
ما هي طاقة السلام في العالم؟
ما هي #طاقة #السلام في #العالم؟
د. #أيوب_أبودية
لقد نسجتُ ثلاثة مفاهيم جديدة في حياتي المهنية وعبر اشتغالي بالطاقة و #القضايا_البيئية، هي: طاقة السلام، و #التلوث الناجم عن #الجهل، والطاقة المحفوظة كمصدر جديد للطاقة. في المقالة التالية، سأُعرّف مفهوم 'طاقة السلام' وأُبرّر أهميتها للحفاظ على السلام العالمي.
يمكن وصف الطاقة المتجددة النظيفة بطاقة السلام، ليس لأنها تُنتج طاقة دون تلويث البيئة فحسب، بل لأنها تُسهم أيضًا في الحد من أسباب #الصراعات و #النزاعات بين الدول. فعلى عكس مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والنفط والغاز و #الطاقة_النووية، التي تسببت في توترات وحروب عالمية وإقليمية نتيجةً للتنافس على السيطرة؛ فإن #الشمس والرياح والمياه متاحة للجميع، ولا يمكن احتكارها أو حجبها عن أي دولة. وهذا يُحقق درجة عالية من الاستقلال الوطني، ويُقلّل الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة أو الوقود الأجنبي المخصّب.
مقالات ذات صلة وراء الحدث
عندما تُولّد الدول طاقتها من موارد طبيعية محلية نظيفة ومتجددة، فإنها لا تحمي بيئتها فحسب، بل تُعزّز سيادتها الذاتية، وتُعزّز السلام العالمي. لذا، فإن الاستثمار في الطاقة النظيفة ليس خيارًا بيئيًا فحسب، بل خيارًا استراتيجيًا لأمن الشعوب واستقرار هذا الكوكب. إذ تكمن أهميتها في الحد من الحروب الناجمة عن الصراعات على الموارد الطبيعية ووقود الصواريخ النووية. وقد اخترنا بداية القرن العشرين لحصر أمثلة هذه المقالة حتى لا تتوسع كثيرا كالتالي:
1. الحرب العالمية الأولى (1914-1918): تنافست الإمبراطوريات الأوروبية على المستعمرات الخارجية الغنية بالمواد الخام (المطاط والنفط والمعادن). وكان طموح ألمانيا في تحدي سيطرة بريطانيا على الموارد العالمية عاملاً مهماً.
2. الحرب العالمية الثانية (1939-1945): سعت اليابان إلى الهيمنة على إمدادات النفط والمطاط في جنوب شرق آسيا. وغزت ألمانيا الاتحاد السوفيتي جزئياً للاستيلاء على حقول الحبوب الأوكرانية والنفط في القوقاز. وكانت السيطرة على الفحم والصلب في الألزاس واللورين ووادي الرور نقطة توتر طويلة الأمد في أوروبا.
3. حرب تشاكو (1932-1935) – بوليفيا ضد باراغواي: كان السبب نزاعاً على منطقة 'غران تشاكو'، التي تحتوي على احتياطيات نفطية كبيرة.
٤. حرب بيافرا (الحرب الأهلية النيجيرية) (١٩٦٧-١٩٧٠): كان السبب هو السيطرة على دلتا النيجر الغنية بالنفط، والتي لعبت دورًا مهمّاً في محاولة بيافرا الانفصالية.
٥. حرب الأيام الستة (١٩٦٧) والصراع العربي الإسرائيلي الذي تلاه: في حين أن السيطرة على المياه كانت في المقام الأول إقليمية وسياسية، إلا أنها كانت عاملًا استراتيجيًا للحرب – وخاصة بهدف السطو على مياه نهر الأردن وفروعه، وطبقات المياه الجوفية في مرتفعات الجولان، ونهر الليطاني في لبنان لاحقًا.
٦. الحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨): على الرغم من دوافعها السياسية، إلا أنها شملت أيضًا السيطرة على مجرى 'شط العرب' المائي والوصول إلى حقول النفط والغاز.
٧. حرب الخليج (١٩٩٠-١٩٩١): كان السبب هو غزو العراق للكويت، جزئيًا للسيطرة على احتياطيات النفط وتخفيف ديونه بعد الحرب.
٨. حرب الكونغو الثانية (١٩٩٨-٢٠٠٣): تُسمى أحيانًا 'حرب أفريقيا العالمية'، وقد شاركت فيها تسع دول. كان السبب هو السيطرة على موارد الكونغو الهائلة: الماس والذهب والنحاس والأخشاب.
كذلك، فإن إحصاء بعض الاتفاقيات والتحالفات المتعلقة بالموارد التي وُقِّعت بعد هذه الحروب يُعزز حجتنا بأن الطاقات المتجددة النظيفة هي طاقات سلام، كالتالي:
1. الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC – 1951). تأسست من قِبل فرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. وهدفت إلى دمج السيطرة على إنتاج الفحم والصلب لمنع الحروب المستقبلية (لا سيّما بين فرنسا وألمانيا). كما كانت بمثابة مقدمة للاتحاد الأوروبي.
