
الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشرية بحلول عام 2027
قالت مجلة لوبوان إن باحثين تنبؤوا بأن الذكاء الاصطناعي العام قد يصبح موجودا وقادرا على خداع مبتكريه في عام 2027، وتوقعوا أن يكون تأثيره هائلا في العقد القادم.
وقال باحثو الذكاء الاصطناعي في سيناريو "الذكاء الاصطناعي 2027" -حسب تقرير مختصر بقلم إليونور بوينتو- إنهم يتوقعون أن يكون تأثير الذكاء الفائق خلال العقد القادم هائلا، وأن يتجاوز تأثير الثورة الصناعية"، وذلك أثناء شرح الباحث السابق في " أوبن إيه آي" دانيال كوكوتاجلو للمراحل القادمة لهذا القطاع قبل "الانفجار الذكي".
وحسب تنبؤات الباحثين، من المتوقع حدوث تغيير كبير العام المقبل، بحيث تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة في الحياة اليومية، مثل طلب وجبة أو إدارة ميزانية، كما أنه من المتوقع أن يتحسن أداء "المساعدات الشخصية" المدعومة بالذكاء الاصطناعي كل عام، لتكسب ما يعرف بالذكاء الاصطناعي العام الذي ربما يكون قادرا على فهم المعرفة وتعلمها وتطبيقها عبر مجموعة واسعة من المهام البشرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوكلاء سيتمكنون من البحث والتحسين الذاتيين، ومن تعلم الكذب والامتثال لتوقعات المبدعين لتحقيق هدف مختلف، ولكن هذا الخداع هو الأكثر إثارة للقلق، لأن الذكاء الاصطناعي -كما يقول الباحثون- قد يخترق نظام التقييم الخاص به لتحقيق نتائج أفضل.
ويطمح العديد من الخبراء والعلماء إلى جعل الذكاء الاصطناعي أداة أكثر فعالية وقوة بجعله ذكاء اصطناعيا فائقا، متفوقا على قدرة الإنسان العقلية في التحليل والحفظ والاكتشاف وغيرها من السمات، غير أن ما يخشاه جمهور آخر من العلماء هو أن ذلك سيحد من نمو وتطور الحضارة البشرية.
وبالفعل أشار عالم الفلك الأسكتلندي مايكل غاريت في دراسة حديثة إلى بعض انعكاسات هيمنة الذكاء الاصطناعي، ودوره في تهديد عجلة النمو الحضاري، وصوّر في الدراسة نهاية مأساوية تنتظر البشرية خلال العقود القادمة، ونبه إلى أهمية وضع معايير محكمة وقوية لضبط عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المجالات العسكرية، لأن هناك سوابق باستخدام أسلحة فتاكة في حالات الحرب.
ورغم الضجيج المثار حول الذكاء الاصطناعي، توصلت دراسة حديثة إلى أن الشركات التي تتبناه ما زالت قليلة، حيث تمثل خصوصية البيانات والتنظيم والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات عوائق رئيسية أمام استخدامه على نطاق واسع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
سام ألتمان.. رأس الحربة في الذكاء الاصطناعي الإمبريالي
في كلّ لحظة من التاريخ، كانت التكنولوجيا أداة يتوسل بها الإنسان تجاوز حدوده، لكنها لم تكن يوما بريئة تماما من شهوة السلطة. فمنذ الثورة الصناعية حتى الطفرة الرقمية، لا تنفصل أعظم الابتكارات عن صراعات النفوذ والهيمنة، وإن بدت في ظاهرها خدمة للتقدم البشري. ولعلّ عبارة اللورد آكتون الشهيرة "السلطة تفسد، والسلطة المطلقة تفسد فسادا مُطلقا"، تعود اليوم لتلامس بعمق ما يجري خلف الكواليس في سباق الذكاء الاصطناعي. وقد وردت هذه المقولة في رسالة كتبها المؤرخ البريطاني اللورد إلى الأسقف مانديل كريتون في عام 1887، وهي من أشهر الاقتباسات في الفكر السياسي والتاريخي حول العلاقة المعقدة بين السلطة والفساد، حيث تعكس تحذيرا أخلاقيا من طغيان النفوذ حين لا يُواجه بالمحاسبة أو بالمساءلة التاريخية. لم يعد السؤال المطروح اليوم: إلى أين ستأخذنا هذه التكنولوجيا؟ بل: من يقودها؟ ولماذا؟ فوراء الوعود البراقة بتحسين العالم وتوسيع قدرات الإنسان، يكمن طموح معقد تتداخل فيه الرؤية والمصلحة، والريادة والمنافسة، والإيثار المُدّعى والنرجسية الخفية. في هذا المشهد المتسارع، يظهر اسم سام ألتمان، ليس فقط كمهندس الطفرة الحالية في الذكاء الاصطناعي، بل كرمز لتحوّل أعمق في طبيعة السلطة في القرن الـ21. من خلال كتاب "المتفائل: سام ألتمان ، أوبن إيه آي ، وسباق اختراع المستقبل" (The Optimist: Sam Altman, OpenAI, and the Race to Invent the Future) للصحفية كيش هاغي، و"إمبراطورية الذكاء الاصطناعي" (Empire of AI) لكارين هاو، تتكشف لنا صورة متعددة الأبعاد لرجل يبدو في الظاهر مدفوعا بإيمان شبه ديني بإمكانات الذكاء الاصطناعي، لكنّه في العمق لاعب ماهر في معادلة السلطة الجديدة. هذه ليست فقط سيرة شخصية، بل مرآة لما وراء السطور حيث يتقاطع الإيمان بالمستقبل مع الرغبة في السيطرة عليه. سام ألتمان.. بورتريه المتفائل في عصر الذكاء الاصطناعي في كتابها الجديد "المتفائل: سام ألتمان، أوبن إيه آي، وسباق اختراع المستقبل"، تقدم الصحفية الاقتصادية كيتش هاغي قراءة سردية تحليلية لشخصية تجسد التوترات الجوهرية في عصر الذكاء الاصطناعي: سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي". لا تبدأ هاغي الحكاية من المؤسسة، بل من الفرد. فاختيارُها أن تجعل من ألتمان محورا لسردها لا ينطلق من إعجاب أو تبجيل، بل من قناعة بأن مشروع الذكاء الاصطناعي، في جوهره، "مشروع أخلاقي"، ولذا فهو مشروع يُقاس بأثره على البشر، ومن يقوده من بشر. وُلد ألتمان في الغرب الأوسط الأميركي، في بيت يجمع بين المثالية التقدمية لوالده، الذي عمل على تمويل مشاريع الإسكان الميسر، والبراغماتية الطبية لوالدته، طبيبة الأمراض الجلدية. كان ذلك الخيط القيمي العملي، كما توحي هاغي، أحد العوامل التي شكلت رؤيته المبكرة: تفاؤل مشوب بالقلق، وإيمان بأن التقدم ممكن، وإن بدا أحيانا بطيئا ومتناقضًا. ألتمان، القصير النحيل، اليهودي والشاذ جنسيا، لا يشبه من الناحية النمطية "شقيق التكنولوجيا" (Tech Bro) الذي يرتدي سترة بقلنسوة ويختبئ خلف شاشة كود. بل يبدو أشبه بـ"راوي المستقبل" بدلا من أن يكون مجرد مهندسه. تكتب هاغي بأن زواجه من شريكه، مثّلَ، بالنسبة له، دليلا شخصيا على أن المجتمع يتغير فعلا، وهو ما يعزز، في نظرها، إيمانه بفكرة التقدم. وتقول في حوار لها مع موقع تك كرنش: "لقد رأى المجتمع يتغير فعليا وأعتقد أن هذا ما عزز إيمانه بفكرة التقدم". كان هذا الإيمان حاضرا أيضا حين نشر ألتمان تغريدة مقتضبة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلن فيها إطلاق "شات جي بي تي". كتب فقط: "اليوم أطلقنا ChatGPT. جرب