
هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟
سمعنا جميعاً نصيحة تقول إن تناول وجبة إفطار جيدة في الصباح تفيدنا خلال اليوم، لكن هل يعني ذلك أن هذه الوجبة تجعلنا بالفعل أكثر صحة ورشاقة، أم يتعلق الأمر بشيء آخر؟.
فعلاوة على العبارات الكلاسيكية المأثورة مثل "الجزر يقوي الرؤية الليلية" و"بابا نويل لا يُحضر هدايا للأطفال السيئين سلوكياً"، تبرز دوما مقولة "الإفطار أهم وجبة في اليوم" كواحدة من أكثر العبارات تكراراً في قاموس الآباء، وقد نشأ كثيرون منا وهم يعتقدون أن إغفال وجبة الإفطار يُعدّ خطأ غذائياً جسيماً، وعلى الرغم من ذلك فإن عدد الذين يخصصون وقتاً لتناولها قد يختلف من مكان لأخر.
إذ يتناول نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين وجبة الإفطار بشكل منتظم، في حين أن نحو 94 في المئة من البالغين و77 في المئة فقط من المراهقين في المملكة المتحدة يواظبون على تناولها، وأظهرت دراسة أُجريت في سويسرا أن ثُلثي البالغين فقط هناك يحرصون على تناول هذه الوجبة بانتظام.
وفي حالات ضيق الوقت، تكون وجبة الإفطار غالباً أول شيء يغفله الشخص، فكم منّا يتناولها على عجل، أو يفضل ببساطة استبدالها بتناول صحن من الحبوب أو بضع شرائح من الخبز المحمّص أو فطيرة صغيرة في سبيل الاستمتاع بدقائق نوم إضافية في السرير.
وعلى الرغم من ذلك يكمن سر أهمية الإفطار في اسمه في حد ذاته، فنحن نهتم بتناوله من أجل كسر صيامنا الذي امتد طوال الليل.
Getty Images
وتقول سارة إيلدر، خبيرة تغذية: "يستهلك الجسم كثيراً من مخزونات الطاقة للنمو وتجديد الخلايا طوال الليل".
وتضيف: "تسهم وجبة الإفطار المتوازنة في تعزيز مستويات الطاقة لدينا، إلى جانب تعويض ما فُقد من بروتين وكالسيوم خلال فترة الليل".
وعلى الرغم من ذلك يسود جدل واسع بشأن ما إذا كان ينبغي فعلاً اعتبار وجبة الإفطار على هذا القدر من الأهمية أم لا، فمع تزايد شعبية حميات الصيام، ظهرت مخاوف إزاء محتوى السكر المرتفع في حبوب الإفطار، وتدخّل صناعة الأغذية في تمويل الأبحاث المؤيدة للإفطار، بل وصل الأمر إلى وصف أحد الأكاديميين الإفطار بأنه "أمر خطير".
فما هي الحقيقة إذاً؟ وهل تُعد وجبة الإفطار ضرورة لبداية اليوم، أم أن الأمر مجرد خدعة تسويقية ابتكرتها شركات حبوب الإفطار؟
هل يؤدي إهمال تناول وجبة الإفطار إلى زيادة الوزن؟
إن أكثر ما تناولته الأبحاث فيما يخص الإفطار وفكرة إغفال تناوله هو صلته بزيادة الوزن، إذ يقدّم العلماء تفسيرات متعددة بشأن سبب وجود علاقة بين الأمرين.
ففي إحدى الدراسات الأمريكية التي تناولت البيانات الصحية لعددٍ بلغ 50 ألف شخص على مدار سبع سنوات، تبيّن للباحثين أن أولئك الذين اعتبروا وجبة الإفطار الأهم خلال يومهم، كانوا أكثر ميلاً لامتلاك مؤشر كتلة جسم أقل مقارنةً بمن جعلوا الغداء أو العشاء الوجبة الأهم في يومهم.
وأشار الباحثون إلى أن وجبة الإفطار تسهم في زيادة الإحساس بالشبع، وتقليل إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة يومياً، وتحسين جودة النظام الغذائي، نظراً لكون أطعمة الإفطار غالباً ما تكون غنية بالألياف والعناصر المغذية، فضلاً عن تعزيز حساسية الإنسولين في الوجبات التالية، وهو ما يُعد عاملاً مهماً في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري.
Getty Images
وكما هو الحال مع هذا النوع من الدراسات، لم يكن من الممكن الجزم بما إذا كانت هذه العلاقة سببية بالفعل، أم أن الأشخاص الذين يهملون وجبة الإفطار كانوا يعانون من زيادة الوزن منذ البداية.
ومن أجل التوصل إلى نتائج دقيقة، صمّم الباحثون دراسة شملت 52 امرأة تعانين من السمنة، وخضعن لبرنامج لإنقاص الوزن استمر 12 أسبوعاً، وتلقت جميع المشاركات نفس الحصة اليومية من السعرات الحرارية، لكن جرى تقسيمهن إلى مجموعتين: الأولى تناولت الإفطار، والثانية لم تتناوله.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الإفطار بحد ذاته لم يكن العامل الحاسم في فقدان الوزن، بل كان التغيير في أسلوب الحياة اليومي المعتاد، فالنساء اللواتي تحدثن في بداية الدراسة عن كونهن يتناولن الإفطار عادةً، فقدن 8.9 كجم عندما توقفن عن تناوله، مقارنة بـ6.2 كجم فقدنها في المجموعة التي استمرت في تناوله، أما النساء اللواتي كنّ يهملن الإفطار عادةً، فقدن 7.7 كجم عند بدئهن في تناوله، مقابل 6 كجم عندما واصلن عدم تناوله.
وإن لم يكن تناول الإفطار كافياً وحده لضمان نقص الوزن، فلماذا إذًا تُوجد علاقة بين زيادة الوزن وإهمال تناول وجبة الإفطار؟.
ترى ألكسندرا جونستون، أستاذة أبحاث الشهية بجامعة أبردين، أن الأمر قد يعود ببساطة إلى أن من يهملون تناول وجبة الإفطار ربما يمتلكون معرفة أقل بالتغذية والصحة.
