logo
ليبيا.. مَن يأتي أولا المصالحة السياسية أم الاجتماعية؟

ليبيا.. مَن يأتي أولا المصالحة السياسية أم الاجتماعية؟

الجزيرة١٧-٠٢-٢٠٢٥

طرابلس-"المصالحة الوطنية" كلمة دلفت إلى الأزمة الليبية منذ 14 عاما، وجرى تداولها بكثافة بين الشركاء والخصوم، حتى أن هناك مشروعين متعارضين في ليبيا للمصالحة الوطنية، الأول أطلقه المجلس الرئاسي عام 2021 والثاني أقرهُ مجلس النواب الليبي في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي خضم التجاذبات السياسية بين الغريمين، تمكن الاتحاد الأفريقي -أخيرا- من إحراز اختراق بملف المصالحة الوطنية في ليبيا عبر توقيع بعض الأطراف الليبية على ميثاق للمصالحة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ، غير أن هذا الإجراء انطوى على التباين والالتباس.
فميثاق غابت عنه الأطراف الرئيسة في الأزمة، وُقع بين من ومن؟ ولماذا أثار الانتقادات؟ وعلى ماذا استند؟ ثم ماذا يأتي أولا المصالحة السياسية أم المصالحة الاجتماعية؟
وللوقوف على أسباب غياب الأطراف الفاعلة عن التوقيع، ولرصد تباين الآراء حول ميثاق المصالحة، وجّهت الجزيرة نت أسئلة إلى بعض الشخصيات الليبية الوازنة.
لماذا تغيّبت الأطراف الفاعلة عن حضور ملتقى المصالحة والتوقيع على الميثاق؟
يعزو عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، في حديثه للجزيرة نت، غياب بعض الأطراف الفاعلة عن ملتقى المصالحة لإدراكها بأن القضية لم تعد مصالحة حقيقية، بل مجرد إعادة توزيع للسلطة.
أما المحلل السياسي كامل مرعاش، فلا يتفق أساسا مع حضور أطراف النزاع لملتقيات المصالحة، ويشدد على أن المصالحة الحقيقية ينبغي أن تكون عملية اجتماعية وحقوقية، بعيدة عن التسييس والمحاصصة.
وأوضح، في تصريح للجزيرة نت، أن حضور الأطراف السياسية المتخاصمة يحولها إلى ساحة صراع لتسجيل النقاط، بدلا من أن تكون خطوة نحو الوحدة الوطنية.
وصرّح موسى إبراهيم عضو فريق المصالحة الوطنية الممثل ل سيف الإسلام القذافي ، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، للجزيرة نت، بأن ميثاق المصالحة الوطنية هو ثمرة جهود استمرت لسنوات، ساهمت مختلف الأطراف الليبية في صياغته، بما في ذلك من لم يوقعوا عليه، موضحا أن الميثاق يشكل فضاء ليبيا جامعا للمصالحة، ومفتوحا أمام الجميع للانضمام والمساهمة في تعديله وتطويره.
في حين يرى عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن ما يُسمى ميثاق المصالحة الوطنية هو في الواقع "مجرد ميثاق لتقاسم السلطة"، فالأطراف الرئيسة في ليبيا تتنازع على المال والسلطة، لا على المصالحة، وفق تصريحاته للجزيرة نت.
وأردف بن شرادة أن المجلس الرئاسي نفسه منقسم على نفسه بين رئيسه ونائبيه، ومجلس الدولة يعاني من الانقسامات، ولدينا حكومتان في الشرق والغرب: "إذن، عن أي مصالحة نتحدث؟".
وكان النائب في المجلس الرئاسي موسى الكوني، قد أعرب عن أسفه بشأن ما وصفه بتقاعس القيادات السياسية عن حضور توقيع ميثاق المصالحة الوطنية في أديس أبابا الجمعة، مما أفشل المبادرة، وفق تدوينة له على منصة إكس.
لكن موسى إبراهيم، أكد في حديثه للجزيرة نت، أن إجراء "حوار بنّاء" مع ممثلي المجلس الرئاسي بعد انسحاب موسى الكوني، أدى في نهاية المطاف إلى انضمام ممثلي الرئاسي إلى الميثاق لاحقا".
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي فرج فركاش أن الاتحاد الأفريقي لم يدرس الحالة الليبية بكل تعقيداتها وتشعباتها كما ينبغي. وكان الأجدر به التروي وعدم التسرع، للخروج بميثاق عملي قابل للتنفيذ، يأخذ بعين الاعتبار مبادئ العدالة الانتقالية، وجبر الضرر، ورد الحقوق.
في ضوء الأزمة الليبية، ماذا يأتي أولا، المصالحة السياسية أم المصالحة المجتمعية؟
يقول المحلل السياسي كامل مرعاش إن المصالحة يجب أن تبدأ من المجتمع نفسه، بعيدًا عن الحسابات السياسية، وإلا ستظل هذه العملية مجرد أداة في يد الأطراف المتصارعة، لافتًا إلى أن الفشل المتكرر لعمليات المصالحة السابقة يثبت أن إشراك الفاعلين السياسيين فيها يؤدي إلى مزيد من الانقسامات، لا الحلول.
بينما اشترط عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة وقف التدخلات الخارجية التي تؤثر على آفاق الحلول وتعمّق الانقسامات السياسية، قبل الحديث عن المصالحة الوطنية، حسب ما أدلى به للجزيرة نت.
وعلى الضفة الأخرى، اعتبر بن شرادة، عضو مجلس الدولة، أن ما يجري الآن ليست مصالحة وطنية، بل إعادة تقاسم للسلطة، موضحا أن الحديث عن المصالحة يجب أن يكون مصحوبا بإجراءات حقيقية تضمن تقديم التنازلات من الجميع لصالح الوطن، وليس مجرد اتفاقات تُعقد في ردهات العواصم الأجنبية.
