logo
أسعد غانم يبحث في جذور وتعقيدات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

أسعد غانم يبحث في جذور وتعقيدات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

Independent عربيةمنذ 2 أيام
لا يكتفي هذا الكتاب الأكاديمي الرصين بوصف الواقع الراهن، بل يقدم رؤية معمقة لجذور الصراع الدائر، متجاوزاً التحليلات الظرفية ليغوص في تعقيدات التاريخ والسياسة والمجتمع الفلسطيني والإسرائيلي، ويقدم فهماً جديداً لما يحدث اليوم، ويستشرف آفاقاً قد تبدو بعيدة، لكنها ضرورية.
البروفيسور أسعد غانم صوت أكاديمي فلسطيني بارز، يشغل منصب أستاذ السياسة المقارنة في جامعة حيفا ورئيس قسم الحكم والفكر السياسي فيها. ويعد غانم أحد الأصوات الأكاديمية الفلسطينية الوطنية المهمة التي تدمج بين البحث العلمي الدقيق والانتظام الوطني العميق، فضلاً عن فهمه الجذري للعقلية الإسرائيلية لأنه اضطر إلى العيش في الأراضي المحتلة عام 1948 منذ النكبة تحت سلطة الاحتلال.
يتميز بإنتاجه الفكري الغزير وتحليلاته النقدية العميقة للقضايا الفلسطينية والإسرائيلية التي تتناول مواضيع حساسة مثل الهوية والصراعات الإثنية ووضع الفلسطينيين في إسرائيل. ومن أبرز مؤلفاته السابقة كتاب "Palestinian Politics after Arafat: A Failed National Movement" الذي يعبر عن منهجه في نقد الذات والبحث عن مكامن الخلل. يلتزم غانم في كتاباته موقفاً وطنياً وينتظم انتظاماً عضوياً في القضايا الجوهرية للشعب الفلسطيني، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، من دون التضحية بالمنهجية الأكاديمية الصارمة.
الحرب الممتدة
الكتاب السجالي (المؤسسة العربية)
المحور الأساس الذي يدور حوله الكتاب هو فكرة "الحرب الممتدة"، وجذور الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وهي الحرب التي لا تبدأ في لحظة معينة كـ"طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، بل هي استمرار وتتويج لسلسلة من الأحداث والمسارات التي تشكل تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ويرى غانم أن هذه الحرب هي في جوهرها امتداد لمئة عام من الاستعمار الكولونيالي لفلسطين التاريخية، وهي حصيلة لتفاعل قوى المقاومة الفلسطينية مع تغول المشروع الاستعماري الإسرائيلي الاستيطاني. وتضع هذه الرؤية الصراع الحالي ضمن سياق تاريخي أوسع، وتفكك الرواية التي قد تحصره ضمن أحداث معينة، مؤكداً الطابع الاستمراري والصراعي لوجود الاحتلال، من خلال حرب تبدو له أنها ستمتد لأعوام طوال، بل ربما لعقود. ويقدم غانم من خلال هذا الكتاب العوامل الموضوعية الإسرائيلية والعربية والإسلامية والدولية، فضلاً عن العوامل الذاتية الفلسطينية التي ستؤدي إلى صراع ممتد وحروب قد تختلف بطبيعتها عن الحروب السابقة، بخاصة في ظل ترهل فلسطيني مفزع وانعدام البديل الشرعي والرؤية الاستراتيجية للتحرك الوطني وغياب التخطيط الجدي والغرق في أوهام زوال الكيان الصهيوني والاستكانة لهذه الأوهام بعدم القيام بمواجهة جدية.
