
مناسب.. ويليق بأبها
هذا التحول لا يُقاس فقط بالمشروعات العملاقة، ولا يُختزل في مؤشرات اقتصادية أو بنى تحتية، بل يظهر أحياناً في لحظة عابرة... في محادثة، في كلمة، في إيماءة. وهذا ما يجعل من رسالة خاصة، استعرضها مؤخراً أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، بينه وبين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وثيقة رمزية تختصر ما تغيّر في عمق الدولة.
قد يبدو ظاهر هذه المحادثة بسيطاً: عرض لتصميم مشروع، وتعليق من القائد، وردّ من الإداري التنفيذي. لكن ما وراء ذلك هو بنية ذهنية جديدة، تُحيلنا إلى سؤال جوهري: كيف تتعامل الدولة السعودية الحديثة مع القرار؟ وما الذي تعنيه كلماتٌ مقتضبة مثل: «يليق»، «مناسب»، «نعتمده»... حين تصدر من رأس الدولة أو من ينفذ أمره؟
قبل أن تبدأ الكلمات، كانت الصورة. صورة العرض لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المحادثة كانت الشعار الرسمي للمملكة: السيفان والنخلة. لا صورة شخصية، ولا مناسبة إعلامية، ولا رمزاً شخصياً. بل رمز الدولة ذاته. وهذه ليست مصادفة. بل هو تعبير رمزي عميق عن قائد اختار أن يكون تمثيله امتداداً للدولة، لا تجسيداً لذاته. قائد ألغى مفهوم التمحور حول الذات، وارتضى أن تكون صورته الأولى هي السعودية. لا يحتاج إلى صورة تُعرّفه... لأن الراية تكفي.
حين استعرض الأمير تركي التصاميم النهائية لمطار أبها الجديد، جاءت أولى كلمات ولي العهد: «هذا مطار يليق بأبها». وهنا لا نتحدث عن إطراء عابر، بل عن تقدير ذوقي وسيادي في آنٍ واحد. ولي العهد لا يمدح التصميم من منظور هندسي، بل يربط بين المشروع وهوية المدينة. وكأنه يقول: نحن لا نريد مطاراً فحسب، بل نريده أن يكون امتداداً لكرامة أبها، لذوقها، لهويتها الثقافية. كلمة «يليق» هنا ليست وصفاً، بل معياراً تنفيذياً.
عندها بادر الأمير تركي بن طلال بالرد: «نعتمده طال عمرك». وهي جملة تحمل في طيّاتها فهماً دقيقاً لما تعنيه عبارة القائد، واستعداداً فورياً للانتقال من التقييم إلى التنفيذ. لم ينتظر توجيهاً إضافياً، بل التقط روح الرسالة، وأعاد صياغتها كقرار إداري رسمي.
ثم قال الأمير محمد بن سلمان كلمة واحدة فقط: «مناسب». كلمة قصيرة للغاية، لا تُلفت النظر عند عامة الناس، لكنها في عقل الدولة الحديثة تُعادل ختم القرار. ففي أنظمة الحكم التقليدية تُثقل القرارات بالكلمات. أما في الإدارة السيادية الناضجة فتكفي كلمة واحدة إذا جاءت من موقع السيادة. و«مناسب»، في هذا السياق، ليست تعبيراً عن الرأي، بل إشارة بالاعتماد، وفتح باب التنفيذ.
إذا تأملنا تسلسل المحادثة نجد أننا أمام لحظة فريدة تتجسد فيها الدولة بثلاث طبقات: «يليق» = الحس بالهوية والانتماء. «نعتمده» = الترجمة التنفيذية السريعة. «مناسب» = الاعتماد السيادي الأخير. وهذا هو النموذج الذي تُبنى عليه الدول الذكية: الحس قبل الحساب، الكلمة الموجزة بدل الملف المُكدّس، الثقة بدل الشرح.
