
الإلهام وحمى المعرفة
الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة..
لم يكن البحث عن المعرفة بالحقل الهمل، وإنما وجدت واستوجدت منذ أن خُلق الإنسان وربما كانت سبب سعيه وشقائه! فالفرد في بحثه عن المعرفة هو ما يحدث له تلك اللذة والمتعة عبر دوائر متقاطعة من الخطاب المعرفي في مجتمع برمته لابد أن يتماس في نهاية الأمر، فالحلقات لابد أن تتصل، لتكوين الهم الجمعي في آخر المطاف عبر ذلك الاتصال بالنخب وثقافة النخبة يقول كارل مانهايم: "إن المعرفة لا يمكن أن تنتقل تلقائياً عبر الفئات الاجتماعية التي ولدتها، في صورتها الغفل، من دون تدخل نخبة ثقافية، تخلص هذه المعرفة الغفل من الشوائب الذاتية (الفردية) والتأثيرات الاجتماعية الضارة".
وللمعرفة مدارات وأسئلة لا تنتهي عبر الأزمنة مادام الإنسان يحيا على هذه الأرض لأنها خلقت معه، ولذا فقد آمن أفلاطون بأن العقل هو وسيلة الوصول للحقيقة الكامنة في عالم المثل والمعرفة القائمة على العقل تتصف بصفتين هما: الصدق المطلق (فالعقل معصوم من الخطأ) الثبات المطلق (فالحقيقة هنا لا تتغير ولا تزول).
فالمعرفة هي تلك الدائرة المتماسة والمتقاطعة في نفس الوقت بالاتصال الجمعي، وبالمتعة واللذة الجمالية والتي هي نتاج المعرفة حين يزول ذلك القلق المحموم بالسعي نحو الكمال وبالتالي يتحقق التواصل وتنتفي الغربة وخصوصاً في ذلك التماس السوسيولوجي في الدوائر الاجتماعية.
"المعرفة من زاوية سوسيولوجية، ليست محصّلة العقل فحسب، بل أداة من أدوات الحياة الاجتماعية وعملية بكل معنى الكلمة يتعامل على أساسها أفراد بنية اجتماعية معينة، يتبادلون فيها القيم والأعراف والاستعدادات الذهنية والعاطفية ويبنون على أساسها المصالح المشتركة ويعقدون العداءات وينسجون الخلافات".
والمعرفة هي حصاد ذلك التراكم المعرفي في تاريخ الإرث الاجتماعي، ولذلك كان الأنس بالتاريخ والموروث هو حلقة التواصل المعرفي في الوجدان العربي، فثقافة النزوح والانسحاب هي تلك البذرة التي تحملها الحضارة الثقافية في جيناتها لتدميرها، فكيف يكون لحضارة ما البقاء تجاه ثقافة نزوح لعالم الحلم وثقافة أيا كانت هي معطياته التاريخية والعقائدية، فلم تنشأ حضارات خالدة سوى بالبحث الدائم نحو التواصل مع العالم ومع الذات الفردية ثم المجتمعية قبل كل شيء.
الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة. وتكمن المعرفة الفردية في عقل صاحبها، لتشكل اقتناعه وخياراته وأنماط أفكاره، وهي إضافة إلى سلفه، تهبه "سلطة المعرفة" التي تميزه عن الآخرين.
ويرجع كاستلفترو هذا الرأي إلى جهالة العامة ومغالاة الشعراء اليونانين القدماء في ذلك الوقت في تبني هذه الفكرة إرضاء لكبريائهم. فالمعروف أن عامة الناس معتادون على قياس قدراتهم العقلية والفيزيائية بما يملكه الآخرون منها.. ولذلك فكانوا يعتبرون الأشياء الخاصة التي يعجزون على تحقيقها منحاً أو معجزات من الآلهة.
