logo
من معسكرات النازية إلى «غيتو» غزة

من معسكرات النازية إلى «غيتو» غزة

صحيفة الخليجمنذ 3 أيام

«الغيتو» في أيام النازية، كان جزءاً من السياسة المنهجية التي اتبعها النظام النازي لعزل واضطهاد اليهود (الجماعات غير المرغوب فيها)، تمهيداً لإبادتهم في وقتٍ لاحق، وعندما نسأل أكثر عن «الغيتو» فالجواب هو:«الغيتو منطقة معزولة داخل مدينة، كانت تجبر فيها الأقلية اليهودية على العيش تحت ظروف قاسية»، تم إنشاء هذه الغيتوهات من قبل النظام النازي بعد غزو بولندا عام 1939، كمرحلة انتقالية ضمن الحل النهائي لإبادة اليهود. أما ظروف الحياة في «الغيتو» فكان يقصد فيها الاكتظاظ الشديد، حيث يحشر آلاف الأشخاص في مساحة صغيرة جداً. اعتمد النظام النازي سلاح الجوع وسوء التغذية، لإخضاع السكان وتحطيم إرادتهم وإذلالهم.
يذكر أن الأمراض انتشرت بسبب قلة النظافة، وانعدام الخدمات الطبية. استشرى الفقر المدقع بين السكان الذين فقدوا ممتلكاتهم، وكان يمنع عليهم العمل خارج «الغيتو».
كان «الغيتو» يفصل بأسوار وجدران عالية وأسلاك شائكة وتحرس مَداخله قوات نازية، وطبعاً يمنع دخول أي مساعدات، وأكثر تم تعيين (مجلس يهودي) لإدارة شؤون «الغيتو» تحت إشراف النازيين لكن من دون أية سلطة حقيقة، أشهر الغيتوهات كان غيتو وارسو الذي ضم نحو 460,000 شخص، وغيتو لودش وهو أقدم وأقسى الغيتوهات، وغيتو كراكوف الذي صور في فيلم قائمة شندلر.
ويذكر التاريخ أن ثورات قامت داخل هذه الغيتوهات، رغم الظروف القاسية حيث قامت (مقاومة مسلحة) أبرزها: انتفاضة غيتو وارسو عام 1943 التي اعتبرت واحدة من أبرز رموز المقاومة اليهودية ضد النازية. هذه الغيتوهات كانت في الواقع محطات انتقالية في طريق الإبادة الجماعية.
قد يتبادر إلى ذهن القارئ ونحن في عام 2025 أننا نتحدث عن غزة.. أو عن الضفة، لكنه التاريخ النازي الذي تعمل الآلة الإعلامية على تجاهل حقيقة أنه يعيد نفسه، وأن ضحايا الأمس هم الجلادون اليوم.. «غيتو» الأمس هو غزة اليوم.
في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر من المفترض فيه أنه عصر النهضة والقانون والإنسانية، عاد «الغيتو» في حصار غزة، وعاد الجوع ليتحول إلى سلاح فتاك، تزهق به الأرواح وتخضع به الشعوب. بطون الأطفال التي تتضور جوعاً صارت ورقة تفاوض على طاولة متخمة بالمصالح المتطرفة حد الإبادة، في زمن كشف فيه الغطاء عن كذبة منظمات حقوق الإنسان التي ترى في المرأة التي لا تقود سيارة انتهاكاً لحقوقها، ولا ترى في المرأة التي تموت مع أطفالها جوعاً انتهاكاً لإنسانيتها.