وتقول: "توجد العديد من الدراسات التي تبحث العلاقة بين تناول وجبة الإفطار والنتائج الصحية المحتملة، غير أن هذا قد يُعزى إلى أن من يحرصون على الإفطار يتبعون سلوكيات صحية أخرى بشكل منتظم، كعدم التدخين وممارسة التمارين الرياضية".
وأكدت مراجعة علمية أُجريت عام 2020، شملت 45 دراسة تناولت العلاقة بين تناول الإفطار وزيادة الوزن، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يعزز خطر الإصابة بزيادة الوزن، وقد لوحظ التأثير ذاته لدى الأطفال.
هل لتوقيت تناول وجبة الإفطار تأثير أو أهمية؟
Getty Images
ويشهد الصيام المتقطع، الذي يتضمن الامتناع عن الطعام طوال الليل ويمتد حتى اليوم التالي، رواجاً متزايداً بين أولئك الساعين إلى إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه أو تعزيز صحتهم العامة.
وأظهرت دراسة تمهيدية نُشرت عام 2018 أن الصيام المتقطع يُسهم في تحسين التحكم بمستويات السكر في الدم وزيادة حساسية الإنسولين، إلى جانب خفض ضغط الدم. وقد خُصص لثمانية رجال يعانون من مرحلة ما قبل السكري أحد جدولين لتناول الطعام: إما تناول السعرات الحرارية بين الساعة التاسعة صباحاً والثالثة مساءً، أو على مدى 12 ساعة.
ووفقًا لما ذكرته كورتني بيترسون، المشرفة على الدراسة والأستاذة المساعدة في علوم التغذية بجامعة ألاباما في برمنغهام، فإن نتائج المجموعة الأولى كانت مماثلة لتأثير الأدوية الخافضة لضغط الدم.
وعلى الرغم من ذلك، فإن صغر حجم العينة في الدراسة تشير إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاستكشاف الفوائد المحتملة لها على المدى البعيد.
وإذا كان الامتناع عن تناول الإفطار (وتجنّب الطعام خارج أوقات محددة) قد يُعد مفيداً للصحة، فهل يعني ذلك أن وجبة الإفطار مضرّة؟ يوضح أحد الباحثين الأكاديميين أن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يتسبب في رفع حدة هرمون الكورتيزول مقارنة بالأوقات اللاحقة، مما يؤدي تدريجياً إلى مقاومة الجسم للإنسولين، وهو ما قد ينتهي بالإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
بيد أن فريدريك كاربه، أستاذ طب التمثيل الغذائي في مركز أكسفورد للسكري والغدد الصماء، يؤكد أن هذا غير دقيق، ويُشير إلى أن ارتفاع مستويات الكورتيزول صباحاً يعد جزءاً من الإيقاع البيولوجي الطبيعي للجسم.
بل يؤكد كاربه أن وجبة الإفطار أساسية لتنشيط عملية التمثيل الغذائي، ويقول: "حتى تتمكن أنسجة الجسم المختلفة من التفاعل السليم مع الطعام، لا بد من وجود محفز أوّلي يتمثل في استجابة الكربوهيدرات للإنسولين، والإفطار يُعد عاملاً محورياً لحدوث هذا التفاعل".
Getty Images
وأظهرت تجربة عشوائية أن إهمال تناول وجبة الإفطار يُحدث اضطراباً في الإيقاعات اليومية (الساعة البيولوجية)، ويتسبب في ارتفاعات أكبر في مستويات الجلوكوز في الدم بعد تناول الطعام. وخلص الباحثون إلى أن الإفطار يُعد ضرورياً لضمان انتظام الساعة الداخلية للجسم.
كما أظهرت مراجعة علمية نُشرت عام 2023 وشملت مراهقين يابانيين، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بحالة ما قبل مرض السكري، لا سيما لدى الذين يعانون من زيادة الوزن.
وتشير بيترسون إلى أن الذين يمتنعون عن تناول وجبة الإفطار يُمكن تصنيفهم إلى فئتين: الأولى تضم من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في توقيت معتدل، فيحصلون بذلك على فوائد الصيام المتقطع رغم عدم تناولهم الإفطار، والثانية تشمل من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في وقت متأخر.
وتوضح: "بالنسبة لأولئك الذين يتناولون العشاء في ساعات متأخرة من الليل، فإن خطر إصابتهم بزيادة الوزن ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية يرتفع بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من أن الإفطار يُعتبر الوجبة الأهم خلال اليوم، إلا أنه قد يتبين أن العشاء هو الأكثر فائدة".
وتضيف بيترسون: "أفضل مستويات التحكم في سكر الدم تكون في ساعات الصباح، بينما يكون الجسم في أضعف حالاته عند تناول العشاء متأخراً، إذ يكون تنظيم السكر في أسوأ حالاته. ولا يزال الأمر بحاجة إلى المزيد من الدراسات، إلا أنني على يقين بأنه لا يجب إهمال تناول وجبة الإفطار مع تناول العشاء في وقت متأخر".
Getty Images
وتُشير بيترسون إلى أنه يجدر بنا أن نتعامل مع إيقاعنا اليومي وكأنه فرقة أوركسترا تُنسّق عمل أعضائها بتناغم.
وتقول: "تتكوّن ساعتنا البيولوجية من جزئين: الأول هو الساعة المركزية الموجودة في الدماغ، والتي يمكن تشبيهها بقائد الأوركسترا، أما الثاني فهو موجود في كل عضو من أعضاء الجسم، حيث يمتلك كل منها ساعة بيولوجية خاصة به".
ويُضبط عمل هذه "الأوركسترا" بعاملين خارجيين أساسيين: التعرض للضوء القوي، وتوقيت تناول الوجبات.
وتقول: "عندما يتناول الإنسان الطعام في أوقات لا يتعرّض فيها للضوء الساطع، فإن الساعات البيولوجية المسؤولة عن تنظيم عملية التمثيل الغذائي تكون وكأنها في مناطق زمنية مختلفة، مما يؤدي إلى إرسال إشارات متناقضة للجسم بشأن ما إذا كان عليه أن يزيد نشاطه أو يبطئه".
