logo
مسلسلات العائلة.. "البطة السوداء" في الدراما العربية

مسلسلات العائلة.. "البطة السوداء" في الدراما العربية

الميادينمنذ 3 أيام
"العائلة" ليست مادة جاذبة للأعمال الدرامية العربية، ولا للروائيين العرب، ولا لكتّاب السيناريو في عالم الدراما والسينما العربيتين.
أمور لم تعلّمنا إياها الروايات العربية، والأفلام العربية، والمسلسلات العربية. قيمة العائلة. قيمة موعد "اللمّة" حول سُفرة الطعام، ليست في أنها مكان للأكل وهضم الأكل وقرقعة الشوك والملاعق والصحون في أثناء الأكل.
أبداً، ليست سُفرة الطعام مكاناً كهذا، بل مكان يحج إليه كل أفراد العائلة، ليحسوا بأهمية اتحادهم، وأهمية لمّتهم وجَمعتهم حول طاولة واحدة، حتى لو كانت بينهم ما ببن مالك والخمرة من خصومة وهجاء.
هكذا تُوضَع الخلافات والمهاترات والمشكلات كلها بعيداً عن طاولة الطعام، حين يلتئم أفراد العائلة الواحدة حول السُفرة. يجلس الأب إلى رأس الطاولة، والأم إلى رأسها الثاني، ويلتمّ حولهما الأبناء والأصهار و"الكناين" والبنات، يجتمعون كلهم معاً، على رغم كل الخلافات بينهم، كأن الموعد موعد عبادة وميقات صلاة.
الإضاءة على القضايا التي تتعلق بتفاصيل الحياة الأُسرية أمور تجاهلتها الروايات العربية، والأفلام العربية، والدراما العربية، والمسلسلات العربية، وتعاطت معها مثلما تتعاطى مع المخدرات أو مع أمر رذيل وموبق، وكما لو أنها تحط من قيمة الرجل العربي.
إذ قلما نجد، أو ربما لا نجد في كل أعمال الدراما العربية والروايات العربية، الزوجَ الحنون على زوجته، والذي يحضّر بدلاً منها الطعام حين تكون مريضة، أو منهكة، أو متعبة، أو إذا "جايي عبالها" أن تأكل شيئاً يطهوه بيديه، ويضع فيه قبل الملح والبهارات نفَسَه.
وإن وُجد هذا النموذج في الرواية العربية والدراما العربية فيتم وضعه في سياق السخرية من "رجولة" الزوج.
كما لا يوجد في الدراما العربية الزوج الذي يشارك زوجته في إعداد الطعام في سائر أيام الأسبوع، والذي يحب أن يعد، من تلقاء نفسه، قهوة الصباح فيسكب لزوجته فنجاناً يشاركها في شربه.
قلما نجد في الأعمال الدرامية العربية نموذجاً عن الزوج الذي يرافق زوجته إلى كل مواعيدها الطبية عندما تكون حاملاً. إذ نادراً ما نراه جالساً إلى جوارها خائفاً حيناً، إذا كان حملها يمر في مشكلة طبية، أو "يطير" فرحاً عندما يستمع، عبر جهاز الفحص الروتيني للموجات فوق الصوتية، إلى صوت خفقان قلب ابنه في رحمها.
قد لا نجد في كل الأعمال الدرامية العربية صورة جنين يحملها أب معه في محفظته، والأكثر غياباً أو تغييباً أن يسجل الأب، أو الأم، في هاتفها الذكي، صوت خفقات قلب جنينها، يسمعه الأب أو الأم، وكلاهما يتحرق شوقاً إلى احتضان صاحبه.
الزوج الذي يعين زوجته في كل شيء خلال حملها شبه غائب في معظم الأعمال الدرامية والسينمائية العربية. لأن الدراما العربية ترى أن هذا النوع من الأزواج لا يتلاءم مع الصورة النمطية للزوج العربي، والتي تسعى لترويجها: وهو إما على طريقة "سي السيد"، يأمر فيطاع، ويصرّخ فيُهاب، ويجعل كل من في البيت، حتى الهواء الذي تتنفسه زوجاته، وليس زوجة واحدة، يُحسَب له ألف حساب. وهو إما على طريقة الزوج النسونجي الذي ينام في حضن هذه، ويستيقظ بين ذراعي تلك، تاركاً زوجته في البيت "كومة لحم أبيض"، خالية من الروح، وتذبل كلما زاد يوم في روزنامة زيجتها.
الرجل الذي يهتم بكل تفاصيل حمل زوجته، أولاً لأنها زوجته، وحبيبته وصائنة عرضه وشرفه، وفق المفهوم العربي والشرقي للزوجة، وثانياً لأنها تحمل في رحمها قطعة من روحه، ابنه وضناه. هذا الزوج، الذي من صلب مسؤولياته كزوج وأب، أن يدخل غرفة العمليات عند موعد ولادة زوجته، يشد على يدها لما تحاول أن تدفع الجنين، ابنهما، إلى الضوء، والحياة، خارج رحمها، يتعرق مثلها لما يتصبب العرق عن كامل جبينها ووجهها. يكزّ على أسنانه لما تصرخ زوجته من عوارض الطلق، يحبس أنفاسه لما تتوجع، تنزف عيناه دمعهما لما تصرخ.
هذا الرجل/الزوج مغيّب تماماً عن الأعمال الدرامية العربية، حتى لتشعر كأنه غير موجود بين أكثر من 300 مليون عربي. الحمض النووي لهذا الرجل لا يتوافق مع "مُود" الدراما العربية. الحمض النووي الخاص بهذا الزوج تجعله في نظر من يتحكم في إملاء السيناريو على كتّاب الدراما حالة هجينة عن المجتمعات الذكورية العربية، التي يريدونها فقط من خرّيجي النوادي الرياضية، أو خريجي المراقص الليلية، أو خريجي السجون! وإلا فإن الزوج العربي، الذي يعاكس هذا المزاج والتوجه، لا هو منّا ولا نحن منه! له دينه ولنا ديننا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صنع الله إبراهيم... المتمرد يخرج عن النظام والحياة
صنع الله إبراهيم... المتمرد يخرج عن النظام والحياة

