
"حلفاء رئيسيون لإسرائيل يهددون بالتحرك بشأن كارثة غزة، فلماذا لا تتحرك واشنطن؟"
في جولة الصحافة اليوم، نستعرض ثلاثة مقالات من صحف عالمية تناولت الحرب في غزة، واقتصاد سوريا في مرحلتها الانتقالية، والمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب بوساطة أمريكية.
نبدأ جولتنا الصحفية من صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال للكاتب جوزيف جيديون الذي يبدأه مستنكراً عدم تحرك واشنطن إزاء إعلان إسرائيل شن "هجوم غير مسبوق" على خان يونس جنوبي قطاع غزة، في الوقت الذي تهدد فيه كندا ودول أوروبية باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا لم تخفف إسرائيل من هجومها.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة تواصل دعم إسرائيل علناً، رغم كل الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب لإدخال المساعدات إلى القطاع.
ويقول الكاتب إن "المعارضة الأمريكية خافتة إلى حد كبير إزاء وعود إسرائيل بتدمير غزة، في وقت تواجه فيه الأراضي المحتلة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم"، مستنداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية بهذا الشأن.
في المقابل، يُدرج كاتب المقال موقفاً آخر للأمريكيين من خلال مؤشرات استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في مارس/آذار الماضي، تُظهر أن التعاطف مع الفلسطينيين ارتفع إلى 33 بالمئة، وهو "مستوى قياسي"، مقارنة بالأرقام السابقة.
وفي هذا الإطار، يستعرض الكاتب مواقف مشرعين تقدميين قال إنهم يعارضون الخطاب العام في واشنطن، من بينهم النائبتان ديليا راميريز، التي اعتبرت ترامب ونتنياهو "ثنائي متطرف وغير مسؤول"، وإلهان عمر، التي رأت أن الفصل الأخير من حرب غزة "وصمة عار أخلاقية أخرى غير مقبولة"، بحسب تصريحات أدلت بها النائبتان للصحيفة.
ويرى الكاتب أن قرارات الكونغرس لا تعدو كونها إشارات رمزية تهدف إلى التعبير عن الرأي العام، لكنها تفتقر لأي قوة قانونية فعلية.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب إن ثأثير المشرعين على مسار السياسات يبقى محدوداً، وهو ما يعكس الهوّة المتزايدة بين النخب السياسية والرأي العام الأميركي.
ويقول: "خفوت الحركة الشعبية الداعمة لحقوق الفلسطينيين – نتيجة الحملة القمعية التي شنّتها إدارة ترامب على الجامعات بعد احتجاجات العام الماضي – قد خفف من الضغط الشعبي الذي كان من الممكن أن يُرغم السياسيين على التحرك".
وعلى الجانب الإسرائيلي، يستعرض الكاتب محاولة من نتنياهو لتخفيف الضغط الدولي بإعلانه استئناف إدخال كميات "محدودة" من المساعدات لغزة – وهي الخطوة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها لا تتجاوز "قطرة في محيط" المأساة الإنسانية.
ويختتم الكاتب بالسؤال: هل ستتحول الأصوات الأمريكية المطالبة بتغيير السياسة وإنهاء الحرب إلى واقع فعلي؟
هل نحتاج معجزة اقتصادية في سوريا؟
يرى الكاتب عصام شحادات أن سوريا، بعد سقوط حكم بشار الأسد قبل خمسة أشهر، تقف أمام تحدٍ بحجم معجزة. فالبلاد، كما يصوّر، خرجت من حكم استبدادي دام لعقود بـ "كومة من الحطام الاقتصادي" تتطلب جهوداً شبه خارقة لإزالتها، ويقارن البعض حجم الدمار بما واجهته ألمانيا واليابان عقب الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى ضخامة المهمة المنتظرة.
ويشير الكاتب في مقاله بصحيفة "ديلي صباح" التركية، إلى أن أكثر كلمة تتردد في سوريا اليوم هي "إعادة الإعمار"، وهي ليست فقط عملية عمرانية، بل مشروع متكامل لإعادة بناء الدولة والمواطن.
ويقول: "إنه مشروع شاق يبدأ من الصفر، وسط اقتصاد منهار، وفقر يكاد يصل إلى المجاعة، ودولة عاجزة عن تقديم خدماتها الأساسية".