ويرى كاستلفترو -كما يرى أرسطو ومن بعده هوراس- أن الشاعر هو رجل يملك قدرة إبداعية واعية "موهبة" يعرف بها جيداً كيف يحول نفسه إلى شخص متوقد العاطفة، وكيف يختار الأقوال والأفعال التي تعبر عن هذه العاطفة. أما لويس عوض فيرى أن "في الواقع أن الأقدمين لمسوا ما بين الشعر وما فوق الطبيعة من صلة. ترى ذلك في أتيمولوجيا اللغات واضحاً وضوح الصباح. عد إلى اشتقاق كلمة "جنون" في العربية، و"جينيس" في الإنجليزية و"جيني" في الفرنسية، ثم اكشف عن معنى "جينيوس" في اللاتينية، ترى أن الجن في كل حالة مسؤولون عن التفوق الذهني كما هم مسؤولون عن الخبل العقلي. اكشف عن "العبقرية " تراها صفة تتحقق في كل من ركبته شياطين وادي عبقر بشبه جزيرة العرب. فإن تحدث إليك ناقد عربي عن "شيطان" قيس ابن الملوح فلا تصرفه هازئاً بل تدبر ما تشتمل عليه عباراته من معانٍ جمة تهمك في دراسة النقد، وإن قرأت فصلاً عن "مجنون" بني عامر فلا تحسبن أن الحب وحده قد أودي بعقله، بل تذكر أنه قال شعراً أو قولته الأساطير شعراً، ثم اتجه إلى ديوانه تستفد منه في هذا الصدد. بالجملة لم يعرف القدماء شيئاً من العقل الباطن واللاوعي فنحلوا الشعر إلى الجن والمجانين.
ولذا سيظل السعي مستداماً والسر غامضاً نحو ملكات المعرفة مع تعدد الفلسفات وآراء الفلاسفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
أسهم في وضع المناهج بالمملكة.. ومؤلفاته تمثل مكتبة زاخرة بالعلومد. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات
قبل أكثر من 20 عاماً، كنت أشاهد برنامجا في إحدى القنوات الفضائية، وذكر معد ومقدم البرنامج قصة لأحد علماء الرياضيات السعوديين مع أستاذه في أميركا حينما كان يلقي محاضرة عن تاريخ الرياضيات في العالم، وكان هذا الطالب السعودي يستمع إلى هذا الدكتور الأميركي بشغف ولهفة إليه، وكانت كل حواسه منجذبة نحو تلك المحاضرة، وكان الحضور كُثر، لكن المفاجأة عندما انتهى المحاضر من حديثه اكتشف هذا الطالب السعودي أن هذا الأستاذ قد أهمل جهود العرب والمسلمين نحو علم الرياضيات، ونبهه على هذه الثغرة الكبرى والفجوة العظمى في محاضرته، فقال له: «إن جهود العرب في علم الرياضيات تحتاج إلى عدة محاضرات وليست محاضرة»، ثم أردف قائلاً: «ولولا جهودهم في علم الرياضيات، لما وصل هذا العِلم إلى ما نحن فيه»، ثم قال له: «ولعلك كمسلم تستطيع أن تؤلف كتاباً عن علماء الرياضيات من أهل الإسلام»، وكانت هذه الفكرة ترن في مسمع هذا الطالب السعودي الذي انتبه، وكانت دائماً في مخيلته وتفكيره، وهكذا العلوم والمخترعات تبدأ بفكرة ثم تتطور إلى واقع مشاهد، وبعد سنوات من حصوله على الدكتوراه ألّف هذا الطالب السعودي كتاباً عن دور علماء العرب والمسلمين في علم الرياضيات، ومن هنا كانت بوابة التأليف عند هذا الطالب، الذي يعد أحد عباقرة الرياضيات في العالم، إنه الدكتور علي الدّفاع، الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الذي يبلغ عمره الآن 88 عاماً -أحسن الله له الختام-. وُلد د. علي الدّفاع في عنيزة 1358هـ، وتلقى فيها التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، وكانت