logo
تحولات المشهد السياسي بين أمريكا وتركيا وإسرائيل في ظل صعود النفوذ التركي في سوريا

تحولات المشهد السياسي بين أمريكا وتركيا وإسرائيل في ظل صعود النفوذ التركي في سوريا

المغرب اليوم١٢-٠٤-٢٠٢٥

ما تزال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للبيت الأبيض، الاثنين 6 أبريل/ نيسان، ولقائه بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تحظى بمساحة مهمة من تغطية وسائل إعلام دولية.
وعملت وسائل إعلام على تحليل تصريحات ومواقف عدة ذُكرت في الاجتماع، من أهمها تعليق ترامب الإيجابي عن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بحضور نتنياهو.
ففي صحيفة يني شفق التركية، كتب ياسين أكتاي -مستشار سابق للرئيس التركي وعضو في حزب العدالة والتنمية الحاكم-مقالاً بعنوان "هل يتمكن ترامب من جعل إسرائيل تتصرف بعقلانية"؟
تحدث أكتاي عن استهداف إسرائيل لمواقع عسكرية وأسلحة في سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد و"بروز إمكانية تحقيق الاستقرار في سوريا".
وقال أكتاي إن إسرائيل شنت هجماتٍ على جميع الأهداف التي حددتها مسبقاً في سوريا، "وركّزت خصوصاً على قصف جميع المناطق التي يُحتمل أن تنشئ فيها تركيا قواعد عسكرية".
واستشهد أكتاي بتصريحات إسرائيلية ترى في النفوذ التركي المتنامي في سوريا بعد "الثورة" تهديداً لها.
ويعتبر أكتاي أن هذا التصور الإسرائيلي غير منطقي.
يرى أكتاي أن سوريا كانت البند الأبرز على أجندة نتنياهو خلال زيارته الثانية للولايات المتحدة.
ولفت إلى أن سياسة ترامب الداعية لسحب القوات الأمريكية من سوريا، والتي يتبناها منذ ولايته الأولى، لا تتناسب مع السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا.
ويعتقد أكتاي بوجود خلاف جوهري بين الطرفين في هذا الشأن، إلا أن إرادة ترامب في ولايته الأولى اصطدمت بمقاومة البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية، واعتراضات من داخل الحزب الجمهوري نفسه، فلم تتحقق بالكامل.
"يبدو أن ترامب في ولايته الثانية مصمم على موقفه رغم كل الأطراف، بما فيهم إسرائيل نفسها"، يوضخ أكتاي.
وبرأي الكاتب فأن رد ترامب على طلب نتنياهو مساعدته ضد تركيا يُقدِّم دليلاً قوياً جديداً على معالم "الترامبية" التي بدأت تتضح أكثر فأكثر.
ويشرح الكاتب أن مديح ترامب لأردوغان كان "بمثابة تحذير وتنبيه لإسرائيل ولنتنياهو ليأخذوا حذرهم".
ويعتقد أن استعداد ترامب للوساطة بين أردوغان ونتنياهو يتطلب من الأخير أن يكون أكثر عقلانية.
وأضاف: "يمكن اعتبار هذه التصريحات على أنها أول اعتراض جاد من الولايات المتحدة على المطالب الإسرائيلية المتكررة والمعتادة بأن تنصاع واشنطن لإسرائيل دون تردد".
ويعتقد أيضاً أن ترامب يرى في تركيا حليفاً جديداً وقوياً، وبالتالي فإن تهديدات نتنياهو لا تهمه كثيراً، لأن "ما يهم ترامب هو من يأتي بالمنفعة أو الضرر للولايات المتحدة".
وتساءل: هل يستطيع ترامب أن يُعلم إسرائيل كيفية التحلي بالعقلانية في قضية غزة ؟
"خيارات محدودة أمام إسرائيل في وجه تركيا"
قدمت الكاتبة نوريت يوحنان، تحليلاً في صحيفة تايمز أوف إسرائيل، بعنوان "إسرائيل ستضطر للتأقلم مع النفوذ التركي المتنامي في سوريا".
ترى يوحنان أن "تدخل تركيا المتزايد في سوريا بلغ مؤخراً نقطة توتر مع إسرائيل، بعد ضربات جوية إسرائيلية لثلاث قواعد جوية سورية كانت تركيا تسعى لاستخدامها".
رغم أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مقابلة مع قناة سي إن إن تورك، كشف أن تركيا وإسرائيل تجريان محادثات على المستوى الفني لتجنب "المواجهات العسكرية" في سوريا، وفق الكاتبة.
تعتقد يوحنان أن لدى إسرائيل "خيارات محدودة" لمواجهة "القلق المتزايد في إسرائيل من ترسخ تركيا في سوريا".
وأشار التحليل إلى أن دعم ترامب لأردوغان "يقيّد قدرة إسرائيل على المناورة، تبني نهج الحد الأدنى في سوريا".
