logo
تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل

تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل

جو 24١٥-٠٤-٢٠٢٥

جو 24 :
كتب د. فيصل الغويين -
يعتبر العلم رمز العزة والكرامة والسيادة والأصالة والهوية، به تلف أجساد شهداء الوطن والواجب، وهو وسام للأحياء، يرفعونه في مناسباتهم وفعالياتهم الوطنية والاجتماعية.
تاريخيا كانت الدول والامبراطوريات ترفع أعلامها في مقدمة الجيوش، فهو يعبر عن الفداء للوطن، والتضحية من أجله. وأعلام الدول هي رموز لها دلالات وطنية وتاريخية وحضارية متنوعة، تنشأ بموجب قوانين وتشريعات تحدد أبعادها وألوانها.
تعود أصول العلم الأردني إلى إعلان مملكة الحجاز(1916 – 1925)؛ إذ اتخذت المملكة الحجازية عند استقلالها علمًا رسميًا للدلالة على طموحاتها، وقد مرت شعارات العلم بثلاث مراحل خلال الفترة (1916 - 1921). إذ اتخذ الحسين بن علي في البداية الراية الحمراء الداكنة (العنابي)، لون راية أمراء الحجاز وأشرافه، إلا أنه عدل عنها، بناء على اقتراح بعض الأوساط العربية. واتخذ في نفس العام (1916) العلم ذي الألوان الثلاثة : الأبيض والأخضر والأسود، مع مثلث أحمر يتصل بأطراف الألوان الثلاثة.
وفي سنة 1921 استقر الرأي على تغيير مواقع ألوان العلم؛ حيث احتل اللون الأبيض القسم الأوسط من العلم، بدلا من اللون الأخضر، الذي احتل بدوره محل اللون الأبيض، وذلك لصعوبة رؤية اللون الأبيض من العلم في وضعه السابق بالنسبة للناظر من بعيد.
كان لهذه الألوان دلالات تاريخية وحضارية، اختزلت حضارات وأمجاد العرب خلال مئات السنين، وروعي في علم الدولة الجديدة الدلالات التاريخية للدولة العربية الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى نهاية الدولة العباسية. وأرّخت لانتصارات العرب المسلمين على مر التاريخ .
فاللون الأبيض هو شعار الأمويين في دمشق، الذين رفعوا رايتهم، وهم ينشرون الإسلام، من الهند إلى الأندلس، والأسود يرمز إلى راية العقاب الخاصة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والتي كانت تتصدر حملاته العسكرية، كما يرمز إلى الدولة العباسية في بغداد التي اتخذت منه راية لها ، رفرفت في بلاد أزدهرت بالعلوم والصناعة والفنون والأدب، وأمّا الأخضر فهو شعار الفاطميين في القاهرة وآل البيت عموما، الذين واجهوا الظلم، وثبتوا على مبادئهم وقناعاتهم، فخلدوا شهداء، بينما يرمز اللون الأحمر إلى راية الأشراف التي اتخذوها منذ عهد الشريف أبو نمي(1512 - 1566) في عهد السلطان سليم الأول (1512 – 1520).
اتخذت بعض الدول العربية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، العلم الهاشمي علما خاصا بها، فبعد مبايعة رجالات الأردن، وسائر بلاد الشام الأمير فيصل بن الحسين (1883 - 1933)، بعد دخوله دمشق عام 1918، أعلن المؤتمر السوري العام المعقود بتاريخ 8 آذار 1920 في دمشق، استقلال سورية بحدودها الطبيعية، لتتأسس المملكة العربية السورية، التي شملت سورية الحالية والأردن ولبنلن وفلسطين، وأجزاء من العراق، ومبايعة الأمير فيصل ملكا لأول دولة عربية منذ عدة قرون، وتقرر أن يكون علم الدولة العربية الجديدة هو علم الثورة العربية، مضافا إليه نجمة واحدة بيضاء في المثلث الأحمر، على اعتبار أن الدولة السورية هي أول دولة من دول الوحدة العربية المنشودة، بعد مملكة الحجاز، نشدت الرفعة والمنعة والوحدة لكل العرب، لكن أطماع الاستعمار وأدت أول مشروع وحدوي عربي في العصر الحديث، كان الهاشميون طليعته ورافعته السياسية والوطنية. أما مملكة العراق التي تأسست عام 1921، فقد حمل نجمتان على ذات العلم، باعتبارها الدولة العربية الثانية التي تمخضت عن دولة الحجاز. وهو علم فلسطين حتى التحرير.
بقي هذا العلم حتى خروج فيصل من دمشق بعد معركة ميسلون (24 تموز 1920)، والاحتلال الفرنسي لدمشق وبعد معركة ميسلون أرسلت بريطانيا عدد من الضباط إلى شرقي الأردن. وفي اجتماع أم قيس (2 أيلول 1920) بين زعماء عجلون والضابط السياسي البريطاني سمرست، كان من ضمن مطالب الأهالي الست عشرة أن يكون شعار الحكومة العلم السوري ذي النجمة، فظهرت بذلك فكرة النجمة على العلم الأردني في ذلك الوقت.
