
ألمانيا تطمح لبناء أقوى جيش في أوروبا.. تحديات ملحة وخطط معقدة
قد يبدو منطقياً أن يعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس في أول بيان حكومي له أمام البرلمان (البوندستاج) في 14 مايو، نيّة حكومته الاستمرار في تعزيز قدرات الجيش الألماني ليصبح "أقوى جيش تقليدي في أوروبا"، فألمانيا هي الدولة الأوروبية الأقوى اقتصادياً وعدد سكانها هو الأكبر بلا منازع في السياق الأوروبي، ما يؤهلها لذلك.
لكن المتتبع لتاريخ الجيش الألماني يعرف بأن القدرات العسكرية الألمانية كانت في الثمانين عاماً المنصرمة أقل من مثيلاتها في فرنسا وبريطانيا، وكلاهما بخلاف ألمانيا دولة نووية، وذلك لأسباب تاريخية تتعلق بخوض "ألمانيا النازية" الحرب العالمية الثانية في الفترة بين عامي 1939 و1945.
نظر الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا) بعين الشك والريبة إلى إعادة تسليح ألمانيا في مطلع خمسينيات القرن الماضي، ولم توافق كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على انضمام ألمانيا في عهد المستشار، كونراد أديناور، إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1955، إلا في إطار الحرب الباردة ومواجهة الاتحاد السوفيتي آنذاك، وبشرط وضع الإمكانيات الألمانية الجديدة تحت تصرف الحلف الغربي.
ميرتس على خطى أديناور وكول
وبعد عقود ثلاثة، واجهت ألمانيا تحفظاً جديداً من قبل الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا ميتران، وكذلك رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك، مارجريت تاتشر، عندما انهار جدار برلين في نهاية 1989 وحانت فرصة الوحدة الألمانية، وذلك تخوفاً من هيمنة "ألمانيا موحدة قوية" وسط القارة الأوروبية.
لكن الواقعية السياسية في ظل موافقة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الأب ورئيس الاتحاد السوفيتي السابق، ميخائيل جورباتشوف، جعلتهما يتجاوزان تحفظهما، بالإضافة إلى تقديم المستشار الألماني آنذاك، هلموت كول، الذي سمي لاحقاً "مستشار الوحدة"، الكثير من التنازلات الاقتصادية على مستوى إنشاء اليورو والوحدة الأوروبية، ما سرّع في موافقة جميع الأطراف على الوحدة الألمانية التي تمت في عام 1990.
وعندما أعلن المستشار الجديد ميرتس، الذي ينتمي لحزب أديناور وكول المسيحي الديمقراطي، قبل 3 أسابيع، عن الارتقاء بالجيش الألماني من حيث العتاد والعديد ليصبح الجيش التقليدي الأقوى في أوروبا، لم ينس استباق أي تحفظات بالإشارة إلى التعاون ضمن حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، للتمكن من دعم أوكرانيا ومواجهة التهديد الروسي، مؤكداً أن الهدف هو ردع التهديدات التي تواجه أوروبا والغرب ككل لـ"تعزيز قدراتنا الدفاعية حتى لا نضطر إلى الدفاع عن أنفسنا في المستقبل"، وأضاف: "القوة تردع العدوان والضعف يغري العدو".
تدشين اللواء 45 في ليتوانيا
بعد ذلك البيان الحكومي بأسبوع وفي ذات السياق، قام ميرتس بصحبة وزير الدفاع الألماني، بوريس بستوريوس، في 22 مايو الماضي، بتدشين اللواء الألماني 45 في ليتوانيا.
وهي المرة الأولى التي تتواجد فيها وحدات ألمانية بهذا العدد خارج حدود ألمانيا وبصورة دائمة. سيعمل هذا اللواء الذي سيضم نحو 5 آلاف جندي وجندية مع حلول عام 2027 ضمن حلف الناتو، ومهمته حماية جبهة الحلف الشرقية المحاذية للحدود مع روسيا، وبالذات دول البلطيق الثلاث لاتفيا وإستونيا وليتوانيا، التي انضمت في عام 2004 إلى حلف الناتو، الذي توسع توالياً نحو الشرق في حقبة الضعف الروسية، وهو التوسع الذي تسوقه روسيا على أنه تهديد لها بدورها.
رسائل لروسيا وأخرى لأميركا
تتزامن الجهود الألمانية مع سعي دول أوروبية أخرى لتعزيز قدراتها العسكرية كبريطانيا؛ التي أعلن رئيس وزرائها كير ستارمر عن النية لبناء 12 غواصة بحرية نووية في السنوات المقبلة من قبيل الردع أيضاً.
تدشين اللواء الألماني 45 في ليتوانيا مؤخراً، أطلق رسائل باتجاه روسيا وباتجاه الحليف الغربي الأكبر في واشنطن، وهي إشارة للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن حكومة ميرتس مستعدة لتحمل المزيد من المسؤولية في الدفاع عن الناتو.
