
ما هو مشروع ٢٠٢٥ وكيف أصبح بمثابة برنامج عمل لولاية دونالد ترامب الثانية؟!
كتب دافيد تاونلي*
ترجمة عبد الجبار جعفر
نفى دونالد ترامب طوال حملة الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤، المزاعم التي تتعلق بنيته بناء سياسات إدارته الثانية على ما جاء في مشروع ٢٠٢٥. والمشروع هو عبارة عن مخطط وضعته مؤسسة التراث الامريكية (Heritage Foundation) لأمريكا المحافظة المتجددة. وعلى الرغم من نفي ترامب المتكرر لهذا الامر، فانه في فترته الرئاسية الثانية، قد تبنى جزءًا كبيرًا من مشروع ٢٠٢٥ في أجندة البيت الأبيض.
وكانت مؤسسة التراث التي نشرت مشروع ٢٠٢٥، وهي مؤسسة ابحاث يمينية في واشنطن، قد قدمت إرشادات سياسية للرؤساء الجمهوريين منذ إدارة ريغان. وعلى الرغم من عمر المؤسسة الطويل، فقد واجه مشروع ٢٠٢٥ معارضة من جهات عديدة. وفي عام ٢٠٢٣ نُشر المشروع، المكون من ٩٠٠ صفحة، بعنوان 'تفويض القيادة: الوعد المحافظ'. وظلّ بعيدًا عن الأنظار إلى حد كبير حتى أطلق الديمقراطيون ومناصرو الحريات المدنية خلال الحملة الرئاسية مبادرة 'أوقفوا مشروع ٢٠٢٥'. ويتألف مشروع ٢٠٢٥، في جوهره، من توصيات سياسية لكل إدارة من إدارات السلطة التنفيذية. وله عدد من الاهداف العامة. وهو يهدف الى إعادة تركيز السلطة بيد الرئيس من خلال إلغاء استقلالية الوكالات الفيدرالية وتعيين الاشخاص الموالين له سياسيًا بدلًا من الموظفين المدنيين المحترفين. كما يهدف إلى تفكيك الدولة الإدارية من خلال المبادرات والمشاريع التي لا تتوافق مع الأهداف المحافظة. ويعزز المشروع القيم العائلية التقليدية المحافظة، ويتراجع عن حقوق مجتمع الميم والحقوق الإنجابية. كما يُلغي القيود التنظيمية المتوافقة مع حماية المناخ والبيئة، ويُضعف قوانين حماية المستهلك. ويدعو إلى زيادة عمليات ترحيل الأجانب غير الشرعيين وفرض قيود صارمة على الهجرة.
وقد سعى ترامب وفريقه، حتى قبل توليه منصبه، إلى استبدال الاشخاص المتخصصين من ذوي الخبرة الطويلة في الوكالات الفيدرالية بآخرين يتوافقون مع قناعاته. وقد استخدم فريقه الانتقالي مشروع ٢٠٢٥ لتوجيه تعيين المسؤولين في الإدارة المقبلة. وتشير التقارير، نقلاً عن مصادر مطلعة داخل فريق ترامب، إلى أن الفريق استشار قاعدة بيانات للأشخاص الموالين لترامب أنشأتها مؤسسة التراث لملء الشواغر.
وعُيّن المشاركون في كتابة مشروع ٢٠٢٥ في مناصب رئيسية، من بينهم توم هومان، مسؤول الحدود، وجون راتكليف، مدير وكالة المخابرات المركزية. وكان بريندان كار، الذي عيّنه ترامب رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية، عضوا في لجنة كتابة مشروع ٢٠٢٥ وقد كتب فصلاً منه. وعُيّن روس فوغت، وهو الكاتب الرئيسي لمشروع ٢٠٢٥، مديراً لمكتب الإدارة والميزانية (OMB)، الذي يعتبر المركز الرئيسي لنفقات الحكومة الفيدرالية. ان نفوذ فوغت داخل الإدارة قد دفع أحد الصحفيين إلى وصفه بأنه 'العقل المدبر الحقيقي وراء رئاسة ترامب الإمبريالية'. استمر توافق قرارات ترامب السياسية مع أهداف مشروع ٢٠٢٥ بعد توليه منصبه في ٢٠ يناير/كانون الثاني. وعكست الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب خلال الأسابيع القليلة الأولى العديد من طموحات مشروع ٢٠٢٥.