التحدث معه هنا: ثم أضاف في رد على نفسه: "واجهات اللغة ستكون أمرا كبيرا، على ما أظن". وإذا كان يبدو وكأنه يقلل من أهمية الحدث، فقد كان الواقع أكبر من التوقعات. إذ أصبح "شات جي بي تي" أسرع خدمة ويب تصل إلى مليون مستخدم، وأشعل شرارة سباق عالمي محموم على الذكاء الاصطناعي. لحظة فاصلة ترسمها هاغي ببراعة، كاشفة عن مفارقة شخصية ألتمان: رجل يشعل تحولا تقنيا هائلا، لكنه يقدمه ببساطة شبه خجولة. فمند سنّ الـ19، حين أسس شركته الناشئة الأولى "لوبت" (Loopt)، بدا أن ألتمان لا يجيد فقط بناء الشركات، بل بناء الروايات أيضا. في "يو كومبيناتور" (Y Combinator)، ثم "أوبن إيه آي" كرس هذا الحسّ القصصي في جمع التمويل وبناء التحالفات. تصفه هاغي بأنه "موهبة نادرة في جمع الأموال، وهو أمر يتعلق في جوهره بسرد القصص". لكنه أيضا رجل يثير الحيرة، حيث إن ما يقوله لا يتطابق دائما مع ما يحدث فعليا. تلاحظ هاغي أن هذا التوتر يتكرر، لا سيما في لحظات محورية مثل تلك التي عرفتها "أوبن إيه آي" أواخر عام 2023، حين أقاله مجلس الإدارة غير الربحي، لتنفجر أزمة داخلية هائلة. أكثر من 700 موظف من أصل 770 وقعوا على عريضة تهدد بالاستقالة ما لم يُعَد ألتمان. وخلال 5 أيام فقط، عاد إلى منصبه أقوى من أي وقت مضى. سياسيا، ينتمي ألتمان إلى ما يسميه "الليبرالية التقليدية"، مؤمنا بأن الدولة يجب أن تلعب دورا رئيسيا في تمويل وتنظيم الذكاء الاصطناعي، على غرار ما فعلته في مؤسسات بحثية تاريخية مثل "بيل لابس" (Bell Labs) و"زيروكس بارك" (Xerox PARC). لكنه في الوقت ذاته يحتفظ بعلاقات جيدة مع إدارة ترامب. وتقول هاغي في وصف مفارق لتلك العلاقة لموقع تك كرانش: "سام ألتمان ولد لهذا العصر، فهو صانع صفقات، وترامب أيضا صانع صفقات. وترامب لا يحترم شيئا بقدر الصفقات الكبرى". هذه الشخصية المزدوجة، ما بين الطموح الأخلاقي والحسابات الواقعية، تتجلى أيضا في تجولات "أوبن إيه آي" نفسها، من منظمة غير ربحية تنشر شيفرتها البرمجية علنا، إلى شركة تربح المليارات وتغلق أبوابها. ومن شراكة مثالية مع شخصيات كـإيلون ماسك، إلى خصومات قانونية، ومن التزام بـ"الذكاء لخدمة البشرية"، إلى صراع داخلي على السلطة والبوصلة. هاغي لا تقدمه بطلا، ولا تُدين سلوكياته، ولكنها تعترف بأنه، في قلب كل هذا الضجيج، يقف رجلا عاديا، يتمتع بكاريزما هادئة وذكاء إستراتيجي، في مركز زلزال غير عادي، ومتفائلا في زمن قلق. وتلك، كما تلمح، هي نقطة قوته، وربما أيضا نقطة ضعفه. الوجه الآخر.. إمبراطورية الذكاء الاصطناعي والهيمنة على حساب البيئة والعدالة الاجتماعية لكن خلف هذا التفاؤل الكبير الذي يحيط بشخصية سام ألتمان وطموحه في تطوير الذكاء الاصطناعي، تكمن حقائق أكثر قتامة، كما توضحها الصحفية التقنية كارين هاو في كتابها الجديد "إمبراطورية الذكاء الاصطناعي" (Empire of AI). في حوار لها مع موقع ديموكراسي ناو (Democracy Now)، تسلط هاو الضوء على التحول العميق الذي شهدته هذه التكنولوجيا، من مشروع معرفي بحت إلى أداة ضخمة للهيمنة الاقتصادية والسياسية. حيث تتحول الشركات الكبرى في هذا المجال، وعلى رأسها "أوبن إيه