logo
تسريح مدرسات محو الأمية يشعل الجدل.. والحكومة تحت الضغط

تسريح مدرسات محو الأمية يشعل الجدل.. والحكومة تحت الضغط

الجريدة 24٢٨-٠٢-٢٠٢٥

رغم التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال محاربة الأمية، إلا أن الأرقام لا تزال تعكس تحديًا حقيقيًا يستدعي المزيد من الجهود والتدخلات العاجلة. فقد كشف الإحصاء العام للسكان لعام 2024 أن نسبة الأمية لا تزال مرتفعة، إذ تصل إلى 25% على المستوى الوطني، فيما تقفز هذه النسبة إلى 38% في المناطق القروية، وترتفع بشكل أكبر بين النساء لتتجاوز 32%.
هذه الأرقام، التي تعكس استمرار الفجوة التعليمية، وضعت الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية تحت المجهر، خاصة بعد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، الذي سجل عدداً من الاختلالات البنيوية في هذا القطاع، من بينها محدودية الأثر وضعف آليات التتبع والتقييم،
إضافة إلى غياب التعاقد الواضح بين الدولة والوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لضمان تحقيق أهداف ملموسة. كما أشار التقرير إلى اعتماد الوكالة على جمعيات غير متخصصة، وهو ما أثر سلبًا على جودة البرامج التعليمية وكفاءتها.
وسط هذه التحديات، جاء قرار تسريح عدد كبير من مدرسات محو الأمية في مختلف المدن المغربية ليضيف أزمة جديدة إلى المشهد.
فالأستاذات اللواتي راكمن خبرات تمتد لسنوات، وجدن أنفسهن خارج المنظومة التعليمية دون سابق إنذار أو تبرير واضح من الجهات المعنية.
هذا القرار المفاجئ يهدد باستمرار تفاقم معدلات الأمية، خاصة في المناطق القروية التي تعتمد بشكل أساسي على هذه البرامج لمساعدة الفئات الهشة على اكتساب مهارات القراءة والكتابة.
الجدل الذي أثاره هذا القرار دفع البرلمان إلى التدخل، حيث وجهت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، نزهة مقداد سؤالًا كتابيًا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حول أسباب هذا التسريح الجماعي، مطالبة بتوضيح التدابير التي ستتخذها الوزارة لإنصاف هذه الفئة، خاصة في ظل انعدام البدائل وفرص الشغل، خصوصًا في الأقاليم النائية مثل تنغير.
وسبق أن أكد وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة خلال أشغال الدورة العاشرة لمجلس إدارة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، على ضرورة تكثيف الجهود لمحو الأمية وتعزيز التعلم مدى الحياة، مشيرًا إلى أن هذا الملف لا يزال يمثل تحديًا رغم التقدم المحقق.
كما شدد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار توصيات المجلس الأعلى للحسابات، داعيًا إلى تبني حلول مبتكرة لتعزيز فعالية البرامج التعليمية وضمان تحقيق نتائج ملموسة.
في السياق ذاته، أشار الوزير إلى أن القانون الإطار رقم 51.17 جعل من محو الأمية التزامًا اجتماعيًا للدولة، معتبرًا أنه يشكل ركيزة أساسية للنهوض بالنسيج الاقتصادي من خلال تحسين مستوى الكفاءات البشرية.
كما أكد أن هذه الدورة تأتي في سياق خاص، يتزامن مع نشر نتائج الإحصاء العام للسكان والتقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، ما يستوجب إعادة تقييم استراتيجية الدولة في هذا المجال لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
بدوره، كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، في وقت سابق داخل قبة البرلمان، أن عدد المستفيدين من برامج محو الأمية منذ إطلاقها عام 2000 بلغ نحو 4.99 مليون مستفيد، منهم 2.1 مليون في العالم القروي. كما أشار إلى أن الوزارة خصصت ميزانية سنوية لهذا البرنامج بلغت 180 مليون درهم لعام 2025، منها 94.32 مليون درهم موجهة للمناطق القروية.
ورغم هذه الجهود، فإن تحقيق الأهداف المنشودة يبقى مرهونًا بتوسيع نطاق الاستفادة وتوفير الإمكانيات اللازمة لمواصلة هذه البرامج.
وفي ظل هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى الحكومة لمعرفة كيف ستتعامل مع هذا الملف، خاصة في ما يتعلق بإعادة إدماج الأستاذات المسرحات، وضمان استمرار برامج محو الأمية بوتيرة أكثر فعالية، مع ضمان حقوق جميع العاملين داخل القطاع.
فبين الأرقام الرسمية التي تشير إلى تقدم ملحوظ، والتحديات الواقعية التي تعيق التنفيذ، يبقى محو الأمية معركة مفتوحة تحتاج إلى رؤية أكثر شمولية وإجراءات أكثر جرأة لضمان مستقبل تعليمي أكثر إشراقًا لجميع فئات المجتمع.
شارك المقال

