ساعات معدودة تفصلنا عن معرفة الرئيس الأمريكي القادم !رامي الشمري
دعونا نتعرف على مجموعة من المحاور الهامة المتعلقة بالانتخابات الأمريكية، ونحاول نوضح بعض المفاهيموالأبعاد المهمة :
- الدولة العميقة.. من هم؟
- الفرق بين دونالد ترامب وكامالا هاريس
- آلية الانتخاب في أمريكامن 1 يناير 2023 حتى 1 أبريل 2024، ذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصطلح 'الدولة العميقة' حوالي 56 مرة!
هذا يعني أن ترامب يُراهن على فوزه بالانتخابات الأمريكية عن طريق مصطلح ارتبط كثيرًا بالغموض
هذا الأمر يدعو للتساؤل عن حقيقة (الدولة العميقة/Deep State)
ما المقصود بمصطلح 'الدولة العميقة'؟
ببساطة، هي 'دولة داخل دولة'
بمعنى أن الشخصيات الحكومية الظاهرة لنا، ليست سوى دمى أو غطاء للحكومة الحقيقية التي تحكم الدولة فيالخفاء
يوجد العديد من الأمثلة على مفهوم 'الدولة العميقة'
على سبيل المثال رواية (أغنية الجليد والنار):
كانت هناك فترة حاسمة على الممالك السبع، جلس فيها على العرش جوفري براثيون ثم أخيه تومين، ولكن خلال تلك الفترة، كانت الشخصيات التي تُحرك خيوط السلطة بالخفاء هما تايوان وسيرسي لانستر
بعد فهمنا لمفهوم هذا المصطلح، هل يُعقل أنّ هناك دولة عميقة في أمريكا، كما يدعي ترامب؟
فمنذ تأسيسها ولطالما كانت الولايات المتحدة تُقدم نفسها كمعقل للحرية والديمقراطية
وهذا ما قد يكون مفاجئ أن جميع ما تم تقديمه من هذه الدعايات ما هو الا غطاء لفساد الحكومة الحقيقية فيواشنطن!
تتشكل الحياة للشعب الأمريكي بأمورها المالية والاقتصادية والأمنية، من خلف 4 أشخاص، هم:- مدير الاستخبارات الأمريكية (CIA)
- مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)
- مدير وكالة الامن القومي (NSA)
- مدير البنك الاحتياطي الفدرالي
تأخذ السياسة الأمريكية ملامحها وتُرسم من قبل هؤلاء
الشعب الأمريكي لا يستطيع انتخاب هؤلاء، بل يتم تعيينهم من قبل الوكالة نفسها أو من الرئيس بموافقة مجلس الشيوخ
وفي بعض الأحيان لا يستطيع الرئيس التحكم حتى بهذه المؤسسات
هي مستقلة تمامًا وتؤثر بشكل مباشر في العالم بأسره
رُصد خلال التاريخ المعاصر فقط، عشرات الملاحظات من استخدام غير مشروع لهذه الوكالات للسلطة
في السبيعنات حققت إحدى اللجان العامة المعروفة باسم (Church) في بعض الإدعاءات الموجهة لإنتهاكاتالاستخبارات الأمريكية (CIA)
واكتشفوا برنامج سري يُرمز بـ MKUltra كان موجه للتجارب على البشر دون علمهم لمحاولة الوصول للسيطرة التامة على العقل
لم تتمكن اللجنة من استكشاف البرنامج بالكامل بسبب إتلاف وثائقه من مدير الاستخبارات الأمريكية وبقيّت فقط20 وثيقة هي ما عرفنا منها هذه المعلومات الخطيرة
يوجد أيضا.. التسريب الذي قام به عميل الاستخبارات الأمريكية المتقاعد 'إدوارد سندون' :
برنامج سري جهزت له الاستخبارات الأمريكية مع 9 شركات كبرى في مجال التقنية بغرض تزويد الاستخبارات برسائل الايميلات والمحادثات والصور والفيديوهات والصوتيات والملفات والداتا الكاملة دون علم الناس
أسماء الشركات كانت صادمة، فالجميع – دون استثناء – لديه حساب بإحدى هذه الوسائل الاجتماعية عبر الإنترنت،وهم:
- غوغل
- يوتيوب
- ياهو
- مايكروسفت
- سكايب
- فيسبوك
- شركة AOL
- بالتوك
- آبل
وكأن إئتلاف الدولة العميقة المزعوم يسيطر حتى على الشركات، بما فيها عمالقة التكنولوجيا
إيلون ماسك حسب كلامه إنه بعد ما اشترى تويتر، استغرب من درجة تغلغل الوكالات الحكومية في بياناتالمستخدمين على المنصة
يقول إيلون إنهم كانوا يقرؤون حتى الرسائل الخاصة!
