
الصين تحذر الولايات المتحدة من "اللعب بالنار" بشأن تايوان
حذرت الصين الولايات المتحدة اليوم السبت من "اللعب بالنار" في قضية تايوان، إثر الخطاب الذي ألقاه وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث خلال منتدى أمني في سنغافورة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان إنها "قدمت احتجاجات رسمية إلى الطرف الأميركي" على تصريحات هيغسيث، مبدية "أسفها الشديد" لمواقفه.
وأضافت الخارجية "على الولايات المتحدة ألا تحاول استخدام قضية تايوان ورقة مساومة لاحتواء الصين وعليها ألا تلعب بالنار".
وكان هيغسيث حذر من أن الصين تستعد لاستخدام القوة العسكرية لتغيير ميزان القوى في آسيا، متعهدا أن تبقى الول ا يات المتحدة بجانب حلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
ونبه إلى أن الجيش الصيني يعمل على بناء قدراته لاجتياح تايوان ويتدرب على ذلك فعليا.
كذلك، اتهم هيغسيث بكين بأنها "تصادر أراضي وتحولها للاستخدام العسكري بشكل غير قانوني" في بحر جنوب الصين.
ولم ترسل بكين وزير دفاعها دونغ جون لتمثيلها في منتدى سنغافورة، ووصفت قضية تايوان بأنها "شأن داخلي" لا يحق لدول أجنبية التدخل فيه.
وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على هذا المسطح المائي الذي يمر عبره نحو 60% من التجارة البحرية، رغم حكم قضائي دولي يعتبر ألا أساس قانونيا لهذا المطلب.
وزادت الصين من ضغوطها العسكرية على تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي لكن تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، وأجرت العديد من المناورات العسكرية الواسعة في محيط الجزيرة شملت خصوصا محاكاة الحصار والغزو.
ونفت وزارة الخارجية الصينية وجود أي مشكلة على صعيد الملاحة في الممر المائي.
وصرح متحدث باسم الخارجية بأن الصين ملتزمة بحماية سيادتها الإقليمية وحقوقها ومصالحها البحرية بحسب القانون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 36 دقائق
- الجزيرة
وزير الدفاع الهولندي يتهم الصين: هجمات سيبرانية تستهدف مستقبل التكنولوجيا
وجه وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز أصابع الاتهام إلى الحكومة الصينية والقراصنة التابعين لها عقب ارتفاع وتيرة الهجمات السيبرانية في العام الماضي ضد الشركات والحكومة الهولندية على حد سواء، وذلك بحسب وكالة رويترز. وأكد بريكلمانز في حوار أجراه على هامش اجتماع شانغريلا الأمني في سنغافورة أن صناعة أشباه الموصلات من ضمن الأهداف الرئيسية المستمرة للهجمات السيبرانية الصينية، كونها من القطاعات المتطورة في الصناعات الهولندية مع تزايد الاهتمام الصيني بها، مضيفًا أن وكالة الاستخبارات العسكرية الهولندية ترى الصين أكبر مصادر التهديد السيبراني لها. وأشار بريكلمانز إلى التقرير السنوي الذي تنشره وكالة الاستخبارات الهولندية والذي تضمن في العام الماضي ذكرًا للهجمات السيبرانية الصينية في محاولة للتجسس على صناعات أشباه الموصلات إلى جانب الصناعات الفضائية والصناعات البحرية، ثم وضح بريكلمانز في حديثه مع رويترز أن هذه الأنشطة ما زالت مستمرة حتى الآن، مؤكدًا وجودها في النسخة الأحدث من التقرير التي تصدر خلال الفترة القادمة. لم تحصل رويترز على رد من وزارة الخارجية الصينية، ولكن بحسب التقرير فإن بكين في العادة تنفي مثل هذه الاتهامات المتعلقة بالهجمات السيبرانية مؤكدة رفضها لأي نوع من أنواع التجسس العسكرية والهجمات السيبرانية. إعلان بدأت الحكومة الهولندية في توجيه أصابع الاتهام