logo
ما حجم الاختلالات الاقتصادية العالمية المرتبطة بالولايات المتحدة؟

ما حجم الاختلالات الاقتصادية العالمية المرتبطة بالولايات المتحدة؟

الوفد٠٤-٠٥-٢٠٢٥

لا يخفى على المحللين والمستثمرين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لديه رغبة سياسية قوية لإصلاح النظام التجاري والمالي العالمي. فلعقود من الزمن، حتى قبل أن يصبح سياسياً، كان ترامب صريحاً بشأن وجهات نظره السلبية بشأن العجز الضخم في الحساب الجاري الأمريكي والمركز المدين الصافي للولايات المتحدة مقابل بقية العالم، وذلك إلى جانب دعمه لإعادة توطين التصنيع في بلاده.
ولكن، خلال فترة ولايته الأولى كرئيس (2017-2021)، لم يتخذ ترامب خطوات جريئة لتحويل تفضيلاته السياسية إلى إجراءات حكومية.
فقد كان مقيداً آنذاك بالحواجز الإدارية، وقلة الموارد والخبرة السياسية، والاعتماد الكبير على المستشارين الرئيسيين الذين لديهم وجهات نظر تقليدية حول التجارة والتمويل.
التجارة الحرة
وفي خروج أكبر عن الإجماع الليبرالي بشأن التجارة الحرة الذي ظل قائماً منذ حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، يبدو أن أجندة الرئيس ترامب لعام 2025 تتبنى رؤيته "التجارية" أو "الحمائية" التي تعتبر التجارة العالمية ساحة معركة للاستحواذ على الثروات الوطنية وتجميعها.
وفي صميم هذا التوجه الجديد، هناك تشخيص دقيق للغاية مفاده أن الاختلالات الخارجية التي تعاني منها البلاد هي نتيجة لعلاقات اقتصادية غير متناسقة، مثل الوصول غير المتبادل إلى الأسواق، وإعانات الدعم الأجنبية المستمرة، وسرقة الملكية الفكرية، وأعباء تأمين "المنافع العامة العالمية"، بدءاً من توفير العملة الاحتياطية ووصولاً إلى الأمن العسكري.
يوم التحرير
وينبغي تفسير القرارات الصادرة في الثاني من أبريل، أو ما بات يُعرف بـ "يوم التحرير"، ضمن هذا الإطار، لأن ذلك سيساعد جزئياً في فهم الأساس المنطقي لسياسة فرض حد أدنى للتعريفة الجمركية الأساسية يبلغ 10% على كل واردات الولايات المتحدة وتعريفات جمركية إضافية "على أساس المعاملة بالمثل" ضد شركاء تجاريين مختارين، مثل الصين.
وجاءت هذه التدابير بالإضافة إلى التعريفات الأخرى المرتبطة بقطاعات محددة.
وفي حين تم الإعلان عن العديد من الإعفاءات بالفعل بعد تداعيات "يوم التحرير" على فئات الأصول الرئيسية للولايات المتحدة، فإن التعريفات الجمركية الأمريكية لا تزال تُعتبر مضاعفة بالمقارنة مع المعايير السائدة في الأجيال الأربعة الماضية.
ومن أجل توفير فهم أفضل للتحديات التي تحاول سياسات ترامب بشأن التعريفات الجمركية معالجتها، نظر التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني QNB في الحجم الإجمالي للاختلالات الخارجية المرتبطة بالولايات المتحدة.
ويري QNB أن هناك عاملان رئيسيان يفسران نقاط الضعف في الولايات المتحدة ويساعدان في تفسير الأسباب التي تجعل بعض المجموعات السياسية ترى أن الوقت قد حان لخوض مجازفات كبيرة في محاولة للتخفيف من هذه المخاطر.
الحساب الجاري
العامل الأول هو أن ميزان الحساب الجاري الأمريكي الذي يقيس تدفق السلع والخدمات والدخل والتحويلات الجارية مع بقية العالم، يُظهر عجزاً هيكلياً كبيراً.
في الواقع، على مدار الأعوام الـ 48 الماضية، لم تُحقق الولايات المتحدة فوائض إلا في ثلاث سنوات فقط خلال تلك الفترة، ولم تُحقق أي فوائض مُطلقاً منذ عام 1991.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد التحسن الملحوظ في عجز الحساب الجاري كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي عقب الأزمة المالية العالمية وثورة النفط الصخري بين عامي 2007 و2019، اتسع العجز مجدداً بعد الجائحة.
وبلغ العجز الاسمي 1.1 تريليون دولار أمريكي خلال العام الماضي، مسجلاً رصيداً سلبياً في جميع المكونات الرئيسية للحساب الجاري باستثناء الخدمات (السفر والتعليم والخدمات المالية).
وهذا يعني أن الأسر والشركات والحكومة الأمريكية، مجتمعين، يستهلكون أكثر مما ينتجون، مما يتطلب تمويلاً خارجياً.
ويمكن أن يؤدي استمرار هذه الديناميكية إلى زيادة تأثر الولايات المتحدة بتقلب تدفقات رؤوس الأموال والقرارات الاستثمارية المتخذة من قِبل غير المقيمين.
تراكم العجز
والعامل الثاني كما يشير تقرير بنك قطر الوطني فقد أدى تراكم عجز الحساب الجاري على مدى عقود إلى اختلال كبير في صافي وضع الاستثمار الدولي للولايات المتحدة، أي التوازن بين الأصول التي يحتفظ بها المقيمون الأمريكيون في الخارج والأصول التي يحتفظ بها غير المقيمين في الولايات المتحدة.
بعبارة أخرى، تُعد الولايات المتحدة حالياً مديناً صافياً كبيراً لبقية العالم، وخاصة للدول الصناعية الناجحة، مثل ألمانيا واليابان والصين.
كما تدهور الوضع بشكل حاد، حيث ارتفع صافي وضع الاستثمار الدولي للولايات المتحدة من رقم سلبي هامشي بلغ حوالي 9% من الناتج المحلي الإجمالي في بداية الأزمة المالية العالمية إلى 88% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي.
وهذا يشير إلى أن الولايات المتحدة هي البلد الذي تتركز فيه معظم الاختلالات الاقتصادية العالمية.
وبمرور الوقت، قد يصبح هذا المستوى من التعرض المتبادل غير مريح لكل من الدائنين والمدينين، مما يتطلب تعديلاً.
وبشكل كام كما يشير تقرير QNB ، هناك اختلالات اقتصادية عالمية كبيرة مرتبطة بالولايات المتحدة، سواءً من حيث التدفقات (عجز الحساب الجاري) أو الأسهم (مراكز الأصول المتبادلة).
وكلما زادت هذه الاختلالات، زادت مخاطر حدوث تعديل عشوائي في المستقبل.
وفي حين يبدو أن سياسات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية صُممت لمعالجة هذه القضايا جزئياً على الأقل، إلا أن الاختلالات المستمرة والمتراكمة ضخمة لدرجة أن التدابير الأحادية أو الثنائية ربما لن تُجدي نفعاً في تحقيق تعديل سلس.
وكما هو الحال مع الاستجابات الرئيسية الأخرى للتحديات العالمية الكبيرة في الماضي، من المرجح أن يتطلب التوجيه الأمثل للسياسات لمعالجة هذه القضايا مستوى جيداً من التنسيق والتعاون العالميين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار الذهب اليوم الجمعة 23-5-2025 بعد الارتفاع القياسي.. «الجرام وصل كام؟»
أسعار الذهب اليوم الجمعة 23-5-2025 بعد الارتفاع القياسي.. «الجرام وصل كام؟»

مصرس

timeمنذ 7 دقائق

  • مصرس

أسعار الذهب اليوم الجمعة 23-5-2025 بعد الارتفاع القياسي.. «الجرام وصل كام؟»

شهدت أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 23 مايو 2025، ببداية تعاملات الصاغة، استقرارًا جديدًا بعد قرار البنك المركزي بخفض سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بنسبة 1% إلى 24%، و25%، وتزامن ذلك مع اقتراب موسم عيد الأضحى وارتفاع الطلب على المشغولات الذهبية. أسعار الذهب اليوموكانت أسعار الذهب شهدت ارتفاعًا كبيرًا في السوق المحلية الأربعاء الماضي، حيث سجل جرام الذهب عيار 21 الأكثر تداولًا بين المصريين نحو 4665 جنيهًا دون احتساب المصنعية، وذلك بعد زيادة قدرها 115 جنيهًا، وتختلف قيمة المصنعية المضافة على السعر بحسب مكان البيع ونوع المشغولات، حيث تتراوح بين 100 إلى 150 جنيهًاأسعار الذهب اليوم 2025عيار 24: 5331 جنيهًا.عيار 18: 3998 جنيهًا للجرام.سعر الجنيه الذهب (يزن 8 جرامات): 37320 جنيهًا.أسعار الذهب عالميًا بالدولاروسجلت العقود الفورية: 3،298.32 دولار للأوقية، والعقود الآجلة:3،294.06 دولار للأوقية.أسعار سبائك الذهب اليوم في مصر * سعر سبيكة الذهب وزن 1 جرام: 5507.14 جنيه. * 20 جرامًا: 108242.80 جنيه. * وزن 50 جرامًا: 269957.00 جنيه. * سعر الأونصة (والتي تزن 31.1 جرام): 167975.45 جنيه.

أسعار الذهب تتجه لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ أكثر من شهر
أسعار الذهب تتجه لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ أكثر من شهر

مستقبل وطن

timeمنذ 35 دقائق

  • مستقبل وطن

أسعار الذهب تتجه لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ أكثر من شهر

تتجه أسعار الذهب نحو تسجيل أكبر مكاسب أسبوعية منذ أكثر من شهر، في ظل تزايد قلق المستثمرين بشأن العجز المالي في الولايات المتحدة، ما عزز جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن. وارتفع سعر الذهب ليتجاوز 3300 دولار للأوقية، ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية تقارب 3%. وجاء هذا الارتفاع عقب قرار وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني بخفض التصنيف السيادي الأعلى للولايات المتحدة، ما أثار قلق الأسواق بشأن استقرار الوضع المالي الأمريكي. وزادت المخاوف بعد تمرير مشروع قانون ضريبي يحمل توقيع الرئيس دونالد ترامب في مجلس النواب، في طريقه إلى مجلس الشيوخ، حيث يُتوقع أن يؤدي إلى تفاقم العجز المتضخم أصلاً. وأدى هذا المزيج من المخاطر المالية والسياسية إلى زيادة إقبال المستثمرين على الذهب، باعتباره أحد أهم الملاذات الآمنة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. مخاوف جيوسياسية وتجارية وارتفع سعر الذهب بأكثر من 25% منذ بداية العام، ويقل الآن بنحو 200 دولار فقط عن أعلى مستوى له على الإطلاق، الذي بلغه الشهر الماضي. ويرجع هذا الصعود إلى تداعيات الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي عززت الطلب على الملاذات الآمنة، بالإضافة إلى تصاعد المخاوف الأخيرة بشأن العجز المالي الأمريكي. كما واصلت البنوك المركزية شراء الذهب بهدف تنويع احتياطاتها النقدية. وقال محللون إن "أسعار الذهب من المرجح أن تظل ضمن نطاق محدود على المدى القريب، لكن التوترات الجيوسياسية المتواصلة، وتزايد القلق بشأن التوقعات المالية للولايات المتحدة يقدمان دعماً أساسياً للأسعار". وتم تداول الذهب بارتفاع نسبته 0.3% عند 3,304.81 دولار للأونصة صباح اليوم الجمعة في سنغافورة، بعد أن أغلق منخفضاً بنسبة 0.6% في جلسة الخميس. أما مؤشر بلومبرج لقوة الدولار فظل مستقراً، متجهاً لتسجيل خسارة أسبوعية. وحققت الفضة والبلاديوم والبلاتين مكاسب هذا الأسبوع، مع صعود البلاتين بنحو 10% إلى أعلى مستوى له في عام.

البنك المركزي الصيني يضخ 500 مليار يوان لدعم السيولة في القطاع المصرفي
البنك المركزي الصيني يضخ 500 مليار يوان لدعم السيولة في القطاع المصرفي

مستقبل وطن

timeمنذ 36 دقائق

  • مستقبل وطن

البنك المركزي الصيني يضخ 500 مليار يوان لدعم السيولة في القطاع المصرفي

أعلن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) يوم الخميس الماضي أنه سيجري اليوم الجمعة عملية لتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل بقيمة 500 مليار يوان (حوالي 69.54 مليار دولار أمريكي) لمدة عام واحد للحفاظ على سيولة وافرة في النظام المصرفي بالبلاد. وقال البنك إن عملية تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل ستتم باستخدام طريقة الكمية الثابتة وعطاءات سعر الفائدة وعطاءات متعددة الأسعار. وتعهدت الصين بتنفيذ سياسة نقدية متساهلة إلى حد ما هذا العام. ومنذ بداية العام الجاري، نشر البنك المركزي مجموعة من الأدوات لضخ السيولة في النظام المصرفي بالبلاد والحفاظ على استقرار أسعار الفائدة. وطرحت الصين لأول مرة في عام 2014 تسهيلات الإقراض متوسط الأجل لمساعدة البنوك التجارية والسياساتية في الحفاظ على السيولة من خلال السماح لها بالاقتراض من البنك المركزي باستخدام الأوراق المالية كضمان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store