
أوراق إيران الرابحة وحماقة إسرائيل وأميركا
إيطاليا تلغراف
كريس هيدجيز
كاتب ومراسل عسكري أميركي
لطالما حاولت إسرائيل وحلفاؤها من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة إشعال حرب مع إيران – حرب لا تستطيع إسرائيل ولا الولايات المتحدة الانتصار فيها، وستؤدي إلى ردود فعل انتقامية شرسة.
المحافظون الجدد الذين خططوا للحروب الكارثية في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا – ولم يُحاسبوا قط على إهدار 8 تريليونات دولار من أموال دافعي الضرائب، إضافة إلى 69 مليار دولار أُهدرت في أوكرانيا – يبدو أنهم يستعدون لجرّنا إلى فشل عسكري آخر، هذه المرة مع إيران.
لكن إيران ليست العراق، ولا أفغانستان، ولا لبنان، ولا ليبيا، ولا سوريا، ولا اليمن. إيران هي الدولة السابعة عشرة في العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها مساحة أوروبا الغربية. عدد سكانها يقارب 90 مليون نسمة – أي عشرة أضعاف سكان إسرائيل – وتملك موارد عسكرية وتحالفات مع الصين وروسيا تجعلها خصمًا مخيفًا.
شنت إيران هجمات انتقامية على إسرائيل ردًا على موجات من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وقتلت العديد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وستة علماء نوويين. سُجلت انفجارات فوق أفق تل أبيب والقدس وغيرهما، وتظهر لقطات مصورة على الأرض في تل أبيب انفجارًا هائلًا يُعتقد أنه ناتج عن صاروخ، مع تقارير عن انفجارات أخرى في نحو نصف دزينة من المواقع في محيط المدينة.
قال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز: 'انتقامنا بدأ للتو، وسيدفعون ثمنًا باهظًا لقتل قادتنا وعلمائنا وشعبنا'. وأضاف أن 'لا مكان سيكون آمنًا في إسرائيل'، وأن 'انتقامنا سيكون مؤلمًا'.
قال أليستر كروك، الدبلوماسي البريطاني السابق وعضو الاستخبارات البريطانية (MI6)، في مقابلة أجريتها معه عن المحافظين الجدد: 'يعتقدون أن الحرب ستكون سهلة. يريدون إعادة فرض القوة والقيادة الأميركية. يرون أن تحطيم بلد صغير من حين لآخر مفيد لذلك'.
وأضاف أن هؤلاء المحافظين الجدد، المتحالفين مع قيادة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، 'لا يتسامحون مع أي قوة منافسة، أو أي تحدٍ للقيادة الأميركية وعظمتها'. وسيسعون لخلق 'حقائق على الأرض' – أي حرب بين إسرائيل وإيران – من شأنها أن 'تدفع ترامب نحو الحرب مع إيران'.
رغم ضعف سلاح الجو الإيراني، الذي يتألف من مقاتلات قديمة، فإن إيران مزودة جيدًا بأنظمة الدفاع الجوي الروسية، وصواريخ صينية مضادة للسفن، وألغام ومدفعية ساحلية. ويمكنها إغلاق مضيق هرمز، أهم نقطة عبور للنفط في العالم والتي يمر منها 20% من الإمدادات العالمية.
هذا قد يضاعف أو يثلّث أسعار النفط ويشل الاقتصاد العالمي. تمتلك إيران ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية يمكن أن تطلقها على إسرائيل، وكذلك على قواعد أميركية في المنطقة. ورغم إمكانية اعتراض الموجات الأولى، فإن الهجمات المتكررة ستستنزف سريعًا مخزون الدفاعات الجوية لدى إسرائيل والولايات المتحدة.
إسرائيل غير قادرة على تحمل حرب استنزاف، مثل الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق والتي انتهت – رغم الدعم الأميركي لنظام صدام حسين – بحالة جمود، أو مثل احتلالها جنوب لبنان لمدة 18 عامًا، والذي انتهى بانسحابها في مايو/ أيار 2000 بعد خسائر متكررة على يد حزب الله.