طفولته مع أسرته وفي ظروف تعيشها غالب الأسر في ذلك الزمان، حيث لم تتوفر الوسائل الحديثة من كهرباء، وكانت البيوت مبنية من الطين. همة وطموح وكان أهالي القرية يستيقظون منذ الفجر لإقامة الصلاة، ثم بعد ذلك الكل من أرباب البيوت يقصد عمله من أجل القوت، والصغار يتلقون تعليمهم في المدارس النظامية التي توها تأسست في المدن الكبيرة والصغيرة، وكانت عنيزة من المدن التي ليست صغيرة وكانت مدرسة المُعلم التربوي الرائد صالح بن صالح تؤدي دورها الريادي التعليمي والتربوي في عنيزة قبل ميلاد شخصيتنا وبعده، وعاش د. علي الدّفاع في عنيزة وتخرج من الثانوي وكان من المتفوقين، فلقد نال شهادة الثانوية العامة بامتياز، كانت عقليته أكبر من عمره، وطموحه أكبر بكثير من إمكاناته، فهو عاش ظروفاً ليست مرفهة، لكن الطموح والهمة العالية وسمو النفس هي التي دفعته إلى معالي الأمور، وهذه الأمور دفعته إلى أن يفكر في إكمال دراسته. رعاية العقول بعد حصول د. علي الدّفاع على الشهادة الثانوية العامة بتقدير عالي، تشرّف مع بعض من المتفوقين لمقابلة الملك سعود -رحمه الله-، وكانوا كما يذكر خمسة من التلاميذ، وقد لفت نظر الملك سعود هذا الطالب الذي مظهره ليس فيه ما يبدو من زينة اللباس من حذاء فاخر وشماغ جديد، قال الملك سعود: "أريد هذا الطالب يأتي إليّ"، وعندما جاءه قال له: "أريد منك أن تتقن رعاية العقول"، وكانت هذه العبارة والجملة حافزاً معنوياً أثرت في نفسية هذا التلميذ الذي لم يعرف من الدنيا سوى بيئة عنيزة، ولأول مرة في حياته يقابل أكبر شخصية في المملكة، الذي قال كلمته لهذا التلميذ، فكانت جملته صرخة في ذاكرة هذا التلميذ، والكلمات المشجعة لها تأثيرها على نفوس النشء وبالذات إذا صدرت من القيادة العليا، ولم تكن عبارة الملك تذهب سدى في ذهنية د. الدّفاع، لهذا رحل إلى أميركا مبتعثاً من المملكة ودرس في أميركا متخصصاً في الرياضيات البحتة، ونال شهادة البكالوريوس عام 1967م من جامعة ولاية أوستن والماجستير من جامعة تكساس والدكتوراه من جامعة فاندربيلت. ارفع صوتك ووالدة د. علي الدّفاع هي الأساس والقاعدة التي ارتكز عليها شخصيتنا منذ بواكر صباه، حينما كان يتعلم في عنيزة ويتذكر والدته التي كانت تقول له: "ارفع صوتك"، عندما كان يراجع بعض المسائل الحسابية في منزلهم، وكانت والدته تحل له بعض المسائل إبان طفولته، وكانت تكافح من أجل توفير لقمة العيش لأجل ابنها حتى يتفرغ للدراسة فقط، وقد حقق شخصيتنا ما تبتغيه هذه الوالدة العظيمة، حتى تخرج من الثانوية ووقف على قدميه. وحينما تقرأ في تاريخ العباقرة أو النابغين في تاريخ العالم أو التاريخ الإسلامي ترى أمهات هؤلاء كان لهم دور فعّال في تنشئة أبنائهم، وبالذات عندما ينشأ هذا الطفل يتيماً، لذلك يكون اهتمام وعناية الأم أشد وأبلغ على ابنها أو أبنائها؛ لأنها أصبحت تؤدي دورين في وقت واحد الأم والأب، ومثال ذلك الإمام الشافعي الذي كان يتيماً وكانت أمه تقوم بتربية ابنها الأوحد، وذهبت به إلى مكة حيث مواطن العلم والعلماء، وبعدها أصبح عالم الدنيا في الفقه، ومن هنا نتساءل: "أليس لوالدة الشافعي نصيباً من نجاح ابنها؟"