ويؤكد الكاتب أن النظام السابق لم يكن لديه أي نية للإصلاح، بل استخدم موارد الدولة لخدمة آلة الحرب والقمع.
ويضيف: "ما تبقى من الثروة الوطنية تم تسخيره لعسكرة الاقتصاد، وتحولت القيمة المضافة إلى محرّك للتدمير والانهيار".
ويتساءل شحادات: "كم من الوقت تحتاج سوريا لتنهض من ركامها؟" ويرى أن العودة إلى مستوى ما قبل الحرب قد يستغرق عقداً من الزمن – هذا في حال توفر الاستقرار السياسي والدعم الدولي.
ومع أن رفع العقوبات الغربية، خاصة الأمريكية، أتاح بعض الانفراج في حركة الأموال والاستثمارات، إلا أن إعادة بناء اقتصاد بهذا الحجم تحتاج ما هو أكثر من مجرد رفع القيود، بحسب شحادات.
ويستحضر الكاتب التجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية كنموذج يمكن التعلم منه، مشيراً إلى أن "المعجزة الألمانية" لم تكن عشوائية، بل نتاج تخطيط اقتصادي محكم، ودعم مالي عبر "خطة مارشال"، واستثمار في التعليم والبنية التحتية.
ويتساءل شحادات: "هل يمكن أن تحقق سوريا معجزة اقتصادية؟" ثم يجيب: "ولِمَ لا؟" إذا توفرت الشروط المناسبة. فبحسب رأيه، تمتلك سوريا مقومات حقيقية: رأس مال بشري متعلم، كفاءات صناعية، مغتربون متفوقون في الخارج، وموقع استراتيجي، إضافة إلى ثروات طبيعية وزراعية وفيرة.
ويحذر الكاتب من التفاؤل المفرط، لافتاً إلى أن الواقع الجيوسياسي لسوريا أكثر تعقيداً مما واجهته ألمانيا.
ويضيف: "سوريا جارة لإسرائيل، التي لا تريد نهوضها، ولم تُحاسب ألمانيا على خلفية دينية أو أيديولوجية كما تُحاسب سوريا اليوم"، في إشارة من الكاتب إلى المعايير المزدوجة في التعامل الدولي.
ويشير شحادات إلى أنه لا يدعو إلى "مدينة فاضلة"، بل إلى "أمل واعٍ".
ويرى في الختام أنه إذا توفر الالتزام الصادق بالعمل وإعادة البناء، فإن ثمار هذه الجهود سوف تظهر حتماً.
جهود ترامب لتحقيق السلام في أوكرانيا مبنية على ثلاثة أوهام
وفي صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يرى الكاتب ديفيد إغناطيوس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتعامل مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية بعقلية الشعارات، وليس من خلال استراتيجية مدروسة جيدا. فتصريحه المتفائل "دعوا العملية تبدأ!"، عقب مكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يبدو واعداً للوهلة الأولى، لكن الكاتب يُشكّك في جدية الأسس التي تُبنى عليها هذه "العملية".
ويشير إغناطيوس إلى أن حديث ترامب عن إمكانية التفاوض بين الطرفين مباشرة، دون تدخلات أو شروط مسبقة، يُعد نوعاً من "التفكير السحري".
ويضيف: "بوتين، في الواقع، يرفض حتى الآن فكرة وقف إطلاق النار، ومع ذلك يوافقه ترامب ضمنياً بأن "الشروط يجب أن يتفاوض عليها الطرفان فقط لأنهما يعلمان التفاصيل"، وكأن تعقيد الصراع يُحل بالإيماءات الدبلوماسية لا بالخطط المدروسة"، بحسب الكاتب.
ويرى الكاتب أنه يتعين على ترامب أن يكون أكثر تماسكاً في تنظيم عملية التفاوض، وإلا ستفشل، بحسب تعبيره.
ويشرح: "المبادرات الأمريكية بدأت باقتراحات لهدن محدودة تخص البنى التحتية ومناطق الملاحة، لكنها فشلت. ثم طُلب من الطرفين صياغة "مسودات تفاهم" – لكنها كانت متناقضة تماماً. انتقل الفريق بعدها إلى محادثات مباشرة، والتي تعطلت في إسطنبول، ثم تحوّلت أخيراً إلى ما يمكن وصفه بـ "عملية ترامب-بوتين".
