
اجتماع ثلاثي لتركيا وسوريا وأميركا في أنطاليا
أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عقب لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في أنطاليا بتركيا، الخميس، أن واشنطن ستصدر "إعفاءات أولية" من العقوبات القانونية المفروضة على سوريا، وذلك بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب رفع جميع العقوبات المفروضة على البلاد، وسط توقعات بأن ينهض هذا القرار بالبلاد التي دمرتها حرب استمرت قرابة 13 عاماً.
واستضافت أنطاليا، الخميس، اجتماعاً بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره السوري، وبحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حيث تم "بحث تفاصيل رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتحسين العلاقات بين دمشق وواشنطن، وسبل بناء علاقة استراتيجية"، بحسب بيان للخارجية السورية.
وقال روبيو للصحافيين عقب لقائه نظيره السوري، أن "استقرار سوريا سيكون من أكثر التحولات الدراماتيكية في المنطقة منذ وقت طويل"، وأضاف: "نحن نرغب في القيام بكل ما في وسعنا للمساعدة في تحقيق ذلك".
وأشار إلى الحكومة السورية "عبّرت عن اهتمامها بأن تكون في سلام مع جميع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل". وأردف: "كما عبّروا عن رغبتهم في طرد المقاتلين الأجانب والإرهابيين وغيرهم ممن يزعزعون استقرار البلاد، ويعانون العداء تجاه هذه السلطة الانتقالية، وقد طلبوا مساعدتنا، وسنسعى لمساعدتهم".
وأكد أن الولايات المتحدة ترغب في "رؤية تقدم" في سوريا، وقال: "سنتعامل مع كل خطوة يخطونها على هذا المسار، ونعلم أنه طريق طويل، لأن ما حدث استغرق وقتاً طويلاً، ونحن ندرك ذلك، ولكنها فرصة تاريخية، وإذا نجحت، فسيكون لها تأثير جوهري هائل على المنطقة".
وتابع: "قال الرئيس ترمب إنه يريد أن يتم اتخاذ هذه الخطوات إلى الأمام، ونحن سنفعل ما بوسعنا، بالتعاون مع شركائنا في المنطقة، للمساعدة".
وأعرب عن تمنياته بأن "يكون ذلك ممكناً، لأنه إذا تحقق، فهناك طريقان: إما النجاح، مما سيؤدي إلى تحول كبير في المنطقة، أو الدخول في حرب أهلية وحشية ستزعزع استقرار المنطقة".
ولفت إلى أن بلاده "تفضل الخيار الأول، لا الثاني. وستفعل كل ما في وسعها، ضمن حدود قدراتها للمساعدة على تحقيق ذلك"، لكنه اعتبر أن "الأمر في النهاية سيكون بيد القادة على الأرض لجعل هذا يتحقق، وهم يواجهون تحديات كبيرة".
وذكر أن "الخبر الجيد هو أن هناك شركاء إقليميين، مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات، مستعدون لتقديم المساعدة"، مشيراً إلى أن "قرار رفع العقوبات سيبدأ تأثيره الأول ليس لأن الدولار الأميركي سيتدفق، ولكن لأن شركائنا الإقليميين سيتمكنون من إرسال الأموال، ما سيمكنهم ليس فقط من دعم حكومة تكون قادرة على توفير الخدمات الأساسية، بل وأيضاً الشروع في عملية إعادة الإعمار".
وأفاد الوزير الأميركي، بأن الاجتماع بحث مع الوفد السوري "طلب المساعدة في تحديد مواقع أسلحة الدمار الشامل، مثل الأسلحة الكيميائية، وتحديد مواقعها وإزالتها من البلاد"، موضحاً أن "الأمر يتطلب خبرات فنية لتحديد مواقعها بدقة وإزالتها بأمان، وقد طلبوا مساعدتنا في هذا المجال، ونحن مستعدون لتقديمها"، واصفاً هذه العملية بأنها "معقدة جداً".
"إعفاءات أولية"
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان لدى إدارة ترمب جدول زمني لرفع العقوبات، وما إذا كانت وزارتي الخارجية والخزانة على علم مسبق بالقرار، أجاب روبيو: "نحن كنا بالفعل نسير في هذا الطريق، لذلك كنا نقوم بالتحضيرات المسبقة. وزير المالية السوري حصل على تأشيرة للسفر إلى واشنطن قبل أسبوعين، ووزير الخارجية حصل كذلك على تأشيرة قبل أسبوع للسفر إلى نيويورك، والتقى بمندوبنا في الأمم المتحدة".
