logo
العرب ومعركة التوازن

العرب ومعركة التوازن

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام
أغلب الظن أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يغادر البيت الأبيض إلا بعد أن يكون قد أعاد رسم خريطة الشرق الأوسط، بالتعاون الوثيق مع حليفته إسرائيل التي يمثلها اليوم رئيس الوزراء الذي أمضى أطول فترة في منصبه؛ بنيامين نتنياهو. يريد ترمب أن يُسجّل له التاريخ أنه غيّر مسار الأحداث في المنطقة والعالم، بمعزل طبعاً عن النتائج والتداعيات.
ترمب رجل صفقات، ينهل من خلفيته العقارية والتجاريّة ويصبّ في المجال السياسي. يبحث عن عقود اقتصاديّة لفتح المزيد من الآفاق أمام الاقتصاد الأميركي في مجال الأسلحة والاستثمارات الأخرى، ولا يكترث بتاتاً للمبادئ الأخلاقيّة، أو حتى للسياسات التقليديّة التي تعتمدها المؤسسة السياسيّة الأميركيّة المشكّلة من مؤسسات دستوريّة (حكومة وكونغرس وسلطة قضائيّة)، ومن مجموعات ضغط وإعلام مملوك من كبار الأثرياء (وبين هؤلاء وترمب «عداوة كار»).
سرعان ما تبيّن له بُعيد عودته «المظفّرة» إلى البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) الماضي، أن الوعود الكثيرة التي أطلقها في مرحلة الحملات الانتخابيّة بالنسبة إلى وقف الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزة والحرب الروسيّة - الأوكرانيّة، ليست بالسهولة التي يمكن التعامل معها بخفة كما يحصل في المهرجانات الانتخابيّة حيث تلتهب الحماسة عند الجمهور، ويعلو التصفيق عند أي كلمة أو عبارة سياسيّة، بمعزل عن القدرة على الالتزام بها.
رغم كل قوة ترمب لم تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة التي حصدت أكثر من 50 ألف ضحية، بينهم نحو 18 ألفاً من الأطفال. وذهبت مخيلته نحو المشاريع العقاريّة في غزة بدل البحث الجدي عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي يناضل في سبيلها منذ أكثر من سبعة عقود! ومنذ أيام معدودة، أعلن ترمب عن «خيبة أمله» من نظيره الروسي فلاديمير بوتين لعدم تعاونه في إنهاء الحرب على أوكرانيا، وتبيّن له أنه ليس مطواعاً كما كان يظن، رغم أنه «سلّفه» موقفاً متقدماً من خلال استقباله السيئ للرئيس الأوكراني في البيت الأبيض بما تجاوز الأصول والأعراف الدبلوماسيّة المعتمدة في الاجتماعات بين رؤساء الدول.
المهم أن «قطار» إعادة رسم الشرق الأوسط انطلق بقوة، وأخذ دفعاً كبيراً من خلال الانغماس الأميركي المباشر في توجيه الضربات العسكريّة للمواقع النوويّة الإيرانيّة، وعدم الاكتفاء بدعم حليفة واشنطن؛ أي إسرائيل، أثناء قيامها بذلك. ومع الانكفاء الإيراني، وإضعاف أذرعها في المنطقة، وسقوط نظام بشار الأسد في دمشق، ترتسم معالم جديدة في المنطقة تمتلك فيها إسرائيل اليد الطولى؛ فهي قادرة على مواصلة حربها في غزة مضيفة إليها سلاح التجويع، وتقصف في لبنان من دون حسيب أو رقيب، وتغير على سوريا وتحتل أجزاء إضافيّة من أراضيها، ولا من يسأل أو يردع.
من هنا، تبرز الحاجة إلى بلورة محور عربي يملك القدرة على تحقيق الحد الأدنى من التوازن السياسي، وإن لم يكن العسكري. محور يملك رؤية جديدة للمنطقة وآفاقها المستقبليّة، تقوم على مرتكزات جديدة مغايرة للمرتكزات القديمة التي سقطت بالضربات القاضية، والتي مضى عليها الزمن.
المطلوب بلورة رؤية عربية واضحة تؤكد أن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وأن القفز فوقها يفاقم مشاكل المنطقة ولا يحلها، وأن العرب لديهم القدرة على المنافسة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتكنولوجيا، خصوصاً أن ما حققته دول الخليج العربي من نهضة اقتصادية غير مسبوقة في السنوات الأخيرة كفيل بتغيير وجه المنطقة أيضاً.
إذا كانت المواجهة العسكريّة العربيّة - الإسرائيليّة صارت شيئاً من الماضي بفعل تبدّل موازين القوى وتغيّر الأولويات السياسيّة؛ فإن البحث عن سبل جديدة للمواجهة يبدو مُلحاً وضرورياً؛ لأن البديل عنها سيكون الانصياع التام للرغبات الإسرائيليّة في تطويع كل دول المنطقة بما يخدم مشروعها الذي لا يتوقف عند أي حدود سياسيّة أو أخلاقيّة أو جغرافيّة.
بإمكان الدول العربية أن تقود معركة التوازن؛ لأنها في مكانٍ ما بمثابة معركة وجود، وأي تصنيف سياسي أقل من ذلك يبقى قاصراً عن التعامل مع التحديات الكبيرة التي سوف تعيشها المنطقة في العصر الراهن.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: على باول الاستقالة من منصبه على الفور
ترامب: على باول الاستقالة من منصبه على الفور

