logo
الحرب الامبريالية على إيران

الحرب الامبريالية على إيران

العرائش أنفومنذ 21 ساعات

الحرب الامبريالية على إيران
العلمي الحروني
في هذا المقال، سنتناول موضوع الحرب الامبريالية على إيران من خلال الإجابة على أسئلة من قبيل طبيعة هذه الحرب وسياقاتها وأبعادها العالمية والإقليمية، وموقف اليسار منها وأولوية ذلك، مع تحليل و تبيان البرنامج النووي الإيراني ضمن برامج الدول الأخرى وكيل أدوات الامبريالية المختلفة بمكيالين اتجاه ذلك ولاسيما منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن والاتحادات الإقليمية. وذلك في ثلاث حلقات.
السياق العالمي والإقليمي للحرب على ايران: الحلقة الأولى
كان الصراع على أرض أوكرانيا، ولا يزال، المحور الرئيسي والأساسي للحرب الامبريالية العالمية الثالثة من نوعها وفق معطيات واعتبارات وتقنيات جديدة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، حرب تشارك فيها عدة أطراف، إما مباشرة أو خلف الظل، عبر الدعم المتنوع التقني والاستخباراتي وما شابه، حرب واجهت فيها روسيا أكثر من 50 دولة من الغرب بكل قواتها الاقتصادية والتكنولوجية، حرب تدور بأساليب وطرق جديدة بدون زحف للجيوش. وكما سبق أن أكدنا عليه في مقالات سابقة، فإن هذه الحرب/الصراع لها ارتدادات في عدة مجالات وحقول وبكل مكان بالعالم، حيث انفجرت بشكل طفيف في افريقيا بالمستعمرات الفرنسية السابقة لحمل فرنسا على المغادرة، لتنتقل إلى حرب ضروس عنيفة وقاسية في فلسطين/غزة ولبنان وسوريا واليوم بإيران، وستنقل الحرب/الصراع بأشكال متنوعة إلى كل بلد في العالم. ما يميز الحرب اليوم هو البعد العالمي لكونها ليست بين بلدين مختلفين على حدود أو على مواضيع ثنائية بل هي حرب عالمية وصراع أقطاب حول الهيمنة على العالم.
ما يعيشه العالم العربي الآن، هو صدمة كبيرة حقيقية، لقد حصلت تغييرات مهمة سريعة في المنطقة، بحيث ترسم بها خرائط جديدة في ظل تحولات وحراك للقوى العالمية الفاعلة للبحث عن توازن عالمي جديد ترسمه موازين القوى العالمية.
في ظل المتغيرات الدولية، توجد بالمنطقة حاليا ثلاث دول إقليمية مهمة كلها دول غير عربية: تركيا وإيران وإسرائيل، أما دول العالم العربي فغير موجودة على الخريطة، موجودة جغرافيا واقتصاديا، لكن سياسيا غير حاضرة، بدليل أن التفاعلات القائمة لا نكاد نرى فيها دورا عربيا يذكر. وحتى مصطلح العالم العربي اختفى ولم يعد يذكر، تم تعويضه بـمفهوم الشرق الأوسط، لاقحام اسرائيل كقوة غربية غريبة على المنطقة.
المنطقة في حالة كارثية بدليل النتائج الواقعية على الأرض. فمن المنظور التاريخي السياسي الملموس، تم القضاء على محور المقاومة في الشرق الأوسط بالكامل تقريبا: تدمير شبه كامل لغزة، واغتيال إسماعيل هنية بطهران ومقتل الرئيس الإيراني في ظروف غامضة واغتيال قادة الصف الأول لحماس وحزب الله، وأيضا الإطاحة بنظام الأسد، وتعرض القوات الايرانية سابقا لضربات قاسية.
