logo
أوروبا تلوح بوقف التجارة مع إسرائيل.. هي قادرة على معاقبتها، فهل تفعلها؟

أوروبا تلوح بوقف التجارة مع إسرائيل.. هي قادرة على معاقبتها، فهل تفعلها؟

بوست عربيمنذ 2 أيام

في ظل تصاعد الغضب الشعبي في أوروبا، وتزايد الضغط على حكومات طالما وُصمت بالتواطؤ والصمت عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بدأت بوادر ردود فعل. ورغم أن هذه الاستفاقة جاءت متأخرة — بعد 18 شهراً من حرب إبادة موثقة — مقارنة بالتحرك الغربي السريع تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن الوصول متأخراً خير من عدم الوصول.
بدأت دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب بريطانيا، التلويح بمراجعة لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، مدفوعة بضغط شعبي متصاعد، لتهديد باتخاذ إجراءات قد تترجم إلى عقوبات اقتصادية مباشرة تطال تبادلات تجارية تتجاوز قيمتها 76 مليار دولار سنوياً.
الاتفاقيات التي لطالما شكلت ركيزة أساسية في دعم اقتصاد الاحتلال، وعلى رأسها اتفاقيات الشراكة والتسهيلات الجمركية مع القارة الأوروبية، باتت مهددة بالإلغاء أو التجميد. فما هي هذه الاتفاقات؟ وما مدى جدية أوروبا في تنفيذ تهديداتها الاقتصادية؟
ما حجم التجارة بين أوروبا والاحتلال الإسرائيلي؟
وفقاً لتقديرات صحيفة " كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الاحتلال الإسرائيلي من جهة، والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من جهة أخرى، نحو 51.2 مليار دولار خلال العام الماضي — وذلك باستثناء تجارة الماس. هذا الرقم الضخم يكشف هشاشة الميزان التجاري، إذ يسجل الاحتلال عجزاً تجارياً يتجاوز 15 مليار دولار.
لكن الأرقام لا تقف عند تجارة السلع فقط. فبحسب الصحيفة، تحول الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات إلى قوة في تصدير الخدمات، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وعند دمج صادرات الخدمات في المعادلة، تزداد الصورة وضوحاً: هناك 25.3 مليار دولار إضافية من تجارة الخدمات، منها ما يعادل 19 مليار شيكل من صادرات الخدمات التجارية فقط (باستثناء السياحة).
الأهم من ذلك أن صادرات الخدمات إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تفوق صادرات السلع، ما يُسهم في خفض العجز التجاري إلى أقل من 3 مليارات دولار فقط. بالمجمل، يبلغ حجم التبادل التجاري الكامل نحو 76.5 مليار دولار سنوياً — أي ما يعادل نحو 270 مليار شيكل، أو 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا هو الحجم الحقيقي لما يمكن أن يخسره الاحتلال في حال قررت أوروبا كسر صمتها وتحويل مواقفها السياسية إلى خطوات اقتصادية فعلية.
وقد سجّلت العملة الإسرائيلية (الشيكل) تراجعاً ملموساً خلال تعاملات الأربعاء، متأثرةً بأجواء التوتر الدبلوماسي وتصاعد الحديث عن مراجعة العلاقات الاقتصادية. فقد هبط الشيكل بنسبة 1% أمام الدولار، رغم أن العملة الأميركية نفسها كانت تعاني من تراجع عالمي بنسبة 3%. أما أمام اليورو، فكان الهبوط أكثر وضوحاً، حيث تراجع الشيكل بنسبة 1.4%.
بريطانيا تتراجع.. شريك اقتصادي رئيسي للاحتلال قد يجمّد التعاون
تُعد بريطانيا من أبرز الشركاء التجاريين للاحتلال الإسرائيلي، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو تسعة مليارات جنيه إسترليني سنوياً، ما يجعلها رابع أكبر شريك تجاري للاحتلال عالمياً. لكن هذا التعاون يواجه اليوم مأزقاً غير مسبوق، بعد أن أعلنت لندن تجميد مباحثات التجارة الحرة مع تل أبيب.
وجاء تصريح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بعد ضغوط متزايدة من نواب مستقلين وأحزاب معارضة داخل البرلمان، فوصف الحصار المفروض على غزة بأنه "خاطئ أخلاقياً وغير مبرر ويجب أن ينتهي"، مضيفاً أمام البرلمان: "الجميع يجب أن يكونوا قادرين على إدانة منع الحكومة الإسرائيلية الطعام عن الأطفال الجائعين… إنه أمر مروع".
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أشارت في تقرير مفصل إلى أن هذه التصريحات والخطوات قد "تحمل آثاراً اقتصادية خطيرة"، خصوصاً وأن الاتفاق المُجمّد يُعدّ حيوياً لقطاع التكنولوجيا الفائقة في الاحتلال — القطاع الذي يمثل أكثر من 70% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، وفق بيانات رسمية من دائرة الإحصاء المركزية.
وكان من المقرر أن يشكل اتفاق التجارة الحرة الجديد بين بريطانيا وإسرائيل محطة تحديث لعلاقات تجارية ظلت لعقود تستند إلى اتفاق عام 1995 مع الاتحاد الأوروبي. بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وقّع الجانبان في عام 2019 اتفاقاً منفصلاً يضمن استمرار التجارة دون فرض رسوم جمركية على معظم السلع، وفق الشروط ذاتها التي كانت سارية خلال عضوية بريطانيا في الاتحاد.
هذا الاتفاق، وإن بدا انتقالياً في طبيعته، اعتُبر حيوياً بالنسبة لاقتصاد الاحتلال، لا سيما قطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك)، الذي يشكل أكثر من 70% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، بحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية.
وكان من المخطط أن يتم توسيع الاتفاق ليشمل مجالات جديدة تعكس الواقع الاقتصادي المتغير، مثل الاستثمارات المباشرة والتجارة الإلكترونية، وفق ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت.
ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله: "نواجه تسونامي حقيقياً سيزداد سوءاً. نحن في أسوأ وضع وصلنا إليه على الإطلاق. هذا أسوأ بكثير من كارثة.. العالم ليس معنا".
تشكل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2000، الإطار الأساسي للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين. وإعادة النظر فيها، حال حدوثه، يشكل "تهديداً كبيراً" للاحتلال، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية.
بالفعل بدأت دعوات من حكومات أوروبية مثل هولندا إلى مراجعة العلاقات والاتفاقات الأوروبية الإسرائيلية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي اللاإنساني للقطاع المحاصر والمدمر، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مايو/أيار إن "احتمال تعليق التعاون مع إسرائيل هو مسألة مفتوحة بالنسبة للاتحاد الأوروبي".