وأضاف: "سبق أن قررت أن أكون هنا اليوم لألتقي بوزير الخارجية، وكنت مع الرئيس عندما اتخذ القرار بشأن هذا الأمر، وأدرجه في خطابه".
وأشار روبيو، إلى أن وزارته "كانت تقوم بالعمل التحضيري في هذا السياق"، مبيناً أن "جوهر هذه العقوبات هو أنها منصوص عليها في القانون بموجب قانون قيصر، وقد طلب أعضاء من الكونجرس من كلا الحزبين استخدام الصلاحيات الواردة في هذا القانون، وهو ما ينوي الرئيس فعله".
وأوضح أن "هذه الإعفاءات يجب تجديدها كل 180 يوماً"، وتابع: "إذا أحرزنا تقدماً كافياً، فنود أن نصل إلى مرحلة نطلب فيها من الكونجرس إلغاء القانون، لأنك لن تجد مستثمرين يغامرون في بلد قد تعود فيه العقوبات في أي وقت خلال 6 أشهر، لكننا لم نصل إلى تلك المرحلة بعد من المبكر الحديث عن ذلك الآن".
وأعرب عن رغبة إدارة ترمب في "البدء بإصدار إعفاءات أولية، والتي ستسمح لشركائنا الأجانب الذين يرغبون في إرسال المساعدات أن يفعلوا ذلك دون الخوف من التعرض لعقوبات".
وتابع: "مع التقدم، نأمل أن نكون في وضع يسمح لنا في المستقبل بالتوجه إلى الكونجرس لطلب إلغاء العقوبات بشكل دائم".
وقال مسؤول في إدارة ترمب لوكالة "رويترز"، إن وزارة الخزانة الأميركية "من المرجح أن تصدر رخصاً عامة تغطي مجموعة واسعة من قطاعات الاقتصاد السوري المهمة لإعادة البناء".
اجتماع "مثمر وبناء"
من جهته، وصف وزير الخارجية السوري على منصة "إكس"، اجتماعه مع وربيو وفيدان بـ"المثمر والبناء"، وقال: "وضعنا اليوم لبنة مهمة في بناء علاقات استراتيجية متقدمة مع الولايات المتحدة، بما يخدم مصالح شعبنا، ويعزز من حضورنا الإقليمي والدولي".
وفي وقت سابق الخميس، قال وزير الخارجية التركي للصحافيين على هامش اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إن الاجتماع سيناقش قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا، وخارطة طريق مقترحة.
وأوضح فيدان، أنه ناقش مع نظرائه في اجتماع "الناتو"، مستقبل سوريا، إذ أكدوا "جميعاً أن تحقيق الاستقرار والأمن في هذا البلد يُعد أولوية".
ووصف فيدان اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيه عبر اتصال، بأنه "خطوة مهمة نحو رفع العقوبات عن سوريا".
واعتبر وزير الخارجية التركي، أن "الهجمات الإسرائيلية التي تفتقر إلى أي مبرر قانوني تُشكل تهديداً كبيراً لاستقرار سوريا".
وأضاف: "دفع سوريا نحو الفوضى لا يخدم أحداً. مسؤولية سلامة وأمن جميع مكونات الشعب السوري تقع على عاتق الحكومة المركزية في دمشق. وتُظهر حكومة دمشق حرصاً على الشمولية منذ تسلمها المهام".
ولفت الوزير التركي، إلى أن "سوريا تتبنى موقفاً حازماً في مكافحة كافة التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم داعش"، داعياً "المجتمع الدولي إلى دعم هذا النهج".
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية على منصة "إكس"، الخميس، أنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي على تنفيذ توجيهات الرئيس الأميركي الخاصة برفع العقوبات على سوريا، معربةً عن تطلعها لـ"إصدار التراخيص اللازمة التي ستكون مهمة لجذب استثمارات جديدة إلى سوريا".
