
الوقوف طويلاً أمام طاولة
يحدث أن تغير مكان دخولك اليومي لعملك، حدث بسيط ودون ضغط مسبق، أن تغير عادتك بغير حسابات تتجاوز الاتجاهات التي ستغيرها، لكن الانعكاس لمثل هذا الخيار السهل سيأتي تباعًا، بغيابك عن جهة ما، وعن الأشخاص فيها، وظهورك المفاجئ في جهة أخرى وأمام آخرين.. قد يتساءلون فيما بينهم: لماذا جاء؟ ومنذ متى؟ قرارك هذا انتقل من قدرتك على اتخاذه إلى ملكية الآخرين والتعاطي معه، دون أن تقصد أو تريد.
الأمر ليس مجرد انعكاس لقرارك الذاتي والمنفرد، بل سيمتد مثل تغيير مجرى نهر بمرور الوقت، والأثر الذي سيكون محصوراً عليك هو فقدان القدرة على التراجع، مثلما يقول د. مصطفى محمود: "حريتي تعذبني.. لأني حينما اختار أتقيد باختياري.. تتحول حريتي الي عبودية ومسؤولية لا ينفع فيها اعفاء لأنها مسؤولية أمام نفسي".
وهذا القيد النفسي محدد بالاختيار والرجوع عنه، في حين أن تملّك الخيارات وتعددها، هو أداة خادعة للحرية، وصورة ضبابية لقدرتك المنفردة على الاختيار.
فالاختيار في بدايته يكوّن حيلة بما يشبه الحرية، تعطيك انطباعاً مؤقتاً بسيادتك المطلقة على نفسك، وترسل إليك إشارات تأتي متأخرة على هيئة سؤال: هل كل ما أفعله هو اختياري أم أنني مدفوع لذلك بسياق طويل من الأحداث؟
إن اللحظة التي تتهيأ فيها لتجسيد حريتك وإرادتك، تحمل هي أيضًا ضمنها انعكاسات محتملة، للمجتمع أو القانون أو الدين، وتبدأ في التفكير جديّاً بالتنازل عن الخيارات، واحداً تلو الآخر، وستجد نفسك أمام عدد قليل منها، وتتساءل بأيّهم سأتمسك وأتخلى عن البقية؟ وربما هذا هو المطلوب منك بالضبط ودون أن تشعر!
المزيد من الخيارات أبعد ما تكون عن الحرية، أو كي لا أبالغ.. هي لا تعبر عن الحرية بدقة، فهي تعني المزيد من الارتباك والتردد، والعبء النفسي، وهمٌ يكون أحياناً تسويقياً، يدير ذهنك الحرّ إلى غايات مقصودة، بمزيد من الخيارات المزينة بإغراء التعدد، وهذا ما يجعل الخيار دائماً محدوداً ومنتظراً في كل الأحوال. والطريق إليه معبدٌ بالخلاص من القلق والتردد، والتفكير المفرط في انعكاساته الداخلية والخارجية، "كلما زادت البدائل، زاد التردد وقل الرضا عن القرار النهائي".
تقدم المؤرخة الأميركية صوفيا روزنفيلد تلخيصًا لما قد تكون عليه حرية الاختيار، فبعد أن تستعرض تاريخه منذ القرن الثامن عشر إلى العصر الحالي في كتابها "عصر الاختيار The age Of Choice"، تقودنا إلى نتيجة أن الاختيار ليس دائماً حرية، بل قد يكون وهماً، وأن الحرية الحقيقية ليست في كثرة البدائل، بل في القدرة على اتخاذ قرار واعٍ دون ضغط. وهذا الذي تقترب استحالته في هذا العصر الموجّه في كل مناحيه. والذي خياراته "غالبًا ما تكون محددة مسبقاً من قبل السوق أو السلطة" وهو ما تصفه روزنفيلد بوهم الحرية! ومما يفاقم قضايا القلق الوجودي والاكتئاب المرتبط بالهوية الفردية والمقارنة.
