logo
تخفيف الاتحاد الأوروبي للضوابط البيئية لا يجعله مناصراً للتنمية

تخفيف الاتحاد الأوروبي للضوابط البيئية لا يجعله مناصراً للتنمية

البيانمنذ 6 ساعات

ألان بيتي
يبدي الاتحاد الأوروبي دعماً واضحاً لفكرة أن التجارة ليست مجرد وسيلة لتحقيق المكاسب، بل أداة لتصدير القيم الأوروبية. وعلى مدار العقد الماضي، أسفرت الضغوط التي مارسها النشطاء على المصدرين الأوروبيين – والتي اقترنت أحياناً بنزعات حمائية مستترة – عن تحميل هؤلاء، ومن ثم المصدرين الأجانب، سلسلة من الالتزامات الجديدة، مما أفرز الكثير من الاختصارات التنظيمية.
وفي طليعة هذه الاختصارات، تأتي «CBAM»، وهي آلية تعديل الحدود الكربونية التي تهدف إلى وقف الواردات كثيفة الانبعاثات الكربونية التي تقوض الإنتاج الخاضع لضريبة الكربون في الاتحاد الأوروبي، وكذلك «EUDR»، وهي لائحة مكافحة إزالة الغابات والتي تحظر بيع منتجات، بما في ذلك زيت النخيل، والقهوة، واللحوم، التي يتم إنتاجها في أراضٍ خضعت لإزالة الغابات أخيراً، وهناك أيضاً «CSDDD»، وهو توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، الذي يحمل الشركات مسؤولية الانتهاكات البيئية والعمالية في سلاسل توريدها العالمية.
وبغض الطرف عن ماهية النية من وراء ذلك، إلا أنها كلها تسببت في قدر كبير من البيروقراطية ومعها الكثير من السخط، خصوصاً في أوساط الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التي تصف هذه الاختصارات بأنها عنوان لإمبريالية جديدة في غلاف من التقدمية.
ويعني ذلك أنه في سبيل حصول مزارع صغير يعمل على إنتاج زيت النخيل على مصادقة، وهناك ملايين عدة منهم، فينبغي زيارة مفتش يحمل بيانات الموقع الجغرافي لكل مزرعة على حدة، وهو ما يحدث بناءً على طلب الدول الأوروبية التي أزالت هي نفسها غاباتهم قبل قرون.
وربما شهدت الفترة الأخيرة إعادة للنظر في ذلك، وهو ما يعود الفضل فيه إلى الهشاشة الواضحة للتجارة العالمية، والتهديد بفرض تعريفات جمركية عقابية من جانب ترامب، وهو الذي يعتبر مثل هذه المعايير نوعاً من الحمائية التجارية، علاوة على ردود الفعل السلبية بصفة عامة تجاه القواعد التنظيمية البيئية.
وقد قرر الاتحاد الأوروبي بالفعل في العام الماضي أن يؤجل بدء العمل بلائحة مكافحة إزالة الغابات لمدة عام حتى 2026. وفي أبريل الماضي، أصدر التكتل توجيهات جديدة بسطت القواعد التنظيمية إلى حد كبير، بينما يرى البعض أن التوجيهات أضعفت هذه القواعد.
وانضم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أخيراً، إلى ألمانيا، في الدعوة للتخلي عن توجيهات العناية الواجبة. لذلك، من المرجح أن ينتهي بها الحال إلى نسخة مخففة كثيراً. وعند الوضع في الاعتبار أن فرنسا كانت واحدة من أبرز الجهات الدافعة إلى اعتماد هذه التوجيهات، فإن ذلك يمثل انعكاساً جذرياً للمواقف.
