logo
Tunisie Telegraph هل تغفل تونس عن الدرس الأوروبي في مواجهة عنف الملاعب؟

Tunisie Telegraph هل تغفل تونس عن الدرس الأوروبي في مواجهة عنف الملاعب؟

تونس تليغرافمنذ 20 ساعات
أثار مشروع قانون جديد حول مكافحة العنف في الملاعب الرياضية في تونس موجة واسعة من الجدل، بعد أن أودعه مجموعة من النواب بمجلس نواب الشعب بتاريخ 10 جويلية 2025. وينص المشروع على جملة من العقوبات الزجرية التي تشمل السجن والغرامات، بالإضافة إلى عقوبات جماعية تطال الأندية الرياضية.
وفقًا لنص المشروع، فإن كل من يرتكب أعمال عنف داخل الملاعب أو في محيطها، يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات. كما يُعاقب من يُلقي مقذوفات أو يستخدم الشماريخ بخطية مالية لا تقل عن 5 آلاف دينار، في حين تصل العقوبة إلى السجن بين 5 و10 سنوات في حال حمل أو استخدام أسلحة أو أدوات خطيرة خلال الأحداث الرياضية.
وتتضاعف العقوبات في حال وقوع المخالفات داخل فضاءات مغلقة كالقاعات الرياضية. وينص المشروع أيضًا على منع الأشخاص المدانين من دخول الملاعب لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ويُمنعون نهائيًا في حال تكرار الجرم.
أما الأندية، فتُعاقب بخطايا مالية تبدأ من 50 ألف دينار إذا تكررت أعمال العنف من قبل جماهيرها، وقد تُمنع من استقبال المباريات لموسم كامل، مع إمكانية غلق ملاعبها بصفة مؤقتة.
كما ينص المشروع على تحميل منظّمي التظاهرات مسؤولية تعويض المتضررين في حال وجود تقصير أمني، فيما يُلزم مثيرو الشغب بتحمل تكاليف الأضرار التي تطال الممتلكات العامة أو الخاصة، ويمكن تحميل النادي المسؤولية المالية في حال عدم قدرة المتسببين على دفع تلك التكاليف.
في مقابل هذا التشديد، عبّر عدد من النشطاء ومتابعي الشأن الرياضي عن تخوفهم من أن يتحول النص إلى أداة ردع مفرطة، تستهدف التعبير الجماهيري أكثر من حماية الفضاءات الرياضية. واعتبر منتقدو المشروع أنه يفتقر لأي إجراءات وقائية أو برامج مرافقة تُعنى بتأطير الجماهير وتثقيفها، وهو ما يُثير مخاوف من تغذية ظاهرة العنف بدل الحد منها.
للمقارنة، تطبّق دول أوروبية قوانين صارمة للحد من العنف في الملاعب، لكنها تقرن ذلك بسياسات وقائية ومرافقة مجتمعية:
إنجلترا: من 'الهوليغانز' إلى الانضباط المشدد
شهدت إنجلترا في الثمانينات واحدة من أعنف موجات الشغب المرتبطة بكرة القدم، حيث عُرف المشجعون العنيفون باسم 'الهوليغانز'، وكانوا يشكلون خطرًا حقيقيًا داخل وخارج الملاعب. لكن السلطات البريطانية واجهت الظاهرة عبر حزمة متكاملة من الإجراءات التشريعية والأمنية والاجتماعية.