تعززت هذه الرسالة بتصريح وزير الخارجية الألماني الجديد، يوهان فاديبفول، في 15 مايو الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في تركيا، بأن بلاده تؤيد مطالب الرئيس الأميركي ترمب وستدعم رفع المساهمات العسكرية للدول الأعضاء إلى 5% من ناتجها القومي.
وإن عاد فاديفول، إلى التعديل بأن الإنفاق العسكري يمكن أن يصل 3.5%، فيما يتوجب على الدول الأعضاء استثمار ما قيمته 1.5% أخرى من ناتجها القومي في توفير البنية التحتية التي يحتاجها العسكر في تحركاتهم ولأداء مهامهم في حالة الحرب.
ويبقى هذا الرقم محل خلاف ضمن الائتلاف الحكومي في برلين، بانتظار قرار حلف الناتو في قمته التي ستنعقد في لاهاي في نهاية يونيو الجاري. علماً بأن الإنفاق العسكري الألماني يبلغ هذا العام ما يزيد عن 70 مليار يورو، فيما سيبلغ نحو 200 مليار لو ارتفعت الحصة إلى 5% وهو رقم يثير الجدل حتماً في الداخل الألماني.
جيش "مهلهل" للمهمات الدولية
كان الجيش الألماني يركز في الماضي على المشاركة في مهام سلام دولية تحت راية الأمم المتحدة، وابتعد مثلاً عن المشاركة المباشرة في صراعات عسكرية دولية كغزو العراق في عام 2003، والهجمات على ليبيا في عام 2011، عندما امتنع وزير الخارجية الألمانية آنذاك، جيدو فيسترفيله، عن التصويت في الأمم المتحدة، على إقرار الهجوم على ليبيا.
وتراجعت قدرات الجيش الألماني الدفاعية وقدرته على الردع على مدى السنين، على خلفية يقين الحكومات الألمانية المتعاقبة، وخاصة في ظل حكم المستشارة التاريخية، أنجيلا ميركل، بأن نهاية الحرب الباردة تعني اختفاء الأعداء، وسلاماً شبه دائم في القارة الأوروبية، وانسجاماً مع هذه الرؤية تم إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية في ألمانيا عام 2011. لكن متغيرات اليوم، وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، أعادت الألمان إلى دورة التسليح، فبعد أن وصف مفتش الجيش البري الألماني، ألفونس مايس، عشية الحرب في أوكرانيا عام 2022 جيشه بـ"العاري نسبياً"، ها هو اليوم يسعى للتحول إلى قوة ضاربة في المستقبل.
بعد ثلاثة أيام فقط من بدء روسيا حربها في أوكرانيا في فبراير 2022، استخدم المستشار الألماني السابق أولاف شولتز مصطلح تحول الأزمنة Zeitenwende، الذي درج استخدامه دولياً في الأثناء للتعبير عن تعرض المنظومة الأمنية الأوروبية والحدود المتعارف عليها دولياً للتهديد على يد روسيا. ومن ثم تمت المصادقة من قبل البوندستاج على صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو، لتعزيز القدرات العسكرية الألمانية. وها هو ميرتس يكمل طريق شولتز لتعزيز الجيش الألماني، ويضيف قائلاً إنه سيكون "الجيش التقليدي الأقوى في أوروبا".
بوتين وترمب يدفعان نحو مزيد من التسلح
وإن كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد دفع الألمان والأوروبيين إلى دعم أوكرانيا وتعزيز قدراتهم الدفاعية؛ فإن للرئيس الأميركي دونالد ترمب هو الآخر يد طولى في هذا التحول، إذ طالب دول حلف الناتو برفع موازناتها الدفاعية إلى 5% من الناتج القومي، وهدد ضمناً بسحب الغطاء الأمني عن أوروبا، وهو ما شبهه البعض بعاصفة تسونامي هبت لتوقظ الأوروبيين، وخاصة الألمان، بأن الدفاع عن النفس ليس مجانياً وأن عليهم البحث عن استقلالية أمنية وعسكرية، على الأقل على المستوى الأوروبي، تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم عند الضرورة.
ينقص الجيش الألماني الكثير من العتاد المتطور، كما أن مستودعات الذخيرة لديه ليست ممتلئة بالقدر الكافي، خاصة بعد تسليم الجيش الألماني للكثير منها ومن أجهزة الدفاع المتطورة كالمدرعات وراميات الصواريخ ودفاعات أرض جو وغيرها من العتاد لأوكرانيا في السنوات الثلاث الماضية، بهدف دعم صمودها في وجه الجيش الروسي.
وتم توظيف أموال الصندوق الخاص لدعم الجيش الألماني بقيمة 100 مليار، في طلب طائرات مقاتلة وأخرى مسيرة مزودة بالأسلحة وأنظمة صاروخية وذخيرة جديدة، لكن تسليم مثل هذه المقدرات العسكرية يحتاج سنين طويلة، وفق معطيات الإنتاج لصناعة التسليح الألمانية والأوروبية والأميركية.