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ذبح الأضاحي ألغي…واللهفة باقية
ذبح الأضاحي ألغي…واللهفة باقية

عبّر

timeمنذ 2 ساعات

  • عبّر

ذبح الأضاحي ألغي…واللهفة باقية

رغم القرار الملكي الحكيم الذي الغى شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام، حفاظا على القطيع الوطني في ظل ظروف مناخية صعبة، عجت الأسواق المغربية بحمى شراء اللحوم، وكأن القرار لم يصدر، أو كأن التضامن ظرفي وليس مبدأ. اسعار اللحوم ارتفعت بسرعة قياسية، ولامست ' الكرشة ' في بعض المناطق 700 درهم بينما الكبدة لوحدها تبقى من النوادر، في مشهد وصفه نشطاء بأنه 'مخالف لروح القرار الملكي ولجوهر الشريعة الإسلامية التي توازن بين الفرض والتعقل'. وعبر ناشطون عن أسفهم حيال هذا التهافت غير المبرر، مشيرين إلى أن ضعف التواصل المؤسساتي وغياب اليقظة من بعض السلطات ساهم في خلق هذه الفوضى، حيث تحول بعض 'السماسرة' إلى تجار أزمة، مستغلين لهفة المواطن وغياب الرقابة. وتساءل نشطاء في الفضاء التواصلي، كيف يمكن إقناع الناس بالتضامن، إذا كانت السلوكيات في الأسواق تناقض روح التوجيهات الرسمية والدينية، وهل يكفي قرار من القمة، إن لم ترفقه حزم من الأسفل. الواقع يكشف عن حاجة إلى تربية مجتمعية جديدة، تعيد تعريف المفهوم الخقيقي للشعائر، وتزرع ثقافة الطمأنينة بدل ثقافة التهافت، فالتضحية لا تكون دائمًا بسكين، بل قد تكون أيضا بكبح جماح الرغبة أمام مصلحة الوطن. يبدو من المظاهر التي نراها في الأسواق الوطنية، وكثرة الطلب على اللحوم و'الدوارة' يستشف منها بكون سلوكيات الغالبية من فئات المجتمع لا تزال رهينة العادة لا المصلحة. فبين قرار ألغي، ولهفة لم تلغ، يظل السؤال الأهم معلقا، متى ينتصر العقل على العادة، والوطن على الرغبة.

حين يعود السند إلى أرض الوطن ؟ماذا أعددنا لمتقاعدي الجالية المغربية؟
حين يعود السند إلى أرض الوطن ؟ماذا أعددنا لمتقاعدي الجالية المغربية؟