آي" التي يقودها ألتمان، إلى قوى إمبراطورية حديثة تسيطر على موارد هائلة وتؤثر بشكل عميق على المجتمعات والبيئة. تصف هاو تطور الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون بأنه نمط توسعي "بأي ثمن"، يعتمد على تدريب النماذج على كميات هائلة من البيانات التي تشمل الإنترنت بالكامل باللغة الإنجليزية، بما في ذلك أعمال الفنانين والكتّاب، مع استخدام حواسيب خارقة تستهلك طاقة ضخمة ومياهًا عذبة للتبريد. هذا المسار الاستثنائي في تطوير الذكاء الاصطناعي يسبب أضرارا اجتماعية وبيئية وعماليّة جسيمة، مما دفعها لاستخدام تشبيه "الإمبراطورية" لوصف هذه الصناعة بكل أبعادها. في هذا السياق، تشير هاو إلى حجم الاستهلاك الهائل للطاقة، حيث يفيد تقرير شركة ماكنزي بأن مراكز البيانات ستحتاج خلال السنوات الخمس المقبلة إلى طاقة تعادل ضعف استهلاك ولاية كاليفورنيا السنوي أو أكثر إلى 6 أضعاف، مع اعتماد كبير على الوقود الأحفوري. هذا الواقع دفع بعض الجهات إلى تمديد عمر محطات الفحم وتركيب توربينات غاز الميثان دون ترخيص، تعبيرا عن السعي المستمر لتأمين مصادر طاقة ضخمة لهذه الصناعة. على صعيد المياه العذبة، توضح هاو أن مراكز البيانات تستخدم كميات ضخمة من مياه الشرب النقية في تبريد معداتها، وغالبا ما تُبنى هذه المراكز في مناطق تعاني من شحّ المياه، مما يفاقم أزمة الموارد الطبيعية ويؤدي إلى توترات اجتماعية حقيقية. مثال صارخ على ذلك هو تشيلي، حيث واجه السكان المحليّون استيلاءً محتملا لشركة غوغل على كميات ضخمة من المياه تعادل ألف ضعف ما يستخدمه المجتمع سنويا، دون أي مقابل يعود عليهم، مما دفعهم إلى تنظيم حملات واعتصامات دافعت عن حقوقهم وحصلوا من خلالها على مقعد في المفاوضات الحكومية. استعمار البيانات واستغلال الجنوب العالمي وفي موازاة هذا الاستنزاف البيئي، يكشف الكتاب عن بعد آخر للاستغلال يتمثل في استغلال "العمال الرقميين" في دول الجنوب العالمي. في سياق المنافسة المتصاعدة بين شركات الذكاء الاصطناعي الغربية مثل "أوبن إيه آي" و"غوغل" و"ميتا"، والشركات الصينية، تتبلور صورة صناعة تسيطر عليها قوى رأسمالية ضخمة تعتمد على استغلال عُمال رقميّين في دول مثل كينيا وفنزويلا والفلبين. هؤلاء العمال الذين ينجزون مهاما حاسمة في تعليم البيانات ومراقبة المحتوى، يعانون من ظروف عمل هشة تتراوح بين الأجور المنخفضة والضغط النفسي الناتج عن التعرض المستمر لمحتوى عنيف أو مروّع، إضافة إلى ممارسات قمعية مثل الطرد بسبب محاولات تنظيم النقابات. تعزز هذه الممارسات منطق "الاستعمار البياني" كما تصفه هاو، حيث تدخل شركات الذكاء الاصطناعي إلى دول ذات مؤسسات ضعيفة واقتصاديات هشة، مستغلة العمال المستعدين للعمل بأي أجر، وسط غياب حماية فعالة من قبل الحكومات المحلية، التي غالبا ما تكون عاجزة أو متواطئة مع هذه الاستثمارات. في مواجهة هذه الصورة المظلمة، تنقل هاو شهادات من فنانين وفنانات غربيين فقدوا فرص عملهم بسبب الاستغلال غير القانوني لأعمالهم الفنية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مما يحول هذه النماذج إلى بدائل لا تراعي حقوق الإبداع