
تغيير وجه الشرق الأوسط
فى كلمته التى ألقاها الأسبوع الماضى أمام الكنيست، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو «إن حكومته تسعى لتغيير وجه الشرق الأوسط، وهذا ما تفعله تماما» وأنه منذ قيام دولة إسرائيل لم تتحقق لبلاده إنجازات على مستوى الإقليم مثل تلك التى تحققت فى الوقت الراهن وعلى عدة جبهات، وذلك بفضل الضغط العسكرى الذى تمارسه الذى لن يتوقف حتى استكمال النصر، ولذا فهو «لا يحدد موعدا لنهاية الحرب التى يشنها، ولكنه يضع أهدافا واضحة للانتصار فيها»، وإنه «لا تسوية قبل الآوان»، واللافت أن هذه الكلمة جاءت بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن قرب التوصل إلى إتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي.
قد يبدو من الوهلة الأولى أن هناك تناقضا بين الاتجاهين، ولكن الواقع يشير إلى غير ذلك، فترامب لم يُقدم على هذا التصريح إلا بعدما أشار إلى «أن طهران وافقت نوعا ما على شروطه»، وهى ألا تقوم بتخصيب اليورانيوم، وألا توظف إمكاناتها فى هذا المجال للاستخدامات العسكرية، وهو ما عاد وأكده فى أثناء زيارته لقطر خلال جولته الخليجية الأخيرة بقوله إنه «لا يمكن لها أن تمتلك سلاحا نوويا أبدا»، لأنه «خط أحمر»، ولا جدال فى أنه هدف يتقاسمه بقوة مع نيتانياهو، الذى ردد مرارا أن هدفه الأبعد من محاربة وكلائها ومحاصرة نفوذها فى المنطقة هو «منعها من من الحصول على سلاح نووي».
الفارق الوحيد بينهما هو اعتقاد الأخير أن هذا الأمر يتطلب توجيه ضربة مباشرة لها،أو كما قال نصا فى لقائه مع ضباط جيشه «نحن نتصدى لأذرع الأخطبوط، والمقصود إيران، لكننا سنضرب رأسه فى الوقت نفسه، وقادرون أكثر من أى وقت مضى على الوصول إلى أى مكان فيها إذا دعت الحاجة، بل نتمتع بحرية غير مسبوقة فى استهداف أراضيها بعد الغارات الجوية التى قمنا بها ضدها»، فى حين يطالبه الرئيس الأمريكى بالإحجام عن العمل العسكرى وفقا لما أوردته السى إن إن، وحذره فى مكالمة هاتفية من الإقدام على هذا الخيار، لأنه «لن يكون مناسبا فى الوقت الحالي».
لكن الملاحظة الأساسية هنا هى أنه لم يرفضه على إطلاقه من حيث المبدأ، فقط رهنه وقتيا بالتزام الإيرانيين بتلك الشروط وما أبدوه من رغبة فى التوصل إلى إتفاق، وفى حالة الفشل فلن تمانع واشنطن قرار تل أبيب، ويؤيد ذلك ما صرح به وزير الدفاع الأمريكى بيتر هيجسيت من أنه على الجمهورية الإسلامية الانصياع لهذه الشروط لأنها «أصبحت وحيدة بعد الوضع الصعب لوكلائها، والذى لايسمح لهم بمساعدتها» فى إشارة إلى حماس وحزب الله.
لهذه الأسباب وغيرها تشعر الدولة العبرية بأن فى استطاعتها تغيير المعادلات الإقليمية وتوازن القوة فى المنطقة، وأنها هى من تقوم بالعمل الشاق الذى تستفيد منه الولايات المتحدة فى عقد الصفقات والتسويات السياسية، أيا كانت الإدارة الحاكمة سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، وإن كان تناغمها مع الجمهوريين يبدو أعلى فى المرحلة الحالية، ما يعطيها ثقلا أكبر.
