logo
تونس بين اضطرابات ليبيا وأزمات الجزائر

تونس بين اضطرابات ليبيا وأزمات الجزائر

الشرق الأوسطمنذ يوم واحد

خرجت تونس عن تحفّظها المعهود عند اندلاع أزمات أمنية وسياسية في ليبيا وبلدان الجوار، وبادر وزير خارجيتها محمد علي النفطي إلى إصدار بلاغ رسمي وصف المستجدات الأمنية في العاصمة الليبية بـ«الخطيرة». وكشف البلاغ التونسي عن تخوّفات من مضاعفات التصعيد الأمني والسياسي في ليبيا على تونس والمنطقة، وأيضاً على عشرات آلاف العمال والتجار التونسيين وأكثر من مليون من المهاجرين الأفارقة المقيمين في ليبيا. ومن جانبه، عرض الرئيس التونسي قيس سعيّد، في كلمة ألقاها نيابة عنه النفطي في القمة العربية ببغداد، أن تستضيف تونس مجدّداً حواراً ليبياً - ليبياً بإشراف بعثة الأمم المتحدة لاحتواء الأزمة الجديدة، مع توقع توسع رقعة تأثيرها، وتسببها بإرباك أكبر للأوضاع في تونس والمنطقة... اقتصادياً وأمنياً وسياسياً.
بالتوازي مع التخوّف التونسي من التداعيات المقلقة للوضع في ليبيا، تتعاقب مؤشرات على «تعقيدات جديدة» في علاقات الجزائر مع الدول المجاورة. إذ صرح أحمد عطّاف، وزير خارجية الجزائر، عند زيارته تونس، بأن «الأوضاع في البلدان المحيطة بتونس والجزائر إقليمياً ودولياً لا تبشر بالخير»، وهذا في إشارة إلى تضخم أعداد المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء المتسللين إلى الجزائر وتونس، والتوترات الأمنية في علاقات الجزائر بعدد من الدول المجاورة لها وبقيادات مسلحة في ليبيا، بعضها مرتبط بروسيا من جهة، وبعضها الآخر بفرنسا وحلفائها الإقليميين.
من جهة ثانية، توقّعت تقارير اقتصادية وأمنية إقليمية وتونسية جديدة أن يؤثّر التصعيد الجديد داخل ليبيا، وأيضاً أزمات الجزائر مع جيرانها، سلباً على اقتصاد تونس الذي يعتمد منذ عقود على مداخيل تأتي من إنفاق بين 4 و 6 ملايين سائح ليبي وجزائري، يزيد سنوياً بأضعاف على إنفاق الـ6 ملايين سائح أوروبي.
وفي هذا السياق، رحّب خبراء تونسيون وليبيون، بينهم الخبير في الشؤون الاقتصادية الأفريقية عبد الرحمن الجامعي، بـ«الخطوة العملية الأولى» التي اتخذتها تونس بعد اندلاع الأحداث الدامية في طرابلس والمنطقة الغربية لليبيا، وهي إعادة فتح قنصليتها العامة في بنغازي والمنطقة الشرقية، التي أغلقتها عام 2014 بعدما هاجمها مسلحون مجهولون.
لاجئون أفارقة على شواطئ تونس يسعون للهجرة إلى اوروبا (آ ب)
وفسّر غازي معلّى، الخبير التونسي في الشؤون الليبية، هذه الخطوة بوجود «إرادة في تونس لتطوير علاقاتها مع المنطقة الشرقية في ليبيا» بعد أكثر من 10سنوات من تعاونها أساساً مع «حكومة الوحدة الوطنية» في طرابلس المعترف بها دولياً، في تناسق مع موقف الجزائر التي دخلت مراراً في خلافات سياسية وأمنية مع قوات «الجيش الوطني الليبي» بقيادة خليفة حفتر.
أيضاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال الدبلوماسي عبد الله العبيدي إن «إعادة فتح القنصلية التونسية في بنغازي في هذه الظروف رسالة تطمين لكل الأطراف الليبية، التي دعتها تونس لتنظيم حوار سياسي في تونس على غرار الحوارات السابقة التي أسفرت عن تشكيل حكومتي فايز السرّاج عام 2016 ثم عبد الحميد الدبيبة عام 2021».
ورحب وزير خارجية ليبيا السابق في حكومة الشرق الليبي محمد الدايري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بإعادة فتح تونس قنصليتها في المنطقة الشرقية «التي تربطها بتونس رحلات جوية دورية مكثفة، تمتد لساعة واحدة، ومصالح تجارية واقتصادية عديدة».
في المقابل، حذّر عدد من الخبراء والمراقبين في البلدين من السيناريوهات السلبية بالنسبة لتونس بعد اندلاع الأزمة الأمنية والسياسية الجديدة في المنطقة الغربية لليبيا، التي تتشارك مع جنوب شرقي تونس بحدود طولها 460 كلم، ومع الجزائر بحدود طولها 980 كلم، بينما يبلغ طول الحدود البرية التونسية الجزائرية نحو 965 كلم.
هذا الشق الجغرافي ضاعف مخاوف عدد من الساسة التونسيين، بينهم فاطمة المسدي، البرلمانية القريبة من السلطات، التي حذّرت مراراً من «زحف عشرات آلاف المهاجرين غير النظاميين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس عبر ليبيا والجزائر». كذلك طالب عدد من الساسة والإعلاميين بإغلاق الحدود مؤقتاً مع ليبيا تحسباً لزحف الآلاف إلى الجنوب التونسي هرباً من الاقتتال في ليبيا، بمن فيهم أعداد من المهاجرين الأفارقة الفارين من حروب السودان وتشاد ومالي وكوت ديفوار.
وبالمناسبة، أفاد تقرير «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، وهو منظمة غير حكومية، بأن أكثر من نصف المهاجرين واللاجئين من دول أفريقيا جنوب الصحراء يعيشون داخل تونس في «ظروف صعبة»، لا سيما في محافظة صفاقس الساحلية التي هي النقطة الأقرب للسواحل الإيطالية والأوروبية. وأكد التقرير أن «أكثر من 60 في المائة من المهاجرين وصلوا إلى تونس بطريقة غير نظامية عن طريق الحدود البرية مع الجزائر، وأكثر من 23 في المائة دخلوا برّاً عن طريق ليبيا».
هذا، وبعد شهر واحد من إعلان الناطق باسم الأمن التونسي، العميد عماد مماشة، عن بدء «رحلات إجلاء جوية طوعية» لمجموعات من المهاجرين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء نحو مواطنهم، أعرب برلمانيون تونسيون عن تخوفهم من أن يتسبب اندلاع الأزمة الحالية في ليبيا في مزيد تعقيد ملف الهجرة غير النظامية بأبعاده الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وسجّل هؤلاء أن هذا الملف غدا «قنبلة موقوتة» على الرغم من الوعود التي قدّمتها الحكومة الإيطالية وعواصم غربية لتونس، ومنها «تقديم دعم مالي واقتصادي» يفوق الملياري دولار أميركي سنوياً مقابل مشاركتها في منع عشرات الآلاف من التسلل إلى أوروبا بحراً عبر السواحل والمياه الإقليمية التونسية. وهنا عدّ الحقوقي رمضان بن عمر أن تضخم أعداد المهاجرين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء في تونس، بسبب الاضطرابات الأمنية في دول الإقليم، «قد يزيد في إرباك السلطات التونسية، وجرّها إلى أزمة هي في غنى عنها بدلاً من تركيز جهودها على معالجة الأزمة الاقتصادية الداخلية».
جدير بالذكر، أن تونس وقعت عام 2023 اتفاقاً مع مفوضية الاتحاد الأوروبي نصّ على منحها مساعدات مالية بقيمة 112 مليون دولار، وتعهدات بتشجيع استثمارات أوروبية ومشاريع تعاون في تونس قيمتها تفوق ألفي مليار دولار، مقابل منع السلطات الأمنية والعسكرية البرية والبحرية التونسية وصول المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الأوروبية. إلا أن الجانب الأوروبي لم ينفذ بعد معظم بنود هذا الاتفاق على الرغم من تكرار زيارات كبار المسؤولين الأوربيين إلى تونس. ومن ثمّ، توشك الأوضاع أن تزداد تعقيداً، في شكل فرار عشرات آلاف الليبيين والمهاجرين الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء نحو تونس هرباً من الأزمة الجديدة في ليبيا وأزمات الجزائر مع «محيطها الإقليمي والدولي»، وفق تعبير وزير الخارجية الجزائري عطّاف، في تونس.
وزير الخارجية الجزائري أحمد عطّاف (وكالة أنباء الأناضول)
في الاتجاه نفسه، أعرب بعض الخبراء في العلاقات التونسية الليبية والتونسية المغاربية، بينهم الجامعي والإعلامي، رافع الطبيب، عن أن «المنطقة كلها باتت مهدّدة بأخطار أمنية واقتصادية... والأزمات الأمنية السياسية في ليبيا وضعت تونس وكامل المنطقة على صفيح ساخن». وحذّر، من ثم، من استفحال ظواهر تهريب البشر والسلع والمخدرات والأسلحة في المنطقة «بسبب تحكم ميليشيات مسلحة» في المشهد السياسي الليبي وفي المعابر الليبية البرية والجوية منذ 2011.
هذه التصريحات تزكّي مخاوف الوزير عطّاف عندما قال: «الأوضاع المحيطة بتونس والجزائر إقليمياً ودولياً لا تبشّر بالخير»، وربطها بتوتر العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر ومالي وبوركينا فاسو والنيجر. وكانت هذه التحدّيات الأمنية والسياسية التي تواجهها المنطقة بشكل عام، والعلاقات بين تونس والجزائر بشكل خاص، وراء تنظيم نحو عشرين مقابلة بين وزيري خارجية تونس والجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية، فضلاً عن تبادل الرسائل والمبعوثين بين وزيري داخلية البلدين والرئيسين قيس سعيّد وعبد المجيد تبّون.
وفي أعقاب هذه التحركات أعلنت العاصمتان أكثر من مرة أنهما مع «حوار ليبي - ليبي لتسوية الأزمة دون تدخل أجنبي». وأكدتا أن «الجزائر وتونس في خندق واحد»، وأن التنسيق بينهما مستمر ولم ينقطع يوماً في مواجهة «الأزمات الأمنية في جوارهما الإقليمي».
وزير خارجية الجزائر: الأوضاع في البلدان المحيطة بتونس والجزائر
لا تبشر بالخير
ولكن، على الرغم من التصريحات «المتفائلة»، تعدّدت المؤشرات على مواجهة كل من تونس وليبيا والجزائر ومحيطها الإقليمي صعوبات اقتصادية واجتماعية وسياسية إضافية. ولئن برّر الرئيس التونسي سعيّد والبلاغات الصادرة بعد اجتماعات قادة مجلس الأمن القومي «القرارات الاستثنائية» التي اتخذها منذ 25 يوليو (تموز) 2021 - بينها حلّ البرلمان والحكومة والمجلس الأعلى للقضاء - بـ«الخطر الداهم» الذي يواجه البلاد، فإن عدداً من المراقبين يربطون الأمر بالصراعات المعقدة داخل ليبيا من جهة، وبالاضطرابات داخل بلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان المغاربية، من جهة ثانية.
وبالفعل، تسبّبت الصراعات والاضطرابات بمضاعفة الإنفاق العسكري والأمني بالنسبة لتونس وبلدان الجوار. وحرمت تونس من ملايين السياح الجزائريين والليبيين الذين كانوا طوال العقود الثلاثة يتدفقون عليها سنوياً، ويساهمون في إدخال ديناميكية كبيرة على اقتصادها، وتحسين ظروف عيش ملايين الفقراء والمهمشين من سكان المحافظات الجنوبية والغربية المتاخمة لحدود ليبيا والجزائر.
أيضاً، يدعم هؤلاء السياح بصورة مباشرة وغير مباشرة جهود تخفيف العجز التجاري للدولة التونسية عبر مساهمتهم في تسويق كم هائل من المنتوجات التونسية في ليبيا والجزائر، وتوريد المحروقات ومواد مصنعة وأخرى استهلاكية مدعومة للسوق التونسية بأسعار منخفضة، مع مقايضة بعضها بسلع وطنية أو بيعها بالعملات المحلية. إلا أن هذه المبادلات في الاتجاهين ستكون في خطر وستتعثر حركة المسافرين والسلع ورؤوس الأموال إذا طالت مرحلة التوتر في ليبيا وتفاقمت أزمات الجزائر مع جيرانها.
وللتذكير، سبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون القول في لقاء مع إعلاميين جزائريين إن حكومته تعدّ «أمن تونس من أمن الجزائر» وبمثابة «القضية الأمنية الداخلية للجزائر».
ولقد بيّنت تقارير السلطات ومؤسسات النفط والكهرباء التونسية والجزائرية والغاز أن الشراكة بين البلدين نجحت خلال الأشهر والسنوات الماضية في تأمين حاجيات الشعبين، مع «تسهيلات في الدفع».
وأعلن الجانبان أن سلطات الجزائر تدخّلت مطلع العام الحالي لحل أزمة الغاز المنزلي التي عانت منها تونس، وسط ارتفاع الطلب المحلي نتيجة تدني درجات الحرارة وقتها. وقامت بخطوة مماثلة إبّان الصيف الماضي عندما تزايد الطلب على الكهرباء في جنوب غربي تونس بسبب ارتفاع استخدام التكييف واستهلاك الطاقة.
وإضافة إلى ما سبق، منحت الجزائر ما بين عامي 2020 و 2022 قروضاً بشروط ميسّرة قيمتها 350 مليون دولار ومنحة قيمتها مائة مليون دولار ووديعة مالية بـ150 مليون دولار. لكن يبدو أن من بين نتائج اندلاع حروب ونزاعات إقليمية ودولية جديدة وارتفاع حدة التوتر بين الجزائر والرباط، تراجُع قيمة معاملاتها الاقتصادية والمالية مع تونس.
مرّت العلاقات بين تونس وكل من ليبيا والجزائر بمراحل وجزر كثيرة، من بينها: - مطلع 1958: قصفت طائرات الاحتلال الفرنسية مناطق عند الحدود التونسية الجزائرية كانت تؤوي قيادة الثورة الجزائرية ومقاتليها بزعامة هواري بومدين. وكانت حصيلة قصف مدينة ساقية سيدي يوسف الحدودية مئات القتلى والجرحى، بينهم تلاميذ المدارس ونساء وعجائز في السوق الشعبية، إلى جانب وطنيين جزائريين. - في 12 يناير (كانون الثاني) 1974: وقع الرئيسان الحبيب بورقيبة ومعمر القذافي «اتفاقية وحدة» بين البلدين وتأسيس «الجمهورية العربية الإسلامية» بينهما، وطالبا الجزائر والمغرب بالانضمام إليها، غير أن المشروع أُجهِض في ظرف أيام بعد اعتراض غربي وإقليمي. - في 1978: ساند النظام الليبي انتفاضة النقابات التونسية يوم «الخميس الأسود» ضد حكم الحبيب بورقيبة ورئيس حكومته - حينذاك - الهادي نويرة. - في يناير 1980: هاجم كوماندوز تونسي مسلح، تدرّب في ليبيا والجزائر، جنوب تونس ودعا إلى التمرّد المسلح على نظام بورقيبة، إلا أنه فشل، خاصة بعد الدعم الذي لقيته تونس من الرباط وباريس وحلفائها الغربيين. - بين 1985 و1987 اندلعت أزمات أمنية وسياسية واقتصادية بين تونس وليبيا ساهمت في هزّ الوضع في تونس وتسهيل انهيار حكم بورقيبة ووصول زين العابدين بن علي إلى السلطة. - بين 1988 و2010: أسست السلطات التونسية علاقات متطوّرة مع النظامين الليبي والجزائري ساهمت في حفظ الأمن وتحسين الشراكات الاقتصادية. - بين 1991 و2000: دعمت تونس السياسات الأمنية للسلطات الجزائرية و«حربها على الإرهاب طوال العشرية السوداء». وفتحت تونس أبوابها لملايين المسافرين الجزائريين. - عام 2010 شهد توتر علاقات سلطات تونس بالنظام الليبي، ما ساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وسقوط حكم بن علي. - منذ 2014 انحازت تونس إلى السلطات في طرابلس والمنطقة الغربية في ليبيا بعدّها الجهة الليبية «المعترف بها دولياً».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن الاختلاف في الرأي
عن الاختلاف في الرأي

الشرق الأوسط

timeمنذ 6 ساعات

  • الشرق الأوسط

عن الاختلاف في الرأي

الاختلافُ في الرأي يُفترض ألّا يُفسدَ للودّ قضية. في القضايا السياسية بسبب صِلتها الوثيقة بالمصالح الشخصية، قد لا يتوافر مكانٌ للودّ. الناسُ، أينما كانت، تختلف حول المصالح وتتناحر. ولذلك السبب، تنشأ الأحزاب تحت مختلف الشعارات بهدف حماية مصالح الفئات التي تنتمي إليها، وتخوض من أجلها المعارك. ليس من مهمة المراقب أو المحلل السياسي تقديم وصفة طبية صالحة لمداواة كل العلل. بل من الضروري حرصه على طرح وجهة نظره على نحو واضح وجليّ ومقنع عقلانياً في آن، وعلى أسس ومعطيات القضية التي يتعرّض لها بالرأي، إما بمحاولة طرح الأسئلة حولها أو محاولة تقديم إجابات مقبولة لأسئلة مطروحة في الساحة، على أن يتركَ البابَ مُوارباً ليتمكن آخرون من الدخول، والمساهمة بما لديهم من آراء في إثراء النقاش، بهدف الوصول إلى حلّ أو توافق في الآراء. كثيرٌ من اللوم والعتاب وصلني مؤخراً، من ليبيا تحديداً، على ما نشرته في مقالتي الأخيرة «طرابلس واحتمالات الحرب». أغلبه انصبَّ على قولي إن الحرب هي الحلّ المتبقي للخروج من الأزمة في ليبيا. أغلب اللوم تمحور على زعم ما تخلل رأيي من تشاؤم حال بيني وبين رؤية نصف الكأس الملآن، بالتركيز على رؤية نصفه الفارغ فقط. حرصي على تفهّم ذلك الرأي، وتقديري لأصحابه لا يحول بيني وبين اختلافي معهم. وفي وجهة نظري، لا معنى لكأس بنصف فارغ ونصف ملآن في الحالة الليبية، لأنّه في الأساس لا تُوجد كأس أصلاً، بل فراغٌ سياسي، تتصارع فيه أطراف / عصابات، لا همّ لهم إلا الاستحواذ على السلطة، ليس بهدف خدمة وحماية الخير العام، بل بهدف نهب المال العام. ومن البديهة القول إن اللصوص لا يبنون دُولاً، ولا يحافظون عليها إن وُجدت. وكذلك القبليون والجهويون والإقليميون، والعقائديون. الأزمة الليبية منذ بدايتها لم تكن ليبية خالصة. وهذه حقيقة لا يختلف حولها عاقلان. وتورّط أطراف خارجية فيها - عربية وإقليمية وغربية - أدخلها في مسارات معقدة وأنفاق ملتوية ومعتمة، قادت إلى تحالفات بين قوى الداخل المتصارعة وقوى الخارج المتنافسة. تلك الاصطفافات، ما بين الداخل والخارج، ما زالت قائمة إلى اليوم. وتزيد في تعميق الأزمة، حماية لما حققته تلك الأطراف من مصالح على الأرض، خلال السنوات الخمس عشرة. آخر التطورات في الأزمة يجسدها الصراع هذه الأيام بين حكومة طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح. رئيس حكومة طرابلس لا ينوي التخلّي عن الحكم. علماً بأنه اختِيرَ عام 2021 وفريقه للحكم لمدة سنة واحدة، لتنفيذ مهمة عقد انتخابات نيابية ورئاسية، على ألّا يكون ضمن المترشحين للرئاسة. العام تمدد إلى أربعة، ويسير نحو الخامس. والانتخابات لم تُعقد. وهناك إصرار من رئيس الحكومة على الترشح للرئاسة في حالة عقد انتخابات رئاسية، في انتهاك صريح للتعهد. المستشار عقيلة صالح يجلس على رأس برلمان فاقد الصلاحية، يسعى من جانبه إلى خلع رئيس حكومة طرابلس، وتعيين رئيس حكومة موحّدة في كل البلاد، بدل الحكومتين الحاليتين. وخلال هذا الأسبوع، تمَّ اختيار 11 مترشحاً من بين قائمة طويلة من مترشحين لمنصب رئيس الحكومة، من قبل لجنة برلمانية، واجتمع مجلس النواب في بنغازي، وأتاح فرصة للمترشحين الأحد عشر للحديث عن برامجهم، بغرض اختيار الأنسب. الجلسة البرلمانية لم تكن كاملة النصاب القانوني لتغيّب العديد من النواب. ورئيس المجلس الرئاسي وآخرون طعنوا في أحقّية مجلس النواب في اختيار رئيس الحكومة، لأن الاتفاق السياسي، حسب قولهم، يعطي هذا الحق لرئيس المجلس الرئاسي فقط. المحللون والمراقبون الليبيون يرون أن الحرب الأخيرة في طرابلس، يوم 12 مايو (أيار) الماضي، دُبّرت وصُمّمت حتى تتمكن الحكومة من الاستحواذ على العاصمة طرابلس، وبذلك يتمكن رئيس الحكومة من تعزيز موقعه في أي مفاوضات مع رئيس البرلمان، ويجعل أمر خروجه من منصبه غير ممكن. لا أحد يضمن أن المترشح المختار برلمانياً لقيادة حكومة موحّدة سيتولى فور اختياره مهام منصبه، ويدخل مقر رئاسة الحكومة في طرابلس. فالمكتب، فعلياً وواقعياً، لن يكون شاغراً. شاغره الحالي أعلن مسبقاً رفضه التخلي عن المنصب إلا بعد عقد انتخابات نيابية ورئاسية، وكذلك رفضه أي مراحل انتقالية أخرى! وهذا يعني أن الطرق سُدت عمداً أمام أي محاولة لإحداث تغيير سلمي، يهدف إلى توحيد الحكومتين في حكومة واحدة. آخذين في الاعتبار أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بلا أنياب ولا أظافر. فهل تبقّى غير الحرب سبيلٌ؟

تحالف "أوبك+" يزيد إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً في يوليو
تحالف "أوبك+" يزيد إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً في يوليو

مباشر

timeمنذ 15 ساعات

  • مباشر

تحالف "أوبك+" يزيد إنتاج النفط 411 ألف برميل يومياً في يوليو

الرياض - مباشر: عقدت الدول الثماني الأعضاء في مجموعة "أوبك+"، التي تضم المملكة العربية السعودية، وروسيا، والعراق، والإمارات، والكويت، وكازاخستان، والجزائر، وعُمان، التي سبق أن أعلنت عن تعديلات تطوعية، إضافية في شهري أبريل ونوفمبر من عام 2023م، اجتماعًا، عبر الاتصال المرئي، اليوم السبت، لمراجعة مستجدات السوق البترولية وآفاقها المستقبلية. وفي ضوء الآفاق المستقبلية المستقرة للاقتصاد العالمي وأسس السوق الإيجابية الحالية، كما يتضح من انخفاض المخزونات البترولية، وبناء على ما تم الاتفاق عليه في اجتماع 5 ديسمبر 2024م بشأن الاستعادة التدريجية والمرنة لتعديلات الإنتاج التطوعية البالغة (2.2) مليون برميل يوميًا اعتبارًا من 1 أبريل 2025م، قررت الدول المشاركة تنفيذ تعديل في الإنتاج قدره (411) ألف برميل يوميًا في شهر يوليو 2025م مقارنة بمستوى الإنتاج المطلوب في يونيو 2025م، وهو ما يعادل ثلاث زيادات شهرية، كما هو موضح في الجدول المرفق. ويذكر أن هذه الزيادات قابلة للتعديل أو الإيقاف المؤقت، حسب متغيرات السوق، مما يمنح المجموعة المرونة اللازمة لدعم استقرار السوق، كما نوهت الدول الثماني الأعضاء في مجموعة "أوبك+" أن هذا الإجراء سيوفر فرصة للدول المشاركة لتسريع جهود التعويض. كما جددت الدول الثماني التزامها بإعلان التعاون، بما في ذلك التعديلات التطوعية الإضافية المتفق عليها في الاجتماع الثالث والخمسين للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج المنعقد بتاريخ 3 أبريل 2024م، وأكدت عزمها على تعويض كامل الكميات الزائدة في الإنتاج منذ يناير 2024م. وستعقد الدول الثماني اجتماعات شهرية لمتابعة تطورات السوق، ومستوى الالتزام، وتنفيذ خطط التعويض، على أن يُعقد الاجتماع القادم في 6 يوليو 2025م، لاتخاذ قرار بشأن مستويات الإنتاج لشهر أغسطس. لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا

مصر والجزائر وتونس: نرفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا
مصر والجزائر وتونس: نرفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا

الشرق الأوسط

timeمنذ 15 ساعات

  • الشرق الأوسط

مصر والجزائر وتونس: نرفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا

دعت مصر وتونس والجزائر، أعضاء آلية دول الجوار الثلاثية، اليوم (السبت)، الأطراف الليبية إلى التزام أقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري للتصعيد في طرابلس لضمان حماية المدنيين. وأكد وزراء خارجية دول مصر وتونس والجزائر، في ختام اجتماعهم بشأن ليبيا في القاهرة، على أهمية تحقيق التوافق بين جميع الأطراف الليبية بإشراف ودعم من الأمم المتحدة وبمساندة من دول الجوار «بما يفضي إلى إنهاء الانقسام والمضي قدماً بالعملية السياسية في ليبيا نحو توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن». وشدد الوزراء، في بيان في ختام الاجتماع، على إنهاء حالة الانقسام السياسي تجنباً لمزيد من التصعيد وانتشار العنف والإرهاب واتساع دائرة الصراع، مؤكدين في هذا الصدد على أن أمن ليبيا من أمن دول الجوار. وأعاد بيان آلية دول الجوار الثلاثية التأكيد على رفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا لتجنب تأجيج التوتر الداخلي وإطالة أمد الأزمة وضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة في مدى زمني مُحدد، وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية. ويطالب محتجون ليبيون حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مجدداً بالاستقالة، بعدما اتهموها بـ«الفساد» و«التساهل في نهب أموال الشعب»، فيما تواصل البعثة الأممية لدى ليبيا جهودها لتثبيت «الهدنة الهشة» بين المتقاتلين في العاصمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store