logo
نيجيرفان بارزاني يتوسط بين أنقرة و"قسد".. لا فيدرالية ولا مركزية كحل لسوريا

نيجيرفان بارزاني يتوسط بين أنقرة و"قسد".. لا فيدرالية ولا مركزية كحل لسوريا

شفق نيوز٢٢-٠٧-٢٠٢٥
شفق نيوز- ترجمة خاصة
كشفت تقارير غربية، عن الدور الحاسم الذي يؤديه رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، في إيجاد "حل وسط" يتعلق بوضع الكورد السوريين، من خلال مباحثات كبرى بين حكومة أحمد الشرع المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وتناول موقع " المونيتور" الأمريكي الدور الذي يؤديه الرئيس نيجيرفان بارزاني في الوساطة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبين قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي كوباني.
وبحسب التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الاجتماع الذي عقد في 19 يوليو/تموز في عمان بين المبعوث الأمريكي توم براك ومظلوم عبدي، كان افضل بكثير من لقائهما الأول قبل 10 أيام في دمشق، مشيراً إلى أن موقف الكورد يعزز بعد العنف الطائفي الذي اجتاح محافظة السويداء.
كما نقل التقرير عن مصدر قوله إن "براك كان أكثر لطفاً، وانكسر الجليد بينهما".
وأضاف أن الرئيس نيجيرفان بارزاني، "يؤدي دوراً حاسماً في دعم الكورد السوريين، خاصة من خلال علاقته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تربطه به علاقات قوية"، مبيناً أن نيجيرفان بارزاني، ساهم في تليين موقف أنقرة تجاه "قسد" حيث أوقفت تركيا منذ كانون الثاني/يناير الماضي هجماتها على "قسد"، في ظل سعيها لتحقيق السلام مع حزب العمال الكوردستاني.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن الرئيس بارزاني يحاول اقناع مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن رؤية الرئيس السوري احمد الشرع، لدولة مركزية ليست واقعية في بلد متنوع عرقياً وطائفياً كسوريا، لافتاً إلى أن الرئيس بارزاني يسعى إلى تسويق صيغة "لا هي فيدرالية، ولا مركزية"، كحل وسط.
ويتحدث التقرير: "يجري التخطيط لعقد اجتماع لاحق بعد اجتماع براك وعبدي، من المحتمل أن يكون في باريس، وقد يشارك فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وذلك بهدف الإعلان عن تقدم ملموس في دمج (قسد)، والمؤسسات المدنية الكوردية في الحكومة المركزية، في إطار جهود تقودها الولايات المتحدة لدعم الشرع في سيطرته الكاملة على البلد".
كما نقل التقرير عن مصادر قولها إن "الكورد اصبحوا الآن في موقف تفاوضي أكثر قوة، بسبب احداث السويداء، تماما مثلما كانوا في مارس/اذار، عندما واجه الشرع، أول ازمة كبرى منذ توليه السلطة، حيث قتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين العلويين، عندما هاجم مسلحون من السنة المناطق الساحلية السورية".
وأوضح التقرير، أن الشرع التقى بشكل سريع مع مظلوم عبدي، في 10 مارس/آذار بعد ظل طوال شهور يتجنبه، ووقع معه وثيقة عمل لتوحيد الإدارة الذاتية الكوردية وقوات سوريا الديمقراطية مع دمشق، إلا أن القليل من التقدم تحقق منذ ذلك الوقت.
وفي الوقت نفسه، قال موقع " ميدل إيست آي" البريطاني، إن الولايات المتحدة وتركيا منحتا "قسد" مهلة 30 يوماً لاستكمال عملية الاندماج مع الحكومة السورية، والتوقف عن المماطلة خلال هذه المهلة.
