
سياسة الهروب إلى الأمام
يمرُّ الوقت كئيباً وحزيناً على أهلنا في قطاع غزة، وهم يقتربون من نهاية العام الثاني، على حرب الإبادة وسياسة التجويع والتعطيش التي يمارسها الكيان الإسرائيلي بحقهم وفي أقل من عامين، بلغت الخسائر، في صفوف الغزاويين، أكثر من ستين ألف شهيد، يضاف لهم، ثلاثة أضعاف هذا العدد من الجرحى، جلُّهم من المدنيين، شيوخاً ونساءً وأطفالاً، عدا ما هو غير معروف عن أعداد المفقودين.
مشهد الهياكل العظمية، التي أصبحت معلومة للعالم بأسره، باتت موضع غضب واستنكار شعبي عالمي ونقلت صورة إسرائيل، من الدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، إلى دولة تمارس الإرهاب ولا تتردَّد في قتل الأطفال، الصورة التي برزت فيها إسرائيل، غداة ما بات يُعرف بطوفان الأقصى، تبدلت رأساً على عقب، فحكومات الغرب، التي سارعت للقدوم إلى تل أبيب، معلنة تضامنها مع نتنياهو وحكومته، لم تستطع مواصلة تقديم شيك على بياض، للحكومة الإسرائيلية. وصار السؤال الأكثر إلحاحاً، هو متى موعد وقف إطلاق النار؟
بل إن بعضاً من دول الاتحاد الأوروبي، طالب بمحاسبة المسؤولين عن حرب الإبادة.
صار العالم، منقسماً بين حكومة إسرائيل ونتنياهو، والإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب من جهة والعالم بأسره من جهة أخرى، في تحدٍ صارخٍ، للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وعلى رأسها القرارين 242 و338، التي اعتبرت الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب حزيران/ يونيو 1967، أراضيَ محتلةً، لا يجوز العبث بأوضاعها الجغرافية أو الديمغرافية، كما تعلن الحكومة الإسرائيلية، عن نيتها ضم قطاع غزة، لكيانها.
لقد كشفت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، جزءاً من تفاصيل خطة عسكرية، لاحتلال القطاع، نوقشت يوم الخميس الماضي، في مجلس الوزراء الأمني المصغر، رغم اعتراض رئيس الأركان، إيال زامير وعدد كبير من القادة الإسرائيليين السابقين، بسبب مخاطر احتلال القطاع، على أمن إسرائيل.
اللافت للنظر، هو سماح الرقابة العسكرية الإسرائيلية، بنشر المزيد من التفاصيل، عن الخطط العسكرية، التي ناقشها المجلس الوزاري المصغر، في غضون الأيام السابقة. وضمن ما تم نشره، الحديث عن مناورة برية تمتد من أربعة إلى خمسة أشهر، وفق تقديرات واضع خطة احتلال القطاع والتي سيتولى تنفيذها من أربع إلى ست فرق عسكرية وتتضمن الخطة، تحقيق هدفين رئيسيين، الأول يتعلق باحتلال مدينة غزة والمخيمات الواقعة وسط القطاع، في حين يتمثل الهدف الثاني، في تهجير السكان، أو ما تم توصيفه، بدفع سكان القطاع جنوباً، بالتزامن مع سياسة التجويع والتعطيش والحرمان من العلاج، بهدف تشجيع الغزاويين على الخروج من القطاع.
يأتي كل ذلك، متزامناً مع قرار اتخذه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو -المدانة تصرفات حكومته من قبل محكمة العدل الدولية والمطلوب للمحاكمة، من قبل محكمة الجنايات الدولية- للهروب إلى الأمام، بالمضي في احتلال غزة، بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، عن مصدر مطلع لم يحدد اسمه. وقد أكَّدت محطة سكاي نيوز هذه المعلومات وأشارت إلى موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، على مقترحات نتنياهو باحتلال غزة.
إن التصويت على القرار بضم قطاع غزة، تزامن مع احتجاجات متفرقة، أمام مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو في مدينة القدس وقد احتشد الإسرائيليون، حول علم كبير عليه صور الأسرى المحتجزين في غزة وهم يهتفون لإنهاء الحرب. وإعادة جميع الأسرى، الذين لا يزالون في قبضة حركة حماس، إن تنفيذ إعادة احتلال غزة، من وجهة نظرهم، سيعرض حياة الأسرى للخطر وسيضاعف من عزلة إسرائيل، أمام الرأي العام العالمي، في هذا السياق، أصدر منتدى الأسرى الإسرائيليين، بياناً ذكر فيه، أن تصعيد القتال ضد قطاع غزة، هو بمثابة حكم إعدام واختفاء فوري لأحبائنا وأضاف البيان: انظروا إلى أعيننا، عندما تختارون التضحية بهم، هذا هو الوقت المناسب لوضع اتفاق شامل على الطاولة يعيد الخمسين أسيراً الذين هم في قبضة حماس إلى ذويهم وقالت أنات إنغريست والدة جندي إسرائيلي أسير لدى حماس، في بيان موجه لحكومة نتنياهو «لسنة وعشرة أشهر ونحن نحاول أن نصدق أن كل شيء يفعل هو من أجل إعادتهم، لقد فشلتم».