ليست كل وثيقة تُكتب بالحبر. بعض الوثائق تُقال على الهاتف، وتُفهم بالعقل، وتُبنى على الثقة. هذه هي الدولة التي يرسم ملامحها ولي العهد: دولة لا تُكثر من الضجيج، لكن كل كلمة فيها تُحسب... وكل «مناسب» فيها يُحرّك آلة كاملة من العمل الصامت. وهكذا، في 3 جمل، تجلّت هوية وطن... واكتملت حلقة القرار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 دقائق
- الشرق الأوسط
تقرير: ويتكوف وترمب ناقشا خططاً لزيادة الدور الأميركي في مساعدات غزة
ذكر موقع «أكسيوس» الإخباري، الثلاثاء، نقلاً عن اثنين من المسؤولين الأميركيين ومسؤول إسرائيلي أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف والرئيس دونالد ترمب ناقشا خططاً لزيادة دور واشنطن بشكل كبير في تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وأضاف الموقع أن المناقشات جرت خلال اجتماع بين ويتكوف وترمب، أمس الاثنين في البيت الأبيض، مشيراً إلى أن إسرائيل أبدت تأييدها لزيادة الدور الأميركي. ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن إدارة ترمب «ستتولى» إدارة الجهود الإنسانية في غزة لأن إسرائيل لا تُديرها بشكل مناسب. ووفقاً للموقع، تأتي أهمية الأمر بعدما وصلت مفاوضات وقف إطلاق النار إلى طريق مسدود، ويتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو توسيع نطاق الحرب بشكل كبير. ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من المزيد من إراقة الدماء، لكنهم لم يعترضوا بشدة بعد. كما أن خطة المساعدات الغذائية الجديدة التي وعد بها ترمب الأسبوع الماضي لم تُستكمل بعد. وصرح مسؤول أميركي بأنه تقرر أن تتولى إدارة ترمب إدارة الجهود الإنسانية في غزة لأن إسرائيل لا تُديرها بالشكل المناسب، لم يُفصِح المسؤول عن طبيعة الدور الأميركي الفعلي، لكنه قال إن دول الخليج مثل قطر ستساهم بأموال، ومن المرجح أن تشارك الأردن ومصر أيضاً. وفقا لـ«أكسيوس»، فترمب «غير مُتحمس» لفكرة تولي الولايات المتحدة زمام الأمور، «لكن لا بد من ذلك»، ولا يبدو أن هناك حلاً آخر. أضاف المسؤول أن «مشكلة المجاعة في غزة تتفاقم، ترمب لا يُحب ذلك ولا يُريد أن يموت الأطفال جوعاً. يُريد أن تتمكن الأمهات من إرضاع أطفالهن. لقد أصبح مهووساً بهذا الأمر». وقال مسؤول أميركي ثانٍ إن الإدارة ستحرص على عدم التورط أكثر من اللازم في أزمة غزة: «لا يريد الرئيس أن تكون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تُنفق الأموال على هذه المشكلة. إنها مشكلة عالمية. وقد كلف ويتكوف وآخرين بالتأكد من تكثيف جهود الجميع، أصدقائنا الأوروبيين والعرب». على الجانب الآخر، تدعم إسرائيل الدور الأميركي المتزايد، وفقاً لمسؤولين أميركيين ومسؤول إسرائيلي. وأكد المسؤول الإسرائيلي أن الولايات المتحدة تعتزم تولي زمام المبادرة في القضية الإنسانية من أجل زيادة مستوى المساعدات الواردة إلى غزة. وقال المسؤول الإسرائيلي: «سينفقون أموالاً طائلة لمساعدتنا على تحسين الوضع الإنساني بشكل ملحوظ، بحيث يصبح أقل وطأة». خلف الكواليس، يتزايد قلق البعض في الإدارة الأميركية بشأن اقتراح نتنياهو توسيع نطاق الحرب. وقال مسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس» إن نتنياهو أثار هذا الاحتمال خلال زيارة ويتكوف الأسبوع الماضي، وناقشه مع البيت الأبيض هذا الأسبوع أيضاً. وأكد المسؤولون الإسرائيليون تحالفهم التام مع واشنطن. من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعاً يوم الخميس، ويوافق على خطة الاحتلال الكامل لغزة. وزعم مسؤول إسرائيلي أن نتنياهو يعمل على «تحرير الرهائن من خلال هزيمة (حماس) عسكرياً»؛ لأنه يعتقد أن «(حماس) غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق». وفي الوقت نفسه، سيتم إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق خارج مناطق القتال «وبقدر الإمكان إلى المناطق الخارجة عن سيطرة (حماس)»، وفقاً للمسؤول. والخلاصة هي أن خطة نتنياهو لتصعيد الحرب قد تقف في طريق آمال ترمب في زيادة المساعدات بشكل كبير وتخفيف الأزمة الإنسانية.


الشرق الأوسط
منذ 2 دقائق
- الشرق الأوسط
السعودية تعتمد نظام الفصلين الدراسيين وتثبت تقويم 4 أعوام مقبلة
أقرّ مجلس الوزراء السعودي اعتماد نظام الفصلين الدراسيين في مدارس التعليم العام، ابتداءً من العام الدراسي المقبل 2025 - 2026، مع الإبقاء على الإطار الزمني المعتمد مسبقاً للتقويم الدراسي حتى عام 2030، في خطوة تؤشر إلى تحول تنظيمي مدروس يعيد ضبط هيكلة العام الدراسي، وفق ما يخدم جودة التعليم ويحقق التوازن المجتمعي. وثمّنت وزارة التعليم القرار، مشيرة إلى أنه جاء نتيجة تقييم شامل لتجربة نظام الفصول الثلاثة، التي كانت قد طُبقت خلال الأعوام الماضية، بهدف رفع عدد الأيام الدراسية إلى المعايير الدولية. #عاجل | مجلس الوزراء السعودي: إقرار فصلين دراسيين لمدارس التعليم العام للعام الدراسي القادم — صحيفة الشرق الأوسط (@aawsat_News) August 5, 2025 وأوضحت الوزارة أن نظام الفصلين المعتمد سيحافظ على حدّ أدنى من 180 يوماً دراسياً في العام، بما يتماشى مع المعدلات المطبقة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ويقترب من المتوسط التعليمي في مجموعة العشرين. وأكدت الوزارة أن التحول الجديد في هيكل العام الدراسي لا يرتبط بعدد الفصول الدراسية، بل يرتكز على جودة العناصر الجوهرية للعملية التعليمية، في مقدمتها تأهيل المعلم، وتطوير المناهج، وتحسين البيئة المدرسية، وتعزيز الحوكمة المدرسية، مع منح المدارس صلاحيات أوسع، وتمكينها من اتخاذ قرارات أكثر ارتباطاً باحتياجاتها المحلية. التقويم الدراسي لعام 2025 - 2026 (وزارة التعليم السعودية) وشدّدت على أن القرار يعكس اتجاهاً استراتيجياً نحو التوازن بين الكفاءة التعليمية والمرونة التنظيمية، خاصة في مناطق ذات خصوصية موسمية، مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وجدة، التي ستحتفظ بصلاحيات خاصة في إدارة تقويمها الزمني، وفق متطلبات الحج والعمرة. كما أشارت الوزارة إلى أن الدراسة الشاملة التي أجريت لتقييم النماذج المطبقة شاركت فيها أطياف واسعة من المختصين والقيادات التربوية والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وخلصت إلى أهمية تعزيز التنوع والمرونة داخل النظام التعليمي، بما يسمح ببناء تجربة تعليمية أكثر استجابة لاحتياجات كل منطقة. وأوضحت أن النظام الجديد لن يُفرض بشكل موحد على جميع المؤسسات التعليمية، حيث سيستمر منح الجامعات، ومدارس التعليم الخاص والعالمي، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، صلاحية اختيار النموذج الدراسي المناسب لها، بما يعزز الاستقلالية المؤسسية، ويخدم احتياجات كل قطاع. التقويم الدراسي لعام 2026 - 2027 (وزارة التعليم السعودية) ويُعدّ هذا التوجه امتداداً لمنهج إصلاحي تبنته المملكة في إطار «رؤية 2030»، خاصة ضمن برنامج تنمية القدرات البشرية، الذي