2. تأسيس منظمة أوبك (1960). تأسست منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لتنسيق سياسات النفط وتأكيد السيادة على الموارد الوطنية. واكتسبت قوة سياسية بعد حظر النفط عام 1973 الذي فرضه الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، بعد حرب أكتوبر مع إسرائيل، مما يُظهر كيف يمكن لتحالفات الموارد أن تؤثر على السياسة العالمية.
علاوة على ذلك، يمكن أن تكون النزاعات المحتملة على الموارد في المستقبل مؤشرًا جديدًا على أهمية مفهوم 'طاقة السلام'، فمثلا:
1. حروب المياه: يُنظر إلى المياه بشكل متزايد على أنها السبب الأكثر ترجيحًا للحروب المستقبلية، لا سيما في المناطق التي تعاني بالفعل من ندرة المياه. ويمكن للطاقة المتجددة النظيفة والرخيصة أن تُخفف حدة التوتر من خلال تحلية المياه بطاقة السلام النظيفة.
حوض النيل – مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD) الذي زاد من حدة التوترات. إذ تخشى مصر من انخفاض تدفق المياه في نهر النيل، الذي يوفر أكثر من 90% من مياهها العذبة.
دجلة والفرات – تؤثر مشاريع السدود التركية على تدفق المياه باتجاه مجرى النهر إلى سوريا والعراق. وقد يؤدي ذلك إلى نزاعات أو حتى صراع مفتوح حول حقوق المياه والري.
نظام نهر السند – الهند وباكستان. يتعرض نظام النهر المشترك بموجب معاهدة مياه السند لضغوط بسبب تغير المناخ والخلافات السياسية. وقد تنشأ صراعات مستقبلية إذا قام أي من الجانبين بتقييد الوصول إلى المياه.
٢. التنافس على النفط والغاز: شرق البحر الأبيض المتوسط - تركيا، اليونان، قبرص، إسرائيل، مصر، سوريا، لبنان، غزة. أدت اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة إلى نزاعات حول المناطق الاقتصادية الخالصة. وتؤثر المواجهات البحرية وتحالفات الطاقة بالفعل على سياسات المنطقة برمتها.
– منطقة القطب الشمالي – روسيا، الولايات المتحدة، كندا، النرويج، الدنمارك. إذ يفتح ذوبان الجليد بفعل الاحتباس الحراري طرق شحن جديدة فيتيح الوصول إلى أماكن النفط والغاز والمعادن. وقد يتصاعد التنافس على المطالبات الإقليمية والسيطرة على الموارد.
– بحر الصين الجنوبي – غني بالنفط والغاز، وتطالب الصين بمعظم البحر في تحدٍّ للأحكام الدولية. وتزيد التوترات مع الدول المجاورة والوجود البحري الأمريكي من خطر نشوب صراعات.
٣. العناصر الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية: أدى ارتفاع الطلب العالمي على الكوبالت والليثيوم على البطاريات والمركبات الكهربائية والتكنولوجيا الحديثة إلى جعل جمهورية الكونغو الديمقراطية موردًا رئيسيًا. ويتزايد تعرضها لخطر الاستغلال الأجنبي، وعدم الاستقرار الداخلي، والصراعات بالوكالة.
جرينلاند – المعادن النادرة واليورانيوم. يكشف ذوبان الأنهار الجليدية عن موارد غير مستغلة هناك. وتُبدي الولايات المتحدة والصين وأوروبا اهتمامًا، مع احتمال حدوث خلافات جيوسياسية.
4. الأراضي الزراعية والأمن الغذائي: منطقة الساحل (أفريقيا) – التصحر وندرة الأراضي. يُؤدي تغير المناخ إلى تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وإشعال صراعات عرقية وصراعات على الموارد (مثل الصراعات بين الرعاة والمزارعين). ويُمكن أن تكون تحلية المياه بالطاقة النظيفة المتجددة حلاً.
ففي ضوء ما سبق، يتبيّن أن الطاقة المتجددة النظيفة ليست مجرد خيار بيئي، بل أداة استراتيجية لصناعة عالم أكثر استقرارًا وسلامًا. فحين تكون مصادر الطاقة متاحة للجميع، يقل دافع الهيمنة والصراع، وتزداد فرص التعاون.