أنت تملك خيارك، وعليك أن تبذل جهداً لتملكه بالفعل، وربما سيغيب عنك أن قرارك بوضع الكوب منتصف الطاولة أو على طرفها، لا يُعدّ تفضيلاً عابراً لإرادتك، هو ومضة في تيار لا يُرى، وسيكون بداية لتأثير فراشة بعيد، سينعكس بعد مدة، قد لا تتصورها وأنت تتأمل طاولة فارغة!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
منذ 2 ساعات
- مجلة هي
خطوات وعوامل تساعد على تحقيق الإنجاز الذاتي في حياتك اليومية
السر لا يمكن في الحظ! هل تساءلت يومًا كيف ينجح البعض في الوصول لأهدافهم وتحقيق أحلامهم بينما يظل آخرون عالقين في نفس المكان؟ اتتهي لا صلة للحظ بالأمر، للنجاح أسباب كثيرة، منها وضع الأهداف، والنظام، والحافز، والجهد، وأمور أخرى تتعلق بطبيعة الشخص وسماته الشخصية مثل القوة، والثقة بالنفس، والتحدي، والقدرة على مواجهة الأزمات. القدرة على الانجاز الذاتي من بينها، فما هو، وكيف يمكن تحقيقه في حياتك اليومية لتكوني في صفوف الناجحين؟ ما هو الإنجاز الذاتي؟ الإنجاز الذاتي هو شعور داخلي بالرضا والثقة بالنفس، ينتج عن تحقيق أهداف شخصية تعكس الطموح والأمنيات بعيدًا عن المقارنات أو ضغوط التوقعات المرهقة، لا يحتاج إلى مجهود خارق، ولكنه يبدأ بعادات يومية بسيطة تُبنى بوعي وانتظام، وتساهم تدريجيًا في بناء حياة مُرضية وذات معنى تحقيق قيمة الشخص. ما هي أهمية الانجاز الذاتي في تحقيق الطموح؟ تعود أهمية الانجاز الذاتي إلى: الشعور بالرضا الداخلي والثقة بالنفس. تعزيز الدافعية للاستمرار والتطور. التركيز والوضوح في تحديد أولوياتك. التقليل من الشعور بالتشتت والإحباط. تنمية الإحساس بالمسؤولية تجاه النفس. السرعة في تحقيق الأهداف. ما هي أهم خطوات تحقيق الإنجاز الذاتي؟ يمكنك تحقيق الانجاز الذاتي من خلال تنفيذ الخطوات التالية: تحديد الأهداف بوضوح يجب وضع أهداف واقعية ومحددة وقابلة للقياس، سواء كانت على المدى القصير أو الطويل، بحيث يكون كل هدف واضح هو حجر أساس نحو الإنجاز الذاتي الحقيقي. تنظيم الوقت الوقت هو البطل الحقيقي في تحقيق الانجاز الذاتي، لذا يجب تقسيم اليوم إلى فترات مخصصة للمهام الأساسية، وعدم الانتباه للمشتات، إضافة إلى استخدام أدوات التخطيط مثل المفكرات أو التطبيقات الذكية يسهم في إنجاز مهامك بكفاءة. البدء بخطوات صغيرة وثابتة الإنجاز الذاتي لا يبدأ بخطوات كبيرة، لذا يجب البدء بخطوات صغيرة، والاحتفال بكل ما يتم تحقيقه لتعزيز الثقة بالنفس لأنها ترتبط بالقدرة على تحقيق أي انجاز. تطوير المهارات التعليم المستمر يعزز من فرص تحقيق الانجاز الذاتي، لذا يجب الاستثمار في الوقت لتطوير مهارات جديدة، وتحسين مهارات حالية. تجنب التسويف يجب عدم تأجيل عمل اليوم للغد، هذه الخطوة لا تقل أهمية عن الخطوات الأخرى، لأنها تساهم بدفع الهمة دائمًا نحو تحقيق الانجاز الذاتي. تجنب المقارنات المقارنة مع الآخرين تُضعف العزيمة وتشتت التركيز، وتسير في الاتجاه المعاكس لتحقيق الانجاز الذاتي، وإن كان لابد منها، فمن الأفضل