
روسية الصنع.. "أوروس" تسرق الأضواء في احتفال "يوم النصر"
خطفت سيارة "أوروس" المكشوفة الأضواء خلال العرض العسكري الذي شهدته الساحة الحمراء في موسكو، احتفالا بالذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
وبتصميمها الفاخر، ظهرت "أوروس" كأحد أبرز رموز العرض، حيث استخدمها وزير الدفاع الروسي، أندريه بيلوسوف، أثناء استعراض الوحدات العسكرية المشاركة
وجذبت السيارة الاهتمام، لكونها نتاجا صناعيا روسيا فاخرا يعكس توجه موسكو نحو تعزيز صناعتها الوطنية في مجال السيارات الفارهة.
وتعد "أوروس" من العلامات التجارية الحديثة في عالم السيارات، وقد أصبحت حاضرة في المناسبات الرسمية الكبرى في روسيا، بما في ذلك عروض يوم النصر.
ماذا نعرف عن سيارة "أوروس"؟
ظهرت سيارة "أوروس" لأول مرة عام 2018 كسيارة رسمية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أن تتاح في الأسواق بدءا من عام 2021.
وبدأت شركة "أوروس" موتورز في 2021 تصنيع سياراتها بمنطقة تتارستان الروسية على بعد نحو ألف كيلومتر من موسكو.
وتصف الشركة السيارة بأنها "أول سيارة فاخرة روسية" و"رمز لنهضة القدرات الصناعية والعلمية والتكنولوجية في البلاد".
وتدرس روسيا الفرص المتاحة لاستغلال مصانع السيارات المعطلة بسبب انسحاب بعض الشركات العالمية من السوق بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتسببت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا منذ ذلك الحين في ارتفاع حاد في أسعار السيارات الجديدة.
وعززت شركات صناعة السيارات الصينية تواجدها في السوق في وقت تواجه فيه نظيراتها الروسية عدة صعوبات.
"أوروس" هدية إلى الرئيس الصيني
وفي يونيو من العام الماضي، تبادل الرئيس الروسي والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قيادة سيارة ليموزين من طراز أوروس بعدما قال الكرملين إن بوتين أهدى كيم سيارة فاخرة.
وأظهر حينها مقطع مصور بثه التلفزيون الحكومي الروسي بوتين وهو يتولى قيادة سيارة أوروس مدرعة سوداء اللون، وهي مماثلة لسيارته الرئاسية الرسمية في روسيا، بينما جلس كيم إلى جانبه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد اليمني الأول
منذ يوم واحد
- المشهد اليمني الأول
"ميدل إيست مونيتور": أمريكا خسرت معركة البحر الأحمر سياسيًا وعسكريًا أمام اليمنيين
نشر موقع ميدل إيست مونيتور تقريرًا تحليليًا للكاتب البريطاني بيتر رودجرز اعتبر فيه أن الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد قوات صنعاء في البحر الأحمر، والتي عُرفت باسم 'عملية الفارس الخشن' تحولت من استعراض للقوة إلى نموذج واضح للفشل الاستراتيجي والعسكري الأمريكي. وأوضح التقرير أن الحملة التي استمرت شهرين وبلغت تكلفتها أكثر من مليار دولار، انتهت بوقف مفاجئ لإطلاق النار تم التوصل إليه عبر وساطة عمانية دون إشراك إسرائيل أو تنسيق مسبق مع الحلفاء الخليجيين، ما شكل ضربة سياسية موجعة لواشنطن وحلفائها في المنطقة. ورغم ضخامة الحملة التي شاركت فيها حاملات طائرات وقاذفات استراتيجية ونُفذت خلالها أكثر من 800 غارة على أهداف داخل اليمن، فإنها فشلت في وقف هجمات قوات صنعاء التي واصلت استهداف السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وباب المندب بل ونفذت عمليات مباشرة ضد مدمرات أمريكية في سابقة لم تُسجل منذ الحرب العالمية الثانية. وأشار رودجرز إلى أن