logo
رحلة الدولار نحو التراجع في 6 أسابيع... ما الأسباب؟

رحلة الدولار نحو التراجع في 6 أسابيع... ما الأسباب؟

Independent عربيةمنذ 3 أيام

لماذا وصل الدولار قرب أدنى مستوياته في ستة أسابيع، وسط تزايد المؤشرات على تضرر الاقتصاد الأميركي من الحرب التجارية القائمة؟ سؤال يطرحه المتخصصون، فعلى رغم تعافي أسواق الأسهم العالمية على نطاق واسع في أعقاب تهديدات ترمب المتقطعة في شأن الرسوم الجمركية، إلا أنه لا يزال الدولار متراجعاً ومتقلباً بقوة، وقد تمنح بيانات المصانع والوظائف في الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة مزيداً من المؤشرات على خسائر أكبر اقتصاد في العالم، نتيجة لحال الضبابية التجارية.
ساعات على رسوم الصلب
ومن المقرر رفع الرسوم الأميركية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم إلى المثلين لتصبح 50 في المئة اعتباراً من اليوم الأربعاء، وهو اليوم نفسه الذي تتوقع فيه إدارة ترمب أن تقدم الدول أفضل اقتراحاتها في المفاوضات التجارية.
وقال كبير محللي العملات الأجنبية في بنك أستراليا الوطني رودريجو كاتريل "ما تعنيه هذه التحركات بأكملها بالأساس هو أن التوتر التجاري لا يتحسن حقاً، ورأينا الدولار يتضرر على نطاق واسع".
وفي وقت لاحق من الأسبوع، سينصب التركيز على قرار البنك المركزي الأوروبي في شأن سعر الفائدة والتوقعات اللاحقة.
التضخم والسياسات التجارية وراء التراجع
المتخصصون يرون أن التراجع الحاد للدولار الأميركي في يونيو (حزيران) الجاري يأتي مدفوعاً بعوامل رئيسة، ويقول قال رئيس قسم الأبحاث في مجموعة "إكس أس" العالمية أحمد نجم إن مؤشرات تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي وبيانات مبيعات التجزئة لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي أظهرت انخفاضاً هو الأكبر خلال عامين، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين في شأن استمرارية النمو في أكبر اقتصاد عالمي.
وأشار نجم إلى أن هذه البيانات الضعيفة دفعت الأسواق إلى إعادة النظر في توقعاتها في شأن السياسة النقدية، بخاصة في ظل استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة تفوق التقديرات.
وأضاف "استمرار الضغوط التضخمية حد من احتمالات خفض أسعار الفائدة قريباً، وهو ما أسهم في زيادة تقلبات الدولار".
ولفت نجم إلى أن السياسة التجارية للإدارة الأميركية الجديدة، التي تلوح بفرض رسوم جمركية إضافية على عدد من الشركاء التجاريين، أسهمت في خلق حال من الضبابية وعدم اليقين.
وأردف قائلاً "هذه البيئة دفعت المستثمرين إلى التحوط عبر تنويع محافظهم، واللجوء إلى عملات أكثر استقراراً، مثل اليورو والين الياباني".
تحولات واضحة
وبين أن مؤشر الدولار الفوري، وفق بيانات "بلومبيرغ"، سجل أدنى مستوياته في فبراير (شباط) الماضي، مما يعكس تحولات واضحة في ثقة الأسواق.
وأشار إلى أن أداء العملة الأميركية لا يزال عرضة للتقلبات، لا سيما في ظل ترقب الأسواق لقرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي المقبلة.
بيانات الوظائف
وفي سياق متصل أوضح نجم أن بيانات الوظائف الأميركية الصادرة هذا الأسبوع جاءت أفضل من المتوقع، مما خفف من وتيرة تراجع الدولار موقتاً، إلا أنه حذر من الإفراط في التفاؤل، مشيراً إلى استمرار مراهنات الأسواق على تراجع الدولار، كما تعكسه حركة عقود خيارات البيع.
