤثر سلبًا على وظائف الدماغ'. وأبرز المتخصص النفساني ذاته أن 'مجال علم النفس الغذائي لم يظهر إلا في السنوات المتأخرة، ويؤكد من خلال الدراسات التي يقوم بها أن تناول كميات كافية من الفواكه والخضروات يساهم في خفض معدلات الالتهابات الجهازية، وهي عملية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتقلبات المزاج واضطرابات الصحة النفسية'، مضيفا أن 'مقالة نُشرت في BMJ (Firth et al) تناولت إمكانية أن يكون تحسين جودة الغذاء جزءًا من الاستراتيجيات الوقائية لعلاج الاضطرابات النفسية، وبالتالي يؤثر ذلك على المزاج العام وعلى السلوك الإنساني'. وأوضح أن 'النظام الغذائي يلعب دورًا في دعم إنتاج النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، وهي عناصر أساسية لتنظيم المزاج'، مضيفا أن 'النظام الغذائي المتوازن يزود الجسم بالأحماض الدهنية الأساسية والفيتامينات والمعادن الضرورية، التي تساهم في العمليات البيوكيميائية داخل الدماغ. وفي المقابل يؤدي الإفراط في استهلاك السكريات والأطعمة المصنعة إلى زيادة الالتهابات، مما يُعتبر أحد المسببات المرتبطة بظهور اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب والقلق'. وختم العفو توضيحاته بالإشارة إلى أن 'تبني نظام غذائي صحي متوازن ليس مجرد وسيلة لتحسين الصحة الجسدية فحسب، بل هو استراتيجية وقائية أيضاً للحفاظ على صحة عقلية مستقرة وتعزيز الأداء المعرفي. كما أن هذه النتائج تُقدم منبعا علميا هامًا للممارسين الصحيين والمتخصصين في السياسات الصحية العامة لتضمين الإرشادات الغذائية في استراتيجيات الوقاية والعلاج النفسي، مما يعزز وعي الفرد والمجتمع بأهمية التغذية كعامل مؤثر على الصحة العقلية'. تأثّر الدماغ والمزاج ليلى بلهادي بنسامي، طبيبة أخصائية في التغذية، قالت إن 'اضطرابات المزاج قد تنجم عن عدة عوامل، من بينها النظام الغذائي الذي يلعب دورًا مهمًا في تحسين المزاج'، موضحة أن 'صحة الدماغ ترتبط بشكل وثيق بتغذية متوازنة تحتوي على الأحماض الأمينية والمعادن والفيتامينات، خاصة فيتامين 'ب'، الذي يُعد ضروريًا لوظائف الدماغ والحالة النفسية الجيدة'. وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن 'صحة الجهاز الهضمي لها تأثير مباشر على المزاج، نظرًا لدور البكتيريا النافعة في تحقيق التوازن العام للصحة النفسية والدماغية'، مشيرة إلى أن 'الأمعاء تحتاج إلى تغذية غنية بالألياف والأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن للحفاظ على هذا التوازن الحيوي'. وأكدت أن 'الأطعمة المصنعة والاستهلاك المفرط للسكريات يؤثران سلبًا على توازن الجسم والمزاج'، مبرزة أن 'الدماغ يعتمد بشكل أساسي على فيتامين 'ب'، حيث إن نقصه قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب'. ولذلك شددت على ضرورة 'استهلاك مصادر طبيعية لهذا الفيتامين، مثل الحبوب الكاملة، للحفاظ على صحة الجهاز العصبي والمزاج العام'. وأفادت أن 'تناول الحلويات والسكريات يمنح شعورًا مؤقتًا بالسعادة، لكنه سرعان ما يؤدي إلى نتائج عكسية'، لافتة الانتباه إلى أن 'ارتفاع مستوى السكر في الدم يؤدي إلى تحفيز البنكرياس لإفراز كميات كبيرة من الأنسولين، مما يسبب انخفاضًا سريعًا في الطاقة، والشعور بالتعب، والتوتر، وعدم الاستقرار المزاجي بعد فترة وجيزة'. وختمت بلهادي بنسامي توضيحاتها بالإشارة إلى أن 'الاعتماد على السكريات كمصدر سريع لتحسين المزاج هو حل مؤقت، لكنه يؤدي لاحقًا إلى اضطرابات في الطاقة والمزاج'، مشدّدة على ضرورة 'تبني نظام غذائي متوازن يعتمد على أغذية طبيعية غنية بالعناصر الغذائية الضرورية للحفاظ على صحة الدماغ والجهاز العصبي، وتحقيق استقرار نفسي أفضل على المدى الطويل'. قد يهمك أيضــــــا