لم تكن الأوضاع الحالية وليدة اليوم، بل مهد لها على الأقل منذ الغزو الامبريالي الأمريكي للعراق خلال حرب الخليج الثالثة في مارس 2003 وما تلاها من أحداث سنة 2011 ومسلسل التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أنه من الأخطاء الاستراتيجية عزل عملية طوفان الأقصى عن أي استراتيجية واضحة بتحالفات معلنة واتفاقات معينة، حيث غاب التنسيق مع المحيط الفلسطيني الداعم ولم نشاهد أي رد فعل عربي وإسلامي موحد مساند وداعم، ولقد ساهمت الماكينة الإعلامية الغربية والعربية وتصريحات قادة دول غربية ومثقفون عرب ومغاربيون وغربيون في محاولة إلصاق تهمة الإرهاب على عملية طوفان الأقصى، أما الجامعة العربية فقد أصبحت جمع أصفار. فعلى هذا المستوى كان الهجوم غير مدروس وبدون التوفر على رسم الخطوات الموالية.
تصعيد حماس، الإستباقي، استغلته إسرائيل والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كمبرر للوصول إلى أهدافهم في قطاع غزة وفي عموم المنطقة، وما يطرح تساؤلات عريضة هو عدم مشاركته العالم العربي والاسلامي بأي شكل من الأشكال في الأحداث واكتفاءه ببيانات إدانة أو باحتجاجات شعبية وهو ما لم يكن متناسبا مع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من طرف النظام الصهيوني المحتل.
ولقد أفقدت حرب الإبادة الجماعية الكيان الإسرائيلي تماما صورته كضحية في نظر المجتمع الدولي، إذ استنزف 'الرصيد الأخلاقي' وفقد التعاطف الذي اكتسبه اليهود بسبب ما سمي بالمحرقة الفظيعة خلال حكم هتلر، لكنه ظهر كقوة طبعت معها عديد من الأنظمة ويخشاها الجميع ويجب التعامل معها بجدية، ما جعله يروج لخريطة جديدة للشرق الأوسط ولإسرائيل الكبرى كقوة تضع نفسها قوة إقليمية مهيمنة وقائدة للمنطقة خاصة مع إضعاف ما تبقى من محور المقاومة بعض القضاء، سابقا، على النظامين العراقي والليبي.
كما خلق تدمير غرة وإضعاف محور المقاومة وضعا دوليا جديدا بالمنطقة، ومع خلو الساحة من فاعلين أقوياء بدا أنه ليس هناك من خيار حقيقي لمعارضة هذا التوجه الإمبريالي الخطير، خاصة مع حالة الترقب والحذر بسبب المصالح والحسابات الجيوسياسية والاستراتيجية للقوى العالمية الأخرى كالصين وروسيا وحلفائهما وجبن وخيانة الأنظمة الرجعية بالمنطقة.
أمام هذا الواقع، وإن لم يحقق الكيان الصهيوني كامل أهدافه المعلنة بسبب الصمود البطولي للمقاومة، فقد ظهر منتصرا ومنتشيا وأصابه الغرور، مدعوما من الغرب الذي يكيل بمكيالين، في عالم اختفى فيه القانون الدولي أو يكاد، ليعوض بقانون الغاب، حيث السياسة سياسة الأقوى، قانون ' أقتلني أو أقتلك'.
دفع الغرور بالطفل المدلل والابن الولود الذي ترعاه الدول الغربية، الكيان الصهيوني، قادته الإرهابيين، المطلوبين للعدالة الجنائية الدولية، إلى التجرِأ على دولة إيران التي كانت، وما تزال، رغم تناقضاتها الداخلية، شوكة في خاصرة المشروع الصهيوني الأمريكي التوسعي، والدخول معها في حرب جبانة وتوجيه ضربات على إيران يوم الجمعة 13 يونيو 2025 شملت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، عملية أُطلق عليها الاسم الرمزي «عَم كِلافي» وتعني حرفيا 'شعب كلبؤة' ، هذا في الوقت الذي فتح الحوار معها حول مشروعها النووي الموجه، حسبها، للاستعمال السلمي.