وتوضح بيترسون أن الأمر أشبه بعزف نصف أعضاء الأوركسترا للحنين مختلفين، وهذا ما يفسّر تأثير تناول الطعام في وقت متأخر على اضطراب مستويات السكر في الدم وضغط الدم.
وأجرى باحثون من جامعتي سري وأبردين دراسات لفهم الآليات التي من خلالها يؤثر توقيت تناول الطعام على وزن الجسم، وقد أظهرت نتائج نُشرت في عام 2022 أن تناول وجبة إفطار أكبر وعشاء أصغر يُعد مفيداً في ضبط الوزن، إذ تبين أن الإفطار أسهم في تقليل الشهية خلال بقية اليوم.
الفوائد الصحية لتناول وجبة الإفطار
ثبت أن لوجبة الإفطار تأثير يتجاوز مسألة الوزن، وأظهرت الدراسات أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 27 في المئة، وبزيادة احتمال الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 21 في المئة لدى الرجال، و20 في المئة لدى النساء.
ويرجّح الباحثون القائمون على دراسة أُجريت عام 2023 بشأن الصيام ومرض السكري أن السبب في ذلك يعود إلى تأثير إهمال تناول وجبة الإفطار على التحكم في مستويات الجلوكوز والدهون والإنسولين، وتابعوا خلال الدراسة النظم الغذائية لأكثر من 100 ألف شخص على مدار متوسط بلغ سبع سنوات، وتبين أن خطر الإصابة بالسكري كان أعلى بشكل ملحوظ لدى أولئك الذين اعتادوا تناول الإفطار بعد الساعة التاسعة صباحاً، مقارنةً بمن تناولوه قبل الساعة الثامنة.
Getty Images
ويُعزى أحد الأسباب المحتملة للفوائد الصحية المرتبطة بتناول وجبة الإفطار، على الأقل في الدول الغربية، إلى قيمتها الغذائية، لا سيما أن بعض أنواع الحبوب تُدعّم بالفيتامينات.
وأظهرت دراسة شملت ما يزيد على 8000 شخص في المملكة المتحدة بشأن عاداتهم الغذائية في الإفطار، أن أولئك الذين يتناولون الإفطار بانتظام يتمتعون بمعدلات أعلى لاستهلاك المغذيات الدقيقة، وهو ما يرجعه الباحثون جزئياً إلى سياسات تدعيم الفيتامينات في الحبوب والخبز، كما جرى التوصل إلى نتائج مشابهة في كل من أستراليا والبرازيل وكندا وإندونيسيا والولايات المتحدة.
ويرتبط تناول وجبة الإفطار بتحسين الأداء الذهني، بما في ذلك التركيز والقدرات اللغوية، وتظهر مراجعة شملت 54 دراسة، أن تناول الإفطار يمكن أن يُعزّز الذاكرة، مع أن تأثيره على الوظائف العقلية الأخرى لم يُحسم بعد.
Getty Images
وعلى الرغم من ذلك تشير الباحثة ماري بيث سبيتزناغل، الأختصاصية النفسية في جامعة كينت ستيت بأوهايو، إلى وجود "أدلة معقولة" على أن الإفطار يُعزز التركيز، وإن كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات.
وتقول: "عند مراجعة الدراسات التي تناولت تأثير وجبة الإفطار على التركيز، تبين أن عدد الدراسات التي أظهرت وجود فائدة كان مساوياً تماماً لعدد الدراسات التي لم تُظهر أي تأثير"، وتُشير إلى أنه "لم تُسجّل أي دراسة نتائج تُظهر أن تناول الإفطار يُضر بالتركيز".
ويرى بعض الباحثين أن المسألة الأهم ليست في ما إذا كنا نتناول الإفطار من عدمه، بل في طبيعة الأطعمة التي نختارها عندما نتناول الوجبة.
وتشير أبحاث صادرة عن المنظمة الأسترالية للكومنولث للعلوم والبحوث الصناعية إلى أن وجبات الإفطار التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين تُعد فعّالة على نحو خاص في الحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام ومن كمية الاستهلاك الغذائي لاحقاً خلال اليوم.
وفي حين تظل حبوب الإفطار خياراً شائعاً لدى المستهلكين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أظهر مسح أجرته منظمة "أكشن أون شوغر" عام 2020 شمل 120 صنفاً من حبوب الإفطار، أن ثُلث هذه المنتجات غنيّ بالسكر، ولم تُصنَّف سوى ثلاثة أنواع منها على أنها منخفضة السكر.
Getty Images
وتشير بعض الدراسات إلى أنه في حال تناولنا أطعمة عالية السكر، فإن الوقت الأنسب لذلك هو ساعات الصباح، إذ كشفت دراسة أن تغيّرات مستويات هرمون "اللبتين"، المسؤول عن الشهية، خلال اليوم تتزامن مع أدنى قدرة لدى الإنسان على مقاومة الحلويات في الصباح الباكر.
كما توصّل باحثون من جامعة تل أبيب إلى أن تنظيم الجوع يكون أكثر فعالية في الصباح، وقد شملت دراستهم 200 شخص يعانون من زيادة الوزن، خضعوا لنظام غذائي استمر 16 أسبوعاً، تناول نصفهم حلوى مع الإفطار، بينما لم يفعل النصف الآخر ذلك.
وخلصت الدراسة إلى أن المجموعة التي تناولت الحلوى فقدت وزناً يزيد بمعدل 18 كيلوغراماً، لكن لم تثبت بعد الآثار طويلة الأمد لهذا النظام.
وأظهرت مراجعة شاملة لـ 54 دراسة عدم وجود إجماع علمي حتى الآن بشأن نوع الإفطار الأمثل من الناحية الصحية، وخلصت إلى أن نوع الإفطار لا يحمل نفس الأهمية مقارنة بأهمية تناول وجبة الإفطار بحد ذاتها.