، إن جهد هذه المرأة المغمورة في التاريخ جهد عظيم وهي من قبيلة الأزد، وقد أنجبت إمام من أئمة المذاهب الأربعة، والأمثلة كثيرة جداً في التاريخ العربي للذين ولدوا أيتاماً وربتهم أمهاتهم، وفي الغرب كذلك، وفي العصر الحديث ليسوا قلة. ملك التكامل ود. علي الدّفاع ممن ساهموا في وضع مناهج الرياضيات في المملكة قبل نحو أربعين عاماً، وقد وصفه علماء الرياضيات الأمريكان بأنه ملك التكامل، وإذا أجريت مسابقة عالمية في التفاضل والتكامل في الرياضيات كانت الشروط أن لا يكون الحل من ملك التكامل. وتم تكريم شخصيتنا من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى عام 1440هـ في الدورة (33) لمهرجان الجنادرية بالرياض، وهذا التكريم من خادم الحرمين الشريفين دليل على احتفاء القيادة العليا بعباقرة الوطن، والذين قدموا خدمات وجهود تُذكر وتُشكر. عطاء ومعين وأمضى د. علي الدّفاع في التدريس الجامعي 37 عاماً، حيث درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان التدريس أحب الأشياء إليه، وهو يقول في إحدى لقاءاته: "إن التدريس هو سعادتي"، ومع أنه عين رئيساً لقسم العلوم الرياضية في الجامعة إلاّ أنه لم يترك التدريس، فهو عطاء، وأنعم وأكرم به من عطاء للطلاب، حيث يمنحهم أستاذهم من معين علمه ومعرفته، وبالذات إذا كان هذا الأستاذ نابغة أو عبقري مثل شخصيتنا. لقد تخرج على يدي د.الدّفاع آلاف الطلاب، ونال بعضهم رسائل الدكتوراة، وأعتقد أن محطة شخصيتنا بالنسبة لهؤلاء الطلاب مهمة جداً، فهو يعد استثناء بين الأساتذة، ويدرس علماً من أصعب العلوم وأعقدها ألا وهو علم الرياضيات، واذكر أن العلامة جلال الدين السيوطي كان لا يجيد علم الرياضيات مع أنه من النوابغ في عصره ويقول عن نفسه: "إنه إذا أراد حل مسألة رياضية، كان كأنه يحمل جبلاً فوق رأسه"، فليس كل أحد يمكنه هضم هذا العلم ويغوص في بحاره ويعوم في محيطاته. غير مسبوقة ودرس د. علي الدّفاع في جامعة هارفرد، ولعله من أوائل السعوديين الذين درسوا في هذه الجامعة العريقة التي تعد من أصعب الجامعات الأميركية ولا يقبل فيها إلاّ بشروط قاسية ومقابلات متعددة واختبارات تجرى لمن يريد التقدم فيها، وكذلك درّس في جامعة الملك سعود عام 1400هـ، وقد عين رئيساً للاتحاد العربي للرياضيات والفيزياء على مرحلتين. وأثرى شخصيتنا المكتبة العربية والعالمية بتسع وأربعين كتاباً، ومنها إسهامات العرب والمسلمين في علم الرياضيات وكتبه بالإنجليزية، لأنه ألفه للغرب وليس للعرب، وقد ترجم الكتاب إلى العربية د. جلال شوقي، كما ذكر ذلك د.عبدالكريم السمك في مقالته عن شخصيتنا، ونقل كلام د.شوقي عن شخصيتنا قائلاً: "لقد كتب كثيرون من قبل مساهمة علماء المسلمين في العلوم المختلفة، لكن الذي بعث على غبطتي هو فيما تجلى في هذا الكتاب من روح غير مسبوقة في التأليف، فقد جمع هذا المؤلف بين عمق العلم والإيمان، فليس هو مجرد سارد للتاريخ، ولم يكن التعريف مجرد نقل من لغة إلى لغة، ولكن انعكاساً لفلسفة جديدة يجب أن يجتذبها المؤلفون المسلمون في تحليل روح الإسلام في عظيم رسالته السماوية. مكتبة زاخرة ومؤلفات د. علي الدّفاع