logo
واقع الإعلام الأردني : قراءة متأنية صاخبة #عاجل

واقع الإعلام الأردني : قراءة متأنية صاخبة #عاجل

جو 24منذ 3 ساعات
جو 24 :
كتب د. ماجد الخواجا
لا يخفى عن كل عين ثاقبة
رؤية المشهد الإعلامي البائس الذي وصلت إليه الحالة الإعلامية في الأردن، بعد أن
كان مضرب المثل في مستوى ومنسوب الحرية المتاحة للإعلام في المنطقة العربية. مشهد
بدأت ملامح الانحدار له مع بدايات الربيع العربي قبل 15 عاماً، حيث انهارت حينها
الحواجز والسقوف ووصلت مستويات التعبير لأبعد مدى ليس فقط في الأردن، وإنما في
عديد من الدول العربية التي دخلتها الحراكات والمسيرات والاعتصامات في الميادين.
وكان الأردن يحتمل مثل هذا المستوى من التعبير نتيجة وجود ثقافة معاشة تسمح بحرية
معقولة للتعبير قبل بدايات الربيع العربي. ومن تجربة ممعنة في الكتابة الصحفية فقد
مارست النقد لسنوات طويلة والذي طال أركان الحكومات ابتداء من رؤسائها وليس
انتهاءً بوزرائها، فكان عنوان المقالة اليومي يتضمن كلمات من قبيل : الحكومة وفن
الطبخ، الحكومة وهيفا، الحكومة وفن الواوا، الحكومة ووووو. وأنتجت تلك المرحلة
كتباً ثلاث في مجال الكتابة الناقدة الساخرة والتي حملت عناوين " كله تمام،
خلقنا لنعترض، مياو" لا بل كانت الرعاية لاحتفالات التوقيع تكون لرئيس وزراء
أسبق، ورحم الله الدكتور معروف البخيت حين تماديت في أول إصدار لي أن طلبت منه
باعتباره رئيس الحكومة حينها أن يكتب مقدمة الكتاب الناقد لحكومته بيده، لكنه
اعتذر بسبب وجوده في الحكومة حيث أفاد أنه لو كان خارج الحكومة لما تردد في كتابة
مقدمة الكتاب الناقد لحكومته.
الغاية مما سبق أننا في
الأردن انتزعنا بحنكة وربما بدهاء مستوى مرتفع من إمكانية ممارسة العمل الصحفي
والكتابة والتحليل والاستقصاء وإجراء اللقاءات والتقارير الصحفية إلى الحد الذي
جعلنا في مرتبة متقدمة من حرية الصحافة على مستوى المنطقة العربية، وربما كان لا
يفوقنا غير لبنان والكويت في ذلك. فما الذي تغيّر حتى أصبحنا في أدنى سلّم وترتيب
الحريات الصحفية في العالم وفي المنطقة العربية.
كانت بدايات الانحدار تتمثل
في تعديلات جرت على قانون المطبوعات الذي كان ينظم العمل الإعلامي برمّته، وكان
هناك قضاة مختصين في قضايا الإعلام، وكانت أقصى درجات القيود القانونية في حجز
حرية الإعلامي قبل المحاكمة، ولم تكن الغرامات تتجاوز أرقاماً بسيطة وتنتهي القضية
بالطريقة الأردنية المعهودة والمتمثلة في " بوس اللحى" والتنازل عن
القضية.
لكن مفترق الطرق بين تلك
المستويات من حرية التعبير، وبين المستويات الحالية من المراتب الأخيرة في الحريات
الأساسية وفي مقدمتها حرية التعبير، جاء مع استحداث قانون الجرائم الإلكترونية،
وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون الجرائم الإقتصادية، إضافة لقانون المطبوعات وقانون
هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وقانون أمن الدولة، وطبعاً قانون العقوبات المدنية.
حيث أصبحت القيود مشددة سواء في مدة العقوبة أو في حجم الغرامات الكبيرة التي تعجز
عنها المؤسسات فما بالك بالأفراد. وأصبحت القضايا يمكن تحريكها من خلال الإدعاء
العام دون الحاجة للإدعاء الشخصي، وتم فك الارتباط بين الغرامات والتنازل عن الحق
الشخصي، أي أنه حتى لو كان هناك تنازل من طرف المشتكي، فإن الحق العام يظل سارياً.
ومع تعديلات جذرية أجريت
على قانون الجرائم الإلكترونية، حيث تم تغليظ العقوبات وزيادة الغرامات والتشدد في
سلطة القانون عبر مفاهيم واسعة وفضفاضة مثل اغتيال الشخصية والكراهية وذم الهيئات
وغيرها من مفاهيم جاهزة لمحاكمة أي فرد.
والمتتبع لسير الإعلام وواقعه
في الأردن سيلاحظ أنه منذ عام 2021 أصبح مجرّداً من أية مقومات العمل الصحفي
الحقيقي، فلا مجال للتحليل العميق، لا مجال لإجراء المقابلات الجريئة الناقدة، لا
مجال لإجراء تحقيق استقصائي جاد، لا مجال لنقد أي مسؤول مهما بلغت مرتبته.
لقد قمت بمتابعة أكثر
المواقع الإعلامية الأردنية الرسمية والخاصة منها، كان محتوى المواقع يتشابه بنسبة
لا تقل عن 80% وهو محتوى ساذج يتضمن أخباراً رسمية في افتتاح أو زيارة أو تصريح أو
لقاء أو مشاركة عزاء أو جاهة أو استقبل وودع، أو أي خبر عن أي مسؤول، ويكفي الولوج
لأي موقع لتحصل منه على محتوى كافة المواقع الإعلامية الأخرى.
فيما لم يعد للكتابة
الصحفية المقالية ذاك المستوى المرتفع من التحليل والنقد الواضح للممارسات والعمل
الإداري العام والخاص، فلا يجرؤ كاتب أن يتناول شركة أو مؤسسة أو هيئة أو وزارة،
إلا ويكون الرعب من سطوة القانون حاضر بقوة. ولا أبالغ إذا قلت أن غالبية المقالات
تجيء من باب التكلّف في المدح أو باعتبارها موضوعاً إنشائياً يصلح لطلبة اللغة
العربية في الصفوف الأساسية.
الحقيقة المرّة لواقع
الإعلام الأردني أنه يمرّ في حالة رديئة من مستويات العمل الإعلامي ومن تدنّي
منسوب الحرية الإعلامية، ومن ضحالة المحتوى الإعلامي المقدّم، ومن ذعر مقيم بين
الكلمة والكلمة، بين الصورة والصورة، بين التعليق والتعقيب.
بشكل موجز ومباشر فإن
الإعلام الأردني الحالي يتسم بما يأتي:
1-
عدم وجود تمايز
بين الوسائل والمواقع الإعلامية.
2-
عدم وجود محتوى إعلامي متنوع وتظهر فيه بصمة
فريدة لهذا الموقع عن ذاك الموقع.
3-
عدم الاختلاف في نسبة كبيرة من المنشورات
والأخبار المتناقلة حتى بأخطائها اللغوية والإملائية.
4-
عدم رصانة وجرأة الكتابة الصحفية التي تقدم
مشهداً ناقداً مستقلاً وجريئاً.
5-
انحدار كبير في مستويات الطرح للمواضيع والمواقف
السياسية والاجتماعية.
6-
تمدّد مواقع التواصل الاجتماعي العالمية على
حساب مواقع الإعلام المحلية.
