
كيف حولت تجربة «ليتل ألبرت» طفلاً إلى كائن مرعوب؟
في عشرينيات القرن الماضي، خضع طفل صغير لتجربة نفسية قاسية تركته يعاني من مخاوف دائمة، بعد أن قرر علماء اختبار استجابات الخوف لديه بأساليب غير مقبولة اليوم.
شهدت الأبحاث النفسية العديد من التجارب التي لم تكن تخضع لمعايير أخلاقية واضحة في ذلك الوقت، ومن بينها تجربة "ليتل ألبرت"، التي أُجريت على طفل رضيع لاختبار كيف يمكن أن تتشكل المخاوف لدى البشر بطريقة اصطناعية.
تأثير تجارب بافلوف على البحث
كانت هذه التجربة مستوحاة من أعمال عالم النفس الروسي إيفان بافلوف، الذي لاحظ أن الكلاب تبدأ بإفراز اللعاب بمجرد رؤية الأشخاص الذين كانوا يقدمون لها الطعام، حتى عندما لم يكن معهم طعام. أدى ذلك إلى تطوير مفهوم "التكيف الكلاسيكي"، حيث ربط بافلوف تقديم الطعام بإشارة صوتية معينة، حتى أصبحت الكلاب تستجيب لها وحدها دون الحاجة إلى وجود الطعام.
رأى عالم النفس الأمريكي جون بي واتسون وزميلته روزالي راينر في هذا المفهوم فرصة لاختبار إمكانية تطبيقه على البشر، وهو ما دفعهم لاختيار طفل صغير ووضعه في تجربة تهدف إلى معرفة ما إذا كان يمكن جعله يخاف من أشياء لم يكن يخشاها من قبل.
الطفل ألبرت: بداية تجربة بلا خوف
تم اختيار طفل وُصف بأنه يتمتع بصحة جيدة وهادئ في ردود أفعاله، حيث نشأ في بيئة المستشفى منذ ولادته. وعندما بلغ تسعة أشهر، بدأ الباحثون في اختبار مدى استجابته للخوف عند تعريضه لمجموعة متنوعة من الأشياء، منها فأر أبيض، وأرنب، وكلب، وقناع بشري، وقطن، وجرائد مشتعلة. لم يُظهر الطفل أي خوف عند رؤية هذه الأشياء، بل بدا غير مبالٍ بها تمامًا، وكتب الفريق في تقريرهم: "لم يُشاهد الطفل في أي وقت وهو يبكي أو يصرخ، ولم يظهر عليه أي انفعالات خوف أو غضب."
إحداث الخوف: الضرب على المعدن بجانب رأسه
للتأكد مما إذا كان يمكن جعله يخاف، قام الباحثون بضرب قضيب معدني بمطرقة بالقرب من رأسه، مما أدى إلى رد فعل قوي. كتب العلماء: "انتفض الطفل فجأة، توقف تنفسه للحظة، ورفع ذراعيه بشكل لا إرادي... في الضربة الثانية، بدأت شفتيه ترتجفان، وفي الثالثة، بدأ بالبكاء لأول مرة أثناء التجربة."
تطوير الخوف عبر التكرار
بعد إثبات أن الصوت العالي يسبب الفزع، بدأ العلماء في تجربة أخرى عندما بلغ الطفل 11 شهرًا. قُدم له الفأر الأبيض مرة أخرى، ولكن في كل مرة يمد يده للمسه، كانوا يضربون القضيب المعدني. بعد عدة مرات، بدأ الطفل في إظهار علامات الخوف من الفأر وحده، حتى دون الحاجة إلى إصدار الضوضاء. كتب العلماء: "بمجرد أن رأى الفأر، بدأ بالبكاء، التفت بسرعة وسقط على جانبه، ثم زحف بعيدًا بسرعة كبيرة حتى تم إيقافه قبل أن يصل إلى حافة الطاولة."
تعميم الخوف على أشياء أخرى
لم يكتفِ الباحثون بذلك، بل قرروا اختبار مدى انتشار هذا الخوف. عرضوا على الطفل أشياء أخرى مثل الأرنب، والكلب، ومعطف من الفرو، وقناع سانتا كلوز. كلما رأى شيئًا يشبه الفأر في مظهره، أظهر ردود فعل مشابهة. و كتب الباحثون عن تفاعله مع قناع سانتا كلوز: "عندما أُجبر على لمسه، بدأ في النحيب، وعندما تم تكرار الاختبار، بكى عند رؤية القناع وحده."