هذه الفرضية التى تشكل قناعة راسخة لدى القيادة الإسرائيلية، تُسقطها على حالات عديدة، فعلى سبيل المثال هناك تصور بأن تسوية ملف سوريا لم تكن لتتم لولا الضربات الجوية المكثفة التى سددها جيشه إلى مواقع المقاومة المسلحة المقيمة على أراضيها، ما دعا رئيسها الجديد أحمد الشرع فى حوار له مع التايمز البريطانية أواخر العام الماضي، للقول بإنه «لن يسمح بأن تُستخدم بلاده كمنصة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل»، وأنه مستعد لإعادة مراقبى الأمم المتحدة للتأكد من التزامه باتفاقية فك الاشتباك الموقعة فى 1974، الموقف الذى أدى فى النهاية إلى موافقة ترامب على رفع العقوبات عنها توطئة لتطبيع العلاقات معها، والتى أعلنها من الرياض، بوساطة سعودية تركية، وهو تحول سياسى كان من الصعب تخيله حتى وقت قريب.
والشيء نفسه ينطبق على لبنان، فإضعاف حزب الله، بعد الضربات القاصمة التى وجهت إليه وأدت إلى إنهيار بنيته التنظيمية، فضلا عن سلسلة الاغتيالات التى طالت معظم قياداته من زعيمه التاريخى حسن نصر الله وخليفته من بعده إلى كوادره من الصفين الأول والثاني، هى العوامل التى مكنت الدولة اللبنانية من استعادة سيادتها واتخاذها قرارا بحصر السلاح فى يد الجيش النظامي، وبسط سيطرتها على الجنوب الذى كان لعقود بمنزلة دولة داخل الدولة يديرها الحزب بمفرده الذى طالما امتلك وحده قرارات السلم والحرب، وهو ما صرح به أخيرا رئيسها جوزاف عون بتأكيده أن «السيادة لا يمكن المساومة عليها، وأن حصر السلاح بيد الدولة هو أحد المبادئ التى أعلن عنها فى خطاب القسم، وهو ملتزم به، وأن جيشها يقوم بمهامه جنوب نهر الليطانى بنحو 85%، لتطبيق القرار الأممى 1701» والذى يُفضى فى الآخر لنزع سلاح حزب الله.
وفى قطاع غزة حيث اندلعت الحرب المستمرة إلى الآن، على إثر عملية السابع من أكتوبر، فمازالت إسرائيل على إصرارها بالقضاء على حركة حماس، لدرجة أنها دمرت تقريبا القطاع وأجبرت سكانه على التهجير القسري، إضافة إلى إحكام سيطرتها على المعابر الحدودية لمنع تهريب السلاح إليها، وبالتالى فهى تنسب الفضل لنفسها فى إقرار مقترح المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لوقف إطلاق النار لمدة محدودة، وإطلاق سراح باقى رهائنها، دون أن يشمل ذلك ضمانات لإنهاء الحرب، واقتصر على هدنة لمدة 60 يوما يضمنها الرئيس الأمريكي، مقابل تحرير مزيد من مواطنيها المحتجزين، ورغم أن المقترح أعاد فى جانب كبير منه، ما سبق طرحه ولا يلبى معظم شروط حماس التى طالبت بأن تصل إلى 90 يوما، إلا أنها وافقت عليه، خاصة فيما يتعلق بالافراج عن الرهائن كما تنص خطة ويتكوف، أملا فى الانتقال إلى المرحلة الثانية من إتفاقية وقف إطلاق النار الدائم.