هبة بريس

timeمنذ 7 ساعات

  • هبة بريس

حين يعود السند إلى أرض الوطن ؟ماذا أعددنا لمتقاعدي الجالية المغربية؟

سعيد الحارثي.مدريد أكثر من مليون مغربي مقيم بالخارج سيبلغ سن التقاعد خلال 10 سنوات… فهل نحن مستعدون ؟ في مختلف بقاع العالم، من أوروبا إلى أمريكا، ومن الخليج إلى إفريقيا وآسيا، يقف آلاف المغاربة كل صباح ليكسبوا قوت يومهم بشرف، ويحولوا جزءا منه إلى وطن لم ينسوه يومًا. لقد ظلت الجالية المغربية، رغم بعد المسافات، على صلة قوية ببلدها، تغذي اقتصاده بتحويلات مالية تتجاوز سنويا عتبة المئة مليار درهم، مما يجعلها من أهم مصادر العملة الصعبة إلى جانب الصادرات الوطنية الكبرى. لكن خلف هذه الأرقام البراقة، يكمن واقع إنساني صعب. فالكثير من هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في المصانع، والموانئ، و الحقول،وقطاعات الخدمات، يقتربون من نهاية مشوارهم المهني، ويتطلعون إلى العودة إلى أرض الوطن لقضاء ما تبقى من العمر بين الأهل والذكريات. وهنا يطرح السؤال الحتمي: ماذا أعددنا لهم؟ يرجع الآلاف من المتقاعدين المغاربة إلى أرض الوطن بخبرة السنين، ووجع الغربة، وأمل العيش الكريم. لكنهم يصطدمون بواقع يفتقر إلى الحد الأدنى من التقدير والتهيئة. فالحكومة لا تميزهم بسياسات خاصة، والخدمات لا تراعي خصوصياتهم العمرية والاجتماعية، وغالبًا ما يشعرون بأن الوطن الذي ظلوا أوفياء له، لم يستعد بعد لاحتضانهم كما يجب. من الاستثمار في الإنسان إلى الاستثمار في الكرامة إن تعاملنا اليوم مع ملف متقاعدي الجالية سيكون بمثابة اختبار أخلاقي وسياسي للحكومة المغربية. فالمسؤولية لا تقتصر فقط على وزارات الخارجية أو الجالية، بل تتطلب تدخلاً حكوميًا موحدًا يشمل الصحة، الداخلية،النقل والثقافة من الضروري التفكير في إنشاء بطاقة خاصة بمتقاعدي الجالية المغربية، تمكنهم من الاستفادة من تخفيضات مهمة في وسائل النقل العمومي، والعلاجات الأساسية، والولوج إلى الأنشطة الثقافية، والأندية الرياضية. كما ينبغي توفير وسائل نقل مريحة وميسرة لهذه الفئة، سواء بالمجان أو بتكلفة رمزية، لتسهيل تنقلهم داخل المدن وبين الجهات ،أما على المستوى السكني، يُستحسن اعتماد حوافز ضريبية تشمل تخفيضات أو إعفاءات على السكن الرئيسي، مع تسهيلات في تسوية الوضعية القانونية للعقارات. ولتعزيز اندماجهم داخل المجتمع، يستحسن أيضا إحداث مراكز استقبال لائقة، تحتضن أنشطة ترفيهية وثقافية، وخدمات صحية واجتماعية، إلى جانب فضاءات للتوجيه والمواكبة القانونية ، وفي ظل تعقيد المساطر الإدارية، تصبح رقمنة الخدمات ضرورة لتسهيل الولوج إلى الوثائق والتعويضات والتغطية الصحية. وأخيرًا، سيكون من المفيد تأسيس هيئة تمثيلية دائمة تعنى بقضايا هذه الفئة، وتساهم بصوتها في بلورة السياسات العمومية ذات الصلة، بما يضمن الإنصاف ويعزز شعورهم بالانتماء والكرامة ، فالكرامة لا تُمنح في آخر العمر، بل تبنى عبر سياسات تنصف الإنسان قبل أن يرهقه الزمن

