
الأغلبية تمرر مهمة استطلاعية حول "دعم الفراقشية" وسط انسحاب صاخب للمعارضة
يشهد مجلس النواب توتراً سياسياً لافتاً على خلفية الجدل الدائر حول دعم استيراد المواشي، أو ما بات يُعرف إعلامياً بـ"دعم الفراقشية"، بعد أن انفجرت خلافات حادة بين مكونات الأغلبية والمعارضة داخل لجنة القطاعات الإنتاجية، أدت إلى انسحاب نواب المعارضة من اجتماع اللجنة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"التجاوز الصريح للأعراف والممارسات البرلمانية المتوازنة".
وتحول الاجتماع الذي انعقد اليوم الاثنين، تحت رئاسة عبد العزيز لشهب عن حزب الاستقلال، إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين الأغلبية التي حشدت برلمانييها بكثافة، والمعارضة التي دخلت الاجتماع مطالبة بترجيح الكفاءة المؤسسية على منطق الهيمنة العدديّة.
وفي خضم نقاش متوتر، تمسكت الأغلبية بطلبها المتأخر لتشكيل مهمة استطلاعية حول ملف دعم المواشي، وهو ما اعتبرته المعارضة محاولة فرض أمر واقع عبر منطق التغلب العددي على حساب التمثيلية النسبية وروح التوافق"، خاصة وأن النظام الداخلي لمجلس النواب ينص على وجوب احترام مبدأ التعددية في تشكيل المهام الاستطلاعية المؤقتة.
ومضت الأغلبية في التصويت على تشكيل المهمة الاستطلاعية، حيث حظي الطلب بدعم 17 نائباً برلمانياً يمثلون الأغلبية وحدها، في سابقة زادت من تأجيج التوتر السياسي داخل قبة البرلمان.
في سياق متصل، شهد الاجتماع البرلماني تداولا لعدد من المقترحات الأخرى المتعلقة بتشكيل مهام استطلاعية جديدة، همّت مواضيع متعددة، من قبيل تركيبة أسواق السمك، وتسويق اللحوم الحمراء، وتثمين منتجات الصيد البحري، وتقييم الفوارق المجالية بالعالم القروي، وغيرها.
غير أن ملف دعم المواشي طغى على النقاش وألقى بظلاله الثقيلة على باقي المواضيع، ليكرس صراعا سياسياً حاداً بات يهدد بتعطيل الآليات الرقابية للبرلمان إن لم يُسارع إلى احتواء هذا الخلاف ضمن مقاربة توافقية تحفظ هيبة المؤسسة وتحترم تمثيلية مكوناتها كافة.
وفي انتظار ما سيسفر عنه موقف مكتب المجلس بخصوص قانونية المهمة الاستطلاعية التي أقرتها الأغلبية منفردة، تبقى أعين المراقبين شاخصة نحو تطورات الملف، وسط دعوات متزايدة لفتح النقاش على مصراعيه داخل قبة البرلمان، بما يضمن الكشف عن كل خبايا الدعم العمومي الموجه للقطاع الفلاحي، والقطع مع أي شبهات قد تمس جوهر الشفافية والنزاهة في التدبير العمومي.
وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد الجدل حول أرقام الدعم الموجه لاستيراد الماشية، بعد أن تباينت التصريحات الحكومية بشأن الكلفة الإجمالية للعملية، مما فجر موجة من الانتقادات والتشكيك في شفافية تدبير الأموال العمومية.
ففي حين صرّح وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن كلفة الدعم بلغت 13 مليار درهم، خرج رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي لينفي ذلك قطعاً، مؤكداً أن الرقم لا يتجاوز 300 مليون درهم، وهو تضارب أربك المشهد وفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حادة حول مصداقية المعطيات الرسمية.
وسرعان ما تدخلت وزارة الفلاحة لتوضيح الأمر من خلال بيان رسمي أكدت فيه أن الكلفة الإجمالية للدعم بلغت 437 مليون درهم موزعة على سنتي 2023 و2024، في محاولة لتهدئة الجدل وحصره ضمن معطيات دقيقة.
