logo
نتنياهو في مرمى الجدل مجدداً... دعوات لإزالة اسمه من «قاعة الشهرة» بمدرسته الأميركية

نتنياهو في مرمى الجدل مجدداً... دعوات لإزالة اسمه من «قاعة الشهرة» بمدرسته الأميركية

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام
في خضم الجدل السياسي المتصاعد حول الحرب في غزة وتداعياتها الدولية، عاد اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واجهة الجدل، ولكن هذه المرة ليس في أروقة السياسة، بل داخل جدران مدرسته الثانوية السابقة في الولايات المتحدة.
ففي مدرسة تشيلتنهم الثانوية بولاية بنسلفانيا، حيث أمضى نتنياهو سنوات مراهقته، تتعالى أصوات طلابية وخريجين تطالب بإزالة اسمه من «قاعة الشهرة» التابعة للمدرسة، احتجاجاً على سجله السياسي والاتهامات الدولية الموجهة إليه.
وتأججت هذه الدعوات بعد مقابلة تلفزيونية حديثة أجراها نتنياهو مع المعلق المحافظ مارك ليفين، خريج المدرسة نفسها، عبر قناة «فوكس نيوز»، أشار فيها ساخراً إلى احتمال ترشيح ليفين للانضمام إلى القاعة.
وقال نتنياهو: «في زيارتي القادمة، سنذهب معاً إلى مدرسة تشيلتنهم، وسأرشحك لـ(قاعة الشهرة) هناك». ليضيف ضاحكاً: «على الأقل لم يطردوني منها بعد... وهذا بحد ذاته إنجاز».
معارض لنتنياهو يضع قناعاً يمثله ويلبس زي سجين ويداه مكبلتان خارج مقر المحكمة بتل أبيب في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
اللقاء لم يمر مرور الكرام. فقد أعاد تسليط الضوء على نقاش قديم داخل مجتمع تشيلتنهم، وهي ضاحية معروفة بتنوعها الثقافي والديني، حول مدى ملاءمة تكريم شخصيات مثيرة للجدل سياسياً في فضاء تعليمي يُفترض أن يعكس القيم المشتركة.
وقد أكد متحدث باسم مجلس الخريجين أن اجتماعاً مغلقاً سيُعقد مع مسؤولي المدرسة لمناقشة التماس وقّعه أكثر من 200 طالب؛ أي نحو 14 في المائة من طلاب المدرسة، يطالبون فيه بإزالة صورة نتنياهو من القاعة، مشيرين إلى أنه لا يجوز تكريم شخص يواجه اتهامات بالفساد وجرائم الحرب.
وجاء في الرسالة: «حين نمر يومياً أمام صور هؤلاء الأشخاص، نفترض أنهم قدوتنا. كيف يُكرّم من تصدر بحقه مذكرة اعتقال دولية؟!».
ويُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مؤخراً مذكرة توقيف بحق نتنياهو على خلفية اتهامات تتعلق بجرائم في غزة، ما أثار ردود فعل متباينة عالمياً.
الجدل لا يقتصر على الطلاب، بل يتخطاهم إلى صفوف الخريجين القدامى الذين تباينت آراؤهم. فبينما اعتبر البعض أن مكانة نتنياهو تستحق الإشادة، رأى آخرون أن القيم التي يمثلها لا تنسجم مع الروح التربوية للمدرسة.
وقال دون أبلباوم، خريج عام 1990: «كنت أشعر بالفخر لانتمائي لنفس مدرسته. أما الآن، فأراه كأنه مجرم حرب. وهذا مؤلم».
في المقابل، دافع خريجون آخرون عن إبقائه ضمن القاعة، مستندين إلى شهرته الدولية بصرف النظر عن مواقفه. وقال ريتش نوتينسكي، خريج عام 1972: «إنها مجرد قاعة شهرة مدرسية، وليست (جائزة نوبل)!».
نتنياهو في المحكمة للإدلاء بإفادته بخصوص تُهم فساد موجهة إليه في ديسمبر الماضي (رويترز)
تأسست «قاعة الشهرة» لتكريم خريجي المدرسة المتميزين، ومن بينهم شقيق نتنياهو الأكبر، يوناتان، الذي لقي حتفه في عملية تحرير رهائن عام 1976، وكذلك نجم البيسبول الشهير ريجي جاكسون، الذي اشتكى من معاملة تمييزية خلال فترة دراسته هناك.
وفي حين وُضع اسم نتنياهو على الجدار منذ سنوات، لم يُدرج اسم مارك ليفين بعد، رغم ترشيحه من قبل نتنياهو نفسه. وقد أثار الأخير الجدل بتصريحاته الساخرة عن القاعة، قائلاً في «بودكاست» سابق إن كل شخص تافه دخلها، مضيفاً: «الآن يكرهون نتنياهو، لكن الأوان قد فات».
ومن جهته، رفض ليفين التعليق على القضية، في حين صدر عن مكتب نتنياهو بيان مقتضب جاء فيه أن رئيس الوزراء يقدّر التعليم الذي تلقاه في تشيلتنهم، وقد زار المدرسة مرة واحدة كمواطن عادي.
سكرتيرة جمعية الخريجين، إيميلي بريكر غرينبرغ، أبدت تحفظاً على مطالب إزالة الاسم، مشيرة إلى ضرورة النظر في المسألة من منظور قانوني وتاريخي. وقالت: «غالبية أعضاء مجلسنا يؤيدون الإبقاء على اسمه، ربما مع تعديل في سيرته الذاتية».
وأضافت: «من المثير أن العالم لا يتحرك كثيراً تجاه ديكتاتوريين آخرين، لكن إسرائيل دائماً في الواجهة».
كما كشفت الجمعية أنها تدرس آلية جديدة تتيح إزالة أسماء من القاعة في حال تغيّر السياق بشكل جوهري بعد إدراجهم.
وتستعد الجمعية لتنظيم أول احتفال تكريمي منذ 16 عاماً، يضم أكثر من ستة خريجين من مجالات متعددة، من بينهم حائز «نوبل»، وشاعر حاصل على «بوليتزر»، وموسيقيون نالوا جوائز «غرامي». غير أن النقاش المحتدم بشأن نتنياهو قد يُلقي بظلاله على هذه المناسبة.
وختمت غرينبرغ بالقول: «نحن فقط نحاول القيام بشيء جميل للمدرسة... ولا نريد أن يتحوّل إلى ساحة معركة سياسية».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو في واشنطن: لا اختراق... وتحالف دون توافق
نتنياهو في واشنطن: لا اختراق... وتحالف دون توافق