ويرى نائب مشايخ ترهونة عبد السلام الزائدي، في حديثه للجزيرة نت، أن تحقيق المصالحة ولم الشمل يتطلب تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، ونبذ الفرقة والخلاف.
في حين استبعد عبد الله عبد الرحمن مدرقي، عضو لجنة المصالحة الوطنية عن مكونَيّ التبو والزوية، إمكانية الوصول إلى توافق حقيقي في ملف المصالحة، مشيرا في تصريحه للجزيرة نت إلى أن ملف المصالحة يستوجب وضع أسس يمكن الاستناد عليها تشمل تحديد الأطراف الفاعلة والمؤثرة وإنهاء الفوضى الأمنية عبر إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وتوافق رؤى القوى الدولية والإقليمية حول الأزمة في ليبيا.
هل الخصومة في ليبيا سياسية أم أيديولوجية أم جهوية؟
يعتبر مرعاش أن الخصومة في ليبيا ليست أيديولوجية ولا جهوية، فالصراع على السلطة والمال منذ 14 عاما يؤكد أنّ الأزمة ليست أزمة أفكار أو مناطق، بل أزمة نفوذ ومصالح.
بينما نفى جبريل أوحيدة، عضو مجلس النواب، وجود خصومة بين الليبيين، وأن الخصومة محصورة بين النخب السياسية التي تتصارع على المناصب، لكن الخلافات السياسية هي التي صنعت هذا الشرخ، لافتا إلى أن الحل يكمن في الانتخابات، وليس في اتفاقات مصالحة شكلية تتم هندستها لتحقيق مكاسب سياسية، وفق قوله.
أما المحلل السياسي فركاش، فيرى أن الخصومة في جوهرها ليست أيدلوجية أو اجتماعية، بل هي صراع نفوذ على المؤسسات الحيوية، سواء المالية أو النفطية أو القضائية أو الرقابية.
شدّد موسى إبراهيم، عضو فريق المصالحة الوطنية لسيف القذافي على أنّ الرؤية التي ينطلق منها فريق المصالحة التابع لسيف الإسلام القذافي "شاملة وغير مجزأة، ولا تُختزل في مصالح ضيقة أو اعتبارات سياسية محدودة، بل تستند إلى مدرسة فكرية تؤمن بوحدة ليبيا واستقرارها في إطار نظام ديمقراطي متكامل".
وتتمثل أبرز المطالب في الإفراج عن السجناء السياسيين من الأطراف كافة، وعودة المهجرين والنازحين، حسب تصريحه للجزيرة نت.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل
اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأربعاء 21 مايو، اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للتحضير لقمة رفيعة المستوى، تجمع رؤساء دول وحكومات الجانبين. ويُعد هذا اللقاء، الثالث من نوعه، فرصة نادرة تؤكد عمق التشابك بين قضايا أفريقيا وأوروبا، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي. وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من الدول الأفريقية، حيث حضر نحو 35 وزيراً. إلا أن غياب دول الساحل الثلاث ـمالي وبوركينا فاسو والنيجرـ كان لافتاً، إذ لم يدع الاتحاد الأفريقي، المسؤول عن تنظيم الجانب الأفريقي هذه الدول في هذه التحضيرات. ويأتي هذا الغياب في ظل تزايد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، مما يثير تساؤلات عن موقف هذه الدول من الشراكة الأفريقية-الأوروبية. تركزت المناقشات على قضايا أمنية واقتصادية عدة، منها الصراعات المستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إلى جانب دعم جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الساحل، رغم الإشارة إليها بشكل مقتضب في مشروع البيان المشترك. وبرز الملف الأمني كأولوية رئيسية، حيث أكد الوزراء ضرورة تعزيز التعاون السياسي والأمني بين الجانبين في مواجهة التحديات التي تهدد النظام متعدد الأطراف، منها تصاعد موجة التضليل الإعلامي والتحديات الجديدة الناتجة عن التوترات الدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي، شكل تعزيز العلاقات والتعاون بين أفريقيا وأوروبا محوراً أساسياً، خصوصاً من خلال الاستثمارات الأوروبية في مجالات الطاقة والبنية التحتية على المستويين الإقليمي والقاري. كما تم التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي لإنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية. وأبرز الوزراء الأفارقة الحاجة إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، مع تأكيد ضرورة تطوير الصناعة المحلية وتحويل المواد الخام داخل القارة، ما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة والابتكار. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع التعاون مع الاتحاد الأفريقي في مجالات إستراتيجية مثل المواد الخام الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية للنقل، بما يعزز الشراكة بين القارتين. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تقلبات جيوسياسية متسارعة وصراعات دولية تعيد تشكيل موازين القوى، مما يجعل الشراكة الأوروبية-الأفريقية أكثر أهمية من أي وقت مضى في السعي للحفاظ على الاستقرار والتنمية المشتركة.