وقد قامت شبكة CNN بتحليل الاوامر التنفيذية الـ ٥٣ التي وقّعها ترامب في أسبوعه الأول كرئيس، وخلصت إلى أن ٣٦ من هذه الأوامر تعكس مقترحات ضمن تقرير مؤسسة التراث. وامتد هذا التوافق عبر العديد من الإدارات.
تتوافق الرسوم الجمركية المتبادلة المثيرة للجدل التي فرضها ترامب على السلع الأمريكية المستوردة مع رغبة مشروع ٢٠٢٥ في التجارة الحرة وإيمانه بأن مبدأ الدولة الأكثر رعاية لمنظمة التجارة العالمية غير عادل. على الرغم من أن كلاً من رسوم ترامب الجمركية ومشروع ٢٠٢٥ يستندان إلى الأيديولوجية التي تعرف بالقومية الاقتصادية*، إلا أن ترامب فضّل نهجًا واسع النطاق وحازمًا مقارنةً بأهداف مشروع ٢٠٢٥ الأكثر استهدافًا.
* القومية الاقتصادية هي سياسة اقتصادية تُعطي الأولوية للمصالح الوطنية والسيطرة المحلية على الاقتصاد، غالبًا على حساب التجارة والتكامل العالميين. تُركز هذه السياسة على حماية الصناعات والمنتجين المحليين من خلال إجراءات مثل التعريفات الجمركية والدعم وغيرها من الحواجز التجارية، بهدف تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقوية الاستقلال الاقتصادي الوطني.
كما تناولت الورقة البحثية بشكل موسع التوفير في الإنفاق الفيدرالي الذي اقترحته وزارة الكفاءة الحكومية غير الرسمية التي يترأسها إيلون ماسك. ومن المواضيع الرئيسية لمشروع ٢٠٢٥ ضمان تحقيق قيمة مضافة لدافعي الضرائب من خلال خفض الإنفاق الحكومي غير الضروري. ومع أن جزءًا كبيرًا من مشروع ٢٠٢٥ قد أُدمج بالفعل في سياسات الإدارة، إلا أنه لا يزال هناك عدد كبير من التوصيات والمبادرات التي يتعين تنفيذها.
ماذا ينتظرنا؟
في الوقت الذي بالفعل أوقف فيه ترامب استخدام أموال دافعي الضرائب الفيدراليين لتمويل أو الترويج للإجهاض الاختياري بموجب الأمر التنفيذي رقم ١٤١٨٢، يدعو مشروع ٢٠٢٥ إلى مبادرات أقوى لدعم موقف مؤيد للحياة من خلال التهديد بحجب التمويل عن الولايات إذا لم تلتزم بالمبادئ التوجيهية الجديدة. وعلى سبيل المثال يمكن فرض هذه العقوبات في حال عدم قيام الولايات بإبلاغ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، من خلال تقديم البيانات المطلوبة حول عدد حالات الإجهاض التي تُجرى داخل الولاية.
حتى الان، لم تُلبِّ الإدارة الأمريكية دعوات مشروع ٢٠٢٥ لزيادة ميزانية الدفاع لتصل إلى ٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، وعد ترامب ووزير دفاعه، بيت هيجسيث، بأن يتضمن مقترح الميزانية القادم تخصيص ترليون دولار كميزانية لوزارة الدفاع. وكتب وزير الدفاع بيت هيجسيث على منصة اكس ' هذه الأموال ستنفق على القوة القتالية والاستعدادات'.
قد تُشير انتقادات ترامب الأخيرة لجيروم بأول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة إلى توافقه مع انتقادات مشروع ٢٠٢٥ لمجلس الاحتياطي الفيدرالي وتوصيته بإلغائه. لكن يبدو أن رد الفعل السلبي للسوق على هجوم ترامب على السيد باول سيُنهي أي احتمال للقضاء على الاحتياطي الفيدرالي.
ولعل أكثر ما يُثير قلق الأمريكيين هو ما يخطط له مشروع ٢٠٢٥ للضمان الاجتماعي. وفي إطار التركيز على الاستقرار المالي، فقد أوصى واضعوا مشروع ٢٠٢٥ برفع سن التقاعد من ٦٧ إلى ٦٩ عامًا. وقد ناقشت الإدارة إصلاحات الضمان الاجتماعي، لكنها لم تُطبّق بعد.
وعند توجيه السؤال للمشرعين الجمهوريين حول هذا الامر امتنعوا عن إخبار الناخبين بأن الضمان الاجتماعي في مأمن من التغيير. وفي نهاية المطاف، أكد ترامب أنه لا يخطط لخفض مدفوعات الضمان الاجتماعي أو رفع سن التقاعد.
