
حرق الغاز يتصاعد عالمياً: 63 مليار دولار مهدورة وتحدٍّ خطير للبيئة وأمن الطاقة
ويشير تقرير "الرصد العالمي للحرق التلقائي للغاز" إلى أن هذه الظاهرة التي تتمثل في حرق الغاز الطبيعي أثناء استخراج النفط بدلاً من استخدامه أو معالجته، تُعد مصدراً خطيراً لانبعاثات الغازات الدفيئة، إذ تسبّبت بانبعاث 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، منها 46 مليون طن من الميثان غير المحترق، وهو أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ورغم أن بعض الدول نجحت في الحد من هذه الممارسات، لا تزال 9 دول فقط مسؤولة عن ثلاثة أرباع الحرق العالمي، رغم أنها لا تمثل سوى أقل من نصف الإنتاج النفطي في العالم. وتشير بيانات الأقمار الصناعية إلى أن كثافة الحرق – أي كمّية الغاز المحترق لكل برميل نفط منتج – لم تشهد انخفاضاً ملحوظاً منذ 15 عاماً، وهو ما يسلط الضوء على التحدي الهيكلي في التعامل مع هذه الظاهرة.
وأكد المدير العالمي للطاقة في البنك الدولي ديميتريوس باباثاناسيو ، أن ما يحدث "أمر مؤسف"، خصوصاً في ظل وجود أكثر من مليار إنسان يفتقرون إلى طاقة موثوقة، مضيفاً أن هذه الموارد كان من الممكن أن تُحوَّل إلى طاقة نظيفة تُسهم في سد الفجوة التنموية.
عضو البرلمان العالمي للبيئة الدكتور وفيق نصير أفاد في حديث إلى"النهار" بأن أبرز التحديات التقنية والاقتصادية التي تمنع تقليل الحرق التلقائي للغاز تتمثل في نقص البنية التحتية، فكثير من حقول النفط، وخاصة في الدول النامية، تفتقر إلى شبكات كافية لمعالجة الغاز المصاحب ونقله. ويتطلب تقليل الحرق إنشاء شبكات أنابيب ومحطات ضغط وفصل الغاز ومعالجته، وهي استثمارات ضخمة لا تتناسب أحياناً مع الجدوى الاقتصادية، وخاصة في الحقول الصغيرة أو المتناثرة.
كذلك هناك عوائق تنظيمية وضعف في التطبيق، يقول نصير، إذ إن غياب التشريعات القانونية والرقابة على الحرق أو ضعفها، أو وجود ثغرات في السياسات البيئة، يؤدي إلى استمرار الظاهرة. وغياب التنسيق بين وزارتي البترول والبيئة يضعف فعالية الإجراءات المطلوبة.
ويضيف نصير أن "هناك صعوبة في تمويل مشاريع خفض الحرق بسبب انخفاض هامش الربح، وخاصة عندما تكون كميات الغاز صغيرة أو متفرقة، كذلك تواجه البلدان التي تعاني من أزمات أو صراعات تحدّيات إضافية في تأمين التمويل اللازم. ومحدودية السوق المحلي أو الإقليمي، في غياب الطلب أو البنية التحتية لتصدير الغاز، يصبح جمعه واستخدامه غير مجدٍ اقتصادياً".
أما في البلدان المتقدمة فتوجد أيضاً تحديات تقنية، يذكر نصير بعضها، وهي "تنوّع خصائص الغاز المصاحب بين الآبار، ما يتطلب حلولاً فنيه خاصة في قياس كميات الغاز المصاحب أو تحليله بدقة، ما يصعّب تطوير مشاريع فعّالة للاستفادة منه".
ولتوازن الدول النامية بين تطوير النفط وتقليل الانبعاثات يجب بحسب نصير، "وضع سياسات واضحة للحد من الحرق، من خلال تضمين أهداف خفض الحرق والانبعاثات ضمن الخطط الوطنية للمناخ والتنمية وكذلك مراعاة تحقيق التوازن مع حاجات التنمية الاقتصادية. كما يجب تحفيز القطاع الخاص والاستثمار الدولي في مشاريع استعادة الغاز واستخدامه، والاعتماد على التمويلات الدولية والأدوات المبتكرة (مثل السندات الخضراء أو تبادل الديون مقابل إجراءات مناخية).
ويجب أيضاً دمج تقنيات خفض الانبعاثات وأهدافه ضمن اتفاقيات الاستثمار النفطي حيث يمكن فرض شروط على الشركات الأجنبية لتطوير حلول استدامة وتقليل الحرق في الحقول الجديدة واستثمار الفوائض المالية من النفط لتمويل مشاريع مستدامة، بحسب نصير.