وبات الاقتراح الهولندي لمراجعة التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي بشأن الوضع في غزة يحظى بدعم مطرد بين مجموعة واسعة من الدول الأعضاء، حيث أعلنت بلجيكا وفنلندا وفرنسا والبرتغال والسويد وأيسلندا ولوكسمبورغ وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا والنرويج علناً تأييدها للمبادرة التي طرحها وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب ــ الذي تعتبر حكومته حليفاً قوياً لإسرائيل، في رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
وفي تلك الرسالة أعرب فيلدكامب عن وجهة نظره بأن "الحصار الإنساني" المفروض على غزة، حيث لم تدخل الإمدادات الأساسية منذ نحو شهرين، يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وبالتالي للمادة الثانية من ما يسمى اتفاقية الشراكة التي تحكم العلاقات والتجارة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي. وتنص المادة الثانية على أن العلاقات "يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي توجه سياستهما الداخلية والدولية وتشكل عنصراً أساسياً في هذه الاتفاقية".
وكانت فكرة مراجعة الاتفاق قد طرحت لأول مرة من قبل أيرلندا وإسبانيا في رسالة لم يتم الرد عليها بعد إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبل 15 شهراً، لكنها فشلت في تأمين الدعم القوي من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.
ويوم الثلاثاء 20 مايو/أيار أعلن مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي بدء مناقشته تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن "الوضع الإنساني في غزة خطير للغاية"، وقالت: "يجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى غزة في أقرب وقت ممكن". وأضافت: "بالطبع، قرار إسرائيل السماح بدخول بعض المساعدات هو بمثابة قطرة في بحر. إنه أمر مرحب به، ولكنه ليس كافياً. هناك آلاف الشاحنات تنتظر خلف الحدود. الأموال الأوروبية هي التي موّلت هذه المساعدات الإنسانية، ويجب أن تصل إلى الناس".
الاحتلال في حالة استنفار دبلوماسي.. تحركات خلف الكواليس لاحتواء ضغط الحلفاء
وفي محاولة لإفشال هذه الخطوة، أجرى وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر محادثات في الأيام الأخيرة مع نظرائه الأوروبيين لإحباط المبادرة التي تقودها هولندا، وتقول صحيفة " يديعوت أحرونوت" إن "ساعر ومسؤولين إسرائيليين آخرين يعملون خلف الكواليس لعرقلة هذه الخطوة، التي تتطلب موافقة إجماعية من جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي لإقرارها".
وأضافت الصحيفة أنه على مدار الأيام الماضية، أجرى ساعر اتصالات مع وزراء خارجية لاتفيا وألمانيا وإيطاليا وكرواتيا وبلغاريا والمجر وليتوانيا وجمهورية التشيك، بالإضافة إلى الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.
وتقول الصحيفة: "يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حلفاء الاتحاد الأوروبي سيعارضون المبادرة الهولندية، التي يدعمها بشكل رئيسي "المشتبه بهم المعتادين": إسبانيا، وأيرلندا، وسلوفينيا، وفرنسا. وقد تعهدت عدة حكومات صديقة بالفعل بالتصويت ضد اقتراح فيلدكامب، مما يزيد من احتمال فشله بسبب غياب التوافق".
تحاول حكومة الاحتلال التقليل من وقع التحرك الأوروبي، فقد صرّح مسؤول إسرائيلي لصحيفة هآرتس أن "التطورات كانت متوقعة"، معلقًا على تصريح مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بقوله: "كان تصريحها مؤسفًا، لكن كان من الممكن أن يكون أسوأ". وأضاف أن الساعات الأربع والعشرين قبل الاجتماع كانت جزءًا من "كمين منسق" تم الإعداد له قبل اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لكن – بحسب قوله – "تمكنا عبر جهود السفراء ووزير الخارجية من تعديل النتيجة".
وبحسب هآرتس، يشعر المسؤولون الإسرائيليون بشيء من الارتياح بعد دعم تلقوه من ألمانيا، إيطاليا، واليونان، التي وقفت إلى جانبهم داخل مفوضية الاتحاد الأوروبي. ومع أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تستبعد حاليًا إلغاء الاتفاق التجاري بالكامل، فإنها لا تخفي قلقها من قرار مراجعة الاتفاق، إذ تُقرّ بأن قرار مراجعته يُمثّل تحذيرًا دبلوماسيًا خطيرًا، وقد أشارت الصحيفة إلى أن الأغلبية المؤهلة قد تعلق العمل بأجزاء محددة، مثل اتفاقية التجارة الحرة التي تُعفي الصادرات الإسرائيلية من الرسوم الجمركية، أو برنامج هورايزون، الذي يسمح بمشاركة إسرائيل في مشاريع العلوم والتكنولوجيا الأوروبية.
وبحسب الصحيفة نفسها، يستعد المسؤولون الإسرائيليون بالفعل لنقطة الاشتعال التالية، حيث من المتوقع أن تعقد فرنسا والمملكة العربية السعودية مؤتمراً مشتركاً في نيويورك خلال يونيو/حزيران المقبل، للإعلان عن ا لاعتراف بالدولة الفلسطينية. وتعتبر هذه المبادرة، التي تقودها الرياض، محاولة لتحقيق إنجاز دبلوماسي رمزي يعكس الدعم الدولي المتزايد للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، يعتقد مسؤولو الاحتلال الآن أن المنظمين لهذه المبادرة يعملون على زيادة عدد الدول الداعمة لهذه الخطوة.
وفي سياق مواجهة هذا التحرك، تذكر الصحيفة أن رئيس الاحتلال إسحاق هرتسوغ قام بزيارة مفاجئة إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك بعد مشاركته في مراسم تنصيب البابا في الفاتيكان. وأفادت التقارير أن هرتسوغ، الذي غالبًا ما يقوم بمهام دبلوماسية سرية، أثار قضية الأسرى وقلق الاحتلال بشأن المبادرة الفرنسية السعودية. ومع ذلك، يعتقد الإسرائيليون بأن فرملة هذا المسار أصبحت شبه مستحيلة، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد يُعلن كما هو مخطط له.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وضعَ شروطاً أثارت قلق الحكومة المصرية.. لماذا تأخر الاتحاد الأوروبيُ في صرف 4 مليارات دولار للقاهرة؟
وضعَ شروطاً أثارت قلق الحكومة المصرية.. لماذا تأخر الاتحاد الأوروبيُ في صرف 4 مليارات دولار للقاهرة؟

