logo
الأردن يجلي "الدفعة الأكبر" من الأطفال المرضى والمصابين من غزة، ومنظمات أممية تقول: "الأطفال يموتون أمام أعيننا"

الأردن يجلي "الدفعة الأكبر" من الأطفال المرضى والمصابين من غزة، ومنظمات أممية تقول: "الأطفال يموتون أمام أعيننا"

الوسطمنذ يوم واحد
Getty Images
عناصر من قوات الأمن الأردني خلال استقبال طفل فلسطيني مريض أجلي من قطاع غزة لتلقي العلاج في المملكة
أجلى الأردن "الدفعة الأكبر" من الأطفال المرضى والمصابين من غزة، منذ بدء مبادرته في مارس/آذار الماضي، في وقت دعت منظمة الصحة العالمية مزيداً من الدول لاستقبال أكثر من 10 آلاف شخص بـ "حاجة لإجلاء طبي".
وبلغ عدد الأطفال الذين أجلوا الأربعاء، 35 طفلاً برفقة 72 من ذويهم من قطاع غزة، إذ تم إجلاؤهم براً عبر جسر الملك الحسين، "وفق إجراءات محكمة وبإشراف الفرق المختصة إلى الأردن ضمن مبادرة الممر الطبي الأردني، ووزّعوا على عدد من المستشفيات الخاصة في المملكة".
وقال رئيس جمعية المستشفيات الخاصة، فوزي الحموري، لبي بي سي، إن هؤلاء الأطفال "يعانون من إصابات متنوعة"، موضحاً أن "الأطفال الذي تم إجلاؤهم يعانون من مجموعة من الحالات المعقّدة، أبرزها تشوهات خلقية أو مكتسبة في القلب، وإصابات بالرأس وشظايا في مناطق مختلفة بالجسم، وإصابات في الأعيُن، إضافة إلى حالات بتر الأطراف العلوية والسفلية التي تستدعي تركيب أطراف صناعية متقدمة".
وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال "بين أقل من عام واحد وحتى عمر الـ 18 عاماً"، وفق الحموري.
وتعليقاً على أن هذه الدفعة تعد الأكبر من حيث أعداد المرضى الذين تم إجلاؤهم منذ انطلاق المبادرة، يقول الحموري: "واجهنا خلال الدفعات السابقة - وبما فيها هذه الدفعة - الكثير من الصعوبات والتحديات للحصول على موافقات الجيش الإسرائيلي"، إضافة إلى "محدودية قدرة الصحة العالمية على إجلاء أعداد أكبر بسبب الأوضاع غير الآمنة في قطاع غزة وتدمير البنية التحتية، إذ لا توجد طرق صالحة لمرور وسائل النقل".
وأضاف أن "العديد من الأطفال وذويهم من الذين كان مبرمجاً لهم أن يحضروا إلى الأردن لتلقي العلاج، استشهدوا بسبب تأخّر إجلائهم وتعرضهم لمضاعفات ونتيجة للقصف المستمر على قطاع غزة" على حد تعبيره.
وفي سؤال بشأن ما إذا كان سيتمّ إعادة هؤلاء الأطفال إلى القطاع بعد تلقي العلاج، قال الحموري: "تتم إعادتهم بعد الانتهاء التام من معالجتهم والتأكد بأن حالتهم الصحية تسمح بعودتهم"، مؤكداً أن "الأردن يلتزم بثوابت واضحة وفي مقدمتها رفض التهجير القسري، إذ يتعامل مع هذه المبادرة من منطلق إنساني بحت، مع العلم أن آلية الإجلاء والعودة تتم بالتنسيق الكامل مع الخدمات الطبية الملكية الأردنية، ضمن ترتيبات تضمن سلامة المرضى وكرامتهم".
وبلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين تم إجلاؤهم من غزة إلى مستشفيات خاصة في الأردن إلى 112 طفلاً منذ انطلاق المبادرة، إضافة إلى 241 مرافقاً، وفق جمعية المستشفيات الخاصة في المملكة.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قد أعلن خلال لقائه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في واشنطن، في 11 فبراير/ شباط الماضي، عزم بلاده إجلاء نحو 2000 طفل مريض في غزة إلى الأردن لتلقي العلاج.
دعوة أممية لاستقبال مرضى غزة
في غضون ذلك، دعت منظمة الصحة العالمية الأربعاء، مزيداً من الدول إلى استقبال وعلاج مرضى قطاع غزة، بعد الإجلاء الطبي لمجموعة من المرضى غالبيتهم من الأطفال إلى الأردن.
وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على منصة إكس: "أشرفت منظمة الصحة العالمية اليوم على عملية الإجلاء الطبي لـ 35 مريضا معظمهم أطفال، من غزة إلى الأردن برفقة 72 شخصاً من أفراد عائلاتهم".
وأضاف: "نحن ممتنون لحكومة الأردن على دعمها المتواصل وتوفيرها الرعاية المتخصصة للمرضى ذوي الحالات الحرجة"، مشيراً إلى أنه "لا يزال أكثر من 10000 شخص في غزة بحاجة إلى الإجلاء الطبي" ودعا "مزيداً من الدول إلى قبول المرضى للإجلاء الطبي - فأرواحهم تعتمد على ذلك. كثيرون ينتظرون".
Getty Images
قدما طفل فلسطيني مريض داخل مستشفيات الخدمات الطبية الملكية في عمّان بعد إجلائه من غزة
"الأطفال يموتون أمام أعيننا"
كما حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس/ آذار ويونيو/حزيران، نتيجة "للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة".
وأجرت المراكز الصحية والنقاط الطبية التابعة لأونروا، في الفترة المذكورة، ما يقرب من 74 ألف فحص للأطفال للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم.
وعالجت أونروا أكثر من 3500 طفل في غزة هذا العام من سوء التغذية، وقدمت الوكالة الأممية أكثر من 9 ملايين استشارة صحية منذ بداية الحرب، وهي تقدم حاليا قرابة 15 ألف استشارة يوميا، بحسب بيان لها.
وأكدت أنه "لا يمكن لأي شريك صحي آخر في غزة تقديم الرعاية الصحية الأولية بهذا الحجم". إلا أن أونروا حذّرت من أن استمرارها في تقديم الخدمات يزداد صعوبة.
وأشارت إلى أن ما لا يقل عن 188 من منشآتها - أي أكثر من نصف جميع منشآت أونروا في قطاع غزة – "تقع داخل المنطقة العسكرية الإسرائيلية، أو في المناطق الخاضعة لأوامر التهجير، أو حيث تتداخل هذه الأوامر".
وقالت إن ستة فقط من مراكزها الصحية و22 نقطة طبية تابعة لها لا تزال تعمل، إضافة إلى 22 نقطة طبية متنقلة داخل وخارج الملاجئ التي تديرها.
وأكدت أونروا أن خدماتها الطبية تعاني من نقص حاد في الموارد، محذرة من أن 57 بالمئة من الإمدادات الطبية الأساسية قد نفدت لديها، ومشددة على أن "الأطفال يموتون أمام أعيننا، لأننا لا نملك الإمدادات الطبية أو الغذاء المستدام لعلاجهم".
وأضافت الوكالة أنه بسبب المنع الإسرائيلي، نفدت الآن أدوية ضغط الدم، والأدوية المضادة للطفيليات، والأدوية المضادة للفطريات، وأدوية التهابات العيون، وجميع علاجات الجلد، والمضادات الحيوية الفموية للبالغين.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود حذّرت قبل أيام من أن فرقها في غزة تلاحظ ارتفاعاً في مستويات سوء التغذية الحاد في القطاع الفلسطيني المحاصر الذي دمرته الحرب.
وقالت المنظمة غير الحكومية إن حالات سوء التغذية الحاد شهدت "ارتفاعاً غير مسبوق" في اثنتين من عياداتها في قطاع غزة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟
ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟

الوسط

timeمنذ 38 دقائق

  • الوسط

ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟

لطالما أغفل العلم ما يعرف بمرحلة "الطفولة المتوسطة"، بين سن السادسة والثانية عشرة، وهي فترة تحول عميقة تُهيئ الأطفال للنمو. إليكم ما يدور في أذهانهم خلال هذه الفترة المضطربة، وكيفية التعامل معها؟ بدأت أول تمرداتي الصغيرة عندما كنت في السادسة من عمري تقريباً. كنت قد حضرت للتو حفلة عيد ميلاد في قاعة القرية المحلية، مع مجموعة من الأطفال الذين بالكاد أعرفهم. وصلوا جميعاً مع أصدقائهم، وشعرت بالخجل والعزلة. عندما عدت إلى المنزل، كنت في حالة مزاجية سيئة للغاية. لا أتذكر ما طلبته مني أمي، لكنني أتذكر بوضوح أن ردي عليها كان حاداً للغاية. ثم انصرفتُ غاضباً، تاركاً إياها عاجزة عن الكلام. ماذا حدث لابنها الصغير المبتهج؟ ربما كانت والدتي لتتفاجأ بدرجة أقل، لو كنا نعيش في بلد ناطق بالألمانية. ففي اللغة الألمانية هناك مصطلح شائع هو Wackelzahnpubertät، الذي يعني حرفياً "بلوغ مرحلة الأسنان المتذبذبة (المتخلخلة)"، ويصف كيف يبدأ الأطفال في سن السادسة بإظهار المزاج السيئ، الذي يشبه إلى حد كبير مرحلة المراهقة. "السلوك العدواني، والنشاط المتمرد، والحزن العميق هي سمات مميزة لبلوغ مرحلة الأسنان المتخلخلة"، هكذا وصفتها مجلة Wunderkind الألمانية. (تابع القراءة حتى نهاية المقال للاطلاع على نصائح عملية تساعد الوالدين على التعامل مع هذه التغيرات السلوكية). وعلى عكس "البلوغ الحقيقي"، فإن بلوغ الأسنان المتخلخلة لا تحركه التغيرات الهرمونية، بل يتزامن مع بداية ما يُعرف بـ"الطفولة الوسطى"، وهي مرحلة من التحول النفسي العميق، حيث يبدأ الدماغ بوضع الأسس التي تقوم عليها الأفكار والمشاعر الأكثر نضجاً. تقول إيفلين أنتوني، طالبة الدكتوراه في علم النفس بجامعة دورهام بالمملكة المتحدة: "إنها مرحلة حاسمة حقاً، حيث يبني الطفل هويته، ويحاول تحديد هويته في علاقته بالآخرين". وتضيف: "كما أن عالمه العاطفي يتوسع أيضاً". في حين أن مرحلتي الرضاعة والمراهقة مفهومتان جيداً الآن، إلا أن مرحلة الطفولة المتوسطة - التي تمتد من سن السادسة إلى الثانية عشرة - لا تزال نسية في كثير من الدراسات العلمية. ويذهب بعض علماء النفس إلى حد وصفها بـ"سنواتنا المنسية". تقول أنتوني: "تركز الكثير من الأبحاث على السنوات الأولى، عندما يتحدث الأطفال ويمشون، ثم في مرحلة المراهقة عندما يكون هناك قدر أكبر من التمرد. لكن ما نعرفه عن مرحلة الطفولة الوسطى أقل". يتغير هذا الوضع الآن، مع وجود أبحاث جديدة تحدد الخصائص الأساسية للتحول العقلي لدى الأطفال. يتضمن هذا التحول قدرة أكبر على التفكير في مشاعرهم وتعديلها عند الحاجة، إلى جانب "نظرية عقلية متقدمة" تسمح لهم بالتفكير بشكل أكثر تعقيداً في سلوكيات الآخرين والاستجابة بشكل مناسب. يبدأون أيضاً بإتقان أساسيات التفكير العقلاني والاستنتاج المنطقي، ما يُمكّنهم من تحمّل مسؤولية أكبر عن أفعالهم، ولهذا السبب يُعرف هذا المصطلح في فرنسا باسم "سن العقل". كما يُوضّح مفهوم "بلوغ الأسنان المتخلخلة"، قد يصاحب بداية مرحلة الطفولة الوسطى بعض آلام النمو، لكن الفهم الأعمق للتغيرات العصبية والنفسية المصاحبة يُقدّم رؤى جديدة، حول أفضل السبل لدعم الطفل طوال هذه الرحلة. Getty Images مع بداية مرحلة الطفولة الوسطى، يكون معظم الأطفال قد أحرزوا تقدماً هائلاً في قدرتهم على التحكم في مشاعرهم لنبدأ بالتنظيم العاطفي. مع بداية مرحلة الطفولة الوسطى، يكون معظم الأطفال قد أحرزوا تقدماً هائلاً في قدرتهم على التحكم في مشاعرهم. ففي مرحلة الرضاعة كانوا يعتمدون كلياً على البالغين من حولهم لتهدئة مشاعر القلق، والتي غالباً ما تكون ناجمة عن ضغوطات جسدية، مثل الجوع أو التعب أو المغص. خلال السنوات القليلة التالية، يطورون مجموعة أكثر تنوعاً من المشاعر التي تشمل الفرح والغضب والخوف، لكنهم لا يعرفون كيفية التحكم بها، مما يؤدي إلى نوبات الغضب الشهيرة الصاخبة. لكن مع بداية تطور اللغة عند الطفل، تبدأ بعض العواصف العاطفية بالانحسار. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تسمح للطفل بالتعبير عن احتياجاته بدقة أكبر، مما يسمح للآخرين بالاستجابة بشكل مناسب قبل أن يتفاقم الإحباط. فلا داعي للصراخ عندما تريد المزيد من الطعام، إذا كان بإمكانك ببساطة قول: "أنا جائع"، وسيستجيب شخص بالغ حنون. والأهم من ذلك، أن استخدام الكلمات لتسمية المشاعر قد يحمل أثراً فورياً أعمق: فمجرد تسمية الشعور تغير الطريقة التي يتفاعل بها الدماغ معه، حيث يتم تنشيط مناطق في قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التفكير المجرد، بينما تهدأ اللوزة الدماغية، وهي الجزء المسؤول عن الاستجابة العاطفية الفطرية. لكن مع بلوغ الطفل سن الخامسة أو السادسة، يواجه تحديات جديدة تضع فهمه العاطفي على المحك، كما تقول أنتوني وباحثون آخرون. وبدلاً من الاعتماد على البالغين لتوجيه كل تصرفاتهم، يُتوقع منهم أن يتمتعوا باستقلالية أكبر، مما يخلق حالة من عدم اليقين والغموض قد تُولّد الإحباط. فيجب عليهم تكوين صداقات بأنفسهم، والتوافق مع من لا يحبونهم، وطاعة قواعد البالغين. وكما توضح أنتوني، فإنهم يُطورون أيضاً شعوراً أقوى بالذات، مع الحاجة إلى تحديد هويتهم في مواجهة الآخرين. هذا التحول قد يدفع قدرة الطفل على تنظيم مشاعره إلى أقصى حدودها، وقد يؤدي إلى تقلبات مزاجية مرتبطة بما يُسمى بـ"بلوغ الأسنان المتخلخلة"، فيصبح الطفل أحياناً حزيناً ومتعلقاً بأهله، وأحياناً ينفجر غضباً بلا مقدمات. لحسن الحظ، تواكب أدمغة الأطفال بسرعة المتطلبات الجديدة. عادةً ما تتضمن هذه العملية تطوير مفردات أوسع لوصف وفهم ما يشعرون به، بما في ذلك مفهوم المشاعر المُختلطة. (بحلول سن التاسعة، يستطيع معظم الأطفال إدراك أن النهاية المُرّة والحلوة لفيلم ديزني "حورية البحر الصغيرة" تجمع بين الفرح والحزن، على سبيل المثال). كما يتعلمون استراتيجيات جديدة لتنظيم مشاعرهم بأنفسهم، دون الاعتماد على أحد الوالدين أو البالغين لتهدئتهم. خلال مرحلة الطفولة المتوسطة، يصبح الأطفال أكثر مهارة في استخدام "إعادة التقييم المعرفي"، أي تغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى حدث ما لتخفيف تأثيره العاطفي. فعندما يواجه الطفل صعوبة في أداء مهمة مدرسية، على سبيل المثال، فقد يبدأ بالتفكير "لا أستطيع فعل هذا" أو "أنا غبي" أو قد يدرك أن إحباطه يحفزه على تبني استراتيجية جديدة، من المرجح أن تهدئ غضبه وتعزز مثابرته. وجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من هذا النضج العاطفي يأتي من مراقبة الكبار المحيطين بالطفل. تقول أنتوني: "الأطفال يتعلمون من الطريقة التي يتعامل بها آباؤهم مع الخلافات والمشاكل المختلفة التي تواجههم في حياتهم اليومية". البحث عن الصداقة Getty Images يجب على الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسطة تكوين صداقات بأنفسهم يتغير العالم الاجتماعي للطفل أيضاً. توضح سيمون دوبيلار، باحثة ما