في حرب غزة الأخيرة فاق الحصار والجوع كل الحدود، حيث وصفته بعض الأوساط الثقافية الغربية والشرقية «بالإبادة الصامتة»، صار الغيتو الجديد في زمننا المتقهقر إنسانياً، سياسة معلنة لا عرضاً جانبياً. يذكر أن هذا الحصار مَدروس ومعد له منذ أعوام، وقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي عام 2023 أن قال:« لن يكون هناك كهرباء ولا وقود ولا طعام ولا ماء في غزة». هي إذن سياسة حصار وتجويع ممنهجة. تم قصف المخازن وإغلاق المعابر ومنع قوافل الإغاثة من الوصول، وحتى استهداف عمال الإغاثة أنفسهم. حدث كل ذلك على الشاشات التي يشاهدها الملايين حول العالم. اعترفت الأمم المتحدة بأنها مجاعة، واعترفت أكثر بأنها ليست نتيجة طبيعة، بل من صنع الإنسان.. وبقي «الفيتو» حاضراً يمنع وقف إطلاق النار وإنهاء هذا الجنون.
اليوم في غزة يموت الناس بالطريقة نفسها، ليس لأن الطعام غير موجود، بل لأنه ممنوع من الوصول إليهم. هذا الواقع المؤلم دفع بعض المفكرين العالميين لاتخاذ مواقف واضحة وإنسانية ضد سياسة « الغيتو»في غزة:
يوفال نوح هراري، وهو مفكر إسرائيلي شهير صرح قائلاً: «حصار وتجويع المدنيين لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً» وأشار إلى أن هذا الأسلوب سيقوض صورة إسرائيل لعقود. أما الكاتب نعوم تشومسكي فقال: «إن إسرائيل تستخدم الحصار والتجويع كسلاح استراتيجي، وأن ما يحدث في غزة اليوم يتجاوز مجرد حرب، إنه هندسة موت جماعي. وكتب أيضاً الصحفي البريطاني الإسرائيلي جوناثان كوك: «ما تقوم به إسرائيل هو إعادة اختراع «الغيتو»، لكن هذه المرة ضد سكان غزة».
للأسف كلمات المفكرين والصحفيين لا تقرأ في ميزان المصالح الدولية وتبقى حبراً على ورق. ويبقى الحصار والتجويع.. جريمة بلا عقاب. في حين أدينت النازية على استخدام هذا السلاح لا يزال من يستخدمه اليوم يتمتع بحصانة سياسية ودبلوماسية. وكأن العالم غافل عن حقيقة أن تبرير التجويع اليوم، يفتح الباب أمام استخدامه غداً في أماكن أخرى.
إن كان العالم جاداً في حماية الإنسانية، عليه أن يقول كفى.. في عالم تنتج في الأرض من الغذاء ما يكفي لإطعام ضعف عدد سكانها يموت المئات جوعاً، ليس بسبب قحط أو فيضان. بل بسبب تعنت وفوقية فئة متطرفة تقترف الجرائم باسم السلام.
هذا هو الواقع المهين، ليس لكرامة الضحايا فقط، بل لكرامة المشاهدين العاجزين. لقد أصبح الجوع اليوم وسيلة تحكّم في يد المتطرفين. حتى المساعدات الإنسانية صارت سلاحاً سياسياً. المساعدات لم تعد رمز الرحمة، بل ورقة مساومة.
اعترف العالم أنه «غيتو» جديد وظالم.. لكن هل من محكمة ستحاسب؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يفرض قيوداً مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة
الجيش الإسرائيلي يفرض قيوداً مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة

البيان

timeمنذ 2 أيام

  • البيان

الجيش الإسرائيلي يفرض قيوداً مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة

يواصل الجيش الإسرائيلي لليوم الثالث على التوالي فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، عبر إغلاق مداخل المدن والقرى بالحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، في إطار ما تصفه السلطات الإسرائيلية بـ"إجراءات أمنية احترازية". وشهدت مناطق عدة في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية إغلاقا كاملا أو جزئيا للطرق، بما في ذلك مدينة نابلس حيث منع الدخول والخروج منها باستثناء طرق فرعية محدودة. وفي محافظة رام الله والبيرة، تم إغلاق مداخل عدة قرى وبلدات، مثل روابي، وعين سينيا، وعطارة، وعابود، والنبي صالح، بالمكعبات الأسمنتية والبوابات الحديدية. كما أغلقت مداخل قرى راس كركر، ودير عمار، وترمسعيا، وسنجل، في حين تم إقفال المدخل الشرقي لبلدة الطيبة عند حاجز كراميلو. وذكرت المصادر أن القوات الإسرائيلية استخدمت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق مركبات المواطنين عند حاجز دير شرف غرب نابلس، فيما استمرت الإجراءات المشددة في محيط مدينتي قلقيلية والخليل، حيث تم إغلاق عدد من المداخل الرئيسية والطرق الترابية المؤدية إلى القرى والبلدات المجاورة. وكان الجيش الإسرائيلي فرض يوم الجمعة الماضي إغلاقا شاملا على الضفة الغربية والقدس الشرقية، تزامنا مع تصاعد التوترات الأمنية في الأراضي الفلسطينية. وأشارت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إلى أن عدد الحواجز والبوابات العسكرية المنتشرة في الضفة بلغ 898، منها 146 بوابة أقيمت بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتشهد الضفة الغربية منذ عدة أشهر تصاعدا في وتيرة التوتر والعنف، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد المواجهات مع المسلحين الفلسطينيين، خاصة بعد اندلاع الحرب واسعة النطاق في قطاع غزة في أكتوبر 2023. وأسفرت تلك التطورات عن فرض قيود غير مسبوقة على حركة السكان في الضفة، ما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية والإنسانية. وتواجه المدن الفلسطينية حالة من الشلل شبه التام في ظل استمرار الإغلاقات العسكرية، والتي يعتبرها الفلسطينيون شكلا من أشكال العقاب الجماعي.