7-
هيمنة من يدعون بالمؤثرين الذين يقدمون وجبات
كبيرة من التفاهة وانعدام القيم الإعلامية على المشهد الإعلامي العام.
8-
انحدار مستويات
الإعلاميين المهنية نتيجة القيود المفروضة على الوسط الإعلامي.
9-
بيئة غير صديقة لحرية التعبير والنقد والمهنية
الإعلامية الحقيقية.
10-
التحوّل من الإعلام إلى الإعلان بحثاً عن أي عائد مادي
يقيم الأود.
11-
اختفاء التحقيقات الصحفية الاستقصائية والمتابعات
والتقارير الناقدة.
12-
السيطرة الواضحة للهيئات الإعلامية بذريعة ضبط المشهد
الإعلامي مما جعلها في موضع الرقيب ومقصاته الشهيرة ذات مراحل عرفية.
13-
اللجوء للحلول السهلة المؤقتة كأن يتم حجب المواقع أو
حظرها، دون وجود أية دفاعات ومواجهات إعلامية حصيفة ومهنية وموضوعية.
14-
عدم الشعور بالأمن الوظيفي والشخصي للإعلاميين.
أما المطلوب من أجل رفع
سوية الإعلام ومنسوب الحرية الصحفية فيتمثل بما يأتي:
1-
إعادة النظر الجذرية في قانون الجرائم
الإلكترونية وعدم ربط حرية الكلمة بالجريمة الإلكترونية.
2-
التوسّع الحقيقي في توفير المعلومات وفي سهولة
الوصول إليها دون عوائق إدارية أو شخصية. فالمعلومة إن لم تأت بوقتها وسياقها وصحتها،
تصير لا فائدة مرجوة منها.
3-
دعم الإعلاميين وتوفير المنصات مرتفعة الحرية
وتوفير الإسناد المالي لهم.
4-
مراقبة وتحصيل العوائد من المقتحمين للإعلام تحت
ذرائع شتّى. خاصة أولئك الذين يقومون ببث مباشر وعمل الدعايات لهذا المنتج وتلك
السلعة.
5-
الوقوف على مسافة واحدة من جميع الإعلاميين
والكتّاب ومنحهم ذات المساحة والسقوف في التعبير.
6-
فتح المجال للرأي الآخر بشكل لا لبس فيه
وباعتباره رأي وطني مقدر، وإتاحة الظهور الإعلامي لكافة الأطراف على كافة القنوات
والوسائل الإعلامية الرسمية. إن الخطاب والسردية المكررة والببغائية لم تعد مجديّة
في زمن التريندات، وربما أصبحت تشكّل عبئاً وعائقاً في احتلال الإعلام الرسمي
والخاص أية مساحة من الفضاء الإعلامي العربي والعالمي.
7-
التمييز الواضح
بين من يمارس التفاهة أو إثارة النعرات والضغينة والعنصرية والكراهية، أو يعرض
محتويات غير أخلاقية ويروّج لأعمال جنسية، وبين من يعرض رأياً ناقداً إعلامياً.
8-
عدم إتاحة المجال للمسؤولين برفع قضايا على
الإعلاميين أثناء ممارستهم للعمل الرسمي طالما كان الحديث عن ممارسات وأداءات وليس
عن شخص المسؤول. إن النقد الموجّه للمسؤول أثناء عمله يعتبر واجباً إعلامياً وليس
من باب الترف أو الذّم والانتقاص من كرامة المسؤول.
ربما لم يتم التحليل الحصيف
والكامل للحالة الإعلامية الأردنية، لكن أزعم أنها محاولة لفتح الباب والمجال
لإثراء الحوار حول واقع ومستقبل الإعلام الأردني.
تابعو الأردن 24 على
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النذل خنجر سام
النذل خنجر سام