عندما قدم الأمير عبد الله إلى شرقي الأردن 1920- 1921، اعتبر نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا ونائبا عن أبيه، ولذلك رفع العلم السوري باعتبار أنّ شرقي الأردن جزء من سوريا الطبيعية.
على الدرب سيحمل الأردنيون الراية معلنين ميلاد إمارة شرقي الأردن على أرضه مع مبايعة الأميرعبد الله بن الحسين في 11 نيسان عام 1921 أميرا عليها، ليكون علم الثورة العربية رايه لها.
كان العلم خفاقا مع انعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول في 25 تموز عام 1928، والذي شارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية من رموز الوطن، أكدوا على اعتبار الشعب مصدر السلطات، والمحافظة على مصالح الأمة.
في 16 نيسان 1928 أضيفت النجمة إلى العلم الأردني الحالي. وقد تضمن القانون الأساسي لسنة 1928 وصفا للراية الأردنية من حيث الألوان والمقاسات والأقسام، فقد جاء في المادة الثالثة منه ما يلي :" تكون راية شرقي الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتقسم أفقيا إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، يوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية، قاعدته مساوية لعرض الراية، والارتفاع مساو لنصف طولها. وفي هذا المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية، وهو موضوع بحيث يكون وسطه نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازيا لقاعدة المثلث. أما الرؤوس السبعة للكواكب فترمز إلى الآيات السبع التي تتألف منها سورة الفاتحة". وتكرر ذات الوصف في المادة الرابعة من دستور سنة 1947 ودستور 1952 وتعديلاته.
وبعد إعلان الاتحاد العربي بين الأردن والعراق في 14 شباط 1958، اعتمد علم جديد للاتحاد، وهو في تصميمه مطابق لعلم الأردن الحالي بالألوان وحتى بالشكل ولكن دون النجمة السباعية، وقد وردت مواصفاته في المادة السابعة من دستور الاتحاد العربي، بأن يكون« طوله ضعفا عرضه ومقسم أفقياً إلى ثلاثة ألوان متساوية ومتوازية؛ أعلاها الأسود فالأبيض فالأخضر، يوضع عليها من ناحية السارية مثلث أحمر متساوي الأضلاع تكون قاعدته مساوية لعرض العلم». وترك لكلا الدولتين الاحتفاظ بعلمها الخاص. ولكن اعتماد هذا العلم لم يدم إلا لفترة وجيزة بعد قيام انقلاب 14 تموز 1958 في العراق، وإعلان النظام الجمهوري.
على أرض فلسطين، بذل الجيش العربي الغالي والنفيس حفاظا على مقدساتها في معارك خلدها التاريخ ورفع فيها العلم الأردني، بدءا من معركة باب الواد عام 1948 التي صدت التقدم الصهيوني باتجاه القدس، وارتقى عشرات الشهداء الأردنيين دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وفي 21 آذار عام 1968، ذاد الجيش العربي من جديد عن الحمى في معركة الكرامة التي سطرت بطولات استثنائية في مواجهة الجيش الصهيوني، ليكتب الأردنيون أول انتصار عربي على عدوهم، وظل العلم مرفوعا مضمخا بدماء الشهداء وجهود الأحياء. وفي عام 1973 شارك الجيش العربي في القتال إالى جانب سورية خلال حرب تشرين.
وعلى امتداد أكثر من مئة عام، مجد الشعراء راية الأردن، حيث أهدى عبد المنعم الرفاعي (1917 - 1985)، وهو شاعر ورئيس وزراء أسبق، نشيد العلم للملك المؤسس، وأقر عام 1946، وهو من أجمل القصائد التي قيلت في العلم الأردني، ألف موسيقاه عبد القادر التنير، ورددته حناجر طلبة المدارس لعقود، وكان يفتتح بها اليوم الدراسي.
خافـــقٌ في المعالـــــــي والمنى عربيّ الظـــــلال والسَّنـــــا
في الذُّرى والأعالــــــــــــــــــي فوقَ هـــــــــــــــامِ الرجالِ
زاهياَ أهيبا
حيــَّـهِ في الصبــــــاح والسُّرى فــــي ابتسامِ الأقاحِ والشذى
يـــا شعـــــــــــــــارَ الجـــــلالِ والتمــــــــــــــــاعَ الجمــــالِ
والإباء في الرُّبى
من نسيــــــجِ الجهــــادِ والفــِدا واحتــدامِ الطــــراد في المدى
مـــن صفـــــــــاءِ الليــــــالــــي وانــطلاقِ الخيــــــــــــــــــالِ
ساجياً طيّبا
سِـــــرْ بنـــا للفخــــار والعُلا وادْعنـــــــا للنفارِ جحفـــــلا
فـــــــــي مجــــــــــــــال الطعانِ وانفــــجارِ الزمــــــــــــــــــانِ
ظافراً أغلبا
تابعو الأردن 24 على

