logo
الـهـدنـة الـمـرتـقـبـة

الـهـدنـة الـمـرتـقـبـة

جريدة الاياممنذ 2 أيام
يقول المثل الشعبي، «اللي إيده في الميه مش زي اللي أيده في النار»، وأهل غزة كلهم أياديهم في النار فيما يبدو من يفاوض يده في ماء مثلج، لا علاقة له بمعاناة الناس. فالمواطنون يريدون لهذه الحرب أن تنتهي وللموت أن يتوقف. كتب أحد الأصدقاء على صفحته، إن رغبة الناس بهدنة لو لستين يوماً ثم تعود بعدها الحرب تشبه المحكوم بالإعدام الذي يتم تأجيل شنقه ستين يوماً، وهي فرصة، أي الستين يوماً، من أجل أن يتمتع قليلاً بالحياة وينعم ببعض الراحة قبل أن يتم شنقه. وعلى ما في مثل هذا القول من قسوة إلا أنه يعكس المدى الذي وصل إليه حال الناس.
والمفاوض الشرس صارت ملاحظاته تتعلق بدقة حول عودة الجيش الإسرائيلي لخطوط الهدنة السابقة، أو بعبارة أخرى إلى ما قبل العملية العسكرية الإسرائيلية التي أطلق عليها «عربات جدعون». صرنا نناقش ونفاوض على ما لم يكن موجوداً قبل شهرين وكان يمكن لنا تجنبه لأن هناك من يعتقد أن ما يجري يمثل انتصاراً ولم يتعلم من التجربة الإيرانية «الشقيقة» بالنسبة له، ولا من وقف الحرب بين الهند وباكستان، لا يعرف أن حماية أرواح الناس أهم بكثير مما يطرحه من قضايا، وأن الوقت ليس كالسيف بل هو سيف يجز أعناق شعبنا في غزة كل ثانية وليس كل يوم.
تخيلوا، المفاوض الذي خوّنوه وكفّروه كان يفاوض على حدود الخامس من حزيران وعلى دولة وعلى سيادة وعلى إدخال سلاح وفتح مطار وميناء، أما المفاوض الحالي فيفاوض على العودة إلى خطوط ما قبل السابع عشر من آذار 2025 وإذا حققنا انتصاراً سنخرجهم من محور فيلادلفيا ومن نتساريم، وإذ كانت الأمور أفضل ستعود الأمور إلى ما قبل السابع من أكتوبر، لتصبح المعادلة أننا قمنا بالسابع من أكتوبر من أجل أن نعود للسادس من أكتوبر.
عموماً، إذا كان الأمر كذلك، على الأقل ما يجري من مفاوضات، الآن، لا يقول غير ذلك، فإن إنهاء الحرب بأي ثمن هو أفضل للناس. اكثر شيء غريب يمكن أن تسمعه هو القول، إن «حماس» تتشاور وتناقش الورقة المقدمة من ويتكوف، فيما الجميع يعرف أن ساعة يد ترامب وعقاربها (ليست تلك الساعات التي قام بطرحها في الأسواق تحت ماركة ترامب 2025) هم ما يحكمون إيقاع الجميع. بالنسبة لـ»حماس» يجب أن تقدم ردا ويجب أن يكون إيجابيا حتى لا يزعل ترامب، لا بأس لو ظل ينتظر للدقيقة صفر، فهكذا نثبت أننا أنداء عنيدون له حتى لو كان ثمن ذلك خسارة أكثر من مائة من أبناء شعبنا يوميا. بالعودة للمشاورات، واضح أن «حماس» تشاور كل العالم باستثناء الجهة الوحيدة المعنية بالأمر، أي الشعب الفلسطيني في غزة. المعنيون بالأمر لا علاقة لهم به، والمتأثرون بالنتائج غير مسموح لهم أن يدلوا بدلوهم حين يتعلق الأمر بحياتهم.
وتظل كلمة موجعة يجب قولها، هل يمكن لأحد أن يقدم لنا تفسيراً لماذا يبدو ما يعرض على «حماس»، الآن، أفضل مما رفضته في السابع عشر من آذار قبل أن يرتقي قرابة سبعة آلاف شهيد جديد ويتم تدمير ما تبقى من القطاع، علماً بأنها نفس الورقة، بل إن مطالبنا صارت أن يرجع الجيش الإسرائيلي إلى ما قبل العملية العسكرية الأخيرة. هل لأحد أن يقدم لنا تفسيراً واحداً حتى تقر نفوسنا وتهدأ، وحين أقول أحداً فأنا لا أريد أن أسمع ضجيج مشتبكي الصالونات والمقاهي ومحللي الفضائيات لأن هؤلاء مهمتهم هي التهليل لا التفسير المنطقي.
الآن وبعد أن تم وضع الملاحظات والاستدراكات دخلنا مرحلة جديدة من التفاوض. والشعور الوحيد الذي ينتاب المرء أن الهدف الوحيد من المفاوضات هو المفاوضات، كما أن الهدف الوحيد من الطوفان هو الطوفان ومن الحرب هو الحرب، حتى أن أحداً لا يفكر فيمن يدفع الثمن، بل لا يعتبر هذا دفعاً للثمن بل أجر وثواب.
وأنا حين أقول ذلك استعيد كل النقاش حول الحوار الوطني والصياغات المتكررة التي هدفت لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التي كانت تموت على مدارج الاستدراكات التي كانت تبرع «حماس» في وضعها لأن الهدف ألا ينتهي الانقسام. وفيما ينظر ترامب لساعة يده حتى يعلن عن الهدنة المرتقبة خلال أو بعد اجتماعه بنتنياهو فإن الناس في غزة ينتظرون على أحر من الجمر أن يتم منحهم فرصة للحياة، في المقابل فإن إسرائيل التي هشمت وكسرت كل شيء في غزة تهدد بعملية جديدة في حال فشلت المفاوضات وأطلقت عليها اسماً شبيهاً للعملية العسكرية ضد إيران.
والمفارقة حول لعبة الأسماء، أننا أطلقنا طوفان الأقصى وتوقفنا، لم نحسب حساباً لشيء بعده، حتى لو غرقت غزة، وقد غرقت، لم نتمكن من إيقاف الجنود الإسرائيليين وهم يدمرون البلاد ولا أعقنا إعادة احتلالهم لغزة، فيما الاحتلال يطلق بين فينة وأخرى اسماً جديداً على عمليته العسكرية المتجددة ضد غزة وكانت طبعتها الأخيرة في غزة «عربات جدعون» والعملية القادمة (لعلها لا تحصل) ستحمل كما ورد في الإعلام العبري «الليث المشرئب» وكانت أولى العمليات العسكرية في غزة في السابع من أكتوبر حملت اسم «السيوف الحديدية» وهي كلها أسماء ترتبط بالتوراة وبأساطيرها. في المقابل، نحن توقفنا عند طوفان الأقصى، لأن لا شيء حدث بعده حتى صد الهجوم الهمجي على غزة ووقف المذابح لم يحدث، وباتت مطالبنا «اخرجوا من شارع الرشيد» أو «انسحبوا نحو شارع صلاح الدين». طبعاً القصة ليست قصة أسماء ولكنها تعكس طبيعة الأهداف. واضح أن الهدف الفلسطيني لم يكن أبعد من صباح السابع من أكتوبر وليس بعد ذلك بساعات، ولم يفكر أحد كيف تتم حماية غزة وأهلها من الدمار والقتل والتشريد، لذلك شملنا الطوفان بمن شمل ولم ينجُ أحد. ورغم المطالب المشروعة خاصة تبادل الأسرى إلا أن الأمر بات على حساب القضية وعلى حساب حياة الناس وتضاعف عدد الأسرى أكثر من مرة، ولم يعد ثمة ضمانة لأي شيء. ولقد بلغ السيل الزبى.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"شبكة معا" تدين اعتقال رئيس تحريرها وتحمل الاحتلال المسؤولية عن حياته
"شبكة معا" تدين اعتقال رئيس تحريرها وتحمل الاحتلال المسؤولية عن حياته