تحليل التجربة والاستنتاجات
اعتبر الباحثون أن هذه النتائج تثبت أن المشاعر مثل الخوف لا ترتبط فقط بالغريزة، وإنما يمكن أن تكون نتيجة للتعلم الشرطي. في ختام دراستهم، كتب واتسون وراينر: "الاضطرابات العاطفية لدى البالغين لا تعود فقط إلى العوامل الفطرية، بل يمكن إرجاعها أيضًا إلى استجابات مكتسبة منذ الطفولة المبكرة."
ماذا حدث للطفل ألبرت لاحقًا؟
ظلّت هوية "ليتل ألبرت" موضع نقاش لعقود. يعتقد بعض الباحثين أنه كان ويليام ألبرت بارغر، الذي عاش حياة طبيعية لكنه احتفظ بخوفه من الحيوانات. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع على أنه كان الطفل الذي أُجريت عليه التجربة. هناك فرضية أخرى تشير إلى أن الطفل قد يكون دوغلاس ميريت، الذي عانى من مشكلات عصبية خطيرة، مما قد يعني أن نتائج التجربة كانت غير دقيقة من الأساس بسبب تأثير حالته الصحية على استجاباته.
كيف غيرت هذه التجربة أساليب البحث؟
تجربة "ليتل ألبرت" أصبحت من الأمثلة التي دفعت إلى وضع معايير أخلاقية أكثر صرامة في مجال البحث النفسي، حيث لم يعد من المقبول استخدام البشر، وخصوصًا الأطفال، في تجارب يمكن أن تسبب لهم ضررًا نفسيًا دائمًا.
aXA6IDQ1LjM4Ljg4LjE1OCA=
جزيرة ام اند امز
BR
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- سكاي نيوز عربية
موجة جديدة من كوفيد تضرب آسيا.. هل يعود الفيروس؟
في هونغ كونغ ، أعلنت السلطات الصحية أن المدينة دخلت موجة جديدة من تفشي الفيروس، مع ارتفاع معدل الإصابات بشكل حاد خلال الأسابيع الماضية. وأظهرت بيانات مركز حماية الصحة أن نسبة العينات الإيجابية ارتفعت من 1.7 في المئة في منتصف مارس إلى 11.4 في المئة حاليا، متجاوزة بذلك ذروة أغسطس 2024. وقال ألبرت أو، رئيس فرع الأمراض المعدية في المركز، إن النشاط الفيروسي في المدينة "مرتفع جدا" في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن نسبة العينات التنفسية التي تثبت إصابتها بالفيروس وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال عام، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ. أما في سنغافورة ، فقد أصدرت وزارة الصحة أول تحديث بشأن إصابات كوفيد منذ نحو عام، كاشفة عن ارتفاع بنسبة 28 في المئة في عدد الإصابات التقديرية ليصل إلى 14 ألفا و200 حالة خلال الأسبوع المنتهي في 3 مايو، مقارنة بالأسبوع الذي سبقه. وأكدت وزارة الصحة وهيئة الأمراض المعدية أنهما تتابعان عن كثب الارتفاع في عدد الإصابات داخل البلاد، مشيرتين في الوقت ذاته إلى أن الزيادة لا تعود إلى ظهور سلالات أكثر شدة أو سرعة في الانتقال، بل إلى تراجع المناعة لدى السكان. وبحسب الوزارة، فإن عدد حالات الدخول إلى المستشفيات ارتفع بنحو 30 في المئة، لكنها شددت على أن الوضع لا يدعو للقلق في الوقت الحالي. ويعد متحورا LF.7 وNB.1.8، المنحدران من السلالة JN.1، الأكثر انتشارا في سنغافورة حاليا، إذ يشكلان أكثر من ثلثي الحالات التي تم تحليلها جينيا، وفقا للسلطات الصحية. يذكر أن سنغافورة توقفت عن إصدار تحديثات منتظمة عن كوفيد، ولم تعد تنشر الأرقام إلا عند حدوث طفرات ملحوظة في عدد الإصابات.