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

نتنياهو في واشنطن: لا اختراق... وتحالف دون توافق

لم تحقق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن أي اختراق يُذكر في الملفات الأساسية، أبرزها تقييم نتائج الضربات الأميركية - الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، لا سيما المكاسب السياسية والأمنية والدبلوماسية ووقف إطلاق النار اللاحق، ومستقبل الصراع بغزة في ظل قناعة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بأن استمراره يعرقل جهود دمج إسرائيل في الإقليم، إضافة إلى مستقبل العلاقات الإسرائيلية - السورية. وشكّلت الزيارة أيضاً مناسبة لمراجعة العلاقات الأميركية - الإسرائيلية في ضوء الانخراط الأميركي المباشر في الهجوم على إيران؛ ما عُدَّ تحولاً مفصلياً في الشراكة الأمنية منذ إدراج إسرائيل ضمن نطاق عمل «القيادة المركزية الأميركية» عام 2021. ورغم صعوبة الجزم بالمضمون الكامل للزيارة ونتائجها، فإن مما يُستشفّ من المعلومات المتاحة أن نتنياهو لم يواجه الضغوط المتوقعة من ترمب، وربَّما بادر إلى تجنّبها عبر خطوة استعراضية، تمثّلت في ترشيح الرئيس الأميركي لجائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها ترمب. ومع ذلك، بقيت التَّباينات قائمة بين الجانبين؛ بعضها معلن والآخر مضمر. في الملف الإيراني، لا تزال فرص صمود وقف إطلاق النار غير واضحة في ظل غياب آليات تنفيذ ملزمة، وعدم تراجع طهران عن طموحاتها النووية، واستمرارها في تجميد تعاونها مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». يسعى ترمب على ما يبدو إلى تسوية دبلوماسية تضمن عدم إعادة بناء المنشآت النووية الإيرانية، لكنَّه يتجنَّب حسم موقفه من سياسة «الضغط الأقصى»، خصوصاً فيما يتعلق بالعقوبات على صادرات النفط؛ مما يثير قلقاً متصاعداً لدى إسرائيل. أمَّا على جبهة غزة، فالوضع يراوح في مكانه وسط مفاوضات بطيئة، لم يُبدِ نتنياهو استعداداً لإنهائها أو للانسحاب من غزة بشرط إطلاق سراح جميع الرهائن؛ أحياءً وأمواتاً، ووضع خطة واضحة لمرحلة ما بعد الحرب، تتضمَّن تحديد بديل لـ«حماس» في غزة؛ لأن هذا الطرح يصطدم برفض شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين هددا بإسقاط حكومته في حال المُضي فيه. ورغم ما حققه من مكاسب في المواجهة مع إيران ووكلائها، فإن نتنياهو لم يوظف ذلك لكبح أجندة حلفائه في الضفة الغربية، حيث تتسارع خطوات «فرض السيادة بحكم الأمر الواقع» على الفلسطينيين، عبر الاستيطان والتعديلات القانونية؛ مما ينذر بدوامة صراع طويلة. كذلك، خيَّب نتنياهو آمال المراهنين على دعوته إلى انتخابات مبكرة تتيح له الانفكاك من هيمنة التيار