ووفقاً التقرير، فإن "قسد" وجماعات كوردية أخرى تطالب بإدارة ذاتية، ورفضت الاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، مصرة على الاحتفاظ بقيادة عسكرية وهيكل تنظيمي منفصلين داخل الجيش السوري، مؤكداً أن صبر الامريكيين والاتراك بدأ ينفد.
وأضاف أن حكومة دمشق ليست مهتمة بدمج وحدات النساء التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، والمعروفة باسم وحدات حماية المراة "يو بي جي" والتي توصف بأنها فرع من حزب العمال الكوردستاني في صفوفها.
من جانبه، قال أوضح توماس باراك، السفير الامريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص الى سوريا، في عدة مقابلات إن "واشنطن تعارض مثل هذه المطالب وتؤيد سوريا موحدة بامة واحدة وجيش واحد ودولة واحدة".
وبعدما أشار التقرير، إلى محادثات جرت في وقت سابق من الشهر الجاري، جمعت "قسد" مع مسؤولين في الحكومة السورية، بالاضافة الى ممثلين أمريكيين وفرنسيين، ولم تسفر عن أي تقدم يذكر.
وفي نفس السياق، قال توم براك قوله بعد الاجتماع، إنه "سنجمعكم معاً، وسنقوم بالتحكيم، وسنتوسط، وسنساعد، لكننا لن نبقى هنا"، مستطرداً بالقول: "اذا لم تتفقوا، فلا تتفقوا، لكننا لن نبقى هنا الى الابد كحاضنين ووسطاء".
وبحسب التقرير، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على دمشق، والتي اشعلت اشتباكات السويداء بين البدو والدروز، أدت إلى تصعيد التوترات في أنقرة حيث تخشى مصادر حكومية تركية من أن يشجع التدخل الاسرائيلي قوات "قسد" على التمسك بمطالبها بالحكم الذاتي، خصوصاً أن دمشق تبدو عاجزة عن تسوية النزاع وتواجه في الوقت نفسه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الاقلية الدرزية.
وسبق أن قال الرئيس التركي، قبل أيام إن "موقف الشرع الحازم حول السويداء ينبغي أن يكون بمثابة رسالة واضحة لقوات قسد بأنه لن يكون هناك أي تنازل في محادثات نزع سلاح الفصائل والقوى الكوردية".
وبحسب التقرير، فإنه خلال اجتماع الأسبوع الماضي، طلب المسؤولون الأتراك من "وحدات حماية الشعب" الكوردية تقديم معلومات عن شبكات الإنفاق على طول الحدود التركية ومستودعات الأسلحة في المناطق المدنية.
اما "المونيتور" فقد أشار إلى أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي شارك في اجتماع 9 يوليو/تموز، حدد نهاية شهر يوليو/تموز كموعد نهائي لانسحاب قوات "قسد" من المناطق الخاضعة لسيطرتها في دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق.
وأوضح التقرير، أن مظلوم عبدي رفض هذا الطلب، وانتهى الاجتماع بشكل مأساوي، حيث تحدثت التقارير عن انسحاب براك من الاجتماع.
إلى ذلك، نقل التقرير عن أحد المصادر قولها إن "أزمة السويداء منحت مظلوم عبدي كوباني، بعض الوقت"، مضيفاً أنه "لا أحد يستطيع المراهنة على بقاء الشرع، ونظامه على المدى المتوسط، أو على أي تطورات كبيرة، لذلك لا يريد مظلوم كوباني أن يتم ترك شعبه بلا حماية بعد أن يسلموا أسلحتهم الى دمشق".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيجيرفان بارزاني في ذكرى مجزرة سميل: كوردستان ستظل وطناً للجميع
نيجيرفان بارزاني في ذكرى مجزرة سميل: كوردستان ستظل وطناً للجميع