بعد الدكتوراه في علم النفس التنموي والتربوي بجامعة لايدن في هولندا، قائلةً: "مرحلة الطفولة الوسطى هي الفترة التي تبدأ فيها الصداقات المتبادلة بالتطور". بمعنى آخر، يبدأ الأطفال بفهم مبدأ الأخذ والعطاء في العلاقات، الذي يُصبح محوراً رئيسياً في حياتهم. و"يبدأ الأطفال بقضاء المزيد من الوقت مع أقرانهم داخل وخارج المدرسة". خلال مرحلة الطفولة الوسطى، يبني الأطفال على هذه المهارات الاجتماعية والرؤى العقلية لتتبع أفكار ومشاعر الكثيرين. اختبار "سالي وآني" بحلول سن الخامسة، يمتلك معظم الأطفال ما يُعرف بـ"نظرية العقل"، وهي القدرة على إدراك أن لكل شخص حالة ذهنية فريدة، وأن الآخر قد يعرف شيئاً لا تعرفه، أو يجهل شيئاً تعرفه أنت. ويُقاس هذا عادةً من خلال اختبار "سالي وآني" الشهير: يُطلب من الطفل مشاهدة رسوم كرتونية تُظهر فتاة تُدعى "آني" تحرّك كرة زجاجية (ماربل) من سلة صديقتها "سالي" إلى صندوق، بينما كانت سالي خارج الغرفة. ثم يُسأل الطفل: "أين ستبحث سالي عن كرتها؟". الكثير من الأطفال الصغار يجيبون بـ"الصندوق"، لأنهم يعرفون أن الكرة قد نُقلت، ويفترضون أن سالي تعرف ذلك أيضاً. لكن بحلول الخامسة تقريياً، يتمكن معظم الأطفال من فهم أن سالي لا تعلم ما حدث، وأنها ستبحث في السلة. مثال توضيحي: تخيل قصة عن طفل يُدعى "نيك"، يريد الانضمام إلى فريق كرة القدم، لكنه لا يعتقد أنه سينجح في الانضمام. المدرب يعلم أن نيك متردد، لكنه يرغب فعلاً في ضمه للفريق. بعد اتخاذ القرار، يُطرح السؤال: "هل يعرف المدرب أن نيك لا يعلم أنه تم اختياره للفريق؟" (الإجابة الصحيحة: نعم). للإجابة على هذا السؤال، يحتاج الطفل إلى تقييم ما يعرفه المدرب عن معرفة نيك برأي المدرب، وهي عملية عقلية تُعرف بـ"التفكير التكراري" (recursive thinking)، أي تفكير ضمن تفكير. هذا النوع من التفكير ضروري لتفهم: - من يعرف السر؟ - كيف ينتشر القيل والقال في ساحة المدرسة؟ - من يحاول خداعنا في لعبة عبر "خدعة مزدوجة"؟ ومع ذلك، لم يكن واضحاً للعلماء حتى وقت قريب متى يبدأ الأطفال في تطوير هذا النوع من التفكير. في دراسة حديثة، قام كل من كريستوفر أوسترهوس (جامعة فشتا) وسوزان كوربر (جامعة فرايبورغ) بمتابعة 161 طفلاً من عمر خمس سنوات، لقياس تطور "نظرية العقل" لديهم خلال خمس سنوات لاحقة. أظهرت البيانات ارتفاعاً حاداً في قدرات الأطفال ما بين سن الخامسة والسابعة، قبل أن يبدأ الأداء في الاستقرار. يقول أوسترهوس: "لو كان الأمر مجرد تحسّن تدريجي في مواجهة تعقيد المهام، لكانت الزيادة أكثر اتساقاً. لكن ما نراه هو قفزة مفاهيمية واضحة". نتائج اجتماعية إيجابية تشير الأبحاث إلى أن لهذه القفزة العقلية آثاراً إيجابية فورية على الحياة الاجتماعية للأطفال ورفاههم. يقول أوسترهاوس: "وجدنا أنه كلما ارتفع مستوى تفكيرهم الاجتماعي، انخفض شعورهم بالوحدة. ربما يجدون سهولة أكبر في تكوين صداقات أو الانخراط في صداقات أعمق". على هذا المنوال، تشير أبحاث دوبيلار إلى أن زيادة الحساسية ترتبط بسلوك اجتماعي أكثر إيجابية، مثل التصرف بلطف شديد مع شخص يشعر بالاستبعاد. لدراسة هذا، أجرت تجربة تحاكي نوع التنمر البسيط الشائع جداً للأسف في العديد من الملاعب. لاختبار هذا، أعدّت دوبيلار تجربة قائمة على لعبة فيديو بسيطة تُدعى Cyberball، حيث يتبادل أربعة لاعبين الكرة فيما بينهم. لكن ما لا يعرفه المشاركون أن ثلاثة من اللاعبين عبارة عن شخصيات افتراضية يتحكم فيها الحاسوب، واثنان منهم يمكن برمجتهما لتجاهل اللاعب الرابع وعدم تمرير الكرة إليه. لاحظت دوبيلار أن الأطفال الأصغر سناً أبدوا حساسية أقل تجاه الظلم. لكن مع التقدم في مرحلة الطفولة الوسطى، بدأ العديد من الأطفال باستخدام دورهم في اللعب لتمرير الكرة إلى "اللاعب المُهمّش"، في إشارة بسيطة إلى التعاطف والتضامن. باستخدام فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي لأدمغة الأطفال، وجدت دوبيلار وزملاؤها أن هذا يرتبط ببعض التغيرات المميزة في النشاط العصبي، مما يشير إلى انخفاض التركيز على أنفسهم، وربما زيادة التركيز على الآخرين. وتقول: "قد يكون ذلك بسبب زيادة مهارات تقبل وجهات النظر"، حيث أصبحت أدمغة الأطفال النامية قادرة على مراعاة مشاعر "الروبوت المُتنمر عليه". Getty Images يمكن للبالغين في حياة الطفل تسهيل تطوير التنظيم العاطفي، من خلال محادثات منتظمة يمكن أن تمنع نوبات الغضب بداية الشك الذاتي رغم الفوائد الكبيرة لتطور التفكير الاجتماعي لدى الأطفال، فإن له جانباً آخر أكثر تعقيداً: زيادة الوعي بالذات، وما يصاحبه من شكوك في الذات. لننظر إلى دراسة حول "فجوة الإعجاب"، التي تصف ميلنا إلى التقليل من قدر مدى إعجاب شخص آخر بنا، مقارنةً بمدى إعجابنا به. وجدت دراسة حديثة أجراها ووتر وولف، الذي يعمل حالياً في جامعة أوتريخت، أن فجوة الإعجاب تظهر لأول مرة في سن الخامسة وتزداد باطراد خلال مرحلة الطفولة الوسطى. فكلما زادت قدرة الطفل على استيعاب الحياة النفسية للآخرين، زاد قلقه من أن نظرتهم إليه قد لا تكون إيجابية كما يأمل. أعتقد أن هذا قد يفسر مزاجي السيئ في الحفلة (المشار إليه في بداية المقال)، كانت تلك أول تجربة لي مع الشعور بالوعي الذاتي والوحدة، ولم أكن أملك بعد الكلمات للتعبير عن سبب شعوري بالحزن والغضب، أو المهارات اللازمة للتغلب على فجوة الإعجاب وبناء صداقات جديدة مع أشخاص لم أكن أعرفهم جيداً. قوة الحوار يمكن للبالغين في حياة الطفل تسهيل تطوير هذه المهارات من خلال المحادثات المنتظمة. على سبيل المثال، تشير أنتوني إلى بحث يُظهر قوة "التدريب العاطفي". يتضمن هذا الاستماع إلى الطفل دون إصدار أحكام، والتحقق من صحة ما يشعر به، ثم اقتراح طرق للمضي قدماً بإيجابية. تقول: "لا يتعلق الأمر بمحاولة البالغ إصلاح كل شيء بالنسبة للطفل، بل بتوجيهه خلال عملية إدارة مشاعره". قد يُشجع البالغ الطفل على إعادة التقييم المعرفي، على سبيل المثال، من خلال توضيح كيفية تفسير حدث مزعج في البداية بطرق مختلفة. قد يُطبق الطفل هذا بعد ذلك عندما يكون منزعجاً في المرة اللاحقة، مما يُسلحه ضد الضغوط المستقبلية. يمكن للوالد أو المعلم أيضاً التحدث عن المعضلات الاجتماعية، سواء في الحياة الواقعية أو في الخيال. يقول أوسترهاوس: "قد تسألهم: لماذا تصرف هذا الشخص بهذه الطريقة؟ لماذا قال كذا؟". ويضيف أن هذا يساعدهم على التفكير ملياً في الحالات النفسية للآخرين، مما يُشجع على تطوير نظرية العقل لديهم. أحياناً، يتقارب النهجان بشكل طبيعي. إذا تعرض طفل للصدمة بسبب وقاحة صديقه المقرب، فقد يشجعه على التساؤل عن الأسباب المحتملة لهذا السلوك السيئ. ربما كان متعباً أو يمر بيوم عصيب؛ ربما لم يكن الأمر شخصياً، ويمكن التعامل معه بتعاطف لا بغضب. ومثل أي مهارات تستحق التعلم، تحتاج هذه القدرات إلى ممارسة مستمرة. ومع ذلك، خلال العديد من هذه اللحظات، سيكون الطفل مستعداً جيداً لفهم عقله وعقول الآخرين، ما يُرشده بشكل جيد إلى ما بعد مرحلة "بلوغ الأسنان المتخلخلة" إلى مغامرات مرحلة المراهقة وما بعدها.