مكتبة زاخرة بالعلوم والفنون، وهي كالتالي؛ (إسهام علماء العرب والمسلمين في الرياضيات) -باللغة الإنجليزية-، و(نوابغ علماء العرب والمسلمين في الرياضيات) -باللغة العربية-، و(الرياضيات الحديثة تخاطب القدرات العقلية)، و(الموجز في التراث العلمي العربي الإسلامي)، و(العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(المدخل إلى تاريخ الرياضيات عند العرب والمسلمين) -باللغة العربية-، و(لمحات من تاريخ الطب عند المسلمين الأوائل)، و(أثر علماء العرب والمسلمين في تطوير علم الفلك) -باللغة العربية-، كذلك (أعلام العرب والمسلمين في تطوير علم الفلك) -باللغة العربية-، و(لمحات من تاريخ الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(الهندسة التحليلية - للكليات المتوسطة) -اشترك في تأليفه- وهو باللغة العربية-، و(تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين) -للكليات المتوسطة وباللغة العربية-، و(العلوم الرياضية في الحضارة الإسلامية) -مجلدين واشترك في تأليفه وهو باللغة الإنجليزية-، و(دراسات في العلوم الصرفة في الحضارة الإسلامية) -اشترك في تأليفه وهو باللغة الإنجليزية-، و(أعلام الفيزياء في الإسلام) -اشترك في تأليفه وهو باللغة العربية-، و(إسهام علماء العرب والمسلمين في الكيمياء -باللغة العربية-، و(إسهام علماء العرب والمسلمين في الصيدلة) -باللغة العربية-، إضافةً إلى (إسهام علماء العرب والمسلمين في علم النبات) -باللغة العربية-، وترجمة كتاب (حساب التفاضل والتكامل للجامعات والهندسة التحليلية لتايلور)، و(الرياضيات الحديثة للصف الثاني والثالث ثانوي -أربعة أجزاء اشترك في تأليفها باللغة العربية-. مؤلفات وكُتب ومن مؤلفات د. علي الدّفاع (إسهام علماء العرب والمسلمين في علم الحيوان) -باللغة العربية-، و(المناحي العلمية عند القزويني) -باللغة العربية-، و(المناحي العلمية عند ابن سينا) -باللغة العربية-، و(مصادر علم الصيدلة عند العرب والمسلمين الأوائل) -باللغة العربية-، و(رواد علم الفلك في الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(رواد علم الجغرافيا في الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(إسهام علماء المسلمين الأوائل في تطور علوم الأرض) -باللغة العربية-، و(طرق تدريس الرياضيات) -جزأين وباللغة العربية واشترك في تأليفهما-، وكذلك (روائع الحضارة العربية والإسلامية في العلوم) -باللغة العربية-، و(أعلام العرب والمسلمين في الطب)، و(رواد علم الطب في الحضارة العربية)، إضافةً إلى (موسوعة نوابغ العرب والمسلمين في العلوم الرياضية -باللغة العربية-، و(إسهام علماء المسلمين في الرياضيات) -باللغة العربية واشترك في تأليفه-، و(علماء العرب والمسلمين وآثارهم في البحث العلمي) -باللغة العربية-، و(الرياضيات ما لها وما عليها -باللغة العربية-، و(رواد العلوم الرياضية في الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(مكانة علم التاريخ في الحضارة العربية والإسلامية) -باللغة العربية-، و(الجداول الرياضية) -اشترك في تأليفه-، و(الصراع بين العرب وإسرائيل) -باللغة الإنجليزية-.