في المقابل، أظهرت الدول التي التزمت مبادرة "الحد من الحرق الروتيني للغاز بحلول عام 2030" نتائج أفضل، إذ خفضت هذه الدول كثافة الحرق بنسبة 12% منذ عام 2012، مقابل ارتفاع بنسبة 25% في الدول غير الموقعة.
ولتسريع الحلول، يدعم البنك الدولي من خلال "الشراكة العالمية لتقليل الحرق والميثان" (GFMR) مجموعة من المشاريع التي توفر تمويلاً تحفيزياً ودعماً فنياً وإصلاحات سياساتية وتنظيمية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، استثمار 11 مليون دولار في أوزبكستان لرصد تسرّبات الميثان وإصلاحها، ما أسهم في تقليل الانبعاثات بـ9,000 طن سنوياً، مع خطط لزيادة الأثر إلى 100,000طن.
وعن التكنولوجيا الحديثة، التي تستخدم في خفض الانبعاثات، كتقنيات استعادة الغاز واستخدام الغاز في توليد الكهرباء محلياً، وتحويل الغاز إلى مسارات صناعية جديدة، أو إعادة حقن الغاز في الآبار وتحسين احتراق المشاعل بتطوير رؤوس مشاعل وكواشف احتراق حديثة، يعلّق نصير بالقول إنّ "التكنولوجيا هذه أثبتت خلال السنوات الأخيرة إمكان تقليل الحرق حتى 90% في بعض الحالات، وتظهر فعالية عالية، خصوصاً مع وجود إطار تنظيمي محفز ودعم استثماري مناسب لتنمية مستدامة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 17 ساعات
- صدى البلد
حركات بهلوانية وركلات.. روبوت بشري يغزو الأسواق والسعر مفاجأة
بسعر أقل من 6000 دولار من المقرر أن يتواجد هذا الروبوت البشري المصنوع في الصين في الأسواق وهو روبوت R1 البشري الأرخص سعرًا في السوق. فبينما لا تزال شركات التكنولوجيا الأمريكية تضع رؤيتها لمستقبل الروبوتات، تعمل شركة صينية بالفعل على نشر الروبوتات الشبيهة بالبشر من خلال نموذج بسعر 5900 دولار ويُباع أحدث روبوت بشري من شركة Unitree Robotics، المسمى R1، بسعر أقل من سيارة MG Comet EV ويبدو أن هذا يدل على مدى جدية شركة الروبوتات الصينية في الترويج لاستخدام الروبوتات الشبيهة بالبشر على نطاق واسع. روبوت R1 في فيديو نُشر على منصة التواصل الاجتماعي X، يظهر الروبوت R1 وهو يؤدي حركة بهلوانية، ويمشي على يديه، ويسدد لكمة، ويستلقي ثم ينهض، ويركض أسفل التل، مما يُظهر مدى تطوره. يزن الروبوت حوالي 25 كجم، ويبلغ طوله حوالي مترين، وهو مزود بنموذج متعدد الوسائط كبير الحجم لأداء المهام المعقدة. كما يتميز R1 برؤية واسعة للغاية ومجموعة من أربعة ميكروفونات لمساعدته على التعرف على الأصوات والصور، ويدعم اتصال Wi-Fi 6 وBluetooth 5.2. R1 الروبوت البشري يُعدّ R1 الروبوت البشري الأرخص سعرًا في السوق. وكانت شركة يونيكورن، ومقرها هانجتشو بمقاطعة تشجيانج، قد أطلقت سابقًا روبوتين بشريين: G1، الذي يبلغ ارتفاعه 130 سم ووزنه 35 كجم، وH1، الذي يبلغ ارتفاعه 180 سم ووزنه 47 كجم. ويبدأ سعرهما من 99,000 يوان (13,838 دولارًا أمريكيًا) و650,000 يوان (90,858 دولارًا أمريكيًا) على التوالي. على عكس الهند، تمتلك الصين مئات شركات الروبوتات التي تُطوّر روبوتات بشرية متطورة، وتُنافس شركات التكنولوجيا الأمريكية. في حين أن روبوت شركة Unitree Robotics الشبيه بالإنسان لا يتجاوز سعره 5900 دولار أمريكي، كشف مجتمع الذكاء الاصطناعي Hugging Face الشهر الماضي عن روبوت بشري كامل الحجم، مفتوح المصدر، يُدعى HopeJR، بسعر 3000 دولار أمريكي فقط. في الولايات المتحدة، أبدى الملياردير إيلون ماسك اهتمامه بتصنيع روبوتات بشرية متطورة مستقبلًا. روبوت أوبتيموس من تيسلا، الذي لم يُطرح تجاريًا بعد، قد يقل سعره عن 20 ألف دولار إذا وصل الإنتاج السنوي إلى مليون وحدة، مع العلم أن السعر النهائي سيعتمد على طلب السوق. قال ماسك خلال حفل الإطلاق في عام 2022: "هدفنا هو صنع روبوت بشري مفيد في أسرع وقت ممكن". وأضاف أنه قد "يساعد ملايين الأشخاص في النهاية"، لكن تطبيقاته الأولية ستكون داخل مصانع سيارات تيسلا. تُعد الروبوتات الشبيهة بالبشر من أروع الأمثلة على كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في ابتكار روبوتات، وهي رؤية لطالما تخيلها البشر، مثل أداء الأعمال المنزلية أو العمل في المصانع. عملت شركات مثل بوسطن ديناميكس لسنوات على تطوير روبوتات شبيهة بالبشر، لكنها لم تُنتج حتى الآن سوى نماذج أولية. حاليًا، تُستخدم الروبوتات على نطاق واسع في المصانع. أما في المنازل والمطاعم، فقد اقتصر استخدامها على روبوتات ذات قدرات أبسط، مثل روبوتات التوصيل ذات العجلات. في السابق، حاولت أمازون صنع روبوت منزلي يُدعى أسترو، وهو جهاز لوحي منزلي مزوَّد بكاميرا على عجلات، لكنه لم يحقق نجاحًا يُذكر حتى الآن.