حين شنت إيران، ضمن عملية 'الوعد الصادق'، أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنح على مواقع عسكرية واستخباراتية إسرائيلية في (13 و14 أبريل/ نيسان 2023)، ردًا على قصف إسرائيلي للسفارة الإيرانية في دمشق، اعترضت الولايات المتحدة معظمها.
قال جون ميرشايمر، الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة شيكاغو وخريج ويست بوينت: 'إسرائيل لا تستطيع صد هجوم صاروخي إيراني'.
وأضاف: 'نحن أمام وضع مثير للاهتمام، فإسرائيل لا تستطيع الانتصار في هذه الحروب، لكنها تجعلها حروبًا طويلة الأمد تكون فيها معتمدة بشدة على الولايات المتحدة'.
وأضاف: 'لدينا أصول كثيرة في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وكذلك في إسرائيل نفسها والبحر الأحمر. هذه الأصول مصممة لمساعدة إسرائيل في حروبها. لا يقتصر الأمر على إيران فقط، بل يشمل الحوثيين وحزب الله أيضًا. نحن منخرطون بعمق في مساعدتهم في القتال، ولم يكن الأمر كذلك في 1973 أو في أي وقت قبل هذه الحرب'.
يعتقد الإسرائيليون وحلفاؤهم من المحافظين الجدد أنهم قادرون على القضاء على برنامج التخصيب النووي الإيراني بالقوة، وقطع رأس الحكومة الإيرانية لتركيب نظام عميل. هذا المنطق، الذي لا يستند إلى الواقع، فشل بالفعل في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، لكنهم لا يعترفون بذلك.
في الوقت نفسه، تريد إسرائيل صرف أنظار العالم عن الإبادة الجماعية والمجاعة الجماعية التي تنفذها في غزة، والتطهير العرقي المتسارع في الضفة الغربية. وقد قُطع الاتصال بالإنترنت تمامًا في غزة، وباتت الضفة الغربية تحت حصار شامل.
قال ميرشايمر: 'يدرك الإسرائيليون أنه إذا حصل تصعيد عام، فلن ينتبه أحد كثيرًا للفلسطينيين'.
وأضاف: 'سيكون الناس مستعدين لتبرير أكثر لإسرائيل مما لو كانت الأوضاع هادئة. لذا دعونا نصعد الأمور، لنخلق حالة صدام شاملة، والنتيجة أننا سنتمكن من تنفيذ تطهير واسع النطاق في غزة، وربما في الضفة أيضًا'.
سيؤدي الهجوم الإيراني، في نهاية المطاف، إلى مئات ثم آلاف القتلى. وستلجأ إيران إلى الشيعة في المنطقة في إطار ما ستقدمه كـ'حرب ضد التشيع'، ثاني أكبر طائفة في الإسلام. والتي ينتشر أفرادها في دول الخليج، وباكستان، وتركيا. أما في العراق، فيشكل الشيعة الأغلبية.
سيدعم النظام العراقي ذو الأغلبية الشيعية إيران. وسيتواصل تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر من اليمن، مع استهداف إسرائيل بهجمات بالطائرات المسيرة. وسيتجدد هجوم حزب الله على شمال إسرائيل، رغم الأضرار التي لحقت به. ومن المتوقع وقوع هجمات إرهابية على القواعد الأميركية في المنطقة، وربما حتى على الأراضي الأميركية، إلى جانب تخريب واسع في إنتاج النفط بالخليج.
ستمتلك إيران قريبًا ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي. وستكون الحرب دافعًا قويًا لصنع قنبلة، خاصة مع امتلاك إسرائيل مئات الأسلحة النووية. وإذا حصلت إيران على قنبلة، فستليها تركيا ودول عربية أخرى. وستنهار الجهود لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
وكما يشير ميرشايمر، فإن الحرب ستعزز أيضًا التحالف بين إيران، وروسيا، والصين.