يعتمد البروفيسور غانم في معالجته منهجية أكاديمية صارمة تجمع بين التحليل التاريخي العميق والتحليل السياسي المقارن. ويسعى إلى تقديم رؤية متكاملة للمشهد، لا تقتصر على سرد الأحداث، بل تعمل على تشريح الأسباب والدوافع والآليات التي تحرك الصراع. واللافت أن الكتاب يتناول الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، ويحلل ديناميكياتهما الداخلية والخارجية.
البروفسور الفلسطيني أسعد غانم (المؤسسة العربية)
وفي ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، يسلط غانم الضوء على صعود اليمين المتطرف والفاشي إلى الحكم في إسرائيل، كعامل حاسم في تغول المشروع الاستعماري وتصاعد وتيرة العنف ضد الفلسطينيين. ويرى أن "ما أدى إلى تغول الاستعمار الإسرائيلي ضد الفلسطينيين هو صعود هذا اليمين المتطرف الفاشي إلى الحكم، وعدم وجود رادع له". وهذا التحليل الذي يربط بين السياسات الإسرائيلية الداخلية والعدوان الخارجي، يعكس قدرة الكاتب على الغوص في الأسباب العميقة للصراع.
نقد الذات
يتميز الكتاب بدرجة عالية من الموضوعية،، فعلى رغم أن غانم فلسطيني ومنضوٍ في قضايا شعبه، فإن كتابه لا يتردد في نقد الذات، ويتجاوز "خطاب اللطم والنحيب"، ويقدم تحليلاً نقدياً لبعض المسارات الفلسطينية، بما فيها أخطاء القيادة الفلسطينية وانفرادها بقرارات السلام التي لم تثمر. وهذه الجرأة في النقد الذاتي تضفي مصداقية كبيرة على تحليلاته، وتجعل الكتاب مرجعاً مهماً ليس فقط للباحثين والمحللين، بل أيضاً للمعنيين بالشأن الفلسطيني من الداخل. ويمكن استخلاص محاور رئيسة عدة من الكتاب، تتضح من خلال آراء المؤلف والمراجعات النقدية التي يجريها أو يستند إليها كمراجع
يؤكد الكتاب أن ما يجري في غزة ليس حادثة معزولة، بل هو استمرار لحرب استعمارية، مما يبرزه في قوله أو مضمون تحليله. فالكتاب تحديداً يتطرق الى الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني، ومن هنا تأتي أهميته في طرح فكرة عامة لجذور هذه الحرب الممتدة التي لم تبدأ برأيه في السابع من أكتوبر 2023، إنما هي استمرار لسيرورات متتالية، ومسارات بدأت قبل ذلك
يتوقع غانم استمرار أو ديمومة القيادة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، مما يثير القلق حول مستقبل الصراع. ويشير إلى ذلك في أحد حواراته، قائلاً "على خلاف تقديرات كثيرة، لن يسقط نتنياهو وسيبقى في الحكم، وهو من أهم وأخطر رؤساء الحكومات في إسرائيل والمنطقة، وأهم من مناحيم بيغن". وهذه النظرة الواقعية الى موازين القوى داخل إسرائيل تعكس عمق تحليله السياسي.
لا يتوانى غانم عن توجيه النقد الذاتي لمسارات العمل الوطني الفلسطيني، بخاصة ما يتعلق بـ"عملية السلام". ويقول "إن السلطة الفلسطينية هي الأخرى تفردت بقرار السلام الفاشل مع إسرائيل التي تستغل المفاوضات منذ أوسلو لتعميق التهويد والاستيطان، وإن غزة محاصرة بالكامل، حصاراً خانقاً منذ نحو العقدين من دون أفق". وهذا النقد يسعى إلى استخلاص العبر وتقديم رؤى تصحيحية للمسار الفلسطيني.