العين الإخبارية
٠٥-٠٢-٢٠٢٥
- العين الإخبارية
كيف حولت تجربة «ليتل ألبرت» طفلاً إلى كائن مرعوب؟
في عشرينيات القرن الماضي، خضع طفل صغير لتجربة نفسية قاسية تركته يعاني من مخاوف دائمة، بعد أن قرر علماء اختبار استجابات الخوف لديه بأساليب غير مقبولة اليوم. شهدت الأبحاث النفسية العديد من التجارب التي لم تكن تخضع لمعايير أخلاقية واضحة في ذلك الوقت، ومن بينها تجربة "ليتل ألبرت"، التي أُجريت على طفل رضيع لاختبار كيف يمكن أن تتشكل المخاوف لدى البشر بطريقة اصطناعية. تأثير تجارب بافلوف على البحث كانت هذه التجربة مستوحاة من أعمال عالم النفس الروسي إيفان بافلوف، الذي لاحظ أن الكلاب تبدأ بإفراز اللعاب بمجرد رؤية الأشخاص الذين كانوا يقدمون لها الطعام، حتى عندما لم يكن معهم طعام. أدى ذلك إلى تطوير مفهوم "التكيف الكلاسيكي"، حيث ربط بافلوف تقديم الطعام بإشارة صوتية معينة، حتى أصبحت الكلاب تستجيب لها وحدها دون الحاجة إلى وجود الطعام. رأى عالم النفس الأمريكي جون بي واتسون وزميلته روزالي راينر في هذا المفهوم فرصة لاختبار إمكانية تطبيقه على البشر، وهو ما دفعهم لاختيار طفل صغير ووضعه في تجربة تهدف إلى معرفة ما إذا كان يمكن جعله يخاف من أشياء لم يكن يخشاها من قبل. الطفل ألبرت: بداية تجربة بلا خوف تم اختيار طفل وُصف بأنه يتمتع بصحة جيدة وهادئ في ردود أفعاله، حيث نشأ في بيئة المستشفى منذ ولادته. وعندما بلغ تسعة أشهر، بدأ الباحثون في اختبار مدى استجابته للخوف عند تعريضه لمجموعة متنوعة من الأشياء، منها فأر أبيض، وأرنب، وكلب، وقناع بشري، وقطن، وجرائد مشتعلة. لم يُظهر الطفل أي خوف عند رؤية هذه الأشياء، بل بدا غير مبالٍ بها تمامًا، وكتب الفريق في تقريرهم: "لم يُشاهد الطفل في أي وقت وهو يبكي أو يصرخ، ولم يظهر عليه أي انفعالات خوف أو غضب." إحداث الخوف: الضرب على المعدن بجانب رأسه للتأكد مما إذا كان يمكن جعله يخاف، قام الباحثون بضرب قضيب معدني بمطرقة بالقرب من رأسه، مما أدى إلى رد فعل قوي. كتب العلماء: "انتفض الطفل فجأة، توقف تنفسه للحظة، ورفع ذراعيه بشكل لا إرادي... في الضربة الثانية، بدأت شفتيه ترتجفان، وفي الثالثة، بدأ بالبكاء لأول مرة أثناء التجربة." تطوير الخوف عبر التكرار بعد إثبات أن الصوت العالي يسبب الفزع، بدأ العلماء في تجربة أخرى عندما بلغ الطفل 11 شهرًا. قُدم له الفأر الأبيض مرة أخرى، ولكن في كل مرة يمد يده للمسه، كانوا يضربون القضيب المعدني. بعد عدة مرات، بدأ الطفل في إظهار علامات الخوف من الفأر وحده، حتى دون الحاجة إلى إصدار الضوضاء. كتب العلماء: "بمجرد أن رأى الفأر، بدأ بالبكاء، التفت بسرعة وسقط على جانبه، ثم زحف بعيدًا بسرعة كبيرة حتى تم إيقافه قبل أن يصل إلى حافة الطاولة." تعميم الخوف على أشياء أخرى لم يكتفِ الباحثون بذلك، بل قرروا اختبار مدى انتشار هذا الخوف. عرضوا على الطفل أشياء أخرى مثل الأرنب، والكلب، ومعطف من الفرو، وقناع سانتا كلوز. كلما رأى شيئًا يشبه الفأر في