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
الإلهام وحمى المعرفة
الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة.. لم يكن البحث عن المعرفة بالحقل الهمل، وإنما وجدت واستوجدت منذ أن خُلق الإنسان وربما كانت سبب سعيه وشقائه! فالفرد في بحثه عن المعرفة هو ما يحدث له تلك اللذة والمتعة عبر دوائر متقاطعة من الخطاب المعرفي في مجتمع برمته لابد أن يتماس في نهاية الأمر، فالحلقات لابد أن تتصل، لتكوين الهم الجمعي في آخر المطاف عبر ذلك الاتصال بالنخب وثقافة النخبة يقول كارل مانهايم: "إن المعرفة لا يمكن أن تنتقل تلقائياً عبر الفئات الاجتماعية التي ولدتها، في صورتها الغفل، من دون تدخل نخبة ثقافية، تخلص هذه المعرفة الغفل من الشوائب الذاتية (الفردية) والتأثيرات الاجتماعية الضارة". وللمعرفة مدارات وأسئلة لا تنتهي عبر الأزمنة مادام الإنسان يحيا على هذه الأرض لأنها خلقت معه، ولذا فقد آمن أفلاطون بأن العقل هو وسيلة الوصول للحقيقة الكامنة في عالم المثل والمعرفة القائمة على العقل تتصف بصفتين هما: الصدق المطلق (فالعقل معصوم من الخطأ) الثبات المطلق (فالحقيقة هنا لا تتغير ولا تزول). فالمعرفة هي تلك الدائرة المتماسة والمتقاطعة في نفس الوقت بالاتصال الجمعي، وبالمتعة واللذة الجمالية والتي هي نتاج المعرفة حين يزول ذلك القلق المحموم بالسعي نحو الكمال وبالتالي يتحقق التواصل وتنتفي الغربة وخصوصاً في ذلك التماس السوسيولوجي في الدوائر الاجتماعية. "المعرفة من زاوية سوسيولوجية، ليست محصّلة العقل فحسب، بل أداة من أدوات الحياة الاجتماعية وعملية بكل معنى الكلمة يتعامل على أساسها أفراد بنية اجتماعية معينة، يتبادلون فيها القيم والأعراف والاستعدادات الذهنية والعاطفية ويبنون على أساسها المصالح المشتركة ويعقدون العداءات وينسجون الخلافات". والمعرفة هي حصاد ذلك التراكم المعرفي في تاريخ الإرث الاجتماعي، ولذلك كان الأنس بالتاريخ والموروث هو حلقة التواصل المعرفي في الوجدان العربي، فثقافة النزوح والانسحاب هي تلك البذرة التي تحملها الحضارة الثقافية في جيناتها لتدميرها، فكيف يكون لحضارة ما البقاء تجاه ثقافة نزوح لعالم الحلم وثقافة أيا كانت هي معطياته التاريخية والعقائدية، فلم تنشأ حضارات خالدة سوى بالبحث الدائم نحو التواصل مع العالم ومع الذات الفردية ثم المجتمعية قبل كل شيء. الإنسان الفرد، بعقله وابتكاراته، وسعيه الحثيث صوب الأصوب والأشمل والأعمق والأجدى، كان -وسيظل- مصدر المعرفة على مر العصور، وتدين الإنسانية بالفضل إلى أولئك العظام من الرجال والنساء ممن أقاموا صروحاً فلسفية شامخة، واكتشفوا حقائق علمية مبهرة، أو أبدعوا اختراعات خارقة، أو دشنوا مذاهب شقت مسالك جديدة في مجالات الإبداع الفكري والفني المختلفة. وتكمن المعرفة الفردية في عقل صاحبها، لتشكل اقتناعه وخياراته وأنماط أفكاره، وهي إضافة إلى سلفه، تهبه "سلطة المعرفة" التي تميزه عن الآخرين. ويرجع كاستلفترو هذا الرأي إلى جهالة العامة ومغالاة الشعراء اليونانين القدماء في ذلك الوقت في تبني هذه الفكرة إرضاء لكبريائهم. فالمعروف أن عامة الناس معتادون على قياس قدراتهم العقلية والفيزيائية بما يملكه الآخرون منها.. ولذلك فكانوا يعتبرون الأشياء الخاصة التي يعجزون على تحقيقها منحاً أو معجزات من الآلهة. ويرى كاستلفترو -كما يرى أرسطو ومن بعده هوراس- أن الشاعر هو رجل يملك قدرة إبداعية واعية "موهبة" يعرف بها جيداً كيف يحول نفسه إلى شخص متوقد العاطفة، وكيف يختار الأقوال والأفعال التي تعبر عن هذه العاطفة. أما لويس عوض فيرى أن "في الواقع أن الأقدمين لمسوا ما بين الشعر وما فوق الطبيعة من صلة. ترى ذلك في أتيمولوجيا اللغات واضحاً وضوح الصباح. عد إلى اشتقاق كلمة "جنون" في العربية، و"جينيس" في الإنجليزية و"جيني" في الفرنسية، ثم اكشف عن معنى "جينيوس" في اللاتينية، ترى أن الجن في كل حالة مسؤولون عن التفوق الذهني كما هم مسؤولون عن الخبل العقلي. اكشف عن "العبقرية " تراها صفة تتحقق في كل من ركبته شياطين وادي عبقر بشبه جزيرة العرب. فإن تحدث إليك ناقد عربي عن "شيطان" قيس ابن الملوح فلا تصرفه هازئاً بل تدبر ما تشتمل عليه عباراته من معانٍ جمة تهمك في دراسة النقد، وإن قرأت فصلاً عن "مجنون" بني عامر فلا تحسبن أن الحب وحده قد أودي بعقله، بل تذكر أنه قال شعراً أو قولته الأساطير شعراً، ثم اتجه إلى ديوانه تستفد منه في هذا الصدد. بالجملة لم يعرف القدماء شيئاً من العقل الباطن واللاوعي فنحلوا الشعر إلى الجن والمجانين. ولذا سيظل السعي مستداماً والسر غامضاً نحو ملكات المعرفة مع تعدد الفلسفات وآراء الفلاسفة.