هكذا دخلت المنطقة بكاملها في فصل صراع جديد ومرحلة جديدة عنوانها إلغاء الحوار ' الحضاري ' واستبداله بحوار البندقية المعزز بالإرهاب الامبريالي وترويع الشعوب والدول باغتيال السياسيين والنخب العلمية ونشر الاكاذيب بهدف زرع البلبلة. إنها حرب قانونها ' إما أنا أو أنت' في هذه المنطقة، إنها حرب وجود، لم تعد لفصائل المقاومة، بعد إضعافها وتحييدها، فيها من تأثير حقيقي، مع تراجع وحدة الساحات، تحولت إلى الصدام الحقيقي بين القوتين والأيديولوجيتين الأكثر تأثيرا: إيران التي يقودها نظام عقدي عقائدي أيديولوجي من جهة، والكيان الإسرائيلي الصهيوني الامبريالي الممتد على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي عبر دول التحالف الابراهيمي التطبيعي الغادر والجبان من جهة ثانية.
ولعل ما يميز هذا الفصل من الصراع المحموم هو أنه بلغ ذروته حيث تضرب قلب العواصم، ما يجعلها آخر الحروب الامبريالية بالمنطقة لفرز القيادة الإقليمية لشرق أوسط جديد فوق ألغام القهر والظلم.
في السابق كانت إسرائيل تحارب فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولأول مرة، منذ 1973، تدخل في حرب مع دولة قائمة الذات. فإيران دولة عظمى تحتل موقعا مهما في الخارطة السياسية والاستراتيجية إقليميا وعالميا، فهو بلد تأسس سنة 1501م ، متسع جغرافيا ومترامي الأطراف وغني بموارده، يقع في قلب القارة الآسيوية، يحدها من الشمال دول الاتحاد السوفيتي (سابقا)، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، ومن الغرب العراق وتركيا، ومن الجنوب خليج عمان والخليج العربي. وتبلغ مساحة إيران 1,648 مليون كلم². ويبلغ طول حدودها البرية 5440 كلم. كما يبلغ طول شريطها الساحلي قرابة 2440كلم على طول الخليج العربي وخليج عمان، وقرابة 740 كلم بحر قزوين ( بحر الخزر) وقد بلغ عدد سكان إيران أزيد من 85,6 مليون نسمة سنة 2024 .
إيران، بلد تعايش الثقافات والأعراق، حيث الفارسي والأذري والجيلكي والمازندراني والعربي والكردي واللور والبلوش والترك وغيرها، وحيث تعايش الأديان والمذاهب من مختلف الأعراق من الشيعة 65% والسنة 25% والطوائف اليهودية والنصرانية والبهائية والزرادشتية 10%.
ولقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري، لكن أهل السنة في هذا البلد من الشعوب غير الفارسية يقطنون بالهوامش بعيدين عن المدن الكبرى والعاصمة حيث الشيعة الفرس، وفي ذلك يوضح المفكر فهمي هويدي أن المشاكل التي يتعرض لها أهل السنة في إيران مرجعها ليس بالمذهبي إذ تعتبر أن إيران ليست دولة سنية أو شيعية، بل دولة مركزية.
وبالفعل، فإيران دولة بكل المقومات الحضارية والسياسية والاقتصادية استطاعت بكل المقاييس بناء دولة صناعية، السلمية والعسكرية، ضمنت بفعل علمائها وقادتها السياسيين الاكتفاء الذاتي والسيادة الامنية للدفاع عن شعبها، باعتبار الصناعات العسكرية الخاصة بها تشغلها بحرية خارج التعاقدات المفروضة من القوى الامبريالية وشروط صفقات الأسلحة التي تلزم الدولة المشترية باحترام شروط اشغال الأسلحة بواسطة كودات لا تسلمها، عادة، القوى الامبريالية للدول المشترية. وهذا ما يخيف العدو الإسرائيلي الذي يرى أن إيران، بترسانتها العسكرية والنووية السلمية التي قد ترتقي الى مستوى سلاح نووي حقيقي، تشكل التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحرب الامبريالية على إيران
الحرب الامبريالية على إيران