ويعد تناول وجبة الإفطار من العوامل الجديرة بالاهتمام، فقد كشفت دراسة أُجريت عام 2022 شملت نحو 4000 شاب أن أولئك الذين يتناولون الإفطار خارج منازلهم يميلون إلى مواجهة مشكلات نفسية وسلوكية أكثر من نظرائهم الذين يتناولون الإفطار داخل المنزل، ويُعزى ذلك، بحسب الباحثين، إلى أن السياق الاجتماعي لتناول الإفطار الأسري يرتبط غالباً بنوعية غذاء أكثر توازناً وقيمة.
الاستنتاج النهائي
Getty Images
وعلى الرغم من غياب أدلة حاسمة بشأن نوعية وتوقيت تناول الطعام، إلا أن الإجماع العلمي يشير إلى ضرورة الاستجابة لإشارات أجسامنا وتناول الطعام عند الشعور بالجوع.
وتشير جونستون إلى أن "وجبة الإفطار تعد الأكثر أهمية لأولئك الذين يشعرون بالجوع عند الاستيقاظ".
وتؤكد الدراسات أن الأشخاص المصابين بمقدمات مرض السكري قد يجدون تحسّناً في التركيز عقب تناول وجبة إفطار كالعصيدة، التي تُهضم ببطء وتؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستويات السكر بالدم.
وتشير سبيتزناغل إلى أن بداية اليوم تختلف من شخص لآخر، وأن هذه الاختلافات الفردية، لا سيما في وظيفة الجلوكوز، تستدعي إجراء أبحاث أكثر دقة.
في الختام، قد يكمن السر في عدم الإفراط في التركيز على وجبة واحدة بعينها، وإنما في متابعة أنماطنا الغذائية على مدار اليوم بأكمله.
وتقول إيلدر : "تناول وجبة إفطار متوازنة أمر مفيد، إلا أن الحفاظ على انتظام الوجبات على مدار اليوم يُعد أكثر أهمية لاستقرار مستويات السكر في الدم، مما يسهم في ضبط الوزن ومستويات الشهية".
وتضيف: "وجبة الإفطار ليست الوجبة الوحيدة التي ينبغي علينا الاهتمام بها".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 9 ساعات
- الوسط
ثمانية أطعمة تسبب الغازات، بعضها قد يفاجئك!
Getty Images إطلاق الغازات أمر طبيعي، فالشخص العادي يفعل ذلك من 5 إلى 15 مرة يومياً. وفي الواقع، فإن إطلاق الكثير من الغازات في بعض الأيام هو علامة على صحة جيدة - إذا تجاهلت طبعاً الشعور بالانزعاج أو الإحراج. وذلك لأن الأطعمة التي تُسبب الغازات غالباً ما تكون من الكربوهيدرات المعقدة الغنية بالألياف والمفيدة لصحة القلب، وهي أطعمة لا يستطيع جسمك هضمها بالكامل، لكن بكتيريا الأمعاء تستطيع ذلك. فما هي الأطعمة التي تُسبب الغازات؟ وأيها يجعل رائحة الغازات كريهة؟ ومتى ينبغي عليك مراجعة الطبيب؟ 1. الأطعمة الدهنية تباطؤ الهضم بسبب الأطعمة الدهنية قد يؤدي إلى تخمرها في الأمعاء، مما يُسبب رائحة كريهة. فاللحوم الدهنية صعبة الهضم، لأنها غنية بحمض أميني يُدعى "الميثيونين"، وهو يحتوي على الكبريت. وعندما تقوم بكتيريا الأمعاء بتفكيك الكبريت، تُنتج غاز كبريتيد الهيدروجين، المعروف برائحته الكريهة الشبيهة برائحة البيض الفاسد، وهو سبب الرائحة الكريهة المصاحبة للغازات الناتجة عن تناول اللحوم وأطعمة أخرى. 2. البقوليات Getty Images البقوليات هي أحد الأسباب الرئيسية لتكوين الغازات بسبب محتواها من الألياف والرافينوز الفاصوليا والعدس غنيّان بالألياف، لكنهما يحتويان أيضاً على مادة الرافينوز، وهي نوع من السكريات المعقدة التي لا يهضمها الجسم بسهولة. وتنتقل هذه السكريات إلى الأمعاء، حيث تتغذى عليها بكتيريا الجهاز الهضمي لإنتاج الطاقة، وينتج عن ذلك غازات مثل الهيدروجين والميثان، وأحياناً الكبريت ذو الرائحة الكريهة. 3. البيض على عكس الاعتقاد السائد، فالبيض لا يُسبب الغازات لمعظم الناس. لكنه يحتوي على الميثيونين، وهو حمض أميني غني بالكبريت. لذلك، إذا كنت لا ترغب في غازات ذات رائحة كريهة، فمن الأفضل تجنب تناول البيض مع أطعمة تُسبب الغازات مثل البقوليات أو اللحوم الدهنية. أما إذا كان البيض يُسبب لك الانتفاخ والغازات، فقد تكون مصاباً بحساسية تجاه البيض. 4. البصل البصل، والخرشوف، والثوم، والكراث تحتوي جميعها على الفركتانات، وهي نوع من الكربوهيدرات المعقدة التي قد تُسبب الغازات والانتفاخ. 5. منتجات الألبان منتجات الألبان من الأبقار والماعز تحتوي على اللاكتوز، وهو سكر قد يسبب تراكم الغازات. بالإضافة إلى ذلك، حوالي 65 في المئة من البالغين حول العالم يعانون بدرجات مختلفة من حساسية اللاكتوز، وتناول الألبان قد يسبب لهم الشعور بالانتفاخ والغازات. Getty Images يُقدر أن ثلثي سكان العالم يعانون من حساسية اللاكتوز، لذا فإن منتجات الألبان يمكن أن تسبب الانتفاخ والغازات للكثيرين 6. القمح والحبوب الكاملة Getty Images الحبوب الكاملة ومنتجات القمح صحية ولكنها قد تسبب الغازات توجد الفركتانات والألياف المُسببة للانتفاخ في الحبوب أيضاً، مثل الشوفان ومنتجات القمح، لذا قد يُسبب الخبز والمعكرونة والحبوب الكاملة الغازات. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي بعض الحبوب الكاملة مثل القمح والشعير على الغلوتين. وإذا كنت تعاني من حساسية الغلوتين، فقد تشعر بالغازات والانتفاخ بعد تناول الأطعمة المشبعة به. 7. البروكلي والقرنبيط والملفوف الملفوف، البروكلي، القرنبيط، الكرنب الأخضر، وغيرها من الخضروات الورقية الخضراء غنية جداً بالألياف، وقد تكون ثقيلة على جهازك الهضمي. لكن بكتيريا أمعائك تحب استخدام هذه الألياف كمصدر للطاقة، مما يؤدي إلى تكون الغازات. كما أن العديد من هذه الخضروات الصليبية - وهي خضراوات تتميز بأوراقها المتقاطعة - تحتوي على الكبريت، والرائحة الناتجة عنها شائعة. Getty Images يمكن للخضروات التي تحتوي على الكبريت أن تزيد من رائحة الغازات 8. الفواكه العديد من الفواكه، مثل التفاح، والمانجو، والكمثرى، تحتوي على نسبة عالية من سكر الفركتوز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، بعض أنواع التفاح والكمثرى غنية بالألياف. ويعاني عدد من الأشخاص من صعوبة في هضم الفركتوز، وقد يصابون بالغازات عند تناول هذه الفواكه الحلوة، لأن أجسامهم لا تستطيع تفكيك السكريات بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن حساسية الفركتوز ليست شائعة مثل حساسية اللاكتوز. هل يمكنك التوقف عن إطلاق الغازات؟ الفواكه، الخضروات، والبقوليات قد تسبب الغازات، لكن تناول حصص كافية منها يومياً أهم بكثير من محاولة التخلص من الغازات. وإذا لم تكن معتاداً على تناول الأطعمة الغنية بالألياف، فإن زيادة الكمية بسرعة قد تسبب لك بعض الانزعاج. أضف الألياف إلى نظامك الغذائي تدريجياً لتجنب التأثيرات السلبية. Getty Images ينصح الخبراء بشرب كميات كبيرة من الماء لتقليل خطر الإصابة بالإمساك كما أن الحفاظ على الترطيب يقلل من خطر الإصابة بالإمساك، الذي يمكن أن يسبب زيادة الغازات. فإذا بقيت الفضلات في أمعائك، فإنها تستمر في التخمّر، مما ينتج غازات إضافية قد تكون ذات رائحة كريهة جداً. لذا حاول أن تتناول مشروباً مع كل وجبة واستمر في الترطيب طوال اليوم. وتوصي هيئة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة (إن إتش إس) أيضاً بشرب شاي النعناع لتخفيف الغازات والانتفاخ. كما أن المشروبات الغازية تحتوي على نسبة عالية من الغازات، وإذا كنت تشربها بكثرة فمن المحتمل أن تتجشأ وتزيد من الغازات لديك. وينطبق الأمر نفسه على مضغ العلكة أو شرب الحساء أو تناول الحبوب بالملعقة بسرعة، إذ يسبب ذلك ابتلاع كميات من الهواء، الذي لا بد له أن يخرج من جسمك. هل يجب عليك أن تشعر بالقلق؟ في معظم الحالات، لا تُثير الغازات القلق، فالكثير من أسبابها البسيطة لا تحتاج إلى تقييم أو علاج. لكن في بعض الحالات، قد تكون الغازات المفرطة علامة على وجود مشكلة صحية أعمق، فإذا كنت قلقاً، فمن الأفضل استشارة الطبيب. كما أن رائحة الغازات الكريهة قد تنتج أيضاً كآثار جانبية لبعض الأدوية.


الوسط
منذ 10 ساعات
- الوسط
هل يمكن صناعة مثلجات لا تذوب في الحر؟
Getty Images المثلجات من أهم الحلويات خلال الصيف، لكن مشكلته الأساسية تظل في أنه يذوب سريعاً في درجات الحرارة المرتفعة. فهل يستطيع العلماء المساعدة في حل المشكلة والحفاظ عليه بارداً ومتماسكاً لفترة طويلة؟ في فصل الصيف الحار هناك القليل من الأشياء التي تبعث على السعادة من بينها قطعة مثلجات مخروطية. لكن قد تحدث أمور بسيطة أيضاً تصيبنا باليأس، مثل ذوبانه وانسيابه على أصابعنا أو حتى انزلاقه بشكل تام وسقوطه على الأرض، مما يؤدي إلى ما يمكن أن يقال عنه "انهيار وبكاء طفل صغير". وبالطبع هناك الكثير من الحكايات عن الاستمتاع بالأشياء قصيرة الصلاحية، والتي تزداد حلاوتها كلما انتهت سريعاً. لكن بالنسبة للآيس كريم فالأمر يختلف، لأننا لن نتسامح مع هذا الوضع. خلال السنوات الماضية انتشرت تقارير عن مصاصات مثلجة أنتجتها شركة كانازاوا آيس اليابانية، وبعدها ظهر الآيس كريم الطري، الذي يتحمل درجات الحرارة العالية دون أن يذوب. نجح العلماء في إنتاج هذا النوع من المثلجات باستخدام كميات كبيرة من مركب البوليفينول، وهو نوع من جزيئات مضادات الأكسدة الموجودة في العديد من الفواكه. وجاءت النتيجة لتحقق ثباتاً مثيراً في قوام المثلجات، واختفت بوضوح آثار الذوبان والسائل الكريمي الذي يسيل على الأصابع. لكن كيف فعلوا هذا؟ تتكون المثلجات أساساً من الكريمة والسكر. ويوضع هذا المزيج الحلو في أسطوانة عالية التبريد، وعندما يتجمد المزيج داخل الأسطوانة، يمكن استخدامه بكشط طبقات منه وتجهيزه للبيع. هذه الطريقة تمنع تكوين بلورات الثلج وتضخمها داخل قوام الآيس كريم، والتي قد تتسبب في تعرج القوام وعدم استقامة بعض أنواع المثلجات، خاصة عند الرغبة في الاحتفاظ بها لتناولها في المنزل وليس فور الحصول عليها. تنتج بلورات الثلج غير المفضلة، بسبب إعادة التجميد، لأنه يسخن قليلاً (ويبدأ في الذوبان) أثناء رحلة نقله الطويلة من المصنع إلى المجمد، ثم يُعاد تجميده في مبردات متاجر البيع. وهذه المشكلة معروفة عند نقل المثلجات من مكان التجميد الأول في المصنع إلى مكان البيع حيث درجات الحرارة أعلى من الصفر، لذلك يستخدم مصنعوها أنواعاً من المُثبتات، مثل الكاراجينان المستخلص من الأعشاب البحرية، وصمغ القوار (من بذور القوار)، في محاولة لتخفيف الأضرار التي تلحق بقوامها أثناء رحلاتها. عندما شاهدت كاميرون ويكس، عالمة الأغذية التي كانت تدرس آنذاك في جامعة ويسكونسن وتعمل الآن في شركة جنرال ميلز لإنتاج الأغذية، فيديو مثلجات لا تذوب من إنتاج الشركة اليابانية كانازاوا آيس، تساءلت عن تأثير البوليفينولات في تثبيتها. تتمتع جزيئات البوليفينولات بخصائص ربما تساعد في تعزيز الصحة، وليس بالضرورة خصائص هندسية. في المختبر، بدأ استخدامها بتجربة زيادة مستويات أعلى فأعلى من بوليفينول إلى خلطات الكريمة، وكان النوع المستخدم هو: حمض التانيك. في التجارب مزجوا الكريمة مع حمض التانيك بتركيزات بدأت من 0.75 في المئة و1.5 في المئة ثم وصلت إلى 3 في المئة، ولاحظ العلماء أن التركيزات الأعلى بدأت تتكثف فوراً تقريباً. بعد تبريد المزيج لمدة 24 ساعة، وجدت القياسات أن حمض التانيك تسبب في تجلطه بقوة وعدم ذوبانه، لدرجة أنهم استخدموا سكيناً لقطع المزيج المكون من 3 في المئة من حمض التانيك، كما أنه لم يسقط على الأرض عندما وضعوه في كوب وقلبوه رأساً على عقب. عند فحص مزيج الكريمة تحت المجهر، لاحظت كاميرون ويكس أن التركيزات الأعلى تحتوي على كريات دهنية واضحة بشدة. واستنتجت هي وزملاؤها أن حمض التانيك يتفاعل مع البروتينات الموجودة في الكريمة، مما يُشكل شبكة حماية مساعدة أو حاجزاً يمنع اندماج كريات الدهون هذه مع القوام وبالتالي يمنع الذوبان. وهذا يُفسر مقاومة المثلجات المصنوعة من هذه المادة للذوبان: فالدهون المتحررة من بلورات الكريمة لن تذوب، بفضل إضافة البوليفينول. Getty Images ربما تنضم جزئيات البوليفينولات إلى المثبتات القوية جداً التي تحفاظ على الآيس كريم في حالته الطبيعية ومع ذلك، فإن هذه الطريقة الكيميائية ليست وسيلة لتجميد الوقت وكسر قوانين الفيزياء الكونية. فهي تشبه فقط دعامة للإبقاء على قوام الآيس كريم. وبعد ساعات وجدت كاميرون في تجارب لاحقة أن المثلجات المصنوعة بهذه الطريقة تكتسب قواماً يشبه البودينغ، على الرغم من أنها تحافظ بطريقة ما على نفس الشكل السابق. كما أن البوليفينولات لا تحافظ بالطبع على درجة برودتها. وعندها اكتشفت أن المثلجات لا تذوب، بل تتحول إلى كتلة مطاطية عندما ترتفع درجة الحرارة وتسخن، وهذا في الواقع ليس الشكل الذي نتوقعه من هذه الحلوى المجمدة. والمعروف أن توقعاتنا في الطعام مهمة بشكل كبير (للاستمتاع به)؛ فمثلاً إذا كنت تتوقع تناول آيس كريم فانيليا، واكتشفت بعد تذوقه أنه عبارة عن بطاطس مهروسة (نظراً لأن قوامه أصبح مطاطياً)، فهذا يمثل تغييراً جذرياً في حياتك. في النهاية ربما تنضم جزئيات البوليفينولات إلى المثبتات القوية جداً التي تحفاظ على الآيس كريم في حالته الطبيعية إلى حد ما أثناء عملية نقله الصعبة لمسافات طويلة. ولكن السؤال هل ستجد الحلويات الغنية بالبوليفينولات، المصممة لتحمّل الحرارة والمحافظة على شكلها لساعات، طريقها إلى أكشاك الآيس كريم القريبة منك؟ سننتظر ما تأتي به الأيام المقبلة.