وختم نجم تحليله بتأكيد أهمية الحذر في هذه المرحلة، مضيفاً "على رغم أن الدولار لا يزال يحتفظ بمرونته، فإن التحسن المستدام مرهون بتحسن المؤشرات الاقتصادية واستقرار السياسات التجارية، وهو ما لا يزال بعيداً حتى الآن".
"إرهاق السوق" يضرب الدولار
من جهته يرى رئيس أبحاث السوق في شركة "أوه دبليو ماركتس" عاصم منصور، أن أداء الدولار يعكس ما وصفه بـ"إرهاق السوق"، نتيجة التقديرات المبالغ فيها حول قوة الاقتصاد الأميركي.
وأوضح منصور أن بيانات الإنفاق الاستهلاكي في الربع الأول من 2025 جاءت مخيبة للآمال، مما أثر بصورة مباشرة في شهية المستثمرين تجاه الأصول المقومة بالدولار.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن الأسواق كانت تتوقع خفضاً مبكراً في أسعار الفائدة من جانب "الاحتياط الفيدرالي"، إلا أن هذه التوقعات تراجعت بفعل قوة سوق العمل، مما عزز من حال عدم اليقين ورفع الضغط على الدولار.
وأوضح منصور أن التأخير في خفض الفائدة دفع المستثمرين إلى تقليص مراكزهم المرتبطة بالدولار، في وقت أظهرت فيه بيانات لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع (CFTC) في أبريل (نيسان) الماضي أن صناديق التحوط زادت رهاناتها على تراجع الدولار، إذ بلغت قيمة المراكز المدينة نحو 17 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عام.
ونبه منصور إلى التأثير السلبي للسياسات التجارية الأميركية التي تتجه نحو مزيد من الانغلاق، قائلاً "الحديث عن فرض رسوم جمركية جديدة يزيد من احتمالات تباطؤ التجارة العالمية، مما يضعف من مكانة الدولار كعملة احتياط مهيمنة".
وأكد أن العملات المنافسة بدأت في الاستفادة من هذا الوضع، مشيراً إلى أن اليورو والين الياباني سجلا أداء قوياً مدفوعاً بتوقعات اقتصادية أفضل في أوروبا واليابان، وهو ما جذب مزيداً من الاهتمام الاستثماري.
وحول المستجدات أشار منصور إلى أن بيانات الوظائف الأميركية هذا الأسبوع على رغم قوتها النسبية لم توقف الاتجاه الهبوطي للدولار، ولفت إلى أن تقارير "بلومبيرغ" لا تزال تشير إلى استمرار المراهنات على تراجع العملة الأميركية في الأشهر المقبلة.
وختم قائلاً "إذا استمرت الضغوط الاقتصادية والتجارية، فإن الدولار سيبقى عرضة لمزيد من الخسائر، وعلى المستثمرين تبني استراتيجيات ديناميكية تواكب هذه المرحلة غير المستقرة، مع التركيز على رصد التطورات العالمية عن كثب".
الدولار يواجه ضغوطاً متزايدة
إلى ذلك توقعت مؤسسة "مورغان ستانلي" استمرار تراجع الدولار الأميركي، مشيرة إلى احتمال انخفاض مؤشر الدولار بنسبة تسعة في المئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة ليصل إلى مستوى 91، وهو أدنى مستوى منذ جائحة كورونا. ويعزى هذا التراجع إلى توقعات بخفض أسعار الفائدة من "الاحتياط الفيدرالي"، إضافة إلى قوة العملات المنافسة مثل اليورو والين والفرنك السويسري.
وأشارت المؤسسة إلى أن النمو الاقتصادي الأميركي قد يظل ضعيفاً عند واحد في المئة في عامي 2025 و2026، مما يزيد من الضغوط على الدولار.
تفكك الأنماط التقليدية
أشارت "غولدمان ساكس" إلى أن الأسواق تشهد تفككاً في الأنماط التقليدية، إذ يتزامن تراجع الأسهم والسندات والدولار الأميركي، وهو ما يعرف بـ"تجارة بيع أميركا". ويعزى هذا التغير إلى أخطار هيكلية جديدة، بما في ذلك سياسات التجارة التي ينتهجها الرئيس دونالد ترمب، والقلق في شأن استقلالية "الاحتياط الفيدرالي"، واستدامة المالية العامة الأميركية، ولمواجهة هذه التحديات، أوصت المؤسسة بتعديل المحافظ الاستثمارية من خلال زيادة الاستثمار في الذهب، والتحفظ في التعامل مع السندات الطويلة الأجل، والتركيز على السندات القصيرة الأجل.