إن طاقة السلام هي طاقة لا تُلوّث، ولا تُحتكر، وهي سبيل آمن للسيادة الوطنية، والتكافؤ الدولي والانصاف والعدالة، وتخفيف التوترات بين الشعوب. فكل استثمار في الطاقة النظيفة، هو استثمار في مستقبلٍ يخلو من الحروب والصراعات المفتعلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 2 أيام
- سرايا الإخبارية
الطائرات المسيّرة وقصة السيطرة على الأجواء
سرايا - وضعت الحروب الحديثة جيوش العالم أمام تحديات أمنية وعسكرية تتطلب تطوير الوسائل الدفاعية والبنية التحتية التكنولوجية القادرة على مواجهة التهديدات. فكما سارعت الدول المتقدمة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى تعزيز ترساناتها العسكرية بمختلف الابتكارات والاختراعات، يشهد عصرنا على حروب حديثة من نوع مختلف وبتقنيات أكثر تطورا وسرعة ودقّة. وتبرز الطائرات المسيّرة، كأدوات حربية تصنع الفارق في ساحات المعارك بقدرات هجومية عالية الدقة، تستهدف وتدمر الأهداف الحيوية للعدوّ عن بعد، لتغيّر بذلك طبيعة الخطط العسكرية بين الجانبين دفاعية كانت أم هجومية. وكشف تقرير نُشر على موقع "إيرو تايم" المتخصص في أخبار الطيران العالمي عن أفضل 5 طائرات عسكرية بدون طيار لعام 2025، تتصدر القائمة طائرة "جينيرال أتوميكس إم كيو -9 ريبر"، تليها طائرة "بيرقدار تي بي -2″، ثم "تي إيه آي أنكا -3″، ورابعا "سي إيه آي جي وينغ لونغ -2" الصينية، وفي المركز الخامس، جاءت طائرة "كرونشتادت أوريون" الروسية. فكيف بدأت مسيرة تطوير الطائرات بدون طيار حتى وصلت إلى هذه المكانة المحورية في ساحات المعارك؟ ومَن القوى التي تقود دفة هذه الصناعة وتتحكم في مستقبلها؟ أسئلة يحاول هذا التقرير الإجابة عنها، عبر العودة إلى بدايات القصة، واستعراض القوى الكبرى المسيطرة على هذا المجال الحيوي. فكرة الطائرات المسيّرة يعود تاريخ صنع الطائرات المسيّرة المتحكم فيها عن بعد إلى زمن الحرب العالمية الأولى، حين قام المهندس البريطاني، أرتشيبالد لو عام 1917 بتطوير أول مسيرة "أيريال تارغت" والتي تعني (الهدف الجوي). وقد كانت أول وثبة نحو عالم أجهزة الطيران الحديثة، إذ وجهت النماذج الأولية من هذه الأسلحة نحو اختبار تدمير القاذفات الألمانية الثقيلة، لكن بسبب الصعوبات في ضمان الطيران المستقر فقد الجيش البريطاني اهتمامه بالمشروع وأوقف تنفيذه. في السنة التالية، طورت الولايات المتحدة الأميركية طائرة "الطوربيد الجوي"، التي تعرف كذلك بـ "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي، تشارلز كيترينغ، وقد خصصت لحمل القنابل، بيد أنها لم تستخدم في الحرب العالمية الأولى، بل كان لها تأثير إيجابي فيما بعد على تطوير صناعة المسيّرات. Kettering Bug طائرة : كيترينغ بغ طائرة "كيترينغ بغ" نسبة إلى المخترع والمهندس الأميركي تشارلز كيترينغ (الصحافة الأميركية) وفقا للدراسات، يعد عام 1935 نقطة تحول في استخدام الطائرات دون طيار على نطاق واسع، خاصة لأغراض التدريب العسكري، تبعا لهذا طُورت طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية، بعدها طورت أميركا طائرة "أو كيو- 2 راديو بلاين" والمتحكم بها عن طريق الراديو، وقد أطلقت عام 1939. ويعود أوّل استخدام لهذه المسيّرة إلى حرب فيتنام عام 1950، إذ نشرت أميركا طائرات استطلاع على نطاق واسع، بأدوار جديدة تشمل العمل كشراك للخداع أثناء القتال، وإطلاق الصواريخ على أهداف ثابتة، وإسقاط منشورات تخدم الحرب النفسية بالإضافة إلى أعمال الاستطلاع. يقول الكاتب المختص في الشؤون التركية والشرق الأوسط الدكتور فراس رضوان أوغلو، في حديثه للجزيرة نت إن الطائرات المسيّرة تحوّلت من استخدامٍ لأدوات ولأهداف معينة كالمراقبة والتصوير وعمليات الاستكشاف والاستطلاع وحتى اغتيالات لشخصيات معينة لعمليات عسكرية مباشرة، وبهذا بدأ التحول الكبير في أرض الميدان وأصبحت تسمى بمعارك المسيّرات، وبالتالي أصبحت جزءا جديدا ونوعية جديدة وقوة فاعلة من الحروب العسكرية". طائرة "دي إتش 82 – كوين بي" المصمّمة من قبل شركة "دي هافيلاند إيركرافت" البريطانية عام 1939 (غيتي) وكانت الحرب الباردة حافزا لتطوير المسيرات، وبسبب التنافس العسكري بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي تسابق البلدان لتطوير طائرات استطلاعية قادرة على تنفيذ مهام مختلفة بدقة وبسرعة عالية. ومن أبرز مسيرات هذه المرحلة، نجد "لوكهيد دي 21" الأميركية والمصنعة عام 1962، في حين باشر السوفيات تطوير الطائرات بدون طيار في ثلاثينيات القرن الماضي، وأطلقها لأول مرة أواخر عام 1950، من أشهرها طائرات توبوليف "تو- 123″ (ياستريب) و"تو- 141″ (ستريج) و"تو -143" (ريس)، وقد استُخدمت للاستطلاع والمراقبة. وفقا لتقرير موقع "إن إس آي إن" حول قائمة أبرز 10 دول تمتلك أكبر الطائرات المسيّرة. من يملك اليد العليا في حرب المسيّرات؟ بحلول عام 2025، تحرّكت العديد من الدول بسرعة نحو اقتناء أو تصنيع الطائرات دون طيار، وجاءت الولايات المتحدة الأميركية على رأس القائمة بامتلاكها حوالي 13 ألف مسيّرة، متنوعة بين طائرة "إم كيو-9 ريبر" المتميزة بقدرتها العالية على التحمّل ودقتها في ضرب الأهداف وجمع المعلومات على مسافات واسعة، و "إم كيو-1 سي غراي إيغل" أو كما يطلق عليها "النسر الرمادي" التي يستخدمها الجيشان الأميركي والإسرائيلي في العمليات العسكرية. إضافة لمسيرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" الخاصة بعمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية عبر القارات، و"آر كيو-11 رافن" أو كما يطلق عليها "الغراب" التي تستخدم لعمليات الاستطلاع من مسافات قريبة. وتليها تركيا بحيازة 1421 طائرة مسيّرة، إذ تمتلك ثاني أكبر أسطول عسكري للطائرات المسيرة في العالم، كما برزت أنقرة كأحد أقطاب صناعة المسيرات التي أثبتت كفاءتها في ضرب الأهداف بدقة عالية والتحمل، وأهمها طائرة "بيرقدار تي بي -2". بينما حلت بولندا ثالثة بنحو 1209 طائرات مسيّرة مصممة خصيصا لعمليات الاستخبارات في ساحة المعارك، أبرزها، "وورمايت" المعروفة بدقة ضرباتها وسهولة انتشارها، و"أورليك بي جي زاد -19 آر" التكتيكية المتخصصة في عمليات الاستطلاع والمراقبة و"أوربايتور 2/3″ المطورة بالشراكة مع إسرائيل تستخدم في عدة مهام دفاعية. وتأتي روسيا في المرتبة الرابعة بامتلاكها حوالي 1050 طائرة مسيّرة، من أبرزها مسيرة "أورلان -10" التي تعتبر العمود الفقري في العمليات التكتيكية الروسية في ساحة المعركة وفقا للتقديرات، "سيرتشير إم كا – 2" وتستخدم في دعم مهام الاستطلاع. أمّا ألمانيا فقد حلت خامسة بنحو 670 طائرة مسيّرة وتليها الهند بحوالي 625 مسيرة وفرنسا بـ 591 وأستراليا بـ557 وكوريا الجنوبية بـ518 طائرة مسيرة وفي المركز العاشر فنلندا بحوالي 412 طائرة مسيّرة. كما نشير أيضا إلى الطائرات المسيّرة الإيرانية، حيث تعدّ إيران اليوم، من أكبر مصنعي الطائرات بدون طيار في العالم، على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها، وأشهرها "شاهد 129″، و"شاهد 136"، و"مهاجر 6".. وغيرها. ويقول رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والإستراتيجية بمركز العرب هاني الجمل للجزيرة نت "إن المسيرات أصبحت النقطة المفصلية لجمع المعلومات في الطلعات الاستكشافية". وأشار إلى أن هناك العديد من الدول اليوم باتت تستخدم المسيّرات كتكتيك جديد للأسلحة الجوية استخداما لعدة مسارات، أولها هو الاستكشاف وجمع المعلومات خاصة في المناطق التي يصعب فيها استخدام سلاح الجو التقليدي، وأيضا لانخفاض تكلفتها وصغر حجمها ودقتها وفاعليتها الكبيرة مقارنة بالأسلحة الأخرى. المسيرات الإسرائيلية.. صناعة رائجة بمناطق الأزمات وأوضح تقرير نشر على موقع "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عام 2019، أنّ الطائرات بدون طيار الإسرائيلية دخلت أول مرة حيّز الاستخدام عام 1960، ومن بعدها كثَفت تل أبيب جهودها في تطوير وابتكار المسيرات التي استخدمتها خلال حروبها في احتلال شبه جزيرة سيناء عام 1967، وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحربها مع لبنان 1983. يشرح التقرير كيف نجحت إسرائيل في استخدام هذه الطائرات الاستطلاعية لتحقيق أهدافها العسكرية آنذاك. ووفقا للرئيس السابق لصناعة الطائرات الإسرائيلية ديفيد هاراري، فإنّ بلاده هي من طورت أوّل نظام تشغيل للمسيرات، ومن خلال تعاونها مع الولايات المتحدة تمّ تطوير طائرة الاستطلاع التكتيكية "آي آي آر كيو-2 بيونير" عام 1986. كما أظهر تقرير لموقع "وورلد بيس فاونديشن" أن تل أبيب قامت بتصدير طائرات بدون طيار إلى 56 دولة على الأقل، رغم القيود المفروضة على المصنعين الإسرائيليين للإعلان علنا عن تقنيتهم. وفي عام 2021، شكّلت الطائرات بدون طيار نحو 9% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية برقم قياسي قدّر بـ11.3 مليار دولار، حيث إنّ نصف هذه الصادرات يذهب لأوروبا وثلثها إلى آسيا، وحوالي 10% من صادرات الأسلحة الإسرائيلية هي طائرات بدون طيّار. وبحسب التقرير، فإنّ إسرائيل من عام 2009 إلى عام 2018، قدّمت أسلحة بما فيها الطائرات دون طيّار إلى المشاركين النشطين في النزاعات في عدة دول مثل: أفغانستان وإثيوبيا والهند وليبيا وميانمار ونيجيريا والصومال وتركيا وغيرها. وتقدّر عائدات الصادرات الإسرائيلية للطائرات بدون طيّار سنة 2025، بـ 11.6 مليون دولار، وفقا لمنصة البيانات الألمانية "ستاتيستا". وحول تأثير المسيرات على منطقة الشرق الأوسط في ظل الأحداث الراهنة والحرب الإسرائيلية الإيرانية: يقول هاني الجمل للجزيرة نت إن "المسيرات سيكون لها تأثير على دول الشرق الأوسط، من النواحي الإنتاجية والاستخباراتية التي من الصعوبة الحصول عليها من دول المنطقة والدول المحيطة بها في ظل وجود أجهزة تجسّس متطورة تعتمد عليها دول الجوار في الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، قد لا تؤثر على المنطقة، لأنّ المسيّرات لا تحسم معارك حربية بعينها وهذه هي النقطة المفصلية، كونها قد تصيب الهدف ولكنها لا تستطيع أن تحصل على أراض ومساحة جغرافية في المعارك الحربية بشكل واقعي".