ويقول إغناطيوس بلهجة ناقدة: "يبدو أن ترامب يريد من الأطراف أن يحلّوا الأمر بأنفسهم". ويصف هذه المقاربة بأنها "عشوائية ومتغيرة باستمرار"، وهو ما يجعل فرص النجاح ضئيلة للغاية.
ويرى الكاتب أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم تقديم بوتن أي دليل على رغبته بالسلام، بينما يعزز ترامب قناعاته بأن أوكرانيا لا يمكن أن تكون دولة أوروبية، كما تريد، بل يجب أن تبقى تحت الهيمنة الروسية.
أما المشكلة الثانية بحسب الكاتب، فهي فكرة ترامب بأن روسيا تمثل منجم ذهب اقتصادي محتمل للولايات المتحدة.
ويرى الكاتب أنه لو كان لدى ترامب تقييم اقتصادي أكثر واقعية، لكان رأى رهاناً اقتصادياً أفضل في أوكرانيا.
ويضيف: "خلفت الحرب، رغم قسوتها، بيئة ابتكار في كييف قد تكون الأكثر إنتاجية في أوروبا. فبدلاً من شراء طائرات بدون طيار من إيران، تُصنّع أوكرانيا طائراتها الخاصة بشكل أكثر تطوراً".
والمشكلة الثالثة تتمثل في إمكانية إجبار أوكرانيا المتعثرة على الاستسلام، لكن اتضح أن لدى أوكرانيا ورقة ضغط قوية للغاية، وهي الدعم القوي من أوروبا، بحسب الكاتب.
ويضيف: "لن يتمكن ترامب من إجبار زيلينسكي على إبرام صفقة سيئة لأن حلفاءه الأوروبيين مستعدون للمقاومة".
ويرى أن لدى أوكرانيا فرصة مميزة في المفاوضات المقبلة، إذ لمس بوتن أن كييف مستعدة لمواصلة القتال بدعم من أوروبا. ويقول إن كبار حكومة زيلنسكي يريدون نجاح مبادرة ترامب للسلام، لكنهم يستعدون لاحتمال فشلها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 41 دقائق
- وكالة أنباء براثا
هرباً من الضغط والتهديدات.. استقالات جماعية لموظفي الحكومة الأمريكية
قالت نقابات وخبراء وموظفون إن عشرات الآلاف من العاملين بالحكومة الأمريكية فضلوا الاستقالة على تحمل ما يعتبره كثيرون عذاب انتظار تنفيذ إدارة ترامب لتهديداتها بفصلهم. وقع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا عند توليه منصبه لخفض حجم وإنفاق الحكومة بشكل كبير. وبعد أربعة أشهر، لم تتحقق بعد عمليات التسريح الجماعي للموظفين في أكبر الوكالات حتى الآن وأبطأت المحاكم سير العملية. اختار معظم موظفي الخدمة المدنية الذين غادروا أو سيغادرون بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول برنامجا للتقاعد المبكر أو حوافز أخرى للاستقالة. وقال بعضهم لرويترز إنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الضغط اليومي انتظارا لطردهم بعد تحذيرات متعددة من مسؤولي إدارة ترامب بأنهم قد يفقدون وظائفهم في الموجة التالية من تسريح الموظفين. ونتيجة لذلك، تمكنت إدارة ترامب والملياردير إيلون ماسك المشرف على إدارة الكفاءة الحكومية من خفض ما يقرب من 12% من القوى العاملة المدنية الاتحادية البالغ قوامها 2.3 مليون موظف، وذلك إلى حد كبير من خلال التهديدات بالإقالة والاستقالات وعروض التقاعد المبكر، حسبما خلصت مراجعة رويترز لعمليات الاستقالة من الوكالات. لم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق على هذه القصة. ويقول ترامب وماسك إن البيروقراطية الاتحادية متضخمة وغير فعالة وتساهم في الهدر والاحتيال. لم يقدم البيت الأبيض حتى الآن إحصاء رسميا لعدد من سيغادرون القوى العاملة الاتحادية. وقال إن 75 ألف شخص قبلوا العرض الأول من عرضين للتسريح، لكنه لم يذكر عدد من قبلوا العرض الثاني الشهر الماضي. وبموجب الخطة، سيحصل موظفو الخدمة المدنية على رواتب ومزايا كاملة حتى 30 سبتمبر/ أيلول، مع عدم اضطرار معظمهم للعمل خلال تلك الفترة. ومن