رواندا تستضيف أول مؤتمر دولي للأمن في أفريقيا لتعزيز الحلول المحلية
رواندا تستضيف أول مؤتمر دولي للأمن في أفريقيا لتعزيز الحلول المحلية

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

رواندا تستضيف أول مؤتمر دولي للأمن في أفريقيا لتعزيز الحلول المحلية

شهدت العاصمة الرواندية كيغالي، أول مؤتمر دولي يركز على قضايا الأمن في أفريقيا، في خطوة تُعتبر نقطة تحول مهمة في جهود تعزيز السلام والاستقرار بالقارة. وجاء تنظيم المؤتمر بدعوة من الرئيس الرواندي بول كاغامي، الذي شدد على أهمية أن تكون الحلول الأمنية أفريقية المنشأ، تعكس خصوصيات القارة وتلبي تطلعات شعوبها. ووصف كاغامي المؤتمر بأنه "منتظر منذ زمن بعيد"، مؤكدا أن مستقبل القارة لا ينبغي أن يُترك بيد قوى خارجية، بل يجب على الدول الأفريقية أن تتولى مسؤولية ضمان سلامها واستقرارها بنفسها. وأشار إلى أن أفريقيا كثيرا ما عُوملت كعبء يُلقى على عاتق أطراف خارجية، غالبا دون استشارة كافية أو فهم حقيقي للسياق المحلي، مما أدى إلى إخفاقات أمنية ملموسة. وشدد كاغامي كذلك على أهمية تعزيز المؤسسات الإقليمية، وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن، لتتولى زمام قيادة جهود مواجهة التحديات الأمنية وتعزيز التعاون بين الدول الأفريقية. وأكد أن "المفتاح لتجاوز هذه التحديات يكمن في قدرتنا على ابتكار حلولنا الخاصة"، داعيا إلى توحيد الإرادة السياسية والخبرات الفنية والمصالح الوطنية مع الأولويات القارية لتحقيق هذا الهدف. يأتي هذا المؤتمر في وقت تتصاعد فيه التحديات الأمنية المتنوعة التي تواجه أفريقيا، مما يستدعي وضع إستراتيجيات متكاملة تركز على البناء الذاتي للسلام وتعزيز الاستقرار، بعيدا عن الاعتماد التقليدي على التدخلات الخارجية. ويأمل القادة الأفارقة من خلال هذا الحدث أن يعيدوا رسم مستقبل أمن القارة بما يخدم مصالحها ويضمن سيادتها.

نتطلع لتعزيز التضامن وترسيخ التكامل
نتطلع لتعزيز التضامن وترسيخ التكامل

جريدة الوطن

timeمنذ 6 أيام

  • جريدة الوطن

نتطلع لتعزيز التضامن وترسيخ التكامل

الدوحة- بغداد- قنا- أعرب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عن أمله أن تنعكس مخرجات وقرارات القمة العربية في تعزيز التضامن العربي. وقال سموه، في منشور عبر حساب سموه الرسمي على منصة إكس، «اجتمعنا اليوم في بغداد، في القمة العربية الـ «34»، والتي انعقدت في ظروف إقليمية ودولية تستوجب تعاونا عربيا ودوليا لحل أزماتها، ونأمل أن تنعكس مخرجات وقرارات القمة في تعزيز تضامننا العربي وترسيخ التكامل بين بلداننا في كافة مجالات التعاون القائم، شاكرين لجمهورية العراق الشقيقة جهودها في توطيد أواصر الأخوة ودورها الفاعل في تدعيم العمل العربي المشترك». وكان سمو أمير البلاد المفدى، شارك مع إخوانه قادة ورؤساء وفود الدول العربية الشقيقة، في القمة أمس. كما التقى دولة السيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء في جمهورية العراق الشقيقة، على هامش القمة العربية. وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين وأوجه تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والموضوعات المدرجة على جدول أعمال القمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store