
بمناسبة عيد العمال.. دراسة أثرية: الحرفيون فى مصر القديمة يورثون المهنة لأولادهم
أعلنت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، عن دراسة أعدّتها الدكتورة رنا التونسي، رئيس لجنة الدراسات والبحوث بحملة الدفاع عن الحضارة المصرية ونائب رئيس الحملة، بشأن تعليم المهنة للأطفال ومعاملتهم بلطف.
وتشير الدكتورة رنا التونسي في دراستها إلى أن هناك عرفًا سائدًا في مصر القديمة، وهو توريث الحرفة؛ إذ إن غالبية العمال من المصريين القدماء نشأوا في مهنتهم منذ الطفولة، وكان ذلك على يد آبائهم. ولا يزال هذا شائعًا حتى اليوم في معظم الأعمال الحرفية. كما أن الآباء في مصر القديمة لم يقوموا فقط بتدريب أبنائهم على الأعمال الحرفية الصغيرة، بل أيضًا على علاقات العمل التابعة لها.
وأوضحت أنه منذ عصر الدولة القديمة، أشارت بعض المناظر النادرة على جدران المعابد إلى مشاركة الأطفال أحيانًا في أعمال البناء كمساعدين، ومن المؤكد أن دورهم كان ثانويًا، وكانوا يعملون على سبيل التعلم.
ويضيف الدكتور ريحان أن العمال المهرة لم يبخلوا بخبرتهم على الأطفال، فأشركوهم معهم في العمل، وكانوا يعطفون عليهم، ولم يكلفوهم إلا بالأعمال اليسيرة السهلة. كما أن الأسلوب الذي كانوا يتعاملون به معهم فيه شيء من اللطف، فعلى سبيل المثال، هناك نقوش بمقبرة "بتاح حتب" نجد فيها حوارًا بين عامل وصبي، حيث يطلب العامل الحبل من الطفل قائلًا: "يا صغيري، أحضر لنا الحبال"، فيرد الطفل: "يا والدي، خذ هذا الحبل من أجلك".
في هذا النقش دليلٌ على حسن معاملة العامل للصبية، بشكل فيه الكثير من الإنسانية.
وعلى ما يبدو، فإن هذا الطفل هو ابن العامل نفسه، حيث يقوم بتعليمه مهنته حتى يرثها منه فيما بعد.
وهناك نقش آخر في مقبرة "بتاح حتب" يصوّر صبيًا يساعد النحّات في جلب إبريق إلى فمه، ثم يأمره النحّات أن ينادي على العمال: "افعل ذلك، افعل ذلك بسرعة حتى تتمكن من استدعاء العمال لتناول الطعام".
وفي عصر الدولة الحديثة، تظهر مناظر جدران مقبرة الوزير "رخميرع" أيضًا أن الأبناء كانوا يُدرّبون في ورشة عمل كبيرة، حيث كان يتم تجميع العمال في مجموعات، ومن بين هؤلاء قسم من الشباب والأطفال، ويمكننا أن نفترض أن الأولاد كانوا يُجندون في عمل آبائهم الذين لم يتمكنوا من أداء العمل، ربما لكون الأب مريضًا أو كبيرًا في السن، حيث كانوا ماهرين في حرفتهم.