أرقام

timeمنذ 29 دقائق

  • أرقام

ترامب: على باول الاستقالة من منصبه على الفور

دونالد ترامب و جيروم باول واصل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ضغطه على رئيس الفيدرالي "جيروم باول"، موضحًا أنه يجب أن يستقيل على الفور من منصبه. وصرح "ترامب" للصحفيين الأحد حسبما نقلت "فوكس نيوز" قائلاً: سيكون أمرًا عظيمًا بالنسبة للولايات المتحدة إذا استقال من منصبه، إنه سيئ للغاية بالنسبة لبلدنا. وأضاف: حسنًا أعتقد أن تنحي "باول" سيكون أمرًا رائعًا، لا أعلم إن كان سيفعل ذلك، لكن ينبغي عليه ذلك، لقد أساء لبلدنا كثيرًا، كان ينبغي أن يكون لدينا أدنى فائدة في العالم، لكنه ببساطة يرفض القيام بذلك. وذلك بعدما هدد "ترامب" مرارًا وتكرارًا بإقالة "باول" من منصبه بسبب عدم خفض الفائدة، بينما يتمسك رئيس الفيدرالي بنهج الانتظار والترقب وخاصة وسط عدم اليقين بشأن آثار التعريفات الجمركية.

إدارة ترمب تواجه عاصفة انتقادات بسبب «ملفّات إبستين»
إدارة ترمب تواجه عاصفة انتقادات بسبب «ملفّات إبستين»

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

إدارة ترمب تواجه عاصفة انتقادات بسبب «ملفّات إبستين»

عادت قضية جيفري إبستين، رجل الأعمال المتهم باعتداءات جنسية والاتجار بفتيات قاصرات، الذي انتحر في زنزانته عام 2019، إلى الساحة السياسية الأميركية، مثيرة هذه المرّة عاصفة انتقادات ضدّ إدارة الرئيس دونالد ترمب. ونفت وزارة العدل الأميركية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وجود دليل على احتفاظ إبستين بـ«قائمة عملاء»، أو أنه كان يبتز شخصيات نافذة. كما رفضا المزاعم بأن إبستين قُتل، مؤكدين وفاته منتحراً في أحد سجون نيويورك عام 2019. وقوبلت هذه الخطوة باستغراب من بعض المؤثرين اليمينيين الذين دعم كثير منهم ترمب لسنوات، كما وجّهوا انتقادات لاذعة لوزيرة العدل بام بوندي، وطالبوها بنشر «قائمة العملاء». وحضّ ترمب، في عطلة نهاية الأسبوع، قاعدته السياسية على التوقف عن مهاجمة إدارته بشأن هذه القضية. وكتب، في منشور على «تروث سوشيال»: «ماذا يحدث مع (أبنائي) (...)؟ جميعهم يهاجمون وزيرة العدل بام بوندي، التي تقوم بعمل رائع».

ترمب يعتزم القيام بثاني زيارة دولة إلى المملكة المتحدة
ترمب يعتزم القيام بثاني زيارة دولة إلى المملكة المتحدة

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ترمب يعتزم القيام بثاني زيارة دولة إلى المملكة المتحدة

يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب القيام بثاني زيارة دولة غير مسبوقة إلى المملكة المتحدة خلال الفترة من 17 إلى 19 أيلول (سبتمبر) المقبل، حيث سيستضيفه الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا في قلعة وندسور، حسبما أعلن قصر باكنغهام اليوم الاثنين. وسيرافق ترمب، الذي يعد داعما كبيرا للعائلة المالكة، وخاصة للملك، زوجته ميلانيا ترمب خلال الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام، حسبما أكد القصر. ولم يدع أي رئيس أميركي لزيارة دولة لمرة ثانية. وقد استمتع ترمب سابقا بفخامة وبهجة زيارة الدولة في عام 2019 خلال ولايته الأولى عندما استضافته والدة تشارلز الراحلة، الملكة إليزابيث الثانية. وقد سلم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الدعوة للزيارة الثانية من الملك يدا بيد في شباط (فبراير) الماضي خلال اجتماع في البيت الأبيض. وبعد قراءتها، قال ترمب إنها «شرف عظيم جدا» وبدا مسرورا بشكل خاص بحقيقة أنه سيقيم في قلعة وندسور، غرب العاصمة. وقال: »هذا شيء عظيم حقا». يشار إلى أن العرف المتبع فيما يتعلق برؤساء الولايات المتحدة الذين يتولون ولاية ثانية والذين قاموا بالفعل بزيارة دولة هو عادة تناول الشاي أو الغداء مع العاهل في قلعة وندسور، كما كان الحال بالنسبة للرئيسين السابقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما. وينظر إلى الزيارة على أنها جزء من جهود ستارمر للإبقاء على ترمب قريبا وتقليل تأثير بعض سياساته على المملكة المتحدة. وتبدو العلاقة بين الاثنين ودية، وقد ساعدت المملكة المتحدة على تجنب مواجهة نفس أنواع الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة التي تشهدها دول أخرى. لكن مثل زيارة ترامب السابقة، من غير المرجح أن يرحب به الجميع. ففي المرة الماضية، شهد يوم من الاحتجاجات تحليق بالون عملاق يصور ترمب كطفل برتقالي غاضب خارج البرلمان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store