ضعف العلاقة بين الدولار وعوائد الخزانة الأميركية
لاحظت مؤسسة "جيه بي مورغان" تفكك العلاقة التقليدية بين الدولار الأميركي وعوائد سندات الخزانة، إذ ارتفعت العوائد بينما تراجع الدولار بنسبة 4.7 في المئة، ويعزى هذا التغير إلى مخاوف المستثمرين في شأن الاستقرار السياسي والمالي في الولايات المتحدة، بخاصة في ظل سياسات الإدارة الحالية. وأشارت المؤسسة إلى أن هذه التغيرات قد تؤدي إلى استمرار ضعف الدولار، مع توصية المستثمرين بالتحوط من خلال تنويع محافظهم الاستثمارية.
تشاؤم مفرط
ورأت مجموعة "HSBC" أن التشاؤم السائد في شأن الدولار الأميركي قد يكون مبالغاً فيه، مشيرة إلى أن الدولار لا يزال يحتفظ بمكانته كعملة احتياط عالمية. وتوقعت المؤسسة أن يصل سعر صرف الجنيه الاسترليني في مقابل الدولار إلى 1.23 بنهاية عام 2025، مقارنة بتوقعات سابقة عند 1.20.
وأشارت إلى أن الأخطار المتعلقة بالاقتصاد الأميركي قد تؤثر في الدولار، لكنها لا تعتقد أن هذه الأخطار ستؤدي إلى تراجع كبير في قيمة العملة على المدى القريب.
النتائج الحالية
فقد سعر الدولار في مقابل العملات الرئيسة قيمته بنسبة 10 في المئة خلال الشهرين الماضيين، وجاء التراجع في ظل المؤشرات المقلقة التي ذكرت سابقاً، التي تتعلق بالاقتصاد الأميركي، إذ كشفت البيانات عن هرب أثرياء أميركيين من المصارف المحلية إلى المصارف السويسرية، فيما باع مستثمرون بكثافة أصولهم في أسهم بورصات "وول ستريت" واشتروا في بورصات أوروبا والصين، والذهب يرتفع بمستويات هائلة خلال الأسابيع الماضية.
في هذا الصدد، ووفق تقرير مالي أميركي بشركة "فونيكس كابيتال ريسيرش" غراهام سمرز، نشر موقع "زيرو هيدج" المالي مقتطفات منه، فقد انهار الدولار بأكثر من 10 في المئة خلال الشهرين الماضيين.
ستة عوامل
ويمكن القول إن ستة عوامل عصفت بالدولار خلال الفترة الماضية، أهمها السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأميركي، وتباطؤ النمو الاقتصادي، والعجز التجاري والمالي، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية مع تحسن أداء العملات المنافسة، إذ كسبت العملات مثل اليورو بدعم من استقرار نسبي في منطقة اليورو، أو الجنيه الاسترليني بعد تراجع المخاوف المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يجعل الدولار أقل جاذبية مقارنة بها، ويؤدي إلى تحويل رؤوس الأموال خارج الولايات المتحدة.
ويأتي اشتعال الأسواق المالية والمضاربات الساخنة التي لا يمكن تجاهلها وتأثيرها، إذ تلعب صناديق التحوط والمستثمرون الكبار دوراً كبيراً في تحريك أسعار العملات، وغالباً ما يسبقون الأحداث ويضاربون على انخفاض الدولار عند أول إشارة ضعف.
وفي ظل هذه التسارعات يتراجع الدولار نتيجة مزيج من العوامل الاقتصادية والمالية والسياسية، وبينما قد تكون هذه الضغوط موقتة في بعض الأحيان، فإن استمرار العجز المالي وتغير خريطة القوة الاقتصادية العالمية قد يؤثر في مكانة الدولار على المدى الطويل. ومن المهم مراقبة قرارات الفيدرالي الأميركي، وتطورات الاقتصاد العالمي، وسلوك البنوك المركزية حول العالم، لفهم مستقبل هذه العملة المؤثرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ألمانيا تمنح نفسها 3 أعوام لإنجاز إعادة تسليح جيشها
ألمانيا تمنح نفسها 3 أعوام لإنجاز إعادة تسليح جيشها