جوهر الفشل لا يكمن في العتاد أو التفوق العسكري بل في النظرة الأمريكية الضيقة التي اعتمدت بالكامل على القوة الخشنة دون قراءة أعمق لأبعاد الصراع السياسي والاقتصادي في اليمن والمنطقة. كما لفت التقرير إلى أن غياب التنسيق مع السعودية والإمارات وتجاهل الاحتلال الإسرائيلي في اتفاق وقف إطلاق النار كشف هشاشة التحالف الإقليمي أمام تصاعد نفوذ محور المقاومة. وفي سياق موازٍ استهدفت قوات صنعاء مطار بن غوريون بصواريخ باليستية، ما دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الرد بغارات على ميناء الحديدة ومطار صنعاء دون تنسيق مع واشنطن وهو ما فُهم كدليل على تصدع العلاقة بين الطرفين. واعتبر الكاتب أن الاتفاق مع صنعاء لم يكن مجرد هدنة بل هزيمة استراتيجية نقلت زمام المبادرة من واشنطن إلى صنعاء، التي خرجت من المواجهة أكثر رسوخًا واعتبرت الاتفاق نصرًا تاريخيًا ضد أقوى دولة في العالم. كما أورد التقرير أن الإيكونوميست وصفت الاتفاق بأنه 'حلف فاوستي' منح صنعاء نفوذًا أوسع بدلًا من إضعافها، في حين كشف الميدان أن قوة الردع اليمنية تجاوزت كل التوقعات. على الجانب العسكري أشار التقرير إلى استنزاف خطير في الذخائر الدقيقة داخل المخازن الأمريكية نتيجة الحملة، ما أثار قلقًا في البنتاغون خاصة مع تصاعد التوتر في المحيطين الهندي والهادئ مقابل الصين. كما حمّل التقرير إدارة ترامب مسؤولية تعقيد المشهد بسبب سوء الإدارة والتسريبات الأمنية وتعيين شخصيات متشددة في مراكز القرار العسكري والسياسي. وفي ختام تحليله أكد رودجرز أن قوات صنعاء أثبتت قدرتها على خوض معارك معقدة تجمع بين البُعد العسكري والسياسي والإعلامي وأن تجاهلها بات مستحيلًا في الحسابات الجيوسياسية الإقليمية معتبرًا أن قرار وقف إطلاق النار لا يُعبّر عن نصر أمريكي بل عن فشل استراتيجي عميق ومتراكم.


اليمن الآن
منذ 2 أيام
- اليمن الآن
تقرير بريطاني: حملة ترامب ضد اليمن مثال واضح للفشل الاستراتيجي الأمريكي
يمن إيكو|ترجمة: قال موقع 'ميدل إيست مونيتور' البريطاني إن الحملة العسكرية التي شنتها إدارة ترامب على اليمن هذا العام عكست فشلاً عسكرياً ودبلوماسياً واضحاً للولايات المتحدة في التعامل مع قوات صنعاء التي خرجت من هذه الحملة أقوى. ونشر الموقع، اليوم الأحد، تقريراً رصده وترجمه 'يمن إيكو'، سلط فيه الضوء على 'الفشل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر'، حسب تعبير عنوان التقرير. وأشار التقرير إلى أن 'العملية العسكرية الأمريكية التي انطلقت في مارس 2025 كانت تهدف لتدمير ترسانة الحوثيين الصاروخية وطائراتهم المسيرة وبنيتهم التحتية العسكرية، ولكن ورغم الإنفاق الضخم والأسلحة المتطورة، فشلت العملية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية'، مشيراً إلى أن 'الحوثيين لم يكتفوا بالنجاة من الهجمات، بل صعّدوا هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية، وشكّل هذا الوضع أكبر تحدٍّ للهيمنة البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ ازداد الحوثيون جرأة، واستهدفوا حتى السفن الحربية الأمريكية مراراً وتكراراً'. ووفقاً للتقرير فإن 'هذا القصور يعود جزئياً إلى الاستراتيجية الأمريكية المُفرطة في التركيز على الجانب العسكري، فالاستجابات العسكرية وحدها لا تكفي لحل أزمة البحر الأحمر'. وأضاف: 'على غرار عملية (حارس الرخاء) السابقة في عهد