العرائش أنفو

timeمنذ 21 ساعات

  • العرائش أنفو

الحرب الامبريالية على إيران

الحرب الامبريالية على إيران العلمي الحروني في هذا المقال، سنتناول موضوع الحرب الامبريالية على إيران من خلال الإجابة على أسئلة من قبيل طبيعة هذه الحرب وسياقاتها وأبعادها العالمية والإقليمية، وموقف اليسار منها وأولوية ذلك، مع تحليل و تبيان البرنامج النووي الإيراني ضمن برامج الدول الأخرى وكيل أدوات الامبريالية المختلفة بمكيالين اتجاه ذلك ولاسيما منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن والاتحادات الإقليمية. وذلك في ثلاث حلقات. السياق العالمي والإقليمي للحرب على ايران: الحلقة الأولى كان الصراع على أرض أوكرانيا، ولا يزال، المحور الرئيسي والأساسي للحرب الامبريالية العالمية الثالثة من نوعها وفق معطيات واعتبارات وتقنيات جديدة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، حرب تشارك فيها عدة أطراف، إما مباشرة أو خلف الظل، عبر الدعم المتنوع التقني والاستخباراتي وما شابه، حرب واجهت فيها روسيا أكثر من 50 دولة من الغرب بكل قواتها الاقتصادية والتكنولوجية، حرب تدور بأساليب وطرق جديدة بدون زحف للجيوش. وكما سبق أن أكدنا عليه في مقالات سابقة، فإن هذه الحرب/الصراع لها ارتدادات في عدة مجالات وحقول وبكل مكان بالعالم، حيث انفجرت بشكل طفيف في افريقيا بالمستعمرات الفرنسية السابقة لحمل فرنسا على المغادرة، لتنتقل إلى حرب ضروس عنيفة وقاسية في فلسطين/غزة ولبنان وسوريا واليوم بإيران، وستنقل الحرب/الصراع بأشكال متنوعة إلى كل بلد في العالم. ما يميز الحرب اليوم هو البعد العالمي لكونها ليست بين بلدين مختلفين على حدود أو على مواضيع ثنائية بل هي حرب عالمية وصراع أقطاب حول الهيمنة على العالم. ما يعيشه العالم العربي الآن، هو صدمة كبيرة حقيقية، لقد حصلت تغييرات مهمة سريعة في المنطقة، بحيث ترسم بها خرائط جديدة في ظل تحولات وحراك للقوى العالمية الفاعلة للبحث عن توازن عالمي جديد ترسمه موازين القوى العالمية. في ظل المتغيرات الدولية، توجد بالمنطقة حاليا ثلاث دول إقليمية مهمة كلها دول غير عربية: تركيا وإيران وإسرائيل، أما دول العالم العربي فغير موجودة على الخريطة، موجودة جغرافيا واقتصاديا، لكن سياسيا غير حاضرة، بدليل أن التفاعلات القائمة لا نكاد نرى فيها دورا عربيا يذكر. وحتى مصطلح العالم العربي اختفى ولم يعد يذكر، تم تعويضه بـمفهوم الشرق الأوسط، لاقحام اسرائيل كقوة غربية غريبة على المنطقة. المنطقة في حالة كارثية بدليل النتائج الواقعية على الأرض. فمن المنظور التاريخي السياسي الملموس، تم القضاء على محور المقاومة في الشرق الأوسط بالكامل تقريبا: تدمير شبه كامل لغزة، واغتيال إسماعيل هنية بطهران ومقتل الرئيس الإيراني في ظروف غامضة واغتيال قادة الصف الأول لحماس وحزب الله، وأيضا الإطاحة بنظام الأسد، وتعرض القوات الايرانية سابقا لضربات قاسية. لم تكن الأوضاع الحالية وليدة اليوم، بل مهد لها على الأقل منذ الغزو الامبريالي الأمريكي للعراق خلال حرب الخليج الثالثة في مارس 2003 وما تلاها من أحداث سنة 2011 ومسلسل التطبيع مع العدو الصهيوني. كما أنه من