يهدف إلى تأهيل مواطن سعودي منافس عالمياً، من خلال منظومة تعليمية مرنة، تستند إلى الكفاءة وجودة المخرجات بدلاً من الشكل التنظيمي التقليدي فقط. وكان نظام الفصول الثلاثة قد أتاح سابقاً رفع المعدلات الزمنية للدراسة، وتحقيق استمرارية أكبر في العملية التعليمية، كما وفّر مساحة لتنويع الأنشطة اللاصفية. لكن التقييمات الدورية أكّدت الحاجة إلى تعديلات تضمن استدامة الأداء وتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين وأسرهم.


صحيفة سبق
منذ 2 دقائق
- صحيفة سبق
خطة أمريكية جديدة للسيطرة على المساعدات في غزة.. وانتقادات أممية لـ"أجندات خفية"
كشف مسؤولان أمريكيان ومسؤول إسرائيلي أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ناقش مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، خططًا لزيادة دور واشنطن في إدارة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وذلك خلال اجتماع في البيت الأبيض أمس الاثنين. وذكر موقع "أكسيوس" أن إسرائيل أبدت تأييدها لهذه الخطوة، فيما نقل عن مسؤول أمريكي أن "إدارة ترامب ستتولى الجهود الإنسانية في غزة لأن إسرائيل لا تديرها بشكل مناسب". وفي سياق متصل، دعا مقرّرون أمميون إلى تفكيك مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة إسرائيليًا وأمريكيًا، مشيرين إلى استغلالها المساعدات الإنسانية لـ"أجندات عسكرية وجيوسياسية خفية". وأعربت مجموعة واسعة من الخبراء المفوضين من الأمم المتحدة عن قلقهم البالغ من أنشطة المؤسسة، مشيرين إلى وجود تعاون بين الاستخبارات الإسرائيلية ومتعاقدين أمريكيين وكيانات غير حكومية غامضة، مما يعكس -وفق وصفهم– "حاجة ملحّة لإشراف دولي صارم". واعتبر المقررون أن اسم المؤسسة يُستخدم كغطاء للتمويه وتزييف المبادئ الإنسانية، مشددين على أن غياب المحاسبة قد يجعل فكرة الإغاثة الإنسانية ضحية جديدة في الحروب الحديثة الهجينة. وأشار تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 22 يوليو إلى مقتل أكثر من ألف فلسطيني كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية منذ بدء عمل مؤسسة غزة الإنسانية، ثلاثة أرباعهم قرب نقاط توزيع المؤسسة. وأكد المقررون ضرورة محاسبة القائمين على المؤسسة، وإعادة إدارة المساعدات إلى منظمات إنسانية دولية راسخة من الأمم المتحدة والمجتمع المدني، لضمان توزيع آمن وفعّال للمساعدات. ووقع البيان المشترك فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب 18 مقرّرًا خاصًا وخبراء أمميين وأعضاء مجموعات عمل تابعة للأمم المتحدة. من جهتها، قالت مؤسسة غزة الإنسانية إنها وزعت حتى الآن أكثر من 1.76 مليون صندوق من المساعدات الغذائية، وأكد مديرها التنفيذي جون أكري أن المؤسسة تعمل على تحسين عملياتها، داعيًا المجتمع الإنساني الدولي للانضمام إلى جهودها.