
«الثوابت الوطنية»: الصخرة الثقيلة على صدر التطرف !
قبل أيام قليلة أعلن المركز العالمي لمكافحة التطرف (اعتدال) أنه رصد في إحدى منصات التواصل الاجتماعي (خلال ثلاثة أشهر) تصاعداً ملحوظاً لدى عددٍ من التنظيمات الإرهابية، في نشر الرسائل النصية، التي شكّلت 90% من إجمالي النشاط المتطرف، مقارنة بالمحتوى المتضمن وسائط مرئية وصوتية، كما رُصد تراجع في استخدام التنظيمات لأسماء قيادات التطرف.
هذا الإعلان يدعونا إلى التأكيد على أنه في هذا التوقيت الذي تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه التحديات تبرز أهمية الاعتزاز بالثوابت الوطنية فهي الصخرة الثقيلة على صدر التطرف وحائط الصد الذي لا يُخترق أمام كل موجات التطرف والتشدد الساعية إلى زعزعة استقرار الأوطان وتفكيك لُحمتها الاجتماعية والفكرية.
إنّ الاختيار بين الانتماء للوطن والسقوط في براثن الفكر المتطرف ليس مجرد مفاضلة عابرة، بل هو موقف مصيري يحدد هوية الإنسان ومسار مجتمعه، فكل تهاون مع خطاب التطرف، مهما تزيّن بشعارات برّاقة أو استند إلى مبررات دينية أو فكرية، إنما هو في حقيقته شرارة أولى لنار الفتنة، ولعل أخطر ما في الفكر المتطرف أنه لا يولد من فراغ، بل يتغذى من مشاعر ناقمة تجاه الوطن ومؤسساته، ويجعل من معاداته مبدأً جوهرياً في بناء رؤيته وأهدافه.
التنظيمات المتطرفة لا تعترف بالثوابت الوطنية، بل تراها أكبر عقبة في طريق مشروعها الأيديولوجي، ولذلك فإنها تعمل على تفريغ مفاهيم الانتماء من مضمونها، وتسعى إلى استبدال الولاء الوطني بولاء فكري أو ديني متشدد. ذلك لأن الثوابت الوطنية في حقيقتها ليست شعارات تُردد في المناسبات، بل هي منظومة قيمية وأخلاقية تتجسّد في احترام سيادة الوطن، وصون وحدته، والدفاع عن مكتسباته، واحترام رموزه ومؤسساته. وهي بذلك تُشكّل حصانة حقيقية في وجه كل من يحاول اختراق النسيج المجتمعي أو تجنيد أبنائه لخدمة أجندات ضالة. فكلما اشتد الولاء للوطن، ضعفت فرص المتطرفين في التسلل إلى العقول والقلوب.
المشاريع المتطرفة لا تسعى فقط إلى تخريب الأمن لإضعاف السلطة، بل تهدف أيضاً إلى تفكيك المنظومة الاجتماعية عبر نشر ثقافة الشك والانقسام، وبث الإشاعات، وتأويل النصوص الدينية لإشاعة الإحباط وتبرير العنف والتمرد. وهنا تبرز أهمية اليقظة الفكرية، وتفعيل المناعة الثقافية التي تحصّن الوعي الجمعي من الوقوع في فخ الخطاب المضلل.
ولا بد أن أكرر هنا ما اعتدت على طرحه لأكثر من 15 سنة في مقالاتي من أنه لا يكفي أن نواجه التطرف أمنياً أو من خلال العمل المؤسساتي فقط، بل لا بد من مواجهة خطابه ومنهجه شعبياً أيضاً، وذلك بالعمل على تشجيع جميع أفراد المجتمع بشكل فعّال على كشف تناقضات الفكر المتطرف وزيف دعاواه، وتفنيد استخدامه المغلوط للنصوص والرموز.
إنّ المعركة مع التطرف معركة وعي، وميدانها الأساسي هو الفكر ولذلك فإنّ الاستثمار الحقيقي في التربية الوطنية، وتعزيز قيم التسامح، والانفتاح على الآخر، وتكريس محورية القيم والثوابت الوطنية، هي أعظم أسلحة يمكن أن تمتلكها المجتمعات في حربها ضد الكراهية والتطرف والإرهاب وكل ما يستهدف أمنها واستقرارها ومستقبلها.
لقد علمتنا التجارب أن التطرف لا يعيش إلا في بيئة هشّة، تفتقر إلى الانتماء والثوابت والوعي. ومن هنا، فإن ترسيخ الثوابت الوطنية هو ضمانة للاستقرار، وصمّام الأمان، وسلاح فاعل ضد محاولات الاختراق الأيديولوجي. فالوطن ليس مجرد حدود جغرافية، بل هو هوية، وكرامة، وأمان، ومسؤولية.