فى كل الأحول، هناك بالفعل تغيرات كبرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط،، تصحبها أجواء إقليمية مواتية، ولكن وبنفس القدر مازالت التحديات موجودة ومرشحة للاستمرار إلى أن تصل لمرحلة الاستقرار التى مازالت بعيدة .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 29 دقائق
- مصرس
إيران تتحدى الوكالة الذرية وتتمسك ب"الحق في التخصيب".. تصعيد نووي يسبق تصويت مجلس المحافظين
في تصعيد جديد للنزاع النووي بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، دافعت طهران رسمياً عن تخصيبها لليورانيوم بنسبة 60%، مؤكدة أن هذه الأنشطة "لا تُعدّ انتهاكاً" لمعاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، ومشددة على أنها "معلنة وقابلة للتحقق". وفي مذكرة تفسيرية أصدرتها قبل اجتماع حاسم لمجلس محافظي الوكالة، انتقدت إيران بشدة التقرير الأخير للوكالة، واعتبرته "منحازاً سياسياً" و"يعتمد على مصادر غير موثوقة ومتأثرة بضغوط خارجية"، مضيفة أن التقرير يمثل "انحرافاً عن مبادئ الحياد والمهنية".400 كغ من اليورانيوم عالي التخصيب: تقرير مقلقوكان تقرير الوكالة، الذي سُرّب إلى وسائل إعلام غربية نهاية الشهر الماضي، قد أشار إلى أن إيران تملك حالياً أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية تكفي – إذا ما تم تخصيبها بنسبة أعلى – لإنتاج نحو 10 رؤوس نووية. كما أعرب التقرير عن "قلق بالغ" حيال استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم بمستويات "لا يوجد لها مبرر مدني".في المقابل، تقول إيران إن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في مواقع غير معلنة ربما تكون ناجمة عن "أعمال تخريب أو هجمات معادية"، مشيرة إلى نتائج ما وصفته بتحقيقات أجهزتها الأمنية.اتهامات متبادلة وتحذيرات من التصعيدالرد الإيراني لم يخلُ من لهجة حادة. فقد وصف نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي تقرير الوكالة بأنه يستند إلى "معلومات استخبارية إسرائيلية مفبركة"، واعتبره محاولة لإعادة فتح ملفات سبق إغلاقها بموجب قرار صادر عام 2015.أما وزير الخارجية عباس عراقجي، فقد حذر خلال اتصال هاتفي مع المدير العام للوكالة رافائيل غروسي من اتخاذ أي خطوة "مسيسة" خلال اجتماع مجلس المحافظين، قائلاً إن "أي انتهاك لحقوق إيران سيُقابل برد حازم".مجلس المحافظين على وشك إصدار قرار حاسمومن المتوقع أن يعقد مجلس محافظي الوكالة اجتماعه الأسبوع المقبل، في وقت نقلت فيه وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين غربيين أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) يعتزمون طرح قرار يُعلن أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب اتفاق الضمانات.وفي حال تم اعتماد القرار، فسيكون الأول من نوعه منذ عام 2005، ما قد يمهد الطريق لإحالة الملف مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي وفرض عقوبات أممية جديدة.إسرائيل تضغط وإيران تلوّح بتغيير العقيدة النوويةمن جهتها، صعّدت إسرائيل لهجتها، واتهمت إيران بأنها "ماضية بشكل كامل نحو امتلاك سلاح نووي"، مؤكدة أنه "لا يوجد أي مبرر مدني لمستوى التخصيب الحالي".وفي طهران، أكد رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، إبراهيم عزيزي، أن "التخصيب خط أحمر لا يمكن التفاوض عليه"، مضيفاً: "هو جزء من السيادة الوطنية". كما رفض مسؤولون إيرانيون مقترحات غربية لإنشاء كونسورتيوم وقود أو تجميد مؤقت للتخصيب.بدوره، حذر النائب علاء الدين بروجردي من أن "أي اتفاق مستقبلي لن يتم دون الاعتراف بحق إيران في التخصيب".سيناريو "سناب باك" يفتح أبواب المواجهةوفي ظل هذا التوتر المتصاعد، تدرس العواصم الغربية خيار تفعيل آلية "سناب باك"، ما قد يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات الأممية وفقاً لاتفاق 2015 النووي.الصحف الإيرانية المحافظة لم تخفِ نبرتها التصعيدية؛ فقد كتبت صحيفة "خراسان" أن تفعيل "السناب باك" سيُعدّ "ابتزازاً سافراً"، محذّرة من أن إيران "قد تغير من عقيدتها النووية جذرياً"، ومشيرة إلى أن "البرنامج الصاروخي الإيراني لا يجب الاستهانة به".وفي خضم المواجهة المتجددة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتجه الأزمة النووية نحو منعطف حرج. إصرار إيران على حقها في التخصيب، ورفضها لأي مساومة على هذا "الخط الأحمر"، مقابل إصرار غربي على التقييد والمراقبة، ينذر بصدام جديد قد يعيد الملف النووي الإيراني إلى قلب الأجندة الدولية، ويضع المنطقة على حافة تصعيد غير محسوب.