وأشار المستشار الألماني ميرتس، أثناء لقائه بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في بروكسل، إلى أنه لا بد من السعي داخل الحلف لتنسيق أفضل في تصنيع السلاح، باتجاه التقليل من الأنظمة المتشابهة وتوحيد في الذخيرة اللازمة وتجميع للطلبيات بأعداد كبيرة، مما سيشجع صناعة السلاح على مزيد من الاستثمار بهدف توفير الطلبيات بسرعة أكبر وعلى نطاق أوسع.
لم يكتف الائتلاف الحاكم في ألمانيا بإنفاق المليارات المئة من الصندوق الخاصّ بالجيش، بل استصدر قراراً بأغلبية الثلثين في البرلمان الألماني لتجاوز كابح الديون الخارجية المنصوص عليه في الدستور الألماني.
وبموجبه يمكن للحكومة الألمانية، أن تستدين المزيد لتمويل مشروعاتها في الدفاع والتسليح، ما يتناسب مع مقولة ميرتس "مستعدون لكل ما يلزم!" والذي عبر عنها دوماً بالإنجليزية Whatever it takes.
"لدينا المال ونبحث عن الجنود"
يخدم في الجيش الألماني حالياً نحو 180 ألف جندي، ويقول الخبراء العسكريون إن على ألمانيا أن ترفع العدد بـ100 ألف أخرى في العامين المقبلين للوفاء بالتزاماتها ضمن حلف الناتو، الذي يتوقع أن يطلب من ألمانيا في قمته المقبلة في لاهاي، تخصيص سبعة ألوية أخرى على الأقل لدعم عمليات الناتو، بالإضافة إلى تولي مسؤوليات أكبر في كل ما يتعلق بالدفاعات الجوية.
ينصّ برنامج الحكومة الجديدة على استقطاب الشباب للخدمة في الجيش عبر برنامج تجنيد طوعي، مع شكوك الكثيرين داخل الجيش في نجاح هذه الفكرة.
وكانت استطلاعات سابقة قد بيّنت أن نحو 10% فقط من الشباب الألمان مستعد للخدمة العسكرية والدفاع عن بلده بحمل السلاح.
لذا، نصّ الاتفاق الحكومي على أن تكون الخدمة الطوعية كمرحلة أولى فقط. أما المفتش العام للجيش الألماني، كارستن بروير، فيقول إن "الخدمة العسكرية الإلزامية هي التأمين الصحيح لقدرة الجيش الألماني على مواجهة التهديدات مستقبلاً".
وكانت الخدمة الإلزامية قبل إلغائها في عام 2011 بمثابة الحوض الذي ينهل منه الجيش الألماني، ويرفع من تعداد جنود الاحتياط. وما بين مجندين فاعلين وجنود احتياط يرى المفتش العام، أن ألمانيا ستكون بحاجة إلى 460 ألف جندي، ويشمل هذا العدد التقديري المجندين الفعليين، بالإضافة إلى مئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين يمكن استدعاؤهم في حال الضرورة.
تسويق فكرة "الاستعداد للحرب"
أظهر "باروميتر السياسة" الذي تنظمه قناة ZDF، أن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، هو الأكثر شعبية بين السياسيين الألمان وبفارق كبير، وبيستوريوس يشغل الصدارة منذ زمن طويل في الاستطلاعات المتتالية.
ويعتبر هذا، مؤشراً على قبول المواطنين الألمان لفكرته القائمة على تجهيز الجيش الألماني ليكون "مستعداً للحرب"، إن فرضت عليه، والتي كان أعلنها قبل عام حيث كان وزيراً للدفاع في الحكومة السابقة أيضاً. والجيش الألماني ينظم معارض ويزور المدارس لتعريف الشباب بمهامه وما يقدمه لمنتسبيه من امتيازات.
كما ساهم الإعلام في تسويق فكرة الحاجة إلى النهوض بالقدرات العسكرية للدفاع عن حرية البلد وحرية مواطنيه وأمنهم. لذا لم تثر أفكار بيستوريوس ولا أفكار ميرتس عن الجيش الأقوى ولا قرارات الاستثمار العسكري الضخم حفيظة المواطنين الألمان كما كانت ستفعل بالتأكيد قبل سنوات قليلة وتحديداً قبل الحرب الروسية على أوكرانيا. وعندما افتتحت شركة "راينميتال" الألمانية المصنعة للسلاح مصنعاً جديداً لها في سكسونيا السفلى العام الماضي، توافد يضع مئات من المتظاهرين احتجاجاً، بينما كان هذا الرقم سيصل عشرات الآلاف في السابق.