ومع ذلك، فقد أعلن ترامب ووزارة الكفاءة الحكومية عن تخفيضات في إدارة الضمان الاجتماعي (SSA)، وهي الجهة المسؤولة عن المدفوعات. وقد أثار هذا مخاوف مارتن أومالي، المدير السابق للإدارة، الذي أشار إلى أن هذه التخفيضات قد تؤدي إلى تأخير دفعات الإعانات الحيوية مستقبلًا. ومن غير الواضح بعدُ أين ستتجه الإدارة الامريكية. وتتضمن الوثيقة المكونة من ٩٠٠ صفحة مئات التوصيات السياسية، بعضها نُفذ بالكامل، والبعض الآخر نُفذ جزئيًا فقط.
ومع كل هذا فقد شكّل مشروع ٢٠٢٥ نموذجًا يُحتذى به لكثير من سياسات إدارة ترامب الجديدة، على الرغم من أن البيت الأبيض أبدى بعض التردد في دمج جميع توصيات المشروع، الا ان، هناك دلائل على أن الإدارة لم تُنته من مشروع ٢٠٢٥ بعد، وأن قائمة رغبات المحافظين لا تزال تؤثر على قرارات صنع السياسات في الإدارة الامريكية.
الكاتب: دافيد تاونلي- زميل تدريسي في السياسة الأمريكية والأمن الدولي، جامعة بورتسموث
المترجم: عبد الجبار جعفر- كاتب ومتخصص في الاتصالات الاستراتيجية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 4 ساعات
- وكالة أنباء براثا
التطبيع الثقافي الناعم يوسف زيدان إنموذجاً
احمد قمندار رغم كل الدعم والامكانيات التي يقدمها الغرب والدول الأوربية برعاية أمريكا الى الكيان الصهيوني الا انه لم يستطيع أن يكون جزء من المنطقة وشعوبها، وذلك بسبب رفض الشعوب الاسلامية لهذا الكيان، فبعد ان خاض الاخير حروب مع شعوب المنطقة مثل حرب ١٩٤٨ وحرب ١٩٦٧ وحرب ١٩٧٣ عمل الكيان ومن يقف خلفة على اجبار الحكومات المستعربة بالاعتراف به وعقد معاهدات سلام معه وفي مقدمتها حكومة مصر من خلال مفاوضات كانت وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 سبتمبر 1978 إثر 12 يوما من المفاوضات السرية في كامب ديفيد ، وبعد ذلك كانت اتفاقية وادي عربة بين الكيان الصهيوني وحكومة الأردن، حيث التقى رابين رئيس وزراء الكيان والملك حسين رسمياً في البيت الأبيض بناء على دعوة من بيل كلينتون. في 26 أكتوبر 1994، تم التوقيع على معاهدة السلام خلال حفل أقيم في وادي عربة في الأردن، وبالقرب من الحدود الفلسطينية المحتلة والأردنية. لكن رغم هذه الاتفاقيات والاعتراف بدولة الكيان الصهيوني وعقد معاهدات السلام من قبل الحكومات العربية العميلة لم تعترف شعوبها بالكيان، وقد رفضت كل اشكال الاعتراف والتعايش معه . وبعد أحداث ما يعرف بالربيع العربي ووصول شياطين العرب مثل محمد بن زايد حاكم للإمارات ومحمد بن سلمان حاكم للسعودية وتميم حاكم لقطر الى سدة الحكم، كان صك وصولهم الى الحكم هو القيام بأكبر عملية غسيل ادمغة للشعوب العربية والاسلامية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وذلك من خلال الاعلام،حيث تمتلك هذه الدول اكبر امبراطوريات إعلامية في غرب اسيا وشمال أفريقيا، كذلك تمتلك اكبر احتياطيات مالية. فبدل ان تقوم بتنمية وتطوير قدرات الدول العربية عملت على القيام بأكبر عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني، حيث بدأ الاعتراف به دولة بعد اخرى، لكن كان هناك ما لم يكن في حسبانهم الا وهي عملية طوفان الأقصى التي أوقفت التطبيع . ونسمع اليوم بعد آلاف من الشهداء في غزة وجنوب لبنان وسوريا واليمن والعراق وايران عن وجود دعوة للمطبع يوسف زيدان للحضور الى العراق، وهذه المرة الثانية التي تقوم جهات بدعوته والهدف هو جعل هولاء المطبعين شخصيات ثقافية لها تأثيرها في المجتمع الثقافي، ومن ثم يتم تمرير مشروع التطبيع الثقافي الناعم للشعب العراقي، وهنا نعلن رفضنا القاطع كشعب عراقي مجاهد قدم الالاف من الشهداء والمضحين في سبيل حريته وهويته لمثل هذه المحاولات الخبيثة التي تريد جر العراق حكومةً وشعباً الى نفق مظلم مليء بالخزي والعار ويكون تابع مطبع مثل البقرة الحلوب السعودية والاماراتية.