وذكرت أنه "يمكن لإجراءات وزارة الخزانة أن تساعد في إعادة بناء اقتصاد سوريا وقطاعها المالي وبنيتها التحتية، وأن تضع البلاد على مسار مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصاً عاماً بالتخفيف الفوري للعقوبات على سوريا
أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، ترخيصاً عاماً رقم 25 (GL 25) بالتخفيف الفوري للعقوبات على سوريا، والسماح بإجراء المعاملات التي كانت محظورة. وذكرت الوزارة الأميركية، في بيان، أن "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع للوزارة أصدر الرخصة العامة رقم 25 بشأن سوريا (GL 25)، لتوفير إعفاء فوري من العقوبات، تماشياً مع إعلان الرئيس دونالد ترمب بشأن وقف جميع العقوبات المفروضة على دمشق". ووفق البيان، تجيز الرخصة العامة 25 المعاملات التي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، ما يعني عملياً رفع العقوبات المفروضة على دمشق. كما تتيح إطلاق استثمارات جديدة ونشاطاً للقطاع الخاص بما يتماشى مع استراتيجية "أميركا أولاً" التي ينتهجها ترمب. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت: "كما وعد الرئيس دونالد ترمب، تقوم وزارتا الخزانة والخارجية بتنفيذ تفويضات لتشجيع الاستثمارات الجديدة في سوريا.. ويجب على سوريا أيضاً أن تواصل العمل نحو أن تصبح دولة مستقرة تنعم بالسلام، ونأمل أن تضعها خطوات اليوم على طريق مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر". واعتبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في تدوينة على حسابه بمنصة "إكس"، أن رفع العقوبات أمر بالغ الأهمية لسوريا للمضي قدماً. وأضاف: "تصدر الولايات المتحدة إعفاءً من عقوبات قانون قيصر لزيادة الاستثمارات والتدفقات النقدية التي ستسهل الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار في سوريا. نحن ندعم جهود الشعب السوري لبناء مستقبل أكثر أملاً". ترحيب سوري رحبت وزارة الخارجية السورية بالقرار الأميركي، وقالت في بيان إن هذه "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد". بدورها، ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن الترخيص الأميركي يسمح بإجراء المعاملات التي كانت محظورة، وتشير إلى أن هذا الترخيص سيسهل أنشطة كل قطاعات الاقتصاد السوري ويساهم في إنعاش البنى التحتية، وهو جزء من جهد أوسع لإزالة كل العقوبات عن سوريا ويمهد نحو مستقبل مشرق ومزدهر. وتشكل الرخصة العامة 25 خطوة أولى رئيسية لتنفيذ إعلان ترمب في 13 مايو بشأن وقف العقوبات على سوريا. وستسهل هذه الرخصة النشاط في جميع قطاعات الاقتصاد السوري، من دون تقديم أي إعفاء لـ"المنظمات الإرهابية، أو مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، أو مهربي المخدرات، أو النظام السابق بقيادة بشار الأسد"، وفق البيان الأميركي. إعادة بناء الاقتصاد السوري وبحسب بيان الخزانة الأميركية يهدف هذا التفويض إلى المساعدة في إعادة بناء الاقتصاد السوري، والقطاع المالي، والبنية التحتية، بما يتماشى مع مصالح السياسة الخارجية الأميركية. ومن أجل تحقيق ذلك، من الضروري جذب استثمارات جديدة إلى سوريا ودعم الحكومة السورية الجديدة. وتجيز الرخصة العامة 25 المعاملات التي كانت محظورة بموجب العقوبات الاقتصادية الأميركية على سوريا. الرخصة الأميركية تجيز: الاستثمار الجديد في سوريا. تقديم الخدمات المالية وغيرها من الخدمات لسوريا. المعاملات المتعلقة بالنفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري. تتيح جميع التعاملات مع الحكومة السورية الجديدة. وفي 13 مايو الجاري أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه قرر رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأضاف ترمب خلال كلمة في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض، أنه اتخذ خطوات لاستعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، معرباً عن أمله في أن تنجح الحكومة السورية الجديدة في أداء مهامها. وبعد يومين أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عقب لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في أنطاليا بتركيا، أن واشنطن ستصدر "إعفاءات أولية" من العقوبات القانونية المفروضة على سوريا. واستضافت أنطاليا في 15 مايو الجاري اجتماعاً بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره السوري، وبحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حيث تم "بحث تفاصيل رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتحسين العلاقات بين دمشق وواشنطن، وسبل بناء علاقة استراتيجية"، بحسب بيان للخارجية السورية.