ولا تعوض أصحابها، مما يخلق أزمة حقيقية في حقول الإبداع والفنون. ومع ذلك، يشير الكتاب إلى وجود نماذج بديلة وأخلاقية لتطوير الذكاء الاصطناعي، كما في مشروع "بيغ ساينس" (BigScience) المفتوح المصدر، ومبادرات محلية في نيوزيلندا لإنشاء أدوات لغوية تحترم خصوصيات المجتمعات الأصلية وتراخيص البيانات، مما يبرز إمكانات مختلفة لتقنياتِ الذكاء الاصطناعي بعيدة عن الهيمنة والاستغلال. "أوبن إيه آي".. إمبراطورية داخل الإمبراطورية ومن بين هذه القوى الرقمية الجديدة، تبرز "أوبن إيه آي" بقيادة سام ألتمان كأحد أبرز رموز هذا التحول الإمبراطوري. ففي هذا السياق تأخذ "أوبن إيه آي" مكانة خاصة، حيث يظهر ألتمان كقائد بارع في هندسة هذه السلطة الرقمية غير الديمقراطية. فقد تحولت "أوبن إيه آي" من منظمة غير ربحية تدعُو للشفافية والانفتاح، إلى آلة رأسمالية شرهة تتبنى منهج "النمو بأي ثمن"، مهددة القيم التي تأسست عليها. أنشأت جناحا ربحيا ضمن هيكلها لجمع مليارات الدولارات، مما جعلها من أقوى وأكبر الشركات في عالم الذكاء الاصطناعي، مستغلة التمويل الضخم دون أن يكون لها حتى الآن تأثير اقتصادي واضح يتناسب مع ثقلها المالي. هذا التحول يكشف التناقض بين الوعود الطموحة والواقع المهيمن على صناعة الذكاء الاصطناعي. من جهة مماثلة، توضح هاو أيضا العلاقة المتشابكة بين شركات الذكاء الاصطناعي وقطاع الدفاع، حيث تسعى هذه الشركات لتعويض استثماراتها الضخمة من خلال عقود مع الجيش الأميركي، مما يثير مخاوف بشأن توظيف هذه التكنولوجيا في سياقات عسكرية حساسة، وهو ما يمثل توسعا جديدا لـ "إمبراطورية" هذه الشركات التي تستخدم الحكومة الأميركية لتعزيز نفوذها، في حين تستغلها الحكومة ذاتها في أغراضها. على الصعيد التشريعي، تشدد هاو على خطورة بند أُدرج في مشروع "الميزانية الكبيرة الجميلة" (One Big Beautiful Bill Act- OBBBA) التي أقرها مجلس النواب الأميركي، والذي يمنع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي لمدة عقد كامل، مما يمنح حصانة قانونية غير مسبوقة لوادي السيليكون ويكرس هيمنة هذه "الإمبراطوريات". تنتقد هاو هذا التطور بشدة، معتبرة أن هذه الشركات أصبحت المفترس الأعلى في النظام، وتتصرف وفق مصالحها فقط، وأن القانون يقنن هذا الوضع بالكامل. كل هذه المعطيات تظهر كيف أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل تحول إلى مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي واسع النطاق، يشكل تهديدا مباشرا للديمقراطية والشفافية وحقوق العمال والبيئة. وكما تكتب هاو: "إمبراطوريات الذكاء الاصطناعي لا تمارس نفس العنف الصريح والوحشية التي ميزت ذلك التاريخ. لكنها أيضا تستولي وتستخرج موارد ثمينة لخدمة رؤيتها للذكاء الاصطناعي: أعمال الفنانين والكتّاب، بيانات عدد لا يُحصى من الأفراد الذين ينشرون تجاربهم وملاحظاتهم على الإنترنت، الأرض والطاقة والمياه اللازمة لتشغيل مراكز البيانات الضخمة والحواسيبِ الفائقة". إنه "عالم استعمار جديد" تُسلب فيه الموارد وتتجمع فيه السلطة بيد أقلية قليلة، كما تؤكد شهادات ميدانية من كينيا وتشيلي وأوروغواي في