وعرّج التحليل إلى دور الرئيس الأمريكي في القضية وجاء فيه "ترامب يدفع إسرائيل إلى اتباع نهج الحد الأدنى في سوريا. ولتحديد الأولويات، سيتعين على إسرائيل الإصرار فقط على أهم خطوطها الحمراء، مثل منع نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر جنوب سوريا".
وتطرق التحليل للعلاقة التي تربط أنقرة بالإدارة السورية الجديدة.
وتقول أن نوايا تركيا في سوريا واضحة منذ اندلاع الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد، وهي "ضمان وجود نظام مستقر وودود على حدودها الشرقية، يمكن حتى أن يدعم مصالح أنقرة الأمنية".
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا، يبين التحليل أن رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، يبحث عن "ممولين وحلفاء استراتيجيين للحفاظ على الاقتصاد وعلى السيطرة العسكرية".
"لا تزال إسرائيل قلقة من الجانب العسكري في التدخل التركي المتنامي"، وفق يوحنان.
وتحدث التحليل عن عدم رصد أدلة مرئية على وجود قوات تركية في سوريا، خلافاً للوجود الروسي في عهد الأسد، الذي لا يزال قائماً.
"ترامب ونتنياهو يتجهان نحو عالم قبيح معاً"
وكتب توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز، مقالاً بعنوان "ترامب ونتنياهو يتجهان نحو عالم قبيح معاً"، معلقاً على لقاء ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض الأسبوع الحالي.
يرى فريدمان أن ترامب ونتنياهو يسعيان لتقويض الدولة العميقة والسياسة التقليدية في الولايات المتحدة وإسرائيل والانتقال لمرحلة "ما بعد أمريكا" و"ما بعد إسرائيل".
يعتقد فريدمان أن "كلاً منهما يسعى إلى الاستبداد، ويعمل على تقويض سيادة القانون…وسحق الدولة العميقة".
ويعتقد الكاتب أن الزعيمين يحاول كل منهما توجيه أمته "نحو قومية عرقية ضيقة الأفق".
"كلٌّ منهما لا يُعامل معارضيه السياسيين كشرعيين، بل كأعداء داخليين، وكلٌّ منهما ملأ حكومته بأشخاص غير أكفاء، اختيروا عمداً للولاء له بدلاً من القوانين"، يقول فريدمان.
من يقف في وجه ترامب؟
يضيف الكاتب: "كلٌّ منهما يُبعد بلاده عن حلفائها الديمقراطيين التقليديين. ويدّعي كل منهما التوسع الإقليمي كحقٍّ إلهي من (خليج أمريكا إلى غرينلاند) و(من الضفة الغربية إلى غزة)".
وتحدث الكاتب عن انشغال ترامب ونتنياهو في بناء عالم "ما بعد أمريكا" و"ما بعد إسرائيل".
ويرى أن الولايات المتحدة تتخلى عمداً عن هويتها الجوهرية كدولة ملتزمة بسيادة القانون في الداخل وتحسين أوضاع البشرية جمعاء في الخارج.
ويعتقد الكاتب أن ترامب تتعامل بازدراء مع حلفائها الديمقراطيين، المتمسكين بالسوق الحرة وسيادة القانون، مثل الاتحاد الأوروبي.
ووفق رؤية الكاتب فإن الإدارة الأمريكية الحالية غير مهتمة على الإطلاق بالحفاظ على قوتها الناعمة.
"يجهلون تماماً حقيقة مفادها أنه إذا فقدناها (القوة الناعمة) فإننا نفقد قدرتنا على إقناع الدول الأخرى بالانضمام إلينا في تشكيل عالم أكثر تقبلاً لمصالحنا وقيمنا، وهي الميزة الأعظم التي كانت لدينا دائما على حساب روسيا والصين"، يقول فريدمان.
وتحدث فريدمان عن إقدام نتنياهو على إقالة مسؤولين بسبب "عدم الولاء الكافي"، وتعرضه للمحاكم بتهم فساد، ومحاولته تقويض سلطة المحكمة العليا.
"اندمجت استراتيجيات ترامب ونتنياهو الداخلية تماماً مع تسليح معاداة السامية كوسيلة لإسكات المنتقدين أو نزع الشرعية عنهم"، وفق فريدمان.
ويضيف: "بصفتي يهودياً أمريكياً، لا أحتاج ولا أرغب في دفاع ترامب الساخر. فهو لا يزال الرجل الذي دافع، عن القوميين البيض والنازيين الجدد الذين احتجوا في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا…وتبنى حزب البديل من أجل ألمانيا الألماني المتعاطف مع النازية …".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية بـ50% على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو
ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية بـ50% على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو

لكم

timeمنذ ساعة واحدة

  • لكم

ترامب يوصي بفرض رسوم جمركية بـ50% على الاتحاد الأوروبي من أول يونيو

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول يونيو، مشيرا إلى أن التعامل مع التكتل بشأن التجارة صعب. وذكر ترامب على منصة تروث سوشيال التي يمتلكها أن 'التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي تشكل بالأساس لاستغلال الولايات المتحدة من الناحية التجارية، صعب جدا… مناقشاتنا معهم لا تفضي إلى أي نتيجة!'. وفقا لرويترز، يأتي هذا التصعيد بعد أن قدم الاتحاد الأوروبي في وقت سابق اقتراحا تجاريا جديدا للولايات المتحدة، بهدف إعادة إحياء المحادثات. وتضمن الإطار المعدل مجموعة من المقترحات التي تراعي المصالح الأمريكية، مثل حماية حقوق العمال، وتعزيز المعايير البيئية، وضمان الأمن الاقتصادي. كما شمل تخفيض الرسوم الجمركية تدريجياً إلى الصفر على بعض المنتجات الزراعية غير الحساسة والسلع الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، قدم الاتحاد الأوروبي مقترحات لتعاون استراتيجي مع الولايات المتحدة في مجالات متعددة، من بينها الطاقة، الذكاء الاصطناعي، والاتصال الرقمي. لكن رغم ذلك، ظهرت مؤشرات على عدم رضا الجانب الأمريكي عن العرض المقدم، حيث وصف وزير التجارة هاوارد لوتنيك بعض المفاوضات التجارية بأنها 'مستحيلة'، مشيراً إلى أن ألمانيا مثلاً ترغب في إبرام اتفاق لكنها لا تمتلك الصلاحية لذلك. في المقابل، يواصل الاتحاد الأوروبي استعداداته لردود فعل انتقامية إذا لم تثمر المفاوضات عن نتائج مرضية، حيث وضع خططاً لفرض رسوم جمركية إضافية على صادرات أمريكية بقيمة 95 مليار يورو (107 مليارات دولار)، وذلك رداً على السياسات الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب، بما في ذلك فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات وبعض القطع. وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق مؤخراً على تأجيل تنفيذ مجموعة من الرسوم الانتقامية ضد الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً، في خطوة جاءت بعد أن خفض ترامب نسبة الرسوم المفروضة على صادرات الاتحاد الأوروبي من 20% إلى 10% للفترة نفسها. هبوط الأسهم الأوروبية والأمريكية انخفضت أسهم وول ستريت عند الفتح اليوم الجمعة بعد أن أوصى ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي. وتراجع سهم أبل بعد أن حذر ترامب من اضطرار الشركة إلى دفع رسوم جمركية إذا لم يتم تصنيع هواتفها في الولايات المتحدة. وهبط المؤشر داو جونز الصناعي 333.4 نقطة أو 0.80% ليصل إلى 41525.7 نقطة. وانخفض المؤشر ستاندرد آند بوزر 500 بواقع 60.1 نقطة أو 1.03% إلى 5781.89 نقطة. وتراجع المؤشر ناسداك المجمع 303.4 نقطة أو 1.60% إلى 18622.38 نقطة عند الفتح. هبطت أسواق الأسهم الأوروبية أيضا، وانخفضت بورصة باريس بنسبة 2.43% وتراجعت بورصة فرانكفورت بنسبة 2,03%، وميلانو بنسبة 2,77%.

دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية
دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية

يا بلادي

timeمنذ 2 ساعات

  • يا بلادي

دعوات أمريكية متجددة لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية

تتواصل الجهود في الولايات المتحدة، لإقناع إدارة ترامب بإدراج جبهة البوليساريو ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. وقد سلط مقال حديث الضوء على معطيات جديدة لدعم هذه الخطوة. وكتب روبرت غرينواي، مدير مركز أليسون للأمن الوطني في مؤسسة هيريتاج، قائلاً: "في عام 1988، أسقطت صواريخ جبهة البوليساريو طائرتين تابعتين للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أدى إلى مقتل خمسة أمريكيين، ولم ترد الولايات المتحدة بفرض عقوبات". منذ حادثة 1988، شهد السياق الاستراتيجي تغيرات كبيرة. ففي نونبر 2020، انسحبت جبهة البوليساريو بشكل أحادي من وقف إطلاق النار لعام 1991 الذي تم التفاوض عليه تحت رعاية الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وأعلن قادتها المنطقة "منطقة حرب"، واستأنفوا إطلاق الصواريخ على طول الجدار الرملي المغربي البالغ طوله 1700 كيلومتر، محذرين من أن القنصليات وشركات الطيران والشركات الأجنبية أصبحت "أهدافًا مشروعة"، وفقا لما أكده مستشار سابق للأمن القومي الأمريكي لأفريقيا والشرق الأوسط. وقد أثار نشر هذا المقال رد فعل قوي من البوليساريو، حيث نددت إحدى وسائل إعلامها، يوم الخميس 22 مايو، بحملة تضليل تشن "ضد جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي". وعلى الرغم من مقتل خمسة أمريكيين على يد البوليساريو، فإن عدد الضحايا الإسبان من أعمالها الإرهابية يتجاوز 300 شخص. وكما هو الحال في الولايات المتحدة، تستمر السلطات الإسبانية في تجاهل هذه الصفحة المظلمة في تاريخ البوليساريو.

الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام
الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام

مراكش الآن

timeمنذ 5 ساعات

  • مراكش الآن

الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض، في وقت وصلت العلاقة بين البلدين إلى أدنى مستوياتها، في هذا الصدد أعلن مكتب رامافوزا في بيان أن «زيارة الدولة التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة ستوفر منصة لإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، سيما وأن الولايات المتحدة تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا بعد الصين، بموجب قانون فرص النمو في إفريقيا المعفاة من الرسوم الجمركية الذي تم تقديمه عام2000. اللقاء/ الفخ، فاجأ به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا خلال لقائهما في المكتب البيضاوي، حيث بدا الأخير مرتبكا وغير قادر على التعبير السليم، لقد كان يحاول جاهدا جمع أفكاره والبحث عن الكلمات المناسبة، سيما أن اللقاء جرى أمام وسائل الإعلام..! خلال اللقاء أحرج الرئيس الأمريكي نظيره سيريل رامافوزا بعرض صور ومقاطع فيديو تثبت وجود إبادة جماعية تستهدف البيض في جنوب إفريقيا، وفي إحدى اللقطات من الفيديو، ظهر جوليوس ماليما زعيم حزب المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية، وهو يدلي بتصريحات اعتبرها ترامب داعمة للاتهامات الأمريكية بشأن تعرض المزارعين البيض لأعمال إبادة. لقد أكد الرئيس الأمريكي أمام رامافوزا ووسائل الإعلام أن:' إيجاد حل لمسألة البيض هناك سيجعل العلاقة جيدة بين البلدين، وأن عدم حلها سيعني نهاية جنوب إفريقيا' وفق تعبيره. لقد ترجمت إدارة ترامب غضبها بطرد السفير الجنوب إفريقي لدى الولايات المتحدة، وقرر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عدم المشاركة في قمة وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبورغ فبراير الماضي. وفي أبريل الماضي فرضت إدارة ترامب، رسوما جمركية بنسبة 30 في المائة على جميع السلع الجنوب إفريقية و25 في المائة إضافية على السيارات والمركبات، ممارفع إجمالي الضريبة عليها إلى55في المائة، كما وقع ترامب أمرا بوقف المساعدات لجنوب إفريقيا متهما إياها بالتعاون مع إيران لتطوير برنامج نووي. لقد وجه ترامب ضربة اقتصادية ضد جنوب إفريقيا، حيث وقع أمرا بتنفيذ وقف المساعدات الخارجية لمدة تسعين يوما، ما أدى إلى تعطيل تمويل برامج مكافحة أمراض قاتلة مثل الإيدز، حيث كانت الولايات المتحدة تمول نحو 18 في المائة من موازنة جنوب إفريقيا لمكافحة المرض، حيث تصنف جنوب إفريقيا أكبر مكان في العالم للمصابين بمرض نقص المناعة البشرية. سلسلة من الإجراءات الاقتصادية اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد نظام جنوب إفريقيا الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة التي تزيد على 30 في المائة، ومعدل نمو اقتصادي أقل من1 في المائة في المتوسط. تلك نكبة نظام جنوب إفريقيا، ولأن المصائب تأتي تباعا، تطالب «كيب الغربية» بالاستقلال عن جنوب إفريقيا.. نعم كما تدين تدان، لقد جاء في روضة العقلاء 'كما تدين تدان وبالكأس الذي تسقي به تشرب وزيادة لأن البادي لا بد له من أن يزاد'. تذكرت هذه الحكمة البليغة التي أوردها الشيباني وأنا أتصفح الأخبار القادمة من مختلف أنحاء العالم، وفحواها أن حركة 'ويسترن كيب' أو 'كيب الغربية' تطالب بالاستقلال عن دولة جنوب إفريقيا من خلال تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو المطلب الذي يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا منذ سنوات. نعم محافظة كيب الغربية، التي تبلغ مساحتها حوالي 130 ألف كيلومتر مربع، والتي يقدر عدد سكانها بـ6,5 ملايين نسمة، والتي تحتضن مدينة كيب تاون، ثالث أكبر مدن جنوب إفريقيا، يتطلع شعبها إلى الاستقلال، لذلك انبرى فيها حزب 'كيب' إلى المناداة بالانفصال عن دولة جنوب إفريقيا وسط دعم شعبي يتزايد مع الأيام. ويرتكز هذا الحزب على الدستور الجنوب إفريقي لإعلان مطالبه بطرق سلمية، وتحديدا المادة 235، التي تسمح للشعوب المتميزة ثقافيا ولغويا بإنشاء دولة مستقلة، وهو الشيء الذي دفع زعيمه جاك ميلر إلى وصف جنوب إفريقيا بـ'الدولة الاستعمارية'. لذلك يطالب هذا