قال: 'دفعت الولايات المتحدة كلًا من الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران إلى التقارب الشديد'. وأضاف: 'لقد شكلت كتلة مترابطة. وبفعل الحرب في أوكرانيا، تقاربت روسيا والصين، وبفعل ما يجري في الشرق الأوسط، تقاربت إيران وروسيا. الولايات المتحدة تساعد إسرائيل، لكن يجب أن ندرك أن روسيا تساعد إيران. ليس من مصلحة أميركا أن تتقارب الصين وروسيا ضد واشنطن. وليس من مصلحتها أن تتعاون إيران وروسيا ضد إسرائيل والولايات المتحدة'.
وتابع: 'دائمًا ما توجد إمكانية أن تتورط روسيا في هذه الحرب، إذا تصاعدت بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، لأن روسيا أصبحت الآن تملك مصلحة حقيقية في دعم إيران'.
قد تستمر الحرب شهورًا، وربما سنوات. ستكون حربًا جوية في الأساس، بين الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإيرانية. لكن إخضاع إيران سيتطلب ربما نشر مليون جندي أميركي لغزو واحتلال البلاد. وسينتهي مثل هذا الاحتلال بهزيمة مذلة كما حدث في العراق، وأفغانستان.
الوهم الإسرائيلي المتمثل في قدرتهم على تدمير إيران بضربات جوية، نسخة محدّثة من 'الصدمة والرعب' في العراق عام 2003. لكن كمية القنابل المطلوبة، خصوصًا لتدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض، ستكون هائلة. في عملية تصفية قيادة حزب الله في بيروت، بما في ذلك حسن نصر الله، استخدمت إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل من نوع JDAM.
قال كروك: 'إذا كنت ستطلق طائرات 'إف-35″ محملة بصواريخ JDAM، فكل واحدة منها تزن حوالي 14 طنًا'.
وأضاف: 'المشكلة ليست فقط في الوزن، بل في الوقود الذي تستخدمه. يجب إعادة التزود بالوقود مرة أو مرتين، ثم خوض معركة جوية لقمع الدفاعات. نحن نتحدث عن عملية ضخمة. هل تستطيع أميركا فعل ذلك؟ الإيرانيون يملكون أنظمة دفاع جوي متعددة ورادارات قوية، بما في ذلك رادارات ما وراء الأفق'.
فلماذا إذن نذهب إلى الحرب مع إيران؟ لماذا ننسحب من اتفاق نووي لم تخرقه إيران؟ لماذا شيطنة حكومة تعادي طالبان وتنظيمات تكفيرية أخرى، منها القاعدة وتنظيم الدولة؟ لماذا نزعزع الاستقرار في منطقة شديدة الهشاشة أصلًا؟
الجنرالات والساسة وأجهزة الاستخبارات والمحافظون الجدد ومصانع الأسلحة والمحللون المزعومون والنجوم الإعلاميون ولوبي إسرائيل، لن يتحملوا المسؤولية عن عقدين من الفشل العسكري.
إنهم بحاجة إلى كبش فداء. هذا الكبش هو إيران. الهزائم المهينة في أفغانستان والعراق، وانهيار الدولة في سوريا وليبيا، وانتشار الجماعات المتطرفة والمليشيات التي دربناها وسلحناها، واستمرار الهجمات الإرهابية عالميًا – يجب أن يتحملها أحد.
الفوضى التي أطلقناها، خصوصًا في العراق وأفغانستان، جعلت من إيران القوة الإقليمية الكبرى. لقد مكّنا خصمنا، ولا نعرف كيف نغير هذا سوى بمهاجمته.
القانون الدولي، وحقوق ما يقرب من 90 مليون إنسان في إيران، يتم تجاهلهما، كما تم تجاهل حقوق شعوب أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسوريا.