بوست عربي

timeمنذ 13 ساعات

  • بوست عربي

وضعَ شروطاً أثارت قلق الحكومة المصرية.. لماذا تأخر الاتحاد الأوروبيُ في صرف 4 مليارات دولار للقاهرة؟

ستكون الحكومة المصرية مطالبة بالانتظار لفترة أطول من أجل استلام الدفعة الثانية من المساعدات المالية المتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي عام 2024، وتصل قيمتها إلى 4 مليارات يورو، ما تسبب في حالة من الشد والجذب غير المباشر بين القاهرة وبروكسيل. وفي رسائل طمأنة إلى مصر أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخراً تأكيده على أنه سيقدم تلك المساعدات الأوروبية التي تم الاتفاق عليها، مع تأكيده على أنها ستكون في صورة قروض، وأن صرفها ينتظر موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبي. هذا الوضع يشير إلى مزيد من التأخير في ظل مطالب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من القاهرة بتحسين سجل حقوق الإنسان المصري، وانعكس ذلك على تصريحات رسمية مصرية رحبت فيها بالتوقيع على اتفاقية منع الاختفاء القسري. ضغوط على مصر لتحسين أوضاع حقوق الإنسان أعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء 20 مايو/أيار 2025، أنه سيقدم لمصر مساعدة مالية بقيمة 4 مليارات يورو، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد والبرلمان الأوروبي، لافتاً إلى أن هذه المساعدة ستقدم على شكل قروض، وتساهم إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي، في تمكين مصر من تغطية جزء من احتياجاتها التمويلية. وأوضح البيان أن صرف أي شريحة من هذه المساعدات سيكون مشروطاً بـ "تحقيق تقدم مرضٍ" من جانب القاهرة في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، الذي يهدف إلى دعم الاقتصاد المصري خلال الفترة من 2024 إلى 2027، وأكد الاتحاد أن الاتفاق لا يزال بحاجة إلى مصادقة رسمية من دول الاتحاد والبرلمان الأوروبيين. ويعد هذا الدعم، الذي من المنتظر أن تتسلمه القاهرة، جزءاً من حزمة مساعدات مالية كلية يقدمها الاتحاد الأوروبي للدول التي تواجه صعوبات في ميزان المدفوعات، وذلك استكمالاً للمساعدات المقدمة من صندوق النقد الدولي. ووقعت مصر والاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2024 اتفاق شراكة استراتيجية بقيمة 7.4 مليارات يورو، تتضمن مساعدات مالية كلية تصل إلى 5 مليارات يورو، وتسلمت الحكومة المصرية الشريحة الأولى من هذه المساعدات بقيمة مليار يورو في أبريل/نيسان من العام الماضي. وكشف مصدر حكومي مطلع، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، عما يدور في الغرف المغلقة موضحاً أنها شهدت العديد من اللقاءات بين مسؤولين مصريين وأوروبيين خلال الأيام الماضية، سواء كان ذلك في القاهرة أو في بروكسيل، وأن إعلان الاتحاد الأوروبي صرف قيمة الدفعة الثانية بمثابة حلحلة إيجابية. لكن ذلك، يضيف مصدر "عربي بوست"، لا يعني أن مصر راضية عن تعامل المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، نظير ما تقدمه من جهود إيجابية تجاه استقبال اللاجئين أو الحد من الهجرة غير الشرعية من أراضيها، وكذلك التعاون في العديد من الملفات الأمنية المشتركة، إلى جانب تحقيق أمن الطاقة ومواجهة الإرهاب. وأضاف المصدر ذاته أن القاهرة استخدمت لغة أكثر حدة في المباحثات التي جرت أخيراً بعد أن تعرضت لضغوط تتعلق بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، ومطالبتها باتخاذ مزيد من الإجراءات الإيجابية في التعامل مع اللاجئين الموجودين على أراضيها. وهناك رسائل مباشرة تم توجيهها بأن ما تشهده مصر من ضغوط اقتصادية وسياسية جراء الأوضاع المشتعلة بالمنطقة يتطلب مزيداً من الدعم، وليس الاتجاه نحو وضع إجراءات وعراقيل أمام جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية واستقبال الفارين من دول الصراعات. وأشار المصدر إلى أن القاهرة ليس لديها غضاضة في الاستماع لرؤى أوروبية تتعلق بتحسين أوضاعها الحقوقية، وكذلك توفير مزيد من الخدمات للاجئين، غير أن ذلك يتطلب دعماً دولياً لا يتوفر الآن، في ظل أوضاع أمنية هشة على الحدود. وفي حال كان هناك إصرار أوروبي على أن تقدم على اتخاذ إجراءات تخدم اللاجئين دون عوامل دعم مقابلة، فإنها ستوجه إنذاراً بعدم القدرة على تحمل أعباء اللاجئين، بخاصة مع تراجع الدعم الأوروبي الذي كان يتم تقديمه لمفوضية اللاجئين في مصر، إلى جانب توقف الدعم الأمريكي بشكل كامل، على حد تعبير المصدر المصري. ولفت المتحدث إلى أن مصر بإمكانها التعامل مع مسألة استقبال اللاجئين من منظور تجاري واقتصادي بحت، ومن الممكن أن تبحث عن أوجه الاستفادة دون التعامل معه بشكل إنساني كما يحدث حالياً، لكنها تسعى لأن تمضي في تعاملها الإنساني. لكن حال استمرت الضغوط، يقول مصدر "عربي بوست"، فإنها ستفرض رسوم إقامة باهظة، وفي تلك الحالة سيتم تضييق الخناق عليهم، وسيكون البحث عن ملجأ آخر يبدأ بالهجرة غير الشرعية إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا. وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أعلنت تقليص عدد العائلات المستفيدة من برنامج المساعدات النقدية متعددة الأغراض المنتظمة، وذلك اعتباراً من مايو/أيار 2025، بسبب النقص الحاد في التمويل الذي تواجهه، مشيرة إلى أنها ستخصص المساعدات خلال الفترة المقبلة للعائلات الأكثر احتياجاً فقط. كما أشارت إلى أن مقابلات تقييم الوضع الاقتصادي متوقفة في الوقت الراهن حتى إشعار آخر، والتي تُعد أداة أساسية تعتمدها المفوضية لتحديد الأسر الأكثر احتياجاً وتوجيه المساعدات بشكل عادل، مؤكدة أنها ستواصل إبلاغ اللاجئين والمجتمع المستفيد بأي تطورات جديدة حال توفرها. كيف يمكن أن تُرضي الحكومة المصرية الاتحاد الأوروبي؟ عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، لقاءً حوارياً موسعاً، الأسبوع الماضي، تحت عنوان "ضرورات وإمكانية الانضمام إلى الاتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ورفع التحفظات عن بعض بنودها"، بهدف تقديم توصيات عملية لرفع التحفظات على بعض بنود الاتفاقيات الدولية بما يسهم في حماية الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقالت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيرة خطاب، خلال الفعالية الأخيرة، "إن مصر لديها مصلحة في الانضمام لأكبر عدد ممكن من اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، خاصة أن البلاد تمر بمرحلة تحول اقتصادي مهمة… مشيرة إلى أن جريمة الاختفاء القسري صداها ومعناها سيئ، متابعة: "أتمنى أن تنضم مصر إلى اتفاقية منع الاختفاء القسري ويوصي المجلس القومي لحقوق الإنسان بذلك". يوضح مصدر حقوقي مصري على صلة بملف العلاقات المصرية الأوروبية، أن تباين وجهات النظر بين مصر والاتحاد الأوروبي مؤخراً يرجع إلى أن ملف حقوق الإنسان عاد لأن يكون على الطاولة مجدداً بعد أن خمل خلال الأشهر الماضية. والسبب في ذلك، يقول مصدر "عربي بوست"، يعود إلى توالي صدور تقارير حقوقية من منظمات أوروبية سلطت الضوء على مشكلات اللاجئين والمحتجزين في السجون المصرية، وأنه جرى تقديم هذه التقارير لمندوبي الدول في البرلمان الأوروبي، وهو ما ترتب عليه مواقف أكثر تشدداً من الاتحاد والبرلمان الأوروبي بشأن تقديم المساعدات. يستكمل المصدر أن الدفعة الثانية من المساعدات الاقتصادية تشكل الجزء الأكبر من القيمة المتفق عليها، وليس من الممكن دفع هذه المليارات دون ضوابط وشروط، وهو أمر جرى مناقشته أكثر من مرة في لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي. وأشار إلى أن تعهد الاتحاد الأوروبي سابقاً بعدم تأثير الأوضاع الحقوقية على قيمة هذه المساعدات يجعل هناك ربطاً علنياً بالموقف الاقتصادي وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى أن الحكومات الأوروبية رضخت مؤخراً لرؤى شعوبها تجاه تقديم هذه المساعدات، وفي المقابل فهي تسعى للحفاظ على مصالحها مع مصر. ولفت المتحدث إلى أن مصر يمكن أن تتجه نحو التوقيع على اتفاقية منع الاختفاء القسري، خاصة وأنها وقعت من قبل على ثماني اتفاقيات تتعلق بمجلس حقوق الإنسان العالمي، وفي تلك الحالة ستكون قد قدمت نوايا حسنة للاتحاد الأوروبي واستجابت أيضاً لمطالب العرض الدوري الشامل الذي تضمن هذا الطلب. لكن في المقابل، فإن الدولة المصرية سوف تصر على رفض مطالب أخرى، بينها عدم ترحيل الذين تسللوا بطرق غير شرعية إلى أراضيها، ولن تقدم تنازلات بشأن تطبيق الإجراءات الأمنية على أي مخالف بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الداخلي. مصر تضغط بورقة الهجرة غير الشرعية تقدّر البيانات الحكومية المصرية أعداد الأجانب الموجودين بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7% من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة. وتشكو مصر باستمرار من تحمّلها عبء تدفق موجات مستمرة من الوافدين الذين اضطروا إلى ترك بلادهم بسبب الصراعات، مقدّرة التكلفة التي تتحملها من استضافتهم بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، في حين شكا وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في يناير/كانون الثاني الماضي، من "تواضع الدعم الدولي للاجئين والوافدين الذين تتزايد أعباؤهم على مصر". وبحسب مصدر مطلع بمفوضية اللاجئين في مصر، فإن المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمصر لا علاقة لها بملف تمويل مفوضية اللاجئين، لكنها تؤثر بشكل مباشر على أوضاع اللاجئين في مصر، لأنه وفقاً لقانون اللجوء الجديد الذي أقره البرلمان المصري مؤخراً، فإنه سيكون هناك لجنة حكومية لشؤون اللاجئين. وستكون هذه اللجنة الحكومية المصرية مختصة باستقبال طلبات اللجوء وفحصها، والموافقة عليها أو رفضها، وكذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة باللاجئين، وهو ما يتطلب تمويلاً تنتظره القاهرة من الاتحاد الأوروبي. وعلى مدى العقود الماضية، تولت مفوضية اللاجئين الأممية عملية تسجيل اللاجئين في مصر بموجب اتفاقية تعود إلى العام 1954، إلا أن القانون الجديد يوكل المهمة إلى السلطات المحلية. ويتضمن القانون الجديد إنشاء لجنة حكومية لشؤون اللاجئين، وهي تتبع مجلس الوزراء المصري مباشرة، وتتعاون المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتفصل اللجنة في طلبات اللجوء المقدمة لمن دخل إلى البلاد بطريق مشروع خلال 6 أشهر، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بطريق غير مشروع. وأوضح المصدر ذاته أن القاهرة تتوقع أن تتوقف مفوضية اللاجئين عن تسجيل اللاجئين الجدد في حال استمرت مشكلة نقص التمويل، وبالتالي فهي تضغط في اتجاهات مختلفة لاستعادته، إلى جانب سرعة تقديم المساعدات الأوروبية إليها، خاصة وأن المفوضية التابعة للأمم المتحدة في مصر لوّحت بإمكانية تقليص أعداد العاملين فيها، وسيكون ذلك مقدمة لغلق بعض فروعها أو تقليص العمل فيها. وشدد على أن القاهرة بحاجة إلى تمويل يساعدها في التعامل أمنياً مع كيفية دخول اللاجئين إلى أراضيها ومراقبة الحدود، وهناك دعم أوروبي يقدّر بملايين الدولارات، لكن القاهرة تراه غير كافٍ، وبالتالي ليس لديها الحماس الذي يجعلها تسرع في إقرار اللائحة التنفيذية لقانون اللجوء الجديد، والذي يضمن تطبيقه بشكل فعلي. وأوضح المصدر المطلع بمفوضية اللاجئين في مصر أنه في حال أعلنت الحكومة المصرية مسؤوليتها الكاملة عن تسجيل اللاجئين وتقديم بعض الخدمات إليهم، فإن ذلك سيواجه غضباً في الداخل المصري جراء استمرار شكاوى المواطنين من تضييق اللاجئين عليهم في المأكل والمسكن وباقي الخدمات العامة. وذكر أن الهجرة غير النظامية من مصر مباشرة إلى أوروبا أو عبر الأراضي الليبية قد تأخذ في التصاعد، وهو ما يدفع الاتحاد الأوروبي للإعلان عن الموافقة على تقديم الدفعة الثانية من المساعدات، وهي من المفترض أنها حظيت بموافقة مسبقة على تقديمها للقاهرة منذ توقيع الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين. وطلبت المفوضية لتلبية احتياجات اللاجئين في مصر 137 مليون دولار لسنة 2025، لكن حتى 28 فبراير/شباط الماضي، حصلت على 21% فقط من المبلغ المطلوب، وكان لذلك تأثير كبير على الخدمات، خصوصاً الخدمات الصحية، وبالتالي اضطرت المفوضية إلى تعليقها في شهر مارس/آذار الماضي. جدير بالذكر أنه وفقاً لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أعداد طالبي اللجوء واللاجئين المسجلين لديها في مصر حتى نهاية شهر أبريل/نيسان 2025، وصل إلى 95179 لاجئاً وطالب لجوء من 61 جنسية مقيمة بمصر.