إذن، فقد وضع الاتحاد الأوروبي مخاوف الدول النامية في اعتباره، ويمكن الآن لحقبة جديدة من التجارة المشتركة والرخاء أن تبدأ، أليس كذلك؟ ليس الأمر كذلك بالتحديد، بل إن الإجابة تميل إلى لا، خصوصاً أن الضغوط التي مارستها رابطات الشركات الأوروبية كانت أكثر تأثيراً تقريباً في إرجاء لائحة مكافحة إزالة الغابات وتخفيفها مقارنة باحتجاجات الأسواق الناشئة.
وإذا كنت في المكان المناسب، لوجدت أن وجهة نظر بعض الدول النامية لا تبدو سيئة في الوقت الراهن. وقد تحدثت أخيراً إلى أودريك روابووغو، المستشار الاقتصادي للرئيس الأوغندي، يوويري موسيفيني. وقد أوضح لي أن أوغندا لطالما صدرت حبوب قهوة غير معالجة إلى الاتحاد الأوروبي وواجهت صعوبة في ترقي سلسلة القيمة، وهو ما يعود إلى شركات تحميص القهوة العالمية الكبيرة التي تتردد في تأسيس مصانع هناك.
وتسببت لائحة مكافحة إزالة الغابات في تهديد صادرات أوغندا الحالية، لكن يبدو أن هذا قد تلاشى مع إرجاء المواعيد النهائية وتخفيف معايير امتثال الشركات. وقال روابووغو: «لم يعد هناك الكثير من الضجيج بشأن هذا الأمر من الاتحاد الأوروبي، ونأمل في انتهاء الأمر على نحو حسن»، وتابع: «لا نتلقى الكثير من المطالبات بشأن الورش، ولا إنذارات بشأن مواعيد نهائية كنا نرزح تحت وطأتها لنحو ستة أو سبعة أشهر مضت. ومن بين مليوني أسرة تعمل في مجال زراعة القهوة، يوجد لدينا حالياً قرابة 970.000 أسرة ممتثلة للائحة مكافحة إزالة الغابات».
ويبقى هناك الكثير من التحفظات والفرص الضائعة، فالامتثال للائحة مكافحة إزالة الغابات لا يعني أن الاتحاد الأوروبي يساعد أوغندا على إنشاء سلسلة للقيمة. وذكر روابووغو: «تدور النقاشات حول إمكانية التتبع، والأمر فيه الكثير من الاستغلال، فإن أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيترك 50% من سلسلة القيمة في بلادنا، فلن يكون بحاجة إذن إلى أن يأمرنا بفعل شيء مثل لائحة مكافحة إزالة الغابات، لأن ذلك سيكون في صالحنا».
وأشار روابووغو إلى عدم وجود مؤشرات على نضوب ينبوع الدعم بعد. غير أن المملكة المتحدة قلصت المساعدات الإنمائية الخارجية إلى 0.3% من الدخل القومي الإجمالي من نسبة 0.5% المخفضة بالفعل، وتضمن فيها، وبصورة مضللة، تكاليف البت في طلبات اللجوء إلى بريطانيا باعتبارها دعماً. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أعاد فعلياً توجيه المساعدات من دعم التنمية في أفريقيا جنوب الصحراء إلى تدعيم نظام احتجاز تعسفي تجاه المهاجرين في ليبيا وتونس.
إن الساسة الأوروبيين لا يزالون يتحدثون بين الحين والآخر عن عقد شراكة مع البلدان النامية في أفريقيا، لكن عادة لا يعني هذا أي شيء. تعد الأنباء بشأن تخفيف قواعد لائحة مكافحة إزالة الغابات محل ترحاب من الدول منخفضة ومتوسطة الأجر، لكن فرض حواجز أمام صادرات الدول الناشئة إلى أوروبا ثم رفعها لا يشكل استخداماً مستنيراً للتجارة الداعمة للتنمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يُطفئها الاقتصاد؟
هل يُطفئها الاقتصاد؟