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
بالأسماء.. كل من شملهم رفع العقوبات الأميركية في سوريا
أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الجمعة، ترخيصاً عاماً ب رفع العقوبات عن سوريا، ويجيز المعاملات التي تشمل الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وقالت في بيان إن الترخيص العام "يجيز المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، مما يرفع العقوبات المفروضة على دمشق بشكل فعال". كما أمرت بوقف تنفيذ العقوبات ضد أي شخص يقوم بأعمال تجارية مع مجموعة من الأفراد والكيانات السورية، بما في ذلك البنك المركزي. وفق القرار الذي أصدرته الخزانة الأميركية شملت قائمة الأشخاص والكيانات الذين كان من المحظور التعامل معهم سابقاً، ورفعت بموجب الترخيص العام رقم 25 اعتبارًا من 23 مايو 2025: *وزير الداخلية أنس خطاب *المصرف المركزي السوري *الخطوط الجوية العربية السورية *سيترول *المصرف التجاري السوري *المؤسسة العامة للنفط *الشركة السورية لنقل النفط *الشركة السورية للغاز *الشركة السورية للنفط *المصرف العقاري *المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون *شركة مصفاة بانياس *شركة مصفاة حمص *المصرف الزراعي التعاوني *المصرف الصناعي *مصرف التسليف الشعبي مصرف التوفير *المديرية العامة للموانئ السورية *الشركة العامة لميناء اللاذقية *غرفة الملاحة السورية *الهيئة العامة السورية للنقل البحري *الشركة السورية للوكالات الملاحية *الشركة العامة لميناء طرطوس *مؤسسة عامة للتكرير والتوزيع *وزارة النفط والثروة المعدنية السورية *وزارة السياحة السورية *فندق فور سيزونز دمشق بدوره، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو، مساء أمس، أنه أصدر إعفاء لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة بموجب "قانون قيصر" لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات، وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية. أتى هذا التطور اللافت بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل مفاجئ يوم 13 مايو خلال زيارته الرياض أنه قرر رفع تلك العقوبات بطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. يذكر أن معظم العقوبات الأميركية فُرضت على سوريا خلال عهد الرئيس السابق بشار الأسد وشخصيات بارزة في النظام السابق منذ 2011 بعد اندلاع الحرب الأهلية. علماً أن الولايات المتحدة كانت قد وضعت سوريا لأول مرة على قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1979، ومنذ ذلك الحين أضافت مجموعات إضافية من العقوبات، بما في ذلك عدة جولات في أعقاب الانتفاضة ضد الأسد في 2011. ومن شأن تخفيف العقوبات أن يفسح المجال أمام مشاركة أكبر للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وتشجيع الاستثمار الأجنبي والتجارة مع إعادة إعمار البلاد.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«هدنة غزة»: جمود بالمفاوضات تفاقمه خطط تقسيم القطاع
تعثر جديد تشهده مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع سحب إسرائيل وفدها التفاوضي من الدوحة، وتحركها في فرض خطط تقسيم للقطاع، وسط رفض دولي يتصاعد، وحراك عربي فرنسي جديد لبحث سبل الحل للأزمة. تحركات إسرائيل يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تُفاقم مسار الجمود الحالي للمفاوضات دون الاعتراف بفشله، على أمل فتح قنوات تفاوض علنية أو سرية جديدة لبحث حل جديد، وعدّوا الخطط التصعيدية في إطار سياسة الضغط الأقصى التي تمارسها إسرائيل، مرجحين أن تتجه لاتفاق مؤقت لامتصاص أي ضغوط دولية وتجريد «حماس» من ورقة الرهائن. وواصلت إسرائيل، الجمعة، التصعيد العسكري في غزة، وقالت متحدثة باسم الجيش، كابتن إيلا، عبر حسابها على «إكس»، إن سلاح الجو شنَّ أكثر من 75 غارة على أنحاء متفرقة في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، في المقابل، أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية بأن 28 شخصاً لقوا حتفهم جراء ذلك القصف منذ فجر الجمعة. وجاء التصعيد غداة سحب الحكومة الإسرائيلية وفدها التفاوضي من الدوحة، بحسب ما ذكره موقع «واي نت» الإسرائيلي، بعد وصول المفاوضات مع حركة «حماس» إلى «طريق مسدودة». وتزامناً مع هذا التعثر المتكرر منذ انهيار الهدنة في 18 مارس (آذار) الماضي، تحدثت مصادر عسكرية إسرائيلية عن خطة جديدة للجيش تهدف إلى السيطرة على ما بين 70 و75 في المائة من قطاع غزة، وتقسيمه في عدة نقاط رئيسية خلال فترة تمتد لنحو 3 أشهر، عبر عملية موسعة تشارك فيها 5 فرق عسكرية، مع إمكانية تعليق العمليات في حال التوصل إلى صفقة للإفراج عن الرهائن، بحسب ما ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم». تصاعد