الأخطاء الاستراتيجية عزل عملية طوفان الأقصى عن أي استراتيجية واضحة بتحالفات معلنة واتفاقات معينة، حيث غاب التنسيق مع المحيط الفلسطيني الداعم ولم نشاهد أي رد فعل عربي وإسلامي موحد مساند وداعم، ولقد ساهمت الماكينة الإعلامية الغربية والعربية وتصريحات قادة دول غربية ومثقفون عرب ومغاربيون وغربيون في محاولة إلصاق تهمة الإرهاب على عملية طوفان الأقصى، أما الجامعة العربية فقد أصبحت جمع أصفار. فعلى هذا المستوى كان الهجوم غير مدروس وبدون التوفر على رسم الخطوات الموالية. تصعيد حماس، الإستباقي، استغلته إسرائيل والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كمبرر للوصول إلى أهدافهم في قطاع غزة وفي عموم المنطقة، وما يطرح تساؤلات عريضة هو عدم مشاركته العالم العربي والاسلامي بأي شكل من الأشكال في الأحداث واكتفاءه ببيانات إدانة أو باحتجاجات شعبية وهو ما لم يكن متناسبا مع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني من طرف النظام الصهيوني المحتل. ولقد أفقدت حرب الإبادة الجماعية الكيان الإسرائيلي تماما صورته كضحية في نظر المجتمع الدولي، إذ استنزف 'الرصيد الأخلاقي' وفقد التعاطف الذي اكتسبه اليهود بسبب ما سمي بالمحرقة الفظيعة خلال حكم هتلر، لكنه ظهر كقوة طبعت معها عديد من الأنظمة ويخشاها الجميع ويجب التعامل معها بجدية، ما جعله يروج لخريطة جديدة للشرق الأوسط ولإسرائيل الكبرى كقوة تضع نفسها قوة إقليمية مهيمنة وقائدة للمنطقة خاصة مع إضعاف ما تبقى من محور المقاومة بعض القضاء، سابقا، على النظامين العراقي والليبي. كما خلق تدمير غرة وإضعاف محور المقاومة وضعا دوليا جديدا بالمنطقة، ومع خلو الساحة من فاعلين أقوياء بدا أنه ليس هناك من خيار حقيقي لمعارضة هذا التوجه الإمبريالي الخطير، خاصة مع حالة الترقب والحذر بسبب المصالح والحسابات الجيوسياسية والاستراتيجية للقوى العالمية الأخرى كالصين وروسيا وحلفائهما وجبن وخيانة الأنظمة الرجعية بالمنطقة. أمام هذا الواقع، وإن لم يحقق الكيان الصهيوني كامل أهدافه المعلنة بسبب الصمود البطولي للمقاومة، فقد ظهر منتصرا ومنتشيا وأصابه الغرور، مدعوما من الغرب الذي يكيل بمكيالين، في عالم اختفى فيه القانون الدولي أو يكاد، ليعوض بقانون الغاب، حيث السياسة سياسة الأقوى، قانون ' أقتلني أو أقتلك'. دفع الغرور بالطفل المدلل والابن الولود الذي ترعاه الدول الغربية، الكيان الصهيوني، قادته الإرهابيين، المطلوبين للعدالة الجنائية الدولية، إلى التجرِأ على دولة إيران التي كانت، وما تزال، رغم تناقضاتها الداخلية، شوكة في خاصرة المشروع الصهيوني الأمريكي التوسعي، والدخول معها في حرب جبانة وتوجيه ضربات على إيران يوم الجمعة 13 يونيو 2025 شملت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، عملية أُطلق عليها الاسم الرمزي «عَم كِلافي» وتعني حرفيا 'شعب كلبؤة' ، هذا في الوقت الذي فتح الحوار معها حول مشروعها النووي الموجه، حسبها، للاستعمال السلمي. هكذا دخلت المنطقة بكاملها في فصل صراع جديد ومرحلة جديدة عنوانها إلغاء الحوار ' الحضاري ' واستبداله بحوار البندقية المعزز بالإرهاب الامبريالي وترويع الشعوب