سواليف احمد الزعبي
منذ 6 أيام
- سواليف احمد الزعبي
ما هي طاقة السلام في العالم؟
ما هي #طاقة #السلام في #العالم؟ د. #أيوب_أبودية لقد نسجتُ ثلاثة مفاهيم جديدة في حياتي المهنية وعبر اشتغالي بالطاقة و #القضايا_البيئية، هي: طاقة السلام، و #التلوث الناجم عن #الجهل، والطاقة المحفوظة كمصدر جديد للطاقة. في المقالة التالية، سأُعرّف مفهوم 'طاقة السلام' وأُبرّر أهميتها للحفاظ على السلام العالمي. يمكن وصف الطاقة المتجددة النظيفة بطاقة السلام، ليس لأنها تُنتج طاقة دون تلويث البيئة فحسب، بل لأنها تُسهم أيضًا في الحد من أسباب #الصراعات و #النزاعات بين الدول. فعلى عكس مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والنفط والغاز و #الطاقة_النووية، التي تسببت في توترات وحروب عالمية وإقليمية نتيجةً للتنافس على السيطرة؛ فإن #الشمس والرياح والمياه متاحة للجميع، ولا يمكن احتكارها أو حجبها عن أي دولة. وهذا يُحقق درجة عالية من الاستقلال الوطني، ويُقلّل الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة أو الوقود الأجنبي المخصّب. مقالات ذات صلة وراء الحدث عندما تُولّد الدول طاقتها من موارد طبيعية محلية نظيفة ومتجددة، فإنها لا تحمي بيئتها فحسب، بل تُعزّز سيادتها الذاتية، وتُعزّز السلام العالمي. لذا، فإن الاستثمار في الطاقة النظيفة ليس خيارًا بيئيًا فحسب، بل خيارًا استراتيجيًا لأمن الشعوب واستقرار هذا الكوكب. إذ تكمن أهميتها في الحد من الحروب الناجمة عن الصراعات على الموارد الطبيعية ووقود الصواريخ النووية. وقد اخترنا بداية القرن العشرين لحصر أمثلة هذه المقالة حتى لا تتوسع كثيرا كالتالي: 1. الحرب العالمية الأولى (1914-1918): تنافست الإمبراطوريات الأوروبية على المستعمرات الخارجية الغنية بالمواد الخام (المطاط والنفط والمعادن). وكان طموح ألمانيا في تحدي سيطرة بريطانيا على الموارد العالمية عاملاً مهماً. 2. الحرب العالمية الثانية (1939-1945): سعت اليابان إلى الهيمنة على إمدادات النفط والمطاط في جنوب شرق آسيا. وغزت ألمانيا الاتحاد السوفيتي جزئياً للاستيلاء على حقول الحبوب الأوكرانية والنفط في القوقاز. وكانت السيطرة على الفحم والصلب في الألزاس واللورين ووادي الرور نقطة توتر طويلة الأمد في أوروبا. 3. حرب تشاكو (1932-1935) – بوليفيا ضد باراغواي: كان السبب نزاعاً على منطقة 'غران تشاكو'، التي تحتوي على احتياطيات نفطية كبيرة. ٤. حرب بيافرا (الحرب الأهلية النيجيرية) (١٩٦٧-١٩٧٠): كان السبب هو السيطرة على دلتا النيجر الغنية بالنفط، والتي لعبت دورًا مهمّاً في محاولة بيافرا الانفصالية. ٥. حرب الأيام الستة (١٩٦٧) والصراع العربي الإسرائيلي الذي تلاه: في حين أن السيطرة على المياه كانت في المقام الأول إقليمية وسياسية، إلا أنها كانت عاملًا استراتيجيًا للحرب – وخاصة بهدف السطو على مياه نهر الأردن وفروعه، وطبقات المياه الجوفية في مرتفعات الجولان، ونهر الليطاني في لبنان لاحقًا. ٦. الحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨): على الرغم من دوافعها السياسية، إلا أنها شملت أيضًا السيطرة على مجرى 'شط العرب' المائي والوصول إلى حقول النفط والغاز. ٧. حرب الخليج (١٩٩٠-١٩٩١): كان السبب هو غزو العراق للكويت، جزئيًا للسيطرة على احتياطيات النفط وتخفيف ديونه بعد الحرب. ٨. حرب الكونغو الثانية (١٩٩٨-٢٠٠٣): تُسمى أحيانًا 'حرب أفريقيا العالمية'، وقد شاركت فيها تسع دول. كان السبب هو السيطرة على موارد الكونغو الهائلة: الماس والذهب والنحاس والأخشاب. كذلك، فإن إحصاء بعض الاتفاقيات والتحالفات المتعلقة بالموارد التي وُقِّعت بعد هذه الحروب يُعزز حجتنا بأن الطاقات المتجددة النظيفة هي طاقات سلام، كالتالي: 1. الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC – 1951). تأسست من قِبل فرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. وهدفت إلى دمج السيطرة على إنتاج الفحم والصلب لمنع الحروب المستقبلية (لا سيّما بين فرنسا وألمانيا). كما كانت بمثابة مقدمة للاتحاد الأوروبي. 