سقف زمني
المفتش العام للجيش الألماني، كارستن بروير، قال إن "كل خطط رفع قدرات الجيش الألماني والإصلاحات الهيكلية تضع لنفسها سقفاً زمنياً أقصى هو عام 2029"، مشيراً إلى أنه بحلول ذلك العام، "يتوجب أن يكون الجيش الألماني مستعداً لمواجهة أي تهديد".
وتنطلق تصريحات المفتش العام للجيش الألماني من توفر إمكانيات روسيا لمهاجمة دول من حلف الناتو بحلول ذلك العام. يبني المفتش العام توقعاته على تحليلات عسكرية واستخباراتية انطلقت من عدد المجندين الروس الذي يقدر بمليون ونصف المليون حالياً مع القدرة على رفع العدد إلى 3 ملايين، فيما تنتج روسيا ما بين 1000 و1500 دبابة سنوياً، وهي تكدس الكثير منها حالياً دون استخدامه في حرب أوكرانيا، بالإضافة إلى ممارسة صنوف الحرب السيبرانية وحملات التضليل الإعلامي والأعمال التخريبية ضد دول الناتو.
ويقول بروير إنه يتوقع أن تبلغ روسيا القوة التي تريدها لمهاجمة دولٍ من حلف الناتو في فترة 4 إلى 7 سنوات، ولكنه يفضل أن ينطلق من أسوأ التقديرات وأن يكون جاهزاً بعد 4 سنوات. ويفترض أن عدم وقوع مثل هذا الهجوم وقتها وهي احتمالية قائمة سيكون له علاقة بالردع عبر الاستعداد والجاهزية.
*كاتب صحافي متخصص في الشؤون الألمانية ومدير مركز برلين للإعلام
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
ترمب يحرج المستشار الألماني بسبب «شهادة ميلاد» جده !
لم تُقلل هديةٌ مفاجئة منحها المستشار الألماني فريدريش ميرتس للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في أول لقاء بينهما، من وقع تعليق محرج. وأهدى ميرتس ترمب نسخة مؤطّرة ومذهّبة من شهادة ميلاد جدّ الرئيس الأمريكي، خلال أول لقاء مباشر بينهما في البيت الأبيض، أمس الأول (الخميس)، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك بوست». الهدية المغلّفة بإطار ذهبي، والتي تعكس أسلوب الزخرفة المميز في المكتب البيضاوي، كانت بمثابة تكريم لفريدريش ترمب، جدّ الرئيس، الذي وُلد في مدينة كالشتات الألمانية عام 1869، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة لاحقًا. وعلّق ترمب على الهدية قائلًا: «هذه ألمانية حقيقية». وأضاف: «أشكرك على هذه الهدية. إنها جميلة. شكرًا جزيلًا. رائعة. سنضعها في مكانٍ مُشرّف». لكن اللقاء بين الزعيمين، والذي عُقد أمام مجموعة من الصحفيين والمسؤولين، اتّخذ منعطفًا محرجًا، حين قال ترمب للسياسي المحافظ إن يوم الإنزال في النورماندي – حين غزت قوات الحلفاء شواطئ فرنسا لتحرير أوروبا من الحكم النازي في 6 يونيو 1944 – «لم يكن يومًا سارًّا» لألمانيا. وقد جاءت هذه العبارة الغريبة خلال مناقشة الزعيمين للصراع المستمر منذ ثلاث سنوات بين روسيا وأوكرانيا، مما دفع ميرتس إلى تصحيح الوقائع التاريخية، بحسب الصحيفة الأمريكية. أخبار ذات صلة وقال ميرتس: «اسمح لي أن أذكّرك أن أمس هو السادس من يونيو»، في إشارة إلى الذكرى الـ81 لإنزال النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفًا: «هذه ذكرى يوم الإنزال، عندما أنهى الأمريكيون الحرب في أوروبا». لكن ترمب قاطعه مرتين ليُكرر تعليقه الغريب. فقال ميرتس مُصحّحًا: «على المدى البعيد، سيادة الرئيس، كان هذا تحريرًا لبلادي من الديكتاتورية النازية. ونحن نعلم أننا مدينون لكم، وهذا هو السبب في قولي إن أمريكا باتت مجددًا في موقع قوي لفعل شيء بشأن هذه الحرب وإنهائها. فلنتحدث عمّا يمكننا فعله معًا، ونحن مستعدّون لبذل ما في وسعنا». وفي وقت لاحق، شبّه ترمب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بـ«أطفال يتشاجرون في ساحة اللعب»، مضيفًا أن الأمر «قد يتطلّب وقتًا أطول قبل أن نُفرّق بينهما».