هذه فقط الأشياء التي تم تسريبها وكشفها، وكانت أيضًا تعمل دون علم أحد وبدون اذن قضائي أو دستوري
وهذا يصوّر لنا أن النظام المنتخب في الولايات المتحدة ليس صاحب القرار، يوجد نظام عميق غير منتخب وغيرديمقراطي يحكم ويحرك المنتخبين!
وكما يسميهم ترامب 'الدولة العميقة'!
ارتبط مفهوم 'الدولة العميقة' لاحقًا بنظريات المؤامرة الشائعة بين الناس
منها التي تقول ان هذه القوى تتحكم في كل العالم كلُه، فمن خلال تجسسها الواضح تستطيع توليد وعيّ جمعي،وتستخدم أجندة مخصصة له من أجل تمرير رسائلها وأهدافها بواسطة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي
كذلك رُبطت في التستر
في قضية مغني الراب 'ديدي' المتورط في قضايا إجرامية كبيرة تتعلق بالتجارة في البشر
حسب المدعي العام، كان ديدي يمارس هذه الجرائم منذ زمن، وعندما سأله أحد الصحفيين، 'لماذا لم يتم القبضعليه حينها؟' رد المدعي وكأنه يتهرب من الإجابة: 'المهم أنه مقبوض عليه الآن.'
ترامب في إحدى فيديوهاته الأخيرة.. توعد 'الدولة العميقة' وصرح علنًا انهم مجموعة من الأشخاص في المارقين في الوكالات الحكومية، مثل الاستخبارات والأمن الوطني
ويقول أنه رسم خطة تفصيلية دقيقة لتدمير الدولة العميقة تمامًا
فهل فعلًا هذه المؤامرة لها وجود؟ وهل هي حقًا خطيرة؟
ينافس ترامب في هذه الانتخابات 'كامالا هاريس'
في حال خسارته لن يترشح مجددًا حسب قوله، وفي حال فوزه ستكون هذه ولايته الأخيرة مما يعني أنه سينفذو يمارس فيها القرارات دون ضغط أو اعتبار لإعادة انتخابه
الاختلافات الرئيسية بين المرشحين دونالد ترامب وكامالا هاريس كثيرة.. ولكن تركيزنا سيكون حول ما يهمنا نحن في العراق والوطن العربي.