فقد تم اعتماد قوانين صارمة تمنع أي شخص متورط في الشغب من دخول الملاعب لفترات طويلة، مع إمكانية إصدار 'أوامر استبعاد' (Banning Orders) حتى دون محاكمة، إذا ثبت سلوك عنيف أو خطر وشيك. كما تم اعتماد كاميرات مراقبة دقيقة، وتحديث البنية التحتية للملعب لتقليل الاحتكاك بين الجماهير، مع رقمنة منظومة التذاكر لتحديد هوية كل داخل للملعب بدقة.
إلى جانب ذلك، استثمرت السلطات في برامج تربوية داخل المدارس وفي الأحياء ذات الحضور الجماهيري الكبير، وربطت النوادي بعلاقات مباشرة مع جمهورها في إطار ما يُعرف بـ'Community Outreach'.
وقد أدّت هذه الاستراتيجية المتكاملة إلى تراجع كبير في نسب العنف، وتحسّن صورة الجماهير الإنجليزية عالميًا، بعد أن كانت مرادفة للفوضى والتخريب.
فرنسا : تعاقب استخدام الشماريخ بالسجن حتى 3 سنوات وغرامات تصل إلى 15 ألف يورو، مع منع من دخول الملاعب لخمس سنوات، لكنها تدعم جمعيات تُعنى بجماهير 'الألتراس' وتخصص تمويلات عامة للتأطير.
: تعاقب استخدام الشماريخ بالسجن حتى 3 سنوات وغرامات تصل إلى 15 ألف يورو، مع منع من دخول الملاعب لخمس سنوات، لكنها تدعم جمعيات تُعنى بجماهير 'الألتراس' وتخصص تمويلات عامة للتأطير. إيطاليا : تطبّق آلية إدارية تُعرف بـ'DASPO' تمنع المشاغبين من دخول الملاعب حتى دون أحكام قضائية، لكنها تعتمد المراقبة الميدانية وسياسات اجتماعية متوازية.
: تطبّق آلية إدارية تُعرف بـ'DASPO' تمنع المشاغبين من دخول الملاعب حتى دون أحكام قضائية، لكنها تعتمد المراقبة الميدانية وسياسات اجتماعية متوازية. ألمانيا : تفرض عقوبات تصل إلى 3 سنوات سجن، لكنها تُولي أولوية للمرافقة والوقاية من خلال دعم مشاريع 'Fan-Projekte' التي تعزز العلاقة بين الجماهير والسلطات.
: تفرض عقوبات تصل إلى 3 سنوات سجن، لكنها تُولي أولوية للمرافقة والوقاية من خلال دعم مشاريع 'Fan-Projekte' التي تعزز العلاقة بين الجماهير والسلطات.
رغم مشروعية سعي الدولة إلى تأمين الملاعب وفرض النظام، فإن غياب الرؤية الشاملة التي تدمج الزجر بالوقاية يطرح تساؤلات جوهرية:
هل يمكن تحقيق الأمن في الملاعب دون بناء ثقة بين الجمهور والسلطة؟
وهل تكفي العقوبات وحدها دون إشراك الجمهور في صياغة الحلول؟
يبقى مشروع القانون محل نقاش داخل أروقة البرلمان، لكن المؤكد أن معالجة العنف في الملاعب لا تتطلب فقط نصًا قانونيًا صارمًا، بل مقاربة متكاملة تتفاعل مع الواقع الاجتماعي والثقافي للجمهور الرياضي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جامعة المتقاعدين: بعض المتقاعدين يضطرّون للتسوّل أو جمع البلاستيك..
جامعة المتقاعدين: بعض المتقاعدين يضطرّون للتسوّل أو جمع البلاستيك..