المغرب يستعد لتوجيه ضربة موجعة للشناقة؟
المغرب يستعد لتوجيه ضربة موجعة للشناقة؟

أريفينو.نت

timeمنذ 10 ساعات

  • أريفينو.نت

المغرب يستعد لتوجيه ضربة موجعة للشناقة؟

أريفينو.نت/خاص في مبادرة تشريعية هامة تهدف إلى إعادة هيكلة سوق الوساطة التجارية وإرساء قواعد أكثر عدالة اقتصادية، تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب بمقترح قانون يسعى لتأطير مهنة الوسيط التجاري، أو على الأقل ما يقوم مقامها حاليًا. وتستهدف هذه الخطوة بشكل خاص دوائر تسويق المنتجات القادمة من المناطق القروية والجبلية والبحرية، والتي شهدت أسعارها ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وهو تضخم لا يُعزى فقط إلى الجفاف المستمر، بل أيضًا إلى جشع بعض الوسطاء المتعطشين لتحقيق أرباح باهظة على حساب القدرة الشرائية للمواطنين. صرخة من مؤسسات الحكامة… الفوضى في أسواق الوساطة تُلهب الأسعار! تأتي هذه المبادرة، وفقًا للمذكرة التقديمية المرفقة بالنص، استجابةً للتوصيات الصادرة عن مختلف مؤسسات الحكامة، التي دقت ناقوس الخطر إزاء الانتشار غير المنظم للوسطاء ضمن سلاسل التوزيع. ويمارس هؤلاء تأثيرًا متزايدًا على الأسعار النهائية التي يتحملها المستهلكون، وذلك على حساب المنتجين الأصليين وتوازن السوق. ويستند المقترح، الذي قدمه خمسة نواب من الفريق الحركي يوم الاثنين 19 مايو 2025، إلى ضرورة إخضاع مهنة الوسيط لمجموعة واضحة من القواعد القانونية والتنظيمية. ويتمثل الهدف المعلن في التحكم في هوامش الربح والحد من ممارسات الاحتكار والمضاربة، التي تؤدي إلى ارتفاع غير مبرر في الأسعار، دون أن يستفيد منها المنتجون الفعليون. شروط صارمة وتراخيص إلزامية… هل يُغلق الباب أمام 'سماسرة' الأزمات؟ يشدد النص على الدور المحوري الذي يلعبه الوسطاء في تكوين الأسعار، حيث يسيطرون على حلقات استراتيجية في دوائر التوزيع. هذه القدرة على تحديد الأسعار، في غياب إطار قانوني صارم، تفتح الباب أمام ممارسات تجارية قد تضر بحسن سير السوق وبمصلحة المستهلك. ففي الوقت الراهن، لا تخضع مهنة الوسيط لأي تنظيم قانوني دقيق، مما يشجع على تراكم التدخلات على طول السلسلة التجارية، حيث تضاف أرباح جديدة في كل مرحلة، مما يساهم في تضخم مصطنع لأسعار البيع النهائية. وينص مقترح القانون على إلزام كل وسيط بالحصول على اعتماد رسمي تسلمه السلطات المختصة في القطاعات المعنية – سواء الفلاحة أو الصيد البحري أو الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وسيكون الحصول على هذا الاعتماد مشروطًا باحترام دفتر تحملات دقيق، يحدد شروط التخزين والنقل، والقواعد المنظمة للمنافسة، وآليات الرقابة لمنع حالات الاحتكار. ومن بين الشروط المطلوبة لمزاولة هذا النشاط المقنن، ينص المقترح على أن يكون طالب الاعتماد مغربي الجنسية، وأن لا تكون له سوابق قضائية تمس بالشرف أو النزاهة، وأن يكون مسجلاً قانونيًا كشركة أو تاجر. وفي هذا السياق، تم التنصيص على مسك محاسبة مطابقة لمقتضيات مدونة التجارة والخضوع للرقابة الضريبية كالتزامات أساسية لضمان الشفافية والإنصاف في المعاملات التجارية. إقرأ ايضاً عقوبات رادعة للمخالفين… من سحب الاعتماد إلى الغرامة ومصادرة السلع! يتضمن مشروع القانون، المكون من 11 مادة، بُعدًا ردعيًا هامًا، ففي حالة ثبوت ممارسات احتكارية أو مضاربة، أو تجاوز هوامش الربح المسموح بها، يتعرض الوسيط لسحب اعتماده بشكل نهائي. وأخيرًا، فإن الممارسة غير القانونية للمهنة، دون الحصول على ترخيص مسبق، تعرض المخالفين لعقوبات مالية تتراوح بين 10,000 و50,000 درهم. وفي حالة العود، ينص المقترح أيضًا على مصادرة السلع المعنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store