- أهمها الحروب الحاصلة في العالم حاليًا، واهمها في الشرق الأوسط –
ترامب حسب قوله سينهي الحرب في الروسية الأوكرانية خلال يوم واحد، وكامالا تمشي على خطى بايدن في دعمأوكرانيا
حرب إسرائيل على غزة –
كلا المرشحين داعمين لإسرائيل، بل يتنافسون على ذلك، ولكن جميعهم يعد أن الحرب ستنتهي مع فوزه
لذلك يصعب التنبؤ بمن فيهم يستطيع إنهائها بشكل أسرع
يعتقد الكثير أن ترامب له الأفضلية في إنهاء الحرب على غزة
وهذا نظرًا لوضعه الانتخابي تحديدًا.. فإذا انتُخب، ستكون هذه ولايته الأخيرة
مما يمنحه حرية من الضغوط التي قد تأتي من داعميه اليهود أو الناخبين الذين يهتمون بتمويل حملته
لذلك، القرارات التي سيتخذها بعد دخوله البيت الأبيض ستكون ذات طابع نهائي، دون اعتبار لحسابات إعادة انتخابه لولاية أخرى
لوصول ترامب أو هاريس إلى البيت الأبيض عليهم المرور بنظام انتخابي غريب قليلًا
اشرح بشكل مبسط نظام الحكم في أمريكا، ونظام التصويت …
قبل كل شيء يجب ان نفهم نظام الحكم في أمريكا بشكل مختصر
نظام الحكم في أمريكا يعتبر نظام جمهوري فيدرالي. تنقسم فيه السلطة لثلاث سلطات، الكونغرس، الرئيس،والمحاكم الفيدرالية
لكن ماهو معنى فيدرالية وكيف يتم تقسيم السلطات ؟
الشيء الثاني الأحزاب السياسية
يوجد حزبين أساسيين في أمريكا منافسين لبعضهم، الحزب الأول اسمه الحزب الجمهوري. والحزب الثاني اسمهالحزب الديمقراطي
هل يوجد أحزاب غيرهم؟
نعم يوجد ، لكن ليس لديهم أي تمثيل سياسي، ويلتفون بالعادة حول الحزبين الاساسيين . ومن اجل هذا يعتبر فيأمريكا حزبين فقط
كل حزب سياسي يرشح عدة شخصيات من حزبه لرئاسة الولايات المتحدة. ويصوتون أعضاء الحزب الواحد على الشخص الأكفأ من بين المجموعة لحين اختيار كل حزب شخص واحد فقط
الحزب الجمهوري رشحوا ترامب للمرة الثالثة في تاريخه
أما الحزب الديموقراطي رشحوا كمالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن
آلية التصويت لرئيس أمريكا
كل 4 سنوات في أول ثلاثاء بشهر نوفمبر يبدأ الشعب الأمريكي بالتصويت
لكن هل يصوتون للرئيس -سواء كمالا أو ترامب- ويتم تجميع أصواتهم مباشرة لحسم الفوز؟
لا
يذهبون غدا يختارون ممثلين لهم من المجمع الانتخابي. وهولاء الممثلين يختارون رئيس أمريكا الجديد
توجد 50 ولاية أمريكية، كل ولاية من هذه الولايات يكون لها عدد ممثلين معين في المجمع الانتخابي. ويختلفالعدد من ولاية لأخرى حسب عدد سكانها
فمثلا ولاية كاليفورنيا عدد ممثليها في المجمع الانتخابي 55 لأن عدد سكانها 33 مليون
لكن ولاية ألاسكا ممثليها 3 فقط لأن سكانها 700 ألف
سابسط فكرة التصويت بمثال تقريبي
مثلًا ولاية كاليفورنيا عدد ممثليها 55 ، يذهب الناخب الأمريكي يصوّت لممثليه، إذا كان عدد الناخبين الذين صوتوالممثلي كامالا في هذي الولاية أكثر من الذين صوتوا لترامب، ستفوز كامالا في هذه الولاية
وبالتالي سوف تحصل على 55 صوت من الممثلين
بسبب هذا النظام المعقّد في الانتخاب لا يفهم معظم سكان العالم نظام الانتخابات الأمريكية، حتى بعضالأمريكيين لا يفهمون هذا النظام
الآن هنالك سؤال مهم، هل ممكن أن يخالف أحد ممثلي الولاية في المجمع الانتخابي القرار الشعبي ويصوّتللمرشح الذي لم يفز في ولايته؟
الإجابة نعم!