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
فرنسا نحو سياسة أكثر تشّدداً تجاه «الإسلام السياسي»
مرة أخرى تتصدّر قضايا الإسلام والمسلمين المشهد السياسي والإعلامي الفرنسي، فبعد قانون الانفصالية جاء دور التقرير حول «الاختراق الإخواني للمجتمع الفرنسي» ليفتح باباً جديداً من الجدل يعكس أزمة ثقة متنامية بين الدولة الفرنسية ومكوّن أساسي من نسيجها الوطني. التقرير الذي أعّده الدبلوماسي باسكال غويت والمحافظ فرنسوا كورتاد يشير إلى وجود محاولات من قِبل جماعة الإخوان للتغلغل في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني الفرنسي. وبينما يثير هذا الطرح تساؤلات حول مدى واقعيته وطبيعة الأدلة التي تستند إليها السلطات، فهو يفتح في الوقت نفسه باب النقاش في إشكالية أعمق حول تحول وضع الإسلام في فرنسا من دين يُمارس في الخصوصية إلى «قضية عمومية» تُستثمر في الحملات الانتخابية. ميلانشون (أ.ف.ب) في مبادرة أولى من نوعها ووسط تعبئة شاملة قبل الانتخابات المحلية الفرنسية، عُرض يوم 21 من مايو (أيار) الماضي على مجلس الدفاع برئاسة رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، تقرير من 73 صفحة بعنوان «الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا». التقرير أُنجز بتكليف من وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، المعروف بمواقفه المتشددة، وكشفت مضمونه صحيفة «لوفيغارو». وصاحب الإعلان عن هذا التقرير معركة اتصالية بين فريق وزير الداخلية وفريق الرئيس حين اتّهم روتايو بتسريب التقرير لأغراض انتخابية، بينما شدّد مقرّبون من الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) على أنّ «ماكرون هو من بادر إلى إطلاق هذا التقرير بنفسه». الوثيقة تضم معطيات رقمية قُدّمت على أنها نتائج تحقيقات مصالح الاستخبارات الفرنسية وخلايا مكافحة الإرهاب حول ما أسمته «تنامي نفوذ» حركة «الإخوان» على الأرض الفرنسية. وقد خصّصت مقدمته إلى التعريف بالحركة وتاريخها، واصفة إياها بالمنظومة المتعددة الأذرع ذات المشروع الإسلامي المحافظ. ثم سلط التقرير الضوء على ما أسماه الأرقام «المقلقة»، حيث نقرأ - مثلاً - أن نتائج التحقيقات كشفت عن وجود فرع لمنظمة الإخوان في فرنسا يتكون من 1000 إلى 4000 عضو، إضافة إلى 193 مكاناً للعبادة صُنفت على أنها مقربة من الحركة. الوثيقة أقرَّت أيضاً بوجود 280 جمعية تنشط تحت لواء هذا التيار ضمن مجالات متعددة من الحياة اليومية للمسلمين، من العبادات إلى التعليم والنشاطات الخيرية، مع أن اتحاد مسلمي فرنسا لا يعترف رسمياً إلا بـ53 جمعية إسلامية. وخصص التقرير أيضاً فقرة مطوّلة للمؤسسات التعليمية، حيث سجّل وجود 21 مؤسسة تعليمية خاصة يُشتبه في ارتباطها المباشر أو غير المباشر بحركة الإخوان، تستقبل مجتمعة نحو 4200 تلميذ، ثم سلّط الضوء على ما أسماه «المنظومات المحلية» التي بدأت بالتشكل منذ تسعينات القرن الماضي. وتتمثّل هذه المنظومات في شبكات متكاملة تُحكم السيطرة على حياة المسلم «من المهد إلى اللحد». كذلك، نقرأ في التقرير، الذي اُستُعملت فيه هذه العبارة بحذافيرها، حيث تُبنى هذه المنظومة، كما يقول التقرير، حول مسجد يقدم دروساً في التربية القرآنية، وتتكامل مع متاجر مجتمعية، ونوادٍ رياضية مستقلة عن المسجد، فضلاً عن محاولات للولوج إلى التعليم الخاص. ولا تقتصر هذه المنظومة على التعليم أو الدعوة فحسب، بل تشمل أيضاً مجالات مثل السفر، والتطوير الذاتي، والمساعدة على التوظيف، وحتى مواقع الزواج. لم يتضمن النقاش مضمون التقرير بقدر ما كان طريقة تلقّيه واستخدامه من قِبل الطبقة السياسية. ولكن في مشهد بدا فيه الخيط رفيعاً بين التحليل الموضوعي والتأجيج الشعبوي، لم يتردّد عدد من المسؤولين، لا سيما في اليمين واليمين المتطرف