إلى مثيلتها الصينية للمرة الأولى في العام الماضي، إذ اتهمتها في عملية الاختراق التي حدثت للشبكة العسكرية الهولندية عام 2023، وهي العملية التي تسببت في اختراق شبكة داخلية تستخدم من قبل 50 شخصا لإجراء أبحاث غير مصنفة. وأضاف بريكلمانز أن مسألة الأمن السيبراني اكتسبت أهمية متزايدة لدى الحكومة الهولندية في المدة الأخيرة، وذلك عقب تسارع وتيرة الهجمات الصينية التي تستغل نفوذها الاقتصادي والسياسي للضغط على الحكومة الهولندية. وفي هذا السياق، تباهى بريكلمانز باعتماد الحكومة الهولندية على أحدث المعدات السيبرانية ضمن مساعيها لحماية الصناعات المهمة والمحورية للدولة، مشيرا إلى أن الخطوة القادمة ستكون خفض الاعتماد الهولندي بشكل خاص والأوروبي بشكل عام على التقنيات الصينية.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
سلاسل الإمداد العالمية تحت المجهر.. من يسيطر على تدفق السلع حول العالم
في عالم مترابط كشبكة عنكبوت تمر المنتجات برحلة معقدة قبل أن تصل إلى المتاجر أو المنازل عبر منظومة ضخمة تعرف ب سلاسل الإمداد. هذه المنظومة تربط بين المصانع والموانئ والمخازن والمتاجر في شبكة عابرة للقارات تحرك الاقتصاد العالمي بصمت. ورغم أن كثيرين لم يكونوا على دراية بهذه السلاسل فإن الأزمات العالمية الأخيرة من جائحة كورونا، مرورا بالحرب في أوكرانيا، وصولا إلى التوتر بين الصين والغرب سلطت الضوء على أهميتها وخطورتها، وأي خلل بسيط فيها قد يؤدي إلى نقص السلع وتعطل الإنتاج وارتفاع الأسعار. لقد تحولت سلاسل الإمداد من شأن لوجستي إلى ورقة ضغط سياسية واقتصادية تستخدمها الدول الكبرى في صراعات النفوذ. في هذا المقال نوضح طبيعة هذه السلاسل، من يسيطر عليها؟ ما الذي يعطلها؟ وكيف يمكن التعامل معها؟ من المصنع إلى العالم.. كيف تعمل سلاسل الإمداد؟ تخيل أن الهاتف الذي تستخدمه الآن لم يصنع في مكان واحد، شريحته جاءت من تايوان وبطاريته من كوريا وغلافه من الصين، ثم نُقل إلى مستودع في سنغافورة، ومنها شُحن على متن سفينة أو طائرة حتى وصل إلى رف المتجر في بلدك، كل هذا الطريق فقط لتشتريه في لحظة واحدة دون أن تفكر في الرحلة التي مر بها. هذه الرحلة الطويلة لا تحدث من تلقاء نفسها، بل تمر عبر نظام عالمي معقد يعرف باسم "سلاسل الإمداد". ما هي سلاسل الإمداد؟ سلاسل الإمداد هي المراحل التي تمر بها أي سلعة قبل أن تصل إلى يدك، وتبدأ من استخراج المواد الخام مثل الحديد أو القمح أو النفط، ثم تُنقل إلى المصانع عبر وسائل نقل مختلفة. في المصانع تحوّل هذه المواد إلى منتجات نهائية باستخدام الآلات والتقنيات والأيدي العاملة، لتصبح جاهزة للاستهلاك، مثل الأجهزة أو المواد الغذائية أو الملابس. وبعد التصنيع تُنقل المنتجات مرة أخرى عبر السفن أو الطائرات أو الشاحنات، لتخزّن في الموانئ أو المستودعات، ثم توزع على المتاجر، حيث يجهزها العاملون لعرضها وبيعها للمستهلك. ويمكن تشبيه سلاسل الإمداد بقطار طويل، كل عربة فيه تمثل مرحلة، وإذا تعطلت عربة واحدة يتوقف القطار بأكمله، وهذا بالضبط ما يحدث عند خلل بسيط في أي مرحلة، فقد يؤدي إلى تأخير الشحنات أو نقص البضائع أو ارتفاع الأسعار. كل من يشارك في هذه المراحل من استخراج المادة إلى التصنيع والنقل والتوزيع يعد جزءا من سلسلة الإمداد. عصر الإمداد الذكي مع ازدياد تعقيد سلاسل الإمداد وتشعب مراحلها حول العالم لم يعد ممكنا إدارتها بالطرق التقليدية، وهنا ظهرت ما تعرف بـ"سلاسل الإمداد الذكية"، أي استخدام التكنولوجيا لتحسين كفاءة كل خطوة في السلسلة. وتعتمد هذه الأنظمة على أدوات مثل الذكاء الاصطناعي وأجهزة التتبع، لتوقّع الطلب ومراقبة الشحنات لحظة بلحظة واكتشاف الأعطال قبل أن تُعطل الحركة. هذا التطور ساعد الشركات على الاستجابة بسرعة وتخفيف التأخيرات وتقليل الهدر في الوقت والتكاليف، لكن رغم كل هذا التطور فإن سلاسل الإمداد لا تزال عرضة للتعطل عند أول أزمة، مما يُظهر هشاشتها مهما بلغت درجة ذكائها، وهنا يبرز سؤالان حاسمان: من يتحكم فعليا في هذه السلاسل؟ ومن يملك القدرة على توجيهها أو تعطيلها حسب مصالحه؟ العوامل التي تؤثر على سلاسل الإمداد سلاسل الإمداد نظام مترابط وحساس، ويمكن لأي خلل خارجي أن يربك حركته، ومع تغيّر شكل العالم لم تعد التجارة بمعزل عن المناخ أو السياسة، بل أصبحت عوامل كثيرة تؤثر مباشرة على حركة السلع وتدفقها بين الدول، ولم تعد هذه الشبكات مجرد عمليات نقل وتخزين، بل تحولت إلى ورقة ضغط تستخدم في لعبة النفوذ بين الدول. وفيما يلي أبرز العوامل التي تعرقل سلاسة الإمداد وتسبب اضطرابات في الأسواق العالمية: إعلان تعد من أكثر العوامل المفاجئة التي تضرب سلاسل الإمداد دون إنذار، وتربك كل مراحلها من الإنتاج إلى التوزيع، ومثال على ذلك جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى توقف المصانع وتعطل الشحن ونقص العمالة. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، تراجعت حركة الشحن البحري بنسبة 4.1%، وانخفضت التجارة العالمية بنسبة 5.6% في عام 2020. تعد الحروب والنزاعات والعقوبات الاقتصادية من أبرز العوامل التي تؤثر مباشرة على تدفق السلع الحيوية، خصوصا الغذاء والطاقة، ومثال ذلك الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في اضطراب كبير بصادرات الحبوب والطاقة، وأثّرت على حركة الغذاء عالميا بشكل ملموس. الاعتماد على مورد أو دولة واحدة عندما تعتمد سلاسل الإمداد على دولة واحدة أو مورد رئيسي لتوفير سلعة أساسية تصبح أكثر عرضة للخطر عند حدوث أي خلل في هذا المصدر. ومثال ذلك أزمة الرقائق بين 2020 و2023 حين تركز الإنتاج في دول آسيوية، مما أدى إلى تضرر 169 صناعة وخسارة تجاوزت 210 مليارات دولار. قرارات مثل فرض قيود على التصدير أو تعديل الرسوم الجمركية كما يحدث في الحرب التجارية القائمة حاليا قد تربك حركة السلع وتوقف الإمدادات وتعطل خطط الشركات فجأة. تعد ظواهر مثل الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات من أبرز العوامل التي تربك الإنتاج وتعطل الشحن وتضعف البنية التحتية. ووفقا لتقديرات معهد إعادة التأمين السويسري، قد يخسر الاقتصاد العالمي نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 بسبب هذه الاضطرابات. تعتمد سلاسل الإمداد الحديثة اعتمادا كبيرا على الأنظمة الرقمية والتكنولوجية لإدارتها، مما يجعلها أكثر كفاءة، ولكن في الوقت ذاته أكثر هشاشة أمام الهجمات السيبرانية، فبمجرد اختراق أحد الأنظمة أو تعطيله يمكن أن تتوقف سلسلة الإمداد بالكامل أو تتعطل لأيام، مما يؤدي إلى خسائر ضخمة وتأخير في حركة البضائع. ومثال ذلك ما جرى عام 2021 حين تعرضت شركة كولونيال بايبلاين الأميركية لهجوم عطّل شبكة توزيع تغذي 45% من الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما أدى إلى نقص في الإمدادات وارتفاع الأسعار. رغم التقدم في إدارة سلاسل الإمداد بالتكنولوجيا فإن العنصر البشري يظل أساسيا، خصوصا في مراحل النقل والتخزين. ويؤدي نقص العمالة -خاصة سائقي الشاحنات وعمال المستودعات- إلى تباطؤ العمليات وتأخير الشحن، وفي بعض الحالات تسبب الإضرابات شللا جزئيا أو كليا لحركة السلع، مما ينعكس مباشرة على تدفق الإمداد. تعتمد سلاسل الإمداد على موانئ وطرق فعالة لضمان حركة السلع بسلاسة، لكن عندما تكون البنية التحتية قديمة أو غير مؤهلة للتعامل مع أحجام الشحن المتزايدة تظهر الاختناقات ويزداد الازدحام، مما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة. من يسيطر على سلاسل الإمداد العالمية؟ السيطرة على سلاسل الإمداد تعني القدرة على تسريع أو تعطيل حركة السلع، وتتحقق من خلال امتلاك أدوات نفوذ حقيقية، مثل الإنتاج او التصنيع او الموانئ وأنظمة الدفع والتكنولوجيا. فالجهة التي تسيطر على جزء من إنتاج او تصنيع سلعة أو على ميناء رئيسي يمكنها التأثير في تدفق السلع حتى خارج حدودها، ولهذا لا أحد يملك السيطرة الكاملة، بل يتوزع النفوذ بين دول وشركات، ويملك كل منها جزءا من مفاتيح الإمداد. وفي عالم مترابط قد تربك خطوة واحدة من طرف مؤثر سلاسل بأكملها، مما يمنح بعض الفاعلين قدرة غير مباشرة على التأثير في اقتصادات لا تخصهم مباشرة. الولايات المتحدة تعد من أبرز الفاعلين في سلاسل الإمداد بفضل سيطرتها على التكنولوجيا المتقدمة وأنظمة الدفع العالمية وشركات متعددة الجنسيات تتحكم في الإنتاج والتوزيع. كما تمتلك شبكات تسليح واسعة، وتهيمن على النقل الدولي، إضافة إلى دورها المحوري في تأمين الممرات البحرية، مما يمنحها قدرة مباشرة على تسهيل الإمدادات أو تعطيلها. إعلان تُعرف بـ"مصنع العالم"، وتهيمن على إنتاج مكونات أساسية مثل الإلكترونيات والبطاريات والمعادن والألواح الشمسية، إلى جانب دورها الكبير في الصناعة عموما. كما تسيطر على 7 من أكبر 10 موانئ شحن عالميا، وتدير استثمارات ضخمة في ممرات النقل ضمن مبادرة الحزام والطريق، مما يمنحها نفوذا عابرا للحدود في سلاسل الإمداد العالمية. تبرز هذه القوى في الصناعات الدقيقة، خصوصا أشباه الموصلات، فتنتج تايوان وحدها أكثر من 60% من الرقائق الإلكترونية المتقدمة. تعدان من أبرز المراكز اللوجستية في التجارة العالمية بفضل بنيتهما التحتية المتقدمة وموانئ مثل سنغافورة وروتردام، مما يجعلهما نقاط عبور رئيسية للسلع حول العالم. تمتلك موارد ضخمة من النفط والغاز، وتعد من أكبر المصدرين عالميا، مما يمنحها نفوذا كبيرا في سلاسل الطاقة والإمداد الصناعي. تعد من أبرز مصدري الحبوب والزيوت النباتية والأسمدة، مما يجعلها لاعبا مهما في سلاسل الغذاء رغم التحديات الأمنية والبنية التحتية المحدودة. تتميز بتصنيع المكونات عالية الدقة والآلات الصناعية والروبوتات، مما يمنحها وزنا في سلاسل الإمداد التقنية والصناعية. لاعب صاعد في الأدوية والبرمجيات، وتعد من كبار منتجي المكملات الدوائية على مستوى العالم. الدور العربي.. بين التأثير والحاجة للتكامل تلعب الدول العربية أدوارا متفاوتة في سلاسل الإمداد -سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي- من خلال نفوذ مباشر في قطاعات الطاقة والموانئ والشحن، إلى جانب مساهمات ملموسة في مجالات الزراعة والصناعة. وفيما يلي بعض النماذج البارزة: تعد من أبرز الفاعلين في سلاسل الطاقة بفضل هيمنتها على حصة كبيرة من إنتاج وتصدير النفط والغاز، مما يمنحها تأثيرا مباشرا في وفرة إمدادات الطاقة عالميا وأسعارها. يلعب دورا فعالا في تزويد الأسواق الأوروبية والعربية بالمنتجات الزراعية، إلى جانب تطوره في الصناعات التحويلية مثل السيارات والطيران. تستفيد من موقعها الجغرافي عبر قناة السويس التي تمر منها نسبة كبيرة