طبعا حصل عدة مرات إن ممثلين في المجمع الانتخابي خالفوا تعهداتهم لكن هذي الحالات قليلة، وما أثرت حتىالآن في تغيير نتيجة أي انتخابات سابقة
السؤال هنا، كيف نفهم جملة ( المرشح الفلاني فاز بأصوات الشعب لكنه خسر بالمجمع الانتخابي) ؟
أسئلة تتكرر، من هم مندوبين المجمع الانتخابي؟
ومن الذي رشحهم أصلا؟
باختصار هم مندوبين أو ممثلين يتم اختيارهم من قبل الحزبين، كل حزب يختار ممثليه بكل ولاية ثم يختار الناخبالأمريكي إما ممثلي الحزب الديموقراطي أو الجمهوري أثناء الانتخابات العامّة
ولكن لماذا هذا التعقيد كله ؟ لما لا يتم التصويت بشكل مباشر للرئيس ؟
أغلب الولايات الأمريكية معروف انتماءها الحزبي
بمعنى ان هنالك ولايات ولاءها للجمهوريين دائمًا، مهما كان المرشح سيصوتون للجمهوريين
وأخرى تصوّت للديمقراطيين دائمًا مهما كان وضع المرشح الديمقراطي
هذه الولايات تقريبًا تكون شبه مضمونة لكلا الطرفين
لدرجة انه حتى في الحملات الانتخابية، المرشحين لا يبذلون فيها جهد كبيراً .
أغلب الضغط ينصبّ على ما يُعرف 'swing state' أو 'الولايات المتأرجحة'
وغالبًا هي التي تحسم نتيجة الانتخابات
لأن انتماءها الحزبي يصعب التنبؤ به، والحملات الانتخابية تؤثر فيها بشدّة، وهنا يكون التحدي بين المرشحينوحملاتهم
وحسب التقارير توجد 7 ولايات متأرجحة
ومع ذلك قد تحدث المفاجآت كما حدث مع أوباما الديموقراطي عام 2008 بعدما صوتت له ولايات جمهورية مثلإنديانا وفلوريدا !
الانتخابات الحالية أكثر تنافسية، والحملات الانتخابية فيها تكاد تكون الأغلى عبر تاريخها!
ومع ذلك يزداد الحديث عن ظهور المزيد من المفاجآت والولايات المتأرجحة مقارنةً بالانتخابات السابقة .2024-11-06
The post ساعات معدودة تفصلنا عن معرفة الرئيس الأمريكي القادم !رامي الشمري first appeared on ساحة التحرير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
ترامب ينتظر دعوة من نظيره الصيني لزيارة بكين: وإلا فلن أهتم
شفق نيوز- واشنطن أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، إنه لا يعتزم السعي لعقد قمة مع نظيره الصيني شي جين بينغ، لكنه لا يستبعد زيارة الصين إذا تلقى دعوة رسمية من بكين. وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، كتب ترامب: "قد أذهب إلى الصين، لكن لن يكون ذلك إلا بناء على دعوة من الرئيس شي.. وإلا فلن أهتم". ويأتي تصريح ترامب في وقت تشهد فيه العلاقات الأميركية الصينية توترات مزمنة بشأن قضايا تجارية وجيوسياسية، في مقدمتها تايوان، والتكنولوجيا، وسلاسل الإمداد العالمية. ورغم تجنب ترامب الحديث عن أي مبادرة دبلوماسية جديدة، فإن الإشارة إلى إمكانية زيارة الصين تعكس انفتاحا مشروطا على الحوار، في حال توفر ما وصفه بـ"الإطار المناسب".


