logo
هل استسلم العالم لمحوِ غزّة من الخريطة؟

هل استسلم العالم لمحوِ غزّة من الخريطة؟

النهارمنذ 2 أيام

العالم غاضبٌ، حانقٌ، مقهورٌ، مستَفَزٌّ وعاجزٌ، حيال فظاعة ما يجري في قطاع غزّة، لكنه يبدو مستسلماً أمام "القدر" الذي صنعته عقول التطرّف الوحشي وآلة التقتيل والتدمير الإسرائيلية. مستسلمٌ لأن الولايات المتحدة والقوى الغربية التي سارعت إلى العراق وسوريا لسحق تنظيم "داعش" وإرهابه و"دولته"، ولمنعه من العبث بجغرافية البلدَين، لم تمانع أن تمارس إسرائيل إرهاباً "ما بعد داعشيٍّ" بأحدث الأسلحة والقنابل الاختراقية والذكاء الاصطناعي لاقتلاع فلسطينيي غزّة من بيوتهم، لتسوية أبنيتهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومساجدهم بالأرض، لتجريف آثارهم ومقابرهم ولإلغاء أي وجود وتاريخ وملكية وانتماء لهم إلى هذه الأرض.
بعد نحو عشرين شهراً من الحرب، تتحدّث إسرائيل عن خططها العسكرية الراهنة بمصطلحات واضحة، وتنفذّها بطرائق أكثر وضوحاً بمعدل مجازر عدة يومياً، مع تركيز شديد على الأطفال والنساء. يوم السبت (24.05.25) وصلت طبيبة الأطفال آلاء النجار إلى عملها في مجمع ناصر الطبي في خان يونس، وبعد لحظات وصلت جثامين تسعة من أطفالها قُتلوا بصاروخ إسرائيلي وأصيب زوجها وابنها العاشر. هذه مجرد عيّنة من إجرام قضى على عائلات بأكملها. يُجمَع الآن مليونا غزّي في زاوية في جنوب غرب القطاع ليصبحوا فعلاً في معسكر تصفية قبل القتل أو الترحيل. مسؤولون في الكيان الإسرائيلي لا يتورّعون عن ذكر مصطلح "الحل النهائي" الذي استخدمه النازيون لإبادة اليهود. لم يعد خافياً أن الخطة ترمي إلى إبادة غزّة، إلى محوها من جغرافية فلسطين.
لم تتلقف العواصم الكبرى أيّاً من الإشارات الكثيرة التي لاحت منذ بدء الحرب حتى اليوم، لإدراك خطورة نهج الإبادة الذي ظهرت معالمه وواصلت إنكاره. دعمت واشنطن وحلفاؤها "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، أعطوها أكثر الأسلحة فتكاً ورأوا بأمّ العين كيف استخدمتها ضد المدنيين بذريعة أن مقاتلي "حماس" والفصائل متغلغلون بينهم. دافعوا عنها في مجلس الأمن وأمام محكمة العدل الدولية، وحقدت واشنطن على جنوب أفريقيا التي قاضت إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية الى حدّ أن دونالد ترامب نصب فخّاً لرئيسها سيريل رامافوزا واستخدم فيديو "أدلة مغلوطة" لاتهام بلاده بإبادة المزارعين البيض. وعندما كُشف أن ذلك الفيديو من الكونغو لم يُصدر البيت الأبيض أي اعتذار أو توضيح، فالمهم أن الرئيس استطاع إفحام ضيفه ولو بالكذب.