ويرى بعض العلماء أن الأطفال كان لهم دور في إعداد وتشييد المقابر في دير المدينة، حيث كانت عملية نقل الركام إلى الخارج من اختصاص الأطفال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقباط اليوم
منذ 2 أيام
- الاقباط اليوم
بتكلفة 60 مليون جنيها.. تعرف على خطة إنقاذ منطقة أبو مينا الأثرية بالإسكندرية
كشف الدكتور عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن وزارة السياحة والآثار وضعت خطة إنقاذ للمنطقة الأثرية أبو مينا بمحافظة الاسكندرية من خطر المياة الجوفية، فهى مسجلة كأثر بالقرار رقم 698 لسنة 1956، وتراث عالمى باليونسكو عام 1979، وأدرج على قائمة التراث العالمى المعرض للخطر عام 2001 نتيجة المياه الجوفية والأملاح التى هددت آثار المنطقة. وقال: تم إعداد مشروع لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالتنسيق مع وزارتى الرى والزراعة وإدارة دير مارمينا والمحليات، تم وضع حلول علمية وعملية لحماية المنطقة الأثرية من المياه المتسربة إليها من الزراعات المحيطة بها نتيجة الرى بالغمر وإزالة كافة التعديات، مع متابعة مستمرة من خبراء عالميين فى مجال المياه والرى والآثار والثقافة والفنون التابعين لمنظمتى اليونسكو والفاو. وتم تشكيل لجنة عليا لإدارة مواقع التراث العالمي عام 2018 برئاسة مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات الوطنية والاستراتيجية بقرار من رئيس الجمهورية وأنهت وزارة السياحة والآثار مشروع معالجة المياه الجوفية يوم 14 مايو 2022. تفاصيل مشروع إنقاذ المنطقة الاثرية وأضاف الدكتور ريحان فى تصريحات للدستور أنه قد بدأ تنفيذ المشروع عام 2019 بتمويل ذاتي من المجلس الأعلى للآثار بتكلفة 60 مليون جنيه تضمن تنفيذ 12 بئرًا حول منطقة قبر القديس مينا بمنطقة أثار أبو مينا بأعماق تتراوح بين 35 إلى 50 مترًا وتنفيذ 57 بئرًا حول الموقع الأثرى ومد خطوط طرد المياه للمنطقة بطول حوالي 6150 مترًا طوليًا وربط شبكة الآبار المستحدثة وكافة الأعمال الكهروميكانيكية بمنظومة التحكم الموجودة بالموقع، وساهمت وزارة الرى والموارد المائية في أعمال تطهير المصارف المتواجدة داخل المنطقة الأثرية والمصارف العمومية حول المنطقة، أمّا وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي فقد ساهمت في أعمال تحويل نظام الري للأراضي حول المنطقة الأثرية ليصبح بالتنقيط بدلًا من الغمر، الأمر الذي كان له دور فعال في تقليل حجم مياه الصرف الزراعي وتقليل مشاكل المياه الجوفية بالمنطقة. وأجرت منطقة آثار الإسكندرية تجارب على نجاح المشروع حتى تأكد عدم وجود أي تجمعات مياه بالمنطقة الأثرية بالكامل بما فيها قبر القديس مينا. واختتم ريحان: زارة السياحة والآثار تؤهل الموقع للزيارة ووضعه على خارطة السياحة المحلية والعالمية بعمل لوحات إرشادية ومعلوماتية بالموقع وتطوير خدمات الزائرين بالتعاون مع المكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، تركيب أكثر من 19 لوحة إرشادية ومعلوماتية تتضمن تعريف مسار الزيارة ومعلومات تاريخية وأثرية عن موقع أبو مينا الأثري وإزالة الحشائش من المنطقة والبالغ مساحتها 5000م والتي أظهرت كل الشواهد الأثرية للحمام المزدوج ومعاصر النبيذ وتم إنشاء دورات مياه للزائرين ورفع كفاءة الموقع العام وتطوير للخدمات المقدمة.