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

نيجيرفان بارزاني في ذكرى مجزرة سميل: كوردستان ستظل وطناً للجميع

أحيا رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، اليوم الخميس، الذكرى الثانية والتسعين ليوم شهيد الآشوريين، مستذكراً ضحايا مجزرة سميل التي وقعت عام 1933، وراح ضحيتها آلاف الأبرياء من سكان عشرات القرى في محافظتي نينوى ودهوك. وقال بارزاني في بيان، إن "هذه الذكرى مناسبة لتوجيه التحية لأرواح ضحايا المجزرة الأبرياء، الذين سقطوا إلى جانب سكان أكثر من ستين قرية جراء بطش السلطة الملكية آنذاك في العراق". وأكد رئيس الإقليم التزام كوردستان، على حماية وتعزيز الثقافة المتنوعة والتعايش والقبول المتبادل، مطمئناً جميع المكونات بأن الإقليم سيبقى دائماً موطناً ووطنًا للجميع. وتُعدّ مجزرة سميل التي وقعت بين 7 و11 آب/أغسطس 1933، واحدة من أكثر الأحداث دموية في تاريخ العراق الحديث، حيث استهدف الجيش العراقي الملكي بقيادة بكر صدقي مئات المدنيين الآشوريين في بلدة سميل ومحيطها بمحافظة دهوك، ما أسفر عن مقتل المئات وفق تقديرات رسمية، بينما تشير روايات أخرى إلى سقوط أكثر من 3 آلاف ضحية. ويحيي الآشوريون حول العالم هذه الذكرى سنويًا في 7 آب تحت اسم "يوم الشهيد الآشوري".