تحليل هاو الدقيق، الذي يضع سام ألتمان و"أوبن إيه آي" في قلب هذه الديناميات المعقدة، كحالة خاصة لا يمكن فصلها عن النظام الأكبر لوادي السيليكون والسياسة الأميركية. بين وهج التفاؤل وظلال الواقع لعل التفاؤل الذي يروج له سام ألتمان، أو "المتفائل" كما يصفه عنوان كتاب هاغي، ليس أكثر من قناع ناعم يخفي تناقضات عصر الذكاء الاصطناعي. فمن حلم بتمكين الإنسان، تحولت هذه التقنية إلى آلية متسارعة لتعميق القلق الوجودي، وتكريس فجوات الاستغلال والهيمنة. بدلا من أن تبني جنة رقمية لتحرير البشر، تفتح هذه التكنولوجيا بوابات لسلطة رقمية مفرطة، تُسحق فيها كرامة الإنسان وموارد الكوكب باسم التقدّم. تُدار من قبل نخب ضيقة، ومعزولة، تتخذ قراراتها في غرف مغلقة، بينما ندفع نحن ثمن الابتكار أمننا وحريّتنا ومستقبلنا. سام ألتمان بشخصيته المزدوجة التي تجمع بين الكاريزما والبراغماتية، ليس مجرد قائد تقني، بل رمز لمنظومة كاملة تعيد رسم حدود السلطة في العالم الرقمي. ومع اتساع الفجوة بين خطاب "المتفائل" وواقعنا القلق، يبرز سؤال حاسم: هل ما نعيشه هو تقدم حقيقي، أم وهم تقدّم يعاد تدويره لخدمة مصالح من يملكون مفاتيح الخوارزميات؟ إعلان فما بين وهج "المتفائل" ونظرة الواقع القاسية، نجد أنفسنا أمام تحدّ أخلاقي واجتماعي كبير، يفرض علينا أن نعيد تعريف معنى التقدم الحقيقي، وأن نبحث جادين عن سبل تعيد لنا السيطرة على مستقبلنا الإنساني في زمن تهيمن عليه خوارزميات السلطة والربح. لقد آن الأوان لنكفّ عن التصفيق الأوتوماتيكي لكلّ ما يسمى "ابتكارا"، وأن نستعيد النقاش الأخلاقي حول الإنسان، والعدالة، وحدود الهيمنة الرقمية.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
"بعض الناس أغنياء جدا": هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
في عالم يزداد فيه عدد الفقراء، تتسارع وتيرة تراكم الثروة لدى فئة صغيرة من البشر، في ما بات يعرف "بالثراء الفاحش". هذا المصطلح لم يعد مجرد وصف للنجاح المادي، بل تحول إلى تحد أخلاقي وسياسي واجتماعي عميق، وهي الفكرة التي ينطلق منها الفيلسوف السياسي الهولندي ديك تيمر في طرحه الجذري. يتساءل تيمر: "الجميع يريد حل مشكلة الفقر، ولكن هل يمكن أن تشكل الثروة مشكلة أيضا؟ وهل ينبغي وضع (عتبة للثروة) كما يوجد خط للفقر؟". في أطروحته وكتاباته، يجادل ديك تيمر بقوة لمصلحة ضرورة تقييد الثروة، مؤكدا أن "ما لا يدركه كثيرون هو أن الثراء الفاحش مشكلة تتطلب مواجهة واضحة وحلولا جذرية، يجب أن يكون في مقدمتها فرض حد أقصى للثروة". يشغل ديك تيمر منصب أستاذ مساعد في الفلسفة الأخلاقية والسياسية بجامعة دورتموند التقنية في ألمانيا. ترتكز أبحاثه على مفاهيم العدالة التوزيعية، وأخلاقيات الاقتصاد، وتغير المناخ، والمسؤولية الأخلاقية تجاه الأجيال القادمة. يحمل تيمر شهادتي بكالوريوس وماجستير في الفلسفة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الدراسات الدينية واللاهوت من جامعة أوتريخت بهولندا، قبل أن ينال درجة الدكتوراه عن أطروحته "العتبات والحدود في نظريات العدالة التوزيعية" تحت إشراف الفيلسوفة إنغريد روبينز، كما