
نتنياهو في واشنطن.. جلسة الأفاعي بين وهم الهدنة وخرائط الدم
محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية
في لحظةٍ مشبعةٍ بالرماد، يتسلّل بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، ليس كقائد دولة «تحترق على أطرافها»، بل كجنرال هارب إلى حضن الجنرال الأكبر في البيت الأبيض. بين أروقة الكونجرس، حيث يُصفّق المُصفّقون ويَضحكُ الموت، تتهيّأ "جلسة الأفاعي"، لبحث معادلة عجيبة: كيف يُعاد تشكيل غزة؟ ليس على مقاس أهلها، بل وفق ما تمليه بنادق الاحتلال، وصمت العالم، وأوهام صفقة القرن التي لم تُدفن بعد.
هل يحمل نتنياهو هدنة؟ أم يحمل خرائط لتموضع جديد، يكسو الاحتلال بلونٍ أكثر "عصرية"، ويُخرجه من مستنقع الحرب بمظهر المنتصر؟!
الواضح أن الزيارة ليست سوى قمة جليد في بحر معقد من المعادلات:
تموضع عسكري يعيد انتشار قوات الاحتلال على أطراف القطاع، وتخلي عن كلفة الاحتلال المباشر لصالح وكلاء محلّيين، مع إبقاء السماء والحدود والسلاح تحت السيطرة. ولكن ما يُراد من ذلك ليس فقط الأرض، بل الإنسان.
الديمغرافيا في عيون الساسة
يعود الحديث مجددًا عن "خطة ترامب - نتنياهو" لتبادل الأسرى مقابل تهجير سكان، صفقة تبدو من حيث الشكل إنسانية، لكنها تخفي في جوفها جريمة تطهير صامتة. طرد 760 ألف فلسطيني من القطاع، مقابل فتات من الأرض في العريش أو رفح أو حتى "عبر البحار"، لتفريغ غزة ديمغرافيًا، ومنح 40% فقط من مساحتها لمن بقي، إن بقي.
تريد واشنطن وتل أبيب، ومن خلفهم "مجلس الحرب"، أن تُسلّم غزة لا فقط بلا مقاومة، بل بلا مقاومين. يريدون من المقاومة أن تُسلّم سلاحها، وتُسلّم أبناءها، وتُسلّم تاريخها. لكن المقاومة لا تفاوض على الذاكرة، ولا تساوم على الألم.
بين التموضع والمقاومة
في الوقت الذي يُعاد فيه رسم حدود غزة في الخرائط الأمريكية، تُعيد المقاومة رسم الجغرافيا بالنار. لا تُقاتل المقاومة اليوم لأجل نقاط تماس، بل لأجل المعنى. هي تقاتل تموضع الاحتلال كما تُقاتل وجوده. تقاتل ألا يكون لأحد أن يقرّر من يبقى ومن يُرحّل، وأين يزرع الفلسطيني زيتونه، وأين يُدفن.
عمليات الثغرات، والكمائن، والتسلّل خلف خطوط العدو، ليست فقط تكتيكًا عسكريًا، بل فلسفة وجود.تقول المقاومة عبرها: لسنا ضحية ننتظر قرار مجلس الأمن، بل شعبٌ يكتب تاريخه بدمائه، لا بحبر السياسيين.
ترامب ونتنياهو: أشباح الماضي وجلسة الخرائط
نتنياهو لا يذهب إلى واشنطن ليصنع السلام، بل ليبرّر الحرب. يجلس في حضن ترامب كمن يجلس على مقعد خشبي في مسرح مهجور، يعيدان تمثيل مشهد "صفقة القرن"، وكأنها لم تُدفن في رمال النقب. كلاهما مجروح، سياسياً وجنائياً، يبحث عن نصر زائف لستر عورته.
لكنهم ينسون أن غزة لا تُغفر، ولا تنسى، ولا تسقط. وأن الأوطان التي يُراد اختزالها بخريطة، قد تنفجر في وجه من رسمها.