والدول باغتيال السياسيين والنخب العلمية ونشر الاكاذيب بهدف زرع البلبلة. إنها حرب قانونها ' إما أنا أو أنت' في هذه المنطقة، إنها حرب وجود، لم تعد لفصائل المقاومة، بعد إضعافها وتحييدها، فيها من تأثير حقيقي، مع تراجع وحدة الساحات، تحولت إلى الصدام الحقيقي بين القوتين والأيديولوجيتين الأكثر تأثيرا: إيران التي يقودها نظام عقدي عقائدي أيديولوجي من جهة، والكيان الإسرائيلي الصهيوني الامبريالي الممتد على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي عبر دول التحالف الابراهيمي التطبيعي الغادر والجبان من جهة ثانية. ولعل ما يميز هذا الفصل من الصراع المحموم هو أنه بلغ ذروته حيث تضرب قلب العواصم، ما يجعلها آخر الحروب الامبريالية بالمنطقة لفرز القيادة الإقليمية لشرق أوسط جديد فوق ألغام القهر والظلم. في السابق كانت إسرائيل تحارب فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولأول مرة، منذ 1973، تدخل في حرب مع دولة قائمة الذات. فإيران دولة عظمى تحتل موقعا مهما في الخارطة السياسية والاستراتيجية إقليميا وعالميا، فهو بلد تأسس سنة 1501م ، متسع جغرافيا ومترامي الأطراف وغني بموارده، يقع في قلب القارة الآسيوية، يحدها من الشمال دول الاتحاد السوفيتي (سابقا)، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، ومن الغرب العراق وتركيا، ومن الجنوب خليج عمان والخليج العربي. وتبلغ مساحة إيران 1,648 مليون كلم². ويبلغ طول حدودها البرية 5440 كلم. كما يبلغ طول شريطها الساحلي قرابة 2440كلم على طول الخليج العربي وخليج عمان، وقرابة 740 كلم بحر قزوين ( بحر الخزر) وقد بلغ عدد سكان إيران أزيد من 85,6 مليون نسمة سنة 2024 . إيران، بلد تعايش الثقافات والأعراق، حيث الفارسي والأذري والجيلكي والمازندراني والعربي والكردي واللور والبلوش والترك وغيرها، وحيث تعايش الأديان والمذاهب من مختلف الأعراق من الشيعة 65% والسنة 25% والطوائف اليهودية والنصرانية والبهائية والزرادشتية 10%. ولقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري، لكن أهل السنة في هذا البلد من الشعوب غير الفارسية يقطنون بالهوامش بعيدين عن المدن الكبرى والعاصمة حيث الشيعة الفرس، وفي ذلك يوضح المفكر فهمي هويدي أن المشاكل التي يتعرض لها أهل السنة في إيران مرجعها ليس بالمذهبي إذ تعتبر أن إيران ليست دولة سنية أو شيعية، بل دولة مركزية. وبالفعل، فإيران دولة بكل المقومات الحضارية والسياسية والاقتصادية استطاعت بكل المقاييس بناء دولة صناعية، السلمية والعسكرية، ضمنت بفعل علمائها وقادتها السياسيين الاكتفاء الذاتي والسيادة الامنية للدفاع عن شعبها، باعتبار الصناعات العسكرية الخاصة بها تشغلها بحرية خارج التعاقدات المفروضة من القوى الامبريالية وشروط صفقات الأسلحة التي تلزم الدولة المشترية باحترام شروط اشغال الأسلحة بواسطة كودات لا تسلمها، عادة، القوى الامبريالية للدول المشترية. وهذا ما يخيف العدو الإسرائيلي الذي يرى أن إيران، بترسانتها العسكرية والنووية السلمية التي قد ترتقي الى مستوى سلاح نووي حقيقي، تشكل التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل.