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
"حلفاء رئيسيون لإسرائيل يهددون بالتحرك بشأن كارثة غزة، فلماذا لا تتحرك واشنطن؟"
في جولة الصحافة اليوم، نستعرض ثلاثة مقالات من صحف عالمية تناولت الحرب في غزة، واقتصاد سوريا في مرحلتها الانتقالية، والمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب بوساطة أمريكية. نبدأ جولتنا الصحفية من صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال للكاتب جوزيف جيديون الذي يبدأه مستنكراً عدم تحرك واشنطن إزاء إعلان إسرائيل شن "هجوم غير مسبوق" على خان يونس جنوبي قطاع غزة، في الوقت الذي تهدد فيه كندا ودول أوروبية باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا لم تخفف إسرائيل من هجومها. ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة تواصل دعم إسرائيل علناً، رغم كل الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب لإدخال المساعدات إلى القطاع. ويقول الكاتب إن "المعارضة الأمريكية خافتة إلى حد كبير إزاء وعود إسرائيل بتدمير غزة، في وقت تواجه فيه الأراضي المحتلة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم"، مستنداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية بهذا الشأن. في المقابل، يُدرج كاتب المقال موقفاً آخر للأمريكيين من خلال مؤشرات استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في مارس/آذار الماضي، تُظهر أن التعاطف مع الفلسطينيين ارتفع إلى 33 بالمئة، وهو "مستوى قياسي"، مقارنة بالأرقام السابقة. وفي هذا الإطار، يستعرض الكاتب مواقف مشرعين تقدميين قال إنهم يعارضون الخطاب العام في واشنطن، من بينهم النائبتان ديليا راميريز، التي اعتبرت ترامب ونتنياهو "ثنائي متطرف وغير مسؤول"، وإلهان عمر، التي رأت أن الفصل الأخير من حرب غزة "وصمة عار أخلاقية أخرى غير مقبولة"، بحسب تصريحات أدلت بها النائبتان للصحيفة. ويرى الكاتب أن قرارات الكونغرس لا تعدو كونها إشارات رمزية تهدف إلى التعبير عن الرأي العام، لكنها تفتقر لأي قوة قانونية فعلية. وفي هذا السياق، يقول الكاتب إن ثأثير المشرعين على مسار السياسات يبقى محدوداً، وهو ما يعكس الهوّة المتزايدة بين النخب السياسية والرأي العام الأميركي. ويقول: "خفوت الحركة الشعبية الداعمة لحقوق الفلسطينيين – نتيجة الحملة القمعية التي شنّتها إدارة ترامب على الجامعات بعد احتجاجات العام الماضي – قد خفف من الضغط الشعبي الذي كان من الممكن أن يُرغم السياسيين على التحرك". وعلى الجانب الإسرائيلي، يستعرض الكاتب محاولة من نتنياهو لتخفيف الضغط الدولي بإعلانه استئناف إدخال كميات "محدودة" من المساعدات لغزة – وهي الخطوة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها لا تتجاوز "قطرة في محيط" المأساة الإنسانية. ويختتم الكاتب بالسؤال: هل ستتحول الأصوات الأمريكية المطالبة بتغيير السياسة وإنهاء الحرب إلى واقع فعلي؟ هل نحتاج معجزة اقتصادية في سوريا؟ يرى الكاتب عصام شحادات أن سوريا، بعد سقوط حكم بشار الأسد قبل خمسة أشهر، تقف أمام تحدٍ بحجم معجزة. فالبلاد، كما يصوّر، خرجت من حكم استبدادي دام لعقود بـ "كومة من الحطام الاقتصادي" تتطلب جهوداً شبه خارقة لإزالتها، ويقارن البعض حجم الدمار بما واجهته ألمانيا واليابان عقب الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى ضخامة المهمة المنتظرة. ويشير الكاتب في مقاله بصحيفة "ديلي صباح" التركية، إلى أن أكثر كلمة تتردد في سوريا اليوم هي "إعادة الإعمار"، وهي ليست فقط عملية عمرانية، بل مشروع متكامل لإعادة بناء الدولة والمواطن. ويقول: "إنه مشروع شاق يبدأ من الصفر، وسط اقتصاد منهار، وفقر يكاد يصل إلى المجاعة، ودولة عاجزة عن تقديم خدماتها الأساسية". ويؤكد الكاتب أن النظام السابق لم يكن لديه أي نية للإصلاح، بل استخدم موارد الدولة لخدمة آلة الحرب والقمع. ويضيف: "ما تبقى من الثروة الوطنية تم تسخيره لعسكرة الاقتصاد، وتحولت القيمة المضافة إلى محرّك للتدمير والانهيار". ويتساءل شحادات: "كم من الوقت تحتاج سوريا لتنهض من ركامها؟" ويرى أن العودة إلى مستوى ما قبل الحرب قد يستغرق عقداً من الزمن – هذا في حال توفر الاستقرار السياسي والدعم الدولي. ومع أن رفع العقوبات الغربية، خاصة الأمريكية، أتاح بعض الانفراج في حركة الأموال والاستثمارات، إلا أن إعادة بناء اقتصاد بهذا الحجم تحتاج ما هو أكثر من مجرد رفع القيود، بحسب شحادات. ويستحضر الكاتب التجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية كنموذج يمكن التعلم منه، مشيراً إلى أن "المعجزة الألمانية" لم تكن عشوائية، بل نتاج تخطيط اقتصادي محكم، ودعم مالي عبر "خطة مارشال"، واستثمار في التعليم والبنية التحتية. ويتساءل شحادات: "هل يمكن أن تحقق سوريا معجزة اقتصادية؟" ثم يجيب: "ولِمَ لا؟" إذا توفرت الشروط المناسبة. فبحسب رأيه، تمتلك سوريا مقومات حقيقية: رأس مال بشري متعلم، كفاءات صناعية، مغتربون متفوقون في الخارج، وموقع استراتيجي، إضافة إلى ثروات طبيعية وزراعية وفيرة. ويحذر الكاتب من التفاؤل المفرط، لافتاً إلى أن الواقع الجيوسياسي لسوريا أكثر تعقيداً مما واجهته ألمانيا. ويضيف: "سوريا جارة لإسرائيل، التي لا تريد نهوضها، ولم تُحاسب ألمانيا على خلفية دينية أو أيديولوجية كما تُحاسب سوريا اليوم"، في إشارة من الكاتب إلى المعايير المزدوجة في التعامل الدولي. ويشير شحادات إلى أنه لا يدعو إلى "مدينة فاضلة"، بل إلى "أمل واعٍ". ويرى في الختام أنه إذا توفر الالتزام الصادق بالعمل وإعادة البناء، فإن ثمار هذه الجهود سوف تظهر حتماً. جهود ترامب لتحقيق السلام في أوكرانيا مبنية على ثلاثة أوهام وفي صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يرى الكاتب ديفيد إغناطيوس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتعامل مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية بعقلية الشعارات، وليس من خلال استراتيجية مدروسة جيدا. فتصريحه المتفائل "دعوا العملية تبدأ!"، عقب مكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يبدو واعداً للوهلة الأولى، لكن الكاتب يُشكّك في جدية الأسس التي تُبنى عليها هذه "العملية". ويشير إغناطيوس إلى أن حديث ترامب عن إمكانية التفاوض بين الطرفين مباشرة، دون تدخلات أو شروط مسبقة، يُعد نوعاً من "التفكير السحري". ويضيف: "بوتين، في الواقع، يرفض حتى الآن فكرة وقف إطلاق النار، ومع ذلك يوافقه ترامب ضمنياً بأن "الشروط يجب أن يتفاوض عليها الطرفان فقط لأنهما يعلمان التفاصيل"، وكأن تعقيد الصراع يُحل بالإيماءات الدبلوماسية لا بالخطط المدروسة"، بحسب الكاتب. ويرى الكاتب أنه يتعين على ترامب أن يكون أكثر تماسكاً في تنظيم عملية التفاوض، وإلا ستفشل، بحسب تعبيره. ويشرح: "المبادرات الأمريكية بدأت باقتراحات لهدن محدودة تخص البنى التحتية ومناطق الملاحة، لكنها