ختامًا:
إن ما يجري ليس مجرد إعادة انتشار لقوات الاحتلال، بل مشروع طويل المدى لإعادة تشكيل وعي ووجود الفلسطيني، معركة الديمغرافيا، والمكان، والرمز، هي معركة وجودية. ومن جلسات الأفاعي في واشنطن، إلى أنفاق غزة، تتقاطع الجغرافيا بالفلسفة، والبارود بالتاريخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المصري اليوم
منذ ساعة واحدة
- المصري اليوم
على أطرف السويداء.. فيديو متداول لاشتباكات عنيفة بين الجيش السوري ومجموعة درزية
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديد يزعم اندلاع اشتباكات عنيفة، بين الجيش السوري ومجموعة مسلحة «درزية». الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري والمجموعة المسلحة وقعت على أطراف مدينة السويداء ، بحسب ما زعم الفيديو المتداول. Fierce clashes ongoing between the Syrian Army and a Druze armed group on the outskirts of Suwayda City in southern Syria. — Open Source Intel (@Osint613) July 15, 2025 توقفوا فورًا.. طلب عاجل من ترامب إلى إسرائيل بشأن الجيش السوري وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طلبًا عاجلًا إلى إسرائيل، بالتوقف فورًا عن مهاجمة قوات الجيش السوري في جنوب سوريا. وأبلغت إسرائيل أبلغت البيت الأبيض بأنها ستوقف الهجمات على القوات السورية مساء الثلاثاء، بحسب ما نقله «أكسيوس» عن مسؤول أمريكي. وزعم المسؤول الأمريكي أن الحكومة السورية أبلغت إسرائيل مسبقا بأنها ترسل دبابات إلى منطقة السويداء في جنوب سوريا، وأكدت أن هذا ليس عملا موجها إلى إسرائيل بل محاولة لاستعادة النظام في السويداء. وشنت إسرائيل غارات جوية على مدينة السويداء جنوبي سوريا، الثلاثاء، بعد وقت قليل من إعلان الجيش السوري دخولها.


المصري اليوم
منذ 2 ساعات
- المصري اليوم
توقفوا فورًا.. طلب عاجل من ترامب إلى إسرائيل بشأن الجيش السوري
وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طلبًا عاجلًا إلى إسرائيل، بالتوقف فورًا عن مهاجمة قوات الجيش السوري في جنوب سوريا. وأبلغت إسرائيل أبلغت البيت الأبيض بأنها ستوقف الهجمات على القوات السورية مساء الثلاثاء، بحسب ما نقله «أكسيوس» عن مسؤول أمريكي. وزعم المسؤول الأمريكي أن الحكومة السورية أبلغت إسرائيل مسبقا بأنها ترسل دبابات إلى منطقة السويداء في جنوب سوريا، وأكدت أن هذا ليس عملا موجها إلى إسرائيل بل محاولة لاستعادة النظام في السويداء. وشنت إسرائيل غارات جوية على مدينة السويداء جنوبي سوريا، الثلاثاء، بعد وقت قليل من إعلان الجيش السوري دخولها. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا)، إن «طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدينة السويداء». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، قد أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بضرب قوات الحكومة والأسلحة التي أدخلت إلى السويداء، مشددان على أن «إسرائيل تلتزم بمنع الإضرار بالدروز» في هذا البلد.


خبر صح
منذ 2 ساعات
- خبر صح
ترامب يكشف تفاصيل صفقته الاقتصادية التاريخية مع إندونيسيا لفتح أسواق جديدة
أعلن الرئيس الأمريكي عن توقيع اتفاق اقتصادي يعد الأول من نوعه مع إندونيسيا، جاء ذلك بعد مكالمة هاتفية جمعته برئيسها المنتخب برابوو سوبيانتو. ترامب يكشف تفاصيل صفقته الاقتصادية التاريخية مع إندونيسيا لفتح أسواق جديدة مواضيع مشابهة: ترامب يرد على تصريحات المرشد الإيراني ويؤكد إنهاء تخفيف العقوبات فورًا وفي تغريدة له على منصة 'إكس'، قال ترامب: 'لقد أنهيت صفقة مهمة مع جمهورية إندونيسيا بعد مكالمة مع رئيسها المحترم جداً برابوو سوبيانتو، هذه الصفقة التاريخية تفتح السوق الإندونيسية بالكامل