في استثمار التقرير لتعزيز أطروحاتهم الانتخابية، وبالأخص مع اقتراب الاستحقاقات المحلية والأوروبية. وزير الداخلية السابق جيرالد دارمانان سارع إلى التعليق، مؤكداً «وجود اختراق إسلاموي يستوجب الحزم». لكنّ خطابه تجاوز التحليل الموضوعي ليصبّ في اتجاه تبرير سياسات قمعية سابقة، كمشروع قانون «مبادئ الجمهورية»؛ إذ دعا إلى «إعادة هيكلة الإسلام في فرنسا»، وإنشاء وضع قانوني خاص بالأئمة، وهي خطوة لا تخلو من نزعة رقابية قد تُفهم على أنها مساس بحرية التنظيم الديني. بدوره، جوردان بارديلا، رئيس «التجمع الوطني» (يمين متطرف) لم يفوّت الفرصة ليقدّم التقرير دليلاً «ساطعاً» على ما أسماه «بالخطر الإخواني المحدق». وكان قد استعمل في مقابلاته وتصريحاته المتكرّرة، لغة قاطعة كـ«الإخوان ليسوا مجرد جماعة، بل مشروع لتقويض فرنسا من الداخل». ودعا إلى «حلّ الجمعيات ذات الصّلة» و«منع الحجاب في الفضاء العام»، رابطاً بين التقرير وسياسات الهوية بأسلوب يختزل إشكاليات معقّدة في سردية مبسّطة تُخاطب الغرائز أكثر من العقول. في المقابل، أمام الجدل المحتدم حول تقرير ما سُمّي «الاختراق الإخواني» في فرنسا، وقف اليسار الفرنسي، بمختلف أطيافه، موقفاً يتأرجح بين التشكيك في دوافع التقرير، والتحذير من خطر تحويل الدولة أداةً تأزيمية بدلاً من أن تكون ضامناً للعدالة والانسجام الجمهوري. كثيرون من رموز اليسار حذّروا عقب صدور هذا التقرير من «الخلط المتعّمد» بين التدين والإرهاب، وبين الالتزام الديني والعمل السياسي؛ كون ذلك قد يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين المسلمين في دولتهم، ويُعزز الإحساس بالعداء المؤسساتي تجاههم. النائب اليساري أدريان كليويه اعتبر أن التقرير ليس سوى «وسيلة لصرف الأنظار عن قضايا الإسلاموفوبيا المتفاقمة». وأضاف أن حملة برونو روتايو ضد ما أسماه «الاختراق الإخواني» ليست إلا «صناعة لأعداء وهميين من الداخل لتكميم الوعي حيال واقع الإسلاموفوبيا في فرنسا». أيضاً، شبّه جان - لوك ميلانشون زعيم حركة «فرنسا الأبيّة»، هذه المقاربات بأساليب اضطهاد تاريخية طالت في الماضي البروتستانت واليهود، واعتبرها مقدّمة لـ«محاكم تفتيش قاسية». وفي جلسة مناقشة برلمانية حول التقرير، بعدما اقترح رئيس الوزراء السابق غبريال آتال منع ارتداء الفتيات الحجاب في الأماكن العامة (إضافة إلى المؤسسات التعليمية حالياً) أبدى النائب السابق ألكسي كوربيير، استغرابه من ازدواجية المعايير في التعاطي مع الرموز الدينية، متسائلاً عمّا إذا كان «الطفل اليهودي الذي يرتدي الكيباه (القلنسوة) سيتعرّض للمنع هو الآخر». ورأى أن مقاومة التطرّف واجبة، ولكن من دون الانزلاق إلى خلق «عدو داخلي» وهمي أو إذكاء أجواء الريبة تجاه غالبية المسلمين، الذين يلتزمون بتقاليدهم دون أي نوايا سياسية. في الاتجاه نفسه، أعرب فرنسوا روفان، أحد وجوه اليسار الاشتراكي، عن رفضه أي محاولة «لفصل المسلمين عن الوطن الفرنسي أو فرض الشريعة على حساب قوانين الجمهورية». لكنه لم يطالب بإلغاء التقرير، بل دعا إلى تطبيق أحكام قانون 1905 حول فصل الدين عن الدولة. روتايو (أ.ف.ب) على صعيد آخر، لم يمر التقرير مرور الكرام في أوساط الباحثين والخبراء، الذين اعتبر كثرة منهم أن النفوذ المنسوب إلى حركة الإخوان في هذا التقرير مبالغ فيه، فهي حركة آيلة إلى الأفول، سواء خارج حدود فرنسا أو في داخلها. ولقد اعتبر فرنسوا بورغا، الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) أنّ الحديث عن «استراتيجية سرّية» للإخوان المسلمين يندرج ضمن «منطق المؤامرة»، مشيراً إلى أنّه «لا يوجد دليل قاطع على وجود خطة ممنهجة لاختراق الدولة الفرنسية من قِبل تنظيم دولي». وأردف أن الخلط بين الإسلاموية كتيار فكري والإسلام كمكوّن ديني وثقافي في فرنسا، يكرّس