ساحة التحرير
منذ 10 ساعات
- ساحة التحرير
الاتفاق التجاري الأمريكي-الأوروبي:نصر سياسي لترامب وهزيمة استراتيجية لبروكسيل!سعيد محمد
الاتفاق التجاري الأمريكي-الأوروبي: نصر سياسي لترامب وهزيمة استراتيجية لبروكسيل…. من منتجع ترامب تورنبيري للجولف في اسكتلندا، وبعد مفاوضات مكثفة هددت بإشعال حرب تجارية عبر الأطلسي، توصل الأمريكيون والأوروبيون إلى اتفاق تجاري يمكن اعتباره انتصاراً مدوياً لترامب، فيما تترتب عليه تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصادات الأوروبيّة، وتكاليف باهظة يتعين على الموازنات العامة تحملها. سعيد محمد * في خطوة وُصفت بأنها 'أكبر صفقة على الإطلاق'، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (الأحد)، عن توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري تاريخي. ويكمن جوهر الاتفاقية في قبول الاتحاد الأوروبي لتعرفة جمركية بنسبة 15% على معظم صادراته إلى الولايات المتحدة، دون تعرفات مقابلة على البضائع الأمريكيّة المتجهة إلى أسواق القارة. هذا بالإضافة إلى التزامات ضخمة من جانب بروكسيل (مقر الاتحاد الأوروبي) بشراء مئات المليارات من الدولارات من منتجات الطاقة والمعدات العسكرية الأمريكية. ورغم أن معدل التعرفة البالغ 15% هو نصف الـ 30% التي هدد ترامب بفرضها إن لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل الأول من أغسطس / آب المقبل، إلا أنه يمثل قفزة هائلة مقارنة بالتعرفات شبه الصفرية التي كانت سارية تاريخياً بين الجانبين. هذا المعدل أعلى بكثير حتى من التعريفة البالغة 10% التي قبلتها المملكة المتحدة في صفقتها التجارية الخاصة مع الولايات المتحدة قبل أشهر، والتي اعتبرها العديد من القادة الأوروبيين حينئذ 'صفقة سيئة'. إلا أن أخطر ما في هذه الصفقة يظل حجم الالتزامات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة على الاتحاد الأوروبي، والتي بدت على نسق ما حصل عليه ترامب من رحلته (المثمرة) إلى قطر والسعودية والإمارات في مايو / أيّار الماضي. فوفقاً لتصريحات أدلى بها إلى الصحفيين في منتجع ترامب تورنبيري للجولف في اسكتلندا، سيتعين على التكتل الأوروبي إنفاق مبلغ إضافي قدره 750 مليار دولار على منتجات الطاقة الأمريكية، بما في ذلك النفط والغاز والوقود النووي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وافق الاتحاد الأوروبي أيضاً على استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة، بما في ذلك شراء كميات 'هائلة' من المعدات العسكرية الأمريكية. وتُظهر هذه الأرقام، التي وصفها محللون بأنها 'انتصار مدوٍ' للرئيس الأمريكي، بأن الاتفاق العتيد يميل بشكل كليّ لصالح الولايات المتحدة وأقرب إلى الإملاءات التي خضعت لها بروكسيل منها إلى المساومة المتوازنة بين شريكين. ونقلت صحف لندن عن أحدهم قوله: 'تعرفة بنسبة 15% على السلع الأوروبية، وعمليات شراء قسرية للطاقة والمعدات العسكرية الأمريكية، وعدم وجود تعرفة مقابلة من أوروبا: هذا ليس تفاوضاً، هذا فن الصفقة – في إشارة إلى كتاب ترامب بشأن طريقته بإجراء المفاوضات -'. على الرغم من محاولات فون دير لاين لتأطير الاتفاق على أنه 'صفقة جيدة' ستجلب 'الاستقرار والقدرة على التنبؤ'، و'أفضل ما كان يمكن الحصول عليه' فإن الواقع أن بروكسيل اضطرت لقبوله تحت التهديدات الأمريكية دون الاستفادة من مصادر القوة لديها. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد العدّة لفرض تعرفات مضادة تصل إلى 30% على 92 مليار يورو من الصادرات الأمريكية إلى الأسواق الأوروبيّة، ولمح البعض إلى استخدام أداة مكافحة التعسف التجاري ضد الولايات المتحدة ما كان ليمنح القارة هامشاً واسعاً من المناورة ولو على الصعيد النظري. وأضاعت فون دير لاين فرصة نادرة لتعزيز موقفها التفاوضي في مواجهة ترامب عبر بوابة الصين، لكنها استخدمت القمّة الأخيرة بين الجانبين (الخميس الماضي) في رفع السقوف وإطلاق التهديدات. ويمكن اعتبار الـ 15% بمثابة تسوية تجنبت الأسوأ، ولكنها لا تزال بعيدة كل البعد عن أهداف بروكسيل الأصلية والتي كانت تتجه منذ ولاية ترامب الأولى في البيت الأبيض نحو اتفاق 'صفر مقابل صفر' للتعرفات، أي إزالة جميع الرسوم الجمركيّة بين الجانبين. هذا ومع تواتر الأنباء عن التوصل إلى اتفاق، لا يزال الغموض يكتنف العديد من انعكاساته على بعض القطاعات الأوروبية. فبينما سيتم تخفيض التعرفات إلى الصفر على سلع أمريكيّة استراتيجية معينة مثل الطائرات وقطع غيارها، وبعض المواد الكيميائية، ورقائق أشباه الموصلات، وبعض المنتجات الزراعية، والمواد الخام الحيوية، فإن مصير سلع أخرى لا يزال معلقاً. وكان هناك ارتباك في البداية حول المستحضرات الصيدلانية، التي تُعد أهم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، قبل أن يؤكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى لاحقاً أنها ستخضع لتعريفة الـ 15% ما سيهدد تنافسية شركات الأدوية الكبرى مثل 'سانوفي' و'باير'، وستؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية في السوق الأمريكية مشكلة عبئاً إضافياً على المستهلك الأمريكي. كما أن الاتفاق لم يحسم بعد مصير التعرفات التي سيواجهها منتجو النبيذ والمشروبات الروحية الأوروبيون، وهو أمر 'يجب تسويته في الأيام المقبلة'، وفقًا لفون دير لاين. الأكثر إثارة للقلق أوروبياً هو قرار الولايات المتحدة بالإبقاء على تعرفة الـ 50% على الصلب والألومنيوم، والتي فرضها ترامب عالمياً. هذا القرار خيّب آمال الصناعة الأوروبية التي كانت تأمل في تطبيق تعرفة ال 15% عليها أو على الأقل حصص تصدير بتعرفة منخفضة. وعلى الرغم من أن فون دير لاين أشارت إلى إمكانية استبدال هذه التعرفات بنظام حصص من خلال المزيد من المفاوضات، إلا أن هذا لا يوفر أي مخرج سريع للصناعات التي تضررت بشدة. يضاف إلى ذلك، أن وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، أعلن أن الولايات المتحدة ستكشف عن تعرفات جديدة على رقائق أشباه الموصلات في غضون أسبوعين بسبب ما أسماه ارتباطها بالأمن القومي، ما يلقي بمزيد من ظلال الشكوك على أي استقرار تجاري محتمل في قطاعات استراتيجية. ويتوقع خبراء بأن يكون تأثير الصفقة أشد وطأة على ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وواحدة من أكبر الدول المصدرة إلى الولايات المتحدة. فبينما رحب المستشار الألماني فريدريش ميرز بالاتفاق لأنه 'تجنب صراعاً تجارياً أوسع'، فإن اتحادات الصناعة القوية في البلاد عبرت عن خيبة أملها الكبيرة. وقال فولفجانج نيدرمارك، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات الألمانية 'حتى معدل التعريفة البالغ 15% سيكون له آثار سلبية هائلة على الصناعة الألمانية الموجهة للتصدير'. وأضافت الجمعية الألمانية لصناعة الكيماويات أن 'التعرفة مرتفعة للغاية'. وبحسب اقتصاديين ألمان، فإن إجمالي الإنتاج الاقتصادي لألمانيا سينخفض بموجب هذه الصفقة، بينما سيسجل الاتحاد الأوروبي ككل انكماشاً اقتصادياً. وتُترجم هذه المخاوف إلى خسائر مالية ملموسة، إذ أعلنت شركة فولكس فاجن لصناعة السيارات للتو عن تكبدها خسائر بقيمة 1.3 مليار يورو (1.5 مليار دولار) كضربة لأرباحها في النصف الأول من العام بسبب ارتفاع التعرفات. ولم تقتصر التداعيات السلبية للاتفاق