عمون

timeمنذ 20 دقائق

  • عمون

النذل خنجر سام

من يقرأ التاريخ يجد بأن النذالة والغدر رافقت بعض البشر عبر العصور فالذين ينعقون ضد أشخاص ومؤسسات في وطنهم مستخدمين قنوات التواصل الاجتماعي للنعيق كذبا وفتنا وافتراء أو من يختبىء في أي مجتمع بين الصفوف كائن نذل غدار يبتسم بوجهك بينما يسن الخنجر في الخفاء ويتوعد سلبيا بعزل من يخدمه و كان يضحك في وجهه والنذل الغدار قد يغير كتبا من أجل الإطاحة باخر لعزله كان يضحك بوجهه ومن يخدمه أو ينتقم من ابن أو ابنه لآخر زورا وبهتانا لا يستطيع مواجهة اخر في الظاهر صديقه فينتقم من ابن أو ابنه له أو من يجري عملا قولا أو فعلا مع عدو لوطنه وقد يكون العدو جنده جاسوسا خائنا لوطنه والنذل الغدار من يحرض ضد وطنه ويعمل لتاليب الناس ضد نظام بلده من أجل الفوضى والنذل الغدار من ينفذ أجندات خارجيه ويعمل كشيطان ويتحالف مع شيطان مثله ضد وطنه فالنذل الغدار كذاب وناكر للجميل فقد يلجأ إلى أساليب غير أخلاقية لتصفية حسابات شخصيه مع من كشفه في أعماله فيعمل النذل الغدار بلؤم وساديه والمكان عنده مزرعه للفساد والسرقه والمنافع الشخصيه من مكافاءات له وأعوانه وشلته من مكانه الذي حوله إلى مزرعة شخصيه فيظهر النذل الغدار ما لا يبطن فلا يؤتمن لانه كذاب ولاؤه لغير بلده ولمن جنده جاسوسا على بلده الذي علمه وعظم اكتافه وأهله منه ف فقد يتحول النذل إلى دبور يعيث فسادا وساديه كالدبور لا يؤتمن على غريمه من النحل التي تعطي عسلا طيبا فيه شفاء للناس فالنذل والغدار الكذاب اينما وجد في الكون الواسع لا يقرأ التاريخ والتاريخ لا يرحم كل نذل غدار كما لم يرحم يهوذا الاسخربوطي أحد حواريي المسيح عليه السلام فخان سيده مقابل ثلاثين من الفضه وسلمه لليهود فأصبح رمزا عالميا للخيانة والنذاله ولم يرحم التاريخ عبد الله بن ابي بن سلول رأس المنافقين في المدينه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان يظهر الاسلام ويبطن الكفر يفتري ويحرض وتعاون مع أعداء المسلمين وطعن الصف الداخلي في أوقات حرجه وصفات النذل الغدر والخيانه والكذب والافتراء وايذاء الآخرين والظلم والتعاون مع العدو على حساب أهله وأمته والنذل كذاب مراوغ كالثعلب طماع بخيل و مؤذ بطبعه يورط الآخرين في مشكلات ليست لهم يدفعهم الى الواجهه لبختبىء هو في الظل فإذا انكشف الأمر تبرأ منهم كأنه لا يعرفهم لانه لا يعرف الوفاء ولا يقدر المعروف فضميره خامد ووفاؤه ميت ومصلحته فوق كل قيمه لكن التاريخ والمجتمع يلفظان امثال هؤلاء لكنهم يتركون في الطريق جروحا لا تشفى بسهوله وذكريات مره عن خيانه في لحظة ثقه فإنهم الوجه المظلم للبشر حيث يلتقي الغدر والانتهازبه واللؤم في جسد واحد قد يمشي كإنسان لكنه في الحقيقه مجرد قناع على قلب فاسد ومفسد وكذاب ولا يمكن نسيان النذل الكذاب الذي يطعن من الخلف والذي يحيك الدسائس من وراء الستار والساديه جزء من تكوينه وكل من يعمل ضد وطنه ويشوه صورة وطنه ومؤسساته وأشخاص فيه ويستغل موقعه لايذاء الآخرين كذبا وافتراء وانتهازيه وتصفية حسابات شخصيه فهو نذل غدار وطال الزمن ام قصر ينكشف وينتهي ويذهب إلى مزبلة التاريخ قال تعالى "ولا تكن للخائنين خصيما" وقال تعالى"ولا تبغ الفساد في الأرض" وقال تعالى " أن الله لا يهدي من هو كاذب كفار "" قال رسولنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "ايات المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان " وقال " اياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار "

ماذا كتب أنس الشريف في وصيته الأخيرة؟
ماذا كتب أنس الشريف في وصيته الأخيرة؟

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 2 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