سياسة إقصائية قد تؤدي إلى نقيض ما تدّعي مكافحته وهو التقوقع والانغلاق. أما الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية بمعهد الدراسات السياسية في ليون، حواس سنغار، فلخص في «اللوموند» هذه الفكرة بقوله: «هذا التقرير يقرأ وقع اليوم بنظارات الأمس»، مضيفاً: «لدينا ميل إلى الخلط بين إخوان اليوم وأولئك الذين كانوا بالأمس». وكتب برنار غودار، الموظف السابق في جهاز الاستعلامات العامة والمكلف سابقاً مهمةً في المكتب المركزي لشؤون الأديان بوزارة الداخلية، في الصحيفة نفسها: «لم يكن هناك في أي وقت من الأوقات مخطّط واضح وطويل الأمد لأسلمة فرنسا». واكد أن الفكرة القائلة إن الجماعة تسعى إلى فرض الشريعة الإسلامية في فرنسا «ما هي إلا وهمٌ من نسج الخيال». لم يتردّد عدد من المسؤولين ا سيما في اليمين واليمين المتطرف في استثمار التقرير لتعزيز أطروحاتهم الانتخابية وعلى صفحات «اللومانيتيه» اليسارية انتقد نيكولا كادين، المقرر العام السابق لمرصد العلمانية، مضمون التقرير وشكله، حيث أشار إلى ما اعتبره منهجية تفتقر إلى الصرامة، وتضمّ مضامين بديهية، وتخلط بين الأمور، وتعتمد تبسيطاً مخلّاً بالواقع. وهاجم روجيه مارتيلي بشّدة وزير الداخلية برونو روتايو وتقرير الاختراق الإخواني حين كتب في عمود مطّول على موقع صحيفة «روغار» بعنوان «الاختراق الإخواني: التقرير الذي يبالغ، يخيف ويقسّم» ما يلي: «إنه يزعم الانتماء إلى الجمهورية، ويدّعي التمسك بالعلمانية. ولكن عن أيّ جمهورية نتكلم؟ أهي الجمهورية التي تَصم وتُقصي، أم تلك التي تجمع وتحتضن؟ وأيّ علمانية نقصد؟ أهي العلمانية التي تُذكي نار الصراع، أم التي تُشيع السكينة وتُرسِّخ السلم؟ إن هذا التقرير يدّعي أنه يحمل الطمأنينة لأمّة يسكنها القلق، غير أنّه، وهو يُسلِّط الأضواء على شريحةٍ بعينها من الإسلام، يوشك أن يُفضي إلى نتيجة واحدة: الخوف، ورفض الآخر، وتنامي الضغينة. وبكلمة واحدة: انتصار اليمين المتطرّف». ومن جهته، اعتبر المفكر والباحث حكيم القروي، المعروف بتقاريره حول الإسلام السياسي، أن التقرير يُضخّم من خطر جماعة بات نفوذها في تراجع موثّق، بينما يتجاهل الخطر الحقيقي المتأتي من الخطاب المتشدد ومن «المؤثرين الرقميين» الذين يغذّون الشباب بأفكار دينية متشددة عبر الإنترنت. أما النائب الاشتراكي السابق مجيد الغراب، فقد كتب بخصوص هذا التقرير أنه «يعيد إنتاج الهواجس القديمة نفسها، ويختزل الظاهرة الدينية المعقدة في ثنائية تبسيطية تُربك النقاش العام، وتُغذي مظاهر الإسلاموفوبيا». التقرير، بطبيعة الحال، أثار ردّوداً مسلمة غاضبة، أولها من «اتحاد مسلمي فرنسا» الذي أصدر ممثلوه بياناً يعترضون فيه على ما ورد في الوثيقة، لا سيما وأنهم وُضعوا في صدارة الأطراف ذات الصّلة بما سُمي الاختراق الإخواني. ولقد دعت قيادة «الاتحاد» إلى تفادي الوقوع في فخ النوايا المفترضة، مجّددة تمسكها بقيم الجمهورية ومُذكّرة بتوقيعها على ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا سنة 2021، باعتباره دليل التزام صادقاً بمقتضيات العيش المشترك والدستور. أما الجامع الكبير في باريس، فعبّر ناطقه الرسمي بوضوح عن رفضه تحويل معركة محاربة الإسلاموية مطّيةً سياسيةً تُستعمل لتشويه المسلمين وخدمة أجندات انتخابية ضيقة. وأعرب «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية» عن قلق عميق إزاء ما اعتبره انزلاقات منهجية خطيرة في التقرير، ولا سيما في تعاطيه مع المؤسسات الدينية والجمعيات والأفراد دون تحديد دقيق أو توثيق مسؤول. مسجد باريس الكبير (أ.ف.