تورس

timeمنذ ساعة واحدة

  • تورس

جامعة المتقاعدين: بعض المتقاعدين يضطرّون للتسوّل أو جمع البلاستيك..

واشار نصري، في تصريح لاذاعة الديوان اليوم الخميس، الى أن العديد من المتقاعدين اضطروا الى الخروج الى التسول أو العمل كحراس في بعض المؤسسات، او كعمال في حضائر البناء، فيما يضطر عدد آخر من المتقاعدين الى جمع البلاستيك من أجل توفير أبسط احتياجاتهم. وتابع قائلا " هناك بعض المتقاعدين لا يملكون ثمن شراء قهوة." وبين المتحدث، بأن المتقاعد يتلقى جراية تقدر ب200 دينار ولا تكفي أبسط متطلباته اليومية، موضحا بأن البعض صار يعتبرهم بمثابة العالة على الدولة على الرغم من الجهود التي بذلها لبناء الوطن. وطالب رئيس الجامعة العامة للمتقاعدين، بضرورة الترفيع في جراية المتقاعد وأن لا تقل عن الأجر الأدنى المضمون في القطاع الخاص حتى يتمكن من توفير حاجياته الضرورية رفقة عائلته.

السجن والخطية المالية لمسؤول استولى على أموال عمومية فاقت مليون دينار
السجن والخطية المالية لمسؤول استولى على أموال عمومية فاقت مليون دينار

ديوان

timeمنذ 4 ساعات

  • ديوان

السجن والخطية المالية لمسؤول استولى على أموال عمومية فاقت مليون دينار

قضت مؤخرا هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس بالحكم بـ 6 سنوات سجنا في حق مسؤول بإحدى المؤسسات اتهم بالاستيلاء على اموال عمومية فاقت المليون دينار وتحويلها لحساب شقيقه وخلال جلسة محاكمته اعترف المتهم بالاستيلاء على مبلغ 600 الف دينار نافيا ارتكابه لبقية الاستيلاءات التي وردت بنتائج الاختبارات المجراة في قضية الحال وفق ما اكده مصدر مطلع لديوان.

قروض ميسرة.. إسبانيا تستثمر 200 مليون يورو في موريتانيا صحراء ميديا
قروض ميسرة.. إسبانيا تستثمر 200 مليون يورو في موريتانيا صحراء ميديا

صحراء ميديا

timeمنذ 17 ساعات

  • صحراء ميديا

قروض ميسرة.. إسبانيا تستثمر 200 مليون يورو في موريتانيا صحراء ميديا

أعلنت الحكومة الإسبانية مساء الأربعاء تخصيص حزمة تمويلية بقيمة 200 مليون يورو لدعم الاستثمارات الإسبانية في موريتانيا،. جاء ذلك خلال اختتام الاجتماع رفيع المستوى الأول بين البلدين في العاصمة نواكشوط، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي وتوسيع آفاق الشراكة بين القطاعين الخاصين. وتشمل الحزمة قروضًا ميسرة لتمويل مشاريع في مجالات التحول الطاقي، ودراسات الجدوى، وضمانات للمخاطر، إلى جانب تسهيلات موجهة لدعم الشركات الإسبانية العاملة في موريتانيا. كما أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، عن تعيين أول ممثل اقتصادي وتجاري لإسبانيا في نواكشوط بدءًا من سبتمبر المقبل، لتعزيز الحضور المؤسسي ودعم الاستثمارات. بدوره، شدد سانشيز على أهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لافتًا إلى أن إسبانيا هي الشريك التجاري الأول لموريتانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وأعرب عن تطلع مدريد لتوسيع التعاون عبر مبادرات أوروبية مثل 'البوابة العالمية' وتحالف 'إفريقيا تتقدم'. وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في كلمته إن المنتدى يمثل 'محطة مهمة' تعكس التزام القطاع الخاص بلعب دور رئيسي في تعزيز العلاقات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن موريتانيا توفر فرصًا استثمارية واعدة في قطاعات الإنتاج والخدمات والبنى التحتية والطاقة. وشارك في المنتدى ممثلون عن حكومتي البلدين، إلى جانب رجال أعمال وممثلين عن هيئات الاستثمار وغرف التجارة. وناقشت الجلسات القطاعية فرص التعاون في مجالات الزراعة والصيد والمعادن والطاقة والسياحة، وسط إشادة بالتقدم الذي أحرزته موريتانيا في تحسين مناخ الأعمال من خلال إصلاحات تشريعية ومؤسساتية. كما شهد المنتدى استعراضًا للفرص الاستثمارية في السوق الموريتانية، وسط دعوات لتسريع إقامة مشاريع مشتركة، في ظل توفر الإرادة السياسية والدعم الحكومي من الجانبين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store