من معسكرات النازية إلى «غيتو» غزة
من معسكرات النازية إلى «غيتو» غزة

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 أيام

  • صحيفة الخليج

من معسكرات النازية إلى «غيتو» غزة

«الغيتو» في أيام النازية، كان جزءاً من السياسة المنهجية التي اتبعها النظام النازي لعزل واضطهاد اليهود (الجماعات غير المرغوب فيها)، تمهيداً لإبادتهم في وقتٍ لاحق، وعندما نسأل أكثر عن «الغيتو» فالجواب هو:«الغيتو منطقة معزولة داخل مدينة، كانت تجبر فيها الأقلية اليهودية على العيش تحت ظروف قاسية»، تم إنشاء هذه الغيتوهات من قبل النظام النازي بعد غزو بولندا عام 1939، كمرحلة انتقالية ضمن الحل النهائي لإبادة اليهود. أما ظروف الحياة في «الغيتو» فكان يقصد فيها الاكتظاظ الشديد، حيث يحشر آلاف الأشخاص في مساحة صغيرة جداً. اعتمد النظام النازي سلاح الجوع وسوء التغذية، لإخضاع السكان وتحطيم إرادتهم وإذلالهم. يذكر أن الأمراض انتشرت بسبب قلة النظافة، وانعدام الخدمات الطبية. استشرى الفقر المدقع بين السكان الذين فقدوا ممتلكاتهم، وكان يمنع عليهم العمل خارج «الغيتو». كان «الغيتو» يفصل بأسوار وجدران عالية وأسلاك شائكة وتحرس مَداخله قوات نازية، وطبعاً يمنع دخول أي مساعدات، وأكثر تم تعيين (مجلس يهودي) لإدارة شؤون «الغيتو» تحت إشراف النازيين لكن من دون أية سلطة حقيقة، أشهر الغيتوهات كان غيتو وارسو الذي ضم نحو 460,000 شخص، وغيتو لودش وهو أقدم وأقسى الغيتوهات، وغيتو كراكوف الذي صور في فيلم قائمة شندلر. ويذكر التاريخ أن ثورات قامت داخل هذه الغيتوهات، رغم الظروف القاسية حيث قامت (مقاومة مسلحة) أبرزها: انتفاضة غيتو وارسو عام 1943 التي اعتبرت واحدة من أبرز رموز المقاومة اليهودية ضد النازية. هذه الغيتوهات كانت في الواقع محطات انتقالية في طريق الإبادة الجماعية. قد يتبادر إلى ذهن القارئ ونحن في عام 2025 أننا نتحدث عن غزة.. أو عن الضفة، لكنه التاريخ النازي الذي تعمل الآلة الإعلامية على تجاهل حقيقة أنه يعيد نفسه، وأن ضحايا الأمس هم الجلادون اليوم.. «غيتو» الأمس هو غزة اليوم. في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر من المفترض فيه أنه عصر النهضة والقانون والإنسانية، عاد «الغيتو» في حصار غزة، وعاد الجوع ليتحول إلى سلاح فتاك، تزهق به الأرواح وتخضع به الشعوب. بطون الأطفال التي تتضور جوعاً صارت ورقة تفاوض على طاولة متخمة بالمصالح المتطرفة حد الإبادة، في زمن كشف فيه الغطاء عن كذبة منظمات حقوق الإنسان التي ترى في المرأة التي لا تقود سيارة انتهاكاً لحقوقها، ولا ترى في المرأة التي تموت مع أطفالها جوعاً انتهاكاً لإنسانيتها. في حرب غزة الأخيرة فاق الحصار والجوع كل الحدود، حيث وصفته بعض الأوساط الثقافية الغربية والشرقية «بالإبادة الصامتة»، صار الغيتو الجديد في زمننا المتقهقر إنسانياً، سياسة معلنة لا عرضاً جانبياً. يذكر أن هذا الحصار مَدروس ومعد له منذ أعوام، وقد سبق لوزير الدفاع الإسرائيلي عام 2023 أن قال:« لن يكون هناك كهرباء ولا وقود ولا طعام ولا ماء في غزة». هي إذن سياسة حصار وتجويع ممنهجة. تم قصف المخازن وإغلاق المعابر ومنع قوافل الإغاثة من الوصول، وحتى استهداف عمال الإغاثة أنفسهم. حدث كل ذلك على الشاشات التي يشاهدها الملايين حول العالم. اعترفت الأمم المتحدة بأنها مجاعة، واعترفت أكثر بأنها ليست نتيجة طبيعة، بل من صنع الإنسان.. وبقي «الفيتو» حاضراً يمنع وقف إطلاق النار وإنهاء هذا الجنون. اليوم في غزة يموت الناس بالطريقة نفسها، ليس لأن الطعام غير موجود، بل لأنه ممنوع من الوصول إليهم. هذا الواقع المؤلم دفع بعض المفكرين العالميين لاتخاذ مواقف واضحة وإنسانية ضد سياسة « الغيتو»في غزة: يوفال نوح هراري، وهو مفكر إسرائيلي شهير صرح قائلاً: «حصار وتجويع المدنيين لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً» وأشار إلى أن هذا الأسلوب سيقوض صورة إسرائيل لعقود. أما الكاتب نعوم تشومسكي فقال: «إن إسرائيل تستخدم الحصار والتجويع كسلاح استراتيجي، وأن ما يحدث في غزة اليوم يتجاوز مجرد حرب، إنه هندسة موت جماعي. وكتب أيضاً الصحفي البريطاني الإسرائيلي جوناثان كوك: «ما تقوم به إسرائيل هو إعادة اختراع «الغيتو»، لكن هذه المرة ضد سكان غزة». للأسف كلمات المفكرين والصحفيين لا تقرأ في ميزان المصالح الدولية وتبقى حبراً على ورق. ويبقى الحصار والتجويع.. جريمة بلا عقاب. في حين أدينت النازية على استخدام هذا السلاح لا يزال من يستخدمه اليوم يتمتع بحصانة سياسية ودبلوماسية. وكأن العالم غافل عن حقيقة أن تبرير التجويع اليوم، يفتح الباب أمام استخدامه غداً في أماكن أخرى. إن كان العالم جاداً في حماية الإنسانية، عليه أن يقول كفى.. في عالم تنتج في الأرض من الغذاء ما يكفي لإطعام ضعف عدد سكانها يموت المئات جوعاً، ليس بسبب قحط أو فيضان. بل بسبب تعنت وفوقية فئة متطرفة تقترف الجرائم باسم السلام. هذا هو الواقع المهين، ليس لكرامة الضحايا فقط، بل لكرامة المشاهدين العاجزين. لقد أصبح الجوع اليوم وسيلة تحكّم في يد المتطرفين. حتى المساعدات الإنسانية صارت سلاحاً سياسياً. المساعدات لم تعد رمز الرحمة، بل ورقة مساومة. اعترف العالم أنه «غيتو» جديد وظالم.. لكن هل من محكمة ستحاسب؟