يقدم غانم رؤية الدولة الواحدة كمسار بديل نحو مستقبل يجمع بين الحرية والعدالة للجميع، داعياً القارئ إلى التفكير في حل جذري وعادل للقضية الفلسطينية عبر رؤيته إلى الدولة الواحدة. وهذا الحل، وإن كان يثير جدلاً واسعاً، إلا أنه يعكس بحثاً عن بديل حقيقي للحلول المتعثرة. والهدف الأساس للكتاب، كما يرى أسعد غانم في خاتمته، هو تقديم رؤية متكاملة وشاملة للصراع، إذ يقول "آمل أن أكون قدمت للقارئ رؤية متكاملة قدر الإمكان، مما قد يساهم في فهم ما حدث وتداعياته. وقد يساعد في وضع أفكار وآليات في مواجهة آثار الكارثة وحالة الجنون في إسرائيل، المرتبطة بفائض قوة كبير ومفزع". وهذا الهدف يتجاوز مجرد التحليل ليصبح دعوة إلى العمل والتفكير الجاد في سبل المواجهة.
يفتح الكتاب آفاقاً واسعة للنقاش حول طبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ويتحدى الروايات السائدة التي قد تختزله في أحداث أو صراعات راهنة. ويعمد غانم إلى إعادة تعريف العلاقة بين الفلسطينيين واليهود المناهضين للصهيونية، ويسهم في النقاش حول دور المثقف في توليد الأفكار العملية واجتراح الرؤى التي تسهم في صمود الجماعة ومواجهة مآزقها.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع أن يثير الكتاب جدلاً واسعاً في الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، فقد تثير رؤية غانم النقدية للقيادة الفلسطينية، بخاصة في ما يتعلق بـ"عملية السلام" والاتفاقات الفاشلة جدلاً حول ضرورة المراجعة والمساءلة. كما أن طرحه لخيار "الدولة الواحدة" قد يواجه مقاومة من تيارات فلسطينية لا تزال تتمسك بـ"حل الدولتين" أو ترى في الدولة الواحدة تحديات سياسية وعملية كبيرة. ومع ذلك، فإن هذا الجدل ضروري لإثراء النقاش الداخلي حول مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.
ومن المرجح أيضاً أن يواجه الكتاب رفضاً شديداً من المؤسسة الإسرائيلية واليمين المتطرف لأنه يفكك الرواية الإسرائيلية الرسمية للصراع، ويصنفه كـ"حرب استعمارية ممتدة". كما أن تحليله لصعود الفاشية في الحكم الإسرائيلي، ودعوته إلى "الدولة الواحدة" (التي تعني نهاية الدولة اليهودية كما هي قائمة حالياً)، ستعتبر بمثابة تهديد وجودي بالنسبة إليهم، وسيكون محل هجوم وانتقاد.
ليس "غزة: مدخل إلى الحرب الممتدة" مجرد كتاب عن التاريخ، بل هو خريطة طريق فكرية لفهم الحاضر المعقد واستشراف المستقبل المجهول، في لحظة تاريخية فارقة يواجه فيها الشعب الفلسطيني تحديات وجودية غير مسبوقة. ويقدم هذا الكتاب الأكاديمي المتين قراءة جريئة وواقعية تدعو إلى فهم أعمق لجذور الحرب الطويلة، وتلهم التفكير في حلول جذرية تليق بتضحيات الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والعدالة. إنه إسهام قيّم في النقاش الفكري الدائر حول فلسطين، وضرورة ملحة لكل من يسعى إلى فهم أعمق لما يجري، ويبحث عن سبل للخروج من دوامة العنف والصراع.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعد غانم يبحث في جذور وتعقيدات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي
أسعد غانم يبحث في جذور وتعقيدات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