الإيرانيون، بغض النظر عن موقفهم من حكومتهم، لا يرون في الولايات المتحدة حليفًا أو محررًا. لا يريدون أن يُهاجَموا أو يُحتلوا. وسيردّون. وسندفع نحن، وإسرائيل، الثمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 5 ساعات
- إيطاليا تلغراف
أوراق إيران الرابحة وحماقة إسرائيل وأميركا
إيطاليا تلغراف كريس هيدجيز كاتب ومراسل عسكري أميركي لطالما حاولت إسرائيل وحلفاؤها من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة إشعال حرب مع إيران – حرب لا تستطيع إسرائيل ولا الولايات المتحدة الانتصار فيها، وستؤدي إلى ردود فعل انتقامية شرسة. المحافظون الجدد الذين خططوا للحروب الكارثية في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا – ولم يُحاسبوا قط على إهدار 8 تريليونات دولار من أموال دافعي الضرائب، إضافة إلى 69 مليار دولار أُهدرت في أوكرانيا – يبدو أنهم يستعدون لجرّنا إلى فشل عسكري آخر، هذه المرة مع إيران. لكن إيران ليست العراق، ولا أفغانستان، ولا لبنان، ولا ليبيا، ولا سوريا، ولا اليمن. إيران هي الدولة السابعة عشرة في العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها مساحة أوروبا الغربية. عدد سكانها يقارب 90 مليون نسمة – أي عشرة أضعاف سكان إسرائيل – وتملك موارد عسكرية وتحالفات مع الصين وروسيا تجعلها خصمًا مخيفًا. شنت إيران هجمات انتقامية على إسرائيل ردًا على موجات من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وقتلت العديد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وستة علماء نوويين. سُجلت انفجارات فوق أفق تل أبيب والقدس وغيرهما، وتظهر لقطات مصورة على الأرض في تل أبيب انفجارًا هائلًا يُعتقد أنه ناتج عن صاروخ، مع تقارير عن انفجارات أخرى في نحو نصف دزينة من المواقع في محيط المدينة. قال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز: 'انتقامنا بدأ للتو، وسيدفعون ثمنًا باهظًا لقتل قادتنا وعلمائنا وشعبنا'. وأضاف أن 'لا مكان سيكون آمنًا في إسرائيل'، وأن 'انتقامنا سيكون مؤلمًا'. قال أليستر كروك، الدبلوماسي البريطاني السابق وعضو الاستخبارات البريطانية (MI6)، في مقابلة أجريتها معه عن المحافظين الجدد: 'يعتقدون أن الحرب ستكون سهلة. يريدون إعادة فرض القوة والقيادة الأميركية. يرون أن تحطيم بلد صغير من حين لآخر مفيد لذلك'. وأضاف أن هؤلاء المحافظين الجدد، المتحالفين مع قيادة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، 'لا يتسامحون مع أي قوة منافسة، أو أي تحدٍ للقيادة الأميركية وعظمتها'. وسيسعون لخلق 'حقائق على الأرض' – أي حرب بين إسرائيل وإيران – من شأنها أن 'تدفع ترامب نحو الحرب مع إيران'. رغم ضعف سلاح الجو الإيراني، الذي يتألف من مقاتلات قديمة، فإن إيران مزودة جيدًا بأنظمة الدفاع الجوي الروسية، وصواريخ صينية مضادة للسفن، وألغام ومدفعية ساحلية. ويمكنها إغلاق مضيق هرمز، أهم نقطة عبور للنفط في العالم والتي يمر منها 20% من الإمدادات العالمية. هذا قد يضاعف أو يثلّث أسعار النفط ويشل الاقتصاد العالمي. تمتلك إيران ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية يمكن أن تطلقها على إسرائيل، وكذلك على قواعد أميركية في المنطقة. ورغم إمكانية اعتراض الموجات الأولى، فإن الهجمات المتكررة ستستنزف سريعًا مخزون الدفاعات الجوية لدى إسرائيل والولايات