من التجارة العالمية، مما يجعلها نقطة عبور حيوية في سلاسل الشحن الدولية. تبرز كجهة مهمة في تصدير الغاز نحو أوروبا والدول العربية، مما يمنحها دورا ملحوظا في سلاسل الطاقة. يشاركان بأدوار نوعية في بعض الصناعات الدوائية والغذائية ضمن شبكات التوريد الإقليمية في محيط البحر المتوسط. تحديات عربية في سلاسل الإمداد تواجه الدول العربية تأثيرات مضاعفة من اضطرابات سلاسل الإمداد، نظرا لاعتمادها الكبير على استيراد الغذاء والدواء والمواد الخام، مع محدودية التصنيع المحلي وضعف التنسيق الإقليمي في أوقات الأزمات. ورغم امتلاك بعض الدول مزايا واضحة في الطاقة والموقع والموارد الزراعية فإن غياب التعاون المشترك يضعف الاستفادة منها، ولذلك تبدو الحاجة ملحة إلى شراكة عربية فعالة تعزز الأمن الغذائي وتطور النقل والتخزين وتسرّع الاستجابة للأزمات، مثل النماذج الناجحة مثل الاتحاد الأوروبي، فالاستعداد الجماعي لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحماية الاستقرار ومواجهة التقلبات المستقبلية بثبات أكبر. اللاعبون الصامتون في سلاسل الإمداد إلى جانب القوى الكبرى والدول العربية هناك دول أخرى تمتلك نفوذا مهما في سلاسل الإمداد بفضل سيطرتها على مواد خام حيوية لا غنى عنها، فمثلا: الكونغو الديمقراطية تنتج أكثر من 70% من الكوبالت العالمي، وهو مكون أساسي في بطاريات السيارات الكهربائية. تشيلي تعد من كبار موردي النحاس والليثيوم عالميا. تهيمن إندونيسيا على نحو 50% من إنتاج النيكل عالميا. ورغم محدودية نفوذ هذه الدول سياسيا فإن امتلاكها هذه الموارد يمنحها تأثيرا متزايدا في سلاسل المعادن والتقنيات النظيفة. مستقبل سلاسل الإمداد.. بين التكلفة والسيطرة كشفت الأزمات المتلاحقة منذ عام 2020 هشاشة النظام التجاري العالمي، وأظهرت أن الاعتماد على سلاسل إمداد طويلة ومعقدة لم يعد خيارا آمنا. ويشهد العالم اليوم تحولا تدريجيا نحو نموذج أكثر حذرا ومرونة، حيث لم تعد التكلفة المنخفضة هي الأولوية المطلقة كما كان الحال عند اللجوء المكثف إلى الصين كمركز للإنتاج الرخيص. ذلك الخيار رغم فعاليته في خفض التكاليف فإنه أفضى إلى تمركز هائل للنفوذ الصناعي واللوجستي بيد بكين، وتدفع الدول ثمنه الآن. ورغم محاولات تعزيز التصنيع المحلي فإن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل غير واقعي، مما يجعل التعاون الاقتصادي الحقيقي ضرورة الرفاهية. والرهان اليوم على بناء سلاسل إمداد مرنة وقابلة للتكيف قادرة على امتصاص الصدمات والتعامل مع تشابك التجارة بالسياسة، ولم يعد تأمين الإمداد مجرد مسألة اقتصادية، بل تحول إلى ملف سيادي يمس استقرار الدول. ومن لا يحسن الاستعداد لهذا الواقع الجديد يعرّض اقتصاده لمخاطر متزايدة، ويجد نفسه أقل قدرة على الصمود أمام تقلبات السياسة والمناخ والأسواق، وفي عالم سريع التغير لا مكان للانتظار، بل للجاهزية والقرار المبكر.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
هارفارد وأخواتها يدفعن ثمن "الغباء والجبن"