على الأرقام الاقتصادية الكلية، بل امتدت لتخلق انقساماً مثيراً للقلق داخل جزيرة أيرلندا. فبينما سيستفيد التجار في أيرلندا الشمالية من اتفاقية التجارة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي تحدد معدل تعرفة بنسبة 10%، فإن جيرانهم في جمهورية أيرلندا ستسري عليهم تعرفة 15% الأعلى. هذا التفاوت سيجعل المحادثات الدبلوماسية حول ضمانات الحفاظ على الاستقرار في الجزيرة، المنصوص عليها في اتفاق الجمعة العظيمة، أكثر صعوبة، خاصة وأن هذه الترتيبات الجمركية كانت قد هزت بالفعل استقرار الجزيرة بعد تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلى كل الأحوال، يبقى هذا الاتفاق 'سياسياً بامتياز'، تفتقر تفاصيله إلى الوضوح، مما يفتح الباب أمام تفسيرات مختلفة وحتى تغييرات محتملة في الشروط. فقد أكد مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية أن ترامب يحتفظ بالقدرة على زيادة التعريفات في المستقبل إذا لم تفِ الدول الأوروبية بالتزاماتها الاستثمارية. هذا الشرط وكأنه يترك سيف ديموقليطس معلقاً فوق رأس العلاقات التجارية عبر جانبي الأطلسي، مما يقلل من أي استقرار من المفترض أن يوفره هذا الاتفاق. – لندن 2025-07-29


ساحة التحرير
منذ 10 ساعات
- ساحة التحرير
انتصار امريكي على اوربا في الحرب التجارية!اضحوي جفال محمد
انتصار امريكي على اوربا في الحرب التجارية! اضحوي جفال محمد* قبل ثلاثة أيام فقط من المهلة التي حددها ترامب بفرض التعريفات الجديدة على البضائع المستوردة توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي إلى اتفاق وصفه رئيس الوزراء الفرنسي بأنه يوم أسود. وفيما يلي أهم بنوده: 1- تحتفظ الولايات المتحدة بفرض رسوم على معظم السلع الاوربية بقيمة %15 دون ان تقابلها رسوم اوربية على البضائع الامريكية. وهناك استثناءات من الرسوم لبعض السلع الاوربية، ورسوم بـ %50 على الحديد والألمنيوم الأوربي. فكل ما حققه المفاوض الأوربي أنه خفّض الرسوم الأمريكية المزمعة من %30 إلى %15 أحادية لا تقابلها رسوم اوربية. 2- تلتزم اوربا بشراء غاز مسال ونفط نووي من الولايات المتحدة بقيمة 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة (المدة المتبقية من رئاسة ترامب). يستطيع المدافع عن الصفقة القول ان اوربا مضطرة لشراء الطاقة باتفاق وبدونه. هذا صحيح لكن الولايات المتحدة تبيع الغاز بأسعار مضاعفة عن الغاز الروسي والبدائل الاخرى. 3- يلتزم الاتحاد الأوربي باستثمار مبلغ 600 مليار دولار في السوق الأمريكية خلال السنوات الثلاث القادمة، بما في ذلك شراء اسلحة أمريكية. ولأن النص لم يتطرق للتفاصيل ستحاول الولايات المتحدة ان تستثني من الاتفاق الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا والتي يلتزم الاتحاد الأوربي بدفع أثمانها.. وحجة ترامب في ذلك ان أوكرانيا ليست عضواً في الاتحاد الأوربي. قبل هذه الأزمة كان الميزان التجاري (السلعي) يميل لصالح اوربا بـ 200 مليار دولار سنوياً، اما في مجال الخدمات (ومعظمها خدمات الشركات الرقمية) فإنه يميل لصالح الولايات المتحدة بـ 100 مليار دولار. وفي المحصلة كان الفارق لصالح اوربا بـ 100 مليار فقط او اكثر من ذلك قليلاً. وهو فارق قضى عليه الاتفاق الجديد وربما انقلبت الآية. اعتقد أن اوربا قدمت تنازلات مؤلمة، وسنشهد حالة نقد داخلها خصوصاً في المانيا التي تعرض قطاع سياراتها لضربة كبيرة. وأعتقد ان هذا الاتفاق سيزيد من جشع ترامب في مواجهة الشركاء الآخرين وفي مقدمتهم كوريا الجنوبية واليابان، لكن الأنظار متجهة صوب المعركة الاهم.. المعركة مع الصين. ( اضحوي _ 2199 ) 2025-07-29