الإمارات اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • الإمارات اليوم

هل يُطفئها الاقتصاد؟

في أوقات الحروب تتحدث الآلة العسكرية ويعلو صوتها فوق صوت العقل والضمير الإنساني والنزعة الفطرية للعيش في سلام، وينسى المتحاربون أوقاتاً صعبة مماثلة عاشتها الشعوب على مر التاريخ، وأجبرت الفرقاء على الجلوس والتفاوض وسن القوانين والمواثيق الدولية التي تحترم حق الحياة وحقوق الدول وسيادتها المستقلة. ورغم ضراوة المعركة الدائرة حالياً في المنطقة وتداعياتها الجيوسياسية، فإن هناك رادعاً قوياً يمنع استمرار الوضع أو انزلاقه للأسوأ، ألا وهو المصالح الاقتصادية التي كانت ولاتزال القيد الأكبر على تقلبات المزاج السياسي والعسكري. الشرق الأوسط منطقة بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي، والحرب الدائرة حالياً بين إيران وإسرائيل شكلت صدمة له، تتوزع آثارها بين قصيرة ومتوسطة إلى طويلة الأمد، سواء على مستوى ارتفاع أسعار النفط العالمية أو تسارع التضخم العالمي، خصوصاً في اقتصادات الدول المتقدمة، ما يعيق خطط خفض الفائدة من قبل البنوك المركزية مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، فضلاً عن تقلبات أسواق الأسهم حول العالم وما يصاحبها من قلق المستثمرين وخروجهم برؤوس أموالهم نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والسندات. وتؤثر الحرب أيضاً على سلاسل الإمداد والتجارة العالمية بما يزيد تكاليف الشحن والتأمين ويعرض الأسواق في الدول كافة لمخاطر تأخر أو انقطاع الإمدادات، بما ينعكس سلباً على الصناعات بكل قطاعاتها. المحصلة النهائية لكل ذلك تباطؤ النمو الإقليمي والعالمي مع خطر تضخم مستمر وتعطل جزئي أو كلي في حركة التجارة العالمية، تؤثر على وصول السلع والخدمات إلى المستهلكين، الذين يشكلون قوة ضغط كبيرة على القرارات الحكومية والرسمية. الشعوب تتطلع إلى العيش الكريم الهادئ في أمان وسلام، والبيوت يشغل أولوياتها توافر احتياجاتها الأساسية من طاقة وماء وغذاء. واقتصاد العالم لم يتعافَ كلياً من آثار إغلاقات جائحة كورونا، ولن يحتمل مزيداً من الضغط بسبب الحروب والصراعات، لذا لا أتوقع أن تستمر الحرب طويلاً في المنطقة، إذ لا أبالغ إن قلت إنها قلب العالم ومخزن طاقته وميناؤه الأكبر جواً وبحراً وبراً. أضف إلى ذلك أن حجم الاستثمارات العالمية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط تشكل رقماً صعباً في المعادلة القائمة حالياً، كما أن شركات السلاح المستفيد الأكبر في الحروب. تبقى المصالح الاقتصادية والانتصار للحياة الرادع الذي يطفئ نيرانها. amalalmenshawi @ لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الإمارات والتشيك تعززان التعاون خلال منتدى «غلوبسيك 2025»
الإمارات والتشيك تعززان التعاون خلال منتدى «غلوبسيك 2025»

صحيفة الخليج

timeمنذ 4 ساعات

  • صحيفة الخليج

الإمارات والتشيك تعززان التعاون خلال منتدى «غلوبسيك 2025»

قامت ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، بزيارة عمل إلى جمهورية التشيك، على هامش مشاركة دولة الإمارات في النسخة العشرين من «منتدى غلوبسيك». تعكس هذه الزيارة العلاقات الثنائية الوطيدة بين دولة الإمارات وجمهورية التشيك، وتؤكد التزام الجانبين بتوسيع مجالات التعاون في القطاعات ذات الأولوية، بما في ذلك الصحة والتعليم والابتكار والطاقة والتنمية. والتقت ريم الهاشمي خلال الزيارة، عدداً من كبار المسؤولين في التشيك، من بينهم يان ليبافسكي، وزير الخارجية، وفلاستيميل فاليك، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة، وركزت المناقشات على تعزيز المبادرات الثنائية، ودعم التعاون متعدد الأطراف، وبحث فرص الشراكات المشتركة مع الدول الإفريقية. وقد حققت الزيارة نتائج مهمة، من أبرزها توقيع بيان الشراكة بشأن تنفيذ التعاون الإنمائي الثلاثي مع الدول الإفريقية في مجال بناء قدرات قطاع الرعاية الصحية، بهدف تعزيز بناء القدرات وتبادل الخبرات مع الدول الإفريقية. كما شاركت في جلسة حوار رفيعة المستوى بعنوان «حوارات غلوبسيك - تعزيز العلاقات: العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والإمارات في ظل المشهد العالمي المتغير»، والتي نُظّمت بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، واستعرضت الجلسة آفاق التعاون بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي في مجالات التجارة والتكنولوجيا والعمل المناخي والاستقرار الإقليمي. وأكدت الزيارة التزام دولة الإمارات بتعزيز علاقاتها مع شركائها في أوروبا الوسطى والشرقية، ودفع التعاون الدولي القائم على القيم المشتركة والمصالح المتبادلة.(وام)

إسرائيل وإيران.. المواجهة تشتد والعالم يجلي رعاياه
إسرائيل وإيران.. المواجهة تشتد والعالم يجلي رعاياه

البيان

timeمنذ 4 ساعات

  • البيان

إسرائيل وإيران.. المواجهة تشتد والعالم يجلي رعاياه

وأعلنت وزارة الخارجية في براتيسلافا، مساء الاثنين، أن أول رحلة إلى العاصمة السلوفاكية نقلت 73 شخصاً، بينهم 30 سلوفاكياً و43 مواطناً من دول الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر تنظيم المزيد من رحلات الإجلاء يومي الثلاثاء والأربعاء. ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن بيان للحرس قوله إنه خلال عملية القصف، ورغم وجود أنظمة دفاعية إسرائيلية متطورة، قصفت القوات الجوفضائية التابعة للحرس مركز تخطيط العمليات للموساد في تل أبيب، مضيفاً «هذا المركز مشتعل حالياً».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store