أزمة سكن في تركيا.. ملايين المنازل بلا سكان والإيجارات تلتهم الرواتب
أزمة سكن في تركيا.. ملايين المنازل بلا سكان والإيجارات تلتهم الرواتب

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

أزمة سكن في تركيا.. ملايين المنازل بلا سكان والإيجارات تلتهم الرواتب

شفق نيوز- أنقرة/ ترجمة خاصة في الوقت الذي يواجه فيه ملايين المواطنين الأتراك أزمة خانقة في السكن نتيجة الإيجارات الباهظة والنقص الحاد في الوحدات السكنية، كشفت إحصائية حديثة، عن وجود نحو 8.5 مليون منزل فارغ في مختلف أنحاء البلاد، ما يعكس تناقضاً صارخاً حوّل ملف الإسكان إلى أحد أبرز التحديات أمام حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان. وتشير تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن تركيا شهدت على مدى العقد الماضي زيادة بنحو 21 ضعفاً في أسعار المنازل، ونحو 15 ضعفاً في الإيجارات، متجاوزة بذلك جميع دول المنظمة. وبلغ معدل التضخم السنوي في الإيجارات 82.97% في صيف 2025، وصلت نسبة التضخم في الإيجارات إلى 82.97%، ما يعكس أزمة غير مسبوقة في القدرة على تأمين سكن لائق. فجوة بين المعروض والسكن الفعلي رغم وجود 8.5 مليون وحدة سكنية شاغرة حتى نهاية عام 2024 بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي يعيش نحو 7 ملايين أسرة في منازل مستأجرة، بينما يمتلك 56.1% فقط من السكان منازلهم، وهي نسبة آخذة في التراجع مقارنة بـ 59.7% في عام 2016. في المقابل، ارتفعت نسبة المستأجرين إلى 28%، مقابل 24.4% قبل نحو عقد. هذه الفجوة تعكس ضغطاً اقتصادياً متزايداً، حيث أظهرت بيانات عام 2024 أن 84.8% من الأسر التركية ترى أن تكاليف السكن تُثقل ميزانيتها، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها منذ أكثر من عقد. يُشار إلى أن تركيا على عكس أغلب الدول الأوروبية لا توفر دعماً حكومياً مباشراً للإيجار، ما يزيد العبء على المستأجرين. ووفقاً لبيانات منصة "Endeksa" العقارية، بلغ متوسط الإيجار الشهري على مستوى البلاد في حزيران/ يونيو 2025 نحو 23,402 ليرة تركية (ما يعادل 589 دولاراً)، بزيادة سنوية تبلغ 27.75%، فيما وصل في إسطنبول إلى 29,939 ليرة (767 دولاراً)، بارتفاع سنوي قدره 38.39%. أما على صعيد أسعار العقارات، فقد سجلت البلاد عموماً زيادة بنسبة 32.8%، بينما بلغت في أنقرة 42.1%، مدفوعة جزئياً بحركة نزوح داخلية بعد زلزال 6 شباط/ فبراير الماضي المدمر. كما تشير التقديرات إلى أن غالبية العمال الأتراك لا يتقاضون رواتب تتجاوز 817 دولاراً شهرياً، ما يجعل شراء منزل مستحيلاً أمام أسعار مرتفعة وقروض عقارية تنهك الدخل. وقد وصلت معدلات الفائدة على قروض الإسكان إلى 42.56% سنوياً، حيث تتطلب شقة متوسطة بسعر 4.36 مليون ليرة تركية دفع 134,774 ليرة شهرياً على مدى 10 سنوات. هذا الرقم يقفز في إسطنبول إلى ما يقارب 180 ألف ليرة شهرياً، ما يُخرج حلم التملك من متناول اليد. وقد انعكست هذه الأوضاع على سلوك السوق، حيث تراجعت نسبة مبيعات العقارات الممولة بالقروض من أكثر من 38% في عام 2020 إلى نحو 10.7% في عام 2024، قبل أن تسجل انتعاشاً طفيفاً في 2025 بنسبة 11.9%. عوائد المستثمرين ترتفع رغم الأزمة رغم تفاقم أزمة السكن، استفاد المستثمرون العقاريون من ارتفاع الأسعار، إذ انخفضت فترة استرداد رأس المال من خلال الإيجار إلى 14 عاماً في إسطنبول و13 عاماً على المستوى الوطني، ما جعل القطاع مغرياً للربح لكنه مغلقاً بوجه الطبقات المتوسطة والفقيرة. ولمواجهة هذه الأزمة المتصاعدة، أطلقت وزارة البيئة والتخطيط العمراني التركية في تموز/ يوليو 2025 نظام السندات العقارية القابلة للتداول، الذي يتيح للمواطنين الاستثمار في مشاريع الإسكان عبر سوق الأسهم، دون الحاجة إلى دفعات أولية أو قروض بنكية. المشروع بدأ بمجمع "داملاكَنت" في باشاك شهير بإسطنبول بقيمة 1.25 مليار دولار، على أن تبدأ عمليات التداول في 11 آب/ أغسطس الجاري 2025. ورغم أن البرنامج يُعد خطوة نحو الشمول المالي، إلا أنه واجه انتقادات بسبب ارتفاع أسعار الوحدات مقارنة بمتوسط السوق، حيث تجاوز سعر المتر المربع 77 ألف ليرة في بعض الشقق، بينما لا يتجاوز السعر الوسطي في باشاك شهير 55 ألف ليرة. بهذه الأثناء، أعلن وزير المالية التركي، محمد شيمشك، أن الحكومة تستعد لبناء 500 ألف وحدة سكنية اجتماعية خلال السنوات الثلاث المقبلة، بالتعاون مع وزارة التخطيط العمراني، وتمديد فترة السداد في القروض إلى 30 أو حتى 50 سنة للأسر منخفضة الدخل. هذه المبادرة تمثل نحو ثلث إجمالي ما بنته وكالة "TOKİ" الحكومية خلال العقدين الماضيين، والتي بلغت أكثر من 1.5 مليون وحدة سكنية. رؤية خبراء السوق ترى نوربانو تورغن زورلو، المتخصصة في السوق العقاري، أن نموذج السندات العقارية يشكل أداة مالية جديدة تمنح المواطنين فرصة للاستثمار دون الوقوع في فخ الديون. لكنها حذّرت من أن طول فترة القروض وحده لا يكفي، ما لم تُربط الأقساط بمستوى الدخل. كما شددت زورلو على أن تحقيق توازن بين العرض والطلب، وضبط الأسعار، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، يتطلب إصلاحات أعمق في السياسات الضريبية والمالية، إضافة إلى حوكمة مالية صارمة لمنع تقلبات غير مستقرة في السوق العقاري.