عمل أستاذا زائرا في العديد من الجامعات الهولندية. في مايو/أيار المنصرم، صدر كتابه الأول بعنوان "بعض الناس أغنياء جدا" الذي يبحث في المعنى الحقيقي للمساواة وكيفية تحقيقها، وهو يعكف حاليا على إعداد كتابه الثاني عن ضريبة الميراث، الموضوع الذي يرى تيمر أنه يجمع كل أسئلة الفلسفة الكبرى. في كتابه، يفند تيمر الأفكار الراسخة حول فاعلية الأسواق وقدسية الملكية الخاصة، ويطرح رؤية جديدة للمساواة تتجاوز الأرقام، مركزا على الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية للتفاوتات الاقتصادية. أرقام تروي قصة اللامساواة لتوضيح حجم الفجوة، تستشهد الصحفية الهولندية كارولين كرايفانغر، عبر منصة "Scientias" العلمية، بأرقام صادمة؛ فقد بلغت ثروة جيف بيزوس، مؤسس أمازون، ما يقرب من 200 مليار دولار. ولتقريب هذه الصورة، فإن هذا المبلغ يعادل ما يمكن أن يجنيه شخص يتقاضى 250 ألف دولار يوميا منذ ميلاد المسيح! ولم تزد الجائحة عام 2020 الأثرياء إلا ثراء، إذ أضاف أغنى 500 شخص في العالم ما مجموعه 1.8 تريليون دولار إلى ثرواتهم، لتبلغ ثروتهم الإجمالية 7.6 تريليونات دولار. في المقابل، يعيش أكثر من 800 مليون شخص على أقل من دولارين في اليوم. أين تكمن المشكلة؟ يقر تيمر أن عدم المساواة بحد ذاته ليس بالضرورة ظالما، إذ يمكن تبريره أحيانا بالموهبة أو الكفاءة. لكن المشكلة تبدأ، من وجهة نظره، حين ينقطع الرابط بين الجهد والمكافأة، وتصبح الفجوة بين الأغنياء والفقراء بهذا الحجم الهائل، فتتحول إلى قضية أخلاقية تهدد تماسك المجتمعات. يحذر تيمر من التأثير السياسي غير المتكافئ الذي يمارسه الأثرياء، مشيرا إلى تبرعاتهم بملايين اليوروهات للأحزاب السياسية، مما يجعل النفوذ السياسي في أيدي القلة، وهو ما يتنافى جوهريا مع مبادئ الديمقراطية التي تقوم على المساواة في الصوت والتأثير. دعوة إلى كبح جماح الثروة في أطروحته، يدعو تيمر إلى فرض حد أقصى للثروة، ليس فقط لضبط التفاوت، بل لإعادة استثمار هذه الأموال في خدمات حيوية للمجتمع مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية. كذلك يربط بين أسلوب حياة فاحشي الثراء وتأثيره المدمر على البيئة، إذ يسهمون بشكل غير متناسب في الانبعاثات الكربونية، مما يجعل فرض ضرائب بيئية عليهم ضرورة إضافية. لكن، هل يوجد دعم اجتماعي لمثل هذه الدعوات؟ يستشعر تيمر حماسة متزايدة في المجتمع للانتقادات الموجهة للشركات المتعددة الجنسيات، لكنه يلمس ترددا في الوقت ذاته، ويظهر ذلك في الانبهار بسباق الفضاء الذي يشارك فيه جيف بيزوس. كما أن فكرة تحديد سقف للثروة تثير أسئلة عملية كثيرة: هل يكون الحد 10 ملايين؟ أم 100 مليون؟ وأين يقع الخط الفاصل الذي تتحول عنده الثروة من إنجاز فردي إلى مشكلة عامة؟ يبدو المجتمع نفسه منقسما. ففي هولندا، أظهرت دراسة أن 80% من الناس لا يرون ضرورة لفرض حد للثروة، لكن هذه النسبة تتغير بشكل لافت عندما يطرح السؤال بصيغة مختلفة: "هل تفضل أن تذهب الأموال إلى الأثرياء أم إلى الخدمات العامة؟"