الميادين

timeمنذ 2 ساعات

  • الميادين

صنع الله إبراهيم... المتمرد يخرج عن النظام والحياة

صباح 13 آب/أغسطس 2025، أعلنت الدولة المصرية على لسان وزير الثقافة، أحمد فؤاد هنو، وفاة الكاتب والأديب صنع الله إبراهيم (1937 – 2025)، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 88 عاماً. ولعل في الإعلان الرسمي عن الوفاة إشارة واضحة إلى التفات رسمي، ولو متأخر، إلى أهمية وقيمة الرجل في الحياة الثقافية المصرية والعربية، وهو الذي لا يحتاج إلى توثيق حكومي أو شهادة منحتها له الجماهير وأعماله الروائية الخالدة بكل ثقة. وسائل إعلام محلية أعلنت أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وجَّه بعلاج إبراهيم واتخاذ ما يلزم بخصوص حالته الصحية، بعدما تدهورت في آذار/مارس الماضي، ودخل على إثرها المستشفى مرات عديدة، مصاباً بكسر في الحوض، بالإضافة إلى متاعب في الرئتين. هذا التوجيه الرئاسي المعلن عبر مواقع صحفية محلية، إشارة أخرى إلى محاولة إعلام الدولة المصرية الالتصاق بقيمة أديب عارض الأنظمة الحاكمة بشجاعة نادرة وبمواقف لا تُنسى. فمثلاً، لا يمكن نسيان الموقف الذي رسّخه صنع الله إبراهيم ضد المحتل الإسرائيلي، وذلك حين ذهب إلى مقر تسلم جائزة "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي" التي يمنحها "المجلس الأعلى للثقافة" في مصر في 22 تشرين الأول/أكتوبر عام 2003، وفاجأ الجميع بوقوفه على المسرح معلناً رفض الجائزة على الملأ، معتبراً حكومة بلاده، مانحة الجائزة، "لا تملك مصداقية منحها، لأسباب منها إبقاؤها سفير الاحتلال الإسرائيلي، رغم الممارسات الإسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني". صنع الله إبراهيم واحد من أبرز الأسماء الأدبية في مصر منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وله أعمال روائية كثيرة، مثل "ذات" و"اللجنة" و"العمامة والقبعة" و"أمريكانلي" و"بيروت بيروت"، و"تلك الرائحة"، جعلته إحدى القامات في عالم الأدب والثقافة حافلاً بالحضور الدائم المتطور في فن الرواية العربية، فضلاً عن مواقفه السياسية والمبادئية التي تخلده كرمز أدبي ونضالي بارز. مصر اليوم تفقد برحيل صنع الله عموداً بارزاً من أعمدة قوتها الناعمة، باعتباره واحداً من أهم الروائيين العرب في الحقبة الحديثة. إذ ظل صديقاً للأفكار المتمردة، قابضاً على جمر الحرية والتغيير، ولم ينحنِ وهو يرى العالم الذي حلم به يتداعى بقسوة لم يتصورها. فهو قبل أن يكون أديباً لامعاً، كان إنساناً صاحب موقف، يمشي في الحياة بضمير يقظ، لا يهادن ولا يساوم على الحقيقة والمبدأ، ليطرح نموذجاً يؤكد أن الأدب الصادق يمكن أن يكون مقاومة، وأن الصدق يمكن أن يُكتب بحبر من نار. رحل صنع الله إبراهيم، ففقد ضمير الكتابة أحد المتحدثين باسمه، مثقف وطني لم يتاجر بقضية، ولم يتسوَّل على موائد الجوائز، ولم يبع رائحة الوطن