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

ألمانيا تمنح نفسها 3 أعوام لإنجاز إعادة تسليح جيشها

أعلنت المسؤولة عن المشتريات العسكرية الألمانية، اليوم السبت، أن أمام الجيش الألماني ثلاثة أعوام للحصول على المعدات اللازمة للدفاع عن البلاد من هجوم روسي محتمل على أراضي دول حلف شمال الأطلسي "الناتو". وقالت رئيسة المكتب الاتحادي للمشتريات العسكرية أنيت لينيغك إمدن في حديث لصحيفة "تاغشبيغل" في برلين، "يجب الحصول على كل ما هو ضروري لنكون على أتم الجهوزية للدفاع عن البلاد بحلول عام 2028". وقال المفتش العام للجيش الألماني كارستن بروير، أخيراً، إن روسيا قد تكون قادرة اعتباراً من عام 2029، على "شن هجوم واسع على أراضي دول الناتو". وقالت لينيغك، إن على الجيش الحصول على جميع المعدات اللازمة قبل عام لأنه "لا يزال يتعين على الجنود التدرب على استخدامها". وأعربت عن ثقتها في تحقيق ذلك بفضل تيسير معاملات شراء المعدات العسكرية والمبلغ المقدر بمئات المليارات من اليورو الذي خصصته حكومة فريدريش ميرتس الجديدة للإنفاق الدفاعي. وأضافت، أن مكتبها سيرفع مشاريع شراء المعدات العسكرية إلى مجلس النواب بحلول نهاية العام، على أن تعطى "الأولوية للمعدات الثقيلة مثل دبابات سكاي رينجر المضادة للطائرات أو النموذج الذي سيستبدل مركبة النقل المدرعة Fuchs". كما أبرمت عقود لإنتاج دبابات قتالية إضافية من طراز "ليوبارد 2". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وجعل فريدريش ميرتس إعادة تسليح الجيش الألماني الذي عانى نقصاً في التمويل لفترة طويلة، أولوية لائتلافه الحكومي مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ليصبح "أقوى جيش تقليدي في أوروبا". وألمانيا التي كانت مسالمة إلى حد كبير بعد فظائع النازية، أهملت لفترة طويلة قطاع الدفاع لديها واعتمدت على القوة الأميركية داخل حلف شمال الأطلسي التي أصبحت الآن غير مؤكدة في ظل إدارة دونالد ترمب. وبدأت عملية إعادة التسلح في عهد حكومة أولاف شولتز السابقة بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا نهاية فبراير (شباط) 2022، لكن الواقع الجيوسياسي الجديد يرغم البلاد على تسريعها. وعلى الجيش الألماني أيضاً التعامل مع النقص الخطر في عديده، إذ أعلن وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، أول من أمس الخميس، أن الجيش في حاجة إلى ما بين 50 و60 ألف جندي جديد في الأعوام المقبلة للاستجابة للزيادة في قدرات الدفاع التي يطلبها الحلف الأطلسي. في عام 2024، كان عديد الجيش يزيد على 180 ألف جندي مع هدف تخطي 203 آلاف بحلول عام 2031.

توقفت آلة الحرب في الخرطوم فمتى تدور مصانعها؟
توقفت آلة الحرب في الخرطوم فمتى تدور مصانعها؟

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

توقفت آلة الحرب في الخرطوم فمتى تدور مصانعها؟

أصاب الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، والذي تسبب في دمار واسع للبنى التحتية لجميع القطاعات قدرت خسائره بنحو 127 مليار دولار، القطاع الصناعي في مقتل بالنظر إلى حجم الخراب الذي لحق به، وتحول منشآته إلى ساحة حرب وحصون لعناصر "الدعم السريع"، مما أدى إلى توقف حركة الإنتاج في غالبية مصانع البلاد، وبخاصة الواقعة داخل الخرطوم وبعض الولايات التي شهدت عمليات عسكرية نشطة. هذا الدمار تضررت منه 400 منشأة صناعية بحسب تقديرات وزارة الصناعة السودانية، إذ أُتلفت المعدات وعُطلت الماكينات، فضلاً عن عمليات السرقة التي طاولت ما بداخل هذه المصانع من مواد خام وسلع وغيرها، إلى جانب نهب الأسلاك والألمنيوم والنحاس والحديد الصلب والكابلات في المدن ذات الثقل الصناعي، إضافة إلى تشريد آلاف العاملين الذين باتوا على حافة الفقر. وأشارت وزيرة الصناعة محاسن يعقوب إلى أن الضرر الذي وقع على قطاع الصناعة شمل 90 في المئة من المنشآت الكبيرة والمتوسطة داخل ولاية الخرطوم، التي كان يعمل فيها أكثر من 250 ألف عامل، موضحة أن النهب أدى إلى فقدان هذه المنشآت الأصول الرأسمالية ومدخلات الإنتاج. وبينت أن عملية إعادة البناء والإعمار في ظل تطاول أمد الحرب تتطلب تضافر الجهود، فضلاً عن أن استعادة المناطق الصناعية يحتاج إلى تمويل ضخم وفترة ربما تمتد إلى 10 أعوام في التعافي، منوهة إلى أن تمركز الصناعات في العاصمة يستدعي إعادة التفكير في توزيع الاستثمار الصناعي داخل الولايات بحسب كل ولاية، مع إعطاء المستثمر حق الاختيار. وشكلت الوزارة لجنة فنية متخصصة لتحديد حاجات المصانع المتضررة حسب نشاط المنشأة، والمواصفات الفنية اللازمة للتشغيل، فضلاً عن وضع كل المعالجات والتسهيلات اللازمة لتمكين المصانع من الحصول على حاجاتها. شلل تام في السياق، قال معز فاروق أحد العاملين بالقطاع الخاص إن "الضرر الذي تعرضت له المصانع السودانية خلال الحرب ليس في الدمار الذي طاول المباني، وإنما في ما لحق بالعاملين الذين تشردوا في الولايات بحثاً عن الأمان بعدما فقدوا أعمالهم وأصبحوا على حافة الفقر، لكن من المؤسف أن قطاعات الصناعة في الولايات باتت غير مستقرة ومتأرجحة خصوصاً عقب استهداف قطاع الكهرباء بمسيرات "الدعم السريع"، مما أدى إلى توقف الأنشطة التجارية والصناعية ". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف فاروق "هناك نحو 20 ألف شركة مسجلة ينشط منها 6 آلاف، بينما نُقل معظمها إلى مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة بعد توسع رقعة الحرب، وعقب اجتياحها توقفت هذه الشركات عن العمل، وفي تقديري جرى تدمير كامل للقطاع الخاص وشل أنشطته التجارية تماماً". ونبه العامل في القطاع الخاص إلى "تمركز القطاعات الصناعية والتجارية داخل العاصمة الخرطوم، مما جعلها تنهار بصورة سريعة بسبب الحرب إلى جانب بعض المصانع داخل الولايات إذ إن سوقها في الخرطوم، مما يستوجب إعادة النظر مستقبلاً في توزيع مهامها بصورة منصفة ومتوازنة". تحديات معقدة من جانبه، أوضح عمر محمد مجذوب مدير شركة "جياد" أن المدينة الصناعية الخاصة بالصناعات الثقيلة تعرضت لخسائر جسيمة بلغت نحو 150 مليون دولار، نتيجة التدمير الممنهج الذي طاول بنيتها التحتية ثم سرقة محتوياتها من أسلاك ونحاس وألمونيوم وحديد صلب وكابلات. وتابع مجذوب "من بين هذه الخسائر نحو 25 مليون دولار ترجع إلى الأضرار التي لحقت بمحطة كهرباء المدينة ومرافقها"، منوهاً بأن التحديات كبيرة وبالغة التعقيد أمام الجهود المبذولة في الإعمار وإمكانية التشغيل واستعادة النشاط بالنهج السابق نفسه. تدخلات وتسهيلات إلى ذلك، قال عضو الغرف الصناعية في الخرطوم محمد بابكر إن "قطاع الصناعة كغيره من القطاعات طاوله الدمار والتخريب، فضلاً عن تأثر المنشآت بصورة عامة، وبخاصة المصانع وتسريح نحو 300 ألف عامل إلى جانب أن خسائر القطاع الصناعي فقط وصلت إلى 50 مليار دولار، وهي نسبة كبيرة يصعب تجاوزها في ظل هذه الظروف الاستثنائية. وأشار بابكر إلى أن هناك جهوداً من أصحاب المصانع لحصر الأضرار التي لحقت بالمنشآت الصناعة بعد خلوها من ميليشيات "الدعم السريع"، لكن المؤسف أنها تعرضت لأعمال نهب واسعة شملت الماكينات ومعدات الإنتاج. وأكد عضو الغرف الصناعية أن قطاع الصناعة لكي ينهض من جديد يحتاج إلى تدخلات تتمثل في تسهيل المعاملات المالية من خلال القروض والدعم، مما يشجع المستثمرين على العودة لبدء نشاطهم بكل همة وعزيمة وإرادة. كلفة باهظة على صعيد متصل، أفاد الباحث الاقتصادي عبدالوهاب جمعة بأن "قطاع الصناعة شهد انهياراً واسع النطاق بسبب الحرب التي تركزت داخل العاصمة الخرطوم، كونها تعد مركز الثقل في الصناعات المختلفة، فضلاً عن أن الدمار الذي تعرضت له ما بين 400 إلى 500 منشأة أسهم بدوره في انهيار الاقتصاد السوداني، الذي كان يعاني فترة ما قبل الحرب". وتابع جمعة "الخسائر في هذا القطاع فادحة وتقدر بمليارات الدولارات، ومع أن الدولة لم تصدر حتى الآن تقارير رسمية دقيقة تعكس حجم الأضرار، فإنه في تقديري أن كلفة الإعمار ستكون باهظة وفوق طاقة الحكومة وأصحاب الصناعات، والمؤسف أن هذه الحرب استهدفت المنشآت الصناعية ولم تراع أنها لا علاقة لها بالتسليح وإنما عملها إنتاجي فقط". واستطرد جمعة "لتدارك الأزمة نُقل كثير من المصانع من الخرطوم إلى الولايات، وأخرى إلى بعض دول الجوار، لكن تمدد الحرب داخلياً واستهداف البنى التحتية لقطاع الكهرباء انعكس سلباً على القطاع الصناعي والتجاري وحتى الأنشطة البسيطة". ولفت إلى أن "إعادة الإعمار ليست بالأمر السهل خلال الوقت الراهن وستظل عملية معقدة تتطلب وقتاً طويلاً، لكن الأمر يحتاج إلى وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، فضلاً عن إعطاء الأولويات للبنى التحتية التي من شأنها خلق الاستقرار والمتمثلة في الخدمات الأساس كالكهرباء والمياه والتعليم والصحة والطرق والاتصالات، إلى جانب التوسع في الاستثمارات وبخاصة في الجانب الزراعي مما يضمن ملايين الوظائف للسودانيين، وقبل ذلك يجب تضافر الجهود على المستوى الحكومي والخاص من أجل توفير الدعم". وختم الباحث الاقتصادي بقوله إن "بسط الدولة سيطرتها على العاصمة والمناطق الاستراتيجية يعني القضاء على التهديدات التي اجتاحت البلاد من قبل ميليشيات 'الدعم السريع' وحلفائها، وهو ما يجعل فرص التعافي ممكنة ولو بصورة تدريجية، وبخاصة في بعض الصناعات الاستهلاكية التي بدأت بالفعل تدخل عجلة الإنتاج من جديد".

اليابان تبحث عن اتفاق مع ترمب حول الرسوم الجمركية
اليابان تبحث عن اتفاق مع ترمب حول الرسوم الجمركية

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

اليابان تبحث عن اتفاق مع ترمب حول الرسوم الجمركية

أعلنت اليابان، اليوم السبت، أنها تحرز "تقدماً" في المحادثات مع واشنطن لتخفيف الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على وارداتها، لكنها أشارت إلى أن الطرفين لم يتمكنا حتى الآن من إيجاد "نقطة اتفاق". وفرض ترمب رسوماً بقيمة 10 في المئة على اليابان أسوة بجميع الدول الأخرى، على رغم أن طوكيو حليف رئيس للولايات المتحدة وأكبر مستثمر فيها، إضافة أيضاً إلى رسوم أعلى طاولت السيارات والصلب والألمنيوم. فرض ترمب على اليابان رسوماً "تبادلية" بنسبة 24 في المئة لكن جرى تعليق العمل بها لاحقاً حتى أوائل يوليو (حزيران) مع رسوم دول أخرى. وتسعى اليابان إلى خفض أو إلغاء جميع الرسوم التي أعلن عنها ترمب. وخلال الجولة الخامسة من المحادثات، صرح المبعوث التجاري لطوكيو ريوسي أكازاوا للصحافيين اليابانيين في واشنطن "أحرزنا تقدماً إضافياً نحو التوصل إلى اتفاق"، لكنه أضاف، "لم نتمكن من إيجاد نقطة اتفاق بعد". وقال أكازاوا، إن طوكيو تأمل في إبرام اتفاق "في أقرب وقت ممكن"، إلا أن المحادثات قد تكون لا تزال جارية عند انعقاد قمة مجموعة السبع في 15 يونيو الجاري. محادثات ثنائية وتفيد تقارير بأن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا وترمب يخططان لإجراء محادثات ثنائية تزامناً مع قمة مجموعة السبع في كندا. وتعد الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على السيارات المستوردة والبالغة 25 في المئة مؤلمة بصورة خاصة لطوكيو، إذ يرتبط نحو ثمانية في المئة من إجمال الوظائف اليابانية بهذا القطاع. وانكمش الاقتصاد الياباني، رابع أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 0.2 في المئة في الربع الأول من عام 2025، مما زاد الضغط على إيشيبا الذي لا يحظى بشعبية قبل انتخابات مجلس الشيوخ المتوقعة في يوليو (تموز). اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كانت صحيفة "يوميوري" اليابانية ذكرت قبل أيام، أن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يدرس زيارة واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل قمة مجموعة السبع المقررة منتصف الشهر، وذلك في إطار مساعيه للتوصل إلى اتفاق تجاري. إحراز تقدم ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين يابانيين من دون الكشف عن أسمائهم أن هناك مؤشرات إلى إحراز تقدم في شأن تخفيف الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، وذلك بعد زيارات متكررة قام بها وزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا، وهو أيضاً كبير المفاوضين اليابانيين في شأن الرسوم الجمركية، مشيرين إلى أن الجانب الأميركي أبدى اهتماماً كبيراً بمقترحات اليابان. وقالت الصحيفة، إن أكازاوا سيعود إلى واشنطن لإجراء مزيد من المحادثات أواخر هذا الأسبوع، وبعد ذلك سيتخذ قراراً في شأن زيارة إيشيبا للولايات المتحدة. ولم يرد البيت الأبيض ولا مكتب رئيس الوزراء الياباني على طلبات للتعليق قدمت خارج ساعات العمل الرسمية. وواجهت اليابان وهي حليف وثيق لواشنطن رسوماً جمركية بنسبة 24 في المئة قبل تعليقها، وتسعى جاهدة إلى إقناع واشنطن بإعفاء شركاتها المصنعة للسيارات، التي تمثل أكبر قطاع صناعي في البلاد، من الرسوم الجمركية البالغة 25 في المئة على السيارات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store