تلاعب بنيامين نتنياهو وعصابته بالإدارة الأميركية السابقة، شريكتهم، إلى حدّ إهانتها وإذلالها. أحبطوا كل خطة اقترحتها لـ"اليوم التالي" بعد الحرب، لأن إسرائيل لم تتصوّر أي نهاية لهذه الحرب بوجود أهل غزّة على أرضها. وبعد أيام من تسلّمه صلاحياته سارع ترامب الى إعلان تبنّيه "خطة تهجير سكان غزّة" باعتبارها نتيجة بديهية لما أنجزته إسرائيل، ومع أنه اقتصد في الحديث عنها بعد الاعتراضات العربية إلا أنه لم يتخلَّ عنها. ولترسيخ اقتناع ترامب بالمشروع العقاري في غزّة، يُنفذ الجيش الإسرائيلي الآن أوامر بتدمير أي مبنى لا يزال قائماً. في آخر تصريحات لنتنياهو حرص على القول إنه ماضٍ في خطط السيطرة على قطاع غزّة كاملاً "وصولاً الى تهجير سكانه وفقاً لبرنامج ترامب" الذي هو في الأساس برنامج إسرائيلي.
ردّ نتنياهو بصلفٍ على انتقادات أوروبية لممارسات لإسرائيل سواء في عملياتها العسكرية أم في منعها دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزاه الجوع وبدأ يميت أطفالاً ومسنّين. خلافاً لألمانيا التي لم تغادر هوسها المَرَضي بدعم إسرائيل في حربها، خرجت بريطانيا أخيراً عن صمتها، ومعها فرنسا وكندا، وإلى حدٍّ ما بلجيكا، واتخذت لندن إجراءات (تعليق مفاوضات اتفاق جديد للتجارة الحرّة) وفرضت عقوبات على أشخاص وكيانات منخرطين في اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، فيما طلبت باريس مراجعة لاتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ولوّحت الدول الثلاث بإمكان "الاعتراف بدولة فلسطينية". لم تأتِ هذه المواقف متأخرة فحسب، بل ظلّت الإجراءات المعلنة بعيدة من وقف الامدادات العسكرية وبالتالي غير مؤثرة أو رادعة للوحش الإسرائيلي الهائج.
وبعد مقتل موظفين إسرائيليين في واشنطن، برصاص شخص هتف "فلسطين حرّة"، أمكن آلة التضليل الإسرائيلية أن تتحدّى الأوروبيين وتتهمهم بأنهم يحرّضون على "معاداة السامية". وذهب نتنياهو الى حدّ مقارنة "فلسطين حرّة" بالشعار النازي "هايل هتلر". وعلى رغم الحديث عن جفاء شخصي بينه وبين ترامب، وعن ضغوط أميركية للتوصل الى صفقة وقف نار مع تبادل أسرى، فإن وفد إسرائيل غادر مفاوضات الوسطاء في الدوحة من دون تحقيق أي تقدم، ولم يتسنَّ العثور على أثر لضغوط أميركية. وبعد اتصال ترامب - نتنياهو نقل مكتب الأخير أن الرئيس الأميركي عبّر عن "دعمه لضمان إطلاق جميع الرهائن وللقضاء على حماس"، أي أنه لا يؤيّد المآخذ الأوروبية ولا يمارس ضغوطاً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‏"وول ستريت جورنال": قرصنة هاتف كبيرة موظفي البيت الأبيض ‏وانتحال صفتها
‏"وول ستريت جورنال": قرصنة هاتف كبيرة موظفي البيت الأبيض ‏وانتحال صفتها