الأنفال والبارزانيون من المقابر الجماعية إلى العقوبات الاقتصادية
الأنفال والبارزانيون من المقابر الجماعية إلى العقوبات الاقتصادية

موقع كتابات

timeمنذ 7 أيام

  • موقع كتابات

الأنفال والبارزانيون من المقابر الجماعية إلى العقوبات الاقتصادية

في صيف عام 1983، وتحديداً في 31 يوليو، أمر نظام صدام حسين باعتقال نحو 8,000 من رجال وعوائل عشيرة البارزاني من مناطق بارزان، وتم نقلهم إلى صحارى جنوب العراق حيث أُعدموا ودفنوا في مقابر جماعية لا تزال شاهدة على جريمة مروّعة تُعدّ من أبرز فصول الإبادة الجماعية في تاريخ العراق الحديث. تلك الحملة لم تكن سوى تمهيد لحملة الأنفال الكبرى التي نُفذت بين فبراير وسبتمبر 1988، وأسفرت عن مقتل ما يقرب من 182,000 مدني كوردي، وتدمير أكثر من 4,000 قرية، وتهجير أكثر من مليون شخص. وقد اعتُبرت هذه الحملة لاحقاً جريمة إبادة جماعية من قبل المحكمة العراقية العليا، وتم توثيقها من قِبل منظمات دولية كـ'هيومن رايتس ووتش' و'أمنستي'. ورغم أن العراق دخل في مرحلة جديدة بعد 2003، وقُرّ دستور 2005 الذي يعترف بالفيدرالية ويكفل الحقوق القومية للكورد، إلا أن السياسات المركزية القديمة لم تتلاشَ تماماً، بل عادت في ثوب اقتصادي وإداري جديد. ففي السنوات الأخيرة، وخصوصاً منذ 2023، بدأت الحكومة الاتحادية في بغداد باستخدام سلاح الرواتب والموازنات كورقة ضغط سياسي ضد إقليم كوردستان. ففي يونيو 2025، علّقت وزارة المالية العراقية صرف رواتب موظفي الإقليم لأسباب تتعلق بـ'عدم التزام الإقليم بتسليم الإيرادات'، رغم أن حكومة كوردستان أكدت مراراً أنها سلّمت ما اتُفق عليه وفق قانون الموازنة. وقد ترك هذا القرار أكثر من مليون موظف دون راتب منذ يونيو، مما أدى إلى احتجاجات شعبية وتنديد واسع من الأطراف السياسية في الإقليم. في موازاة ذلك، تعرضت منشآت الطاقة في الإقليم لهجمات متكررة بطائرات مسيّرة، استهدفت حقول الغاز في خورمور وحقول النفط في كركوك وسنجار، وكان أبرزها هجوم 26 أبريل 2024 الذي أسفر عن مقتل أربعة عمال وإيقاف الإنتاج جزئياً. ثم ما لبث أن تصاعد التصعيد، ففي منتصف يوليو/تموز 2025، استُهدف إقليم كوردستان بـ14 طائرة مسيرة مفخخة على مدى أربعة أيام متتالية بين 14 و18 من الشهر، في موجة هجمات هي الأعنف من نوعها على الإطلاق ضد البنية التحتية للطاقة في الإقليم. ورغم كل هذه الأزمات، لم تتخلَّ حكومة إقليم كوردستان عن نهج الحوار والانفتاح السياسي في تعاملها مع بغداد. فمنذ تشكيل الحكومة التاسعة برئاسة مسرور بارزاني، تمسّكت أربيل بالدستور كمرجعية لحل الخلافات، وقدمت مبادرات عدة لحلحلة الملفات العالقة، ووقّعت اتفاقيات ضمن قانون الموازنة الثلاثي، وأبدت مرونة واضحة في القبول بمقترحات غالباً ما كانت مجحفة. ورغم الحصار المالي والهجمات الأمنية، واصلت حكومة الإقليم تنفيذ مشاريع استراتيجية، منها مشروع 'روناكي' للكهرباء، ومشروع 'حسابي' الرقمي للشفافية المالية، إضافة إلى برامج في البنية التحتية والمياه والصحة والتعليم والطاقة. هذه المشاريع تُعد بمثابة رد حضاري وسلمي على سياسات التهميش والعقاب الجماعي، وتُظهر أن الإقليم يرد على الضغوط بالتنمية لا بالصدام. ولعل ما يجري اليوم، من تأخير للرواتب وتكرار استهداف البنية التحتية، يُعيد إلى الذاكرة فصولاً مظلمة من تاريخ الكورد مع السلطة المركزية. فالأنفال لم تكن مجرد مجزرة، بل كانت إعلانًا بأن الكورد غير مرحب بهم في عراق مركزي استبدادي. واليوم، حينما يُستهدف الإقليم اقتصاديًا وأمنيًا دون رد واضح من بغداد، فإن ذلك يُعيد فتح الجروح ذاتها، وإن اختلفت الأدوات. إذا كانت الدولة العراقية تسعى فعلاً إلى بناء شراكة حقيقية، فإن أول شروط ذلك هو وقف استهداف كوردستان، سواء بالمسيرات أو بالقرارات المالية، واحترام الاتفاقات الدستورية، لا الالتفاف عليها. لأن العراق الموحد لا يُبنى بالتجويع ولا بالإخضاع، بل بالعدالة واحترام الإرادة الحرة لكل مكوناته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store