فشلت. ثم طُلب من الطرفين صياغة "مسودات تفاهم" – لكنها كانت متناقضة تماماً. انتقل الفريق بعدها إلى محادثات مباشرة، والتي تعطلت في إسطنبول، ثم تحوّلت أخيراً إلى ما يمكن وصفه بـ "عملية ترامب-بوتين". ويقول إغناطيوس بلهجة ناقدة: "يبدو أن ترامب يريد من الأطراف أن يحلّوا الأمر بأنفسهم". ويصف هذه المقاربة بأنها "عشوائية ومتغيرة باستمرار"، وهو ما يجعل فرص النجاح ضئيلة للغاية. ويرى الكاتب أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم تقديم بوتن أي دليل على رغبته بالسلام، بينما يعزز ترامب قناعاته بأن أوكرانيا لا يمكن أن تكون دولة أوروبية، كما تريد، بل يجب أن تبقى تحت الهيمنة الروسية. أما المشكلة الثانية بحسب الكاتب، فهي فكرة ترامب بأن روسيا تمثل منجم ذهب اقتصادي محتمل للولايات المتحدة. ويرى الكاتب أنه لو كان لدى ترامب تقييم اقتصادي أكثر واقعية، لكان رأى رهاناً اقتصادياً أفضل في أوكرانيا. ويضيف: "خلفت الحرب، رغم قسوتها، بيئة ابتكار في كييف قد تكون الأكثر إنتاجية في أوروبا. فبدلاً من شراء طائرات بدون طيار من إيران، تُصنّع أوكرانيا طائراتها الخاصة بشكل أكثر تطوراً". والمشكلة الثالثة تتمثل في إمكانية إجبار أوكرانيا المتعثرة على الاستسلام، لكن اتضح أن لدى أوكرانيا ورقة ضغط قوية للغاية، وهي الدعم القوي من أوروبا، بحسب الكاتب. ويضيف: "لن يتمكن ترامب من إجبار زيلينسكي على إبرام صفقة سيئة لأن حلفاءه الأوروبيين مستعدون للمقاومة". ويرى أن لدى أوكرانيا فرصة مميزة في المفاوضات المقبلة، إذ لمس بوتن أن كييف مستعدة لمواصلة القتال بدعم من أوروبا. ويقول إن كبار حكومة زيلنسكي يريدون نجاح مبادرة ترامب للسلام، لكنهم يستعدون لاحتمال فشلها.


موقع كتابات
منذ 7 ساعات
- موقع كتابات
ردًا على 'واشنطن بوست' .. البيت الأبيض يؤكد فكرة التخلي عن إسرائيل سخيفة
وكالات- كتابات: نفى 'البيت الأبيض' التقرير الذي نُشر في صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ والذي جاء فيه أنّ الرئيس؛ 'دونالد ترمب'، هدد: 'بالتخلي عن إسرائيل إذا لم تُنهِ الحرب في غزة'. وأفاد مصدر رسمي أميركي لموقع (واينت) الإسرائيلي؛ بأنّ ما جاء في التقرير: 'كذب'، مضيفًا أنّ: 'فكرة أن نتخلى عن إسرائيل سخيفة'. كذلك قال الناطق باسم 'مجلس الأمن القومي' في البيت الأبيض؛ 'جايمس يوايت'، للموقع إنّ: 'إسرائيل لم يكن لديها أبدًا صديق في التاريخ أفضل من ترمب'. وأضاف: 'نحن مستَّمرون في العمل بتعاون وثيق مع إسرائيل من أجل ضمان تحرير الأسرى، والحرص على ألا تحوز إيران سلاحًا نوويًا أبدًا، وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط'. وجاء هذا النفي بعد أن نقلت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، عن شخص وصفته: بـ'المطّلع'، قوله أمس الإثنين، إنّ: 'رجال ترمب أخبروا إسرائيل ما مفاده أنّنا سنتخلى عنكم إذا لم تنهوا الحرب' في 'قطاع غزة'. وفي وقتٍ سابق؛ دعا وزراء خارجية (19) دولةً أوروبيةً و'كندا وأستراليا واليابان' في بيان الحكومة الإسرائيلية إلى السماح باستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى 'قطاع غزة' فورًا، وبصورة كاملة. يأتي ذلك فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي الإبادة للفلسطينيين في 'قطاع غزة'، حيث ارتكب (03) مجازر دامية خلال الساعات الأخيرة في القطاع، أسفرت عن استشهاد (38) فلسطينيًا على الأقل، إلى جانب عشرات الإصابات.