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل
تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل

جو 24

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • جو 24

تاريخ العلم الأردني، الرمزية والدلالات #عاجل

جو 24 : كتب د. فيصل الغويين - يعتبر العلم رمز العزة والكرامة والسيادة والأصالة والهوية، به تلف أجساد شهداء الوطن والواجب، وهو وسام للأحياء، يرفعونه في مناسباتهم وفعالياتهم الوطنية والاجتماعية. تاريخيا كانت الدول والامبراطوريات ترفع أعلامها في مقدمة الجيوش، فهو يعبر عن الفداء للوطن، والتضحية من أجله. وأعلام الدول هي رموز لها دلالات وطنية وتاريخية وحضارية متنوعة، تنشأ بموجب قوانين وتشريعات تحدد أبعادها وألوانها. تعود أصول العلم الأردني إلى إعلان مملكة الحجاز(1916 – 1925)؛ إذ اتخذت المملكة الحجازية عند استقلالها علمًا رسميًا للدلالة على طموحاتها، وقد مرت شعارات العلم بثلاث مراحل خلال الفترة (1916 - 1921). إذ اتخذ الحسين بن علي في البداية الراية الحمراء الداكنة (العنابي)، لون راية أمراء الحجاز وأشرافه، إلا أنه عدل عنها، بناء على اقتراح بعض الأوساط العربية. واتخذ في نفس العام (1916) العلم ذي الألوان الثلاثة : الأبيض والأخضر والأسود، مع مثلث أحمر يتصل بأطراف الألوان الثلاثة. وفي سنة 1921 استقر الرأي على تغيير مواقع ألوان العلم؛ حيث احتل اللون الأبيض القسم الأوسط من العلم، بدلا من اللون الأخضر، الذي احتل بدوره محل اللون الأبيض، وذلك لصعوبة رؤية اللون الأبيض من العلم في وضعه السابق بالنسبة للناظر من بعيد. كان لهذه الألوان دلالات تاريخية وحضارية، اختزلت حضارات وأمجاد العرب خلال مئات السنين، وروعي في علم الدولة الجديدة الدلالات التاريخية للدولة العربية الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى نهاية الدولة العباسية. وأرّخت لانتصارات العرب المسلمين على مر التاريخ . فاللون الأبيض هو شعار الأمويين في دمشق، الذين رفعوا رايتهم، وهم ينشرون الإسلام، من الهند إلى الأندلس، والأسود يرمز إلى راية العقاب الخاصة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والتي كانت تتصدر حملاته العسكرية، كما يرمز إلى الدولة العباسية في بغداد التي اتخذت منه راية لها ، رفرفت في بلاد أزدهرت بالعلوم والصناعة والفنون والأدب، وأمّا الأخضر فهو شعار الفاطميين في القاهرة وآل البيت عموما، الذين واجهوا الظلم، وثبتوا على مبادئهم وقناعاتهم، فخلدوا شهداء، بينما يرمز اللون الأحمر إلى راية الأشراف التي اتخذوها منذ عهد الشريف أبو نمي(1512 - 1566) في عهد السلطان سليم الأول (1512 – 1520). اتخذت بعض الدول العربية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، العلم الهاشمي علما خاصا بها، فبعد مبايعة رجالات الأردن، وسائر بلاد الشام الأمير فيصل بن الحسين (1883 - 1933)، بعد دخوله دمشق عام 1918، أعلن المؤتمر السوري العام المعقود بتاريخ 8 آذار 1920 في دمشق، استقلال سورية بحدودها الطبيعية، لتتأسس المملكة العربية السورية، التي شملت سورية الحالية والأردن ولبنلن وفلسطين، وأجزاء من العراق، ومبايعة الأمير فيصل ملكا لأول دولة عربية منذ عدة قرون، وتقرر أن يكون علم الدولة العربية الجديدة هو علم الثورة العربية، مضافا إليه نجمة واحدة بيضاء في المثلث الأحمر، على اعتبار أن الدولة السورية هي أول دولة من دول الوحدة العربية المنشودة، بعد مملكة الحجاز، نشدت الرفعة والمنعة والوحدة لكل العرب، لكن أطماع الاستعمار وأدت أول مشروع وحدوي عربي في العصر الحديث، كان الهاشميون طليعته ورافعته السياسية والوطنية. أما مملكة العراق التي تأسست عام 1921، فقد حمل نجمتان على ذات العلم، باعتبارها الدولة العربية الثانية التي تمخضت عن دولة الحجاز. وهو علم فلسطين حتى التحرير. بقي هذا العلم حتى خروج فيصل من دمشق بعد معركة ميسلون (24 تموز 1920)، والاحتلال الفرنسي لدمشق وبعد معركة ميسلون أرسلت بريطانيا عدد من الضباط إلى شرقي الأردن. وفي اجتماع أم قيس (2 أيلول 1920) بين زعماء عجلون والضابط السياسي البريطاني سمرست، كان من ضمن مطالب الأهالي الست عشرة أن يكون شعار الحكومة العلم السوري ذي النجمة، فظهرت بذلك فكرة