مقارنة النفس بانجاز الأمس مع انجاز اليوم، وتقييمها لمعرفة القصور والضعف. الحرص على الوجود في بيئة محفزة وداعمة يجب اختيار بيئة فيها أشخاص داعمين وإيجابين، لذا يجب البحث عنهم بعناية لأن العقل يتأثر بالطاقة التي تجلبها البيئة المحيطة. تقييم النفس يجب تقييم النفس، وعدم الخوف من مواجهة جوانب الضعف، ويجب أن يكون ذلك بصفة دورية. ما هي العوامل النفسية التي تساعد في تحقيق الإنجاز الذاتي؟ من أبرز العوامل النفسية التي تساعد في تحقيق الانجاز الذاتي ما يلي: التحفيز الداخلي، لأن الرغبة الذاتية في التحسن هي أقوى دافع للإنجاز. الثقة بالنفس، والإيمان بها وبالقدرات والمهارات يمنحك القوة للمواجهة والمضي قدمًا. التمتع بمرونة نفسية كافية، لمواجهة التحديات والتكيف مع التغييرات التي تحدث خلال الرحلة. التفاؤل يحقق الانجاز الذاتي. تحسين الحالة النفسية من خلال ممارسة الرياضة. تطوير مهارة جديدة كالطهي أو التصميم. تخصيص وقت يومي للتأمل أو الكتابة. خلاصة القول: لتحقيق الانجاز الذاتي، لا يجب انتظار الظروف حتى تتهيأ، يجب صنع الظروف، ويجب العلم أنه لا توجد لحظة مثالية للبدء. كل يوم يتوافر فيه الوعي والرغبة هو بداية صالحة لتحقيق الإنجاز الذاتي الذي تستحقه. لذا يجب الإيمان بالذات، والتخطيط والتنظيم، فالنجاح لا يمنح، بل يُصنع بخطوات ثابتة وجهد مستمر. ولن يشعر بلذة الإنجاز إلا من تعب في الوصول إليه.شش


الرجل
منذ 5 ساعات
- الرجل
راكان طرابزوني يكتب لـ«الرجل» : الذكاء العاطفي
ما زلت أوْمن بأن النجاح في أي وظيفة يعتمد بنسبة متوازنة بين إتقان المهنة أو الحرفة، من جهة، والقدرة على التعامل مع الآخرين باحترام وتعاطف من جهة أخرى. وفي رأيي فإن ذلك يتطلب إعطاء الاحترام والتعاطف 70% أهمية، مقارنة بنسبة 30% للمهنة نفسها. فالمهنة أو الحرفة هي قدرة قابلة للتعلم، إن كانت محاماة أو محاسبة حتى علوم الفضاء. بينما إن كنت تفتقر لأساسيات الاحترام والتقدير في التعامل مع الآخرين، ولم تتعلمه في صغرك، فمن الصعب اكتسابه في الكبر. القدرة على التعامل باحترام وتعاطف مع الآخرين وقراءة مشاعرهم وكيفية التعامل معها للوصول لحل ونتيجة هي من أساسيات الطبيعة الإنسانية، وهو ما نسميه اليوم بالذكاء العاطفي، والذي يجدر بنا جميعًا إتقانه. وهي مهارات تُكتسب بالممارسة والملاحظة، والقدرة على قراءة الآخرين، وبطبيعة الحال قد تأخذ بعض الوقت. ولعل أبرز ما يعزز هذا المفهوم هو تعلم المهارات التالية، ولكن اعلم أن كل مهارة مرتبطة بالأخرى وتدعمها، فالهدف هو إتقانها جميعًا: • الوعي الذاتي: القدرة على فهم نفسك ومشاعرك وانفعالاتك ومسبباتها. • ضبط النفس: القدرة على التحكم في مشاعرك وضبطها، وخصوصًا في المواقف الصعبة وأوقات التوتر. • التحفيز الذاتي: القناعة أن التحفيز الأنجح والمستدام يكون من الداخل وليس من المحيط الخارجي أو من الآخرين. • التعاطف: القدرة على تفهم مشاعر الآخرين ومحاولة رؤية الأمور من منظورهم لفهم وجهة نظرهم. • التواصل الفعال: القدرة على التواصل مع الآخرين باحترام ولباقة وحكمة. وتشير دراسات كثيرة إلى أننا نقضي معظم وقتنا في أماكن عملنا هذه الأيام، وعليه فيجب علينا إتقان هذه الخصلة لضمان استمراريتنا في أعمالنا ونجاحنا وتطورنا فيها. فكما ذكرت في بداية المقال، فإن النجاح المهني يعتمد على الذكاء العاطفي بشكل كبير. وإن كان إتقان المهارة التقنية يفتح الباب للحصول على الوظيفة، فالذكاء العاطفي هو ما يبقيه مفتوحًا على المدى الطويل. وقد أصبحت بيئات العمل اليوم أكثر تعقيدًا وتشابكًا، والوقت الذي نقضيه يوميًّا مع زملاء العمل يصل إلى ضعف الوقت الذي نقضيه مع أسرنا في بيوتنا يوميًّا، وهذه نسبة متحفظة، فأنا أعتقد أنها أكثر من الضعف. ولذلك ينبغي علينا تعلم كيفية التواصل والتعامل والتوافق مع بيئة العمل وكل من فيها. وفي رأيي، هناك عدة أمور يجب أخذها في الحسبان في مكان العمل، ومن أهمها: • حل النزاعات والخلافات: البحث عن الجذور والتركيز على التهدئة والحل بدلًا من التصعيد. • عدم أخذ الأمور بصفة شخصية: يجب التعامل مع أمور العمل على أنها عمل فقط وعدم أخذ أي موقف مخالف بصفة شخصية ومحاولة فهم آراء الآخرين. • القيادة المؤثرة: القيادة تعني دعم الآخرين وإعطاءهم الثقة والقوة لاتخاذ القرارات والإبداع والتطوير، وأن تتوقع حدوث أخطاء، ولكن يجب عليك التعامل مع أخطاء الفريق كفرصة للتعلم والتطور. وأخيرًا، فالذكاء العاطفي يكاد يكون القوة الخارقة التي تعطي أي شخص يمتلكها مفاتيح النجاح في العمل وكسب الآخرين في الحياة بصفة عامة. والجميل في الموضوع أنها ليست قوة خارقة ناعمة حكرًا على فئة معينة من الناس ولكنها خصلة يمكن تعلمها وصقلها وتطويرها مهما كانت خلفية الشخص الراغب في تعلمها. "تذكر وأنت تتعامل مع الناس أنك لا تتعامل مع مخلوقات منطقية، بل مع مخلوقات عاطفية". ديل كارنيجي


صحيفة سبق
منذ 6 ساعات
- صحيفة سبق
الجامعة السعودية الإلكترونية تواصل استقبال طلبات القبول لمرحلة البكالوريوس للعام الجامعي 1447هـ
تواصل الجامعة السعودية الإلكترونية استقبال طلبات القبول والتسجيل لدراسة مرحلة البكالوريوس للفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 1447هـ، وذلك من خلال بوابة القبول الإلكترونية الخاصة بالجامعة، التي تم تطويرها بأحدث التقنيات لتُيسر على الطلبة تقديم طلباتهم واختيار تخصصاتهم الدراسية بكل يسر وسهولة وأكدت أن القبول متاح لجميع الأعمار دون اشتراط سن محدد، على ألا يكون المتقدم أو المتقدمة حاصلاً على درجة البكالوريوس أو ما يعادلها في نفس التخصص، أو مقيداً على درجة علمية أخرى في الجامعة. ويُعد القبول تنافسياً، ويعتمد على النسبة الموزونة للمتقدمين، مع ضرورة رفع الوثائق المطلوبة إلكترونياً عبر البوابة ودعت الجامعة الطلبة الراغبين في الالتحاق إلى الإسراع في استكمال متطلبات القبول عبر المنصة الإلكترونية، قبل انتهاء المهلة المحددة، مؤكدة أهمية الالتزام بالجدول الزمني المعتمد لضمان استكمال إجراءات التقديم بنجاح