المتشدد. وبرز موقفه المستجد أمام ترمب وإدارته بشأن الدولة الفلسطينية، مكتفياً بالقول إن على الفلسطينيين «حكم أنفسهم» مع إبقاء إسرائيل مسؤولة عن الأمن؛ مما يكرّس واقعاً إدارياً غير سيادي للفلسطينيين. ورغم أن ترمب لم يمارس أي ضغط علني لإنهاء الحرب في غزة، فإنه قد لا يصبر طويلاً على مماطلة نتنياهو، خصوصاً أن استمرار المأساة يعرقل مشروعه الإقليمي لتوسيع التطبيع، وهو رهان سياسي مهم في حملته الرئاسية. في سياق متصل، برز ملف العلاقات الإسرائيلية - السورية بوصفه قضية متصاعدة، مع الحديث عن مفاوضات غير معلنة بين الطرفين، ورفع العقوبات عن النظام الجديد في دمشق بدفع عربي. في هذا الإطار، يبدو أن الإدارة الأميركية تسعى لضبط السلوك الإسرائيلي في الساحة السورية، بما يتماشى وأولوياتها في بناء توازنات جديدة مع حلفائها العرب، وتفادي الإضرار بالتحولات الجارية في الإقليم. أمَّا في لبنان، فالأمور معلقة على مصير محاولات «حزب الله» للالتفاف على القرار «1701» وإجهاض مساعي «حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة». الموضوع الأهم بالنسبة إلى نتنياهو يبقى العلاقة بواشنطن، خصوصاً بعد انضمام ترمب إلى الحملة العسكرية ضد إيران وقصف المواقع النووية؛ مما شكل نقطة تحوّل في مسار التحالف بين البلدين منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. خلال العامين الماضيين، تحوّلت العقيدة الأمنية الإسرائيلية من استراتيجية «الدفاع الذاتي» بدعم أميركي، إلى الاعتماد على تحالف تقوده واشنطن، أولاً لصدّ الهجمات الإيرانية، ثم للمشاركة في ضرب بنيتها النووية. ويسعى نتنياهو اليوم إلى ترجمة هذا التبدل إلى مكاسب داخلية، عبر تجديد الدعم المالي والعسكري الأميركي لمواجهة أزماته السياسية. نتائج الزيارة تجعل آفاق المستقبل القريب في المنطقة قاتمة، ما دامت السلطة في إسرائيل بيد نتنياهو وتحالفه اليميني المتشدد الذي يفتقر إلى رؤية استراتيجية تتجاوز المكاسب العسكرية الظرفية. فنتنياهو يواصل نهجه القائم على تأجيل الحسم، والرهان على تطورات خارجية تحميه من اتخاذ قرارات صعبة، وهو بذلك يبدّد الفرص لصياغة حلول سياسية مستدامة. إن إخفاقه في ترجمة الإنجازات العسكرية إلى مسار سياسي يبدأ بخطة واقعية لمرحلة «ما بعد حماس» في غزة، وعجزه عن كبح «جموح» شركائه المتطرفين، يضعان إسرائيل على مسار خطير نحو نظام ثنائي القومية ديني متطرف وأقلوي. مثل هذا النموذج، وإن امتلك قوة عسكرية ضخمة، محكوم عليه بالعزلة والتآكل السياسي. في المحصّلة، يبقى الكثير من مستقبل الملفات الساخنة في المنطقة رهناً بمن سيحكم إسرائيل، وبالخيارات الاستراتيجية الأميركية، التي ستحدّد معالم النزاعات والتسويات في المستقبل.