عكاظ
منذ 6 ساعات
- عكاظ
الذكاء الاصطناعي… حين يكتب الشعر والمقال نيابة عن العقل
في زمن التحولات الرقمية المتسارعة، لم ينج الحرف من يد الذكاء الاصطناعي، فامتدت خوارزمياته إلى حقول الشعر والمقال والرأي، لتتولى ما كان يوماً نتاجاً خالصاً للفكر والوجدان. اليوم نشهد ظاهرة متنامية بين بعض الشعراء والصحفيين والكتاب الذين باتوا يعتمدون على هذه الأدوات لكتابة نصوصهم، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الإبداع وقدرة العقول على الصمود في عصر الأتمتة. أن يستعين الكاتب أو الصحفي أو الشاعر بالذكاء الاصطناعي لتوليد فكرة أو تنقيح صياغة لا ضير في ذلك، أما أن يلقي بالقلم جانباً ويترك «الآلة» تفكر وتكتب وتنتج بالنيابة عنه فتلك بداية التراجع لا التقدم. إنها عودة إلى الخلف في لباسٍ عصري، إذ تغيب الذات ويختزل الإبداع إلى تركيبة رقمية بلا روح. أخطر ما في الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي هو اغتيال ملكة التفكير، فالعقل الذي يتوقف عن الاجتهاد وعن إعادة النظر وعن البحث عن الجمال بين تضاريس اللغة هو عقل يذبل ببطء، والشاعر الذي لا يرهق قلبه قبل قلمه لن يمنحنا بيتاً حياً يلامس الوجدان، بل مجرد سطر جميل الصياغة فارغ الدلالة. أما الصحفي الذي يكتفي بتغذية الخوارزمية بمعلومات عامة ليحصل على مقال فهو يفرط في أهم مقومات مهنته «البحث والتحليل والربط بين الظواهر وتقديم زاوية جديدة للقارئ»، ذلك لا يقتل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي الإبداع فقط، بل يهدد نزاهة المحتوى وأصالته ويضعف الحس النقدي لدى القارئ والكاتب على حد سواء. لا شك أن التكنولوجيا أداة جبارة حين تستخدم بوعي لكن الخطورة تكمن حين تتحول إلى بديل عن الفكر لا وسيلة له. يجب علينا أن نعيد ترتيب العلاقة مع هذه الأدوات ونستفيد منها دون أن نستسلم لها، ونعزز بها قدراتنا دون أن نلغي عقولنا، فالإبداع الحق لا يولد من آلة بل من إنسان. أخيراً إن الركون التام إلى الذكاء الاصطناعي يقصي العقل ويتسبب في ضمور المهارات المهنية ما ينعكس على شخصية الكاتب نفسه، فحين يعتمد على أداة تفكر عنه يفقد تدريجياً ثقته بقدراته التحليلية وحسه الإبداعي. وإذا لم نتدارك هذا الميل سيتحول الأديب والصحفي إلى مشغّل آلة لا صاحب فكر، ويصبح المستقبل محتكراً لصوت واحد بلا روح ولا ذاكرة ولا خيال. أخبار ذات صلة