المتحدة. إسرائيل غير قادرة على تحمل حرب استنزاف، مثل الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق والتي انتهت – رغم الدعم الأميركي لنظام صدام حسين – بحالة جمود، أو مثل احتلالها جنوب لبنان لمدة 18 عامًا، والذي انتهى بانسحابها في مايو/ أيار 2000 بعد خسائر متكررة على يد حزب الله. حين شنت إيران، ضمن عملية 'الوعد الصادق'، أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنح على مواقع عسكرية واستخباراتية إسرائيلية في (13 و14 أبريل/ نيسان 2023)، ردًا على قصف إسرائيلي للسفارة الإيرانية في دمشق، اعترضت الولايات المتحدة معظمها. قال جون ميرشايمر، الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة شيكاغو وخريج ويست بوينت: 'إسرائيل لا تستطيع صد هجوم صاروخي إيراني'. وأضاف: 'نحن أمام وضع مثير للاهتمام، فإسرائيل لا تستطيع الانتصار في هذه الحروب، لكنها تجعلها حروبًا طويلة الأمد تكون فيها معتمدة بشدة على الولايات المتحدة'. وأضاف: 'لدينا أصول كثيرة في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وكذلك في إسرائيل نفسها والبحر الأحمر. هذه الأصول مصممة لمساعدة إسرائيل في حروبها. لا يقتصر الأمر على إيران فقط، بل يشمل الحوثيين وحزب الله أيضًا. نحن منخرطون بعمق في مساعدتهم في القتال، ولم يكن الأمر كذلك في 1973 أو في أي وقت قبل هذه الحرب'. يعتقد الإسرائيليون وحلفاؤهم من المحافظين الجدد أنهم قادرون على القضاء على برنامج التخصيب النووي الإيراني بالقوة، وقطع رأس الحكومة الإيرانية لتركيب نظام عميل. هذا المنطق، الذي لا يستند إلى الواقع، فشل بالفعل في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، لكنهم لا يعترفون بذلك. في الوقت نفسه، تريد إسرائيل صرف أنظار العالم عن الإبادة الجماعية والمجاعة الجماعية التي تنفذها في غزة، والتطهير العرقي المتسارع في الضفة الغربية. وقد قُطع الاتصال بالإنترنت تمامًا في غزة، وباتت الضفة الغربية تحت حصار شامل. قال ميرشايمر: 'يدرك الإسرائيليون أنه إذا حصل تصعيد عام، فلن ينتبه أحد كثيرًا للفلسطينيين'. وأضاف: 'سيكون الناس مستعدين لتبرير أكثر لإسرائيل مما لو كانت الأوضاع هادئة. لذا دعونا نصعد الأمور، لنخلق حالة صدام شاملة، والنتيجة أننا سنتمكن من تنفيذ تطهير واسع النطاق في غزة، وربما في الضفة أيضًا'. سيؤدي الهجوم الإيراني، في نهاية المطاف، إلى مئات ثم آلاف القتلى. وستلجأ إيران إلى الشيعة في المنطقة في إطار ما ستقدمه كـ'حرب ضد التشيع'، ثاني أكبر طائفة في الإسلام. والتي ينتشر أفرادها في دول الخليج، وباكستان، وتركيا. أما في العراق، فيشكل الشيعة الأغلبية. سيدعم النظام العراقي ذو الأغلبية الشيعية إيران. وسيتواصل تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر من اليمن، مع استهداف إسرائيل بهجمات بالطائرات المسيرة. وسيتجدد هجوم حزب الله على شمال إسرائيل، رغم الأضرار التي لحقت به. ومن المتوقع وقوع هجمات إرهابية على القواعد الأميركية في المنطقة، وربما حتى على الأراضي الأميركية، إلى جانب تخريب واسع في إنتاج النفط بالخليج. ستمتلك إيران قريبًا ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي. وستكون الحرب دافعًا قويًا لصنع قنبلة، خاصة مع امتلاك إسرائيل مئات الأسلحة النووية. وإذا حصلت إيران على قنبلة، فستليها تركيا ودول عربية أخرى. وستنهار الجهود لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وكما يشير ميرشايمر، فإن الحرب ستعزز أيضًا التحالف بين إيران، وروسيا، والصين. قال: 'دفعت الولايات المتحدة كلًا من الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران إلى التقارب الشديد'. وأضاف: 'لقد شكلت كتلة مترابطة. وبفعل الحرب في أوكرانيا، تقاربت روسيا والصين، وبفعل ما يجري في الشرق الأوسط، تقاربت إيران وروسيا. الولايات المتحدة تساعد إسرائيل، لكن يجب أن ندرك أن روسيا تساعد إيران. ليس من مصلحة أميركا أن تتقارب الصين وروسيا ضد واشنطن. وليس من مصلحتها أن تتعاون إيران وروسيا ضد إسرائيل والولايات المتحدة'. وتابع: 'دائمًا ما توجد إمكانية أن تتورط روسيا في هذه الحرب، إذا تصاعدت بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، لأن روسيا أصبحت الآن تملك مصلحة حقيقية في دعم إيران'. قد تستمر الحرب شهورًا، وربما سنوات. ستكون حربًا جوية في الأساس، بين الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإيرانية. لكن إخضاع إيران سيتطلب ربما نشر مليون جندي أميركي لغزو واحتلال البلاد. وسينتهي مثل هذا الاحتلال بهزيمة مذلة كما حدث في العراق، وأفغانستان. الوهم الإسرائيلي المتمثل في قدرتهم على تدمير إيران بضربات جوية، نسخة محدّثة من 'الصدمة والرعب' في العراق عام 2003. لكن كمية القنابل المطلوبة، خصوصًا لتدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض، ستكون هائلة. في عملية تصفية قيادة حزب الله في بيروت، بما في ذلك حسن نصر الله، استخدمت إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل من نوع JDAM. قال كروك: 'إذا كنت ستطلق طائرات 'إف-35″ محملة بصواريخ JDAM، فكل واحدة منها تزن حوالي 14 طنًا'. وأضاف: 'المشكلة ليست فقط في الوزن، بل في الوقود الذي تستخدمه. يجب إعادة التزود بالوقود مرة أو مرتين، ثم خوض معركة جوية لقمع الدفاعات. نحن نتحدث عن عملية ضخمة. هل تستطيع أميركا فعل ذلك؟ الإيرانيون يملكون أنظمة دفاع جوي متعددة ورادارات قوية، بما في ذلك رادارات ما وراء الأفق'. فلماذا إذن نذهب إلى الحرب مع إيران؟ لماذا ننسحب من اتفاق نووي لم تخرقه إيران؟ لماذا شيطنة حكومة تعادي طالبان وتنظيمات تكفيرية أخرى، منها القاعدة وتنظيم الدولة؟ لماذا نزعزع الاستقرار في منطقة شديدة الهشاشة أصلًا؟ الجنرالات والساسة وأجهزة الاستخبارات والمحافظون الجدد ومصانع الأسلحة والمحللون المزعومون والنجوم الإعلاميون ولوبي إسرائيل، لن يتحملوا المسؤولية عن عقدين من الفشل العسكري. إنهم بحاجة إلى كبش فداء. هذا الكبش هو إيران. الهزائم المهينة في أفغانستان والعراق، وانهيار الدولة في سوريا وليبيا، وانتشار الجماعات المتطرفة والمليشيات التي دربناها وسلحناها، واستمرار الهجمات الإرهابية عالميًا – يجب أن يتحملها أحد. الفوضى التي أطلقناها، خصوصًا في العراق وأفغانستان، جعلت من إيران القوة الإقليمية الكبرى. لقد مكّنا خصمنا، ولا نعرف كيف نغير هذا سوى بمهاجمته. القانون الدولي، وحقوق ما يقرب من 90 مليون إنسان في إيران، يتم تجاهلهما، كما تم تجاهل حقوق شعوب أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسوريا. الإيرانيون، بغض النظر عن موقفهم من حكومتهم، لا يرون في الولايات المتحدة حليفًا أو محررًا. لا يريدون أن يُهاجَموا أو يُحتلوا. وسيردّون. وسندفع نحن، وإسرائيل، الثمن.