أهل مصر
منذ 37 دقائق
- أهل مصر
البيت الأبيض: دونالد ترامب لا يعتزم التحدّث إلى إيلون ماسك
أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يعتزم التحدّث إلى الملياردير إيلون ماسك، وأنه قد يتخلى عن سيارة تيسلا حمراء، إثر السجال الحاد بين الرجلين. وشدّد معسكر ترمب على أن سيّد البيت الأبيض يريد طي الصفحة مع رجل الأعمال المولود في جنوب إفريقيا، وقد أفاد مسؤولون وكالة فرانس برس بأن ماسك طلب الاتصال لكن الرئيس غير مهتم بذلك. بدلًا من ذلك سعى الرئيس الجمهوري إلى تركيز الجهود على إقرار مشروع الميزانية في الكونغرس، والذي كانت انتقادات ماسك له أشعلت فتيل السجال الخميس. وعلى إثر الخلاف بينهما، قال ماسك أمس إن هناك حاجة إلى حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، وجاء ذلك بعد يوم من سؤاله في استطلاع رأي لمتابعيه على موقع إكس عما إذا كانت هناك حاجة لحزب يمثل "80% في الوسط". وقد تشكل هذه الخطوة تهديدًا كبيرًا من جانب رجل قال إنه مستعد لاستخدام ثروته لإطاحة مشرعين جمهوريين يعارضون رأيه.

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
مفوض الأونروا يدين قرار إسرائيل بمنع دخول الصحفيين الدوليين لغزة
قال فيليب لازاريني مفوض الأونروا، اليوم السبت، إن قرار إسرائيل منع دخول الصحفيين الدوليين لغزة منذ بدء الحرب أمر غير مسبوق في أي صراع بالتاريخ الحديث. وفي سياق آخر قال مسؤول بجمعية الإغاثة الطبية في غزة: لدينا 350 ألف مصاب بأمراض مزمنة بحاجة ماسة إلى العلاج.كما أسفرت غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلًا يؤوي نازحين في المنطقة الغربية من مدينة غزة عن استشهاد سبعة أشخاص، وفق ما أفاد مصدر طبي في مستشفى الشفاء.وفي تطور ميداني آخر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة وادي برقين غرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، ونفذت عمليات دهم لعدد من المنازل.وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ عمليتي نسف لمبانٍ في شمال مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، في إطار عملياته العسكرية المتواصلة في القطاع. قصف إسرائيلي على خيام النازحين غربي خان يونس بقطاع غزةوأعلن مصدر في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس، اليوم السبت، استشهاد 12 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 40 آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف خيام اللاجئين في جنوب قطاع غزة.وقال المصدر الطبي بحسب تلفزيون "الأقصى" الفلسطيني: "استشهد 12 شخصًا وأصيب أكثر من 40 آخرين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لخيام النازحين غرب مدينة خان يونس".واستأنفت إسرائيل قصفها على قطاع غزة، الثلاثاء 18 مارس 2025، بعد توقف لنحو شهرين وتحديدًا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة "حماس" في 19 يناير الماضي، بعد تعثر المحادثات لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق أو الانتقال للمرحلة الثانية منه. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا