
حماس والإخوان ورصاصة الرحمة في دمشق
أكملت تشكيلات الإخوان المسلمين العربية كامل استدارتها السياسية، بعيداً عن حركة حماس وهي وسط معركة مفصلية غير مسبوقة، خاصة إخوان سوريا واليمن والأردن والخليج، ما يشبه إطلاق رصاصة الرحمة على العلاقة مع حماس، باعتبار حماس وفلسطين شأناً خارجياً، وهم يؤكدون أولوية الانشغال في أزماتهم داخل بلدانهم، مع النأي الصريح حتى على مستوى الخلفية الفكرية عن أدنى مواجهة تتعلق بفلسطين، وهو نأي يتعزز في سوريا حتى على مستوى القواعد الإخوانية والحواضن السلفية، وليس فقط إدارة الحكومة الجديدة، على الرغم من العدوان الإسرائيلي المتجدد على سوريا، وهو عدوان صريح يتوسع ويتعمق ما يهدد وحدة سوريا واستقرارها.
والمفارقة العجيبة مع الإخوان المسلمين في اليمن وموقفهم من حركة حماس، عندما يخوض خصومهم في حركة أنصار الله الحرب ضد أميركا والكيان الإسرائيلي إسناداً لغزة وحماس، مع خلفيتهم المذهبية والفكرية المختلفة نسبياً عن حماس، في وقت يؤكد فيه حزب الإصلاح الإخواني اليمني التزامه التام بحكومة عدن المؤيدة للحرب الأميركية الغربية على صنعاء، بل وتأييده عبر بيان رسمي لموقف إخوان الأردن في البراءة من المجموعة الجهادية التي اعتُقلت في الأردن بتهمة دعم حماس، ما يشير إلى مستوى الحساسية الإخوانية المتعاظمة لأدنى شأن يتصل بفلسطين ومقاومتها.
تحصل هذه المفارقة الإخوانية مع فلسطين، في وقت تواصل فيه حركة حماس قتالها داخل فلسطين بعناد، وتفاوض في الدوحة بعناد موازٍ، ومعها قوى المقاومة في الشعب الفلسطيني، وخاصة حركة الجهاد برؤيتها الجهادية الجذرية، وبقية الخير في شِعب أبي طالب من أمة أنصار الله، بينما نجحت التشكيلات الإخوانية على امتداد الطوق المحيط بفلسطين، أو المتأثرة به أكثر من غيرها، بالخروج التام من شعور الصدمة الذي دخلت به قواعدها بعد السابع من أكتوبر، وهو شعور كان يُفترض به أن يأخذ حقه ومداه، ليقدم استجابة فعلية لنداء قائد أركان طوفان الأقصى الشهيد محمد ضيف باندماجها العملي الميداني في مواجهة الكيان الإسرائيلي.
21 أيار 12:19
21 أيار 10:01
جاءت صدمة السابع من أكتوبر ثقيلة على الإخوان المسلمين في العالم العربي والإسلامي، فهم من جهة شعروا بأن حماس، وهي درة تاج نسيجهم الفكري الديني، حققت انتصاراً عظيماً يمكن استثماره حزبياً في الحجاج الداخلي، ولكن ما إن ذهبت السكرة وحضرت الفكرة، حتى تبين لهم أن الطوفان قد عمّ العالم، ولم يعد بوسعهم حمل كأسين في يد واحدة، خاصة مع العجز عن تحريك قواعدهم للضغط على أنظمة بلدانهم لتتخذ الحد الأدنى في إسناد غزة، ولو من دون إسناد محور المقاومة بقيادة إيران.
مثّلت الساحة اللبنانية نوعاً من الاستثناء النسبي، عندما احتضن إخوان لبنان الوجود العسكري المحدود لحماس في لبنان داخل بنيتهم في ظل التداخل اللبناني الفلسطيني، ودفعوا ثمن ذلك بعض التضحيات، ولكن ذلك بمجمله لم يتجاوز الإطار النسبي، مقارنة بالدور الواسع الذي ساند فيه حزب الله غزة وحركة حماس، حتى كانت المفاجأة بسقوط نظام الأسد ودخول قوات الجولاني لدمشق بدعم تركي، وطبيعي أن يكون الإخوان المسلمون جزءاً من نسيج جماعاته المسلحة منذ الحرب داخل سوريا عام 2011 حتى سقوط الأسد نهاية عام 2024، ما اعتبره الكيان الإسرائيلي نصراً لحربه على سبع جبهات، وهو ما شجعه لاجتياح جنوب سوريا والتدخل في القضية الدرزية.
وجدت حركة حماس نفسها في وضع لا تُحسد عليه، وهي تقاتل وحيدة في الطيف الإخواني وامتداداته الإقليمية، وقد اكتفى هذا الامتداد ببعض البيانات اللفظية المساندة لغزة وحماس، ولكن على الأرض ظلت تركيا وقطر، وهما الأقرب للمشروع الإخواني، تستضيفان قادة حماس ضمن شروط ومواصفات، في وقت يخرج فيه بعض شحنات الأسلحة الأميركية للكيان الإسرائيلي عبر الموانئ التركية والقطرية، على الرغم أن التظاهرات قد عمّت معظم أوروبا ضد استقبال موانئها لمثل شحنات كهذه، وهو ما دفع بعض دولها إلى النزول عند رغبة شعوبها ومنع تمرير هذه الشحنات، وهو ما لم يحصل في تركيا رغم التظاهرات الغاضبة بهذا الخصوص.
أمّا إخوان مصر فقد حافظوا منذ طوفان الأقصى على موقف رسمي داعم لغزة، ولكن من الناحية الفعلية لم يتقدموا خطوة واحدة في هذا الدعم، وهم قادة التنظيم الدولي للإخوان، في بلد يتجاوز عدد سكانه المئة مليون نسمة، وهو البلد العربي الوحيد المشرف على غزة حيث المجزرة على مرأى ومسمع كل المصريين، ولعل ما يتعرضون له من قمع منذ سنوات قد يفسر عجزهم عن نصرة غزة، ولكنه لا يمنع من المحاولة التي لم تحصل ولو عبر خلايا سرية فضلاً عن الضغط الشعبي، والحديث هنا عن أقدم تنظيم في العالم العربي، ربما يتجاوز تعداد عناصره بضعة ملايين.
ظل سؤال الإخوان المسلمين تجاه مظلومية غزة مطروحاً باعتباره نافذة أمل ولو ضمن حدود، حتى جاءت تطورات سوريا وتأييد قواعد الإخوان الشعبية في مثول الجولاني بين يديّ ترامب عبر الوالي السعودي، ما شكّل اصطفافاً كاملاً في الحلف الأميركي، وهو الحلف الذي يغرق غزة بالدماء، بموازاة البراءة الإخوانية في الأردن من التشكيل الجهادي، وإصرار إخوان اليمن على استعداء أنصار الله وهم وسط المواجهة نصرة لغزة، ما يضع حركة حماس على المحك، وقد أصبح العدو من أمامها يستبيح حرمتها ومن خلفها جمهور عربي كسيح، بتنظيمات ونخب سياسية تتبع أنظمة دولها، حتى وهي تمارس فاحشة التطبيع مع وحوش "تل أبيب"، فهل تفعلها حماس وتضع نقاط غزة الحُمر لتفضح حروف الخذلان حفاظاً على المنهج الفكري من العبث والتضليل، أم تظل تحافظ على شعرة معاوية وحسابات المصالح؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 33 دقائق
- الميادين
مصادر سورية للميادين: مقتل عنصرين من الأمن العام بانفجار لغم في بادية السويداء
أفادت مصادر ميدانية في سوريا، للميادين، اليوم الخميس، عن مقتل عنصرين من الأمن العام السوري وإصابة آخرين من جراء انفجار لغم قرب تلول الصفا في بادية السويداء. 17 أيار 9 أيار وكان الدفاع المدني السوري قد أعلن عن مقتل 3 عناصر من فرق إزالة مخلفات الحرب بانفجار لغم موجّه تم تفجيره بهم على سكة القطار في قرية كراح بريف حماة الشمالي الشرقي. وتعيش سوريا حالة من الفوضى الأمنية وعمليات سرقة وقتل واختطاف، وهو ما يشكل أبرز التحديات الملقاة على عاتق الحكومة الجديدة.


الميادين
منذ 34 دقائق
- الميادين
إردوغان يدعو دمشق للتركيز على تنفيذ اتفاقها مع "قسد"
دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الحكومة السورية الجديدة إلى "التركيز على اتفاقها مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، المدعومة من الولايات المتحدة، والذي ينص على اندماجها في القوات المسلّحة السورية، وحثًّ دمشق على تنفيذه. وفي حديثه لصحافيين على متن طائرة من بودابست، اليوم الخميس، أضاف إردوغان أنّ تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة شكّلوا لجنة لمناقشة مصير مقاتلي تنظيم "داعش" في معسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا، والتي تديرها قوات "قسد" منذ سنوات، حيث تعتبر أنقرة "قسد" والفصائل المرتبطة بها "جماعات إرهابية". كذلك نقل مكتب الرئاسة التركية عن إردوغان قوله: "نتابع عن كثب قضية وحدات حماية الشعب الكردية بشكل خاص"، مشيراً إلى أنه "من المهم ألّا تصرف إدارة دمشق اهتمامها عن تلك المسألة". 21 أيار 21 أيار وفي وقت سابق، علّق إردوغان على الاتفاق الذي وقع بين دمشق و"قسد"، والقاضي بدمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية، التابعة للإدارة الذاتية، في إطار الدولة السورية، وأكّد أنّ "التنفيذ الكامل للاتفاق سيخدم أمن سوريا واستقرارها، وسيكون الرابح منه جميع السوريين". الرئيس التركي رأى أيضاً أنه "يتعيّن على العراق التركيز على مسألة المخيمات، لأنّ معظم النساء والأطفال في مخيم الهول - يقع عند الحدود السورية والعراقية - من السوريين والعراقيين، ويجب إعادتهم إلى بلادهم". وقبل أيام، دعا مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان، إلى "اتفاق جديد قائم على مفهوم الأخوة" بين تركيا والأقلية الكردية في البلاد". وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في وقت سابق حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلّح المستمرّ منذ أكثر من 4 عقود مع الدولة التركية، وذلك بعد دعوة أوجلان في شباط/فبراير الماضي، إلى إلقاء السلاح وحلّ حزب العمال الكردستاني وإنهاء النزاع مع تركيا. وتعليقاً على إعلان حزب العمال الكردستاني قراره حلّ نفسه وتسليم أسلحته، قال إردوغان في وقت سابق: "دخلنا مرحلة جديدة في جهودنا من أجل تحقيق هدف "تركيا خالية من الإرهاب".


LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
الرئيس سلام: جدول أعمال واضح غدًا لتنفيذ آلية حصر السلاح في يد الدولة بما فيه السلاح داخل المخيمات
أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، استقباله الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس في السراي الحكوميّ، في لقاء أخويّ. وقال، عبر منصة اكس: "اتفقنا على ان تعقد اللجنة اللبنانية–الفلسطينية المشتركة اول إجتماع لها غدًا، لوضع جدول أعمال واضح لتنفيذ آلية حصر السلاح في يد الدولة بما فيه السلاح داخل المخيمات، ومناقشة ملف الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان". وشدّد على أنّه أكد أنّ "هذا السلاح لم يعود سلاحًا يساهم في تحقيق حقوق الشعب الفلسطينيّ، بل الخطر أنه قد يتحول لسلاح فتنة فلسطينية فلسطينية وسلاح فتنة فلسطينية لبنانية". واعتبر أنّ "قوة القضية الفلسطينية اليوم ليس في السلاح الموجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان، بل قوة القضية الفلسطينية اليوم هو في تزايد أعداد الدول التي تعترف بدولة فلسطين، وفي مئات آلاف المتظاهرين في مختلف أنحاء العالم نصرة لفلسطين وغزة، كما هو في مقررات الشرعية الدولية واحكام المحاكم الدولية التي تدين اسرائيل وممارساتها".