Independent عربية

timeمنذ 2 أيام

  • Independent عربية

أسعد غانم يبحث في جذور وتعقيدات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

لا يكتفي هذا الكتاب الأكاديمي الرصين بوصف الواقع الراهن، بل يقدم رؤية معمقة لجذور الصراع الدائر، متجاوزاً التحليلات الظرفية ليغوص في تعقيدات التاريخ والسياسة والمجتمع الفلسطيني والإسرائيلي، ويقدم فهماً جديداً لما يحدث اليوم، ويستشرف آفاقاً قد تبدو بعيدة، لكنها ضرورية. البروفيسور أسعد غانم صوت أكاديمي فلسطيني بارز، يشغل منصب أستاذ السياسة المقارنة في جامعة حيفا ورئيس قسم الحكم والفكر السياسي فيها. ويعد غانم أحد الأصوات الأكاديمية الفلسطينية الوطنية المهمة التي تدمج بين البحث العلمي الدقيق والانتظام الوطني العميق، فضلاً عن فهمه الجذري للعقلية الإسرائيلية لأنه اضطر إلى العيش في الأراضي المحتلة عام 1948 منذ النكبة تحت سلطة الاحتلال. يتميز بإنتاجه الفكري الغزير وتحليلاته النقدية العميقة للقضايا الفلسطينية والإسرائيلية التي تتناول مواضيع حساسة مثل الهوية والصراعات الإثنية ووضع الفلسطينيين في إسرائيل. ومن أبرز مؤلفاته السابقة كتاب "Palestinian Politics after Arafat: A Failed National Movement" الذي يعبر عن منهجه في نقد الذات والبحث عن مكامن الخلل. يلتزم غانم في كتاباته موقفاً وطنياً وينتظم انتظاماً عضوياً في القضايا الجوهرية للشعب الفلسطيني، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، من دون التضحية بالمنهجية الأكاديمية الصارمة. الحرب الممتدة الكتاب السجالي (المؤسسة العربية) المحور الأساس الذي يدور حوله الكتاب هو فكرة "الحرب الممتدة"، وجذور الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وهي الحرب التي لا تبدأ في لحظة معينة كـ"طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، بل هي استمرار وتتويج لسلسلة من الأحداث والمسارات التي تشكل تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ويرى غانم أن هذه الحرب هي في جوهرها امتداد لمئة عام من الاستعمار الكولونيالي لفلسطين التاريخية، وهي حصيلة لتفاعل قوى المقاومة الفلسطينية مع تغول المشروع الاستعماري الإسرائيلي الاستيطاني. وتضع هذه الرؤية الصراع الحالي ضمن سياق تاريخي أوسع، وتفكك الرواية التي قد تحصره ضمن أحداث معينة، مؤكداً الطابع الاستمراري والصراعي لوجود الاحتلال، من خلال حرب تبدو له أنها ستمتد لأعوام طوال، بل ربما لعقود. ويقدم غانم من خلال هذا الكتاب العوامل الموضوعية الإسرائيلية والعربية والإسلامية والدولية، فضلاً عن العوامل الذاتية الفلسطينية التي ستؤدي إلى صراع ممتد وحروب قد تختلف بطبيعتها عن الحروب السابقة، بخاصة في ظل ترهل فلسطيني مفزع وانعدام البديل الشرعي والرؤية الاستراتيجية للتحرك الوطني وغياب التخطيط الجدي والغرق في أوهام زوال الكيان الصهيوني والاستكانة لهذه الأوهام بعدم القيام بمواجهة جدية. يعتمد البروفيسور غانم في معالجته منهجية أكاديمية صارمة تجمع بين التحليل التاريخي العميق والتحليل السياسي المقارن. ويسعى إلى تقديم رؤية متكاملة للمشهد، لا تقتصر على سرد الأحداث، بل تعمل على تشريح الأسباب والدوافع والآليات التي تحرك الصراع. واللافت أن الكتاب يتناول الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، ويحلل ديناميكياتهما الداخلية والخارجية. البروفسور الفلسطيني أسعد غانم (المؤسسة العربية) وفي ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، يسلط غانم الضوء على صعود اليمين المتطرف والفاشي إلى الحكم في إسرائيل، كعامل حاسم في تغول المشروع الاستعماري وتصاعد وتيرة العنف ضد الفلسطينيين. ويرى أن "ما أدى إلى تغول الاستعمار الإسرائيلي ضد الفلسطينيين هو صعود هذا اليمين المتطرف الفاشي إلى الحكم، وعدم وجود رادع له". وهذا التحليل الذي يربط بين السياسات الإسرائيلية الداخلية والعدوان الخارجي، يعكس قدرة الكاتب على الغوص في الأسباب العميقة للصراع. نقد الذات يتميز الكتاب بدرجة عالية من الموضوعية،، فعلى رغم أن غانم فلسطيني ومنضوٍ في قضايا شعبه، فإن كتابه لا يتردد في نقد الذات، ويتجاوز "خطاب اللطم والنحيب"، ويقدم تحليلاً نقدياً لبعض المسارات الفلسطينية، بما فيها أخطاء القيادة الفلسطينية وانفرادها بقرارات السلام التي لم تثمر. وهذه الجرأة في النقد الذاتي تضفي مصداقية كبيرة على تحليلاته، وتجعل الكتاب مرجعاً مهماً ليس فقط للباحثين والمحللين، بل