ماذا كتب أنس الشريف في وصيته الأخيرة؟

#سواليف 'إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي'، بهذه الكلمات بدأت الوصية التي تركها مراسل الجزيرة #أنس_الشريف، الذي اغتاله #جيش_الاحتلال الإسرائيلي مع زميله #محمد_قريقع وعدد من المصورين في قطاع غزة. وكشفت وصية الشريف، التي نشرت بعد استشهاده، عن رسالة أخيرة تجسد إيمانه بقضيته وثباته على مبدأ نقل الحقيقة مهما كان الثمن. وقد اغتيل الشريف وقريقع في قصف إسرائيلي استهدف #خيمة للصحفيين قرب #مستشفى_الشفاء بمدينة غ#زة. ويقول الشريف في وصيته 'يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي'، مؤكدا أنه لم يتوان يوما عن نقل الحقيقة 'بلا تزوير أو تحريف' رغم معايشته الألم والفقد بشكل متكرر. وجاء اغتيال الشريف بعد حملة تحريض إسرائيلية واسعة عليه، أذ قر جيش الاحتلال باستهدافه، وكان الشريف من الصحفيين القلائل الذين بقوا في شمالي القطاع لنقل فصول العدوان وحرب التجويع. وأوصى الشريف في وصيته بفلسطين، واصفًا إياها بـ'درة تاج المسلمين' ونبض قلب كل حر، داعيا إلى الوفاء لأهلها وأطفالها الذين لم يمهلهم العمر للحلم أو العيش في أمان بعدما مزقت أجسادهم القنابل والصواريخ الإسرائيلية. وصيته بأهله وخص الشريف أهله بوصايا، فذكر ابنته شام التي حلم برؤيتها تكبر، وابنه صلاح الذي تمنى أن يكون له سندا، ووالدته التي كانت دعواتها حصنه ونور دربه، وزوجته التي واجهت الحرب بثبات الزيتون وصبره. إعلان وختم وصيته بإقرار راضٍ بقضاء الله ثابتا على المبدأ حتى آخر لحظة، داعيا أن يكون دمه نورا يضيء درب الحرية لشعبه، ومؤكدا أنه مضى على العهد دون تغيير أو تبديل. ويأتي نشر هذه الوصية بعد ساعات من استهداف جيش الاحتلال خيمة الصحفيين بجوار مجمع الشفاء الطبي في غزة، مما أدى إلى استشهاد أنس الشريف وزميله محمد قريقع و3 مصورين آخرين، في جريمة أثارت موجة تنديد فلسطينية ودولية. ونعت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الشهيدين، ووصفت الفصائل الفلسطينية الاغتيال بأنه جريمة حرب متعمدة ورسالة ترهيب للصحفيين تمهيدًا لمجازر جديدة، في ظل صمت دولي اعتبرته مشجعًا للاحتلال على مواصلة جرائمه. وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة إيرين خان قد حذرت مؤخرًا من التهديدات الإسرائيلية ضد الشريف، مؤكدة أن حياته في خطر، في وقت اغتالت فيه إسرائيل خلال حربها الحالية عددًا من صحفيي الجزيرة بينهم إسماعيل الغول وحسام شبات.

واقع الإعلام الأردني : قراءة متأنية صاخبة #عاجل
واقع الإعلام الأردني : قراءة متأنية صاخبة #عاجل

جو 24

timeمنذ 3 ساعات

  • جو 24

واقع الإعلام الأردني : قراءة متأنية صاخبة #عاجل

جو 24 : كتب د. ماجد الخواجا لا يخفى عن كل عين ثاقبة رؤية المشهد الإعلامي البائس الذي وصلت إليه الحالة الإعلامية في الأردن، بعد أن كان مضرب المثل في مستوى ومنسوب الحرية المتاحة للإعلام في المنطقة العربية. مشهد بدأت ملامح الانحدار له مع بدايات الربيع العربي قبل 15 عاماً، حيث انهارت حينها الحواجز والسقوف ووصلت مستويات التعبير لأبعد مدى ليس فقط في الأردن، وإنما في عديد من الدول العربية التي دخلتها الحراكات والمسيرات والاعتصامات في الميادين. وكان الأردن يحتمل مثل هذا المستوى من التعبير نتيجة وجود ثقافة معاشة تسمح بحرية معقولة للتعبير قبل بدايات الربيع العربي. ومن تجربة ممعنة في الكتابة الصحفية فقد مارست النقد لسنوات طويلة والذي طال أركان الحكومات ابتداء من رؤسائها وليس انتهاءً بوزرائها، فكان عنوان المقالة اليومي يتضمن كلمات من قبيل : الحكومة وفن الطبخ، الحكومة وهيفا، الحكومة وفن الواوا، الحكومة ووووو. وأنتجت تلك المرحلة كتباً ثلاث في مجال الكتابة الناقدة الساخرة والتي حملت عناوين " كله تمام، خلقنا لنعترض، مياو" لا بل كانت الرعاية لاحتفالات التوقيع تكون لرئيس وزراء أسبق، ورحم الله الدكتور معروف البخيت حين تماديت في أول إصدار لي أن طلبت منه باعتباره رئيس الحكومة حينها أن يكتب مقدمة الكتاب الناقد لحكومته بيده، لكنه اعتذر بسبب وجوده في الحكومة حيث أفاد أنه لو كان خارج الحكومة لما تردد في كتابة مقدمة الكتاب الناقد لحكومته. الغاية مما سبق أننا في الأردن انتزعنا بحنكة وربما بدهاء مستوى مرتفع من إمكانية ممارسة العمل الصحفي والكتابة والتحليل والاستقصاء وإجراء اللقاءات والتقارير الصحفية إلى الحد الذي جعلنا في مرتبة متقدمة من حرية الصحافة على مستوى المنطقة العربية، وربما كان لا يفوقنا غير لبنان والكويت في ذلك. فما الذي تغيّر حتى أصبحنا في أدنى سلّم وترتيب الحريات الصحفية في العالم وفي المنطقة العربية. كانت بدايات الانحدار تتمثل في تعديلات جرت على قانون المطبوعات الذي كان ينظم العمل الإعلامي برمّته، وكان هناك قضاة مختصين في قضايا الإعلام، وكانت أقصى درجات القيود القانونية في حجز حرية الإعلامي قبل المحاكمة، ولم تكن الغرامات تتجاوز أرقاماً بسيطة وتنتهي القضية بالطريقة الأردنية المعهودة والمتمثلة في " بوس اللحى" والتنازل عن القضية. لكن مفترق الطرق بين تلك المستويات من حرية التعبير، وبين المستويات الحالية من المراتب الأخيرة في الحريات الأساسية وفي مقدمتها حرية التعبير، جاء مع استحداث قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون الجرائم الإقتصادية، إضافة لقانون المطبوعات وقانون هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وقانون أمن الدولة، وطبعاً قانون العقوبات المدنية. حيث أصبحت القيود مشددة سواء في مدة العقوبة أو في حجم الغرامات الكبيرة التي تعجز عنها المؤسسات فما بالك بالأفراد. وأصبحت القضايا يمكن تحريكها من خلال الإدعاء العام دون الحاجة للإدعاء الشخصي، وتم فك الارتباط بين الغرامات والتنازل عن الحق الشخصي، أي أنه حتى لو كان هناك تنازل من طرف المشتكي، فإن الحق العام يظل سارياً. ومع تعديلات جذرية أجريت على قانون الجرائم الإلكترونية، حيث تم تغليظ العقوبات وزيادة الغرامات والتشدد في سلطة القانون عبر مفاهيم واسعة وفضفاضة مثل اغتيال الشخصية والكراهية وذم الهيئات وغيرها من مفاهيم جاهزة لمحاكمة أي فرد. والمتتبع لسير الإعلام وواقعه في الأردن سيلاحظ أنه منذ عام 2021 أصبح مجرّداً من أية مقومات العمل الصحفي الحقيقي، فلا مجال للتحليل العميق، لا مجال لإجراء المقابلات الجريئة الناقدة، لا مجال لإجراء تحقيق استقصائي جاد، لا مجال لنقد أي مسؤول مهما بلغت مرتبته. لقد قمت بمتابعة أكثر المواقع الإعلامية الأردنية الرسمية والخاصة منها، كان محتوى المواقع يتشابه بنسبة لا تقل عن 80% وهو محتوى ساذج يتضمن أخباراً رسمية في افتتاح أو زيارة أو تصريح أو لقاء أو مشاركة عزاء أو جاهة أو استقبل وودع، أو أي خبر عن أي مسؤول، ويكفي الولوج