«الإنذار الكاذب» يتحول إلى حقيقة.. نتنياهو يحقق حلمه بقصف إيران
«الإنذار الكاذب» يتحول إلى حقيقة.. نتنياهو يحقق حلمه بقصف إيران

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 أيام

  • صحيفة الخليج

«الإنذار الكاذب» يتحول إلى حقيقة.. نتنياهو يحقق حلمه بقصف إيران

سخرت إيران ذات مرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واعتبرت تحذيراته العلنية المتواصلة بشأن برنامجها النووي وتهديداته المتكررة بإنهائه بطريقة أو بأخرى مثل «الإنذار الكاذب» أي لا تنطوي على أكثر من تحذير. وفي عام 2018، قال وزير الخارجية الإيراني آنذاك محمد جواد ظريف: «إذا استطعت خداع بعض الناس بعض الوقت فلا يمكن خداع كل الناس كل الوقت». وكان يرد بذلك على تصريحات نتنياهو التي اتهم فيها إيران مجدداً بالتخطيط لصنع أسلحة نووية. والجمعة، وبعد عقدين من دق ناقوس الخطر بلا انقطاع، وحث زعماء العالم الآخرين على التحرك، قرر نتنياهو أخيراً أن يتحرك بمفرده وأمر بشن هجوم جوي تقول إسرائيل إنه يهدف إلى منع إيران من حيازة أسلحة دمار شامل. واستحضر نتنياهو في كلمة، كما فعل في كثير من الأحيان من قبل، أهوال المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية لتبرير قراره. وقال نتنياهو: «قبل قرن تقريباً، تقاعس جيل من الزعماء عن التحرك في الوقت المناسب في مواجهة النازيين». وأضاف أن سياسة استرضاء الدكتاتور النازي أدولف هتلر أدت إلى مقتل ستة ملايين يهودي «أي ثلث شعبي». وأشار: «بعد تلك الحرب، تعهد الشعب اليهودي والدولة اليهودية بعدم تكرار ذلك أبداً. حسناً، يتحقق (التعهد) اليوم... فلقد أظهرت إسرائيل أننا استوعبنا دروس التاريخ». وتقول إيران إن برنامجها للطاقة النووية مخصص للأغراض السلمية فحسب، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت الخميس: إن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي للمرة الأولى منذ قرابة 20 عاماً. وهيمن نتنياهو على السياسة الإسرائيلية لعقود، وأصبح صاحب المدة الأطول في منصب رئيس الوزراء، عندما فاز بولاية سادسة غير مسبوقة في عام 2022. ونتنياهو عضو سابق في وحدة النخبة للقوات الخاصة التي نفذت بعض أكثر عمليات إنقاذ الرهائن جرأة في تاريخ إسرائيل. وخلال سنواته في المنصب، كان يستغل كل مناسبة تقريباً لتنبيه الزعماء الأجانب بالمخاطر التي تشكلها إيران. وعرض ذات مرة في الأمم المتحدة صورة كاريكاتيرية لقنبلة ذرية للتحذير من قدرات إيران النووية، بينما كان يلمح دائماً إلى استعداده لتوجيه ضربة. وقال محللون عسكريون إن المجال كان محدوداً أمام نتنياهو للمناورة مع إيران في فترات رئاسته السابقة للوزراء، بسبب المخاوف من أن يؤدي أي هجوم إلى رد فوري من وكلاء طهران بالمنطقة: حركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان وهو ما سيكون من الصعب احتواؤه. لكن الأوضاع في الشرق الأوسط انقلبت رأساً على عقب في العامين الماضيين بعد الحملة العسكرية العنيفة لإسرائيل على غزة، رداً على هجوم حماس المباغت على إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وكذلك القضاء على الكثير من قدرات حزب الله في غضون أيام قليلة العام الماضي. دخلت إسرائيل أيضاً في صراع علني مع طهران منذ عام 2024 إذ أطلقت وابلاً من الصواريخ في العمق الإيراني العام الماضي ما منح نتنياهو الثقة في قوة القدرة العسكرية لبلاده. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الهجمات عطلت أربعة من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية روسية الصنع ومن بينها منظومة متمركزة بالقرب من نطنز وهو موقع نووي إيراني رئيسي يقول التلفزيون الإيراني إنه تم استهدافه. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في نوفمبر/ تشرين الثاني: «إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لهجمات على منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو وقف هذا التهديد الوجودي والقضاء عليه». لكن ما أثار استياء نتنياهو هو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فاجأه خلال زيارته للبيت الأبيض في إبريل/نيسان عندما أعلن أن الولايات المتحدة وإيران تستعدان لبدء محادثات نووية مباشرة. وكان نتنياهو قد دخل في خلافات مع الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين بشأن إيران وأبرزهم باراك أوباما الذي وافق على اتفاق مع طهران في عام 2015 يفرض قيوداً كبيرة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. وانسحب ترامب من الاتفاق في عام 2018 خلال رئاسته الأولى، وكان نتنياهو يأمل أن يواصل ترامب اتخاذ موقف متشدد تجاه إيران عند عودته إلى منصبه هذا العام. وحدد البيت الأبيض لدى الإعلان عن المحادثات مهلة شهرين لإيران للتوقيع على اتفاق. ورغم تحديد جولة جديدة من الاجتماعات مطلع الأسبوع المقبل، انتهت المهلة غير الرسمية الخميس وانتهز نتنياهو الفرصة لتوجيه ضربته. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين لهيئة البث العامة «راديو كان» إن إسرائيل نسقت مع واشنطن قبل تنفيذ الهجمات، وألمح إلى أن التقارير الصحفية الأخيرة عن خلاف بين ترامب ونتنياهو بشأن إيران كانت خدعة لإشعار قيادة إيران بأمان زائف. صورة مشوهة قال ترامب بعد بدء الهجمات إنه لا يمكن لإيران امتلاك قنبلة نووية، لكنه يرغب في استمرار المحادثات. وكان قد أشاد في السابق بالزعيم الإسرائيلي اليميني نتنياهو ووصفه بالصديق العظيم. لكن الزعماء الآخرين يواجهون صعوبات في التعامل مع نتنياهو. وفي عام 2015، سُمع الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي يتحدث مع أوباما عن نتنياهو. وقال: «لم أعد أطيقه، إنه كاذب». وواجه نتنياهو، الذي كان يطلق عليه مؤيدوه في وقت ما اسم «الملك بيبي»، سنوات قليلة صعبة، وبدأ الوقت ينفد أمامه للحفاظ على صورته وتاريخه في سن الخامسة والسبعين. واهتزت صورة نتنياهو بشدة كأحد الصقور المتشددين في مجال الأمن بسبب هجوم حماس في عام 2023، وأظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سمحت بوقوع الهجوم الأكثر دموية منذ تأسيس الدولة قبل أكثر من 75 عاماً. ووجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية بعد ذلك اتهامات بشأن جرائم حرب محتملة مرتبطة بالاجتياح الإسرائيلي لغزة منذ 20 شهراً والذي حول جزءاً كبيراً من القطاع الفلسطيني إلى ركام. ويرفض نتنياهو التهم الموجهة إليه. وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب في غزة كان يتعين ألا تستمر كل هذا الوقت، وأن نتنياهو يحاول إطالة أمد الصراع من أجل البقاء في السلطة وتفادي الانتخابات التي يقول منظمو الاستطلاعات إنه سيخسرها. وتعين على نتنياهو، حتى في ظل تفاقم الحرب على عدة جبهات، الإدلاء بشهادته في محاكمته طويلة الأمد في قضية فساد، حيث أنكر ارتكاب أي مخالفات، ما زاد من تضرر سمعته في الداخل. ومع ذلك، فهو يأمل أن تكفل له حملة عسكرية ناجحة ضد إيران عدو إسرائيل اللدود مكانه في كتب التاريخ التي يعشق قراءتها. وقال نتنياهو في كلمته اليوم الجمعة: «سيسجل التاريخ بعد أجيال من الآن أن جيلنا وقف ثابتاً، وتحرك في الوقت المناسب وأمّن مستقبلنا المشترك».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store