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

"شبكة معا" تدين اعتقال رئيس تحريرها وتحمل الاحتلال المسؤولية عن حياته

بيت لحم معا- تدين شبكة معا الإعلامية بأشد العبارات إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم على اعتقال الدكتور ناصر اللحام، رئيس تحرير الشبكة، في خطوة تعسفية تمثل اعتداءً صارخاً على حرية الصحافة وتندرج ضمن مسلسل الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين. إن اعتقال الدكتور اللحام، المعروف بمواقفه المهنية والوطنية، يأتي في ظل تصعيد خطير ضد الإعلام الفلسطيني، ويشكّل محاولة لإسكات الصوت الحر الذي دأب على نقل الحقيقة وفضح ممارسات الاحتلال أمام الرأي العام المحلي والدولي. وإذ نحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة الدكتور ناصر اللحام، نؤكد أنه يعاني من أمراض مزمنة في القلب ويتلقى علاجات منتظمة، الأمر الذي يجعل احتجازه في ظروف الاعتقال الإسرائيلية تهديداً مباشراً لحالته الصحية. ونشير بأن الدكتور ناصر اللحام يبلغ من العمر 59 عاماً، ويُعدّ من أبرز رموز الإعلام الفلسطيني المستقل. تطالب شبكة معا الإعلامية بالإفراج الفوري عن الدكتور ناصر اللحام، وتدعو المؤسسات الدولية، وعلى رأسها نقابة الصحفيين الفلسطينيين واتحاد الصحفيين العرب، الاتحاد الدولي للصحفيين ومراسلون بلا حدود ومنظمات حقوق الانسان والأمم المتحدة، إلى التحرك العاجل للضغط من أجل إطلاق سراحه وضمان حمايته. كما تدعو الشبكة وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى تسليط الضوء على هذا الانتهاك الخطير، وتعزيز التضامن مع الصحفيين الفلسطينيين الذين يدفعون ثمناً باهظاً مقابل أدائهم المهني. الحرية للدكتور ناصر اللحام الحرية للصحافة الفلسطينية فلسطين التاريخ: 7 تموز 2025