غير أن هذه التوضيحات لم تطفئ نيران الشكوك، حيث ما زالت أصوات المعارضة تطالب بكشف المستفيدين الحقيقيين من هذا الدعم، في ظل اتهامات ضمنية بتركيز الاستفادة في يد لوبيات كبيرة على حساب صغار الفلاحين والمربين، الذين يقولون إنهم لم يروا من الدعم سوى اسمه في الإعلام.
وتعتبر المعارضة أن الملف لا يحتمل التعتيم أو التقزيم السياسي، بل يستدعي فتح نقاش جدي وشامل داخل المؤسسات التشريعية، يقف على أوجه صرف الدعم ومدى التزامه بالعدالة القطاعية والاجتماعية، متهمة الأغلبية بالسعي إلى احتواء الملف في إطار مهمة استطلاعية محدودة لتفادي تداعياته السياسية.
في المقابل، تؤكد الأغلبية أن معالجة هذا النوع من القضايا ينبغي أن يتم من داخل الآليات الدستورية الهادئة، مشددة على أن التصعيد السياسي قد يربك جهود الدولة في ضبط السوق وضمان الأمن الغذائي، خاصة في ظل سياقات إقليمية ودولية معقدة تؤثر على استقرار أسعار اللحوم والمنتجات الحيوانية.
وتبرز هذه المواجهة البرلمانية كأحد تجليات التوتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في ظل مطالب متصاعدة بترسيخ الحكامة الجيدة في صرف الدعم العمومي وتوسيع دوائر الشفافية في تدبير الملفات الحساسة ذات الوقع المباشر على الحياة المعيشية للمواطنين.
وبينما تسعى الحكومة إلى طمأنة الرأي العام بخصوص سلامة التوجيهات الاقتصادية والاجتماعية، تشدد المعارضة على ضرورة مراقبة هذه التوجهات، لضمان اتساقها مع قيم العدالة والمساواة والنجاعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 22 دقائق
- بلبريس
بركة يفجّر جدلاً داخل الأغلبية بإقراره فشل الحكومة في تحقيق هدف مليون منصب شغل
بلبريس - ياسمين التازي أثار نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، غضب مكونات الحكومة بعدما أقر، خلال دورة المجلس الوطني لحزبه، بعدم إمكانية تحقيق هدف إحداث مليون منصب شغل صافٍ بحلول عام 2026، معتبراً أن هذا الالتزام الوارد في البرنامج الحكومي بعيد المنال، وفقاً لما أوردته مصادر جريدة "الصباح". وقد أثار تصريح بركة، المنتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نقاشاً حاداً داخل مكونات الأغلبية، في وقت لقي إشادة من طرف المعارضة، التي اعتبرت كلامه "صريحاً وشجاعاً"، ويؤكد ما ظلت تردده منذ أشهر بشأن ضعف جدوى البرنامج الحكومي في مجال التشغيل. ويأتي تصريح بركة في سياق تؤكده معطيات المندوبية السامية للتخطيط، التي نفت أي تحسن ملموس في معدل البطالة، الذي لا يزال مستقراً عند عتبة 13 في المائة، رغم مختلف الجهود المبذولة من قبل الحكومة لدعم القطاع الخاص وتشجيعه على خلق فرص الشغل، وهو ما لم يتحقق فعلياً بسبب تركيز الفاعلين الاقتصاديين على العقار والتجارة والاستفادة من الدعم العمومي. وحسب المصادر ذاتها، فإن الغضب طال أيضاً حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة أن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، والقيادي بالحزب، هو من يقود تنفيذ برنامج التشغيل، الذي تم تمديده إلى غاية سنة 2030، وربطه بورش تنظيم كأس العالم وتكوين مليون شاب في مدن المهن والكفاءات، وهي مشاريع تتطلب على