أوروبا تلوح بوقف التجارة مع إسرائيل.. هي قادرة على معاقبتها، فهل تفعلها؟
أوروبا تلوح بوقف التجارة مع إسرائيل.. هي قادرة على معاقبتها، فهل تفعلها؟

بوست عربي

timeمنذ 2 أيام

  • بوست عربي

أوروبا تلوح بوقف التجارة مع إسرائيل.. هي قادرة على معاقبتها، فهل تفعلها؟

في ظل تصاعد الغضب الشعبي في أوروبا، وتزايد الضغط على حكومات طالما وُصمت بالتواطؤ والصمت عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بدأت بوادر ردود فعل. ورغم أن هذه الاستفاقة جاءت متأخرة — بعد 18 شهراً من حرب إبادة موثقة — مقارنة بالتحرك الغربي السريع تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن الوصول متأخراً خير من عدم الوصول. بدأت دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب بريطانيا، التلويح بمراجعة لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، مدفوعة بضغط شعبي متصاعد، لتهديد باتخاذ إجراءات قد تترجم إلى عقوبات اقتصادية مباشرة تطال تبادلات تجارية تتجاوز قيمتها 76 مليار دولار سنوياً. الاتفاقيات التي لطالما شكلت ركيزة أساسية في دعم اقتصاد الاحتلال، وعلى رأسها اتفاقيات الشراكة والتسهيلات الجمركية مع القارة الأوروبية، باتت مهددة بالإلغاء أو التجميد. فما هي هذه الاتفاقات؟ وما مدى جدية أوروبا في تنفيذ تهديداتها الاقتصادية؟ ما حجم التجارة بين أوروبا والاحتلال الإسرائيلي؟ وفقاً لتقديرات صحيفة " كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الاحتلال الإسرائيلي من جهة، والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من جهة أخرى، نحو 51.2 مليار دولار خلال العام الماضي — وذلك باستثناء تجارة الماس. هذا الرقم الضخم يكشف هشاشة الميزان التجاري، إذ يسجل الاحتلال عجزاً تجارياً يتجاوز 15 مليار دولار. لكن الأرقام لا تقف عند تجارة السلع فقط. فبحسب الصحيفة، تحول الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات إلى قوة في تصدير الخدمات، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وعند دمج صادرات الخدمات في المعادلة، تزداد الصورة وضوحاً: هناك 25.3 مليار دولار إضافية من تجارة الخدمات، منها ما يعادل 19 مليار شيكل من صادرات الخدمات التجارية فقط (باستثناء السياحة). الأهم من ذلك أن صادرات الخدمات إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تفوق صادرات السلع، ما يُسهم في خفض العجز التجاري إلى أقل من 3 مليارات دولار فقط. بالمجمل، يبلغ حجم التبادل التجاري الكامل نحو 76.5 مليار دولار سنوياً — أي ما يعادل نحو 270 مليار شيكل، أو 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا هو الحجم الحقيقي لما يمكن أن يخسره الاحتلال في حال قررت أوروبا كسر صمتها وتحويل مواقفها السياسية إلى خطوات اقتصادية فعلية. وقد سجّلت العملة الإسرائيلية (الشيكل) تراجعاً ملموساً خلال تعاملات الأربعاء، متأثرةً بأجواء التوتر الدبلوماسي وتصاعد الحديث عن مراجعة العلاقات الاقتصادية. فقد هبط الشيكل بنسبة 1% أمام الدولار، رغم أن العملة الأميركية نفسها كانت تعاني من تراجع عالمي بنسبة 3%. أما أمام اليورو، فكان الهبوط أكثر وضوحاً، حيث تراجع الشيكل بنسبة 1.4%. بريطانيا تتراجع.. شريك اقتصادي رئيسي للاحتلال قد يجمّد التعاون تُعد بريطانيا من أبرز الشركاء التجاريين للاحتلال الإسرائيلي، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو تسعة مليارات جنيه إسترليني سنوياً، ما يجعلها رابع أكبر شريك تجاري للاحتلال عالمياً. لكن هذا التعاون يواجه اليوم مأزقاً غير مسبوق، بعد أن أعلنت لندن تجميد مباحثات التجارة الحرة مع تل أبيب. وجاء تصريح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بعد ضغوط متزايدة من نواب مستقلين وأحزاب معارضة داخل البرلمان، فوصف الحصار المفروض على غزة بأنه "خاطئ أخلاقياً وغير مبرر ويجب أن ينتهي"، مضيفاً أمام البرلمان: "الجميع يجب أن يكونوا قادرين على إدانة منع الحكومة الإسرائيلية الطعام عن الأطفال الجائعين… إنه أمر مروع". صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أشارت في تقرير مفصل إلى أن هذه التصريحات والخطوات قد "تحمل آثاراً اقتصادية خطيرة"، خصوصاً وأن الاتفاق المُجمّد يُعدّ حيوياً لقطاع التكنولوجيا الفائقة في الاحتلال — القطاع الذي يمثل أكثر من 70% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، وفق بيانات رسمية من دائرة الإحصاء المركزية. وكان من المقرر أن يشكل اتفاق التجارة الحرة الجديد بين بريطانيا وإسرائيل محطة تحديث لعلاقات تجارية ظلت لعقود تستند إلى اتفاق عام 1995 مع الاتحاد الأوروبي. بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وقّع الجانبان في عام 2019 اتفاقاً منفصلاً يضمن استمرار التجارة دون فرض رسوم جمركية على معظم السلع، وفق الشروط ذاتها التي كانت سارية خلال عضوية بريطانيا في الاتحاد. هذا الاتفاق، وإن بدا انتقالياً في طبيعته، اعتُبر حيوياً بالنسبة لاقتصاد الاحتلال، لا سيما قطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك)، الذي يشكل أكثر من 70% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، بحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية. وكان من المخطط أن يتم توسيع الاتفاق ليشمل مجالات جديدة تعكس الواقع الاقتصادي المتغير، مثل الاستثمارات المباشرة والتجارة الإلكترونية، وفق ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت. ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله: "نواجه تسونامي حقيقياً سيزداد سوءاً. نحن في أسوأ وضع وصلنا إليه على الإطلاق. هذا أسوأ بكثير من كارثة.. العالم ليس معنا". تشكل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، التي دخلت حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2000، الإطار الأساسي للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين. وإعادة النظر فيها، حال حدوثه، يشكل "تهديداً كبيراً" للاحتلال، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية. بالفعل بدأت دعوات من حكومات أوروبية مثل هولندا إلى مراجعة العلاقات والاتفاقات الأوروبية الإسرائيلية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي اللاإنساني للقطاع المحاصر والمدمر، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مايو/أيار إن "احتمال تعليق التعاون مع إسرائيل هو مسألة مفتوحة بالنسبة للاتحاد الأوروبي". وبات الاقتراح الهولندي لمراجعة التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي بشأن الوضع في غزة يحظى بدعم مطرد بين مجموعة واسعة من الدول الأعضاء، حيث أعلنت بلجيكا وفنلندا وفرنسا والبرتغال والسويد وأيسلندا ولوكسمبورغ وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا والنرويج علناً تأييدها للمبادرة التي طرحها وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب ــ الذي تعتبر حكومته حليفاً قوياً لإسرائيل، في رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس. وفي تلك الرسالة أعرب فيلدكامب عن وجهة نظره بأن "الحصار الإنساني" المفروض على غزة، حيث لم تدخل الإمدادات الأساسية منذ نحو شهرين، يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وبالتالي للمادة الثانية من ما يسمى اتفاقية الشراكة التي تحكم العلاقات والتجارة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي. وتنص المادة الثانية على أن العلاقات "يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي توجه سياستهما الداخلية والدولية وتشكل عنصراً أساسياً في هذه الاتفاقية". وكانت فكرة مراجعة الاتفاق قد طرحت لأول مرة من قبل أيرلندا وإسبانيا في رسالة لم يتم الرد عليها بعد إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبل 15 شهراً، لكنها فشلت في تأمين الدعم القوي من أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي. ويوم الثلاثاء 20 مايو/أيار أعلن مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي بدء مناقشته تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن "الوضع الإنساني في غزة خطير للغاية"، وقالت: "يجب أن تصل المساعدات الإنسانية إلى غزة في أقرب وقت ممكن". وأضافت: "بالطبع، قرار إسرائيل السماح بدخول بعض المساعدات هو بمثابة قطرة في بحر. إنه أمر مرحب به، ولكنه ليس كافياً. هناك آلاف الشاحنات تنتظر خلف الحدود. الأموال الأوروبية هي التي موّلت هذه المساعدات الإنسانية، ويجب أن تصل إلى الناس". الاحتلال في حالة استنفار دبلوماسي.. تحركات خلف الكواليس لاحتواء ضغط الحلفاء وفي محاولة لإفشال هذه الخطوة، أجرى وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر محادثات في الأيام الأخيرة مع نظرائه الأوروبيين لإحباط المبادرة التي تقودها هولندا، وتقول صحيفة " يديعوت أحرونوت" إن "ساعر ومسؤولين إسرائيليين آخرين يعملون خلف الكواليس لعرقلة هذه الخطوة، التي تتطلب موافقة إجماعية من جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي لإقرارها". وأضافت الصحيفة أنه على مدار الأيام الماضية، أجرى ساعر اتصالات مع وزراء خارجية لاتفيا وألمانيا وإيطاليا وكرواتيا وبلغاريا والمجر وليتوانيا وجمهورية التشيك، بالإضافة إلى الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس. وتقول الصحيفة: "يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حلفاء الاتحاد الأوروبي سيعارضون المبادرة الهولندية، التي يدعمها بشكل رئيسي "المشتبه بهم المعتادين": إسبانيا، وأيرلندا، وسلوفينيا، وفرنسا. وقد تعهدت عدة حكومات صديقة بالفعل بالتصويت ضد اقتراح فيلدكامب، مما يزيد من احتمال فشله بسبب غياب التوافق". تحاول حكومة الاحتلال التقليل من وقع التحرك الأوروبي، فقد صرّح مسؤول إسرائيلي لصحيفة هآرتس أن "التطورات كانت متوقعة"، معلقًا على تصريح مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بقوله: "كان تصريحها مؤسفًا، لكن كان من الممكن أن يكون أسوأ". وأضاف أن الساعات الأربع والعشرين قبل الاجتماع كانت جزءًا من "كمين منسق" تم الإعداد له قبل اجتماع وزراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لكن – بحسب قوله – "تمكنا عبر جهود السفراء ووزير الخارجية من تعديل النتيجة". وبحسب هآرتس، يشعر المسؤولون الإسرائيليون بشيء من الارتياح بعد دعم تلقوه من ألمانيا، إيطاليا، واليونان، التي وقفت إلى جانبهم داخل مفوضية الاتحاد الأوروبي. ومع أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تستبعد حاليًا إلغاء الاتفاق التجاري بالكامل، فإنها لا تخفي قلقها من قرار مراجعة الاتفاق، إذ تُقرّ بأن قرار مراجعته يُمثّل تحذيرًا دبلوماسيًا خطيرًا، وقد أشارت الصحيفة إلى أن الأغلبية المؤهلة قد تعلق العمل بأجزاء محددة، مثل اتفاقية التجارة الحرة التي تُعفي الصادرات الإسرائيلية من الرسوم الجمركية، أو برنامج هورايزون، الذي يسمح بمشاركة إسرائيل في مشاريع العلوم والتكنولوجيا الأوروبية. وبحسب الصحيفة نفسها، يستعد المسؤولون الإسرائيليون بالفعل لنقطة الاشتعال التالية، حيث من المتوقع أن تعقد فرنسا والمملكة العربية السعودية مؤتمراً مشتركاً في نيويورك خلال يونيو/حزيران المقبل، للإعلان عن ا لاعتراف بالدولة الفلسطينية. وتعتبر هذه المبادرة، التي تقودها الرياض، محاولة لتحقيق إنجاز دبلوماسي رمزي يعكس الدعم الدولي المتزايد للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، يعتقد مسؤولو الاحتلال الآن أن المنظمين لهذه المبادرة يعملون على زيادة عدد الدول الداعمة لهذه الخطوة. وفي سياق مواجهة هذا التحرك، تذكر الصحيفة أن رئيس الاحتلال إسحاق هرتسوغ قام بزيارة مفاجئة إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك بعد مشاركته في مراسم تنصيب البابا في الفاتيكان. وأفادت التقارير أن هرتسوغ، الذي غالبًا ما يقوم بمهام دبلوماسية سرية، أثار قضية الأسرى وقلق الاحتلال بشأن المبادرة الفرنسية السعودية. ومع ذلك، يعتقد الإسرائيليون بأن فرملة هذا المسار أصبحت شبه مستحيلة، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد يُعلن كما هو مخطط له.