، حينها فقط يميل كثيرون إلى الخيار الثاني. اللامساواة أزمة عالمية وعابرة للأجيال في نقاشاته العامة، مثلما حدث على منصة "باك هاوس دي زفايخر"، يوسع تيمر من نطاق تحليله، مؤكدا أن اللامساواة هي المشكلة الرئيسية التي تواجه مجتمعات مثل هولندا، حيث تفاقمت الفجوة بين الأغنياء والفقراء لتشمل كل جوانب الحياة، من التعليم إلى السكن، ومن سوق العمل إلى الرعاية الصحية. ولا يقتصر الأمر على الحدود الوطنية؛ فعلى مستوى العالم، يمتلك الرجال 105 تريليونات دولار أكثر من النساء، أي ما يقرب من 4 أضعاف حجم الاقتصاد الأميركي. كذلك تهدد الحروب حياة الفئات الأكثر ضعفا، بينما يعيش مئات الملايين في فقر مدقع، ولا يحصل مليار طفل على أحد احتياجاتهم الأساسية من غذاء أو رعاية طبية أو تعليم. هذه الفجوة دفعت الفيلسوف تيد هوندريش إلى القول: "لو زارت كائنات فضائية كوكبنا، لاعتقدت أن هناك أنواعا مختلفة من البشر". ويظهر ذلك في تفاوت متوسط العمر المتوقع الذي يقارب 30 عاما بين دول مثل نيجيريا وتشاد (53 عاما) ودول مثل هولندا (82 عاما). إعلان بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التفاوت يتجاوز جيلنا الحالي، فالخيارات التي نتخذها الآن، من تغير المناخ إلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي ومستوى المعاشات التقاعدية، تشكل العالم الذي ستعيش فيه الأجيال القادمة، فالقوة في أيدينا، لا في أيديهم. ورغم أن الوعي يتزايد بخطورة تركيز الثروة في أيدي القلة، فإن الإجراءات الفعلية لا تزال محدودة. يشير تيمر إلى أن الطريق نحو تقنين حد للثروة لا يزال طويلا ومملوءا بالعقبات السياسية والاجتماعية، لكنه يؤمن أن خوض هذه المعركة أصبح ضرورة حتمية للحفاظ على العدالة، والاستقرار، ومستقبل الديمقراطية.


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
علماء روس يستخدمون الذكاء الاصطناعي في فهم الجينات
تمكن علماء من معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا الروسي (سكولتيك) من سد الفجوات في البيانات المتعلقة بالمسافات بين الجينات في الحمض النووي (DNA) باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يفتح آفاقا جديدة لفهم أفضل لتركيب الجينوم ووظائفه. وأكد العلماء أن هذا الإنجاز يمثل خطوة مهمة نحو تشخيص وعلاج أكثر دقة للأمراض الوراثية، وذلك وفقا لدراسة نشرها المعهد. وأفاد المعهد بأن الأداء السليم للحمض النووي في الخلية لا يعتمد فقط على وجود الجينات الصحيحة، بل أيضا على التفافها في شكل ثلاثي الأبعاد محدد، حيث يؤثر هذا التكوين على نشاط الجينات وانقسام الخلايا، وأي خلل في هذه البنية يمكن أن يؤدي إلى أمراض مختلفة، بما في ذلك السرطان. وعادة ما يدرس العلماء البنية المكانية للحمض النووي باستخدام المجهر الفلوري، حيث يتم تزويد أجزاء من الحمض النووي بعلامات مضيئة لرؤية مواقعها، ولكن نظرا لطبيعة هذه الطريقة، توجد دائما فجوات في هذه البيانات. وأوضح المشرف العلمي على الأبحاث كيريل بولوفنيكوف أن النماذج التوليدية قادرة على حل هذا النوع من المشكلات، وهذا يمثل استخداما غير تقليدي لأنظمة الذكاء الاصطناعي، التي غالبا ما تستخدم في مهام أكثر إبداعا، مثل توليد الصور أو النصوص بناء على تعليمات المستخدم.