ب) منذ إقرار قانون «تعزيز مبادئ الجمهورية» المعروف إعلامياً بـ«قانون مكافحة الانفصالية» عام 2021، حتى صدور تقرير «الاختراق الإخواني»، يبدو جلياً أن الإسلام لم يعد يُطرح في النقاش العام بوصفه ديانة يمارسها ملايين المواطنين، بل على أنه ملف أمني، وأداة صراع آيديولوجي. لقد كان قانون «الانفصالية» بمثابة نقطة التحول الحاسمة في علاقة الدولة الفرنسية بالإسلام. إذ بينما رُوّج له رسمياً بوصفه خطوة لضمان حيادية الدولة ومكافحة التطرف، رأى فيه كثيرون تضييقاً على الحريات الدينية، واستهدافاً ضمنياً للمسلمين وحدهم. ذلك أن مواده شملت فرض رقابة مشّددة على الجمعيات الإسلامية، وتنظيماً دقيقاً لتمويلها، إلى جانب التدقيق في نشاط الأئمة والمدارس الخاصة. ثم ظهر هذا التقرير الأخير ليضيف لبنة جديدة إلى هذا البناء الخطابي. وعلى الرغم من أن التقرير يزعم الاستناد إلى معطيات واقعية، فإن طابعه الآيديولوجي واضح في توصيفه لكل تعبير ديني مستقل على أنه تعبير عن مشروع سياسي إسلامي مموّه. وهذا الأمر يثير القلق في هذا المسار، وبالذات لجهة تأثيره السلبي على المواطنين المسلمين، الذين يجدون أنفسهم في موقع دفاع دائم عن الذات، وسط خطاب رسمي لا يعترف بتعدديتهم، ولا يُصغي إلى أصواتهم. وبدلاً من أن تدفع هذه السياسات نحو تعزيز الاندماج، فإنها تغذّي الإحساس بالتهميش، وتُكرّس الشك في ولاء شريحة واسعة من المجتمع. كذلك الملاحَظ عموماً هو اتساع نطاق التوظيف السياسي للإسلام حتى غدا مكوناً ثابتاً في الخطاب العام، فعند كل استحقاق انتخابي أو أزمة وطنية، تعاد فيها قراءة ممارسات المسلمين من منظور أمني، وتُنسج حول وجودهم روايات مشبعة بالريبة والتهديد كأنهم كيان غريب يُطالب على الدوام بإثبات الولاء والانتماء.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
محاكمة ناشطَين سرقا تمثالاً شمعياً لماكرون
يستمع قاضي تحقيق فرنسي إلى ناشطَين من منظمة "غرينبيس" غير الحكومية سرقا تمثالاً شمعياً يمثّل الرئيس إيمانويل ماكرون من متحف غريفان في باريس الاثنين وأعاداه في اليوم التالي، لكي يفصل في شأن توجيه التهم إليهما، على ما أفادت النيابة العامة. وأوضحت النيابة العامة في باريس لوكالة فرانس برس أن الناشطَين سيخضعان لتحقيق قضائي في قضية تتعلق بـ"سرقة جماعية لقطعة ثقافية معروضة". وندّدت وكيلة الدفاع عنهما المحامية ماري دوزيه بحرمانهما الحرية "غير المتناسب إطلاقاً". وأوضحت المحامية أن "ناشطَين من غرينبيس فرنسا، هما امرأة ورجل، لا يزالان محرومَين من حريتهما، بعد أكثر من 60 ساعة من توقيفهما الاثنين الماضي". وشددت على أن "جريمتَي السرقة وإخفاء شيء مسروق اللتين ادعت على أساسهما النيابة العامة لم تعودا قائمتين بفعل إعادة التمثال، ولم ينجم أي ضرر عن الفعل غير العنيف الذي نفذته غرينبيس فرنسا"، مشيرة إلى أن "ما يؤكد ذلك هو البيان الطريف الصادر عن متحف غريفان". وكان المتحف الذي قدّم شكوى بعد اكتشاف السرقة تعامل مع الأمر بلهجة طريفة، إذ ورد عبر حسابه على "إنستغرام" منشور جاء فيه "لا يُمكن تأمل التماثيل إلا في الموقع". وتمكّن الناشطان في "غرينبيس" من سرقة تمثال ماكرون الشمعي الاثنين بعد تظاهرهما بأنهما عاملا صيانة. ثم وضعا التمثال أمام السفارة الروسية في باريس في إطار تحرك قصير يهدف إلى التنديد باستمرار العلاقات الاقتصادية بين باريس وموسكو رغم الحرب في أوكرانيا. ومساء الثلاثاء، أعادت "غرينبيس" التمثال ووضعته أمام مقر شركة كهرباء فرنسا وأرفقته بلافتة كُتب عليها "حلفاء بوتين - ماكرون المُشعّون". وأشار المدير التنفيذي لمنظمة "غرينبيس فرنسا" جان فرنسوا جوليار إلى أن الشخصين اللذين أُوقفا هما اللذان كانا يقودان الشاحنة خلال التحرك أمام السفارة الروسية، وليسا من "استعار" التمثال من متحف غريفان. واعتبرت المحامية دوزيه أن هذه التحركات "تندرج في إطار الحق في حرية التعبير"، مذكرة بأن فعل سرقة التمثال "لم يكن عنيفاً، بل مكشوفاً كلياً، ويهدف إلى إثارة الوعي بمسألة ذات اهتمام عام كبير".