من يُسّلح إسرائيل؟.. 12 دولة زودت تل أبيب بالذخائر منذ بدء الحرب على غزة
من يُسّلح إسرائيل؟.. 12 دولة زودت تل أبيب بالذخائر منذ بدء الحرب على غزة

بوست عربي

timeمنذ 3 أيام

  • بوست عربي

من يُسّلح إسرائيل؟.. 12 دولة زودت تل أبيب بالذخائر منذ بدء الحرب على غزة

رغم أنها تعد من كبار موردي الأسلحة في العالم، إلا أن إسرائيل تعتمد على دول غربية عدة في الحصول على العتاد العسكري اللازم لمواصلة حربها الموسعة على قطاع غزة، والتي خلّفت الآلاف من القتلى والجرحى الفلسطينيين. وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا في مقدمة الدول الغربية التي زوّدت إسرائيل بالطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ التي لا غنى عنها لجيش الاحتلال، والتي لا تزال الشركات الدفاعية الإسرائيلية عاجزة عن تصنيع نماذج مماثلة لها. وقبل عدة أيام، أبدى كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والصناعات الدفاعية الإسرائيلية دهشتهم من تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي أشار فيها إلى أن إسرائيل يمكنها أن تتوقف عن الحصول على الدعم العسكري الأمريكي. وقال نتنياهو: "إسرائيل تحصل على أسلحة من الولايات المتحدة بقيمة نحو 4 مليارات دولار، وأعتقد أننا سنصل إلى نقطة نتوقف فيها عن هذا، على غرار التوقف عن المساعدات الاقتصادية". يأتي ذلك بينما برزت مطالبات شعبية ودولية عدة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بوقف الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لإسرائيل بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. من يُسّلح إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة؟ الولايات المتحدة: الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل. ومنذ الحرب العالمية الثانية، قدّمت واشنطن مساعدات عسكرية لإسرائيل أكثر من أي دولة أخرى. وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، استحوذت الولايات المتحدة على 69% من واردات إسرائيل من الأسلحة التقليدية الرئيسية بين عامي 2019 و2023. وفي السنوات الأخيرة، تجاوزت قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية ثلاثة مليارات دولار سنوياً بموجب اتفاق مدته عشر سنوات يهدف إلى السماح لحليفتها بالحفاظ على ما تسميه "التفوق العسكري النوعي" على الدول المجاورة. ويُخصَّص جزء من المساعدات – 500 مليون دولار سنوياً – لتمويل برامج الدفاع الصاروخي، بما في ذلك أنظمة القبة الحديدية، والسهم، ومقلاع داود التي طُوِّرت بشكل مشترك. كما تحتفظ الولايات المتحدة بمخزون من الأسلحة في إسرائيل منذ تسعينيات القرن العشرين، حيث تم إعادة توجيه بعض القذائف المخزنة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، قدمت واشنطن دعماً عسكرياً كبيراً لتل أبيب من خلال أكثر من 100 عملية بيع عسكرية منفصلة، بما في ذلك آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل صغيرة القطر، والقنابل الخارقة للتحصينات، والأسلحة الصغيرة وغيرها من المساعدات القاتلة. وكشفت تقارير عن حالات متعددة استُخدمت فيها ذخائر أمريكية الصنع طوال الحرب، بما في ذلك في غارات أودت بحياة مدنيين. كما تعد إسرائيل أول مشغل دولي لطائرة إف-35 المقاتلة الأمريكية، التي تعتبر أكثر طائرة مقاتلة تقدماً من الناحية التكنولوجية على الإطلاق، وقد تسلمت 36 طائرة إف-35 من أصل 75 طائرة كانت قد طلبت شرائها في عام 2023. ومن أبرز الشركات الأمريكية التي زودت إسرائيل بالأسلحة خلال الحرب على غزة لوكهيد مارتن، أر تي إكس، نورثروب غرومان، بوينغ، جنرال دينامكس، هانيويل الدولية وجنرال إليكتريك. ألمانيا: تعد ألمانيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل، حيث استحوذت على 30% من الواردات بين عامي 2019 و2023، وفقاً لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام. وتتألف المعدات العسكرية التي تصدرها ألمانيا إلى إسرائيل في الغالب من غواصات، وسفن حربية، ومحركات للمركبات البرية والمركبات البحرية والطائرات التي يتم تجميعها في إسرائيل أو الولايات المتحدة، وطوربيدات للغواصات. وفي عام 2022، وقّعت إسرائيل صفقة بقيمة 3.3 مليار دولار مع ألمانيا لشراء ثلاث غواصات ديزل متطورة من طراز داكار، ومن المتوقع تسليمها في عام 2031. وستحل هذه الغواصات محل غواصات دولفين الألمانية الصنع التي تشغلها البحرية الإسرائيلية حالياً. وفي عام 2023، بلغت قيمة مبيعات الأسلحة التي قدمتها ألمانيا لإسرائيل 361 مليون دولار ــ وهو ما يمثل زيادة قدرها 10 أضعاف مقارنة بعام 2022 ــ حيث تم منح غالبية تراخيص التصدير هذه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، شملت هذه الشحنة 3000 سلاح مضاد للدبابات محمول و500 ألف طلقة ذخيرة للأسلحة النارية الآلية أو شبه الآلية. وأضافت الوكالة أن معظم تراخيص التصدير مُنحت لمركبات برية وتقنيات لتطوير وتجميع وصيانة وإصلاح الأسلحة. ومن أبرز الشركات الألمانية التي زودت إسرائيل بالأسلحة خلال الحرب على غزة شركتي راينميتال وتيسين كروب. وفي عام 2024، رفضت محكمة العدل الدولية طلباً من نيكاراغوا لإلزام ألمانيا بوقف تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل. إيطاليا: تُعدّ إيطاليا ثالث أكبر مُصدّر للأسلحة إلى إسرائيل، إلا أنها لم تُمثّل سوى 0.9% من واردات إسرائيل بين عامي 2019 و2023، وفقاً لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام. وقد شملت هذه الواردات، بحسب التقارير، طائرات هليكوبتر ومدفعية بحرية. كما أنها شريكة في برنامج مقاتلات إف-35، وتساعد في تصنيع أجزاء منها. وتقول حملة مناهضة تجارة الأسلحة (CAAT)، وهي جماعة ضغط مقرها المملكة المتحدة، إن صادرات وتراخيص السلع العسكرية من إيطاليا إلى إسرائيل بلغت قيمتها 18.8 مليون دولار في عام 2022. وفي عام 2023، بلغت مبيعات "الأسلحة والذخائر" 15.7 مليون دولار، حسبما نقلت مجلة ألتريكونوميا عن المكتب الوطني للإحصاء "ISTAT". وتمت الموافقة على صادرات بقيمة 2.35 مليون دولار بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2023، على الرغم من تأكيدات الحكومة بأنها تمنعها بموجب قانون يحظر مبيعات الأسلحة إلى الدول التي تشن حرباً أو تنتهك حقوق الإنسان. وقال وزير الدفاع الإيطالي، جويدو كروسيتو، للبرلمان في مارس/آذار 2024 إن إيطاليا احترمت العقود القائمة بعد فحصها على أساس كل حالة على حدة والتأكد من "أنها لا تتعلق بمواد يمكن استخدامها ضد المدنيين". ومن أبرز الشركات الإيطالية التي زودت إسرائيل بالأسلحة خلال الحرب على غزة شركة ليوناردو. وتنتج شركة ليوناردو، أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في إيطاليا، مدافع Oto Melara 76/62 Super Rapid 76mm البحرية المثبتة على سفن ساعر الحربية التابعة للبحرية الإسرائيلية، التي استخدمت لشن هجمات لأول مرة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على أهداف في غزة باستخدام مدفع ليوناردو. وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، حصلت شركة DRS Sustainment Systems الأمريكية التابعة لشركة ليوناردو على عقد بقيمة 15.4 مليون دولار لتصنيع مقطورات دبابات ثقيلة لإسرائيل. المملكة المتحدة: في ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت الحكومة البريطانية إن الصادرات البريطانية من المعدات العسكرية إلى إسرائيل "صغيرة نسبياً"، حيث بلغت 55 مليون دولار في عام 2022. وانخفض هذا الرقم إلى 24.2 مليون دولار في عام 2023، وفقاً لسجلات وزارة الأعمال والتجارة. وفي الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و31 مايو/أيار 2024، صدر 42 ترخيصاً لتصدير معدات عسكرية، بينما بلغ عدد التراخيص السارية 345 ترخيصاً. وذكرت وزارة الأعمال والتجارة أن المعدات العسكرية المشمولة بالتراخيص تشمل مكونات للطائرات العسكرية والمركبات العسكرية والسفن الحربية. وقالت حملة مناهضة تجارة الأسلحة إن المملكة المتحدة منحت تراخيص تصدير أسلحة لإسرائيل بقيمة إجمالية بلغت 770 مليون دولار منذ عام 2008. وكان معظم هذه التراخيص مخصصاً لمكونات تُستخدم في طائرات حربية أمريكية الصنع، والتي ينتهي بها المطاف في إسرائيل. وفي سبتمبر/أيلول 2024، أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، عن التعليق الفوري لنحو 30 ترخيصاً لتصدير مواد تُستخدم في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وفي مايو/أيار 2025، كشفت تقارير أن الشركات البريطانية صدّرت آلاف المعدات العسكرية بما في ذلك الذخائر إلى إسرائيل على الرغم من تعليق الحكومة تراخيص تصدير الأسلحة الرئيسية إلى البلاد في سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لتحليل جديد لبيانات التجارة البريطانية. وأثارت