أطفال من حمض نووي لثلاثة أشخاص، اختراق طبي للقضاء على مرض وراثي مميت
أطفال من حمض نووي لثلاثة أشخاص، اختراق طبي للقضاء على مرض وراثي مميت

الوسط

timeمنذ 8 ساعات

  • الوسط

أطفال من حمض نووي لثلاثة أشخاص، اختراق طبي للقضاء على مرض وراثي مميت

Getty Images وُلد ثمانية أطفال في المملكة المتحدة باستخدام مواد وراثية من ثلاثة أشخاص للوقاية من أمراض غالباً ما تكون مميتة، وفقاً لمجموعة من الأطباء البريطانيين. وابتكر علماء بريطانيون هذه الطريقة، التي تجمع بين بويضة أم والحيوان المنوي لأب مع بويضة ثانية من امرأة متبرعة. وتعد هذه التقنية قانونية في بريطانيا منذ عقد من الزمان، لكن الملاحظة المهمة هي أنه أصبح لدينا الآن أول دليل على أنها تُؤدي إلى ولادة أطفال لا يعانون من أمراض الميتوكوندريا المُستعصية – وهي عدم قدرة خلايا الجسم على إنتاج الطاقة الكافية، ولا يوجد علاج شافٍ لها حتى الآن. وعادةً ما تنتقل هذه الأمراض من الأم إلى الطفل، وهو ما يحرم الجسم من الطاقة اللازمة. ويُسبب ذلك إعاقة شديدة، قد تؤدي إلى موت بعض الأطفال في غضون أيام من الولادة. وعادة ما يدرك الأزواج أنهم وأبناءهم الذين لا يزالون في مرحلة التكوين داخل الرحم مُعرضون للخطر إذا كان أطفالهم السابقون أو أفراد أسرهم أو الأم قد تأثروا بالمرض هذا من قبل. ويرث الأطفال المولودون بتقنية التلقيح الثلاثي معظم حمضهم النووي (DNA)، أي بصمتهم الجينية، من والديهم، لكنهم يحصلون أيضاً على نسبة ضئيلة من الحمض النووي، حوالي 0.1 في المئة، من بويضة امرأة ثانية. وعادة ما يصبح هذا التغيير متوارثٌ عبر الأجيال. ولم يصدر تصريح رسمي علني من أيٌّ من العائلات التي خضعت لهذه العملية حماية لخصوصيتها، لكن صدرت بيانات مجهولة المصدر من خلال مركز نيوكاسل للخصوبة حيث أُجريت العمليات. "غمرنا الامتنان" قالت والدة إحدى الأطفال المولودين بهذه التقنية: "بعد سنواتٍ من عدم اليقين، منحنا هذا العلاج الأمل، ثم أنجبنا طفلتنا". وأضافت: "ننظر إليهم الآن، مليئين بالحياة والأمل، ويغمرنا الامتنان". وقالت والدة رضيع آخر وُلد بهذه التقنية: "بفضل هذا التقدم المذهل والدعم الذي تلقيناه، اكتملت عائلتنا الصغيرة". وأضافت: "لقد رُفع العبء النفسي لمرض الميتوكوندريا، وحل محله الأمل والفرح والامتنان العميق". والميتوكوندريا هي عبارة عن هياكل صغيرة داخل كل خلية من خلايا أجسامنا، وهي المسؤولة عن تنفسنا، إذ تستخدم الأكسجين لتحويل الغذاء إلى الطاقة التي تستخدمها أجسامنا كوقود. ويمكن أن يؤدي خلل الميتوكوندريا إلى نقص الطاقة الكافية للجسم للحفاظ على نبض القلب، بالإضافة إلى التسبب في تلف الدماغ، والنوبات القلبية، والعمى، وضعف العضلات، وفشل الأعضاء. وبحسب الإحصائيات الطبية، يولد طفل واحد تقريبا من كل 5000 طفل مصاباً بمرض الميتوكوندريا. ويتوقع الفريق الطبي الذي أجرى وأشرف على العمليات بهذه التقنية في مركز نيوكاسل للخصوبة، أن يكون هناك طلب على 20 إلى 30 طفلاً باستخدام تقنية الحمض النووي لثلاثة أشخاص كل عام. ويواجه بعض الآباء معاناة وفاة العديد من أطفالهم بسبب هذه الأمراض. إذ تنتقل الميتوكوندريا من الأم إلى الطفل فقط. لذا، فإن تقنية الخصوبة الرائدة هذه تستخدم الحيوان المنوي والبويضة للأبوين وميتوكوندريا سليمة من بويضة امرأة ثانية متبرعة. وقد طُوِّرت هذه التقنية قبل أكثر من عقد في جامعة نيوكاسل ومستشفيات "نيوكاسل أبون تاين" التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، وافتتحت هذه الخدمة المتخصصة ضمن الخدمات التي تقدمها الهيئة عام 2017. BBC وتُخصَّب بويضات كلٍّ من الأم والمراة المتبرعة في المختبر باستخدام الحيوانات المنوية للأب. وتتطور الأجنة حتى يُشكِّل الحمض النووي من الحيوان المنوي والبويضة زوجاً من الهياكل يُسمَّى برو نيوكلاي "النوى الأولية). وتحتوي هذه الهياكل على مخططات بناء جسم الإنسان، مثل لون الشعر والطول. وتُزال هذه النوى الأولية من كلا الجنينين، ويُوضَع الحمض النووي للوالدين داخل الجنين المليء بالميتوكوندريا السليمة. ويرتبط الطفل الناتج وراثياً بوالديه، لكن يُفترض أن يكون خالياً من أمراض الميتوكوندريا. وأظهر تقريران، نُشرا في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية، أن 22 عائلة خضعت لهذه العملية في مركز نيوكاسل للخصوبة. وأدت هذه العملية إلى ولادة أربعة أولاد وأربع فتيات، بينهم