التصعيد بين تل أبيب وطهران … تفاعل الرأي العام الدولي وفي كيان الإحتلال

timeمنذ يوم واحد

التصعيد بين تل أبيب وطهران … تفاعل الرأي العام الدولي وفي كيان الإحتلال

من خلال الناطق باسم جيش حربها جهودا لقيادة حرب نفسية لإعادة توجيه الإنطباعات وتغذيتها بروايات زائفة . فدولة الاحتلال وقادتها لا تستطيع العيش دون توتر وتهديدات وعداءات وما إلى ذلك من تبريرات لجذب دعم خارجي وضمان موافقة على الميزانيات الموجهة للإنفاق العسكري، علماً بأن وسائل إعلام أمريكية بدأت تتناول - على استحياء -حالة الإنهاك التي يعاني منها جيش الحرب. وبينما يترقب الجميع خطط نتنياهو لجر ترامب للحرب ومساعيه لفتح كل الجبهات ، قام رئيس الحكومة الإتفاقية ، برفقة كل من وزير الحرب و رئيس الأركان - بزيارة قاعدة " تل نوف " الجوية ، وخاطب الطيارين قائلاً انتم تفعلون أشياء مذهلة والطريق أصبح ممهداً لتحقيق هدفين القضاء على التهديد النووي والقضاء على التهديد الصاروخي . وأجرى نتنياهو أيضاً مؤتمرا صحفيا لأول مرة منذ إنطلاق المواجهة العسكرية ضد إيران. ورداً على سؤال موجه له حول مدى تراجع البرنامج الإيراني وهل ستنضم واشنطن للهجوم أم تكتفي بالدفاع ، أشار بنبرة - بنيامينية - أن واشنطن تساعد وترامب أيضاً يدعم . وانتقل إلى الحديث عن الهدف من الضربات وبصفة خاصة استئصال البرنامج النووي لإيران ، وأنه قد حذر قبل 40 عاماً من هذا التهديد ، وأن هناك من اعتبر تحذيره مناورة سياسية ولكن الآن اللحظة المناسبة . دون توضيح المقصود هل هي المنطقة أم مشروعات التكامل الإقليمي التي روح لها لتشجيع مسارات التطبيع !؟ وقد نشر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية CSIS تقريراً بعنوان " قضايا حاسمة متعلقة بالبرنامج النووي الإيراني " ، بالتركيز على منشأة «فوردو» النووية التي تُعدّ محورية في برنامج إيران النووي، بفضل قدرتها على التخصيب حتى 60% وربما 90%، ويصعب تدميرها دون قنابل أمريكية خارقة خاصة ورغم الغارات الإسرائيلية، لم يُثبت حتى الآن إلحاق ضرر بها. وتطرق إلى إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا بشأن ما اعتبرته انتهاك إيران لالتزاماتها النووية لأول مرة منذ 2005، مع وجود يورانيوم مخصب بنسبة 83.7%. وترفض إيران التراجع، كما هددت بتطوير منشآت أكثر تحصينًا واستخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، مع احتمال الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي. يتجسد نجاح الغرب في الترويج لروايات زائفة لعدة سنوات والرغبة في حصد مكاسب من وراء تلك الإدعاءات والحشد ضد إيران . فيما يشير إليه التقرير من شكوك حول السردية الإيرانية بأنها لا تمتلك سلاح نووي، وأنه على الرغم من إمكانية فتح المجال للنقاش حول ما تدعيه إيران إلا أنه من المؤكد - وفقاً لكاتب التقرير - امتلاك طهران المعرفة والقدرات الكافية للتسليح، بما يشمل التخصيب العالي، ونظم الإطلاق، وتقنيات التصنيع. وانسحابها من معاهدة حظر الانتشار سيُعدّ تحولًا صريحًا نحو القنبلة النووية، ما يهدد النظام الدولي. ولم يترك كاتب التقرير هذه المناسبة ونوه في ختام تقريره بمعارضة روسيا والصين التقارير الصادرة عن الوكالة، وأنهما تعاونا سابقًا في دعم البرنامج النووي الإيراني. وقد تساعدان في إعادة بناء المنشآت الإيرانية بعد الضربات، سياسيًا وتقنيًا. كما أن امتلاكهما حق «الفيتو» يُعقّد أي تحرك دولي ضد إيران، ما يهدد بتحول النزاع إلى مواجهة بين قوى كبرى. ويلاحظ في سياق قياسات الرأي العام الدولي أن الأيام الماضية قد شهدت إرتفاعاً نسبياً في التعاطف الدولي مع إيران نظراً لأنها لم تبادر بالهجوم ، وكذلك يلاحظ تنامي وتيرة الانتقادات للغرب وواشنطن بإزدواجية المعايير وتبرير ما تقوم به إسرائيل. ومن أبرز الأخبار التي لاقت إنتشاراً وتفاعلاً على وسائل التواصل الاجتماعي ما نشرته "واشنطن بوست" بأن وزير الخارجية الأمريكي أخبر بعض نظرائه، الإثنين الماضي، أن "واشنطن" لم تنو الانضمام لإسرائيل في الهجوم على إيران، مع الإشارة إنه ربما يكون هناك تغييرا ما في موقف واشنطن وأن "ترامب" يفكر في الانضمام لإسرائيل في الهجوم على إيران. وهو ما يعكس مجدداً تناقض المواقف التي يعلن عنها ترامب وإدارته ، ومع ذلك فإن استطلاع رأي أجرته"ذا إيكونوميست" كشف عن معارضة 60% من الأمريكيين لتدخل الجيش الأمريكي في الصراع بين إسرائيل وإيران وأن 56% من الأمريكيين يعتقدون أنه ينبغي لـواشنطن الدخول في مفاوضات مع إيران.

الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا
الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا

تورس

timeمنذ 2 أيام

  • تورس

الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا

واتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في لقاء مع الجزيرة دولا داخل مجلس الأمن بالحيلولة دون أي تحرك دولي في المجلس لوقف التصعيد. مؤكدا أن مجلس الأمن فشل في القيام بدوره والتحرك لوقف العدوان الإسرائيلي بسبب مواقف سيئة لأعضاء بعينهم داخل المجلس. وأكد المسؤول الإيراني أن إسرائيل ما كان لها أن تبدأ الهجوم على بلاده دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة. وحمّل إسرائيل وواشنطن تبعات وعواقب هذه الحرب "التي فرضتاها على المنطقة". وأضاف "هذا سؤال يجب أن يوجه للولايات المتحدة لماذا سمحت لهذا الاعتداء أن يحدث قبل يومين فقط من الجولة السادسة من المفاوضات في مسقط". بالمقابل، شدد على أن إيران لطالما كانت تفضل وتتبع الدبلوماسية بطريقة مسؤولة، ولديها التزام قوي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وأعرب عن قناعته بأن كل دولة في المنطقة تشعر بالقلق من تبعات هذا العدوان. وردا على تهديدات دولية بالتدخل عسكريا في الحرب إلى جانب إسرائيل، أكد بقائي أن إيران ستدافع عن نفسها "بكل قوة"، مشددا على أن "كل من يقوم بضربنا سوف نقوم بالرد عليه". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد هدد صراحة باحتمالية التدخل في الحرب ومساعدة إسرائيل في القضاء على برنامج إيران النووي، كما ألمح إلى إمكانية إقدام بلاده على اغتيال المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي. وطالب ترامب طهران بإعلان الاستسلام، كشرط لإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل ضدها منذ فجر الجمعة الماضي. ووصف بقائي إسرائيل بأنها "نظام أبارتايد فاشي عنصري ونظام محتل"، يسفك الدماء ويفرض هذه الحروب كلها على المنطقة، محذرا من أن هذا لن يكون "الغزو الأول أو الأخير من إسرائيل، بل هو استمرار لاعتداءاتهم وعدوانهم واستمرار لما قاموا به في غزة ولبنان وسوريا وأماكن أخرى". ووصف بقائي مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية السلمية بأنها عمل يدخل تحت "انتهاك القانون الدولي". كما دعا الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس محافظيها للتحرك ضد "السلوك المتهور وغير المسؤول وغير القانوني من إسرائيل بالهجوم على منشآت إيران النووية". وبحسب القانون الدولي فإنه لا يسمح لأي دولة بأن تقوم بالهجوم على منشآت دولة أخرى، لذلك اعتبر بقائي أن ما تقوم به إسرائيل "صفعة للقانون الدولي ولمعاهدة منع الانتشار النووي". بالمقابل، شدد المسؤول الإيراني على أن البرنامج النووي الإيراني ، يخضع للتفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما أن برنامجها النووي تمت الموافقة عليه من قبل مجلس الأمن الدولي عام 2015 في القرار 2231. الأخبار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store