الدستور
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
بمناسبة عيد العمال.. دراسة أثرية: الحرفيون فى مصر القديمة يورثون المهنة لأولادهم
أعلنت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، عن دراسة أعدّتها الدكتورة رنا التونسي، رئيس لجنة الدراسات والبحوث بحملة الدفاع عن الحضارة المصرية ونائب رئيس الحملة، بشأن تعليم المهنة للأطفال ومعاملتهم بلطف. وتشير الدكتورة رنا التونسي في دراستها إلى أن هناك عرفًا سائدًا في مصر القديمة، وهو توريث الحرفة؛ إذ إن غالبية العمال من المصريين القدماء نشأوا في مهنتهم منذ الطفولة، وكان ذلك على يد آبائهم. ولا يزال هذا شائعًا حتى اليوم في معظم الأعمال الحرفية. كما أن الآباء في مصر القديمة لم يقوموا فقط بتدريب أبنائهم على الأعمال الحرفية الصغيرة، بل أيضًا على علاقات العمل التابعة لها. وأوضحت أنه منذ عصر الدولة القديمة، أشارت بعض المناظر النادرة على جدران المعابد إلى مشاركة الأطفال أحيانًا في أعمال البناء كمساعدين، ومن المؤكد أن دورهم كان ثانويًا، وكانوا يعملون على سبيل التعلم. ويضيف الدكتور ريحان أن العمال المهرة لم يبخلوا بخبرتهم على الأطفال، فأشركوهم معهم في العمل، وكانوا يعطفون عليهم، ولم يكلفوهم إلا بالأعمال اليسيرة السهلة. كما أن الأسلوب الذي كانوا يتعاملون به معهم فيه شيء من اللطف، فعلى سبيل المثال، هناك نقوش بمقبرة "بتاح حتب" نجد فيها حوارًا بين عامل وصبي، حيث يطلب العامل الحبل من الطفل قائلًا: "يا صغيري، أحضر لنا الحبال"، فيرد الطفل: "يا والدي، خذ هذا الحبل من أجلك". في هذا النقش دليلٌ على حسن معاملة العامل للصبية، بشكل فيه الكثير من الإنسانية. وعلى ما يبدو، فإن هذا الطفل هو ابن العامل نفسه، حيث يقوم بتعليمه مهنته حتى يرثها منه فيما بعد. وهناك نقش آخر في مقبرة "بتاح حتب" يصوّر صبيًا يساعد النحّات في جلب إبريق إلى فمه، ثم يأمره النحّات أن ينادي على العمال: "افعل ذلك، افعل ذلك بسرعة حتى تتمكن من استدعاء العمال لتناول الطعام". وفي عصر الدولة الحديثة، تظهر مناظر جدران مقبرة الوزير "رخميرع" أيضًا أن الأبناء كانوا يُدرّبون في ورشة عمل كبيرة، حيث كان يتم تجميع العمال في مجموعات، ومن بين هؤلاء قسم من الشباب والأطفال، ويمكننا أن نفترض أن الأولاد كانوا يُجندون في عمل آبائهم الذين لم يتمكنوا من أداء العمل، ربما لكون الأب مريضًا أو كبيرًا في السن، حيث كانوا ماهرين في حرفتهم. ويرى بعض العلماء أن الأطفال كان لهم دور في إعداد وتشييد المقابر في دير المدينة، حيث كانت عملية نقل الركام إلى الخارج من اختصاص الأطفال.