زوج من التوائم، وطفل واحد لا يزال في مرحلة الحمل. وقال البروفيسور بوبي ماكفارلاند، مدير خدمة اضطرابات الميتوكوندريا النادرة عالية التخصص في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، لبي بي سي: "من الرائع رؤية الارتياح والفرح على وجوه آباء هؤلاء الأطفال بعد طول انتظار وخوف من العواقب، وأن نرى أيضا هؤلاء الأطفال أحياءً، ينمون ويكبرون بشكل طبيعي". وقد وُلد جميع هؤلاء الأطفال خاليين من أمراض الميتوكوندريا، وحققوا مراحل نموهم المتوقعة. Getty Images وقد عانى أحد الأطفال من حالة صرع، لكنه شُفي من تلقاء نفسه، ويعاني حاليا أحد الأطفال من اضطراب في نظم القلب، ويجري علاجه بنجاح. ولا يُعتقد أن هذه الحالات مرتبطة بخلل في الميتوكوندريا. ومن غير المعروف ما إذا كان هذا جزءاً من المخاطر المعروفة للتلقيح الاصطناعي، أو أنه أمر خاص بطريقة تقنية الحمض النووي لثلاثة أشخاص، أو أنه مجرد شيئ اكتشف لأن صحة جميع الأطفال المولودين بهذه التقنية تخضع لمراقبة دقيقة. ومن الأسئلة الرئيسية الأخرى التي تُطرح حول هذا التقنية ما إذا كانت الميتوكوندريا المعيبة ستنتقل إلى الجنين السليم، وما هي العواقب المحتملة لذلك. وقد أظهرت النتائج أنه في خمس حالات، كانت الميتوكوندريا المريضة غير موجودة (أي أنها لا تظهر بالفحص). وفي الحالات الثلاث الأخرى، كانت نسبة الميتوكوندريا المعيبة في عينات الدم والبول تتراوح بين 5 - و2 في المئة. وهذا أقل من مستوى 80 في المئة الذي يُعتقد أنه يُسبب المرض. وسيتطلب الأمر مزيداً من العمل لفهم سبب حدوث ذلك وما إذا كان من الممكن الوقاية منه. Getty Images صورة للميتوكوندريا التقطت بالمجهر - ويوجد ما يصل إلى نصف مليون منها في البويضة المخصبة وصرحت البروفيسورة، ماري هربرت، من جامعة نيوكاسل وجامعة موناش: "تبعث النتائج على التفاؤل. ومع ذلك، فإن البحث لفهم قيود تقنيات التبرع بالميتوكوندريا بشكل أفضل سيكون ضرورياً لتحسين نتائج العلاج بشكل أكبر". ويمنح هذا الاكتشاف الأمل لعائلة كات كيتو، التي تعاني ابنتها الصغرى، بوبي، البالغة من العمر 14 عاما، من المرض. كما ان ابنتها الكبرى ليلي، البالغة من العمر 16 عاما، قد تنقل المرض إلى أطفالها. وتستخدم بوبي كرسياً متحركاً، ولا تتكلم، وتتلقى التغذية عبر أنبوب. وتقول كات: "لقد أثر هذا المرض على جزء كبير من حياتها. نقضي وقتاً ممتعاً معها بحالتها هذه، لكن هناك لحظات ندرك فيها مدى خطورة مرض الميتوكوندريا". وتضيف كات: "الأجيال القادمة مثلي، أو أطفالي، أو أبناء عمومتي، هي من يمكنها أن تتمتع بتلك النظرة للحياة الطبيعية". BBC/Josh Elgin كات كيتو (يمين الصورة) بالقميص الأسود مع ابنتها ليلي والكلب مونتي "المملكة المتحدة وحدها قادرة على تحقيق ذلك" ولم تكتفِ المملكة المتحدة بتطوير علم تخليق الأطفال باستخدام تقنية الحمض النووي لثلاثة أشخاص، بل أصبحت أيضاً أول دولة في العالم تسنّ قوانين تسمح باستخدام هذه التقنية بعد تصويت في البرلمان عام 2015. وقد أثار هذا جدلاً واسعاً، لأن الميتوكوندريا تمتلك حمضاً نووياً خاصاً بها، وهو الأمر الذي يتحكم في كيفية عملها. وهذا يعني أن الأطفال ورثوا الحمض النووي من والديهم، وحوالي 0.1 في المئة من الحمض من المرأة المانحة. وأي فتاة تولد بهذه التقنية ستنقل هذا الحمض النووي إلى أطفالها، لذا فهو تغيير دائم في الميراث الجيني البشري. وعندما طُرحت هذه التقنية للنقاش لأول مره، أثيرت مخاوف من أنها ستفتح الباب أمام أطفال مُعدّلين وراثياً. وأخبرني البروفيسور السير دوغ تورنبول، من جامعة نيوكاسل: "أعتقد أن هذا هو المكان الوحيد في العالم الذي كان من الممكن أن يحدث فيه هذا". وأضاف: "لقد توافرت لدينا علومٌ من الطراز الأول لتوصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وصدرت تشريعاتٌ تسمح بنقله إلى العلاج السريري، ودعمت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) هذا العلاج، والآن لدينا ثمانية أطفال يبدو أنهم متعافين من مرض الميتوكوندريا، يا لها من نتيجة رائعة". وقالت ليز كورتيس، مؤسسة مؤسسة ليلي الخيرية: "بعد سنوات من الانتظار، نعلم الآن أن ثمانية أطفال قد وُلدوا باستخدام هذه التقنية، وجميعهم لا تظهر عليهم أي علامات للإصابة بمرض الميتوكوندريا". وأضافت: "بالنسبة للعديد من العائلات المتضررة، يُعد هذا أول أمل حقيقي لكسر حلقة هذه الحالة الوراثية".

هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟
هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟

الوسط

timeمنذ 8 ساعات

  • الوسط

هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟

Getty Images سمعنا جميعاً نصيحة تقول إن تناول وجبة إفطار جيدة في الصباح تفيدنا خلال اليوم، لكن هل يعني ذلك أن هذه الوجبة تجعلنا بالفعل أكثر صحة ورشاقة، أم يتعلق الأمر بشيء آخر؟. فعلاوة على العبارات الكلاسيكية المأثورة مثل "الجزر يقوي الرؤية الليلية" و"بابا نويل لا يُحضر هدايا للأطفال السيئين سلوكياً"، تبرز دوما مقولة "الإفطار أهم وجبة في اليوم" كواحدة من أكثر العبارات تكراراً في قاموس الآباء، وقد نشأ كثيرون منا وهم يعتقدون أن إغفال وجبة الإفطار يُعدّ خطأ غذائياً جسيماً، وعلى الرغم من ذلك فإن عدد الذين يخصصون وقتاً لتناولها قد يختلف من مكان لأخر. إذ يتناول نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين وجبة الإفطار بشكل منتظم، في حين أن نحو 94 في المئة من البالغين و77 في المئة فقط من المراهقين في المملكة المتحدة يواظبون على تناولها، وأظهرت دراسة أُجريت في سويسرا أن ثُلثي البالغين فقط هناك يحرصون على تناول هذه الوجبة بانتظام. وفي حالات ضيق الوقت، تكون وجبة الإفطار غالباً أول شيء يغفله الشخص، فكم منّا يتناولها على عجل، أو يفضل ببساطة استبدالها بتناول صحن من الحبوب أو بضع شرائح من الخبز المحمّص أو فطيرة صغيرة في سبيل الاستمتاع بدقائق نوم إضافية في السرير. وعلى الرغم من ذلك يكمن سر أهمية الإفطار في اسمه في حد ذاته، فنحن نهتم بتناوله من أجل كسر صيامنا الذي امتد طوال الليل. Getty Images وتقول سارة إيلدر، خبيرة تغذية: "يستهلك الجسم كثيراً من مخزونات الطاقة للنمو وتجديد الخلايا طوال الليل". وتضيف: "تسهم وجبة الإفطار المتوازنة في تعزيز مستويات الطاقة لدينا، إلى جانب تعويض ما فُقد من بروتين وكالسيوم خلال فترة الليل". وعلى الرغم من ذلك يسود جدل واسع بشأن ما إذا كان ينبغي فعلاً اعتبار وجبة الإفطار على هذا القدر من الأهمية أم لا، فمع تزايد شعبية حميات الصيام، ظهرت مخاوف إزاء محتوى السكر المرتفع في حبوب الإفطار، وتدخّل صناعة الأغذية في تمويل الأبحاث المؤيدة للإفطار، بل وصل الأمر إلى وصف أحد الأكاديميين الإفطار بأنه "أمر خطير". فما هي الحقيقة إذاً؟ وهل تُعد وجبة الإفطار ضرورة لبداية اليوم، أم أن الأمر مجرد خدعة تسويقية ابتكرتها شركات حبوب الإفطار؟ هل يؤدي إهمال تناول وجبة الإفطار إلى زيادة الوزن؟ إن أكثر ما تناولته الأبحاث فيما يخص الإفطار وفكرة إغفال تناوله هو صلته بزيادة الوزن، إذ يقدّم العلماء تفسيرات متعددة بشأن سبب وجود علاقة بين الأمرين. ففي إحدى الدراسات الأمريكية التي تناولت البيانات الصحية لعددٍ بلغ 50 ألف شخص على مدار سبع سنوات، تبيّن للباحثين أن أولئك الذين اعتبروا وجبة الإفطار الأهم خلال يومهم، كانوا أكثر ميلاً لامتلاك مؤشر كتلة جسم أقل مقارنةً بمن جعلوا الغداء أو العشاء الوجبة الأهم في يومهم. وأشار الباحثون إلى أن وجبة الإفطار تسهم في زيادة الإحساس بالشبع، وتقليل إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة يومياً، وتحسين جودة النظام الغذائي، نظراً لكون أطعمة الإفطار غالباً ما تكون غنية بالألياف والعناصر المغذية، فضلاً عن تعزيز حساسية الإنسولين في الوجبات التالية، وهو ما يُعد عاملاً مهماً في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري. Getty Images وكما هو الحال مع هذا النوع من الدراسات، لم يكن من الممكن الجزم بما إذا كانت هذه العلاقة سببية بالفعل، أم أن الأشخاص الذين يهملون وجبة الإفطار كانوا يعانون من زيادة الوزن منذ البداية. ومن أجل التوصل إلى نتائج دقيقة، صمّم الباحثون دراسة شملت 52 امرأة تعانين من السمنة، وخضعن لبرنامج لإنقاص الوزن استمر 12 أسبوعاً، وتلقت جميع المشاركات نفس الحصة اليومية من السعرات الحرارية، لكن جرى تقسيمهن إلى مجموعتين: الأولى تناولت الإفطار، والثانية لم تتناوله. وأظهرت نتائج الدراسة أن الإفطار بحد ذاته لم يكن العامل الحاسم في فقدان الوزن، بل كان التغيير في أسلوب الحياة اليومي المعتاد، فالنساء اللواتي تحدثن في بداية الدراسة عن كونهن يتناولن الإفطار عادةً، فقدن 8.9 كجم عندما توقفن عن تناوله، مقارنة بـ6.2 كجم فقدنها في المجموعة التي استمرت في تناوله، أما النساء اللواتي كنّ يهملن الإفطار عادةً، فقدن 7.7 كجم عند بدئهن في تناوله، مقابل 6 كجم عندما واصلن عدم تناوله. وإن لم يكن تناول الإفطار كافياً وحده لضمان نقص الوزن، فلماذا إذًا تُوجد علاقة بين زيادة الوزن وإهمال تناول وجبة الإفطار؟. ترى ألكسندرا جونستون، أستاذة أبحاث الشهية بجامعة أبردين، أن الأمر قد يعود ببساطة إلى أن من يهملون تناول وجبة الإفطار ربما يمتلكون معرفة أقل بالتغذية والصحة. وتقول: "توجد العديد من الدراسات التي تبحث العلاقة بين تناول وجبة الإفطار والنتائج الصحية المحتملة، غير أن هذا قد يُعزى إلى أن من يحرصون على الإفطار يتبعون سلوكيات صحية أخرى بشكل منتظم، كعدم التدخين وممارسة التمارين الرياضية". وأكدت مراجعة علمية أُجريت عام 2020، شملت 45 دراسة تناولت العلاقة بين تناول الإفطار وزيادة الوزن، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يعزز خطر الإصابة بزيادة الوزن، وقد لوحظ التأثير ذاته لدى الأطفال. هل لتوقيت تناول وجبة الإفطار تأثير أو أهمية؟ Getty Images ويشهد الصيام المتقطع، الذي يتضمن الامتناع عن الطعام طوال الليل ويمتد حتى اليوم التالي، رواجاً متزايداً بين أولئك الساعين إلى إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه أو تعزيز صحتهم العامة. وأظهرت دراسة تمهيدية نُشرت عام 2018 أن الصيام المتقطع يُسهم في تحسين التحكم بمستويات السكر في الدم وزيادة حساسية الإنسولين، إلى جانب خفض ضغط الدم. وقد خُصص لثمانية رجال يعانون من مرحلة ما قبل السكري أحد جدولين لتناول الطعام: إما تناول السعرات الحرارية بين الساعة التاسعة صباحاً والثالثة مساءً، أو على مدى 12 ساعة. ووفقًا لما ذكرته كورتني بيترسون، المشرفة على الدراسة والأستاذة المساعدة في علوم التغذية بجامعة ألاباما في برمنغهام، فإن نتائج المجموعة الأولى كانت مماثلة لتأثير الأدوية الخافضة لضغط الدم. وعلى الرغم من ذلك، فإن صغر حجم العينة في الدراسة تشير إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاستكشاف الفوائد المحتملة لها على المدى البعيد. وإذا كان الامتناع عن تناول الإفطار (وتجنّب الطعام خارج أوقات محددة) قد يُعد مفيداً للصحة، فهل يعني ذلك أن وجبة الإفطار مضرّة؟ يوضح أحد الباحثين الأكاديميين أن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يتسبب في رفع حدة هرمون الكورتيزول مقارنة بالأوقات اللاحقة، مما يؤدي تدريجياً إلى مقاومة الجسم للإنسولين، وهو ما قد ينتهي بالإصابة بداء السكري من النوع الثاني. بيد أن فريدريك كاربه، أستاذ طب التمثيل الغذائي في مركز أكسفورد للسكري والغدد الصماء، يؤكد أن هذا غير دقيق، ويُشير إلى أن ارتفاع مستويات الكورتيزول صباحاً يعد جزءاً من الإيقاع البيولوجي الطبيعي للجسم. بل يؤكد كاربه أن وجبة الإفطار أساسية لتنشيط عملية التمثيل الغذائي، ويقول: "حتى تتمكن أنسجة الجسم المختلفة من التفاعل السليم مع الطعام، لا بد من وجود محفز أوّلي يتمثل في استجابة الكربوهيدرات للإنسولين، والإفطار يُعد عاملاً محورياً لحدوث هذا التفاعل". Getty Images وأظهرت تجربة عشوائية أن إهمال تناول وجبة الإفطار يُحدث اضطراباً في الإيقاعات اليومية (الساعة البيولوجية)، ويتسبب في ارتفاعات أكبر في مستويات الجلوكوز في الدم بعد تناول الطعام. وخلص الباحثون إلى أن الإفطار يُعد ضرورياً لضمان انتظام الساعة الداخلية للجسم. كما أظهرت مراجعة علمية نُشرت عام 2023 وشملت مراهقين يابانيين، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بحالة ما قبل مرض السكري، لا سيما لدى الذين يعانون من زيادة الوزن. وتشير بيترسون إلى أن الذين يمتنعون عن تناول وجبة الإفطار يُمكن تصنيفهم إلى فئتين: الأولى تضم من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في توقيت معتدل، فيحصلون بذلك على فوائد الصيام المتقطع رغم عدم تناولهم الإفطار، والثانية تشمل من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في وقت متأخر. وتوضح: "بالنسبة لأولئك الذين يتناولون العشاء في ساعات متأخرة من الليل، فإن خطر إصابتهم بزيادة الوزن ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية يرتفع بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من أن الإفطار يُعتبر الوجبة الأهم خلال اليوم، إلا أنه قد يتبين أن العشاء هو الأكثر فائدة". وتضيف بيترسون: "أفضل مستويات التحكم في سكر الدم تكون في ساعات الصباح، بينما يكون الجسم في أضعف حالاته عند تناول العشاء متأخراً، إذ يكون تنظيم السكر في أسوأ حالاته. ولا يزال الأمر بحاجة إلى المزيد من الدراسات، إلا أنني على يقين بأنه لا يجب إهمال تناول وجبة الإفطار مع تناول العشاء في وقت متأخر". Getty Images وتُشير بيترسون إلى أنه يجدر بنا أن نتعامل مع إيقاعنا اليومي وكأنه فرقة أوركسترا تُنسّق عمل أعضائها بتناغم. وتقول: "تتكوّن ساعتنا البيولوجية من جزئين: الأول هو الساعة المركزية الموجودة في الدماغ، والتي يمكن تشبيهها بقائد الأوركسترا، أما الثاني فهو موجود في كل عضو من أعضاء الجسم، حيث يمتلك كل منها ساعة بيولوجية خاصة به". ويُضبط عمل هذه "الأوركسترا" بعاملين خارجيين أساسيين: التعرض للضوء القوي، وتوقيت تناول الوجبات. وتقول: "عندما يتناول الإنسان الطعام في أوقات لا يتعرّض فيها للضوء الساطع، فإن الساعات البيولوجية المسؤولة عن تنظيم عملية التمثيل الغذائي تكون وكأنها في مناطق زمنية مختلفة، مما يؤدي إلى إرسال إشارات متناقضة للجسم بشأن ما إذا كان عليه أن يزيد نشاطه أو يبطئه". وتوضح بيترسون أن الأمر أشبه بعزف نصف أعضاء الأوركسترا للحنين مختلفين، وهذا ما يفسّر تأثير تناول الطعام في وقت متأخر على اضطراب مستويات السكر في الدم وضغط الدم. وأجرى باحثون من جامعتي سري وأبردين دراسات لفهم الآليات التي من خلالها يؤثر توقيت تناول الطعام على وزن الجسم، وقد أظهرت نتائج نُشرت في عام 2022 أن تناول وجبة إفطار أكبر وعشاء أصغر يُعد مفيداً في ضبط الوزن، إذ تبين أن الإفطار أسهم في تقليل الشهية خلال بقية اليوم. الفوائد الصحية لتناول وجبة الإفطار ثبت أن لوجبة الإفطار تأثير يتجاوز مسألة الوزن، وأظهرت الدراسات أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 27 في المئة، وبزيادة احتمال الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 21 في المئة لدى الرجال، و20 في المئة لدى النساء. ويرجّح الباحثون القائمون على دراسة أُجريت عام 2023 بشأن