أيضاً للمعنيين بالشأن الفلسطيني من الداخل. ويمكن استخلاص محاور رئيسة عدة من الكتاب، تتضح من خلال آراء المؤلف والمراجعات النقدية التي يجريها أو يستند إليها كمراجع يؤكد الكتاب أن ما يجري في غزة ليس حادثة معزولة، بل هو استمرار لحرب استعمارية، مما يبرزه في قوله أو مضمون تحليله. فالكتاب تحديداً يتطرق الى الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني، ومن هنا تأتي أهميته في طرح فكرة عامة لجذور هذه الحرب الممتدة التي لم تبدأ برأيه في السابع من أكتوبر 2023، إنما هي استمرار لسيرورات متتالية، ومسارات بدأت قبل ذلك يتوقع غانم استمرار أو ديمومة القيادة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، مما يثير القلق حول مستقبل الصراع. ويشير إلى ذلك في أحد حواراته، قائلاً "على خلاف تقديرات كثيرة، لن يسقط نتنياهو وسيبقى في الحكم، وهو من أهم وأخطر رؤساء الحكومات في إسرائيل والمنطقة، وأهم من مناحيم بيغن". وهذه النظرة الواقعية الى موازين القوى داخل إسرائيل تعكس عمق تحليله السياسي. لا يتوانى غانم عن توجيه النقد الذاتي لمسارات العمل الوطني الفلسطيني، بخاصة ما يتعلق بـ"عملية السلام". ويقول "إن السلطة الفلسطينية هي الأخرى تفردت بقرار السلام الفاشل مع إسرائيل التي تستغل المفاوضات منذ أوسلو لتعميق التهويد والاستيطان، وإن غزة محاصرة بالكامل، حصاراً خانقاً منذ نحو العقدين من دون أفق". وهذا النقد يسعى إلى استخلاص العبر وتقديم رؤى تصحيحية للمسار الفلسطيني. يقدم غانم رؤية الدولة الواحدة كمسار بديل نحو مستقبل يجمع بين الحرية والعدالة للجميع، داعياً القارئ إلى التفكير في حل جذري وعادل للقضية الفلسطينية عبر رؤيته إلى الدولة الواحدة. وهذا الحل، وإن كان يثير جدلاً واسعاً، إلا أنه يعكس بحثاً عن بديل حقيقي للحلول المتعثرة. والهدف الأساس للكتاب، كما يرى أسعد غانم في خاتمته، هو تقديم رؤية متكاملة وشاملة للصراع، إذ يقول "آمل أن أكون قدمت للقارئ رؤية متكاملة قدر الإمكان، مما قد يساهم في فهم ما حدث وتداعياته. وقد يساعد في وضع أفكار وآليات في مواجهة آثار الكارثة وحالة الجنون في إسرائيل، المرتبطة بفائض قوة كبير ومفزع". وهذا الهدف يتجاوز مجرد التحليل ليصبح دعوة إلى العمل والتفكير الجاد في سبل المواجهة. يفتح الكتاب آفاقاً واسعة للنقاش حول طبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ويتحدى الروايات السائدة التي قد تختزله في أحداث أو صراعات راهنة. ويعمد غانم إلى إعادة تعريف العلاقة بين الفلسطينيين واليهود المناهضين للصهيونية، ويسهم في النقاش حول دور المثقف في توليد الأفكار العملية واجتراح الرؤى التي تسهم في صمود الجماعة ومواجهة مآزقها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومن المتوقع أن يثير الكتاب جدلاً واسعاً في الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، فقد تثير رؤية غانم النقدية للقيادة الفلسطينية، بخاصة في ما يتعلق بـ"عملية السلام" والاتفاقات الفاشلة جدلاً حول ضرورة المراجعة والمساءلة. كما أن طرحه لخيار "الدولة الواحدة" قد يواجه مقاومة من تيارات فلسطينية لا تزال تتمسك بـ"حل الدولتين" أو ترى في الدولة الواحدة تحديات سياسية وعملية كبيرة. ومع ذلك، فإن هذا الجدل ضروري لإثراء النقاش الداخلي حول مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني. ومن المرجح أيضاً أن يواجه الكتاب رفضاً شديداً من المؤسسة الإسرائيلية واليمين المتطرف لأنه يفكك الرواية الإسرائيلية الرسمية للصراع، ويصنفه كـ"حرب استعمارية ممتدة". كما أن تحليله لصعود الفاشية في الحكم الإسرائيلي، ودعوته إلى "الدولة الواحدة" (التي تعني نهاية الدولة اليهودية كما هي قائمة حالياً)، ستعتبر بمثابة تهديد وجودي بالنسبة إليهم، وسيكون محل هجوم وانتقاد. ليس "غزة: مدخل إلى الحرب الممتدة" مجرد كتاب عن التاريخ، بل هو خريطة طريق فكرية لفهم الحاضر المعقد واستشراف المستقبل المجهول، في لحظة تاريخية فارقة يواجه فيها الشعب الفلسطيني تحديات وجودية غير مسبوقة. ويقدم هذا الكتاب الأكاديمي المتين قراءة جريئة وواقعية تدعو إلى فهم أعمق لجذور الحرب الطويلة، وتلهم التفكير في حلول جذرية تليق بتضحيات الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والعدالة. إنه إسهام قيّم في النقاش الفكري الدائر حول فلسطين، وضرورة ملحة لكل من يسعى إلى فهم أعمق لما يجري، ويبحث عن سبل للخروج من دوامة العنف والصراع.