النهار

timeمنذ 30 دقائق

  • النهار

‏"وول ستريت جورنال": قرصنة هاتف كبيرة موظفي البيت الأبيض ‏وانتحال صفتها

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر مطلعة الخميس، ‏بأن السلطات الأميركية تحقّق في محاولة انتحال شخصية كبيرة ‏موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز .‏ وأوضح التقرير أن وايلز أبلغت زملاءها أن هاتفها المحمول تعرّض ‏للقرصنة، مما سمح لمنتحل شخصيتها بالوصول إلى أرقام هواتف ‏خاصة.‏ لكنها أكدت أن الحادث طال هاتفها الشخصي، لا الرسمي.‏ ووفق "وول ستريت جورنال"، في الأسابيع الأخيرة تلقى أعضاء في ‏مجلس الشيوخ وحكام ولايات وكبار المديرين التنفيذيين في شركات ‏أميركية وشخصيات أخرى، رسائل ومكالمات من شخص ادعى أنه ‏وايلز.‏ ولم يستجب البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ‏لطلبات التعليق من الصحيفة الأميركية.‏ ويواجه البيت الأبيض أزمة تتعلق بأمن المعلومات، وذكرت ‏‏"رويترز" مؤخرا أن شخصا اخترق خدمة الاتصالات التي استخدمها ‏مايك والتز، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي دونالد ‏ترامب، في وقت سابق من هذا الشهر، واطلع على رسائل من عدد ‏كبير من المسؤولين الأميركيين.‏ وقال مسؤول في البيت الأبيض في أواخر العام الماضي، إن ‏الولايات المتحدة تعتقد أن حملة تجسس إلكتروني صينية واسعة ‏النطاق تعرف باسم "إعصار الملح"، استهدفت وسجلت مكالمات ‏هاتفية لشخصيات سياسية أميركية رفيعة المستوى.‏

الدولار يتراجع بعد إعادة فرض رسوم ترامب الجمركية
الدولار يتراجع بعد إعادة فرض رسوم ترامب الجمركية

ليبانون 24

timeمنذ 43 دقائق

  • ليبانون 24

الدولار يتراجع بعد إعادة فرض رسوم ترامب الجمركية

تراجع سعر الدولار أمام الجنيه الإسترليني بعد قرار محكمة الاستئناف الفيدرالية بالسماح لإدارة ترامب بإعادة فرض رسوم "يوم التحرير" الجمركية، والتي كانت قد أُلغيت مؤخرًا. وأكدت المحكمة أن هذه الرسوم "ضرورية للأمن القومي"، رغم اعتراضات سابقة بأن ترامب تجاوز صلاحياته. وسجل سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي انخفاضا لليوم الثالث على التوالي، بعد أن هبط إلى أدنى مستوى له عند 1.3414، قبل أن يتعافى ليغلق اليوم في المنطقة الخضراء عند 1.3486. كما تأثر الدولار سلبا بتصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الذي قال فيها إن المحادثات التجارية مع الصين"متوقفة بعض الشيء" وربما تتطلب مكالمة بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس شي جين بينج للتوصل إلى اتفاق.

مجددًا.. ترامب يحض رئيس الفيدرالي على خفض الفائدة
مجددًا.. ترامب يحض رئيس الفيدرالي على خفض الفائدة

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

مجددًا.. ترامب يحض رئيس الفيدرالي على خفض الفائدة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب شدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الخميس، ضغوطه على رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) جيروم باول لخفض أسعار الفائدة، وفق بيان أصدره البيت الأبيض عقب لقاء هو الأول بين الرجلين منذ عودة الملياردير الجمهوري إلى سدة الرئاسة. وجاء في تصريح للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن ترامب قال 'إنه يعتقد أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي يرتكب خطأ بعدم خفض أسعار الفائدة، ما قد يضعنا في موقف اقتصادي غير مؤات أمام الصين وغيرها من الدول'. جاء ذلك بعدما أعلن باول أنه دافع في لقاء مع ترامب أن القرارات اتّخذت بعيدًا من كل الاعتبارات السياسية. وجاء في بيان لباول أن ترامب استدعاه إلى البيت الأبيض الخميس. وأوضح باول أنه قدّم للرئيس شرحا مفصّلا لـ'توقعاته في ما يتّصل بالسياسة النقدية، فقط بهدف التأكيد أن مسارها يعتمد حصرا على البيانات الاقتصادية القادمة وتداعياتها' على المستقبل. وأشار باول إلى أنه تم التشديد على أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي ومعاونيه 'سيحّددون السياسة النقدية، وفق ما يلحظه القانون' بهدف القضاء على البطالة وإرساء استقرار الأسعار 'وهم سيفعلون ذلك بالاستناد حصرا إلى تحليل متأن وموضوعي وغير مسيّس'. جاء ذلك، بعدما كشف مسؤول رفيع في الاحتياطي الفيدرالي الخميس أن الهيئة قد تخفّض أسعار الفائدة إذا ما تم تخفيض الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store