تبنّت وسائل الإعلام والجامعات والحزب الديمقراطي والليبراليون فكرة "معاداة السامية المتفشية"، فمهّدوا الطريق لهلاكهم بأنفسهم. جامعتا كولومبيا وبرينستون، حيث درّست، وجامعة هارفارد، التي درستُ فيها، ليست حواضن للكراهية تجاه اليهود. وصحيفة نيويورك تايمز، التي عملت بها لمدة خمسة عشر عامًا، والتي يصفها ترامب بأنها "عدو الشعب"، تخضع طوعًا للرواية الصهيونية. ما تشترك فيه هذه المؤسسات ليس معاداة السامية، بل الليبرالية. وهذه الليبرالية، بعقيدتها القائمة على التعددية والشمول، مستهدفة من نظامنا السلطوي للمحو التام. إن الخلط بين الغضب من الإبادة الجماعية ومعاداة السامية هو حيلة دنيئة لإسكات الاحتجاج، وإرضاء المتبرعين الصهاينة، وطبقة المليارديرات والمعلنين. هذه المؤسسات الليبرالية، من خلال تسليح مصطلح "معاداة السامية"، قمعت وطردت النقّاد، وحظرت مجموعات طلابية مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام"، و"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وسمحت للشرطة باعتقال المئات من المحتجين السلميين في الحرم الجامعي، وفصلت أساتذة، وتذللت أمام الكونغرس. استخدم مصطلحات مثل "أبارتهايد" أو "إبادة جماعية"، وسيتم فصلك أو تشويهك. في هذه الرواية الخيالية، يُصوَّر اليهود الصهاينة كمضطهدين. أما اليهود الذين يحتجون على الإبادة الجماعية، فيُشوَّهون ويُعاقبون. هناك "يهود جيدون" و"يهود سيئون". فئة تستحق الحماية، وأخرى تُقدّم للذئاب. هذا الانقسام الكريه يفضح المسرحية كلها. في أبريل/ نيسان 2024، أدلت رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، بشهادتها أمام لجنة التعليم في مجلس النواب الأميركي، برفقة عضوين من مجلس الأمناء وأستاذ قانون. قبلت شفيق فرضية أن معاداة السامية تمثّل مشكلة كبيرة في كولومبيا ومؤسسات التعليم العالي الأخرى. وعندما قال ديفيد غرينوالد، الرئيس المشارك لمجلس أمناء كولومبيا، إن شعارات مثل "من النهر إلى البحر" و"تحيا الانتفاضة" معادية للسامية، وافقته شفيق، وقامت بالتخلي عن الطلاب والأساتذة، بمن فيهم البروفيسور يوسف مسعد. في اليوم التالي لجلسة الاستماع، أوقفت شفيق جميع الطلاب المشاركين في الاحتجاجات، واستدعت شرطة نيويورك (NYPD)، التي اعتقلت ما لا يقل عن 108 طلاب. كتبت شفيق في رسالتها للشرطة: "لقد قررت أن المخيم والاضطرابات المرتبطة به تمثل خطرًا واضحًا ومباشرًا على الوظيفة الأساسية للجامعة". لكن رئيس شرطة نيويورك، جون تشيل، قال للصحافة: "الطلاب الذين تم اعتقالهم كانوا سلميين تمامًا، ولم يُبدوا أي مقاومة، وكانوا يعبّرون عن آرائهم بطريقة سلمية". في الجلسة، سألت النائبة إليز ستيفانيك: "ما الإجراء التأديبي الذي اتُخذ ضد تلك الأستاذة؟"، مشيرة إلى أستاذة القانون كاثرين فرانكي. فأجابت شفيق بأن فرانكي، وهي يهودية وقد درّست في كلية القانون 25 عامًا، طُلب منها مغادرة منصبها، وأنها، إلى جانب أساتذة آخرين، تخضع للتحقيق. وأشارت كذلك إلى البروفيسور الزائر محمد عبدو، وقالت إنه "تم فصله"، وتعهدت بأنه "لن يُدرّس في كولومبيا مرة أخرى". عبدو يقاضي الجامعة بتهم التشهير والتمييز والتحرش والخسائر المالية والمهنية. كتب مركز الحقوق الدستورية عن خيانة فرانكي: "في هجوم صارخ على حرية الأكاديميا والدعوة لحقوق الفلسطينيين، دخلت جامعة كولومبيا في "اتفاق" مع كاثرين فرانكي لمغادرة منصبها التدريسي بعد مسيرة حافلة استمرت 25 عامًا. هذه الخطوة -بحسب فرانكي- كانت فصلًا تم تغليفه بعبارات مقبولة". وقد ارتكبت "جريمتها"، حين أعربت عن قلقها من فشل الجامعة في التصدي لتحرشات طلاب إسرائيليين قادمين من الخدمة العسكرية بمؤيدين لحقوق الفلسطينيين، بعد أن رش الإسرائيليون المتظاهرين بمادة كيميائية سامة. على إثر ذلك، تم التحقيق مع فرانكي بتهمة التحرش، وتقرر أنها انتهكت سياسات كولومبيا. السبب الحقيقي لإقصائها كان قمع المعارضة في الجامعة عقب احتجاجات تاريخية ضد إبادة الفلسطينيين في غزة. وقد تم حسم مصير فرانكي عندما تخلّت عنها شفيق خلال