2. تأسيس منظمة أوبك (1960). تأسست منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لتنسيق سياسات النفط وتأكيد السيادة على الموارد الوطنية. واكتسبت قوة سياسية بعد حظر النفط عام 1973 الذي فرضه الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، بعد حرب أكتوبر مع إسرائيل، مما يُظهر كيف يمكن لتحالفات الموارد أن تؤثر على السياسة العالمية. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون النزاعات المحتملة على الموارد في المستقبل مؤشرًا جديدًا على أهمية مفهوم 'طاقة السلام'، فمثلا: 1. حروب المياه: يُنظر إلى المياه بشكل متزايد على أنها السبب الأكثر ترجيحًا للحروب المستقبلية، لا سيما في المناطق التي تعاني بالفعل من ندرة المياه. ويمكن للطاقة المتجددة النظيفة والرخيصة أن تُخفف حدة التوتر من خلال تحلية المياه بطاقة السلام النظيفة. حوض النيل – مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD) الذي زاد من حدة التوترات. إذ تخشى مصر من انخفاض تدفق المياه في نهر النيل، الذي يوفر أكثر من 90% من مياهها العذبة. دجلة والفرات – تؤثر مشاريع السدود التركية على تدفق المياه باتجاه مجرى النهر إلى سوريا والعراق. وقد يؤدي ذلك إلى نزاعات أو حتى صراع مفتوح حول حقوق المياه والري. نظام نهر السند – الهند وباكستان. يتعرض نظام النهر المشترك بموجب معاهدة مياه السند لضغوط بسبب تغير المناخ والخلافات السياسية. وقد تنشأ صراعات مستقبلية إذا قام أي من الجانبين بتقييد الوصول إلى المياه. ٢. التنافس على النفط والغاز: شرق البحر الأبيض المتوسط - تركيا، اليونان، قبرص، إسرائيل، مصر، سوريا، لبنان، غزة. أدت اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة إلى نزاعات حول المناطق الاقتصادية الخالصة. وتؤثر المواجهات البحرية وتحالفات الطاقة بالفعل على سياسات المنطقة برمتها. – منطقة القطب الشمالي – روسيا، الولايات المتحدة، كندا، النرويج، الدنمارك. إذ يفتح ذوبان الجليد بفعل الاحتباس الحراري طرق شحن جديدة فيتيح الوصول إلى أماكن النفط والغاز والمعادن. وقد يتصاعد التنافس على المطالبات الإقليمية والسيطرة على الموارد. – بحر الصين الجنوبي – غني بالنفط والغاز، وتطالب الصين بمعظم البحر في تحدٍّ للأحكام الدولية. وتزيد التوترات مع الدول المجاورة والوجود البحري الأمريكي من خطر نشوب صراعات. ٣. العناصر الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية: أدى ارتفاع الطلب العالمي على الكوبالت والليثيوم على البطاريات والمركبات الكهربائية والتكنولوجيا الحديثة إلى جعل جمهورية الكونغو الديمقراطية موردًا رئيسيًا. ويتزايد تعرضها لخطر الاستغلال الأجنبي، وعدم الاستقرار الداخلي، والصراعات بالوكالة. جرينلاند – المعادن النادرة واليورانيوم. يكشف ذوبان الأنهار الجليدية عن موارد غير مستغلة هناك. وتُبدي الولايات المتحدة والصين وأوروبا اهتمامًا، مع احتمال حدوث خلافات جيوسياسية. 4. الأراضي الزراعية والأمن الغذائي: منطقة الساحل (أفريقيا) – التصحر وندرة الأراضي. يُؤدي تغير المناخ إلى تقلص مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وإشعال صراعات عرقية وصراعات على الموارد (مثل الصراعات بين الرعاة والمزارعين). ويُمكن أن تكون تحلية المياه بالطاقة النظيفة المتجددة حلاً. ففي ضوء ما سبق، يتبيّن أن الطاقة المتجددة النظيفة ليست مجرد خيار بيئي، بل أداة استراتيجية لصناعة عالم أكثر استقرارًا وسلامًا. فحين تكون مصادر الطاقة متاحة للجميع، يقل دافع الهيمنة والصراع، وتزداد فرص التعاون. إن طاقة السلام هي طاقة لا تُلوّث، ولا تُحتكر، وهي سبيل آمن للسيادة الوطنية، والتكافؤ الدولي والانصاف والعدالة، وتخفيف التوترات بين الشعوب. فكل استثمار في الطاقة النظيفة، هو استثمار في مستقبلٍ يخلو من الحروب والصراعات المفتعلة.