بايدن، والتي فشلت في استعادة الثقة التجارية في طرق الشحن في البحر الأحمر، واجه نهج ترامب الأكثر عدوانية القيود نفسها، فعلى الرغم من تكثيف الهجمات، لم تتمكن حملته من وقف عمليات الحوثيين تماماً'. وأشار التقرير إلى أن الاتفاق الذي تم الإعلان عنه في 6 مايو، لوقف إطلاق النار بين قوات صنعاء والولايات المتحدة بوساطة عمانية 'تم تقديمه كإجراء لخفض التصعيد، لكنه فُسر سريعاً على أنه هزيمة استراتيجية للولايات المتحدة، فبينما توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن الأمريكية، واصلوا شنّ هجماتهم على إسرائيل، وكشف هذا عن حدود الاتفاق، وأبرز غياب التنسيق مع إسرائيل، الحليف الرئيسي لأمريكا'. واعتبر التقرير أن 'خطوة تجاوز إسرائيل ونتنياهو كانت لافتة للنظر بشكل خاص، فقد فوجئت إسرائيل تماماً بالإعلان'. وأشار إلى أن 'عدة عوامل ساهمت في فشل حرب ترامب ضد الحوثيين، أولها أن الاعتماد المفرط على الحلول العسكرية تجاهل التعقيد الجيوسياسي للمنطقة، بالإضافة إلى العبء المالي والعسكري غير المتناسب على الولايات المتحدة، كما أدى الجمع بين التردد الإقليمي في المشاركة وصمود الحوثيين العالي إلى إطالة أمد الأزمة'. وأضاف أن 'ضعف التنسيق الداخلي وسوء إدارة العمليات داخل إدارة ترامب لعب دوراً رئيسياً، حيث كشف التسريب العرضي للخطط العسكرية على تطبيق سيجنال عن خلل فادح في التنسيق والأمن العملياتي، وقد ساهم هذا الحادث- إلى جانب تعيين بيت هيجسيث وزيرًا للدفاع، المعروف بموقفه المتشدد- في تعزيز النهج العسكري على حساب الدبلوماسية'. ووفقاً للتقرير فقد 'كان لحرب ترامب الفاشلة واتفاق وقف إطلاق النار عواقب وخيمة على مصداقية الولايات المتحدة وتموضع الحوثيين في اليمن، فبالنسبة لأمريكا، أضعف هذا الفشل مكانتها الإقليمية والعالمية، وبرز الحوثيون أقوى بعد نجاتهم من أكثر من ألف غارة جوية، مما أثار شكوكاً حول فعالية الجيش الأمريكي، بينما أثار الاستخدام المكثف للذخائر الموجهة بدقة- وهي حيوية للصراعات المحتملة مع الصين- مخاوف داخل القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ'. وبالإضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أن 'قرار واشنطن بتجاوز إسرائيل أدى إلى توتر مع حليفها الرئيسي، وكشفت الضربات الانتقامية الإسرائيلية على اليمن، بدون تنسيق أمريكي، عن تصدعات داخل التحالف الإقليمي، كما زاد غياب التدخل الأوروبي من عزلة الولايات المتحدة في التعامل مع أزمة البحر الأحمر'. واعتبر التقرير أن 'وقف إطلاق النار عزز مكانة الحوثيين في اليمن والمنطقة، فقد اعتبروا الاتفاق انتصاراً، كما أبرزت هجماتهم المستمرة على إسرائيل، رغم وقف إطلاق النار الأمريكي، طموحاتهم الإقليمية وعزمهم الراسخ على لعب دور رئيسي في إعادة تشكيل ديناميكيات الشرق الأوسط، بل والعالم'. وخلص التقرير إلى أن 'حرب دونالد ترامب ضد الحوثيين في عام ٢٠٢٥ تعد مثالاً واضحاً على الفشل الاستراتيجي في السياسة الخارجية الأمريكية، فالعملية العسكرية المكلفة، التي شُنّت لاستعادة الردع وتأمين البحر الأحمر، لم تفشل في إضعاف قوة الحوثيين فحسب، بل أدّت أيضاً إلى وقف إطلاق نار كشف عن محدودية دبلوماسية وعسكرية أمريكية، وقد جسّد وقف إطلاق النار في ٦ مايو ٢٠٢٥، الذي أُبرم بدون تنسيق إسرائيلي، هذا الفشل، إذ لم يُوقف هجمات الحوثيين على إسرائيل، بل عزّز مكانتهم الإقليمية'.


26 سبتمبر نيت
منذ 2 أيام
- 26 سبتمبر نيت
القوة الضائعة في العلاقات العربية- الأمريكية
في سجلّ العلاقات الدولية المعاصرة، تقفُ العلاقة بين الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية كفصلٍ بالغ التعقيد، مُحمّلٍ بالمتناقضات ومُظلّلٍ بظلالٍ عميقة من عدم التكافؤ، لطالما ارتدت هذه العلاقة رداء "الاستراتيجية"، وتوشّحت بعبارات التقاطعات والمصالح المشتركة، لا سيما عند الحديث عن مفاتيح الطاقة، وحسابات الأمن الإقليمي، وأشباح مكافحة الإرهاب، ومع ذلك، يظل السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه كشبحٍ يُلاحق هذه العلاقة، ويستدعي وقفة تحليل معمقة: لماذا لم تُبارح هذه العلاقات أبداً مربّع "الندية" الحقيقية؟ لماذا بدت الدول العربية، في معظم فصول هذه السردية الطويلة، وكأنها تلهثُ خلف "حماية" موعودة، مُستعدة لدفع أثمانٍ باهظة وتنازلاتٍ واسعة مقابل هذه المظلة الأمنية، وكأنها "محلك سر"، مُكبلة الخطوات في سعيها نحو بسط سيادتها الحقيقية وترسيخ أمنها واستقرارها الذاتي؟ يحيى الربيعي إن الملاحظات اللاذعة التي أشار إليها التساؤل المحوري، والتي وجدت صدى لها حتى في تقارير صحفية عالمية كبرى مثل ما نقلته صحيفة الغارديان بالتزامن مع زيارة سابقة للرئيس ترامب للمنطقة، حين أشارت إلى أن قادة خليجيين يمتلكون القدرة على التأثير في سياسات واشنطن بل وتوجيه بوصلتها، وأن حاجة ترامب إليهم قد تفوق حاجتهم إليه، تطرحُ تناقضاً صارخاً يدمي القلب بين حجم الإمكانات التي تملكها بعض هذه الدول وبين السلوك السياسي المرصود على أرض الواقع. هذا التناقض الصارخ ليس مجرد ملاحظة، بقدر أنه يمثل دعوة صارخة لشقّ عباب التحليل نحو الجذور العميقة لهذه الديناميكية المختلة، لكشف الأسباب الكامنة خلف استمرارها، وسبر أغوار الفرص التي ضاعت وتبخّرت، خاصة فيما يتعلق بالاستخدام الاستراتيجي والذكي للثروات الهائلة التي تكنزها بعض هذه الدول، ويشتدّ وقعُ التحليل اليوم في ضوء التطورات الدامية الراهنة، والمواقف المعلنة التي لا تترك مجالاً للبس حول طبيعة هذه العلاقة وأبعادها الحقيقية، لا سيما في ظل الدعم الأمريكي والغربي المفتوح للعدوان الوحشي والإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة، وما يصاحب ذلك من ممارسات ابتزاز ممنهج وتخويف مُتعمّد للأنظمة العربية. سردية الحماية مقابل التنازل.. وولادة التبعية تعود جذور اختلال التوازن العميق في العلاقات العربية الأمريكية إلى نسيج معقد من العوامل التاريخية والهيكلية والسياسية، التي تتجلى اليوم بأبشع صورها في سياق العدوان الغاشم على غزة، في السياق التاريخي وبدايات هذه العلاقة الحديثة، نشأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تلك الفترة التي شهدت صعود الولايات المتحدة كقوة عظمى لا تُنازع، واندلاع عصر النفط كسلعة استراتيجية عالمية، كانت معظم الدول العربية آنذاك إما ترزح تحت وطأة آثار الاستعمار التي لم تُجفف بعد، أو أنظمتها السياسية لا تزال في مهاد التكوين، تبحث عن موطئ قدم في عالمٍ جديد مُتشكّل. في هذا الفضاء الجيوسياسي المتقلب، برزت الولايات المتحدة كـ "ضامن محتمل" للاستقرار والأمن، واعدةً بمواجهة تهديدات مُتعددة، سواء كان ذلك المد الشيوعي الكاسح إبان الحرب الباردة، أو أشباح النزاعات الإقليمية المُحتملة، هذه النشأة لم تكن لقاءً بين ندّين، بل أسست لعلاقة تقوم على تبادلٍ هش للمصالح: تمنحُ واشنطن نوعاً من "المظلة الأمنية" الهشّة، مقابل ضمان تدفق النفط بسلاسة، والحفاظ على شرايين الملاحة الدولية مفتوحة، والانخراط في الاصطفافات الدولية التي تخدم مصالحها، هذا النموذج، بحد ذاته، لم يخلق شراكة، بل رسّخ عنصراً جوهرياً من عناصر التبعية الأمنية التي ستنمو وتتعمق مع الزمن. أغلالٌ تُشدّ والابتزاز الأمريكيُ يتفشّى وعلى مرّ العقود، لم تتلاشَ هذه التبعية، بل تعمّقت لتصبح أغلالاً تُشدّ على معاصم العديد من الدول العربية، وخاصة في منطقة الخليج، تجلّى ذلك في صفقات الأسلحة الضخمة التي استنزفت الثروات، والتدريبات العسكرية المشتركة التي رسخت الحاجة للخبرة الأجنبية، ووجود القواعد العسكرية الأمريكية التي أصبحت نقاط ارتكاز للنفوذ، والتحالفات المعلنة وغير المعلنة التي أملتها واشنطن لمواجهة تهديدات حددتها هي، لا بالضرورة ما تراه الدول العربية تهديداً حقيقياً لوجودها. هذه الاعتمادية لم تُشَيّد جيوشاً عربية ذاتية الاكتفاء وقادرة على صون سيادتها بنفسها، بل كرّست الحاجة المستمرة للدعم والخبرة الأمريكية كشرطٍ للبقاء، إن الشعور "بالحاجة للحماية" الذي أشار إليه التساؤل ليس وهماً محضاً في سياق إقليمي ودولي مُلتهب، لكنّ تضخيمه، أو ما هو أخطر، الاستسلام له بشكل كامل، هو ما يُقَوِّض أي محاولة جادة لبناء القدرات الذاتية والتحالفات الإقليمية الصلبة والفعالة. إذ يؤكد الواقع المُرّ، كما يُشير بوضوح السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته التي تناولت آخر المستجدات (بتاريخ الخميس، 15 مايو 2025م)، أن الأمريكي يمارس أسلوباً وقحاً من الابتزاز المالي والسياسي، ويُكثِر من الترهيب والتخويف المُتعمّد للأنظمة العربية، راسماً لها صورةً مُضلّلة بأنها لولا حمايته لَتَلاشَت واندثرت، هذا الابتزاز يستغلّ ببراعة مشاعر عدم الاستقرار والخوف والقلق، التي قد تنبع، جزئياً على الأقل، من هذه الاعتمادية الأمنية نفسها التي فرضتها واشنطن ورسختها عقوداً طويلة. هشاشة تُغري بالبحث عن سند خارجي يتطرق التساؤل إلى نقطةٍ جوهرية تكشفُ عن عُمْق الأزمة: "ألا يُدرك هؤلاء أن تصالحهم مع شعوبهم هو أفضل طريقة للأمن؟" إن الأنظمة التي تفتقر إلى الشرعية الشعبية الكاملة، والتي تُطارِدها أشباح الاضطرابات الداخلية أو التحديات لسلطتها، غالباً ما تبحثُ بيأسٍ عن مصادر قوة خارجية لتعزيز استقرارها المَهْتُوك، الاعتماد على قوة عظمى مثل الولايات المتحدة لتوفير "الحماية الخارجية" يُمكن أن يُنظَر إليه كقشة الغريق التي تُمسك بها هذه الأنظمة للحفاظ على وضعها الراهن الداخلي، حتى لو كان الثمن هو التنازل عن أجزاءٍ من سيادتها أو استقلاليتها في اتخاذ القرار، فالخوف والقلق وعدم الاستقرار المشار إليه قد لا ينبع فقط من تهديدات خارجية مُحدقة، بل أيضاً، وربما بشكل أساسي، من هشاشة الجبهة الداخلية وتآكل الثقة بين الحاكم والمحكوم، وغياب عقد اجتماعي متين ومصالحة حقيقية تبني الجسور لا تُقيم الحواجز. جسدٌ مُجزّأ يُضعِفُ الموقف التفاوضي وبدلاً من أن تُبادر الدول العربية إلى بناء جبهة موحدة، صلبة ومستقلة، أو نسج تحالفات إقليمية قوية قادرة على التفاوض مع القوى الكبرى من منطلق قوة جماعية مُتماسكة، غالباً ما تشهد المنطقة العربية تنافسات مُدمّرة وصراعاتٍ مُنهكة بين الدول العربية نفسها. هذه الانقسامات لا تُضعِف الموقف التفاوضي الفردي فحسب، بل تُفتت أي إمكانية لبناء موقفٍ جماعي ذي وزن، وتجعل كل دولةٍ على حدة عُرْضَةً للبحث عن محاور خارجية قد تستغلّ هذه الانقسامات لتعزيز نفوذها على حساب المصالح العربية العليا، هذا المشهد المُمَزّق يُعزّز ديناميكية الاعتمادية والتنازلات، ويُبقي الباب مفتوحاً أمام التدخلات الخارجية، إن "التصالح مع المنطقة والجوار" الذي ذكره التساؤل ليس مجرد عبارة جافة، بل هو سبيلٌ أساسي نحو تحقيق الأمن والاستقرار الذاتي والجماعي، وتقليل الحاجة المُلِحّة للحماية الخارجية التي تأتي بأثمانٍ باهظة. قراراتٌ مركزية تُقَيّد الرؤية الاستراتيجية وعلى مستوى طبيعة الأنظمة السياسية وآليات اتخاذ القرار فيها، فإن الغالب الأعمّ يتسم بالمركزية الشديدة والاعتماد على دوائر ضيقة ومحدودة، هذا النمط من الحكم قد يُقَيّد القدرة على تطوير استراتيجيات جيوسياسية واقتصادية بعيدة المدى تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية والتفاوض بندية وفاعلية، التركيز قد ينحصر على تحقيق مكاسب قصيرة المدى وسريعة (مثل إبرام صفقات أسلحة ضخمة، أو الحصول على دعم سياسي في ملفات مُحددة تخدم بقاء النظام) بدلاً من بناء قوة هيكلية راسخة تُمكّن من التفاوض كشريكٍ مُتساوٍ على الساحة الدولية. الثروة كنزٌ مُهدَر وديناميكية الاستغلال الأمريكي الإسرائيلي يُلامس التساؤل نقطةً تُثيرُ الأسى وتكشفُ عن حجم الفرص المُهدرة: "لماذا لا تُستثمر هذه الأموال الطائلة في التأثير على القرار الأمريكي؟! لماذا ليس لديهم فن استثمار الأرقام الهائلة وتسييلها كي يصبحوا شركاء في صناعة القرار الأمريكي؟!" تمتلك بعض الدول العربية، وخاصة في منطقة الخليج، صناديق سيادية واستثمارات تُقدّر بمليارات الدولارات، موزّعةً في شرايين الاقتصاد الأمريكي، من شركاته الكبرى إلى سنداته الحكومية، هذه الأصول تُشكّل، نظرياً، نفوذاً اقتصادياً هائلاً يُمكن، لو أُحسن استخدامه، أن يُترجَم إلى نفوذ سياسي مؤثر. لكنّ واقع الحال الأليم يُشير إلى أن هذا النفوذ الاقتصادي لم يُترجَم بشكلٍ كافٍ أو فعالٍ إلى "شراكة في صناعة القرار" على المستوى الاستراتيجي الذي يُحقّق "الندية" المنشودة، لماذا؟ ليس لأن الاستثمار ظلّ غير مُسَيّس بالكامل؟ بحكم أن هذه الاستثمارات غالباً ما تدار بعقلية اقتصادية بحتة، تهدف إلى تحقيق العائد المالي الأقصى، دون دمجٍ كامل للأهداف السياسية والاستراتيجية الأوسع للدولة. الاستثمارات في أسهم شركات عملاقة أو عقاراتٍ فخمة لا تُترجَم تلقائياً إلى القدرة على التأثير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، تلك السياسة التي تُحركها مصالح أمنية وجيوسياسية أعمق وأوسع بكثير، فالتأثير في صانع القرار في دولةٍ مُعقدة مثل الولايات المتحدة لا يتطلب مجرد امتلاك المال، بل يستلزم استراتيجية مُتكاملة، أوركسترا منسجمة، تشمل، بالإضافة إلى الاستثمارات المالية الضخمة، وجود لوبيات فاعلة ومؤثرة (ليست مجرد شركات علاقات عامة سطحية)، ومراكز فكر تُمَوّل وتُشارك بفاعلية في صياغة النقاشات وصناعة الرأي العام، ونفوذاً في الأوساط الأكاديمية والإعلامية، وبناء تحالفات عابرة للأحزاب السياسية المختلفة، ورغم وجود بعض الجهود هنا وهناك في بعض هذه المجالات، إلا أنها تبدو مُجزأة، مُبعثرة، وغير كافية لبناء نفوذ هيكلي مُتراكم يُغيّر جوهر العلاقة من علاقة زبون/راعي إلى علاقة شريك/شريك حقيقي. العدو ومبررات احتواء قوى لا تتماشى مع مصالحه صانع القرار الأمريكي، من جانبه، ينظر إلى المنطقة العربية من منظار أولوياته الخاصة، أولويات مُختَنقة بديناميكية الاستغلال المُتعمّد من زاوية مصالحه الضيقة، والتي يحصرها بوضوحٍ فجّ فيما يُسمّى "أمن إسرائيل" أو ما يزعمُ أنه "مكافحة للإرهاب"، وذلك بغرض احتواء قوى مُعينة لا تتماشى مع مصالحه، وضمان تدفق الطاقة بأسعارٍ تُناسبه، وبينما يُرحّب الأمريكيون بكل سرور بالاستثمارات التي تُعزّز اقتصادهم وتُقَوّي بنيتهم التحتية، فإنهم ليسوا بالضرورة على استعدادٍ للتنازل عن أولوياتهم الجيوسياسية الكبرى مقابلها، خاصة إذا لم تُقابَل بضغوطٍ عربية واضحة ومُستمرة ذات استراتيجية مُحدّدة. ويؤكد الواقع المُرّ، كما ورد في كلمة السيد القائد، أن العدو الإسرائيلي ليس مجرد مُستفيد، بل هو شريكٌ أساسي في كل المكاسب الأمريكية المالية والسياسية التي تُجنى من الأنظمة العربية. فالأمريكي يأخذ المال من العرب بسخاء، ليُقدّمه للعدو الإسرائيلي بسخاءٍ أكبر، سواءً على هيئة أسلحة مُتقدّمة تُستخدم في قتل العرب، أو أموالٍ نقدية تُعزّز اقتصاده، بل ويسعى بوضوحٍ لا مواربة فيه إلى توريط الأنظمة العربية في خيانة كبرى تتمثل في "التطبيع" و"الولاء" للعدو الإسرائيلي نفسه، الأمريكي يكسبُ مرتين من الأنظمة العربية: مرةً بما يأخذه منها من ثروات، ومرةً أخرى بتوظيفها كأدواتٍ لخدمة مصالحه ومصالح العدو الإسرائيلي. هذا المشهد لا يكشف عن مجرد تبادل للمصالح غير مُتكافئ، بل عن ديناميكية استغلال منظّمة، مُحكمة، تخدم بالدرجة الأولى المصالح الأمريكية والإسرائيلية، على حساب المصالح العربية العليا، وعلى حساب دماء الأمة وكرامتها. تسييس الاستثمارات قد تتوارى بعض الدول العربية خلف ستار الخوف من "تسييس استثماراتها" بشكل علني، خشيةً من ردود فعل أمريكية عكسية قد تُعرّض هذه الأصول الضخمة للخطر في حال تدهور العلاقات، هذا الخوف، بحد ذاته، يُشَلّ قدرتها على استخدام هذه الأصول كورقة ضغط فعالة في لعبة الأمم، وقد يكون هناك أيضاً نقصٌ في الفهم العميق لآليات صنع القرار المعقدة في واشنطن، تلك الآليات التي تتأثر بتشابك المصالح بين الكونغرس والإدارة ومراكز الفكر والجماعات الضاغطة والرأي العام المُتغيّر، وبالتالي فإن مجرد امتلاك المال لا يكفي لفتح أبواب واشنطن المغلقة، بل يتطلب فهماً دقيقاً لكيفية عمل النظام السياسي وكيفية التأثير فيه بشكلٍ ممنهج ومستمر وفعال. إن عدم القدرة على "تسييل" هذه الأرقام الهائلة وتحويلها من مجرد أرصدةٍ جامدة إلى قوة سياسية فاعلة ومُؤثرة، هو، كما خَلَصَ التساؤل بمرارةٍ تُدمي القلب، دليلٌ قاطع على مدى البعد عن هذا النوع من التفكير الاستراتيجي بعيد المدى، ذلك التفكير الذي وحده يُمَكّن من الارتقاء بالعلاقة إلى مستوى الندية والشراكة الحقيقية في صناعة القرار، الشراكة التي تخدم المصالح العربية العليا بصدقٍ لا مُزايدة فيه. وما يُقدم للأمريكي والعدو الإسرائيلي، سواءً كان مالاً أو دعماً سياسياً أو صمتاً مُخزياً، لا يُغيّر شيئاً من توجهات الأمريكي والإسرائيلي العدوانية تجاه الأمة، حتى تجاه من يُعطيهم ويُقدّم لهم كل شيء، بل يستفيدون منه، يستغلونه إلى آخر رمق، ويطلبون المزيد. إفلاس النخب.. تناقضٌ يُعري وفشلٌ يُدمي من المفارقات المؤلمة حقاً، كما يُشير السيد القائد مراراً وتكراراً، أنه في الوقت الذي يستمر فيه العدو الإسرائيلي في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بكل وحشيةٍ في غزة، تحت مرأى ومسمع العالم، وبدعمٍ أمريكي وغربي فجّ لا يُخفى على أحد، ومع سقوط آلاف الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ والطواقم الإنسانية والطبية بلا رحمة، نجدُ أن هناك تحركاتٍ طلابية حية ونشطة، وأنشطة مساندة قوية للشعب الفلسطيني المظلوم في بلدانٍ مُتعددة حول العالم، وفي مقدمتها البلدان الغربية نفسها. وما يلفت النظر بشكلٍ خاص، ويدعو للتساؤل المؤلم، هي حملات المقاطعة الاقتصادية التي تشنّها جامعات أمريكية مرموقة لشركاتٍ تورّطت في تقديم السلاح للعدو الإسرائيلي، مُطالبةً بسحب الاستثمارات منها. هذا الموقف المتقدم للجامعات الأمريكية، الذي ينبعُ من دافعٍ إنساني وأخلاقي خالص، يتناقض بشكلٍ صارخ ومُفجع مع غياب استجابةٍ مماثلة في المقاطعة في أوساط واسعة من الأمة العربية، بما في ذلك بعض الأنظمة الحاكمة، هذا التناقض الصارخ لا يُشير فقط إلى إفلاسٍ إنساني وأخلاقي وإسلامي لدى البعض، بل وإفلاس حتى في نظرتهم البديهية للأمن القومي للأمة ولمصالحها الحقيقية التي تُهدد وجودها. إن كيان العدو الإسرائيلي، كما يؤكد السيد القائد، كيانٌ لا يُؤمن بأي نقاط التقاء حقيقية، ولا يعترف مطلقاً بإمكانية للتعايش السلمي أو للسلام الدائم معه، وبالتالي، فإن سياسات الاسترضاء المُذلّة التي تُحاول بعض الأنظمة العربية، وخاصة منها التي هرولت نحو التطبيع المُخزي، هي سياساتٌ فاشلة وخاسرةٌ لا محالة، المنطق الأمريكي والإسرائيلي تجاه الأمة العربية، سواءً كانت أنظمة أو شعوباً، هو منطقٌ يقوم على الاحتقار، والنظرة الدونية، والاستغلال المُتعمّد، وهذا النهج السلبي العدواني لن يتغير، ولن يُبدّل جلدَه، لأنه جزءٌ من تركيبتهما الأساسية.