أمام الولايات المتحدة لأول مرة في التاريخ، كجزء من الاتفاق، التزمت إندونيسيا بشراء طاقة أمريكية بقيمة 15 مليار دولار، ومنتجات زراعية أمريكية بقيمة 4.5 مليار دولار، و50 طائرة بوينغ، العديد منها من طراز 777' This morning I finalized an important Deal with the Republic of Indonesia after speaking with their Highly Respected President Prabowo Subianto. This landmark Deal opens up Indonesia's ENTIRE MARKET to the United States for the first time in History. As part of the Agreement,…. — Trump Truth Social Posts On X (@TrumpTruthOnX). وأضاف: 'لأول مرة على الإطلاق، سيكون للمزارعين، والمربين، والصيادين الأمريكيين وصول كامل ومطلق إلى السوق الإندونيسية التي تضم أكثر من 280 مليون شخص، بالإضافة إلى ذلك، ستدفع إندونيسيا للولايات المتحدة رسوم جمركية بنسبة 19% على جميع البضائع التي تصدرها لنا، في حين ستكون الصادرات الأمريكية إلى إندونيسيا معفاة تماماً من الرسوم الجمركية وغير الجمركية وأردف: 'وفي حال حدوث تحويل مسار من دولة ذات رسوم أعلى، فسيُضاف ذلك الرسم إلى الرسوم التي تدفعها إندونيسيا، شكراً لشعب إندونيسيا على صداقتهم والتزامهم بتقليص عجزنا التجاري، سنواصل الوفاء بوعودنا للشعب الأمريكي، ولشعب إندونيسيا!' مقال له علاقة: نتنياهو يجري فحصاً طبياً ووزير العدل يتولى المسؤوليات بشكل مؤقت أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دهشة المتابعين بتصريح وصفه كثيرون بالغريب، حين كشف أن الكأس التي فاز بها نادي تشيلسي الإنجليزي ستبقى 'إلى الأبد' في البيت الأبيض. وقال ترامب في حديثه: 'قالوا لي: هل يمكنك الاحتفاظ بهذه الكأس لفترة؟ فقلت: كم من الوقت؟ قالوا: لن نستردها، اصنع واحدة جديدة لتشيلسي واحتفظ بهذه النسخة هنا، إنها الأصلية' وأضاف ترامب أن النسخة التي سُلّمت إلى نادي تشيلسي في احتفالات التتويج ليست الأصلية، بل نسخة أخرى، مشيرًا إلى أن ذلك كان 'أمرًا مثيرًا'. كيف رد الفيفا؟ حتى الآن لم تصدر أي تأكيدات رسمية من الاتحاد الدولي لكرة القدم 'فيفا' بشأن ما قاله ترامب عن امتلاك النسخة الأصلية للكأس، ما جعل التصريح محل جدل واسع في الأوساط الرياضية. وكان ترامب قد حضر مباراة النهائي بين تشيلسي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي، إلى جانب زوجته ميلانيا ترامب، في ملعب 'ميتلايف' بمدينة إيست روثرفورد بولاية نيوجيرسي، والتي انتهت بفوز ساحق لتشيلسي. وشارك ترامب في مراسم التتويج، وصعد إلى المنصة إلى جانب رئيس الفيفا جياني إنفانتينو لتسليم الكأس إلى الفريق الإنجليزي، الفائز بالنسخة الموسعة الجديدة من البطولة التي ضمت 32 فريقًا، وتوّج بجائزة مالية قياسية بلغت 121 مليون دولار. ورغم الهتافات المؤيدة له من بعض الجماهير، تعرض ترامب لصيحات استهجان أثناء ظهوره على الشاشة العملاقة، لكنه رد بابتسامة ولوّح للجمهور ورفع قبضته وهو في طريقه إلى المقصورة الرسمية بجوار إنفانتينو وزوجته. ترامب: لدينا إدارة أفضل من السابقة وعن مستقبل اللعبة في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب كأس العالم 2026 التي ستُقام بالشراكة مع كندا والمكسيك، قال ترامب: 'بلدنا يشهد حماسًا كبيرًا، ولدينا الآن إدارة أفضل من السابقة، وكرة القدم الأمريكية ستصل قريبًا إلى مكانة مميزة، وسنجذب لاعبين كبارًا ونحقق نتائج رائعة' مزيج من السياسة والرياضة لم يكن وجود ترامب في الحدث الرياضي الكبير خاليًا من الأبعاد السياسية والإعلامية، حيث بدا وكأنه يستخدم منصة رياضية عالمية لإيصال رسائل موجهة داخليًا، في وقت يتحضر فيه للانتخابات الرئاسية المقبلة، معتمدًا على صورته كلاعب سياسي وشخصية عامة مثيرة للجدل.