لأي موقع لتحصل منه على محتوى كافة المواقع الإعلامية الأخرى. فيما لم يعد للكتابة الصحفية المقالية ذاك المستوى المرتفع من التحليل والنقد الواضح للممارسات والعمل الإداري العام والخاص، فلا يجرؤ كاتب أن يتناول شركة أو مؤسسة أو هيئة أو وزارة، إلا ويكون الرعب من سطوة القانون حاضر بقوة. ولا أبالغ إذا قلت أن غالبية المقالات تجيء من باب التكلّف في المدح أو باعتبارها موضوعاً إنشائياً يصلح لطلبة اللغة العربية في الصفوف الأساسية. الحقيقة المرّة لواقع الإعلام الأردني أنه يمرّ في حالة رديئة من مستويات العمل الإعلامي ومن تدنّي منسوب الحرية الإعلامية، ومن ضحالة المحتوى الإعلامي المقدّم، ومن ذعر مقيم بين الكلمة والكلمة، بين الصورة والصورة، بين التعليق والتعقيب. بشكل موجز ومباشر فإن الإعلام الأردني الحالي يتسم بما يأتي: 1- عدم وجود تمايز بين الوسائل والمواقع الإعلامية. 2- عدم وجود محتوى إعلامي متنوع وتظهر فيه بصمة فريدة لهذا الموقع عن ذاك الموقع. 3- عدم الاختلاف في نسبة كبيرة من المنشورات والأخبار المتناقلة حتى بأخطائها اللغوية والإملائية. 4- عدم رصانة وجرأة الكتابة الصحفية التي تقدم مشهداً ناقداً مستقلاً وجريئاً. 5- انحدار كبير في مستويات الطرح للمواضيع والمواقف السياسية والاجتماعية. 6- تمدّد مواقع التواصل الاجتماعي العالمية على حساب مواقع الإعلام المحلية. 7- هيمنة من يدعون بالمؤثرين الذين يقدمون وجبات كبيرة من التفاهة وانعدام القيم الإعلامية على المشهد الإعلامي العام. 8- انحدار مستويات الإعلاميين المهنية نتيجة القيود المفروضة على الوسط الإعلامي. 9- بيئة غير صديقة لحرية التعبير والنقد والمهنية الإعلامية الحقيقية. 10- التحوّل من الإعلام إلى الإعلان بحثاً عن أي عائد مادي يقيم الأود. 11- اختفاء التحقيقات الصحفية الاستقصائية والمتابعات والتقارير الناقدة. 12- السيطرة الواضحة للهيئات الإعلامية بذريعة ضبط المشهد الإعلامي مما جعلها في موضع الرقيب ومقصاته الشهيرة ذات مراحل عرفية. 13- اللجوء للحلول السهلة المؤقتة كأن يتم حجب المواقع أو حظرها، دون وجود أية دفاعات ومواجهات إعلامية حصيفة ومهنية وموضوعية. 14- عدم الشعور بالأمن الوظيفي والشخصي للإعلاميين. أما المطلوب من أجل رفع سوية الإعلام ومنسوب الحرية الصحفية فيتمثل بما يأتي: 1- إعادة النظر الجذرية في قانون الجرائم الإلكترونية وعدم ربط حرية الكلمة بالجريمة الإلكترونية. 2- التوسّع الحقيقي في توفير المعلومات وفي سهولة الوصول إليها دون عوائق إدارية أو شخصية. فالمعلومة إن لم تأت بوقتها وسياقها وصحتها، تصير لا فائدة مرجوة منها. 3- دعم الإعلاميين وتوفير المنصات مرتفعة الحرية وتوفير الإسناد المالي لهم. 4- مراقبة وتحصيل العوائد من المقتحمين للإعلام تحت ذرائع شتّى. خاصة أولئك الذين يقومون ببث مباشر وعمل الدعايات لهذا المنتج وتلك السلعة. 5- الوقوف على مسافة واحدة من جميع الإعلاميين والكتّاب ومنحهم ذات المساحة والسقوف في التعبير. 6- فتح المجال للرأي الآخر بشكل لا لبس فيه وباعتباره رأي وطني مقدر، وإتاحة الظهور الإعلامي لكافة الأطراف على كافة القنوات والوسائل الإعلامية الرسمية. إن الخطاب والسردية المكررة والببغائية لم تعد مجديّة في زمن التريندات، وربما أصبحت تشكّل عبئاً وعائقاً في احتلال الإعلام الرسمي والخاص أية مساحة من الفضاء الإعلامي العربي والعالمي. 7- التمييز الواضح بين من يمارس التفاهة أو إثارة النعرات والضغينة والعنصرية والكراهية، أو يعرض محتويات غير أخلاقية ويروّج لأعمال جنسية، وبين من يعرض رأياً ناقداً إعلامياً. 8- عدم إتاحة المجال للمسؤولين برفع قضايا على الإعلاميين أثناء ممارستهم للعمل الرسمي طالما كان الحديث عن ممارسات وأداءات وليس عن شخص المسؤول. إن النقد الموجّه للمسؤول أثناء عمله يعتبر واجباً إعلامياً وليس من باب الترف أو الذّم والانتقاص من كرامة المسؤول. ربما لم يتم التحليل الحصيف والكامل للحالة الإعلامية الأردنية، لكن أزعم أنها محاولة لفتح الباب والمجال لإثراء الحوار حول واقع ومستقبل الإعلام الأردني. تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store