المقرر إجراء تخفيضات حادة في عدد من الوكالات، بما في ذلك أكثر من 80 ألف وظيفة في وزارة شؤون قدامى المحاربين و10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. ومنذ يناير/ كانون الثاني، يتحدث كثير من الموظفين الحكوميين عن العيش في خوف من الطرد من العمل. وأرسلت العديد من الهيئات رسائل بالبريد الإلكتروني بشكل منتظم إلى الموظفين تحثهم على قبول برامج الاستقالة أو مواجهة احتمال التسريح. كما أنهم يعانون من تكدسهم في المكاتب بعد أن أمر ترامب جميع العاملين عن بعد بالعودة إلى مقر العمل، إلى جانب الخلل الوظيفي داخل الوكالات بسبب رحيل الموظفين ذوي الخبرة. وقال دون موينيهان الأستاذ في كلية فورد للسياسة العامة في جامعة ميشيغان "من غير المناسب اعتبارها استقالات طوعية. فالعديد من هؤلاء الموظفين يشعرون أنهم أُجبروا على الاستقالة". وقبلت شارلوت رينولدز (58 عاما) عرض التقاعد المبكر وتركت وظيفتها كمحللة كبيرة للضرائب في دائرة الإيرادات الداخلية لتحصيل الضرائب في 30 أبريل/ نيسان. وقالت "أخبرونا أننا لسنا منتجين وليس لنا فائدة. كرست 33 عاما من عمري للعمل في مصلحة الضرائب وعملت بجد. أصابني ذلك بشعور فظيع". قال إيفريت كيلي رئيس الاتحاد الأمريكي للموظفين الحكوميين، وهو أكبر اتحاد للعمال الاتحاديين ويضم 800 ألف عضو "منح الرئيس سلطة لأشخاص مثل إيلون ماسك وفريقه في إدارة الكفاءة الحكومية لمضايقة الموظفين الاتحاديين وإهانتهم ونشر الأكاذيب بشأنهم وعملهم وإجبار عشرات الآلاف منهم على ترك العمل". وقال أحد الموظفين في إدارة الضمان الاجتماعي، طلب عدم الكشف عن هويته خشية إلغاء عرض الاستقالة المبكرة، إن التوتر دفعه إلى السهر لوقت متأخر وشرب المزيد من الكحوليات وتقليل ممارسة الرياضة. وطعنت عشرات الدعاوى القضائية في قانونية مساعي إدارة ترامب لفصل العمال الاتحاديين. ومنع قاض اتحادي في كاليفورنيا في التاسع من مايو/ أيار تسريح العاملين في 20 وكالة وقال إنه يجب إعادتهم إلى وظائفهم. وتطعن الإدارة الأمريكية في الحكم الذي نص على أن ترامب لا يمكنه إعادة هيكلة الوكالات الاتحادية إلا بتفويض من الكونغرس.


ساحة التحرير
منذ ساعة واحدة
- ساحة التحرير
الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة!محمد السعيد إدريس
الاستجابة والصحوة والأسئلة الصعبة! د. محمد السعيد إدريس لم يعد خافياً على أحد كم ونوع التحديات الهائلة التى تواجه الأمة . وعندما نقول الأمة فيجب أن نكون على اتفاق فى الوعى بالمعنى، الذى نريده ونقصده بمصطلح الأمة، استباقاً لأى اشتباك قد يفرض نفسه حول المفاهيم . نعنى بالأمة، فى مقامنا الراهن بداية «الوطن المصرى» باعتباره جزءاً أصيلاً من أمته العربية. فمصر أضحت «فى قلب العاصفة» التى تجتاح معظم الدول العربية الشقيقة. هى، كما يقول الأعداء «جائزتهم الكبرى» التى يحلمون بها. يجب أن نعى كمصريين أن مصر فى خطر، والعدو الصهيونى، مدعوماً بقيادته الأمريكية، لن يتردد لحظة فى الوثوب على مصر، إن استطاع ذلك، أو إن أتاحت له تداعيات الأحداث تحقيق هذا الحلم اقتناعاً بأنه لا مستقبل ناجح للمشروع الصهيونى قبل القضاء ونهائياً على أى خطر مصرى محتمل. ونعنى بالأمة هنا أيضا «أمتنا العربية» كما تتجسد تاريخياً على أرض وطننا العربى الممتد من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، وهو الوطن الذى يتعرض الآن لأخطر تحدياته، حيث تجرى ثلاث عمليات استئصالية فى هذا الوطن فى وقت واحد: تجرى أولاً عملية تفكيكه وإعادة تقسيمه إلى دويلات عرقية