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
العالم يزداد حرارة، هل تؤثر موجات الحر على أدمغة البشر؟
Getty Images الحرارة العالية تؤثر على الحاجز الذي يحمي الدماغ ما يجعله أكثر هشاشة وقابلية للاختراق يزداد العالم حرارة بسبب موجات الحر الشديدة الناتجة عن التغير المناخي، مما يدفع العلماء للتسابق من أجل فهم تأثير ارتفاع الحرارة على قدرات أدمغتنا البشرية. لم يكد الرضيع جيك أتمّ شهره الخامس، حتى أُصيب بأول نوبة صرع كبرى، حيث تيبس جسده الصغير ثم أخذ يرتعش بسرعة. تقول والدته، ستيفاني سميث: "كان الجو حاراً جداً، وبالتالي ارتفعت درجة حرارته، ثم رأينا ما اعتقدنا أنه أفظع شيء سنراه على الإطلاق". "لكن للأسف، كان هناك ما هو أكثر من هذا." بدأت نوبات الصرع تزداد في الطقس الحار. وفي أيام الصيف الخانقة والرطبة، كانت عائلة جيك تلجأ إلى استخدام كل أساليب التبريد الممكنة، وتصارع بشراسة للسيطرة على هذه النوبات. خضع جيك لاختبار جيني في سن 18 شهراً، وشخّص الأطباء حالته بأنها متلازمة درافيت، وهي حالة عصبية تتضمن شكلاً من أشكال الصرع، وتصيب طفلاً واحداً من كل 15 ألف طفل تقريباً. غالباً ما يصاحب هذه الحالة نوبات إعاقة ذهنية ومجموعة أمراض مثل التوحد واضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه، بالإضافة إلى صعوبات في الكلام والحركة وتناول الطعام وحتى النوم. ويمكن أن تحدث النوبات بسبب ارتفاع الحرارة والتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة. يبلغ جيك الآن من العمر 13 عاماً، وتوضح والدته أنه عانى من نوبات كثيرة لا تحصى مع تغير الطقس، وتقول ستيفاني: "ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وموجات الحر تزيد من عبء التعايش مع هذه الحالة المدمرة أصلاً". وتعد متلازمة درافيت واحدة من أمراض عصبية عديدة تزداد حدتها مع ارتفاع درجات الحرارة، كما يقول سانجاي سيسوديا، من كلية لندن الجامعية، وهو رائد في مجال تأثير تغير المناخ على الدماغ وطبيب أعصاب متخصص في الصرع، وسمع الكثير من عائلات المرضى عن تزايد المشاكل خلال موجات الحر. يقول سيسوديا: "تساءلت في نفسي، بالطبع، لماذا لا يؤثر تغير المناخ أيضاً على الدماغ؟ ففي النهاية، هناك العديد من العمليات في الدماغ مرتبطة بكيفية تعامل الجسم مع الحرارة." أثناء بحثه في المراجع العلمية، اكتشف مجموعة من الحالات العصبية التي تتفاقم مع ارتفاع الحرارة والرطوبة، منها الصرع، و السكتة الدماغية، والتهاب الدماغ، والتصلب اللويحي، والصداع النصفي، وغيرها. كما اكتشف أن آثار تغير المناخ على أدمغتنا أصبحت واضحة بالفعل. على سبيل المثال، خلال موجة الحر الأوروبية عام 2003، جاءت 7 في المئة من الوفيات الزائدة بسبب مشاكل عصبية مباشرة. وتم رصد أرقام مماثلة خلال موجة الحر في بريطانيا عام 2022. كما أن الحرارة يمكن أن تغير أيضاً الطرق التي تعمل بها أدمغتنا، مما يجعلنا أكثر عنفاً وغضباً واكتئاباً. والسؤال الآن، في ظل ارتفاع درجة حرارة العالم بسبب تغير المناخ، ما هو التأثير المتوقع للحرارة على أدمغتنا؟ Getty Images موجات الحر الشديد تؤدي إلى تغيرات في السلوك والمزاج، وغالباً ما يؤدي إلى تفاقم الحالات العصبية نادراً ما ترتفع درجة حرارة الدماغ البشري بمقدار درجة مئوية واحدة في المتوسط عن درجة حرارة الجسم الأساسية. لكن نظراً لكونه من أكثر أعضاء الجسم استهلاكاً للطاقة، فإن الدماغ يُنتج قدراً من الحرارة الذاتية (يسخن الدماغ ذاتياً)، عندما نقوم بعمليات التفكير والتذكر ونتفاعل مع العالم من حولنا. هذا يعني أن أجسامنا تبذل جهداً كبيراً للحفاظ على برودتها، وهو ما يقوم به الدم خلال دورته عبر شبكة من الأوعية الدموية من أجل الحفاظ على درجة الحرارة، وكذلك التخلص من الحرارة الزائدة. هذا ضروري لأن خلايا دماغنا حساسة جداً للحرارة. وهناك فهم أيضاً لأن وظيفة بعض الجزيئات التي تنقل الرسائل بين هذه الخلايا تعتمد على درجة الحرارة، ما يعني أن كفاءة عملها تتأثر إذا ارتفعت درجة حرارة أدمغتنا أو حتى إذا انخفضت. على الرغم من أن الحرارة الشديدة تغير آلية عمل أدمغة الجميع، وقد تؤثر سلباً على اتخاذ القرارات وتدفع الناس إلى مخاطر أكبر، إلا أن المصابين بأمراض عصبية هم الفئة الأكثر تضرراً غالباً، لأسباب عديدة، منها على سبيل المثال ضعف عملية التعرق بسبب بعض الأمراض. ويوضح سيسوديا أن تنظيم الحرارة وظيفة دماغية، وقد "تتعطل إذا لم تعمل أجزاء معينة من الدماغ بشكل صحيح." ففي بعض حالات مرض التصلب اللويحي، يبدو أن درجة حرارة الجسم الأساسية تتغير. كما أن بعض الأدوية التي تعالج الأمراض العصبية والنفسية، مثل الفصام، تؤثر على تنظيم درجة الحرارة، مما يجعل من يتناولونها أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس، أو ما يُعرف طبياً بالإجهاد الحراري، كما أنهم أكثر عرضة للوفاة المرتبطة بالحرارة. يمكن لموجات الحر، التي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة ليلاً، أن تؤثر على جودة النوم مما يؤثر على مزاج البشر، وقد يؤدي هذا إلى تفاقم أعراض بعض الحالات المرضية. يقول الدكتور سيسوديا: "بالنسبة للعديد من المصابين بالصرع، فإن قلة النوم يمكن أن ترفع خطر الإصابة بنوبات مرضية." Getty Images مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية نتيجة لتغير المناخ، سيزيد ذلك من الضغط على أجسادنا وأدمغتنا تشير الدلائل إلى أن حالات دخول المستشفيات ومعدلات