الخبر
منذ 5 ساعات
- الخبر
تكلفة باهظة لاعتراض الصواريخ الإيرانية
يستخدم الكيان الصهيوني منظومات عدة مضادة للصواريخ من أجل اعتراض الصواريخ الإيرانية، ولكنها تكلفها أموالا طائلة منذ بدء عدوانها على طهران الجمعة الماضي. ولدى الكيان الصهيوني منظومات "القبة الحديدية" و"سهم" و"مقلاع داود" لاعتراض الصواريخ، وتستخدمها جميعا، إضافة إلى منظومة "ثاد" الأمريكية. لكن بما أن الحديث هو عن صواريخ إيرانية باليستية، فإن الكيان الصهيوني يعتمد على منظومة "سهم" (حيتس بالعبرية) بنسختيه "سهم 2" و"سهم 3". ومنذ بدء العدوان على إيران، يضيء سماء الكيان الصهيوني ليلا عشرات الصواريخ الاعتراضية، ولكن كل منها يكلف تل أبيب أموالا كثيرة. وحسب ما أوردت وكالة "الأناضول" فإن "تكلفة كل سلسلة من عمليات الاعتراض قد تصل إلى مليار شيكل (287 مليون دولار)". وكانت صحيفة "غلوبس" العبرية الاقتصادية قد كشفت نهاية عام 2023، أن "تكلفة اعتراض' القبة الحديدية' تبلغ حوالي 30 ألف دولار، بينما تبلغ تكلفة اعتراض' مقلاع داود' نحو 700 ألف دولار، أما صواريخ سهم 2 وسهم 3 الاعتراضية فتكلفتها قرابة 1.5 مليون دولار ومليوني دولار على التوالي".


إيطاليا تلغراف
منذ 17 ساعات
- إيطاليا تلغراف
دونالد ترامب يدعو جميع سكان طهران إلى "الإخلاء فوراً" ويغادر قمة مجموعة السبع قبل الأوان
إيطاليا تلغراف دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، جميع سكان العاصمة الإيرانية طهران إلى 'الإخلاء فوراً'. وقال ترامب على منصته الاجتماعية تروث سوشال 'كان يجب على إيران توقيع الاتفاق عندما طلبت منها التوقيع. يا لها من خسارة وإهدار للأرواح البشرية. ببساطة، لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي. لقد كررتُ ذلك مراراً وتكراراً! على الجميع إخلاء طهران فوراً!'. ولم يقدّم ترامب أي تفاصيل حول منشوره. وبعد وقت قصير من التصريح، أعلن البيت الأبيض أنّ ترامب سيغادر قمة مجموعة السبع في كندا قبل يوم مما كان مقرراً، 'بسبب الأحداث في الشرق الأوسط'، فيما أفادت قناة فوكس نيوز بأنّ الرئيس الأميركي طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة عمليات. ونقلت 'رويترز' عن ترامب قوله: 'يجب أن أعود إلى واشنطن في أقرب وقت ممكن لأسباب واضحة'. وأفادت شبكة 'سي أن أن' الأميركية بأنّ رسالة ترامب بدت مُصممة لزيادة الضغط على إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات. وقد وجّه ترامب أعضاء فريقه، بمن فيهم مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لمحاولة عقد اجتماع مع مسؤولين إيرانيين في أسرع وقت ممكن، وفقاً لما نقلته الشبكة عن شخص مطلع على الأمر ومسؤول أميركي، في إطار سعيه الحثيث لتحديد مدى جدية إيران في اللجوء إلى الدبلوماسية لحل الصراع مع إسرائيل. وبعيد الإعلان عن مغادرته كندا، أوضح ترامب أن مغادرته المبكرة لقمة مجموعة السبع 'لا علاقة لها بوقف إطلاق نار' بين إسرائيل وإيران، آخذاً بشدة على الرئيس الفرنسي تقديمه الوضع على هذا النحو. وكتب ترامب عبر 'تروث سوشال': 'الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المحب للدعاية الشخصية، قال خطأ إنني غادرت قمة مجموعة السبع في كندا لأعود إلى واشنطن للعمل على (وقف إطلاق نار) بين إسرئيل وإيران. هذا خطأ! لا يملك أي فكرة عن سبب عودتي إلى واشنطن، لكن بالتأكيد لا علاقة له بوقف إطلاق نار. بل أكبر من ذلك بكثير. إيمانويل يخطئ الفهم دائماً. إبقوا على السمع!'