وطائفية ودينية، لتكون هذه الدويلات مُهيأة للخضوع والتبعية للقيادة الإقليمية الإسرائيلية. وتجرى ثانياً عملية القضاء النهائى على قلبه النابض وموازن توحده، وأعنى فلسطين . هذه المرة، غير ما حدث بعد عدوان يونيو 1967 لا يكتفى الإسرائيليون باحتلال الأرض التى احتلوها عام 1967، بل إنهم حريصون على تصحيح ما يعتبرونه خطأ فادحاً ارتكبوه عقب حرب 1967، وهو تفريغ الأرض من الشعب، لأن بقاء الشعب على الأرض اكتشفوا أنه الخطر الأكبر الذى يولد موجات المقاومة تلو الأخرى. هم الآن يعملون على تفريغ فلسطين من شعبها بالقتل والطرد، حتى لا يبقى وجود لفلسطين. أما العملية الثالثة فهى استئصال الهوية الحضارية وعمقها الإسلامى. فى مرحلة من المراحل كانت «العروبة» هى المستهدفة، وعملوا على إسقاط مشروع النهوض العروبى للأمة، الذى قاد نضاله الزعيم جمال عبدالناصر.. والآن جاء الدور لاستئصال «الإسلام» حتى لا يبقى للأمة مرتكز هوية بالقضاء نهائياً، كما يأملون على الإسلام اعتقاداً منهم أنهم قضوا على العروبة. رأس الحربة فى هذه العمليات الاستئصالية هو تبنى الولايات المتحدة، فى ظل إدارة رئيسها الحالى دونالد ترامب مشروع «إسرائيل الكبرى». ويعى الإسرائيليون أن تحقيق هذا الطموح يتم من خلال مبدئين أساسيين استراتيجيين صاغهما «أوديد إينون» مستشار أرييل شارون رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى الأسبق فى وثيقة أعدها عام 1982 تحت عنوان «استراتيجية إسرائيل للثمانينيات». هذان المبدآن هما: العمل أولاً على تحويل إسرائيل إلى قوة إقليمية إمبريالية، والعمل ثانياً على تحويل المنطقة برمتها إلى دويلات صغيرة عن طريق تفكيك جميع الدول العربية القائمة حالياً. وتضمنت هذه الاستراتيجية تخطيطاً لتفكيك الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقية ودينية صغيرة، بهدف ضمان تفوق إسرائيل الإقليمى من ناحية، والقضاء من ناحية أخرى على العروبة كهوية حضارية جامعة للأمة العربية، وركزت بشكل خاص على سوريا، مشيرة إلى ضرورة تقسيمها إلى دويلات : علوية وسنية ودرزية. هذه الاستراتيجية هى جوهر استراتيجية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته . فإذا كان ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لرئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو لتفريغ قطاع غزة من شعبه، والترويج لعمليات تستهدف نقل مليون فلسطينى من أهالى غزة إلى ليبيا، فإن ترامب استهدف فى جولته الخليجية الأخيرة, تهيئة الأرضية لإنجاح استراتيجية إسرائيل بشقيها: أن تتحول إلى قوة إقليمية كبرى مسيطرة دون منافس إقليمى، وتفكيك الدول العربية وإنجاح مخطط التقسيم، وإعطاء الأولوية لسوريا، مع تجهيل متعمد لجرائم «العرقبادة الإسرائيلية» (التطهير العرقى والإبادة الجماعية) فى قطاع غزة، وقبل هذا وذاك توجيه ضربة موجعة للأمة بمفهومها الحضارى العربى – الإسلامى، بإعطاء توجيهات إلى ضرورة انخراط دول المنطقة عموم الدول العربية فيما يسميه «السلام الإبراهيمي» وهو المشروع المزدوج النصل: نصله الأول فرض التطبيع القسرى مع إسرائيل، ونصله الثانى اعتناق «الديانة الجديدة التلفيقية التى يريدها ترامب وإسرائيل لنزع الهوية الحضارية الإسلامية عن الوطن العربى وجواره الحضارى، كى لا يبقى فى هذه المنطقة الواسعة التى تحمل اسم «الشرق الأوسط» من رابط يحمى ويجسد وحدتها، بانتزاع الإسلام كدين وكهوية حضارية. إذا كانت هذه هى عناوين تلخيصية للتحديات والمخاطر التى تواجهنا فليس أمامنا غير خيارين: إما خيار المواجهة