إن الأمر برمته، لن يمر بسهولة، فالفلسطينيون، الذين دافعوا عن أرضهم، طيلة السنوات الماضية والذين صمدوا أمام امتحان عسير، في السنتين الماضيتين، لن يستسلموا لغطرسة الاحتلال الإسرائيلي وجبروته وسوف يواصلون تصديهم ببسالة، لمحاولات مصادرة وتذويب هويتهم وسوف يدرك جيش الاحتلال وإن كان ذلك متأخراً، أن أوهامه ومشاريعه إلى زوال.
إن الدول العربية والإسلامية، قد ندَّدت بشدة بالقرار الإسرائيلي، معلنة بقوة رفضها له وليس من شك في أن السلوك الإسرائيلي، يضع على مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، مسؤولية تاريخية، للتصدي العملي للخطوات الإسرائيلية، حفاظاً على السلم وتجنيباً للمنطقة من مخاطر الانزلاق للفوضى. ينبغي أن تعمل الحكومات العربية والإسلامية مجتمعة، في اتجاهات مختلفة، لتعطيل مشاريع الضم الإسرائيلية، وتجريم بناء المستوطنات بالأراضي المحتلة والتصدي العملي لمحاولات نتنياهو الهروب إلى الأمام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 22 دقائق
- صحيفة الخليج
الإمارات تؤمّن الغذاء لـ 40 ألف مستفيد يومياً في غزة
نشرت «عملية الفارس الشهم 3»، فيديو يظهر إطلاق مبادرة نوعية بالتعاون مع مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، لدعم تكيات الطعام في مخيمات النزوح جنوبي قطاع غزة، حيث يتم تأمين المواد الغذائية ل 20 تكية تعمل على مدار ال 24 ساعة لتقديم الغذاء للأسر المتضررة يستفيد منها 2000 أسرة يومياً بإجمالي 40 ألف مستفيد يومياً. وتواصل دولة الإمارات دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث نفذت أمس عملية الإنزال الجوي للمساعدات رقم 72 ضمن عملية «طيور الخير»، التابعة لعملية «الفارس الشهم 3». وندد بيان مشترك صادر عن وزراء خارجية الإمارات و30 دولة عربية وإسلامية، الجمعة، بالتصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بشأن ما تُسمى «إسرائيل الكبرى»، ووصف البيان التصريحات بأنها «تمثل استهانة بالغة وافتئاتاً صارخاً وخطيراً لقواعد القانون الدولي، ولأسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، والأمن والسلم الإقليمي والدولي». وشدد البيان على أن «الدول العربية والإسلامية سوف تتخذ كافة السياسات والإجراءات التي تُؤطر للسلام وتُكرّسه، بما يحقق مصالح جميع الدول والشعوب في الأمن والاستقرار والتنمية، بعيداً عن أوهام السيطرة وفرض سطوة القوة». من حهة أخرى، ندد المزيد من الدول والمنظمات الأممية بإعلان إسرائيل إنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية، ما من شأنه دفن حلم حل الدولتين وفكرة إنشاء دولة فلسطينية. وميدانياً بدأت القوات الإسرائيلية، أمس، عمليات عسكرية في بعض مناطق حي الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة، وقال الجيش إن الفرقة 99 تعمل على كشف العبوات الناسفة وتفكيك البنى التحتية العسكرية، وقصفت الطائرات والدبابات منطقتين في الحي، حيث اضطر السكان إلى النزوح بالتزامن مع إلقاء الجيش الإسرائيلي مشورات تدعو السكان إلى الخروج. وقُتل 51 فلسطينياً وأصيب 369 آخرون بجروح، أمس الجمعة، جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف مختلف المناطق في قطاع غزة. ووصل إلى المستشفيات 17 ضحية من منتظري المساعدات، و250 مصاباً، ليرتفع إجمالي ضحايا الباحثين عن لقمة العيش إلى 1,898 ضحية، وأكثر من 14,113 إصابة. وتوفيت طفلة نتيجة التجويع وسوء التغذية ليرتفع العدد الإجمالي إلى 240 حالة وفاة، من ضمنهم 107 أطفال. وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب على قطاع غزة إلى 61,827 قتيلاً، و155,275 مصاباً، منذ 7 أكتوبر 2023. من جهة أخرى.