النجمة على العلم الأردني في ذلك الوقت. عندما قدم الأمير عبد الله إلى شرقي الأردن 1920- 1921، اعتبر نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا ونائبا عن أبيه، ولذلك رفع العلم السوري باعتبار أنّ شرقي الأردن جزء من سوريا الطبيعية. على الدرب سيحمل الأردنيون الراية معلنين ميلاد إمارة شرقي الأردن على أرضه مع مبايعة الأميرعبد الله بن الحسين في 11 نيسان عام 1921 أميرا عليها، ليكون علم الثورة العربية رايه لها. كان العلم خفاقا مع انعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول في 25 تموز عام 1928، والذي شارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية من رموز الوطن، أكدوا على اعتبار الشعب مصدر السلطات، والمحافظة على مصالح الأمة. في 16 نيسان 1928 أضيفت النجمة إلى العلم الأردني الحالي. وقد تضمن القانون الأساسي لسنة 1928 وصفا للراية الأردنية من حيث الألوان والمقاسات والأقسام، فقد جاء في المادة الثالثة منه ما يلي :" تكون راية شرقي الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتقسم أفقيا إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، يوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية، قاعدته مساوية لعرض الراية، والارتفاع مساو لنصف طولها. وفي هذا المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية، وهو موضوع بحيث يكون وسطه نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازيا لقاعدة المثلث. أما الرؤوس السبعة للكواكب فترمز إلى الآيات السبع التي تتألف منها سورة الفاتحة". وتكرر ذات الوصف في المادة الرابعة من دستور سنة 1947 ودستور 1952 وتعديلاته. وبعد إعلان الاتحاد العربي بين الأردن والعراق في 14 شباط 1958، اعتمد علم جديد للاتحاد، وهو في تصميمه مطابق لعلم الأردن الحالي بالألوان وحتى بالشكل ولكن دون النجمة السباعية، وقد وردت مواصفاته في المادة السابعة من دستور الاتحاد العربي، بأن يكون« طوله ضعفا عرضه ومقسم أفقياً إلى ثلاثة ألوان متساوية ومتوازية؛ أعلاها الأسود فالأبيض فالأخضر، يوضع عليها من ناحية السارية مثلث أحمر متساوي الأضلاع تكون قاعدته مساوية لعرض العلم». وترك لكلا الدولتين الاحتفاظ بعلمها الخاص. ولكن اعتماد هذا العلم لم يدم إلا لفترة وجيزة بعد قيام انقلاب 14 تموز 1958 في العراق، وإعلان النظام الجمهوري. على أرض فلسطين، بذل الجيش العربي الغالي والنفيس حفاظا على مقدساتها في معارك خلدها التاريخ ورفع فيها العلم الأردني، بدءا من معركة باب الواد عام 1948 التي صدت التقدم الصهيوني باتجاه القدس، وارتقى عشرات الشهداء الأردنيين دفاعا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وفي 21 آذار عام 1968، ذاد الجيش العربي من جديد عن الحمى في معركة الكرامة التي سطرت بطولات استثنائية في مواجهة الجيش الصهيوني، ليكتب الأردنيون أول انتصار عربي على عدوهم، وظل العلم مرفوعا مضمخا بدماء الشهداء وجهود الأحياء. وفي عام 1973 شارك الجيش العربي في القتال إالى جانب سورية خلال حرب تشرين. وعلى امتداد أكثر من مئة عام، مجد الشعراء راية الأردن، حيث أهدى عبد المنعم الرفاعي (1917 - 1985)، وهو شاعر ورئيس وزراء أسبق، نشيد العلم للملك المؤسس، وأقر عام 1946، وهو من أجمل القصائد التي قيلت في العلم الأردني، ألف موسيقاه عبد القادر التنير، ورددته حناجر طلبة المدارس لعقود، وكان يفتتح بها اليوم الدراسي. خافـــقٌ في المعالـــــــي والمنى عربيّ الظـــــلال والسَّنـــــا في الذُّرى والأعالــــــــــــــــــي فوقَ هـــــــــــــــامِ الرجالِ زاهياَ أهيبا حيــَّـهِ في الصبــــــاح والسُّرى فــــي ابتسامِ الأقاحِ والشذى يـــا شعـــــــــــــــارَ الجـــــلالِ والتمــــــــــــــــاعَ الجمــــالِ والإباء في الرُّبى من نسيــــــجِ الجهــــادِ والفــِدا واحتــدامِ الطــــراد في المدى مـــن صفـــــــــاءِ الليــــــالــــي وانــطلاقِ الخيــــــــــــــــــالِ ساجياً طيّبا سِـــــرْ بنـــا للفخــــار والعُلا وادْعنـــــــا للنفارِ جحفـــــلا فـــــــــي مجــــــــــــــال الطعانِ وانفــــجارِ الزمــــــــــــــــــانِ ظافراً أغلبا تابعو الأردن 24 على

سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر
سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

أخبارنا

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • أخبارنا

سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

أخبارنا : * بين اهمال التاريخ ومحاولات اسكاته تاريخياً؛ ظهرت أسماء "عبر الأردن " وما وراء الأردن" في القرن الثامن قبل الميلاد عندما غزا الآشوريون سوريا وفلسطين. وغني عن القول إن تاريخ الاستيطان البشري في الأردن، المعروف بحدوده الجغرافية اليوم، قديم جدا. ويعود تاريخه إلى العصر الحجري، حيث يعتقد علماء الآثار أن البشر سكنوا الأردن منذ العصر الحجري القديم قبل نصف مليون سنة كما يتضح من بقايا قرى منطقة البيضاء شمال البتراء والتي يعود تاريخها إلى (6800 قبل الميلاد). ويوجد على أرض الأردن أقدم سد مائي معروف في العالم وهو سد "جاوة"، في موقع جاوة الأثري في البادية الشمالية الشرقية، شرق قرية دير القن - محافظة المفرق، بالإضافة إلى أقدم منظومة حصاد مائي في العالم على وادي "راجل" الذي ينبع من جبل العرب في سوريا ويصب في واحة الأزرق. وعلى بعد حوالي 15 كم إلى الشرق من موقع "جاوة"، وجد فريق من علماء الآثار الأوروبيين من جامعة كامبريدج وجامعة لندن وجامعة كوبنهاغن في منطقة "الشبيكة"، على بعد حوالي 20 كم شمال قرية الصفاوي- في البادية الشمالية الشرقية -محافظة المفرق آثار صنع أقدم رغيف خبز في العالم، يعود تاريخه إلى 14,400 عام قبل الميلاد، أي قبل حوالي 4,000 عام من اكتشاف الإنسان للزراعة. لقد ظهر الأردن المعاصر الذي ندرسه هنا منذ قيام الإمارة (1921) مع بداية انطلاق المرحلة الرابعة من سيرورة العولمة التي أطلق عليها عالم الاجتماع البريطاني رونالد روبرتسون مرحلة الصراع من أجل الهيمنة، التي استمرت من العشرينات حتى ستينيات القرن العشرين. وتميزت هذه المرحلة بظهور خلافات وصراعات وحروب عالمية، منها الثورة العربية ضد الدولة العثمانية عام 1916، ثم ما أعقبها من ظهور قوي للقومية العربية والعداء لبريطانيا وفرنسا لدورهما في خداع الهاشميين والعرب بعد الحرب العالمية الأولى ومنع تحقيق العرب الاستقلال، بناء على تفاهمات والتزامات العهود التي تعهدت بها الحكومة البريطانية المعروفة باسم مراسلات حسين - مكماهون خلال الفترة 1915 - 1916 من خلال عشر رسائل متبادلة بين الشريف حسين بن علي والسير هنري مكماهون - المفوض السامي البريطاني في مصر آنذاك - والتي تبين فيما بعد أنها كانت خطة خداع مرعب. لأنه كتب في نفس الوقت أن الخطوات الأولى كانت تسير نحو توقيع اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، والتي قسمت معظم الدولة العثمانية، بما في ذلك الدول العربية، إلى مناطق نفوذ بين الطرفين. وفي هذه المرحلة الفاصلة في التاريخ تشكلت على أساس نتائجها الواسعة، المؤسسات الرئيسية للعولمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال تشكيلات الأمم المتحدة. صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية. في خضم هذه البيئة السياسية والاجتماعية القاسية، وجد الأردن نفسه محكوما بقسوة جيوسياسية طاحنة مفروضة عليه منذ تأسيسه في العصر الحديث منذ استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا وأصبحت تعرف رسميا باسم المملكة الأردنية الهاشمية. وتتويج الأمير عبد الله بن الحسين ملكا للبلاد في 25 مايو 1946. طبعا دون أن ننسى أن هناك نقاشا واسعا في الأوساط الأكاديمية وبين المؤرخين الغربيين والأردنيين، بالإضافة إلى الأوساط