تعارض استراتيجيات واشنطن وتل أبيب
تعارض استراتيجيات واشنطن وتل أبيب

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

تعارض استراتيجيات واشنطن وتل أبيب

تكاد أحداث السويداء في سوريا تقلب المشهد في المنطقة رأساً على عقب، وسط تدخل إسرائيلي فجّ في مجرياتها. فعلى الرغم من سجل نظام الأسد الحافل بإجهاض مبادرات السلام والتدخل في شؤون جيرانه وقمع شعبه، بقيت الحدود السورية - الإسرائيلية هادئة لأكثر من 54 سنة باستثناء الضربات الإسرائيلية لمواقع إيرانية. فما الذي يدفع اليوم بنيامين نتنياهو لمعارضة حكم أحمد الشرع، رغم تأييد إدارة دونالد ترمب له؟ ولماذا يبدو أن نتنياهو يُقوّض ما تصفه تل أبيب نفسها بـ«نجاحات استراتيجية» حققتها منذ «طوفان الأقصى»، وصولاً إلى الضربة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، والتي أدَّت إلى قلب موازين القوة في الإقليم وإضعاف الحضور الإيراني في المشرق؟ المفارقة أن هذا التفوق العسكري الإسرائيلي لم يُترجم إلى تفوق سياسي في أي من الجبهات، لا مع الحوثيين ولا «حماس» ولا «حزب الله» ولا حتى إيران. واليوم، تبدو الجبهة السورية مرشحة لتكرار ذات المعادلة العبثية. في مقال الأسبوع الماضي، أشرنا إلى أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب باتت في ولاية ترمب الثانية أقرب إلى «تحالف دون وفاق». ويتجلَّى هذا التعارض اليوم على الساحة السورية، وتحديداً في السويداء، حيث تبرز فجوة استراتيجية بين الطرفين، حتى بات نتنياهو يظهر وكأنه يقف ضد مشروع ترمب ويعرقل أهدافه في المنطقة بعد جولة خليجية ناجحة. ترى واشنطن في حكم الشرع، رغم التحديات والعثرات، فرصة لإعادة التوازن في سوريا، وملء الفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الإيراني، بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها. لهذا السبب، منحته شرعية سياسية معتبرة، ضمن تصور لاستقرار «قابل للضبط». في المقابل، يعتبر نتنياهو أنَّ أي سلطة مركزية في دمشق، حتى لو كانت ضعيفة، تعرقل مشروعه لتفتيت سوريا طائفياً. فهو يفضل «لا استقرار دائماً» يمكن استثماره في تصدير أزماته الداخلية، وتعزيز خطاباته الأمنية القائمة على القوة، التي تغذي خطاب اليمين المتطرف. تعكس تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المطالبة بإسقاط الشرع هذا التوجه الإسرائيلي الساعي إلى الفوضى بدلاً من الاستقرار، ما يهدد بإعادة البلاد إلى دوامة العنف، ويعزز مخاوف التقسيم في عموم بلاد الشام، كما يسميها السفير الأميركي توم برّاك. انتقلت حكومة نتنياهو من خطاب «الحماية» إلى أجندة «التفتيت»، مستغلة ما جرى في السويداء. وكان لهذه الأحداث صدى واسع لدى الدروز في إسرائيل، ما دفع بشخصيات بارزة، كالشيخ حكمت الهجري من السويداء والشيخ موفق طريف من الداخل الإسرائيلي، إلى المطالبة بحماية دولية للطائفة. يأتي هذا التصعيد بعد فشل المفاوضات بين حكومة الشرع والوفد الإسرائيلي في أذربيجان. كان هدف إسرائيل إقامةَ منطقة أمنية تمتد من الجولان إلى السويداء، مروراً بجبل الشيخ وصولاً إلى الحدود اللبنانية. الخطة تقضي بإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح، تُدار أمنياً من قبل الدروز، فيما يبقى الحكم المركزي في دمشق ضعيفاً ومهمّشاً. هل يُنتج هذا النهج فعلاً تفاهمات أمنية قابلة للحياة، كتجديد اتفاق فصل القوات لعام 1974؟ أم أنه سيفتح المجال لفوضى تستثمرها أطراف غير معنية بأي تسوية، إقليمية كانت أم محلية؟ ما الذي يريده نتنياهو فعلاً؟ هل يسعى إلى تصدير أزماته الداخلية نحو الخارج عبر افتعال معارك إقليمية جديدة؟ أم أن هذا التوجّه يعبّر عن جوهر الفكر السياسي-الديني لليمين المتطرف، الذي لا يعرف سوى منطق القوة والحلول الآنية؟ صحيح أن حكومة الشرع ما تزال في بداياتها، لكن هناك ثغرات تهدد بإضعاف الثقة العامة وتعثر مسار العدالة الانتقالية، وتفتح الباب أمام نزعات انفصالية في مناطق مثل الحسكة والقامشلي، مع تصاعد الطروحات الفيدرالية أو حتى الاستقلال الصريح. يبقى السؤال: هل يملك ترمب القدرة والإرادة للجم اندفاعة نتنياهو ومنعه من تقويض الرؤية الأميركية في سوريا والمنطقة، لا سيما بعد ما حققه من مكاسب في الخليج والملف الإيراني؟ أم أن نتنياهو سيبقى الطرف المشاغب، حتى داخل أكثر تحالفاته المفترضة متانة؟