سواليف احمد الزعبي
منذ 7 أيام
- سواليف احمد الزعبي
الضربات تتصاعد.. هل المنطقة على حافة كارثة نووية؟
#سواليف تتزايد مخاوف سكان المنطقة من احتمال حدوث #تسرب_إشعاعي، مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران عقب #استهداف #إسرائيل #منشآت_نووية إيرانية والتهديد من قبل #طهران بقصف #مفاعل_ديمونة في صحراء النقب. ويستحضر البعض كوابيس كارثتي تشرنوبل وفوكوشيما، إلا أن خبراء يؤكدون أن تكرار مثل هذه السيناريوهات يبقى احتمالا ضعيفا. وكانت وكالة الطاقة الذرية كشفت الثلاثاء عن تضرر محطة تخصيب تحت الأرض في موقع نطنز النووي جراء الهجمات الإسرائيلية، بعد أن أكدت تضرر المبنى العلوي، راصدة تلوثا كيميائيا وإشعاعيا بمحيط الموقع الجمعة، لكنها لم تحذر من توسع التلوث. كما أكدت الوكالة عدم تسجيل أي آثار إشعاعية جراء استهداف مفاعل خنداب للماء الثقيل أو المنشأة النووية في أصفهان. وفيما يتعلق بمنشأة فوردو، صرحت الوكالة الذرية أنها لم ترصد أي آثار أضرار أو تسرب إشعاعي. لكن رئيس شركة الطاقة النووية الروسية أليكسي ليخاتشوف حذر الخميس من أن هجوما إسرائيليا على مفاعل بوشهر قد يؤدي إلى 'كارثة على غرار تشرنوبل' التي تعد أسوأ #كارثة_نووية شهدها العالم عام 1986 عندما انفجر أحد المفاعلات في تشرنوبل بأوكرانيا التي كانت آنذاك جزءا من الاتحاد السوفياتي. وتكتسي هذه التصريحات أهميتها عند النظر إلى طبيعة البرنامج النووي الإيراني الذي يتوزع على 4 أفرع رئيسية تشمل مراكز البحث ومواقع التخصيب والمفاعلات النووية ومناجم اليورانيوم. وتنتشر هذه المنشآت عبر 11 موقعا داخل البلاد، وقد صُمّم بعضها تحت الأرض أو ضمن سلاسل جبلية لتحمل آثار الحروب والكوارث الطبيعية، مما يعكس مستوى التعقيد الفني والهندسي في بنية هذا البرنامج. هل الخطر حقيقي؟ ويؤكد الخبير والمستشار بالأمن النووي والأمان الإشعاعي عبد الوالي العجلوني -للجزيرة نت- أن خوف الناس من الإشعاع غالبا ما يكون ناتجا عن سوء فهم لطبيعته ومصادره، وارتباط صورة ذلك بالهجومين النوويين على هيروشيما وناغازاكي نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. ويقول العجلوني أيضا 'ليس كل إشعاع نووي يعني كارثة' إذ تختلف المواد المشعة من حيث كمية الإشعاع التي تصدرها، وبالتالي من حيث خطورتها، وهي في حال اختفائها من الهواء تختفي خطورتها. ويشرح بأن خطر استهداف المواقع النووية في إيران يختلف حسب نوع المنشأة. ففي منشآت التخصيب، يُعالج اليورانيوم لزيادة نسبة نظير 'يو-235' U-235 وتحويله لوقود، مما يجعل الإشعاع الصادر عنه منخفضا نسبيا، ولا يشكل خطرا بيئيا كبيرا حال تسربه. أما في المفاعلات النووية، فيستخدم هذا الوقود لتوليد طاقة، وينتج عن ذلك نواتج انشطار شديدة الإشعاع مثل السيزيوم والسترونشيوم والبلوتونيوم، وهي مواد مشعة بدرجة عالية، بعضها يدوم لعقود لا سيما في التربة والمياه، لكن أغلبها تختفي بسرعة وينتهي خطرها الإشعاعي. خريطة #المفاعلات_النووية في #إيران لذا، يعد الخطر الإشعاعي في المفاعلات أكبر بكثير لخطورة انتشار نواتج الانشطار أو ما تسمى المواد المشعة، خاصة في حال وقوع تسرب أو دمار بفعل هجوم أو خلل فني. وتحتوي المنشآت البحثية على كمية محدودة من نواتج الانشطار، مثل تلك الموجودة في طهران أو آراك، لكن استهدافها لن يسبب تلوثا إشعاعيا كبيرا أو عابرا للحدود، بالرغم من إمكانية أن يتسبب بأخطار موضعية، لا سيما إذا كان عدد من الناس موجودا بالمنشأة أو على مقربة منها في حال الاستهداف مما سيعرض صحتهم للخطر، بحسب ما يوضحه العجلوني. وبالتالي، لن يؤدي استهداف منشآت التخصيب، مثل نطنز وفوردو، إلى أي تلوث عابر للحدود أو خارج المنشأة حتى في حال تسرب اليورانيوم. ويتابع قائلا إن نتائج استهداف إسرائيل لمفاعل بوشهر ستكون الأقرب إلى ما حدث في كارثة تشرنوبل من الناحية البيئية وانتشار المواد المشعة 'فلو ضُرب قلب المفاعل ستتسرب المواد المشعة التي تعد الأخطر على البيئة والصحة'. وبدوره، يوضح خبير الطاقة النووية والرئيس الأسبق لمركز الأمان النووي المصري كريم الأدهم -للجزيرة نت- أن الهجمات الإسرائيلية تركز على منشآت التخصيب لأنها 'تعد الحجر الأساسي في برنامج إيران النووي' مشددا على أن مفاعل بوشهر لا يعد هدفا إسرائيليا أساسيا لأنه يستخدم لإنتاج الطاقة. 