الثقافية الأردنية من خلال ما يسمى ب "الحركة الوطنية الأردنية" حول الحياة والنشاط السياسي والثقافي للبلاد قبل مرحلة تأسيس إمارة شرق الأردن وهذا النقاش مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لكن للأسف ما يزال دون مستوى المطلوب. وفي هذا الإطار يدّعي المُنظر السياسي والمؤرخ الأمريكي إدوارد كار أن (الحقائق تتحدث عن نفسها. وان هذا ليس صحيحا لأن الحقائق تتحدث فقط عندما يدعوها المؤرخ إلى الحديث. هو الذي يقرر الحقائق التي يجب أن يُعطي الكلمة لها، وبأي ترتيب أو سياق). هذا يعني أن الحقائق لا تتحدث عن نفسها، ولكنها توضع في المكان الذي يتحدث فيه المؤرخون عن أنفسهم، وأين يتم وضعها وكيف يتم وضعها. وهذه مهمة مخصصة للمؤرخ الذي يمكنه اختيار وتحديد الحقائق التي تستحق الإظهار، والترتيب الذي تظهر به، وسياقها. مع ضرورة التأكيد على أننا نستطيع أن ننظر إلى الماضي، ونحقق فهمنا للماضي، فقط من خلال عيون الحاضر". ومن أهم مظاهر هذا الإهمال والاسكات أن معظم تاريخ الأردن المعاصر – إن لم يكن كله، لأن هناك عددا قليلا من المؤرخين الأردنيين الذين قدموا إسهامات مفيدة ومقدرة – لم تتم دراسته بطريقة علمية وتحليلية شاملة، والأحداث التاريخية التي يتم تناولها اليوم كانت في معظمها مكتوبة بطريقة غير علمية سطحية تصلح للكتب المدرسية. أما بالنسبة لمعظم الكتابات العلمية فقد كتبها آخرون وغرباء، فعلى سبيل المثال، يقول آفي شلايم، المؤرخ الإسرائيلي والبريطاني من أصل يهودي عراقي وأحد "المؤرخين الجدد" في إسرائيل الذي كتب سيرة ذاتية مهمة للملك حسين بن طلال: "من المفارقات القدر أن أول شخص كتب سيرة وصفي التل كان إسرائيلي، والدراسة الشاملة الوحيدة لمسيرته السياسية كتبت باللغة العبرية". وهنا يقصد شلايم كتاب المؤرخ الإسرائيلي آشر سوسير وكتابه (بين الأردن وفلسطين: السيرة السياسية لوصفي التل) ونشر باللغة الإنجليزية نفس عام توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل 1994م. طبعاً دون ان ننسى ان نشير الى أن حديث شلايم كان قبل ان تقوم الباحثة والإعلامية الأردنية ملك يوسف التل بنشر كتابها (وصفي التل: مشروع لم يكتمل) عام 2020م أي بعد 26 سنة من نشر كتاب سوسير؟! ولذلك، وبسبب هذا الإهمال والتقصير الواضح، قام الآخرون والغرباء بتفسير وتحليل الأحداث التاريخية في الأردن بطريقتهم الخاصة وفقا لفهمهم وتفسيرهم، ووفقا لمصالحهم الشخصية، ومصالح من يمثلونهم في مراكز الأبحاث الغربية التي تتحدث اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص. إن دراسة تاريخ الأردن هنا لا تعني العودة إلى أحداث التاريخ المجرد فقط، بل تحليلها وإعادة تفكيكها وتفسيرها. حيث أنه لا يمكن لي أن أكون مؤرخا (أو باحثا) إذا كنت أعتقد أنه من واجبي المهني أن أكتفي بالعودة إلى الماضي وعدم تركه، وأن أقتصر جهودي على دراسة الأحداث التي وقعت في العصور القديمة وعدم تذكرها إلا لأنها فريدة من نوعها وعدم ربطها بالأحداث التي تحدث في الزمان الذي أعيش فيه. لا جدال في أن هناك بعض المآسي في تاريخ الأردن المعاصر التي يبدو أننا غير قادرين على فعل أي شيء بشأنها، ولكن هناك مأساة واحدة مستمرة يمكننا إيقافها في الأردن، وهي استمرار إهمال تاريخه ومحاولات إسكاته. إن وقف هذه المأساة يحتاج اليوم قبل غدا الى مشروع وطني شامل مدعوم وممول من الدولة ومؤسساتها المختلفة خاصة وزارت الثقافة، والتعليم العالي، ومن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية. * مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب

الشرفات يكتب: الأردن المعاصر
الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

عمون

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • عمون

الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

* بين اهمال التاريخ ومحاولات اسكاته تاريخياً؛ ظهرت أسماء "عبر الأردن " وما وراء الأردن" في القرن الثامن قبل الميلاد عندما غزا الآشوريون سوريا وفلسطين. وغني عن القول إن تاريخ الاستيطان البشري في الأردن، المعروف بحدوده الجغرافية اليوم، قديم جدا. ويعود تاريخه إلى العصر الحجري، حيث يعتقد علماء الآثار أن البشر سكنوا الأردن منذ العصر الحجري القديم قبل نصف مليون سنة كما يتضح من بقايا قرى منطقة البيضاء شمال البتراء والتي يعود تاريخها إلى (6800 قبل الميلاد). ويوجد على أرض الأردن أقدم سد مائي معروف في العالم وهو سد "جاوة"، في موقع جاوة الأثري في البادية الشمالية الشرقية، شرق قرية دير القن - محافظة المفرق، بالإضافة إلى أقدم منظومة حصاد مائي في العالم على وادي "راجل" الذي ينبع من جبل العرب في سوريا ويصب في واحة الأزرق. وعلى بعد حوالي 15 كم إلى الشرق من موقع "جاوة"، وجد فريق من علماء الآثار الأوروبيين من جامعة كامبريدج وجامعة لندن وجامعة كوبنهاغن في منطقة "الشبيكة"، على بعد حوالي 20 كم شمال قرية الصفاوي- في البادية الشمالية الشرقية -محافظة المفرق آثار صنع أقدم رغيف خبز في العالم، يعود تاريخه إلى 14,400 عام قبل الميلاد، أي قبل حوالي 4,000 عام من اكتشاف الإنسان للزراعة. لقد ظهر الأردن المعاصر الذي ندرسه هنا منذ قيام الإمارة (1921) مع بداية انطلاق المرحلة الرابعة من سيرورة العولمة التي أطلق عليها عالم الاجتماع البريطاني رونالد روبرتسون مرحلة الصراع من أجل الهيمنة، التي استمرت من العشرينات حتى ستينيات القرن العشرين. وتميزت هذه المرحلة بظهور خلافات وصراعات وحروب عالمية، منها الثورة العربية ضد الدولة العثمانية عام 1916، ثم ما أعقبها من ظهور قوي للقومية العربية والعداء لبريطانيا وفرنسا لدورهما في خداع الهاشميين والعرب بعد الحرب العالمية الأولى ومنع تحقيق العرب الاستقلال، بناء على تفاهمات والتزامات العهود التي تعهدت بها الحكومة البريطانية المعروفة باسم مراسلات حسين - مكماهون خلال الفترة 1915 - 1916 من خلال عشر رسائل متبادلة بين الشريف حسين بن علي والسير هنري مكماهون - المفوض السامي البريطاني في مصر آنذاك - والتي تبين فيما بعد أنها كانت خطة خداع مرعب. لأنه كتب في نفس الوقت أن الخطوات الأولى كانت تسير نحو توقيع اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، والتي قسمت معظم الدولة العثمانية، بما في ذلك الدول العربية، إلى مناطق نفوذ بين الطرفين. وفي هذه المرحلة الفاصلة في التاريخ تشكلت على أساس نتائجها الواسعة، المؤسسات الرئيسية للعولمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال تشكيلات الأمم المتحدة. صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية. في خضم هذه البيئة السياسية والاجتماعية القاسية، وجد الأردن نفسه محكوما بقسوة جيوسياسية طاحنة مفروضة عليه منذ تأسيسه في العصر الحديث منذ استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا وأصبحت تعرف رسميا باسم المملكة الأردنية الهاشمية. وتتويج الأمير عبد الله بن الحسين ملكا للبلاد في 25 مايو 1946. طبعا دون أن ننسى أن هناك نقاشا واسعا في الأوساط الأكاديمية وبين المؤرخين الغربيين والأردنيين، بالإضافة إلى