تحيا مصر
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- تحيا مصر
العمال في مصر القديمة: شركاء البناء في حضارة عظيمة تحت مظلة قيم العدالة
"اجتهد في كل لحظة، اذهب أبعد مما يُطلب منك، لا تترك الوقت يضيع إن كنت قادراً على العمل، فكل من يهمل وقته يُحرم بركاته. اغتنم كل فرصة تزيد ثروة بيتك، لأن العمل هو أبو الثروة، والثروة تتبدد إذا هجرت العمل" هذه الكلمات مستوحاة من تعاليم "تعاليم أمينيموبي" و"تعاليم بتاح حتب". ليست مجرد نصائح عملية، بل تعكس رؤيةً عميقةً للمصريين القدماء للعمل كقيمة مقدسة، وطريقٍ للعمران والرفعة. ففي حضارة أذهلت العالم بأهراماتها ومعابدها، لم يكن البناء مجرد صروحٍ حجرية، بل كان أيضاً صرحاً أخلاقياً قائماً على العدل والاحترام المتبادل بين العمال وأرباب العمل. العامل في مصر القديمة: شريك في البناء، لا مجرد أداة على عكس الصورة النمطية التي تصور عمال الأهرام كعبيدٍ يعملون تحت السوط، تكشف النقوش الأثرية والبرديات أن العمال المصريين كانوا فئة محترمة، ذات حقوق ومطالب. ففي عهد رمسيس الثالث، سجلت بردية "إضراب دير المدينة" أول احتجاج عمالي في التاريخ، حين توقف عمال مقابر طيبة عن العمل بسبب تأخر أجورهم، حتى استجابت السلطات لمطالبهم. هذه الواقعة تكشف وجود وعي جماعي بحقوق العمال*، بل ونظامٍ قانونيٍّ يحميه حشب تقرير نشرته " بي بي سي" فئات العمال في مصر القديمة كان العمال ينقسمون إلى فئات :العمال المهرة مثل البنائين والنحاتين، الذين عملوا في مشاريع الملك والمعابد، وكانوا يحصلون على أجور عينية (قمح، شعير، زيت، ملابس) بالإضافة إلى السكن في قرى مخصصة مثل قرية دير المدينة. الفئة الثانية هي فئة الفلاحين الذين كانوا يعملون في مواسم الزراعة، ثم يُجندون في مشاريع البناء خلال فترة الفيضان، وأخيرا الحرفيون مثل صانعي الفخار والنساجين، الذين تمتعوا بمكانة مستقرة في المجتمع الحضري. حياة العمال: بين المشقة والضمانات الاجتماعية على الرغم من صعوبة العمل في بناء الأهرامات أو نحت المسلات، فإن الأدلة الأثرية تُظهر أن العمال كانوا يتلقون رعاية صحية وغذائية متميزة. اكتشف علماء الآثار في موقع الجيزة مقابر لعمالٍ نُحتت عليها ألقابهم بفخر، مثل "رئيس عمال البناء"، مما يدل على اعتراف المجتمع بفضلهم. كما عُثر على عظامٍ تحمل آثار علاج كسورٍ متقن، مما يشير إلى وجود نظامٍ طبيٍّ متقدمٍ للعناية بهم. أما عن حياتهم اليومية، فكانت قراهم تضم: مخابز جماعية لتوفير الخبز الطازج، ومستودعات طبية تحتوي على أعشابٍ ومراهمَ لعلاج الإصابات، ومدارس لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة، كما تُظهر برديات وجدت في دير المدينة. العدالة الاجتماعية.. عندما سبقت مصر العالم لم تكن مصر القديمة مجتمعاً مثالياً خالياً من الصراعات، لكن نظامها الإداري كان يضمن توزيعاً عادلاً للموارد. ففي عهد الدولة الحديثة، كانت الأجور تُدفع بانتظام، وإذا حدث خللٌ، كانت الشكاوى تصل إلى الوزير أو الفرعون نفسه، كما حدث في عهد الملك نفركارع عندما اشتكى الفلاحون من جور موظفي الضرائب. وقد وصل الأمر إلى حدّ وجود قوانين تحمي العمال من الاستغلال، مثل منع العمل في ساعات الحر الشديد، أو توفير أيام راحة خلال الأعياد الدينية. بل إن بعض النصوص تذكر مكافآت للعمال المتميزين، مثل منحهم مقابر قريبة من مجمعات الملوك كتقديرٍ لاجتهادهم. اليوم، ونحن ننظر إلى تمثال "الكاتب المصري" الجالس والمستعدّ لتدوين التاريخ، أو إلى رسوم العمال وهم يحملون الأحجار في مقابر طيبة، ندرك أن مصر القديمة لم تكن تبني بالحجر فقط، بل بإيمانٍ راسخٍ بأن العمل الجاد هو أساس المجد. لقد فهم المصريون قبل آلاف السنين ما نعرفه اليوم: أن الحضارة لا تقوم بغير عدالةٍ اجتماعيةٍ، واحترامٍ للإنسان العامل.