بالتماهي مع "الصَّهْينة" وإمساك العصا من المنتصف. في الساعات الأولى لميلاد صنع الله إبراهيم في يوم 24 شباط/فبراير 1937، لم يكن والده قد استقر على اسم مولوده الجديد، لكنه استخار الله، وبعد الاستخارة فتح المصحف، وقال إن أول كلمة ستنزل عليها عينه ستكون اسماً لابنه فكانت "صنع الله"، في الآية 88 من سورة النمل: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۖصُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون..". وكان اسم تدليله بين أسرته "صُنْعُه"، مثلما ينطق المصريون "عَبدُه" إن كان الاسم الأصلي "عبد الله"، لكن مدرِّسيه، مثلما يحكي هو بنفسه، كانوا شديدي الولع بالسخرية من اسمه الغريب، وربما هذا ما كان يبذر في نفسه سلاح مقاومة ضد الطبقية عبر تلك السخريات التي واجهها بسبب اسمه، وربما كان هذا مفتاحاً من مفاتيح تكوينه الروائي، فقد كان الاسم، بالإضافة إلى جسده النحيل الهزيل، على لسان مدرسيه علامة تنمُّر. إذ كان معلمه يسأله صباح كل يوم: "أكلت إيه النهاردة؟"، وبالتبعية يسخر منه بناء على طعامه، ومن ثمَّ يقلل من شأن طبقته الاجتماعية. واستكمالاً لسرد بذور التشكُّل النفسي والروائي للأديب صنع الله إبراهيم، يحكي هو بنفسه مقتطفات من نشأته الملتهبة في حوار صحفي أجرته معه مجلة "الدوحة"، في عدد أيلول/سبتمبر 1985، فيقول: "طفولتي كانت شقية، فقد كان أبي موظفاً من الطبقة الوسطى وكانت زوجته الأولى من المستوى نفسه، وكنت أنا ابن الزوجة الثانية التي كانت أقل اجتماعياً منهما، وكانت تتعامل كممرضة لزوجته الأولى المشلولة". ويضيف: "كانت أمي صغيرة وجميلة ومتعلمة ومتدينة، وكانت حريصة على تسجيل يومياتها، وعانت في حياتها ضغوطاً نفسية قادتها إلى مستشفى الأمراض العقلية وأنا ما زلت في السادسة من عمري، وكان ذلك حكماً على تلك المرحلة المبكرة بالنفي النفسي". لم يعش صنع الله إبراهيم حالة الفخر والتعالي في برج عاجي. تلك التي يعيشها أغلب الكتاب. إذ رأى أن الإلهام والوحي والتيه وما شابه "أكذوبة حطّها الكُتَّاب علشان يعملوا هالة حوالين نفسهم، لكن في النهاية هي شغلانة زي أي شغلانة، لازم يبقى فيه بينك وبينها حالة عشق، لكن هي شغلانة زي الراجل بتاع الجزم/الأحذية اللي بيتفنن أنه يعملك جزمة شكلها حلو، وبعد ما يخلص يقعد يبص لها كدة بإعجاب، هو ده عشق المهنة"، حسب قوله في أحد اللقاءات –القليلة- المصوَّرة معه. الوسط الأدبي المصري والعربي يعزي نفسه في رحيل صنع الله إبراهيم، ولعل ما كتبه الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، كان أصدق تمثيل للحزن الذي أصاب مصر بفقدان صاحب "أمريكانلي" و"بيروت بيروت". إذ نعى عبد المجيد "معلِّمه" قائلاً: "يا إلهي.. رحل صنع الله إبراهيم.. كل كلام الدنيا لا يكفي تعبيراً عن حزني يا مُعلّمنا وصديق العمر الجميل.. إلى جنة الخلد يا صنع الله يا حبيبي.. الدموع تجعلني لا أرى يا حبيبي".

بعد طول انتظار... تايلور سويفت تكشف موعد صدور ألبومها الجديد
بعد طول انتظار... تايلور سويفت تكشف موعد صدور ألبومها الجديد

LBCI

timeمنذ 10 ساعات

  • LBCI

بعد طول انتظار... تايلور سويفت تكشف موعد صدور ألبومها الجديد

كشفت النجمة العالمية تايلور سويفت عن موعد صدور ألبومها الجديد "The Life Of A Showgirl". ونشرت سويفت صورة غلاف ألبومها الجديد، معلنةً أنه سيصدر في 3 تشرين الأول المقبل. كما كشفت سويفت عن قائمة أغاني الألبوم المكوّن من 12 أغنية. And, baby, that's show business for you. New album The Life of a Showgirl. Out October 3 ❤️‍🔥 Album Producers: Max Martin, Shellback and Taylor Swift 📸: Mert Alas & Marcus Piggott — Taylor Swift (@taylorswift13) August 13, 2025

"هي الأكثر تعاسة"... هذا ما كشفته دراسة حول العلاقات الزوجية بعد المواعدة الافتراضية
"هي الأكثر تعاسة"... هذا ما كشفته دراسة حول العلاقات الزوجية بعد المواعدة الافتراضية

LBCI

timeمنذ يوم واحد

  • LBCI

"هي الأكثر تعاسة"... هذا ما كشفته دراسة حول العلاقات الزوجية بعد المواعدة الافتراضية

اكتشف الخبراء أن علاقات الأزواج الذين تعارفوا من خلال تطبيقات المواعدة قد تكون الأقل سعادة، وفق ما نقل موقع " ديلي ميل" البريطاني. وفي التفاصيل، درس الباحثون آلاف العلاقات من كافة أنحاء العالم حيث التقى بشكل عام 21% من المتطوعين بشركائهم عبر الإنترنت. وقال الباحث المشارك آدم بود، من الجامعة الوطنية الأسترالية: "أفاد المشاركون الذين التقوا بشركائهم عبر الإنترنت بانخفاض مستوى رضاهم عن العلاقة وعمق مشاعر الحب، بما في ذلك الشغف والالتزام، مقارنةً بمن التقوا في الحياة الواقعية". وقد تساعد هذه النتائج في تفسير بعض حالات الانفصال الشهيرة، بما في ذلك انفصال المغنية البريطانية ليلي ألين والممثل الأميركي ديفيد هاربور، حيث التقيا عبر تطبيق مواعدة المشاهير "رايا". ووفقًا للباحثين، هناك عوامل عدة قد تفسر نتائج الدراسة، فالأزواج الذين التقوا في الواقع يميلون إلى تقاسم سمات أكثر تشابهًا مقارنة بأولئك الذين التقوا عبر الإنترنت. ونظرًا لاستمرار نمو المواعدة عبر الإنترنت عالميًا، أكّدت نتائج الدراسة على ضرورة تعزيز الدعم لتحسين جودة العلاقات بين الأزواج، وخاصةً أولئك الذين التقوا بشركائهم عبر الإنترنت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store