أخيراً لا بد أن يفهم كل من يفرّط أو حتى يتراخى في ولائه الوطني، وكل من يتهاون في مواجهة خطاب التطرف، أنه بذلك يفتح الباب لخطر داهم يهدد المجتمع من الداخل، وعلينا جميعاً أن نكون على قدر هذه المسؤولية، وأن نؤمن تماماً بأن الثوابت الوطنية عهد لا يُنقض، وسلاح حمايتنا وحماية مستقبل أبنائنا الذي لا يُهزم.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 31 دقائق
- الشرق السعودية
الجيش السوداني: ولاية الخرطوم خالية تماماً من الدعم السريع
أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء، السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم، وخلوها من "قوات الدعم السريع"، وذلك بعد عمليات عسكرية واسعة النطاق، وتحديداً بمناطق في أم درمان. وذكر الجيش السوداني في بيان، أنه سيواصل الجهود حتى "تطهير آخر شبر" من السودان من "قوات الدعم السريع". وكان الجيش السوداني أطلق، الاثنين، عملية عسكرية في منطقة صالحة التي تُعتبر آخر المعاقل الكبيرة لقوات "الدعم السريع" في أم درمان. وقبل إعلانه السيطرة على ولاية الخرطوم، قال الجيش السوداني، الثلاثاء، إن "قواتنا تواصل عملياتها بجنوب وغرب أم درمان، وتستمر في تطهير مناطق صالحة وما حولها". وأضاف عبد الله في بيان: "مستمرون في عملية واسعة النطاق، ونقترب من تطهير كامل ولاية الخرطوم". رئيس جديد للوزراء في السودان والاثنين، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مرسوماً بتعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء، إضافة إلى تعيين كل من سلمى عبد الجبار المبارك، ونوارة أبو محمد محمد طاهر، أعضاء في مجلس السيادة، حسبما نقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا". وكان إدريس مسؤولاً سابقاً في الأمم المتحدة، وكان مرشحاً في مستقلاً في انتخابات الرئاسة عام 2010، في مواجهة الرئيس المعزول عمر البشير، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). واشتهر إدريس، وهو قانوني، بعمله في رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف لفترتين، كما كان عضواً في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. كما أعلن مجلس السيادة السوداني في بيان أن البرهان أصدر قراراً بإلغاء التوجيه السابق الخاص بإشراف أعضاء المجلس السيادي على الوزارات الاتحادية والوحدات. وأضاف البيان أن البرهان وجَّه "أعضاء مجلسي السيادة والوزراء والجهات المختصة بوضع القرار موضع التنفيذ". كان البرهان عيّن، في 30 أبريل، الدبلوماسي دفع الله الحاج علي، وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفاً بتسيير مهام رئيس الوزراء، كما وافق على تعيين السفير عمر صديق وزيراً للخارجية، وذلك بعد أسابيع من استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم.


عكاظ
منذ 32 دقائق
- عكاظ
محافظ الأحساء يُقلّد مدير الدفاع المدني بالمحافظة رتبته الجديدة
تابعوا عكاظ على قلّد محافظ الأحساء الأمير سعود بن طلال بن بدر، بمقر المحافظة اليوم (الثلاثاء)، مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة الأحساء العميد عبدالرحمن بن محمد الباحوث، رتبته الجديدة، بعد صدور الأمر الملكي الكريم بترقيته إلى رتبة عميد. وتمنّى محافظ الأحساء للعميد الباحوث التوفيق والسداد في أداء مهماته، ومواصلة العطاء لخدمة الدين ثم الملك والوطن. وأشار إلى أهمية الدور الحيوي الذي يقوم به الدفاع المدني في حفظ الأرواح والممتلكات، مشدداً على ضرورة مواصلة رفع مستوى الجاهزية والاستعداد، والعمل لخدمة المجتمع وتعزيز السلامة العامة في المحافظة. بدوره أكد الباحوث مواصلة الجهود وبذل المزيد في خدمة الوطن وتعزيز جاهزية الدفاع المدني بالمحافظة. أخبار ذات صلة


مباشر
منذ 36 دقائق
- مباشر
الوزراء يؤكد عزم السعودية توسيع استثماراتها مع أمريكا بتخصيص 600 مليار دولار
الرياض – مباشر: ترأس خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، في جدة. وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد جي ترمب؛ على تلبية الدعوة بزيارة المملكة العربية السعودية، مشيدا بما توصلت إليه مباحثاته مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء؛ من نتائج ستسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تاريخي غير مسبوق في العديد من القطاعات الحيوية المهمة، وبما يعزز التكامل الاقتصادي للبلدين الصديقين. ونوّه مجلس الوزراء، في هذا السياق، بما اشتملت عليه القمة السعودية الأمريكية التي عقدت في إطار أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي خلال رئاسته الحالية؛ من التوقيع على وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين حكومتي البلدين، وإعلان وتبادل اتفاقيات ومذكرات تعاون وتفاهم في مختلف المجالات. وجدد مجلس الوزراء، التأكيد على عزم المملكة توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأربع القادمة بتخصيص ما يزيد على مبلغ 600 مليار دولار، منها صفقات واستثمارات متبادلة بأكثر من 300 مليار دولار أُعلن عنها في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي. وأشاد مجلس الوزراء بما اشتملت عليه كلمة ولي العهد خلال القمة الخليجية الأمريكية؛ من مضامين ورؤى شاملة جسدت نهج المملكة القائم على تكثيف التنسيق المشترك، والدفع بالعمل متعدد الأطراف مع الدول الشقيقة والصديقة نحو المزيد من الازدهار والتقدم، والتأكيد على دعم كل ما من شأنه إنهاء الأزمات الإقليمية والدولية ووقف النزاعات بالطرق السلمية. وثمّن مجلس الوزراء، استجابة الرئيس الأمريكي للمساعي الحميدة التي بذلها ولي العهد لرفع العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، متطلعًا إلى أن يسهم ذلك في دعم التنمية وإعادة إعمار هذا البلد الشقيق. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا