الطائرات المسيّرة وقصة السيطرة على الأجواء
سرايا - وضعت الحروب الحديثة جيوش العالم أمام تحديات أمنية وعسكرية تتطلب تطوير الوسائل الدفاعية والبنية التحتية التكنولوجية القادرة على مواجهة التهديدات.
فكما سارعت الدول المتقدمة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى تعزيز ترساناتها العسكرية بمختلف الابتكارات والاختراعات، يشهد عصرنا على حروب حديثة من نوع مختلف وبتقنيات أكثر تطورا وسرعة ودقّة.
وتبرز الطائرات المسيّرة، كأدوات حربية تصنع الفارق في ساحات المعارك بقدرات هجومية عالية الدقة، تستهدف وتدمر الأهداف الحيوية للعدوّ عن بعد، لتغيّر بذلك طبيعة الخطط العسكرية بين الجانبين دفاعية كانت أم هجومية.
وكشف تقرير نُشر على موقع "إيرو تايم" المتخصص في أخبار الطيران العالمي عن أفضل 5 طائرات عسكرية بدون طيار لعام 2025، تتصدر القائمة طائرة "جينيرال أتوميكس إم كيو -9 ريبر"، تليها طائرة "بيرقدار تي بي -2″، ثم "تي إيه آي أنكا -3″، ورابعا "سي إيه آي جي وينغ لونغ -2" الصينية، وفي المركز الخامس، جاءت طائرة "كرونشتادت أوريون" الروسية.
فكيف بدأت مسيرة تطوير الطائرات بدون طيار حتى وصلت إلى هذه المكانة المحورية في ساحات المعارك؟ ومَن القوى التي تقود دفة هذه الصناعة وتتحكم في مستقبلها؟ أسئلة يحاول هذا التقرير الإجابة عنها، عبر العودة إلى بدايات القصة، واستعراض القوى الكبرى المسيطرة على هذا المجال الحيوي.
فكرة الطائرات المسيّرة
يعود تاريخ صنع الطائرات المسيّرة المتحكم فيها عن بعد إلى زمن الحرب العالمية الأولى، حين قام المهندس البريطاني، أرتشيبالد لو عام 1917 بتطوير أول مسيرة "أيريال تارغت" والتي تعني (الهدف الجوي).
وقد كانت أول وثبة نحو عالم أجهزة الطيران الحديثة، إذ وجهت النماذج الأولية من هذه الأسلحة نحو اختبار تدمير القاذفات الألمانية الثقيلة، لكن بسبب الصعوبات في ضمان الطيران المستقر فقد الجيش البريطاني اهتمامه بالمشروع وأوقف تنفيذه.
في السنة التالية، طورت الولايات المتحدة الأميركية طائرة "الطوربيد الجوي"، التي تعرف كذلك بـ "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي، تشارلز كيترينغ، وقد خصصت لحمل القنابل، بيد أنها لم تستخدم في الحرب العالمية الأولى، بل كان لها تأثير إيجابي فيما بعد على تطوير صناعة المسيّرات.
Kettering Bug طائرة : كيترينغ بغ
طائرة "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي تشارلز كيترينغ (الصحافة الأميركية)
وفقا للدراسات، يعد عام 1935 نقطة تحول في استخدام الطائرات دون طيار على نطاق واسع، خاصة لأغراض التدريب العسكري، تبعا لهذا طُورت طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية، بعدها طورت أميركا طائرة "أو كيو- 2 راديو بلاين" والمتحكم بها عن طريق الراديو، وقد أطلقت عام 1939.
ويعود أوّل استخدام لهذه المسيّرة إلى حرب فيتنام عام 1950، إذ نشرت أميركا طائرات استطلاع على نطاق واسع، بأدوار جديدة تشمل العمل كشراك للخداع أثناء القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإسقاط منشورات تخدم الحرب النفسية بالإضافة إلى أعمال الاستطلاع.
يقول الكاتب المختص في الشؤون التركية والشرق الأوسط الدكتور فراس رضوان أوغلو، في حديثه للجزيرة نت إن الطائرات المسيّرة تحوّلت من استخدامٍ لأدوات ولأهداف معينة كالمراقبة والتصوير وعمليات الاستكشاف والاستطلاع وحتى اغتيالات لشخصيات معينة لعمليات عسكرية مباشرة، وبهذا بدأ التحول الكبير في أرض الميدان وأصبحت تسمى بمعارك المسيّرات، وبالتالي أصبحت جزءا جديدا ونوعية جديدة وقوة فاعلة من الحروب العسكرية".
طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية عام 1939 (غيتي)
وكانت الحرب الباردة حافزا لتطوير المسيرات، وبسبب التنافس العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي تسابق البلدان لتطوير طائرات استطلاعية قادرة على تنفيذ مهام مختلفة بدقة وبسرعة عالية.
ومن أبرز مسيرات هذه المرحلة، نجد "لوكهيد دي 21" الأميركية والمصنعة عام 1962، في حين باشر السوفيات تطوير الطائرات بدون طيار في ثلاثينيات القرن الماضي، وأطلقها لأول مرة أواخر عام 1950، من أشهرها طائرات توبوليف "تو- 123″ (ياستريب) و"تو- 141″ (ستريج) و"تو -143" (ريس)، وقد استُخدمت للاستطلاع والمراقبة. وفقا لتقرير موقع "إن إس آي إن" حول قائمة أبرز 10 دول تمتلك أكبر الطائرات المسيّرة.
من يملك اليد العليا في حرب المسيّرات؟
بحلول عام 2025، تحرّكت العديد من الدول بسرعة نحو اقتناء أو تصنيع الطائرات دون طيار، وجاءت الولايات المتحدة الأميركية على رأس القائمة بامتلاكها حوالي 13 ألف مسيّرة، متنوعة بين طائرة "إم كيو-9 ريبر" المتميزة بقدرتها العالية على التحمّل ودقتها في ضرب الأهداف وجمع المعلومات على مسافات واسعة، و "إم كيو-1 سي غراي إيغل" أو كما يطلق عليها "النسر الرمادي" التي يستخدمها الجيشان الأميركي والإسرائيلي في العمليات العسكرية.
إضافة لمسيرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" الخاصة بعمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية عبر القارات، و"آر كيو-11 رافن" أو كما يطلق عليها "الغراب" التي تستخدم لعمليات الاستطلاع من مسافات قريبة.
وتليها تركيا بحيازة 1421 طائرة مسيّرة، إذ تمتلك ثاني أكبر أسطول عسكري للطائرات المسيرة في العالم، كما برزت أنقرة كأحد أقطاب صناعة المسيرات التي أثبتت كفاءتها في ضرب الأهداف بدقة عالية والتحمل، وأهمها طائرة "بيرقدار تي بي -2".
بينما حلت بولندا ثالثة بنحو 1209 طائرات مسيّرة مصممة خصيصا لعمليات الاستخبارات في ساحة المعارك، أبرزها، "وورمايت" المعروفة بدقة ضرباتها وسهولة انتشارها، و"أورليك بي جي زاد -19 آر" التكتيكية المتخصصة في عمليات الاستطلاع والمراقبة و"أوربايتور 2/3″ المطورة بالشراكة مع إسرائيل تستخدم في عدة مهام دفاعية.
وتأتي روسيا في المرتبة الرابعة بامتلاكها حوالي 1050 طائرة مسيّرة، من أبرزها مسيرة "أورلان -10" التي تعتبر العمود الفقري في العمليات التكتيكية الروسية في ساحة المعركة وفقا للتقديرات، "سيرتشير إم كا – 2" وتستخدم في دعم مهام الاستطلاع.
أمّا ألمانيا فقد حلت خامسة بنحو 670 طائرة مسيّرة وتليها الهند بحوالي 625 مسيرة وفرنسا بـ 591 وأستراليا بـ557 وكوريا الجنوبية بـ518 طائرة مسيرة وفي المركز العاشر فنلندا بحوالي 412 طائرة مسيّرة.
كما نشير أيضا إلى الطائرات المسيّرة الإيرانية، حيث تعدّ إيران اليوم، من أكبر مصنعي الطائرات بدون طيار في العالم، على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها، وأشهرها "شاهد 129″، و"شاهد 136"، و"مهاجر 6".. وغيرها.
ويقول رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والإستراتيجية بمركز العرب هاني الجمل للجزيرة نت "إن المسيرات أصبحت النقطة المفصلية لجمع المعلومات في الطلعات الاستكشافية".
وأشار إلى أن هناك العديد من الدول اليوم باتت تستخدم المسيّرات كتكتيك جديد للأسلحة الجوية استخداما لعدة مسارات، أولها هو الاستكشاف وجمع المعلومات خاصة في المناطق التي يصعب فيها استخدام سلاح الجو التقليدي، وأيضا لانخفاض تكلفتها وصغر حجمها ودقتها وفاعليتها الكبيرة مقارنة بالأسلحة الأخرى.
المسيرات الإسرائيلية.. صناعة رائجة بمناطق الأزمات
وأوضح تقرير نشر على موقع "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عام 2019، أنّ الطائرات بدون طيار الإسرائيلية دخلت أول مرة حيّز الاستخدام عام 1960، ومن بعدها كثَفت تل أبيب جهودها في تطوير وابتكار المسيرات التي استخدمتها خلال حروبها في احتلال شبه جزيرة سيناء عام 1967، وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحربها مع لبنان 1983.
يشرح التقرير كيف نجحت إسرائيل في استخدام هذه الطائرات الاستطلاعية لتحقيق أهدافها العسكرية آنذاك. ووفقا للرئيس السابق لصناعة الطائرات الإسرائيلية ديفيد هاراري، فإنّ بلاده هي من طورت أوّل نظام تشغيل للمسيرات، ومن خلال تعاونها مع الولايات المتحدة تمّ تطوير طائرة الاستطلاع التكتيكية "آي آي آر كيو-2 بيونير" عام 1986.
كما أظهر تقرير لموقع "وورلد بيس فاونديشن" أن تل أبيب قامت بتصدير طائرات بدون طيار إلى 56 دولة على الأقل، رغم القيود المفروضة على المصنعين الإسرائيليين للإعلان علنا عن تقنيتهم.
وفي عام 2021، شكّلت الطائرات بدون طيار نحو 9% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية برقم قياسي قدّر بـ11.3 مليار دولار، حيث إنّ نصف هذه الصادرات يذهب لأوروبا وثلثها إلى آسيا، وحوالي 10% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية هي طائرات بدون طيّار.
وبحسب التقرير، فإنّ إسرائيل من عام 2009 إلى عام 2018، قدّمت أسلحة بما فيها الطائرات دون طيّار إلى المشاركين النشطين في النزاعات في عدة دول مثل: أفغانستان وإثيوبيا والهند وليبيا وميانمار ونيجيريا والصومال وتركيا وغيرها. وتقدّر عائدات الصادرات الإسرائيلية للطائرات بدون طيّار سنة 2025، بـ 11.6 مليون دولار، وفقا لمنصة البيانات الألمانية "ستاتيستا".
وحول تأثير المسيرات على منطقة الشرق الأوسط في ظل الأحداث الراهنة والحرب الإسرائيلية الإيرانية: يقول هاني الجمل للجزيرة نت إن "المسيرات سيكون لها تأثير على دول الشرق الأوسط، من النواحي الإنتاجية والاستخباراتية التي من الصعوبة الحصول عليها من دول المنطقة والدول المحيطة بها في ظل وجود أجهزة تجسّس متطورة تعتمد عليها دول الجوار في الشرق الأوسط.
ومن ناحية أخرى، قد لا تؤثر على المنطقة، لأنّ المسيّرات لا تحسم معارك حربية بعينها وهذه هي النقطة المفصلية، كونها قد تصيب الهدف ولكنها لا تستطيع أن تحصل على أراض ومساحة جغرافية في المعارك الحربية بشكل واقعي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 3 أيام
- سرايا الإخبارية
الطائرات المسيّرة وقصة السيطرة على الأجواء
سرايا - وضعت الحروب الحديثة جيوش العالم أمام تحديات أمنية وعسكرية تتطلب تطوير الوسائل الدفاعية والبنية التحتية التكنولوجية القادرة على مواجهة التهديدات. فكما سارعت الدول المتقدمة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى تعزيز ترساناتها العسكرية بمختلف الابتكارات والاختراعات، يشهد عصرنا على حروب حديثة من نوع مختلف وبتقنيات أكثر تطورا وسرعة ودقّة. وتبرز الطائرات المسيّرة، كأدوات حربية تصنع الفارق في ساحات المعارك بقدرات هجومية عالية الدقة، تستهدف وتدمر الأهداف الحيوية للعدوّ عن بعد، لتغيّر بذلك طبيعة الخطط العسكرية بين الجانبين دفاعية كانت أم هجومية. وكشف تقرير نُشر على موقع "إيرو تايم" المتخصص في أخبار الطيران العالمي عن أفضل 5 طائرات عسكرية بدون طيار لعام 2025، تتصدر القائمة طائرة "جينيرال أتوميكس إم كيو -9 ريبر"، تليها طائرة "بيرقدار تي بي -2″، ثم "تي إيه آي أنكا -3″، ورابعا "سي إيه آي جي وينغ لونغ -2" الصينية، وفي المركز الخامس، جاءت طائرة "كرونشتادت أوريون" الروسية. فكيف بدأت مسيرة تطوير الطائرات بدون طيار حتى وصلت إلى هذه المكانة المحورية في ساحات المعارك؟ ومَن القوى التي تقود دفة هذه الصناعة وتتحكم في مستقبلها؟ أسئلة يحاول هذا التقرير الإجابة عنها، عبر العودة إلى بدايات القصة، واستعراض القوى الكبرى المسيطرة على هذا المجال الحيوي. فكرة الطائرات المسيّرة يعود تاريخ صنع الطائرات المسيّرة المتحكم فيها عن بعد إلى زمن الحرب العالمية الأولى، حين قام المهندس البريطاني، أرتشيبالد لو عام 1917 بتطوير أول مسيرة "أيريال تارغت" والتي تعني (الهدف الجوي). وقد كانت أول وثبة نحو عالم أجهزة الطيران الحديثة، إذ وجهت النماذج الأولية من هذه الأسلحة نحو اختبار تدمير القاذفات الألمانية الثقيلة، لكن بسبب الصعوبات في ضمان الطيران المستقر فقد الجيش البريطاني اهتمامه بالمشروع وأوقف تنفيذه. في السنة التالية، طورت الولايات المتحدة الأميركية طائرة "الطوربيد الجوي"، التي تعرف كذلك بـ "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي، تشارلز كيترينغ، وقد خصصت لحمل القنابل، بيد أنها لم تستخدم في الحرب العالمية الأولى، بل كان لها تأثير إيجابي فيما بعد على تطوير صناعة المسيّرات. Kettering Bug طائرة : كيترينغ بغ طائرة "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي تشارلز كيترينغ (الصحافة الأميركية) وفقا للدراسات، يعد عام 1935 نقطة تحول في استخدام الطائرات دون طيار على نطاق واسع، خاصة لأغراض التدريب العسكري، تبعا لهذا طُورت طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية، بعدها طورت أميركا طائرة "أو كيو- 2 راديو بلاين" والمتحكم بها عن طريق الراديو، وقد أطلقت عام 1939. ويعود أوّل استخدام لهذه المسيّرة إلى حرب فيتنام عام 1950، إذ نشرت أميركا طائرات استطلاع على نطاق واسع، بأدوار جديدة تشمل العمل كشراك للخداع أثناء القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإسقاط منشورات تخدم الحرب النفسية بالإضافة إلى أعمال الاستطلاع. يقول الكاتب المختص في الشؤون التركية والشرق الأوسط الدكتور فراس رضوان أوغلو، في حديثه للجزيرة نت إن الطائرات المسيّرة تحوّلت من استخدامٍ لأدوات ولأهداف معينة كالمراقبة والتصوير وعمليات الاستكشاف والاستطلاع وحتى اغتيالات لشخصيات معينة لعمليات عسكرية مباشرة، وبهذا بدأ التحول الكبير في أرض الميدان وأصبحت تسمى بمعارك المسيّرات، وبالتالي أصبحت جزءا جديدا ونوعية جديدة وقوة فاعلة من الحروب العسكرية". طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية عام 1939 (غيتي) وكانت الحرب الباردة حافزا لتطوير المسيرات، وبسبب التنافس العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي تسابق البلدان لتطوير طائرات استطلاعية قادرة على تنفيذ مهام مختلفة بدقة وبسرعة عالية. ومن أبرز مسيرات هذه المرحلة، نجد "لوكهيد دي 21" الأميركية والمصنعة عام 1962، في حين باشر السوفيات تطوير الطائرات بدون طيار في ثلاثينيات القرن الماضي، وأطلقها لأول مرة أواخر عام 1950، من أشهرها طائرات توبوليف "تو- 123″ (ياستريب) و"تو- 141″ (ستريج) و"تو -143" (ريس)، وقد استُخدمت للاستطلاع والمراقبة. وفقا لتقرير موقع "إن إس آي إن" حول قائمة أبرز 10 دول تمتلك أكبر الطائرات المسيّرة. من يملك اليد العليا في حرب المسيّرات؟ بحلول عام 2025، تحرّكت العديد من الدول بسرعة نحو اقتناء أو تصنيع الطائرات دون طيار، وجاءت الولايات المتحدة الأميركية على رأس القائمة بامتلاكها حوالي 13 ألف مسيّرة، متنوعة بين طائرة "إم كيو-9 ريبر" المتميزة بقدرتها العالية على التحمّل ودقتها في ضرب الأهداف وجمع المعلومات على مسافات واسعة، و "إم كيو-1 سي غراي إيغل" أو كما يطلق عليها "النسر الرمادي" التي يستخدمها الجيشان الأميركي والإسرائيلي في العمليات العسكرية. إضافة لمسيرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" الخاصة بعمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية عبر القارات، و"آر كيو-11 رافن" أو كما يطلق عليها "الغراب" التي تستخدم لعمليات الاستطلاع من مسافات قريبة. وتليها تركيا بحيازة 1421 طائرة مسيّرة، إذ تمتلك ثاني أكبر أسطول عسكري للطائرات المسيرة في العالم، كما برزت أنقرة كأحد أقطاب صناعة المسيرات التي أثبتت كفاءتها في ضرب الأهداف بدقة عالية والتحمل، وأهمها طائرة "بيرقدار تي بي -2". بينما حلت بولندا ثالثة بنحو 1209 طائرات مسيّرة مصممة خصيصا لعمليات الاستخبارات في ساحة المعارك، أبرزها، "وورمايت" المعروفة بدقة ضرباتها وسهولة انتشارها، و"أورليك بي جي زاد -19 آر" التكتيكية المتخصصة في عمليات الاستطلاع والمراقبة و"أوربايتور 2/3″ المطورة بالشراكة مع إسرائيل تستخدم في عدة مهام دفاعية. وتأتي روسيا في المرتبة الرابعة بامتلاكها حوالي 1050 طائرة مسيّرة، من أبرزها مسيرة "أورلان -10" التي تعتبر العمود الفقري في العمليات التكتيكية الروسية في ساحة المعركة وفقا للتقديرات، "سيرتشير إم كا – 2" وتستخدم في دعم مهام الاستطلاع. أمّا ألمانيا فقد حلت خامسة بنحو 670 طائرة مسيّرة وتليها الهند بحوالي 625 مسيرة وفرنسا بـ 591 وأستراليا بـ557 وكوريا الجنوبية بـ518 طائرة مسيرة وفي المركز العاشر فنلندا بحوالي 412 طائرة مسيّرة. كما نشير أيضا إلى الطائرات المسيّرة الإيرانية، حيث تعدّ إيران اليوم، من أكبر مصنعي الطائرات بدون طيار في العالم، على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها، وأشهرها "شاهد 129″، و"شاهد 136"، و"مهاجر 6".. وغيرها. ويقول رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والإستراتيجية بمركز العرب هاني الجمل للجزيرة نت "إن المسيرات أصبحت النقطة المفصلية لجمع المعلومات في الطلعات الاستكشافية". وأشار إلى أن هناك العديد من الدول اليوم باتت تستخدم المسيّرات كتكتيك جديد للأسلحة الجوية استخداما لعدة مسارات، أولها هو الاستكشاف وجمع المعلومات خاصة في المناطق التي يصعب فيها استخدام سلاح الجو التقليدي، وأيضا لانخفاض تكلفتها وصغر حجمها ودقتها وفاعليتها الكبيرة مقارنة بالأسلحة الأخرى. المسيرات الإسرائيلية.. صناعة رائجة بمناطق الأزمات وأوضح تقرير نشر على موقع "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عام 2019، أنّ الطائرات بدون طيار الإسرائيلية دخلت أول مرة حيّز الاستخدام عام 1960، ومن بعدها كثَفت تل أبيب جهودها في تطوير وابتكار المسيرات التي استخدمتها خلال حروبها في احتلال شبه جزيرة سيناء عام 1967، وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحربها مع لبنان 1983. يشرح التقرير كيف نجحت إسرائيل في استخدام هذه الطائرات الاستطلاعية لتحقيق أهدافها العسكرية آنذاك. ووفقا للرئيس السابق لصناعة الطائرات الإسرائيلية ديفيد هاراري، فإنّ بلاده هي من طورت أوّل نظام تشغيل للمسيرات، ومن خلال تعاونها مع الولايات المتحدة تمّ تطوير طائرة الاستطلاع التكتيكية "آي آي آر كيو-2 بيونير" عام 1986. كما أظهر تقرير لموقع "وورلد بيس فاونديشن" أن تل أبيب قامت بتصدير طائرات بدون طيار إلى 56 دولة على الأقل، رغم القيود المفروضة على المصنعين الإسرائيليين للإعلان علنا عن تقنيتهم. وفي عام 2021، شكّلت الطائرات بدون طيار نحو 9% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية برقم قياسي قدّر بـ11.3 مليار دولار، حيث إنّ نصف هذه الصادرات يذهب لأوروبا وثلثها إلى آسيا، وحوالي 10% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية هي طائرات بدون طيّار. وبحسب التقرير، فإنّ إسرائيل من عام 2009 إلى عام 2018، قدّمت أسلحة بما فيها الطائرات دون طيّار إلى المشاركين النشطين في النزاعات في عدة دول مثل: أفغانستان وإثيوبيا والهند وليبيا وميانمار ونيجيريا والصومال وتركيا وغيرها. وتقدّر عائدات الصادرات الإسرائيلية للطائرات بدون طيّار سنة 2025، بـ 11.6 مليون دولار، وفقا لمنصة البيانات الألمانية "ستاتيستا". وحول تأثير المسيرات على منطقة الشرق الأوسط في ظل الأحداث الراهنة والحرب الإسرائيلية الإيرانية: يقول هاني الجمل للجزيرة نت إن "المسيرات سيكون لها تأثير على دول الشرق الأوسط، من النواحي الإنتاجية والاستخباراتية التي من الصعوبة الحصول عليها من دول المنطقة والدول المحيطة بها في ظل وجود أجهزة تجسّس متطورة تعتمد عليها دول الجوار في الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، قد لا تؤثر على المنطقة، لأنّ المسيّرات لا تحسم معارك حربية بعينها وهذه هي النقطة المفصلية، كونها قد تصيب الهدف ولكنها لا تستطيع أن تحصل على أراض ومساحة جغرافية في المعارك الحربية بشكل واقعي".


سواليف احمد الزعبي
منذ 6 أيام
- سواليف احمد الزعبي
ما هي طاقة السلام في العالم؟
ما هي #طاقة #السلام في #العالم؟ د. #أيوب_أبودية لقد نسجتُ ثلاثة مفاهيم جديدة في حياتي المهنية وعبر اشتغالي بالطاقة و #القضايا_البيئية، هي: طاقة السلام، و #التلوث الناجم عن #الجهل، والطاقة المحفوظة كمصدر جديد للطاقة. في المقالة التالية، سأُعرّف مفهوم 'طاقة السلام' وأُبرّر أهميتها للحفاظ على السلام العالمي. يمكن وصف الطاقة المتجددة النظيفة بطاقة السلام، ليس لأنها تُنتج طاقة دون تلويث البيئة فحسب، بل لأنها تُسهم أيضًا في الحد من أسباب #الصراعات و #النزاعات بين الدول. فعلى عكس مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والنفط والغاز و #الطاقة_النووية، التي تسببت في توترات وحروب عالمية وإقليمية نتيجةً للتنافس على السيطرة؛ فإن #الشمس والرياح والمياه متاحة للجميع، ولا يمكن احتكارها أو حجبها عن أي دولة. وهذا يُحقق درجة عالية من الاستقلال الوطني، ويُقلّل الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة أو الوقود الأجنبي المخصّب. مقالات ذات صلة وراء الحدث عندما تُولّد الدول طاقتها من موارد طبيعية محلية نظيفة ومتجددة، فإنها لا تحمي بيئتها فحسب، بل تُعزّز سيادتها الذاتية، وتُعزّز السلام العالمي. لذا، فإن الاستثمار في الطاقة النظيفة ليس خيارًا بيئيًا فحسب، بل خيارًا استراتيجيًا لأمن الشعوب واستقرار هذا الكوكب. إذ تكمن أهميتها في الحد من الحروب الناجمة عن الصراعات على الموارد الطبيعية ووقود الصواريخ النووية. وقد اخترنا بداية القرن العشرين لحصر أمثلة هذه المقالة حتى لا تتوسع كثيرا كالتالي: 1. الحرب العالمية الأولى (1914-1918): تنافست الإمبراطوريات الأوروبية على المستعمرات الخارجية الغنية بالمواد الخام (المطاط والنفط والمعادن). وكان طموح ألمانيا في تحدي سيطرة بريطانيا على الموارد العالمية عاملاً مهماً. 2. الحرب العالمية الثانية (1939-1945): سعت اليابان إلى الهيمنة على إمدادات النفط والمطاط في جنوب شرق آسيا. وغزت ألمانيا الاتحاد السوفيتي جزئياً للاستيلاء على حقول الحبوب الأوكرانية والنفط في القوقاز. وكانت السيطرة على الفحم والصلب في الألزاس واللورين ووادي الرور نقطة توتر طويلة الأمد في أوروبا. 3. حرب تشاكو (1932-1935) – بوليفيا ضد باراغواي: كان السبب نزاعاً على منطقة 'غران تشاكو'، التي تحتوي على احتياطيات نفطية كبيرة. ٤. حرب بيافرا (الحرب الأهلية النيجيرية) (١٩٦٧-١٩٧٠): كان السبب هو السيطرة على دلتا النيجر الغنية بالنفط، والتي لعبت دورًا مهمّاً في محاولة بيافرا الانفصالية. ٥. حرب الأيام الستة (١٩٦٧) والصراع العربي الإسرائيلي الذي تلاه: في حين أن السيطرة على المياه كانت في المقام الأول إقليمية وسياسية، إلا أنها كانت عاملًا استراتيجيًا للحرب – وخاصة بهدف السطو على مياه نهر الأردن وفروعه، وطبقات المياه الجوفية في مرتفعات الجولان، ونهر الليطاني في لبنان لاحقًا. ٦. الحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨): على الرغم من دوافعها السياسية، إلا أنها شملت أيضًا السيطرة على مجرى 'شط العرب' المائي والوصول إلى حقول النفط والغاز. ٧. حرب الخليج (١٩٩٠-١٩٩١): كان السبب هو غزو العراق للكويت، جزئيًا للسيطرة على احتياطيات النفط وتخفيف ديونه بعد الحرب. ٨. حرب الكونغو الثانية (١٩٩٨-٢٠٠٣): تُسمى أحيانًا 'حرب أفريقيا العالمية'، وقد شاركت فيها تسع دول. كان السبب هو السيطرة على موارد الكونغو الهائلة: الماس والذهب والنحاس والأخشاب. كذلك، فإن إحصاء بعض الاتفاقيات والتحالفات المتعلقة بالموارد التي وُقِّعت بعد هذه الحروب يُعزز حجتنا بأن الطاقات المتجددة النظيفة هي طاقات سلام، كالتالي: 1. الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC – 1951). تأسست من قِبل فرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. وهدفت إلى دمج السيطرة على إنتاج الفحم والصلب لمنع الحروب المستقبلية (لا سيّما بين فرنسا وألمانيا). كما كانت بمثابة مقدمة للاتحاد الأوروبي. 2. تأسيس منظمة أوبك (1960). تأسست منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لتنسيق سياسات النفط وتأكيد السيادة على الموارد الوطنية. واكتسبت قوة سياسية بعد حظر النفط عام 1973 الذي فرضه الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، بعد حرب أكتوبر مع إسرائيل، مما يُظهر كيف يمكن لتحالفات الموارد أن تؤثر على السياسة العالمية. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون النزاعات المحتملة على الموارد في المستقبل مؤشرًا جديدًا على أهمية مفهوم 'طاقة السلام'، فمثلا: 1. حروب المياه: يُنظر إلى المياه بشكل متزايد على أنها السبب الأكثر ترجيحًا للحروب المستقبلية، لا سيما في المناطق التي تعاني بالفعل من ندرة المياه. ويمكن للطاقة المتجددة النظيفة والرخيصة أن تُخفف حدة التوتر من خلال تحلية المياه بطاقة السلام النظيفة. حوض النيل – مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD) الذي زاد من حدة التوترات. إذ تخشى مصر من انخفاض تدفق المياه في نهر النيل، الذي يوفر أكثر من 90% من مياهها العذبة. دجلة والفرات – تؤثر مشاريع السدود التركية على تدفق المياه باتجاه مجرى النهر إلى سوريا والعراق. وقد يؤدي ذلك إلى نزاعات أو حتى صراع مفتوح حول حقوق المياه والري. نظام نهر السند – الهند وباكستان. يتعرض نظام النهر المشترك بموجب معاهدة مياه السند لضغوط بسبب تغير المناخ والخلافات السياسية. وقد تنشأ صراعات مستقبلية إذا قام أي من الجانبين بتقييد الوصول إلى المياه. ٢. التنافس على النفط والغاز: شرق البحر الأبيض المتوسط - تركيا، اليونان، قبرص، إسرائيل، مصر، سوريا، لبنان، غزة. أدت اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة إلى نزاعات حول المناطق الاقتصادية الخالصة. وتؤثر المواجهات البحرية وتحالفات الطاقة بالفعل على سياسات المنطقة برمتها. – منطقة القطب الشمالي – روسيا، الولايات المتحدة، كندا، النرويج، الدنمارك. إذ يفتح ذوبان الجليد بفعل الاحتباس الحراري طرق شحن جديدة فيتيح الوصول إلى أماكن النفط والغاز والمعادن. وقد يتصاعد التنافس على المطالبات الإقليمية والسيطرة على الموارد. – بحر الصين الجنوبي – غني بالنفط والغاز، وتطالب الصين بمعظم البحر في تحدٍّ للأحكام الدولية. وتزيد التوترات مع الدول المجاورة والوجود البحري الأمريكي من خطر نشوب صراعات. ٣. العناصر الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية: أدى ارتفاع الطلب العالمي على الكوبالت والليثيوم على البطاريات والمركبات الكهربائية والتكنولوجيا الحديثة إلى جعل جمهورية الكونغو الديمقراطية موردًا رئيسيًا. ويتزايد تعرضها لخطر الاستغلال الأجنبي، وعدم الاستقرار الداخلي، والصراعات بالوكالة. جرينلاند – المعادن النادرة واليورانيوم. يكشف ذوبان الأنهار الجليدية عن موارد غير مستغلة هناك. وتُبدي الولايات المتحدة والصين وأوروبا اهتمامًا، مع احتمال حدوث خلافات جيوسياسية. 4. الأراضي الزراعية والأمن الغذائي: منطقة الساحل (أفريقيا) – التصحر وندرة الأراضي. يُؤدي تغير المناخ إلى تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وإشعال صراعات عرقية وصراعات على الموارد (مثل الصراعات بين الرعاة والمزارعين). ويُمكن أن تكون تحلية المياه بالطاقة النظيفة المتجددة حلاً. ففي ضوء ما سبق، يتبيّن أن الطاقة المتجددة النظيفة ليست مجرد خيار بيئي، بل أداة استراتيجية لصناعة عالم أكثر استقرارًا وسلامًا. فحين تكون مصادر الطاقة متاحة للجميع، يقل دافع الهيمنة والصراع، وتزداد فرص التعاون. إن طاقة السلام هي طاقة لا تُلوّث، ولا تُحتكر، وهي سبيل آمن للسيادة الوطنية، والتكافؤ الدولي والانصاف والعدالة، وتخفيف التوترات بين الشعوب. فكل استثمار في الطاقة النظيفة، هو استثمار في مستقبلٍ يخلو من الحروب والصراعات المفتعلة.


جو 24
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- جو 24
تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل
جو 24 : كتب د. فيصل الغويين - يعتبر العلم رمز العزة والكرامة والسيادة والأصالة والهوية، به تلف أجساد شهداء الوطن والواجب، وهو وسام للأحياء، يرفعونه في مناسباتهم وفعالياتهم الوطنية والاجتماعية. تاريخيا كانت الدول والامبراطوريات ترفع أعلامها في مقدمة الجيوش، فهو يعبر عن الفداء للوطن، والتضحية من أجله. وأعلام الدول هي رموز لها دلالات وطنية وتاريخية وحضارية متنوعة، تنشأ بموجب قوانين وتشريعات تحدد أبعادها وألوانها. تعود أصول العلم الأردني إلى إعلان مملكة الحجاز(1916 – 1925)؛ إذ اتخذت المملكة الحجازية عند استقلالها علمًا رسميًا للدلالة على طموحاتها، وقد مرت شعارات العلم بثلاث مراحل خلال الفترة (1916 - 1921). إذ اتخذ الحسين بن علي في البداية الراية الحمراء الداكنة (العنابي)، لون راية أمراء الحجاز وأشرافه، إلا أنه عدل عنها، بناء على اقتراح بعض الأوساط العربية. واتخذ في نفس العام (1916) العلم ذي الألوان الثلاثة : الأبيض والأخضر والأسود، مع مثلث أحمر يتصل بأطراف الألوان الثلاثة. وفي سنة 1921 استقر الرأي على تغيير مواقع ألوان العلم؛ حيث احتل اللون الأبيض القسم الأوسط من العلم، بدلا من اللون الأخضر، الذي احتل بدوره محل اللون الأبيض، وذلك لصعوبة رؤية اللون الأبيض من العلم في وضعه السابق بالنسبة للناظر من بعيد. كان لهذه الألوان دلالات تاريخية وحضارية، اختزلت حضارات وأمجاد العرب خلال مئات السنين، وروعي في علم الدولة الجديدة الدلالات التاريخية للدولة العربية الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى نهاية الدولة العباسية. وأرّخت لانتصارات العرب المسلمين على مر التاريخ . فاللون الأبيض هو شعار الأمويين في دمشق، الذين رفعوا رايتهم، وهم ينشرون الإسلام، من الهند إلى الأندلس، والأسود يرمز إلى راية العقاب الخاصة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والتي كانت تتصدر حملاته العسكرية، كما يرمز إلى الدولة العباسية في بغداد التي اتخذت منه راية لها ، رفرفت في بلاد أزدهرت بالعلوم والصناعة والفنون والأدب، وأمّا الأخضر فهو شعار الفاطميين في القاهرة وآل البيت عموما، الذين واجهوا الظلم، وثبتوا على مبادئهم وقناعاتهم، فخلدوا شهداء، بينما يرمز اللون الأحمر إلى راية الأشراف التي اتخذوها منذ عهد الشريف أبو نمي(1512 - 1566) في عهد السلطان سليم الأول (1512 – 1520). اتخذت بعض الدول العربية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، العلم الهاشمي علما خاصا بها، فبعد مبايعة رجالات الأردن، وسائر بلاد الشام الأمير فيصل بن الحسين (1883 - 1933)، بعد دخوله دمشق عام 1918، أعلن المؤتمر السوري العام المعقود بتاريخ 8 آذار 1920 في دمشق، استقلال سورية بحدودها الطبيعية، لتتأسس المملكة العربية السورية، التي شملت سورية الحالية والأردن ولبنلن وفلسطين، وأجزاء من العراق، ومبايعة الأمير فيصل ملكا لأول دولة عربية منذ عدة قرون، وتقرر أن يكون علم الدولة العربية الجديدة هو علم الثورة العربية، مضافا إليه نجمة واحدة بيضاء في المثلث الأحمر، على اعتبار أن الدولة السورية هي أول دولة من دول الوحدة العربية المنشودة، بعد مملكة الحجاز، نشدت الرفعة والمنعة والوحدة لكل العرب، لكن أطماع الاستعمار وأدت أول مشروع وحدوي عربي في العصر الحديث، كان الهاشميون طليعته ورافعته السياسية والوطنية. أما مملكة العراق التي تأسست عام 1921، فقد حمل نجمتان على ذات العلم، باعتبارها الدولة العربية الثانية التي تمخضت عن دولة الحجاز. وهو علم فلسطين حتى التحرير. بقي هذا العلم حتى خروج فيصل من دمشق بعد معركة ميسلون (24 تموز 1920)، والاحتلال الفرنسي لدمشق وبعد معركة ميسلون أرسلت بريطانيا عدد من الضباط إلى شرقي الأردن. وفي اجتماع أم قيس (2 أيلول 1920) بين زعماء عجلون والضابط السياسي البريطاني سمرست، كان من ضمن مطالب الأهالي الست عشرة أن يكون شعار الحكومة العلم السوري ذي النجمة، فظهرت بذلك فكرة النجمة على العلم الأردني في ذلك الوقت. عندما قدم الأمير عبد الله إلى شرقي الأردن 1920- 1921، اعتبر نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا ونائبا عن أبيه، ولذلك رفع العلم السوري باعتبار أنّ شرقي الأردن جزء من سوريا الطبيعية. على الدرب سيحمل الأردنيون الراية معلنين ميلاد إمارة شرقي الأردن على أرضه مع مبايعة الأميرعبد الله بن الحسين في 11 نيسان عام 1921 أميرا عليها، ليكون علم الثورة العربية رايه لها. كان العلم خفاقا مع انعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول في 25 تموز عام 1928، والذي شارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية من رموز الوطن، أكدوا على اعتبار الشعب مصدر السلطات، والمحافظة على مصالح الأمة. في 16 نيسان 1928 أضيفت النجمة إلى العلم الأردني الحالي. وقد تضمن القانون الأساسي لسنة 1928 وصفا للراية الأردنية من حيث الألوان والمقاسات والأقسام، فقد جاء في المادة الثالثة منه ما يلي :" تكون راية شرقي الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتقسم أفقيا إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، يوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية، قاعدته مساوية لعرض الراية، والارتفاع مساو لنصف طولها. وفي هذا المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية، وهو موضوع بحيث يكون وسطه نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازيا لقاعدة المثلث. أما الرؤوس السبعة للكواكب فترمز إلى الآيات السبع التي تتألف منها سورة الفاتحة". وتكرر ذات الوصف في المادة الرابعة من دستور سنة 1947 ودستور 1952 وتعديلاته. وبعد إعلان الاتحاد العربي بين الأردن والعراق في 14 شباط 1958، اعتمد علم جديد للاتحاد، وهو في تصميمه مطابق لعلم الأردن الحالي بالألوان وحتى بالشكل ولكن دون النجمة السباعية، وقد وردت مواصفاته في المادة السابعة من دستور الاتحاد العربي، بأن يكون« طوله ضعفا عرضه ومقسم أفقياً إلى ثلاثة ألوان متساوية ومتوازية؛ أعلاها الأسود فالأبيض فالأخضر، يوضع عليها من ناحية السارية مثلث أحمر متساوي الأضلاع تكون قاعدته مساوية لعرض العلم». وترك لكلا الدولتين الاحتفاظ بعلمها الخاص. ولكن اعتماد هذا العلم لم يدم إلا لفترة وجيزة بعد قيام انقلاب 14 تموز 1958 في العراق، وإعلان النظام الجمهوري. على أرض فلسطين، بذل الجيش العربي الغالي والنفيس حفاظا على مقدساتها في معارك خلدها التاريخ ورفع فيها العلم الأردني، بدءا من معركة باب الواد عام 1948 التي صدت التقدم الصهيوني باتجاه القدس، وارتقى عشرات الشهداء الأردنيين دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وفي 21 آذار عام 1968، ذاد الجيش العربي من جديد عن الحمى في معركة الكرامة التي سطرت بطولات استثنائية في مواجهة الجيش الصهيوني، ليكتب الأردنيون أول انتصار عربي على عدوهم، وظل العلم مرفوعا مضمخا بدماء الشهداء وجهود الأحياء. وفي عام 1973 شارك الجيش العربي في القتال إالى جانب سورية خلال حرب تشرين. وعلى امتداد أكثر من مئة عام، مجد الشعراء راية الأردن، حيث أهدى عبد المنعم الرفاعي (1917 - 1985)، وهو شاعر ورئيس وزراء أسبق، نشيد العلم للملك المؤسس، وأقر عام 1946، وهو من أجمل القصائد التي قيلت في العلم الأردني، ألف موسيقاه عبد القادر التنير، ورددته حناجر طلبة المدارس لعقود، وكان يفتتح بها اليوم الدراسي. خافـــقٌ في المعالـــــــي والمنى عربيّ الظـــــلال والسَّنـــــا في الذُّرى والأعالــــــــــــــــــي فوقَ هـــــــــــــــامِ الرجالِ زاهياَ أهيبا حيــَّـهِ في الصبــــــاح والسُّرى فــــي ابتسامِ الأقاحِ والشذى يـــا شعـــــــــــــــارَ الجـــــلالِ والتمــــــــــــــــاعَ الجمــــالِ والإباء في الرُّبى من نسيــــــجِ الجهــــادِ والفــِدا واحتــدامِ الطــــراد في المدى مـــن صفـــــــــاءِ الليــــــالــــي وانــطلاقِ الخيــــــــــــــــــالِ ساجياً طيّبا سِـــــرْ بنـــا للفخــــار والعُلا وادْعنـــــــا للنفارِ جحفـــــلا فـــــــــي مجــــــــــــــال الطعانِ وانفــــجارِ الزمــــــــــــــــــانِ ظافراً أغلبا تابعو الأردن 24 على