الأقل سنتين لتظهر نتائجها. في المقابل، اعتبر حزب الاستقلال أن تصريح أمينه العام أجهض استغلالاً سياسياً محتملاً من طرف المعارضة، كان من شأنه أن يحرج الأغلبية الحكومية على بعد سنة ونصف من الاستحقاقات التشريعية المقبلة. وقال بركة بالحرف خلال الدورة الوطنية لحزبه: "ما يمكنش نحققو مليون منصب شغل من هنا لـ2026، وحنا كنقولو الحقيقة للمغاربة". وأوضح أن هناك تحسناً ملحوظاً في سوق الشغل، حيث تم إحداث حوالي 180 ألف منصب شغل صافٍ خلال الفصل الأول من 2025، مقابل فقدان 80 ألف منصب خلال نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما عزاه إلى الدينامية القوية التي تعرفها الاستثمارات العمومية، والتي بلغت هذا العام 340 مليار درهم، مقارنة بـ220 ملياراً سنة 2020. وأشار في هذا السياق إلى ارتفاع استثمارات وزارة التجهيز والماء من 40 إلى 70 مليار درهم. وفي ملف الأسعار، هاجم بركة بشدة المضاربين، متهماً إياهم بالجشع واستغلال الظرفية التضخمية لرفع هوامش الربح على حساب المواطنين، مؤكداً أن الحكومة لا تحمي الوسطاء بل تسعى جاهدة لمحاربتهم، من خلال مراجعة شاملة لسلاسل التوزيع التي تعاني اختلالات بنيوية. واختتم بركة مداخلته بالتأكيد على أهمية الحفاظ على التماسك داخل الأغلبية، داعياً إلى تجنب الصراعات المبكرة حول زعامة الانتخابات المقبلة، حتى لا ينعكس ذلك سلباً على أداء الحكومة.


أخبارنا
منذ 32 دقائق
- أخبارنا
أخنوش: حققنا إنجازات غير مسبوقة لصالح قطاع التربية منها الطي النهائي لملف المتعاقدين
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمس الإثنين بمجلس النواب، على الإنجازات الكبيرة وغير المسبوقة التي حققتها حكومته خلال ثلاث سنوات الماضية لصالح قطاع التربية والتكوين، مشيرا إلى تمكنها من تسوية عدد من الملفات العالقة وعلى رأسها ملف التعاقد، وتحسين الوضعية المادية والاعتبارية لرجال ونساء القطاع. وسجل أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية حول موضوع "إصلاح التعليم من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال مغرب الغد"، أن الحكومة التي يقودها تحملت مسؤوليتها التاريخية بجرأة سياسية منقطعة النظير في طي ملف المتعاقدين بشكل نهائي، بعد ترسيم أزيد من 115.000 موظفة وموظف بالقطاع، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتهم المالية والإدارية ابتداء من يوليوز 2024، بقيمة إجمالية تجاوزت مليارَين و400 مليون درهم. وأبرز المتحدث، أن السنة الماضية تميزت بإقرار النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية، مؤكدا أنه شكل لحظة متميزة من التوافق الوطني، تريد الحكومة من خلاله تحقيق نهضة تربوية شاملة، ورد الاعتبار لمهنة التدريس بالمملكة. وذكر في هذا الإطار، بتفعيل الزيادة العامة في الأجور البالغة 1.500 درهم، وذلك باستفادة 330.000 موظف من الشطر الأول من هذه الزيادة بكلفة مالية بلغت حوالي 5 مليارات درهم. إضافة إلى صرف التعويضات التكميلية لفائدة 100.000 موظف بقيمة إجمالية تناهز مليار درهم، بالإضافة إلى تنظيم الترقية بالاختيار برسم سنة 2022 لحوالي 12.000 موظف بتكلفة فاقت مليارَيْ درهم.