الصيام ومرض السكري أن السبب في ذلك يعود إلى تأثير إهمال تناول وجبة الإفطار على التحكم في مستويات الجلوكوز والدهون والإنسولين، وتابعوا خلال الدراسة النظم الغذائية لأكثر من 100 ألف شخص على مدار متوسط بلغ سبع سنوات، وتبين أن خطر الإصابة بالسكري كان أعلى بشكل ملحوظ لدى أولئك الذين اعتادوا تناول الإفطار بعد الساعة التاسعة صباحاً، مقارنةً بمن تناولوه قبل الساعة الثامنة. Getty Images ويُعزى أحد الأسباب المحتملة للفوائد الصحية المرتبطة بتناول وجبة الإفطار، على الأقل في الدول الغربية، إلى قيمتها الغذائية، لا سيما أن بعض أنواع الحبوب تُدعّم بالفيتامينات. وأظهرت دراسة شملت ما يزيد على 8000 شخص في المملكة المتحدة بشأن عاداتهم الغذائية في الإفطار، أن أولئك الذين يتناولون الإفطار بانتظام يتمتعون بمعدلات أعلى لاستهلاك المغذيات الدقيقة، وهو ما يرجعه الباحثون جزئياً إلى سياسات تدعيم الفيتامينات في الحبوب والخبز، كما جرى التوصل إلى نتائج مشابهة في كل من أستراليا والبرازيل وكندا وإندونيسيا والولايات المتحدة. ويرتبط تناول وجبة الإفطار بتحسين الأداء الذهني، بما في ذلك التركيز والقدرات اللغوية، وتظهر مراجعة شملت 54 دراسة، أن تناول الإفطار يمكن أن يُعزّز الذاكرة، مع أن تأثيره على الوظائف العقلية الأخرى لم يُحسم بعد. Getty Images وعلى الرغم من ذلك تشير الباحثة ماري بيث سبيتزناغل، الأختصاصية النفسية في جامعة كينت ستيت بأوهايو، إلى وجود "أدلة معقولة" على أن الإفطار يُعزز التركيز، وإن كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات. وتقول: "عند مراجعة الدراسات التي تناولت تأثير وجبة الإفطار على التركيز، تبين أن عدد الدراسات التي أظهرت وجود فائدة كان مساوياً تماماً لعدد الدراسات التي لم تُظهر أي تأثير"، وتُشير إلى أنه "لم تُسجّل أي دراسة نتائج تُظهر أن تناول الإفطار يُضر بالتركيز". ويرى بعض الباحثين أن المسألة الأهم ليست في ما إذا كنا نتناول الإفطار من عدمه، بل في طبيعة الأطعمة التي نختارها عندما نتناول الوجبة. وتشير أبحاث صادرة عن المنظمة الأسترالية للكومنولث للعلوم والبحوث الصناعية إلى أن وجبات الإفطار التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين تُعد فعّالة على نحو خاص في الحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام ومن كمية الاستهلاك الغذائي لاحقاً خلال اليوم. وفي حين تظل حبوب الإفطار خياراً شائعاً لدى المستهلكين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أظهر مسح أجرته منظمة "أكشن أون شوغر" عام 2020 شمل 120 صنفاً من حبوب الإفطار، أن ثُلث هذه المنتجات غنيّ بالسكر، ولم تُصنَّف سوى ثلاثة أنواع منها على أنها منخفضة السكر. Getty Images وتشير بعض الدراسات إلى أنه في حال تناولنا أطعمة عالية السكر، فإن الوقت الأنسب لذلك هو ساعات الصباح، إذ كشفت دراسة أن تغيّرات مستويات هرمون "اللبتين"، المسؤول عن الشهية، خلال اليوم تتزامن مع أدنى قدرة لدى الإنسان على مقاومة الحلويات في الصباح الباكر. كما توصّل باحثون من جامعة تل أبيب إلى أن تنظيم الجوع يكون أكثر فعالية في الصباح، وقد شملت دراستهم 200 شخص يعانون من زيادة الوزن، خضعوا لنظام غذائي استمر 16 أسبوعاً، تناول نصفهم حلوى مع الإفطار، بينما لم يفعل النصف الآخر ذلك. وخلصت الدراسة إلى أن المجموعة التي تناولت الحلوى فقدت وزناً يزيد بمعدل 18 كيلوغراماً، لكن لم تثبت بعد الآثار طويلة الأمد لهذا النظام. وأظهرت مراجعة شاملة لـ 54 دراسة عدم وجود إجماع علمي حتى الآن بشأن نوع الإفطار الأمثل من الناحية الصحية، وخلصت إلى أن نوع الإفطار لا يحمل نفس الأهمية مقارنة بأهمية تناول وجبة الإفطار بحد ذاتها. ويعد تناول وجبة الإفطار من العوامل الجديرة بالاهتمام، فقد كشفت دراسة أُجريت عام 2022 شملت نحو 4000 شاب أن أولئك الذين يتناولون الإفطار خارج منازلهم يميلون إلى مواجهة مشكلات نفسية وسلوكية أكثر من نظرائهم الذين يتناولون الإفطار داخل المنزل، ويُعزى ذلك، بحسب الباحثين، إلى أن السياق الاجتماعي لتناول الإفطار الأسري يرتبط غالباً بنوعية غذاء أكثر توازناً وقيمة. الاستنتاج النهائي Getty Images وعلى الرغم من غياب أدلة حاسمة بشأن نوعية وتوقيت تناول الطعام، إلا أن الإجماع العلمي يشير إلى ضرورة الاستجابة لإشارات أجسامنا وتناول الطعام عند الشعور بالجوع. وتشير جونستون إلى أن "وجبة الإفطار تعد الأكثر أهمية لأولئك الذين يشعرون بالجوع عند الاستيقاظ". وتؤكد الدراسات أن الأشخاص المصابين بمقدمات مرض السكري قد يجدون تحسّناً في التركيز عقب تناول وجبة إفطار كالعصيدة، التي تُهضم ببطء وتؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستويات السكر بالدم. وتشير سبيتزناغل إلى أن بداية اليوم تختلف من شخص لآخر، وأن هذه الاختلافات الفردية، لا سيما في وظيفة الجلوكوز، تستدعي إجراء أبحاث أكثر دقة. في الختام، قد يكمن السر في عدم الإفراط في التركيز على وجبة واحدة بعينها، وإنما في متابعة أنماطنا الغذائية على مدار اليوم بأكمله. وتقول إيلدر : "تناول وجبة إفطار متوازنة أمر مفيد، إلا أن الحفاظ على انتظام الوجبات على مدار اليوم يُعد أكثر أهمية لاستقرار مستويات السكر في الدم، مما يسهم في ضبط الوزن ومستويات الشهية". وتضيف: "وجبة الإفطار ليست الوجبة الوحيدة التي ينبغي علينا الاهتمام بها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store