الوفيات بين المصابين بالخرف تزداد أيضاً خلال موجات الحر. قد يرجع هذا جزئياً إلى التقدم في السن، نظراً لأن كبار السن أقل قدرة على تنظيم درجة حرارة أجسامهم، لكن الضعف الإدراكي لديهم قد يعني أيضاً ضعف القدرة على التكيف مع الحرارة الشديدة، فهم مثلا قد لا يشربون كمية كافية من الماء، أو ينسون إغلاق النوافذ، أو يخرجون في وقت ذروة الحر. كما أن هناك ارتباطاً بين ارتفاع درجات الحرارة وزيادة حالات السكتة الدماغية والوفيات. في إحدى الدراسات التي حللت بيانات وفيات السكتة الدماغية من 25 دولة، وجد الباحثون أن الحرارة الشديدة أدت إلى حدوث حالتي وفاة إضافيتين من بين 1000 حالة وفاة ناجمة عن السكتة الدماغية الإقفارية. تقول بيثان ديفيز، أخصائية طب الشيخوخة في مستشفيات جامعة ساسكس البريطانية: "قد لا يبدو هذا العدد كبيراً. ولكن مع بلوغ عدد الوفيات حول العالم بسبب السكتة الدماغية إلى سبعة ملايين وفاة سنوياً، فإن الحرارة العالية تتسبب في أكثر من 10 آلاف حالة وفاة إضافية بالسكتة الدماغية سنوياً". وحذرت بيثان وزملاؤها من أن تغير المناخ من المرجح أن يفاقم هذا الوضع في السنوات القادمة. ولأن البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل الأكثر تضرراً من تغير المناخ وتشهد أيضاً أعلى معدلات السكتات الدماغية، فإنها سوف تعاني من تزايد هذه الحالات المرتبطة بالحرارة. وتضيف بيثان ديفيز: "سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم الفجوة الصحية بين البلدان، وحتى داخل البلد نفسه ستزداد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية". وتتزايد الأدلة حول وجود خطر أكبر على كبار السن وأصحاب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني، فهم أكثر عرضة لخطر الوفيات المرتبطة بالحرارة. كما أن ارتفاع درجة حرارة العالم يضر بالنمو العصبي للأطفال الأصغر سناً. وتقول جين هيرست، أستاذة صحة المرأة العالمية في إمبريال كوليدج لندن بريطانيا: "هناك ارتباط بين الحرارة الشديدة ومشكلات الحمل السيئة، مثل الولادات المبكرة". وقد وجدت مراجعة منهجية حديثة للأبحاث العلمية أن موجات الحر ترتبط بزيادة نسبة الولادة المبكرة إلى 26 في المئة، مما قد يؤدي إلى تأخر النمو العصبي وضعف إدراكي للأطفال. Getty Images ارتفاع درجات الحرارة قد تؤثر على آلية عمل الدماغ البشر وانتقال الرسائل بين الخلايا العصبية وتضيف جين: "مع ذلك، هناك الكثير مما نجهله. مثلاً من هم الأكثر عرضة للخطر ولماذا؟ لأن هناك 130 مليون امرأة تُنجبن كل عام، وكثيرات منهن يعشن في بلدان حارة، ولا يحدث لهن هذا." كما أن الحرارة المفرطة الناجمة عن تغير المناخ قد تؤدي لضغوط إضافية على الدماغ، مما يجعله أكثر عرضة للتلف وبالتالي إصابته بأمراض عصبية تنكسية. فالحرارة تؤثر أيضاً على الحاجز الذي يحمي الدماغ عادة، مما يجعله أكثر هشاشة وقابلية للاختراق، ويزيد من خطر انتقال السموم والبكتيريا والفيروسات إلى أنسجة الدماغ. قد يزداد هذا الأمر أهمية مع ارتفاع درجات الحرارة وأيضاً انتشار البعوض الذي ينقل فيروسات قد تسبب أمراضاً عصبية، مثل زيكا وشيكونغونيا وحمى الضنك. يقول توبياس سوتر، عالم الحشرات الطبية في المعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة: "يمكن أن يؤثر فيروس زيكا على الأجنة ويسبب صغر الرأس". ويضيف: "ارتفاع درجات الحرارة واعتدال الحرارة في فصول الشتاء يعني أن موسم تكاثر البعوض (يكون طويلاً) يبدأ مبكراً وينتهي متأخراً." ويمكن لموجات الحر أن تؤثر على مجموعة كبيرة من العمليات النفسية، بدءاً من النبضات الكهربائية للخلايا العصبية، ومروراً بخطر التفكير في الانتحار، والقلق المناخي، وقد تؤثر حتى على فاعلية الأدوية المستخدمة لعلاج الحالات العصبية. لكن العلماء ما زالوا يعملون على التحديد الدقيق لكيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على أدمغتنا. يؤثر الحر على الناس بطرق مختلفة جداً، بعضهم يزدهر في الطقس الحار، بينما يجده آخرون لا يُطاق. يقول سيسوديا: "قد تكون هناك عوامل مختلفة ذات صلة بهذه الحساسية المختلفة، وقد يكون أحدها الاستعداد الوراثي." يمكن للمتغيرات الجينية أن تؤثر على هياكل البروتينات التي قد تجعل بعض الناس أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. ويضيف: "قد تكون هناك خصائص كامنة مرتبطة باستجابة الإنسان للحرارة، لن تظهر إلا في حالة وجود ضغوط بيئية حرارية تؤدي في النهاية لخروجها"، "ما نراه اليوم من أعراض لدى الأشخاص المصابين باضطرابات عصبية قد تظهر على أشخاص غير مصابين بها مع تقدم تغير المناخ". لا تزال هناك أسئلة أخرى بحاجة إلى إجابة. على سبيل المثال، هل درجة الحرارة القصوى، أم طول موجة الحر، أم درجة الحرارة الليلية، هي الأكثر تأثيراً؟ قد يختلف الأمر من شخص لآخر أو حسب الحالة العصبية. لكن تحديد الفئات المعرضة للخطر وأسباب معاناتها أمر مهم جداً للمساعدة في وضع استراتيجيات لحماية الفئات الأكثر ضعفاً. قد يشمل ذلك أنظمة إنذار مبكر أو تأمينات لتعويض عمال المياومة عن الأجور التي سيخسرونها لعدم العمل بسبب الحر الشديد. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عندما تم تأكيد أن شهر يوليو/تموز 2023 هو الشهر الأكثر حرارة على الإطلاق: "لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، وبدأ عصر الغليان العالمي". تغير المناخ حاضر ويتفاقم، وعصر ارتفاع درجة حرارة الدماغ بدأ الآن.