صحيفة الخليج
منذ 22 دقائق
- صحيفة الخليج
إدانة إسلامية وعربية للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية
دان مجلس حكماء المسلمين والبرلمان العربي والأمم المتحدة، إعلان إسرائيل الموافقة على بناء 3400 وحدة استيطانية في الضفة الغربية. واعتبر مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، إعلان وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، الموافقة على بناء 3400 وحدة استيطانية جديدة في محيط الضفة الغربية ومدينة القدس، «يستهدف وحدة أراضي الدولة الفلسطينية». وأكد المجلس رفضه القاطع لمثل هذه الممارسات الاستفزازية والخطوات التصعيدية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، التي تتنافى مع مواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن، وتقوض جهود إحلال السلام في المنطقة والعالم. وجدد المجلس دعوته المجتمع الدولي إلى ضرورة العمل على وقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ووقف العدوان على قطاع غزة، والتصدي لسياسات التجويع ومحاولات التهجير القسري، وإقرار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ودان محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، الإعلان الإسرائيلي، وقال في بيان إن هذا الإعلان يعد تحدياً سافراً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان. وأكد رفض البرلمان العربي رفضاً قاطعاً سياسة تصعيد الاستيطان، بهدف تصفية القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، وحمّل كيان الاحتلال المسؤولية عن هذه التصرفات، واعتبر هذه الخطوة تصعيداً خطِراً للسياسات الاستيطانية غير القانونية في إطار سياسة ممنهجة لفرض الأمر الواقع على الأرض، وتهويد الأراضي الفلسطينية، ما يقوّض بشكل كامل فرص تحقيق السلام العادل، ويدمر حل الدولتين المعترف به دولياً. وجددت الأمم المتحدة موقفها الرافض للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والنظام المرتبط بها واعتبرته انتهاكاً للقانون الدولي. وأعلن ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة في مذكرة أصدرها باسم الأمين العام، أن المستوطنات الإسرائيلية ترسيخ للاحتلال، وتؤجج التوترات، وتُقوّض بشكل منهجي إمكانية قيام دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين. ورداً على إعلان سموتريتش بدء العمل على تسوية طال انتظارها من شأنها تقسيم الضفة الغربية، قالت الولايات المتحدة إن استقرار الضفة الغربية يتماشى مع هدف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحقيق السلام في المنطقة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة لا تزال تركز على إنهاء الحرب في غزة، وضمان عدم عودة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إلى حكم تلك المنطقة. (وكالات)


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
خطابات التطرف والإلغاء الإسرائيلية تعمق أزمات المنطقة
فهذه المنطقة دفعت أثماناً باهظة من أمنها واستقرارها وتنميتها نتيجة هيمنة هذه الخطابات التي تتبناها التيارات الإسلاموية والجماعات الطائفية والقوى اليمينية المتطرفة، التي كثيراً ما تتحول إلى سياسات وممارسات فعلية تفضي إلى حروب وصراعات وأعمال إرهابية وعدائية تأكل الأخضر واليابس. مؤكداً أنه متمسك جداً برؤية إسرائيل الكبرى، وهو مصطلح يشير إلى توسيع حدود إسرائيل لتشمل كل الأراضي الفلسطينية وأجزاء من دول أخرى، مثل لبنان وسوريا والأردن ومصر، فيما يعبر عنه بعض الإسرائيليين بعبارة حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات. وقد قوبلت هذه التصريحات التي تعكس نوايا توسعية وعدوانية لا يمكن القبول بها أو التسامح معها، على حد تعبير بيان جامعة الدول العربية، بموجة انتقادات عربية ودولية واسعة تحذر من خطورة هذه التوجهات على الأمن الهش الذي تعيشه المنطقة. ووصفها معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، بأنها تمثل خطاباً متطرفاً وعنجهياً، طالما دفعت المنطقة وشعوبها ثمنه. وتمثل هذه الخطة رفض إسرائيل العملي كل التحركات التي تقودها دول أوروبية عدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما يشكل تحدياً واضحاً من هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة للمجتمع الدولي بأكمله. والثاني نشوة المكاسب العسكرية والاستراتيجية التي حققتها ضد إيران خلال حرب الـ12 يوماً، وضد أذرع إيران قبل ذلك، والتي جعلت نتانياهو يتباهى أنه يمكنه فعلاً تغيير الشرق الأوسط وفق رؤيته.