البيانات تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة المتحدة قد استمرت في بيع مكونات من طائرة F-35 مباشرة إلى إسرائيل في انتهاك لتعهدها ببيعها فقط إلى شركة لوكهيد مارتن الأمريكية كوسيلة لضمان عدم تعطيل سلسلة التوريد العالمية للطائرة المقاتلة، وهو أمر قالت الحكومة إنه ضروري للأمن القومي وحلف الناتو. ومن أبرز الشركات البريطانية التي زودت إسرائيل بالأسلحة خلال الحرب على غزة شركتي بي إي ايه سيستمز ورولز رايس التي طورت شركة إم تي يو الألمانية التابعة لها محركات الدبابات القتالية الإسرائيلية ميركافا 4 و5 (باراك). واستخدمت إسرائيل هذه الدبابات على نطاق واسع في قطاع غزة، بما في ذلك في هجماتها في نوفمبر/تشرين الثاني على مستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي. تتسم طبيعة الصادرات الفرنسية من الأسلحة إلى إسرائيل بالسرية الشديدة، وتستخدم الحكومة الفرنسية انعدام الشفافية حول صادرات الأسلحة لإخفاء علاقتها التجارية في مجال الأسلحة مع إسرائيل. ومع ذلك، هناك بعض البيانات عن الأسلحة الفرنسية المصدرة إلى إسرائيل خلال حربها على غزة. ففي عام 2023، تم تسليم أسلحة بقيمة 33 مليون دولار من فرنسا إلى إسرائيل، أي أكثر من ضعف العام السابق. وتنتج شركة الأسلحة الفرنسية تاليس المملوكة جزئياً للدولة أجهزة الإرسال والاستقبال للطائرة بدون طيار من طراز "هيرميس 900" في مصنعها في لافال. وقد تم تسليم اثنين على الأقل من هذه الأجهزة المرسلة المستجيبة إلى إسرائيل في عام 2024. وتحتفظ شركة تاليس بصلات وثيقة مع شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية، التي تعاونت معها في برنامج الطائرة بدون طيار Watchkeeper للجيش البريطاني. وفي مارس/آذار 2024، أحدث تحقيق للموقعين الاستقصائيين الفرنسيين Disclose وMarsactu أزمة كبيرة في فرنسا، بعد أن كشف عن بيع أسلحة لإسرائيل، وقال إن شركة يورولينكس الفرنسية، ومقرها مرسيليا، باعت إسرائيل وصلات إم 27، وهي عبارة عن قطع معدنية تُستخدم لربط خراطيش البنادق في أحزمة ذخيرة المدافع الرشاشة. وحسب تقارير، فقد أكد الموقعان أن هذه الذخيرة "ربما استُخدمت ضد المدنيين في قطاع غزة". بلجيكا: تحتل بلجيكا المرتبة الـ22 في قائمة الدول المصدرة للأسلحة في العالم. وخلال رئاستها للاتحاد الأوروبي في مايو/أيار 2024، دعت بلجيكا إلى حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل على مستوى الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من ذلك، فقد تم تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل خلال الإبادة الجماعية في غزة، وتتخذ شركات عسكرية إسرائيلية من بلجيكا مقراً لها. وفي عام 2021، منحت بلجيكا تراخيص لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل بقيمة 22 مليون دولار. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، صدرت شركة بي بي كليرمونت البلجيكية 16 طناً من البارود إلى إسرائيل. وتم نقلها عبر ميناء أنتويرب. وفي فبراير/شباط 2024، أصدرت الحكومة البلجيكية تعليقاً مؤقتاً لهذه التراخيص. وفي الفترة ما بين 7 نوفمبر/تشرين الثاني و4 مارس/آذار 2024، جمعت منظمة العفو الدولية بيانات تفيد بأن عشر رحلات جوية تحمل معدات عسكرية إلى قاعدة نيفاتيم الجوية في إسرائيل قد عبرت مطار لييج البلجيكي. وكانت شركة طيران "تشالنج إيرلاينز" الإسرائيلية للشحن الجوي تدير هذه الرحلات. وفي مايو/أيار 2024، حظرت الحكومة البلجيكية جميع عمليات عبور الأسلحة عبر أراضيها إلى إسرائيل، بما في ذلك إعادة الشحن. الهند: الهند هي واحدة من أقرب شركاء إسرائيل في تجارة الأسلحة. وفي الفترة ما بين عامي 2019 و2023، كانت الهند أكبر عميل للصناعة العسكرية الإسرائيلية حيث استحوذت على 37% من صادراتها. وعلاوةً على ذلك، تنتج الصناعة العسكرية الهندية مكونات أساسية لشركات إلبيت سيستمز ورافائيل والصناعات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك المتفجرات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كشفت تقارير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم نظام أسلحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي في غزة، تم إنتاجه بالاشتراك مع شركة دفاع هندية، وأُطلق عليه اسم "أربيل". وخلال الفترة من 2014 إلى 2022، برزت الهند كمورد بارز للسلع العسكرية إلى إسرائيل، حيث بلغت قيمة معاملاتها 258.11 مليون دولار. وشملت الصادرات مجموعة متنوعة من المنتجات التي تشمل طلقات البنادق الهوائية وقطع خراطيش البنادق والذخائر والقذائف. إسبانيا: نقلت إسبانيا ذخيرة بقيمة مليون دولار إلى إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وفقاً لبحث أجراه مركز ديلاس. وتُظهر البيانات التي تم الحصول عليها من سجلات نقل الأسلحة التابعة لحملة مناهضة تجارة الأسلحة أن قيمة تراخيص التصدير من إسبانيا إلى إسرائيل بين عامي 2014 و2022 بلغت 111 مليون دولار، بما في ذلك نقل الذخيرة والمركبات/الدبابات والأجهزة المتفجرة. وفي أبريل/نيسان 2025، قال مصدر حكومي اليوم لوكالة رويترز إن الحكومة الإسبانية ألغت من جانب واحد صفقة شراء ذخيرة لوزارة الداخلية من شركة إسرائيلية، بعد ضغوط من ائتلاف سومار الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم. وفي 20 مايو/أيار 2025، صدق البرلمان الإسباني على مناقشة مقترح لحظر تجارة السلاح مع تل أبيب. ودائماً ما انتقدت إسبانيا سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. وتعهدت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بوقف بيع الأسلحة لإسرائيل على خلفية حربها على غزة، قبل أن توسع نطاق هذا الالتزام العام الماضي ليشمل شراء الأسلحة. أعلنت الحكومة الكندية سابقاً أنها ستوقف جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرةً إلى أنه لا يمكن ضمان امتثال إسرائيل التام لنظام التصدير الكندي. ومع ذلك، فقد كُشف لاحقاً أن تعهد الحكومة الكندية ينطبق فقط على تصاريح التصدير التي لم تُعتمد بعد. وأظهرت البيانات التي كُشف عنها في فبراير/شباط 2024 أن حكومة رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو قد أذنت بصادرات عسكرية جديدة إلى إسرائيل بقيمة 28.5 مليون دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وصُنف مبلغ 18.4 مليون دولار في أول شهرين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على أنه يغطي "المعدات الإلكترونية"، بينما شملت تصاريح إضافية بقيمة 9.2 مليون دولار "الطائرات" و"المركبات الجوية بدون طيار"، من بين معدات ومكونات أخرى متعلقة بالطائرات. صربيا: أفادت التقارير أن شركة يوغوإمبورت-إس دي بي آر، وهي أكبر شركة لتصنيع الأسلحة مملوكة للدولة في صربيا، صدّرت أسلحة بقيمة 15 مليون دولار إلى إسرائيل في مارس/آذار 2024. وقد نُقلت شحنتان كبيرتان من الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقاً لشبكة التحقيقات الاستقصائية في البلقان (BIRN)، إلا أن هذه الصفقات تُحاط بالسرية التامة. وسبق أن نقلت صربيا بضائع بقيمة 883 ألف دولار إلى إسرائيل من مصنع إنتاج الذخيرة الحكومي "برفي بارتيزان" في أوزيتشي، غرب صربيا، في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2023. وعقب طلب حرية المعلومات الذي قدمته شبكة التحقيقات الاستقصائية في البلقان (BIRN) في مارس/آذار 2024، رفضت وزارة التجارة الصربية طلبها، مؤكدةً أن البيانات "سرية للغاية". السويد: بلغت القيمة الإجمالية لتراخيص تصدير الأسلحة من السويد إلى إسرائيل بين عامي 2014 و2022 ما يقارب 1.53 مليون دولار، وكان العديد منها متعلقاً بأنظمة مراقبة الأسلحة والتحكم فيها. وزعمت شركة سفينسكا فريدز السويدية لتتبع الأسلحة أن الصادرات السويدية إلى إسرائيل كانت "صغيرة تاريخياً". ومع ذلك، شهد عام 2022 زيادة ملحوظة في هذه الصادرات، حيث تجاوزت قيمتها حوالي 450 ألف دولار. وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقّعت إدارة المعدات الدفاعية السويدية صفقة لمدة 10 سنوات بقيمة تقارب 170 مليون دولار مع شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية. الدنمارك: تكشف سجلات حملة مناهضة تجارة الأسلحة أن القيمة الإجمالية لتراخيص التصدير من الدنمارك إلى إسرائيل تجاوزت مليون دولار بين عامي 2014 و2022. وكشفت منظمة "دان ووتش" أن مكونات دنماركية تُستخدم في إنتاج وصيانة طائرات إف-35 الإسرائيلية، والتي يُرجح أنها استُخدمت في قصف غزة. وفي مارس/أذار 2024، أفادت التقارير أن مجموعة من المنظمات غير الحكومية، وهي الفروع المحلية لمنظمة أوكسفام، ومنظمة العفو الدولية، ومؤسسة الحق، قد رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة الدنماركية بشأن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store