الأوساط الثقافية الأردنية من خلال ما يسمى ب "الحركة الوطنية الأردنية" حول الحياة والنشاط السياسي والثقافي للبلاد قبل مرحلة تأسيس إمارة شرق الأردن وهذا النقاش مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لكن للأسف ما يزال دون مستوى المطلوب. وفي هذا الإطار يدّعي المُنظر السياسي والمؤرخ الأمريكي إدوارد كار أن (الحقائق تتحدث عن نفسها. وان هذا ليس صحيحا لأن الحقائق تتحدث فقط عندما يدعوها المؤرخ إلى الحديث. هو الذي يقرر الحقائق التي يجب أن يُعطي الكلمة لها، وبأي ترتيب أو سياق). هذا يعني أن الحقائق لا تتحدث عن نفسها، ولكنها توضع في المكان الذي يتحدث فيه المؤرخون عن أنفسهم، وأين يتم وضعها وكيف يتم وضعها. وهذه مهمة مخصصة للمؤرخ الذي يمكنه اختيار وتحديد الحقائق التي تستحق الإظهار، والترتيب الذي تظهر به، وسياقها. مع ضرورة التأكيد على أننا نستطيع أن ننظر إلى الماضي، ونحقق فهمنا للماضي، فقط من خلال عيون الحاضر". ومن أهم مظاهر هذا الإهمال والاسكات أن معظم تاريخ الأردن المعاصر – إن لم يكن كله، لأن هناك عددا قليلا من المؤرخين الأردنيين الذين قدموا إسهامات مفيدة ومقدرة – لم تتم دراسته بطريقة علمية وتحليلية شاملة، والأحداث التاريخية التي يتم تناولها اليوم كانت في معظمها مكتوبة بطريقة غير علمية سطحية تصلح للكتب المدرسية. أما بالنسبة لمعظم الكتابات العلمية فقد كتبها آخرون وغرباء، فعلى سبيل المثال، يقول آفي شلايم، المؤرخ الإسرائيلي والبريطاني من أصل يهودي عراقي وأحد "المؤرخين الجدد" في إسرائيل الذي كتب سيرة ذاتية مهمة للملك حسين بن طلال: "من المفارقات القدر أن أول شخص كتب سيرة وصفي التل كان إسرائيلي، والدراسة الشاملة الوحيدة لمسيرته السياسية كتبت باللغة العبرية". وهنا يقصد شلايم كتاب المؤرخ الإسرائيلي آشر سوسير وكتابه (بين الأردن وفلسطين: السيرة السياسية لوصفي التل) ونشر باللغة الإنجليزية نفس عام توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل 1994م. طبعاً دون ان ننسى ان نشير الى أن حديث شلايم كان قبل ان تقوم الباحثة والإعلامية الأردنية ملك يوسف التل بنشر كتابها (وصفي التل: مشروع لم يكتمل) عام 2020م أي بعد 26 سنة من نشر كتاب سوسير؟! ولذلك، وبسبب هذا الإهمال والتقصير الواضح، قام الآخرون والغرباء بتفسير وتحليل الأحداث التاريخية في الأردن بطريقتهم الخاصة وفقا لفهمهم وتفسيرهم، ووفقا لمصالحهم الشخصية، ومصالح من يمثلونهم في مراكز الأبحاث الغربية التي تتحدث اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص. إن دراسة تاريخ الأردن هنا لا تعني العودة إلى أحداث التاريخ المجرد فقط، بل تحليلها وإعادة تفكيكها وتفسيرها. حيث أنه لا يمكن لي أن أكون مؤرخا (أو باحثا) إذا كنت أعتقد أنه من واجبي المهني أن أكتفي بالعودة إلى الماضي وعدم تركه، وأن أقتصر جهودي على دراسة الأحداث التي وقعت في العصور القديمة وعدم تذكرها إلا لأنها فريدة من نوعها وعدم ربطها بالأحداث التي تحدث في الزمان الذي أعيش فيه. لا جدال في أن هناك بعض المآسي في تاريخ الأردن المعاصر التي يبدو أننا غير قادرين على فعل أي شيء بشأنها، ولكن هناك مأساة واحدة مستمرة يمكننا إيقافها في الأردن، وهي استمرار إهمال تاريخه ومحاولات إسكاته. إن وقف هذه المأساة يحتاج اليوم قبل غدا الى مشروع وطني شامل مدعوم وممول من الدولة ومؤسساتها المختلفة خاصة وزارت الثقافة، والتعليم العالي، ومن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store