شهادتها الجبانة أمام الكونغرس. رغم خضوعها للوبي الصهيوني، استقالت شفيق بعد عام وبضعة أشهر من توليها المنصب. لكن القمع استمر؛ تم اعتقال نحو 80 شخصًا، وتعليق أكثر من 65 طالبًا في أوائل مايو/ أيار بعد احتجاج في مكتبة الجامعة. رئيسة الجامعة المؤقتة، الصحفية السابقة كلير شيبمان، أدانت الاحتجاج بقولها: "لن يتم التسامح مع أي تعطيل للأنشطة الأكاديمية.. كولومبيا تدين بشدة العنف في حرمها، ومعاداة السامية وكل أشكال الكراهية والتمييز". بالطبع، الاسترضاء لا ينفع. لم تكن هذه الحملة، سواء تحت إدارة بايدن أو ترامب، قائمة على حسن النية. بل كانت تهدف لقطع رؤوس منتقدي إسرائيل، وتهميش الطبقة الليبرالية واليسار. إنها مدفوعة بالأكاذيب والتشهير، التي لا تزال هذه المؤسسات تتبناها. مشاهدة هذه المؤسسات الليبرالية، التي تعادي اليسار، وهي تُشهر بها إدارة ترامب بتهم "الماركسيين المجانين" و"اليساريين المتطرفين" و"الشيوعيين"، تكشف فشلًا إضافيًا لهذه الطبقة. كان بإمكان اليسار إنقاذ هذه المؤسسات أو على الأقل تزويدها بالتحليل والشجاعة لاتخاذ موقف مبدئي. اليسار على الأقل يسمّي الأبارتهايد أبارتهايد، والإبادة الجماعية إبادة جماعية. تنشر وسائل الإعلام مقالات وآراء تقبل دون تمحيص مزاعم طلاب وأكاديميين صهاينة. لا تميز بين اليهودي والصهيوني، وتشيطن المحتجين، ولا تغطي المخيمات الطلابية بصدق، حيث اتحد يهود ومسلمون ومسيحيون من أجل قضية واحدة. شعارات مناهضة للصهيونية ومؤيدة للتحرر الفلسطيني تُصنّف باعتبارها خطاب كراهية أو معاداة للسامية أو سببًا لشعورالطلاب اليهود بعدم الأمان. أمثلة من الصحف: نيويورك تايمز: "لماذا تُقلق الاحتجاجات في الحرم الجامعي؟"، "أنا أستاذ في كولومبيا. ما يحدث ليس عدالة"، "ما الذي يجعل احتجاجًا معاديًا للسامية؟". واشنطن بوست: "سمّوا الاحتجاجات الجامعية كما هي"، "اعذروا الطلاب، لا الأساتذة". ذي أتلانتيك: "المخيمات الاحتجاجية غير أخلاقية"، "مشكلة كولومبيا مع معاداة السامية". سلايت: "متى تتجاوز الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين حدود معاداة السامية؟". فوكس: "موجة متصاعدة من معاداة السامية في الجامعات خلال احتجاجات غزة". ماذر جونز: "كيف أشعلت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين معاداة السامية في الجامعات؟". ذا كت: "مشكلة احتجاجات فلسطين في الحرم الجامعي". ديلي بيست: "طفرة في معاداة السامية خلال احتجاجات الجامعات الأميركية". ووفقًا لمذكرة داخلية حصل عليها موقع ذا إنترسبت، طلبت صحيفة نيويورك تايمز من مراسليها تجنّب استخدام كلمات مثل: "مخيمات اللاجئين"، "الأراضي المحتلة"، "مجزرة"، "ذبح"، "إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي" عند الحديث عن فلسطين. بل إنها تثني عن استخدام كلمة "فلسطين" في النصوص والعناوين. في ديسمبر/ كانون الأول 2023، أرسلت حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوشول رسالة لرؤساء الجامعات تحذر فيها من الفشل في إدانة معاداة السامية، متوعدة بعقوبات شديدة. وفي أكتوبر/ تشرين الثاني 2024، قالت في مناسبة تأبينية: "هناك قوانين – قوانين حقوق إنسان، قوانين فدرالية وولائية – سأطبقها إذا سمحتم بالتمييز ضد طلابنا، حتى باستخدام عبارات مثل: "من النهر إلى البحر"، فهي دعوات صريحة لإبادة اليهود". وضغطت هوشول بنجاح على جامعة مدينة نيويورك لإلغاء وظيفة دراسات فلسطينية بسبب مصطلحات مثل: "استعمار استيطاني"، و"إبادة جماعية"، و"أبارتهايد". في كتابه