(الترامبية: السياسة الأميركية في مواجهة العالم)
(الترامبية: السياسة الأميركية في مواجهة العالم)

الرياض

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياض

(الترامبية: السياسة الأميركية في مواجهة العالم)

"المنطلقات التي تقدمها الترامبية للعالم تسير في اتجاه تفكيك البنية السياسية الدولية من منطلق مؤشرات داخلية مؤثرة على البنية السياسية الداخلية في أميركا والتي عكستها بقوة تلك المستويات غير المعتادة من الصراع بين الحزبين الأزرق والأحمر، والذي انتقل من قمة السياسة إلى قاع المجتمع خلال العقد الماضي، مما أسهم في وصول ترامب إلى الرئاسة الأميركية". صدر لي كتاب تناول واحدة من أهم الظواهر السياسية في العالم الحديث، وهو أول كتاب باللغة العربية عن الظاهرة الترامبية التي تنسب مباشرة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اقتحم المسار السياسي في أعظم الديموقراطيات العالمية، واستطاع أن يؤسس لظاهرة سياسية أصبحت حديث العالم، لقد استطاع ترامب أن يبني الشخصية السياسية الخاصة بالترامبية، وأن يجعلها محور تدور حوله السياسة الأميركية خلال فترتيه الأولى والثانية، فالترامبية سلوك يمكن تفسيره وفق معطيات كثيرة معظمها متناقض مع الواقع الأميركي الذي يعرفه العالم، لقد كان السؤال الأهم يدور حول ما إذا كانت الترامبية مضادة للديموقراطية بمفهومها النظري والتطبيقي الذي شهدته أميركا خلال قرنين من الزمان، لذلك لم يكن صعود الرئيس ترامب لمرتين في المشهد السياسي الأميركي تقليدياً ولا صدفة محضة. فهو نتيجة منتظرة لتاريخ طويل من الصراعات السياسية في الداخل والخارج الأميركي، والحقيقة أن الواقع الدولي يقف بقوة خلف ظهور الترامبية كامتداد تاريخي للارتباك الحاصل في النظام الدولي، فالعالم من حيث النفوذ يعيش حالة سائلة إلى حد كبير، فالحرب الباردة كانت بمثابة الغراء الذي يساهم في إلصاق الأيديولوجيات بالنظم السياسية، ولكن بعد سقوط القطبية وغياب الاتحاد السوفيتي شهد العالم عملية انحسار كبير لديناميكيات الأيديولوجيات التي كانت تعمل على تثبيت العالم في مكانه السياسي المطلوب. البحث عن تفسيرات دقيقة للترامبية كنموذج صارخ للشعبوية ذات الصفات الحمائية والممزوجة بالانعزالية يتطلب فهم الواقع الدولي الذي لا يمكن فصله عن الحالة الترامبية التي ظهرت في أميركا من خلال التأثيرات التي تحدثها عملية التحرك نحو النظام العالمي وممارساته القائمة، للبحث عن الشكل المناسب كي يقبل العالم الإعلان الجديد لنظام دولي إما أن يوثق وحدة القطب الأميركي أو يعلن ولادة أقطاب متعددة أو يسمح لمواجهة ليس شرطاً أن تكون مواجهة عسكرية، ولكن يمكن أن تكون مواجهات شعبوية بين النماذج السياسية في العالم من خلال استخدام الحداثة وما بعد الحداثة كأدوات فاعلة وطرق تحقق السرعة في الترويج للمبادئ والمفاهيم. لقد عاد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية بينما كان مستبعدًا من العودة للبيت الأبيض، وحقق المفاجأة وقلب الموازين بأدوات سياسية خرجت من مسارها التقليدي وقلبت المعادلة، لذلك فإن عودة الترامبية من جديد إلى البيت الأبيض تعيد طرح السؤال ذاته من جديد حول مكونات الترامبية الأيديولوجية وأهدافها السياسية، فهي في فترتها الأولى أثبتت أنها تحمل في مكوناتها الشعبوية اليمينية والمحافظة الوطنية والقومية الجديدة. في هذا الكتاب، حاولت أن أقدم للقارئ تشريحاً يعتمد رؤية قادمة من خارج المجتمع الأميركي المشحون بفهم تاريخي والذي يحمل تفسيراته الخاصة لواقعه، فالترامبية بالنسبة لنا في الشرق الأوسط هي أحد معطيات الحداثة وما بعد الحداثة التي سوف تظل انعكاساً سياسياً أميركياً يعبر عن النفوذ والسلطة التي تمتلكها أميركا عبر العالم، ولكن هل ذلك هو المطلوب؟ فالترامبية التي تأتي في زمن الارتباك الدولي تفرض تفسيرها انطلاقاً من واقعها في المجتمع الأميركي إلى تأثيراتها الدولية التي ساهمت التقنية والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في نشرها ودمجها على المستوى الدولي. هذا الكتاب يجادل فكرة الترامبية كظاهرة سياسية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها أحد منتجات الديموقراطية الأميركية عبر تاريخها الممتد، فالتاريخ أشبه بالنهر كما يقول هيغل، والترامبية التي أتت بصيغة فرضت انتشارها الدولي بوسائل وأدوات تخصها تثبت أن الديموقراطية الأميركية ليست هي نهاية التاريخ وليست هي صدام الحضارات ولكنها نموذج يصعب التنبؤ بمنتجاته السياسية، فبقدر ما تأتي بعض المنتجات السياسية متوافقة مع نهر التاريخ الأميركي تأتي الأخرى على النقيض تماماً، ومن هنا أمكن القول إن الترامبية ممارسات تسعى لتغيير القواعد والقيم تحت شعار الصدمة، وهكذا هي نهاية السياسة. "المنطلقات التي تقدمها الترامبية للعالم تسير في اتجاه تفكيك البنية السياسية الدولية من منطلق مؤشرات داخلية مؤثرة على البنية السياسية الداخلية في أميركا والتي عكستها بقوة تلك المستويات غير المعتادة من الصراع بين الحزبين الأزرق والأحمر، والذي انتقل من قمة السياسة إلى قاع المجتمع خلال العقد الماضي، مما أسهم في وصول ترامب إلى الرئاسة الأميركية". الترامبية كما يجادل الكتاب "ليست ارتباطاً بشخص ترامب، تنتهي مع انتهاء ولايته، ولن تكون كذلك، وقد تتغير الصور بعد نهاية ترامب، وقد تعود مرة ثالثة، ولكنها امتداد تاريخي مستمر بمفهومها الأيديولوجي كحركة تسعى إلى تحقيق أهدافها في مسرح السياسية الأميركية، فقد أثبتت السياسية الأميركية تاريخياً للعالم أنها يستحيل معاشرتها بصيغة مستقرة ولكنها يمكن التعايش معها في حال فهم تطوراتها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store