. وكان ماكرون قد قال، الاثنين، إنّ الرئيس الأميركي قدّم عرضاً بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وقال لصحافيين خلال قمة مجموعة السبع 'هناك بالفعل عرض للقاء والتواصل. تم تقديم عرض خصيصاً للتوصل إلى وقف إطلاق نار ومن ثم بدء مناقشات أوسع نطاقاً'. وأضاف ماكرون أن محاولة تغيير النظام في إيران بالقوة ستكون 'خطأ استراتيجياً'، مردفاً 'كل من يعتقد أن الضرب بالقنابل من الخارج سينقذ بلداً رغماً عنه فهو مخطئ'. ودعا الرئيس الفرنسي إلى وقف الضربات ضد المدنيين في إيران وإسرائيل. وقال 'إذا كان بإمكان الولايات المتحدة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإنه أمر جيد جيداً'. وفيما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية تقارير عن مشاركة أميركية مباشرة في الضربات ضد إيران، بالتزامن مع دوي انفجارات، ليل الاثنين الثلاثاء، في منطقة نظنز التي تضم منشآت نووية، نفى مساعد في البيت الأبيض عبر منصة إكس هذه الأنباء، قائلاً 'ليس صحيحاً أنّ الولايات المتحدة تهاجم إيران'. من جهة أخرى، قال مسؤول أميركي إنّ ترامب لن يوقّع على مسودة بيان صادر عن قادة مجموعة السبع يدعو إلى تهدئة الصراع الإسرائيلي الإيراني. وتتضمن المسودة التزاماً بحماية استقرار السوق، بما في ذلك أسواق الطاقة، وتؤكد على 'حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها'. من جانبه، قال الناطق باسم البيت الأبيض أليكس فايفر إن القوات الأميركية تحافظ على 'وضعية دفاعية' في الشرق الأوسط، مضيفاً على مواقع التواصل الاجتماعي 'سندافع عن المصالح الأميركية' في المنطقة. وفي الأثناء، قال وزير الدفاع بيت هيغسيث لقناة فوكس نيوز 'ما ترونه في الوقت الفعلي هو السلام من خلال القوة وأميركا أولاً. نحن في وضعية دفاعية في المنطقة، لنكون أقوياء، سعياً للتوصل إلى اتفاق سلام، ونأمل طبعاً بأن يتحقق ذلك'. ومع تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في وقت سابق من أمس الاثنين، أنها وجهت حاملة الطائرات 'يو إس إس نيميتز' من بحر الصين الجنوبي إلى منطقة الشرق الأوسط. والاثنين، قال ترامب خلال لقائه رئيس وزراء كندا مارك كارني، على هامش اليوم الأول من قمة زعماء مجموعة السبع (G7) المنعقدة في منطقة ألبرتا الكندية، إنه يجب على إيران أن تعود إلى طاولة المفاوضات. وأضاف أن إيران ترغب في التفاوض، لكنها تأخرت كثيراً، وأن ما يجري مؤلم للطرفين، مشدداً على أن 'إيران لن تربح هذه الحرب، ويجب أن تعود إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان'، وأشار إلى أنه منح إيران مهلة مدتها 60 يوماً للعودة إلى المفاوضات بشأن برنامجها النووي، إلا أن طهران لم تُبدِ رغبة في التوصل إلى اتفاق.