الألباب
منذ 34 دقائق
- الألباب
إقليم الحاجب: الذكرى 20 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعرف إعطاء انطلاقة مشروعان طموحان للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمرأة
الألباب المغربية/ محمد الدريهم احتفاءً بالذكرى العشرين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ كان إقليم الحاجب على موعد، يوم أمس الاثنين 19 ماي الجاري، مع الافتتاح الرسمي لمشروعين لبناء وتجهيز مراكز متعددة الوظائف للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمرأة، أنجزا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و ذلك من طرف عامل الإقليم مرفوقًا بعدة شخصيات مدنية وعسكرية. يهدف هذان المشروعان إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء في وضعية هشاشة وتزويدهن بالتكوين المهني والخدمات الاجتماعية والاقتصادية. يتعلق المشروع الأول ببناء مركز متعدد الوظائف للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء 'أقشمير' الذي أنجز بالحاجب على مساحة إجمالية قدرها 350 مترًا مربعًا بغلاف مالي إجمالي قدره 3.977.080 درهمًا، ويهدف إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء في وضعية هشاشة، وتوفير التكوين المهني والخدمات الاجتماعية والاقتصادية للنساء، وتعزيز دور المرأة في المجتمع وتحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي. وقد أنجز هذا المشروع بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعمالة إقليم الحاجب، والجماعة الترابية للحاجب، والمديرية الإقليمية للتعاون الوطني بالحاجب، وجمعية أمل للمرأة والطفل بالحاجب، وسيوفر للمستفيدات خدمات متنوعة تشمل الاستماع والتوجيه، والإعلاميات، والطبخ وعلوم التغذية، والحلاقة، والخياطة التقليدية والعصرية، والرياضة، وفضاء للأطفال. أما المشروع الثاني الذي تم تدشينه بنفس المناسبة فيتعلق ببناء مركز متعدد الوظائف للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء أنجز بالجماعة الترابية القروية لقصير التابعة لإقليم الحاجب على مساحة إجمالية قدرها 690 مترًا مربعًا باستثمار قدره 03 ملايين درهم، ويهدف بشكل خاص إلى إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء في وضعية هشاشة، والتكوين المهني للنساء في مختلف المجالات، والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة. و سيوفر هذا المشروع، الذي أنجز بشراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإقليم الحاجب، والجماعة الترابية لقصير، والنيابة الإقليمية للتعاون الوطني، للمستفيدات خدمات تتعلق بالاستماع والتوجيه، والإعلاميات، والطبخ والحلويات، والخياطة التقليدية والعصرية، وفضاء للأطفال. يعتبر هذان المشروعان نموذجين للتعاون بين مختلف الشركاء والفاعلين في المجتمع المدني، يهدفان إلى تعزيز التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية للنساء في وضعية هشاشة بالحاجب. وفي تصريح للجريدة؛ أكد رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم الحاجب طارق أرزاز: 'اليوم، أعطينا انطلاقة عدة مشاريع، من بينها مشروع المركز السوسيو- اقتصادي للنساء بأقشمير. يهدف هذا المركز إلى إعادة إدماج النساء في المجتمع، وتوفير التكوين المهني لهن، وتعزيز استقلاليتهن الاقتصادية.' وأضاف: 'تبلغ التكلفة الإجمالية لهذا المشروع 4 ملايين درهم، بتمويل مشترك من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتعاون الوطني، والجماعة الحضرية للحاجب، وجمعية أمل للمرأة والتنمية.' وأشار إلى أن 'هذا المشروع يندرج في إطار برنامج يهدف إلى دعم الأشخاص في وضعية هشاشة، وخاصة النساء في وضعية صعبة. منذ عام 2005، أطلق إقليمنا عدة مبادرات لإنشاء مراكز للتنمية في مختلف المناطق.' وختم تصريحه قائلًا: 'سيقدم المركز السوسيو- اقتصادي للنساء بأقشمير مجموعة من الخدمات، بما في ذلك الاستماع والتوجيه للنساء في وضعية صعبة. نحن على يقين بأن هذا المشروع سيكون له تأثير إيجابي على حياة أكثر من 2200 امرأة في وضعية صعبة في إقليم الحاجب.'