الجديد؛ "معاداة السامية في أميركا: تحذير"، يقود زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر حملة الحزب الديمقراطي لإدانة المحتجين على الإبادة الجماعية باعتبارهم يمارسون "افتراء دمويًا ضد اليهود". ويكتب: "بغض النظر عن وجهة نظرك بشأن الحرب في غزة، لم تكن سياسة الحكومة الإسرائيلية أبدًا إبادة الشعب الفلسطيني"، متجاهلًا مئات التصريحات من مسؤولين إسرائيليين تدعو إلى محو الفلسطينيين. لكن الحقيقة؛ الوحشية مختلفة تمامًا، ومعترف بها من مسؤولين إسرائيليين أنفسهم. قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: "نحن نفكك غزة، ونتركها كأنقاض، دمار شامل لا سابقة له عالميًا. والعالم لا يوقفنا". وقال عضو الكنيست زفي سوكوت للقناة 12: "قتلنا نحو 100 فلسطيني الليلة الماضية… ولا أحد يهتم. تعوّد العالم على قتل 100 فلسطيني في ليلة واحدة خلال الحرب دون أن يكترث أحد". الاستمرار في ترويج خرافة معاداة السامية المنتشرة- التي توجد، ولكن لا تُغذى أو تُشجع من هذه المؤسسات- ورفض قول الحقيقة الموثقة على الهواء مباشرة، حطّم ما تبقى من سلطة أخلاقية لتلك المؤسسات والليبراليين، ومنح مصداقية لمساعي ترامب لتدمير مؤسسات الديمقراطية الليبرالية. يحيط بترامب متعاطفون مع النازيين الجدد، وفاشيون مسيحيون يدينون اليهود لأنهم صلبوا المسيح. لكن معاداة السامية من اليمين تمرّ دون مساءلة لأن هؤلاء "المعادين الجيدين للسامية" يدعمون المشروع الصهيوني الاستيطاني للإبادة: مشروع يرغب هؤلاء الفاشيون في تطبيقه على السود والملونين باسم "نظرية الاستبدال العظيم". ويروج ترامب لفكرة "إبادة البيض" في جنوب أفريقيا. وفي فبراير/ شباط، وقّع أمرًا تنفيذيًا يُسرّع هجرة الأفريكانيين (البيض الجنوب أفريقيين) إلى الولايات المتحدة. جامعة هارفارد، التي تحاول إنقاذ نفسها من هجوم إدارة ترامب، كانت متواطئة تمامًا في هذه الحملة. فقد أدانت رئيسة الجامعة السابقة كلودين غاي شعار: "من النهر إلى البحر" بوصفه يحمل "دلالات تاريخية محددة توحي لكثيرين بإبادة اليهود". وفي يناير/ كانون الثاني 2024، شدّدت الجامعة قواعد الاحتجاجات، وزادت الوجود الأمني، ومنعت 13 طالبًا من التخرج، ووضعت أكثر من 20 آخرين في "إجازة قسرية"، وطردت بعضهم من السكن الجامعي. هذه السياسات انتشرت في جامعات أخرى. ورغم كل هذه التنازلات والقمع لحرية التعبير والنشاط المؤيد لفلسطين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لم تسلم الجامعات من الهجوم. منذ تولي ترامب منصبه، تم تعليق أو تجميد ما لا يقل عن 11 مليار دولار من المنح والعقود الفدرالية البحثية، بما في ذلك 3 مليارات لهارفارد، و400 مليون لكولومبيا، و175 مليونًا لجامعة بنسلفانيا، و6-7.5 ملايين سنويًا لجامعة برانديز. وفي 22 مايو/ أيار، صعّدت إدارة ترامب من هجومها على هارفارد بإلغاء قدرتها على تسجيل طلاب دوليين (يشكّلون نحو 27% من عدد الطلاب). قالت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي، على منصة إكس: "هذه الإدارة تحاسب هارفارد على تحريضها على العنف، ومعاداة السامية، وتنسيقها مع الحزب الشيوعي الصيني في حرمها". وأضافت: "ليكن هذا تحذيرًا لجميع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في البلاد". لقد أساءت هارفارد، مثل كولومبيا والإعلام والحزب الديمقراطي والطبقة الليبرالية، قراءة موازين القوة. ومن خلال رفض الاعتراف بالإبادة الجماعية في غزة، واضطهاد من يفعل، قدمت الذخيرة لجلاديها. وها هي تدفع ثمن غبائها وجبنها.