الدخان إثر قصف إسرائيلي بينما كان الناس يشقون طريقهم وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب) بينما عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن دعمه لـ«أهداف بنيامين نتنياهو؛ ومنها إطلاق سراح جميع الرهائن»، بحسب بيان لمكتب الأخير، الخميس، عقب اتصال هاتفي بين الجانبين تناول محادثات بشأن مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية بواشنطن، والحرب في غزة. وبنهاية زيارته للمنطقة منتصف مايو (أيار) الحالي، تناقضت تصريحات ترمب بشأن القطاع؛ ما بين الحديث مجدداً حول السيطرة على قطاع غزة، وأخرى بتلميحه إلى أخبار جيدة ستسمع بشأن الأزمة، بعد عدم قدرة مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على إبرام هدنة خلال الزيارة، رغم جهود بذلها لا سيما مع نتنياهو، بحسب ما أورده إعلام أميركي آنذاك. ويعتقد خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور سعيد عكاشة، أن سحب الوفد الإسرائيلي من الدوحة، وكذلك الحديث عن مخطط تقسيم للقطاع مع التصعيد العسكري يسير في إطار سياسة الضغط الأقصى التي يمارسها نتنياهو، مع موازنة ذلك بحديث متكرر منه الأيام الماضية، عن قبوله هدنة جزئية لتخفيف الضغط الداخلي والدولي عليه، وإشارة منه إلى احتمال وجود قنوات مباشرة أخرى قد تقود لاتفاق في أي لحظة. ويرى عكاشة أن «واشنطن لم تقرر بعد وقف الحرب، ولم تمارس ضغطاً، كما يجب على إسرائيل، خصوصاً وهي متفقة معها على أهمية أن يتم نزع سلاح (حماس)، وهذا مستحيل أن يلقى استجابة من الحركة، وبالتالي الجمود في المفاوضات العلنية سيستمر دون اعتراف بالفشل، على أمل فتح نافذة أخرى مباشرة علنية أو سرية». فلسطينيون يبحثون عن ناجين بين أنقاض مبنى تضرر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن سبب الجمود الجديد في المفاوضات، أن نتنياهو مصمم على أن ترفع «حماس» راية الاستسلام وتسليم السلاح والأسرى دون أن يدفع أثماناً بالمقابل، وهذا لن يتحقق وستظل العقبات قائمة، لافتاً إلى أن واشنطن مسؤولة عن هذا التراجع الجديد، ولو كانت تريد وقفاً لأتمت الأمر في ساعات. ووسط هذا التعثر، توجه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطى، الجمعة، إلى باريس، للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الدول أعضاء «اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية» مع وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بهدف «تبادل الرؤى والتقديرات حول تطورات القضية الفلسطينية، وسبل التعامل مع الوضع الإنساني في قطاع غزة وتناول مسألة الاعتراف بدولة فلسطين»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية». وتضم اللجنة التي شكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والأردن والبحرين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، وأميني جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ويأتي الاجتماع وسط ضغوط أوروبية مزدادة على إسرائيل، تبلورت في مواقف رسمية لنحو 15 دولة تتواصل منذ نحو أسبوع، للمطالبة بوقف الحرب وإدخال المساعدات لدول بينها فرنسا وبريطانيا وكندا والنرويج وإيطاليا وإسبانيا. وكان أحدثها إعلان بارو في تصريحات هذا الأسبوع، أن فرنسا عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، في مؤتمر دولي تنظمه مع السعودية في نيويورك بين 17 و20 يونيو (حزيران) المقبل لدعم حل الدولتين. امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل جثة رضيع قُتل في غارة إسرائيلية على حي الشجاعية خلال وقت سابق (أ.ف.ب) عكاشة يرى أن تلك الجهود والضغوط محل تقدير؛ لكن واشنطن يجب أن تتحرك وتضغط على إسرائيل بالمقابل، مرجحاً أن واشنطن تريد أن ينتهي المشهد في غزة بنهاية «حماس» ورحيل نتنياهو في ظل ترتيبات جديدة بالشرق الأوسط، ولحين حدوث ذلك فالموقف الأميركي سيبقى كما هو؛ إلا لو هناك ما يستدعي أن تفعله في إطار مصالحها. ويعتقد نزال أن الحراك العربي - الفرنسي مهم، وله دور مع الضغوط الدولية المتواصلة، لكن يجب أن تستجيب واشنطن له وتتحرك وتضغط على إسرائيل وتكف عن انحيازاتها واصطفافها مع نتنياهو، لأن هذا يعطل مسار الاتفاق ومصالحها بالمنطقة، لافتاً إلى إمكانية أن يناور نتنياهو مجدداً بإعلان جديد مع تواصل الضغوط الدولية عن قبوله هدنة مؤقتة بهدف تجريد تدريجي لـ«حماس» من ورقة الأسرى ويعود لحربه؛ لكن الأخيرة لن تقبل إلا بصفقة واحدة. ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني أن تصل الأطراف بضغط أميركي جاد، إلى وقف إطلاق نار ممتد يصل إلى عامين أو أكثر، باعتباره شكلاً من أشكال وقف الحرب، وقد يقبل به نتنياهو الذي يقاتل بالأساس من أجل بقائه السياسي المهدد بانتخابات مبكرة محتملة.