مظهره، أظهر ردود فعل مشابهة. و كتب الباحثون عن تفاعله مع قناع سانتا كلوز: "عندما أُجبر على لمسه، بدأ في النحيب، وعندما تم تكرار الاختبار، بكى عند رؤية القناع وحده." تحليل التجربة والاستنتاجات اعتبر الباحثون أن هذه النتائج تثبت أن المشاعر مثل الخوف لا ترتبط فقط بالغريزة، وإنما يمكن أن تكون نتيجة للتعلم الشرطي. في ختام دراستهم، كتب واتسون وراينر: "الاضطرابات العاطفية لدى البالغين لا تعود فقط إلى العوامل الفطرية، بل يمكن إرجاعها أيضًا إلى استجابات مكتسبة منذ الطفولة المبكرة." ماذا حدث للطفل ألبرت لاحقًا؟ ظلّت هوية "ليتل ألبرت" موضع نقاش لعقود. يعتقد بعض الباحثين أنه كان ويليام ألبرت بارغر، الذي عاش حياة طبيعية لكنه احتفظ بخوفه من الحيوانات. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع على أنه كان الطفل الذي أُجريت عليه التجربة. هناك فرضية أخرى تشير إلى أن الطفل قد يكون دوغلاس ميريت، الذي عانى من مشكلات عصبية خطيرة، مما قد يعني أن نتائج التجربة كانت غير دقيقة من الأساس بسبب تأثير حالته الصحية على استجاباته. كيف غيرت هذه التجربة أساليب البحث؟ تجربة "ليتل ألبرت" أصبحت من الأمثلة التي دفعت إلى وضع معايير أخلاقية أكثر صرامة في مجال البحث النفسي، حيث لم يعد من المقبول استخدام البشر، وخصوصًا الأطفال، في تجارب يمكن أن تسبب لهم ضررًا نفسيًا دائمًا. aXA6IDQ1LjM4Ljg4LjE1OCA= جزيرة ام اند امز BR


موقع 24
٠٣-١٢-٢٠٢٤
- موقع 24
قوة عضلاتك.. سر وقايتك من الخرف
تنخفض كتلة العضلات الهيكلية مع تقدم العمر، وقد يزيد هذا الفقدان من احتمالات الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 60%، وفق بحث جديد. ويشير البحث الذي أجراه باحثون في علم الأعصاب بجامعة جون هوبكنز إلى أن الحفاظ على العضلات، قد يكون أحد الطرق للمساعدة في منع الخرف. وعُرضت نتائج البحث صباح اليوم في الاجتماع السنوي للجمعية الإشعاعية لأمريكا الشمالية المنعقد في شيكاغو حتى 5 ديسمبر( كانون الأول). وقالت مارلين ألبرت، الباحثة المشاركة: "وجدنا أن كبار السن الذين لديهم عضلات هيكلية أصغر هم أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 60%". وأوضح الباحثون "تشكل العضلات الهيكلية حوالي ثلث وزن جسم الشخص وتميل إلى الانكماش مع تقدم العمر". ولمعرفة كيف قد يؤثر فقدان العضلات على صحة الدماغ، ركزت ألبرت وزملاؤها على العضلة الصدغية، التي تساعد في تحريك الفك. وبحسب "هيلث داي"، من المعروف منذ فترة طويلة أن الانخفاض في هذه العضلة، يعكس فقدان العضلات الهيكلية في جميع أنحاء الجسم. وبدارسة هذه العضلة لدى 619 شخصاً متوسط أعمارهم 77عاماً، تبين أن وجود عضلة صدغية أصغر (وبالتالي عضلات هيكلية أصغر في جميع أنحاء الجسم) كان مرتبطاً باحتمالية أعلى بكثير لتشخيص الشخص أيضاً بمرض الزهايمر. ونصح الباحثون: "بمجرد أن يعرف الشخص أنه يفقد عضلات حيوية، فيمكنه استخدام تدريبات الأثقال والنظام الغذائي ووسائل أخرى لإبطاء هذه الخسارة".