رئيس الأركان الإسرائيلي يقول إن كتائب الجيش 'منهكة' جراء المعارك في قطاع غزة
رئيس الأركان الإسرائيلي يقول إن كتائب الجيش 'منهكة' جراء المعارك في قطاع غزة

موجز 24

timeمنذ 4 أيام

  • موجز 24

رئيس الأركان الإسرائيلي يقول إن كتائب الجيش 'منهكة' جراء المعارك في قطاع غزة

جاء ذلك في رسالة علنية لنتنياهو وجهها لزامير اعتبرها محللون تصعيدا للخلاف الداخلي حول إدارة الحرب على قطاع غزة. وقبل دقائق من هذه الرسالة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إجراءات لتخفيف العبء عن جنوده النظاميين، تشتمل على إلغاء حالة الطوارئ الحربية المفعلة منذ شن فصائل المقاومة الفلسطينية عملية 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023، والتي كانت تمدد الاحتياط الإلزامي لأربعة أشهر إضافية. وذكرت قيادة الجيش الإسرائيلي أن 'الكتائب منهكة جراء أكثر من عام من الخدمة المتواصلة'، وأن قرار رئيس الأركان يقضي بسحب فصيلة كاملة من كل كتيبة نظامية وإعادتهم إلى الاحتياط. وبحسب مصادر عسكرية، فإن هذه الخطوة ستقلص حجم القوات القتالية العاملة في العمليات البرية، بما في ذلك ما تسمى 'مركبات جدعون' في قطاع غزة. واعتبرت القيادة أن هذه التعديلات ضرورية لمنح الجنود 'فترة استراحة' بعد معارك مكثفة امتدت على جبهات متعددة خلال العامين الماضيين. وفي سياق متصل، كشفت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' عن قرار إلغاء الخدمة الإضافية الإلزامية للمجندين في الوحدات الخاصة والنخبوية في الجيش الإسرائيلي، إذ يتوقع أن يولد ذلك عجزا في القوى البشرية خلال العام المقبل. وأقر الجيش الإسرائيلي أن 'الاحتياط المنهك يواجه تشوهات في الهيكل القتالي ونموذج التعبئة'، مؤكدا أن العقود الإضافية جرى تصميمها طوعا لتعويض النقص دون إجبار الجنود. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن 'قرار منح الجنود فترة استراحة ووقف تأخير التسريح جاء بسبب الحرص حياة الجنود، وحفاظا على الجاهزية القتالية للوحدات الخاصة'. وأوضح أن هذه الخطوات تهدف إلى 'ترتيب منظومة الاحتياط ومعالجة أضرار التأخير في التسريح التي أثرت على تغذية الاحتياط وكفاءته'. يأتي هذا التطور العسكري بينما يدرس الوزراء في جلسة 'الكابينيت' الإسرائيلي اليوم تداعيات أي مناورة إضافية في قطاع غزة، والتي قد تستدعي تعبئة عشرات الآلاف من الاحتياط، وفتح جبهات جديدة في حال توسع نطاق العمليات العسكرية. وتشير تقديرات الجيش إلى أن أي اجتياح بري جديد سيستغرق شهورا من القتال المكثف، مع مخاطر استنزاف إضافي للجنود واستغلال الفصائل الحدودية للمناورة.

الفرصة الأخيرة لفلسطين: دولة أو دويلة فصائل
الفرصة الأخيرة لفلسطين: دولة أو دويلة فصائل

Independent عربية

timeمنذ 6 أيام

  • Independent عربية

الفرصة الأخيرة لفلسطين: دولة أو دويلة فصائل

بعد عامين تقريباً على الحرب المدمرة في "قطاع غزة" عقب هجوم "طوفان الأقصى" الذي نفذته حركة "حماس" في غلاف غزة، تدخل القضية الفلسطينية مرحلة سياسية مفصلية، لن تحسم بمسار عسكري ولا بشعارات المقاومة وحدها. فالمعركة لم تعد فقط مع إسرائيل، بل مع الزمن ومع الذات ومع شرعية النظام السياسي الفلسطيني الذي فقد تماسكه، إذ بات من الملح البحث عن تقاطع عربي–دولي فعلي، لا فقط للتضامن بل لإنتاج حل شامل لا يمكن أن يبدأ من دون إعادة هيكلة المشهد الفلسطيني الداخلي، وهذا يمر حكماً بخروج "حماس" من المشهد كقوة مسلحة موازية، وبقدرة السلطة الفلسطينية على استعادة القرار والشرعية والاحتضان العربي. إنها لحظة اختبار كبرى شبيهة بما يعيشه لبنان، حيث لا مجال لوضع البلد على خريطة الحلول قبل تفكيك منظومة "حزب الله" العسكرية والمالية، وإعادة القرار إلى يد الدولة. فكما في لبنان، لا يمكن بناء مشروع وطني في ظل سلاح خارج الدولة، كذلك في فلسطين، لا يمكن التأسيس لدولة تحت مظلة فصائلية أو سلطات متوازية تتقاسم الجغرافيا والشرعية. لقد تغيرت فلسطين، تغيرت نظرة العالم إليها، تغيرت موازين القوى. ولكن، هل تغيرت أدوات القيادة؟ هل تغيرت رؤية الفلسطينيين لمستقبلهم؟ وهل ما زالوا أسرى الثنائيات القديمة، "فتح" و"حماس"، سلطة ومقاومة، صراع داخلي وتبعية خارجية؟ المرحلة المقبلة، بكل وضوح، ليست مرحلة مقاومة فحسب، إنها مرحلة إعادة بناء وطن وتعزيز صمود شعب وتأسيس دولة على أنقاض الخراب، مرحلة تتطلب ما هو أكبر من الشعارات وأعمق من الخطابات. توقف المدفع ولم تنته الحرب من المفيد أن نستعيد تجربة لبنان بعد الحرب الأهلية. لم تكن نهاية الحرب مجرد توقيع "اتفاق الطائف"، بل نتيجة تقاطع مصالح عربية ودولية، واكبتها شخصيات لبنانية عرفت كيف تترجم تلك اللحظة إلى مشروع وطني، مهما كانت عليه التحفظات لاحقاً. فكما احتاج لبنان إلى رفيق الحريري ليقود مرحلة ما بعد الحرب، فإن فلسطين اليوم في حاجة إلى شخصية -أو مجموعة- تستطيع أن تؤسس لمشروع دولة فلسطينية فعلية، لا مجرد كيان إداري هش. للمرة الأولى منذ أعوام، بدأ العالم يتحرك فعلياً نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا وجنوب أفريقيا… كلها قالت كلمتها، وفرنسا ودول أخرى تبحث الاعتراف رسمياً، المشهد يتغير. الخرائط ترسم من جديد. الحرب على غزة، على رغم قسوتها، وضعت فلسطين مجدداً في صلب القرار الدولي، ولكن السؤال الجوهري الآن، هل نحن جاهزون؟ هل لدى الفلسطينيين قيادة قادرة على استثمار هذه اللحظة التاريخية، وتحويل الاعتراف السياسي إلى بنية تحتية لدولة قابلة للحياة؟ دولة لا تبنى فقط على الكلمات والمواقف بل على اقتصاد حقيقي، وعلى خلق فرص عمل وعلى سيادة القانون ومؤسسات الدولة؟ الناس تغيروا الشارع الفلسطيني لم يعد كما كان، بعد كل ما جرى في غزة، وبعد أعوام الانقسام والصراع الداخلي، لم تعد الشعارات تكفي. الناس يطالبون اليوم بقيادة قادرة على إعادة بناء ما دمر، وخلق فرص حقيقية للعيش الكريم، وحفظ وحدة الشعب الفلسطيني بدل تعميق الانقسام. سئم الفلسطينيون من التجاذب بين "فتح" و"حماس"، ومن الحسابات الفصائلية الضيقة، ومن الخطابات التي تستهلكهم دون أن تقدم لهم شيئاً ملموساً. ما يريدونه اليوم هو قيادة تفكر بمنطق الدولة، لا بمنطق التنظيم، قيادة ترى في الشعب مصدراً للشرعية، لا وقوداً لمعركة دائمة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حريري فلسطيني قد يقول بعض إن فلسطين تحتاج إلى نموذج رفيق الحريري، رجل الأعمال الذي قاد إعادة إعمار لبنان بعد الحرب، واستطاع أن يجذب الدعم الدولي والتقاطعات العربية-الدولية لبناء بيروت من جديد. ولكن الواقع الفلسطيني أعقد من الحال اللبنانية، وما تحتاج إليه اليوم هو "حريري فلسطيني" بنكهة وطنية خاصة، يملك الشجاعة والنزاهة ويؤمن بأن الاستثمار في الإنسان الفلسطيني هو أساس التحرر الحقيقي، من خلال تعزيز الصمود وتأمين شبكة مصالح اقتصادية واسعة تنتج آلاف فرص العمل وتعزز بقاء الفلسطينيين في أرضهم. فلسطين تحتاج إلى شخصية أو مجموعة تضع خطة اقتصادية وطنية واقعية، تدرك أن الكرامة لا تأتي فقط من الدعم الخارجي، بل من بناء اقتصاد داخلي منتج ومستقر. من المهم أن تكون هذه القيادة قادرة على إطلاق مشاريع تنموية حقيقية، قادرة على تأسيس بنية قانونية عصرية تشجع الاستثمار، وتحفز الريادة والابتكار، وتخرج المجتمع الفلسطيني من عقلية الصمود السلبي إلى عقلية الإنتاج والانفتاح والمسؤولية. إعادة الإعمار بأياد فلسطينية نحن اليوم أمام لحظة نادرة في التاريخ الفلسطيني. العالم بات يسمع، وصدى الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يتوسع يوماً بعد يوم. غزة، على رغم الدمار، نبهت العالم وحركت الضمير الدولي ووضعت الظلم في واجهة النقاش العالمي، والشعب الفلسطيني، على رغم الجراح والانقسامات، لا يزال مستعداً للالتفاف حول قيادة جديدة، بشرط أن تكون قيادة مختلفة في جوهرها. العالم ينتظر من الشعب الفلسطيني (وهو قادر) أن يتولى بما يملك من كفاءات وخبرات إعمار ما تهدم، بحيث يُنخرط الفلسطينيون في دورة اقتصادية تبدأ بالإعمار، ولا تنتهي بالتخطيط لمستقبل أفضل. إنها الفرصة الثمينة، التي لا يجب أن تمر كما مرت فرص كثيرة من قبل. فهل نبقى نراوح في مربع الانقسام، وننتظر مزيداً من المبادرات المعلبة، أم نبدأ فعلاً في البحث عن ذلك "الحريري الفلسطيني الجديد"؟ ذلك الذي لا يريد سلطة منزوعة السيادة، ولا يبحث عن تمثيل شكلي بل يسعى إلى بناء دولة حقيقية، دولة للناس، لا للأجهزة، للمستقبل، لا للماضي، للكرامة، لا للتبعية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store