بيروت نيوز
منذ 3 أيام
- بيروت نيوز
إطلاق ناجح لصاروخ فيغا سي في مهمة جديدة من غويانا الفرنسية
أُطلق الصاروخ الأوروبي الصغير «فيغا سي»، مساء الجمعة، في الموعد المحدد عند الساعة 23:03 بالتوقيت المحلي (02:03 بتوقيت غرينتش)، من مركز كورو الفضائي في غويانا الفرنسية. والصاروخ محمّل بأربعة أقمار «سي أو 3 دي» CO3D الاصطناعية، سيطلقها الصاروخ لصالح شركة «إيرباص» للدفاع والفضاء والمركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء (CNES). صُمّمت هذه المجموعة لتوفير خريطة ثلاثية الأبعاد وعالية الدقة للكرة الأرضية. وتصل صلاحيتها إلى نحو ثماني سنوات. أما القمر الاصطناعي الذي يُطلق لصالح المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء، فيحمل اسم «مايكروكارب»، وهو مصمم لرسم خرائط لمصادر ثاني أكسيد الكربون ومصارفه في مختلف أنحاء الكوكب. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «أريان سبايس» ديفيد كافايوليس، خلال العرض التقديمي الذي سبق عملية الإطلاق، إن هذه الأداة مهمة «لفهم ظاهرة الاحترار المناخي». ومن المتوقع أن يعمل «مايكروكارب» لخمس سنوات. وسيوضع القمران الاصطناعيان في مدارين مختلفين. (الشرق الأوسط)


النهار
منذ 3 أيام
- النهار
نجاح عملية إطلاق الصاروخ "فيغا سي" في غويانا الفرنسية
أُطلق الصاروخ الأوروبي الصغير "فيغا سي" مساء الجمعة في الموعد المحدد عند الساعة 23,03 بالتوقيت المحلي (02,03 بتوقيت غرينتش)، من مركز كورو الفضائي في غويانا الفرنسية، على ما أعلن صحافي في وكالة فرانس برس كان حاضرا في الموقع. والصاروخ محمّل بأربعة أقمار "سي او 3 دي" CO3D الاصطناعية، سيطلقها الصاروخ لصالح شركة إيرباص للدفاع والفضاء والمركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء (CNES). صُمّمت هذه المجموعة لتوفير خريطة ثلاثية الأبعاد وعالية الدقة للكرة الأرضية. وتصل صلاحيتها إلى نحو ثماني سنوات. أما القمر الاصطناعي الذي يُطلق لصالح المركز الوطني الفرنسي لدراسات الفضاء، فيحمل اسم "مايكروكارب"، وهو مصمم لرسم خرائط لمصادر ثاني أكسيد الكربون ومصارفه في مختلف أنحاء الكوكب. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "أريان سبايس" ديفيد كافايوليس، خلال العرض التقديمي الذي أُلقي قبل دقائق من عملية الإطلاق، إن هذه الأداة مهمة "لفهم ظاهرة الاحترار المناخي". ومن المتوقع أن يعمل "مايكروكارب" لخمس سنوات. وسيوضع القمران الاصطناعيان في مدارين مختلفين. وتمثل هذه العملية ثالث عملية إطلاق هذا العام من مركز غويانا الفضائي، وعملية الإطلاق الثانية لصاروخ "فيغا سي". ومن المقرر إطلاق صاروخ آخر باستخدام صاروخ "أريان 6" في آب/أغسطس.