والدفاع عن الذات ، الدفاع عن الأوطان والدفاع عن الأمة بامتدادها التاريخى من الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى ، والدفاع عن الهوية الحضارية العربية – الإسلامية للأمة، وهذا هو خيار البقاء ، وإما الاستسلام والخضوع للمشروع الأمريكى – الإسرائيلى وهذا هو خيار الفناء. وإذا كان القانون العلمى للحركة يقول إن «لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى الكتلة ومضاد له فى الاتجاه» فإن الاستجابة العربية للمخاطر والتحديات إما أن تكون بحجم وقوة تلك المخاطر والتحديات كى تكون «استجابة بقاء» وإما أن تكون دون ذلك وعندها ستكون «استجابة فناء». القمة العربية الدورية رقم 34 التى استضافها العراق يوم السبت الفائت (17/5/2025) تدفع الأمة دفعاً للقبول الطوعى بـ «استجابة فناء» فهى قمة دون التحديات التى تواجه الأمل وخلت من أى قدرة على الفعل، وتؤكد بما لا يدع أى مجال للشك أن الاستجابة التى نريد هى استجابة صحوة قادرة على أن تجيب عن أسئلة النهوض التاريخى للأمة مهما كانت صعوبتها ، لأننا بكل المعايير .. نستطيع. 2025-05-20


وكالة أنباء براثا
منذ 2 ساعات
- وكالة أنباء براثا
البنتاغون ينشر نتائج التحقيق بالانسحاب "الكارثي" من أفغانستان
أعلن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، اليوم الثلاثاء، (20 أيار 2025)، أن النتائج الأولية للتحقيق في عملية انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قد تُعلن بحلول يوم غد الأربعاء. وقال وزير الدفاع الأمريكي، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إنه "على الرغم من أن هذه المراجعة تستغرق وقتًا، إلا أن جميع المعنيين بالانسحاب الكارثي من أفغانستان يتحملون المسؤولية". وأضاف أنه من المتوقع صدور بيان عن تقدم عمل فريق التحقيق "إن لم يكن في وقت لاحق من اليوم، فغدًا الأربعاء"، بحسب تعبيره. وأشار هيغسيث إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُحقق تقدمًا ملموسًا في جمع المعلومات وإجراء المقابلات مع المسؤولين، مع الإشارة إلى أن بعض التفاصيل تتطلب وقتًا أطول بسبب السرية المحيطة بالعملية "وقد يستغرق التحقيق حتى عام 2026"، بحسب الوزير. وأكد أنه اختار أعضاء فريق التحقيق "بعناية"، ومن بينهم ستيوارت شيلر العامل حاليًا في البنتاغون، واصفًا إياه بأنه "الشخص الوحيد الذي طُرد بسبب قوله الحقيقة حول ما كان يحدث في أفغانستان". وبعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأ البنتاغون عملية جديدة للتحقيق في انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وانتقد ترامب وفريقه إدارة سلفه جو بايدن مرارًا حول طريقة الانسحاب من أفغانستان في صيف 2021، والتي أدت إلى سيطرة طالبان على البلاد. على الرغم من عدم تبني ترامب سياسة واضحة تجاه أفغانستان حتى الآن، إلا أنه ركز بشكل خاص على استعادة الأسلحة والمعدات العسكرية المتبقية هناك، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار. لكن هذا الأمر رفضته حركة طالبان، حيث قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حكومة طالبان، في وقت سابق، إن "من يريد الأسلحة عليه أن يأتي إلى هنا (أفغانستان) ويأخذها"، في إشارة إلى عدم التنازل عنها إلا بالقتال. من جهة أخرى، أعرب الرئيس الأمريكي عن اهتمامه الكبير بقاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مؤكدًا أهميتها الاستراتيجية لقربها من الصين، وزعم في تصريحات عدة بأن القاعدة أصبحت الآن "تحت سيطرة الصينيين".