الحزب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو ما يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا (حزب المؤتمر الوطني الإفريقي)، بل رفض مجرد نقل سلطات معينة إلى حكومة المقاطعة مثل مجالات الشرطة والنقل العام. شعب منطقة كيب الغربية، الغني بموارده، يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية مسّت كل جوانب الحياة وشملت جميع القطاعات، رغم القوة الاقتصادية لهذه المحافظة التي لا تتحكم حتى في ضرائبها، مما أدى إلى بلوغ معدل البطالة بها ما يزيد عن 25 بالمائة، وتفشت الجريمة بها بشكل كبير، حيث تسجل أعلى معدل لجرائم القتل في العالم، كما انهارت البنية التحتية والخدماتية، بل وصل الأمر إلى انقطاع التيار الكهربائي يوميا، ما أدى إلى خنق النمو الاقتصادي. ورغم هذه المعاناة يستمر نظام دولة جنوب إفريقيا في فرض الحصار على أحلام هذا الشعب، متحججا بكون دستوره ينص على تقرير المصير في إطار سيادة الدولة! في الوقت الذي يتبجح فيه مسؤولوه بالعديد من العنتريات السياسوية والشعارات البلهاء الفارغة، وينصبون أنفسهم حماة للعديد من الأوهام التي تجعلهم يتدخلون في سيادة الدول. ولكي لا نحرم أنفسنا من تتبع بعض اللحظات التراجيدية في مسرح التاريخ، أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة في جنوب إفريقيا، فينيست ماغوينيا، أن للرئيس سيريل رامافوزا 'نظرة متشائمة للغاية' تجاه الزيارة التي تعتزم 'مجموعة الدفاع عن استقلال كيب' القيام بها شهر أبريل المقبل للولايات المتحدة لطلب انفصال كيب الغربية عن جنوب إفريقيا، منهيا حديثه بالقول: 'نحن نشكل مجتمعا ديمقراطيا ينبغي ألا يزج به في دوامة الانقسامات العرقية'. وأضاف 'لا يمكن السماح لأي جزء من البلاد بالانفصال'. في المقابل يقوم شعب ويسترن كيب بترويج حضاري وديمقراطي لحملته التحررية، لاسيما أنه يسعى من خلال ذلك للضغط على حكومة جنوب إفريقيا لاحترام المبادئ الديمقراطية وإجراء استفتاء حول استقلال الإقليم، علما أن توترات شابت مؤخرا العلاقة بين جنوب إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب إصدار الرئيس جنوب الإفريقي قانون مصادرة الأراضي، علاوة على طرد السفير الجنوب إفريقي بالولايات المتحدة، إبراهيم رسول، مؤخرا بحجة أن قانون المصادرة الجنوب إفريقي ينتهك حقوق الإنسان ويصادر الأراضي بشكل تعسفي. حركة 'كيب الغربية'، التي يقودها الأفارقة البيض، تعتزم إجراء زيارة لواشنطن للحصول على دعم دونالد ترامب لهذه المطالب، حسبما أعلنته 'مجموعة الدفاع عن استقلال كيب '(GIAC). إنهم يعتزمون إرسال وفد يمثل شعبهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء مسؤولين أمريكيين من أجل الدعم الدبلوماسي حتى يمكنهم إجراء استفتاء لاستقلال كيب. الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، الذي يحلو له أن يقدم نفسه بكونه مناصر الشعوب التي تتوق إلى الاستقلال في إفريقيا، أكد أن 'أي جزء من جنوب إفريقيا لن يسمح له بالانفصال'، وهو ما يتناقض مع الحق في تقرير مصير الشعوب، الذي تتبجح به دولة جنوب إفريقيا انطلاقا من 'الالتزام الأخلاقي والقانوني الذي يقع على عاتق بلاده'، كما صرح بذلك مؤخرا دبلوماسي جنوب إفريقي حول الصحراء المغربية. شعب ويسترن كيب (WC) يطمح إلى تأسيس دولة ديمقراطية لأنه من خلال الاقتراع الذي أجرته جهات مستقلة أجمع أغلبية سكان كيب الغربية على دعم الاستفتاء حول مسألة استقلال كيب، وفي حالة الرفض أعلن أنه سيلجأ إلى الأمم المتحدة كما يملي ذلك القانون الدولي. بقي أن أشير إلى أن هذا الشعب المحتل يطالب بمد العون له جراء ما يعانيه من نظام دولة جنوب إفريقيا. المغرب دولة ذات دبلوماسية ثابتة ونهج سياسي واضح يرتكز على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، رغم تعرضه لحملات دعائية معادية من قبل جنوب إفريقيا. بقي أن أشير، أنه في بعض اللحظات التراجيدية في مسرح التاريخ حري بنا التملي في الحكمة التراثية البليغة: 'كما تدين تدان، وبالكأس الذي تسقي به تشرب وزيادة لأن البادي لا بد له من أن يزاد'، وهذا ما يرويه تاريخ الشعوب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store