'في حالة استعداد' وعن المقارنة بتشرنوبل، ينوه العجلوني إلى أن ما حدث في المفاعل حينها كان نتيجة خطأ تقني لم يستطع الفريق الفني السيطرة عليه في ظل نقص الخبرة مما أدى إلى انفجار، أما ما حدث في فوكوشيما باليابان عام 2011 فكان نتيجة زلزال أسفر عن مشاكل بالتبريد أدت لارتفاع في ضغط المفاعل، تبعتها مشكلة في التحكم بالتنفيس نتج عنها زيادة النشاط الإشعاعي، أي أنهما كانا غير متوقعين. أما في أجواء الضربات المتبادلة والتهديد الإسرائيلي باستهداف جميع المنشآت النووية الإيرانية، فمن المتوقع أن تكون الفرق الفنية والعلمية المشرفة على مفاعل بوشهر قد اتخذت جميع الاحتياطات والإجراءات اللازمة لتجنب المخاطر الكبيرة في حال الاستهداف، بحسب العجلوني. ومن جانبه، يشير الأدهم إلى أن تصميم مفاعل تشرنوبل كان قديما بعوامل أمان غير متطورة، لكن التصميمات الحديثة للمفاعلات النووية طورت عوامل أمانها لتجنب انتشار المواد المشعة الكبير في حال الكوارث. ماذا لو ضرب بوشهر؟ لكن في حال ضربت إسرائيل مفاعل بوشهر، فقد تنتقل المواد المشعة ألفي كيلومتر عبر الهواء، غير أن أغلبها سيتركز في نطاق 3 كيلومترات وكلما ابتعدنا عنها سيكون أثرها أقل، وبالتالي لن تؤدي إلى تلوث كبير كما أنه ليس كل من يتعرض لها سيواجه أخطارا صحية كبيرة، وفق العجلوني. إعلان ويستبعد الأدهم بشدة استهداف مفاعل بوشهر، لكنه يقول إنه لو حدث ذلك فقد يؤدي إلى تلوث مياه الخليج بالمواد المشعة، مشددا على أن إجراءات الطوارئ الحازمة ستتعامل مع ذلك لتقليل الأضرار في ظل اعتماد تلك الدول على تحلية المياه حيث سيفرض على محطات التحلية أخذ عينات من المياه وقياس نسبة الإشعاع. ويؤكد العجلوني أن الدول المجاورة مثل قطر والكويت والإمارات والسعودية، التي تعد في دائرة الخطر، لديها جميعها هيئات تعمل على قياس نسب الإشعاع عبر دراسة عينات من الهواء والتربة والماء، ولم يرصد أي خطر حتى الآن، مشيرا إلى أن فرق تلك الهيئات تحظى بتدريبات بناء على الدروس المستفادة من الكوارث الإشعاعية في العالم. ماذا عن ديمونة؟ وبخصوص مفاعل ديمونة الإسرائيلي الذي هددت إيران باستهدافه، يلفت الأدهم إلى أن المعلومات عنه شحيحة للغاية مما يجعل من الصعب التنبؤ بكمية المواد المشعة التي قد تنتشر إذا قُصف. لكنه يشدد على أن استهداف ديمونة يفرض تطبيق إجراء الطوارئ في دائرة قطرها 30 كيلومترا فقط، ويتابع أن انتشار المواد المشعة يتحكم فيها عموما اتجاه الريح والظروف الجوية، مما يفرض على الدول المحيطة مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا أخذ إجراءات بقياس نسب الإشعاع في أراضيها. ويشرح العجلوني أنه رغم الهواجس المتكررة بشأن تسرّب إشعاعي في حال استهداف مواقع نووية، غير أن ما يقيس الخطر فعليا هو مقدار الجرعة التي يتعرض لها الإنسان من الإشعاع والتي تحددها الجهات المختصة بـ50 ملي سيفرت بالسنة، إذ يمكن للإنسان أن يتعرض لجرعات منخفضة من الإشعاع دون ضرر. وتبدأ التأثيرات الصحية بالظهور فقط عند التعرض لجرعات تتجاوز 1000 ميلي سيفرت دفعة واحدة، مثل الغثيان أو ضعف المناعة والحروق الإشعاعية -وفق منظمة الصحة العالمية- بينما تصبح الجرعات التي تتجاوز 4000 ملي سيفرت مهددة للحياة في حال عدم وجود علاج، وعند وصول النشاط الإشعاعي إلى 6000 ملي سيفرت فإن معدل الوفاة يصل إلى 100%.