الأمم المتحدة: منظومة الغذاء في قطاع غزة تعاني انهيارا شامل
الأمم المتحدة: منظومة الغذاء في قطاع غزة تعاني انهيارا شامل

فلسطين اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين اليوم

الأمم المتحدة: منظومة الغذاء في قطاع غزة تعاني انهيارا شامل

فلسطين اليوم - غزة أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن منظومة الغذاء في غزة تعاني انهيارا شاملا، مضيفا أن مع اشتداد المجاعة في غزة ومنع وصول المساعدات يعني قتل المزيد من الأرواح. وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن الأسر في غزة تجبر على المجازفة بحياتها للحصول على الطعام. وأوضح المكتب أن معدلات سوء التغذية الحاد تضاعفت بين الأطفال وحليب الرضع يوشك على النفاد. وكان قد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن استيائه الشديد من تفاقم الأزمة الإنسانية فى غزة، مجددا دعوته إلى وقف فورى ودائم لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن. جاء ذلك فى بيان أصدره المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، ونشره الموقع الرسمى للأمم المتحدة. وبحسب البيان، قال جوتيريش إن الهجمات المتعددة التى شُنت فى الأيام الأخيرة على مواقع إيواء النازحين والأشخاص الذين يحاولون الحصول على الغذاء أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، وأدان بشدة الخسائر فى أرواح المدنيين. وأشار جوتيريش إلى أنه فى يوم واحد فقط من هذا الأسبوع، أجبرت أوامر التهجير ما يقرب من 30 ألف شخص على الفرار، مرة أخرى، دون أى مكان آمن يلجأون إليه، وفى ظل نقص واضح فى إمدادات المأوى أو الغذاء أو الدواء أو الماء. وأكد الأمين العام أن القانون الإنسانى الدولى لا لبس فيه، إذ يجب احترام المدنيين وحمايتهم، وتلبية احتياجات السكان، مضيفًا أنه مع انقطاع الوقود عن غزة لأكثر من 17 أسبوعا، فإنه يشعر بقلق بالغ إزاء انقطاع آخر شريان حياة للبقاء على قيد الحياة.

"مقاومة الجدار والاستيطان": 11280 اعتداء نفذها الاحتلال بالضفة
"مقاومة الجدار والاستيطان": 11280 اعتداء نفذها الاحتلال بالضفة

فلسطين اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • فلسطين اليوم

"مقاومة الجدار والاستيطان": 11280 اعتداء نفذها الاحتلال بالضفة

فلسطين اليوم - رام الله قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطيني مؤيد شعبان، إن العدد الإجمالي للاعتداءات التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي في النصف الأول من عام 2025 بلغ 11280 اعتداء بالضفة الغربية تركزت في محافظات رام الله بـ1975 اعتداء، تليها الخليل بـ1918، ثم نابلس بـ1784. وأوضح شعبان خلال مؤتمر صحفي عقدته الهيئة للإعلان عن تقريرها النصفي حول "اعتداءات دولة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية وإجراءات التوسع الاستيطاني" للنصف الأول من العام، أن هذا التصاعد الكبير في حجم الاعتداءات وطبيعتها جاء متزامناً مع العدوان المستمر الذي تشنه دولة الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكافة أماكن وجوده. وأشار إلى أن الاعتداءات تنوعت بين فرض وقائع على الأرض تشمل الاستيلاء على الأراضي وتوسيع المستوطنات وعمليات تهجير قسري، بالإضافة إلى عمليات إعدام ميدانية، وتخريب وتجريف الأراضي، واقتلاع آلاف الأشجار، والاستيلاء على الممتلكات، إضافة إلى الإغلاقات والحواجز التي تقطع الروابط الجغرافية الفلسطينية. وبيّن شعبان أن الاعتداءات تركزت في عدة محافظات، حيث سجلت محافظة رام الله أعلى عدد بالاعتداءات بـ1,975 حالة، تلتها محافظة الخليل بـ1,918 اعتداءً، ثم نابلس بـ1,784 اعتداءً. كما كشف التقرير عن الاستيلاء على أكثر من 800 دونم من الأراضي الفلسطينية، وإقامة 23 بؤرة استيطانية جديدة، إلى جانب تنفيذ 2,153 اعتداءً من قبل المستوطنين تسبب بعضها في استشهاد 4 مواطنين. وسجل التقرير هدم 588 منشأة فلسطينية، مما أثر على حياة 843 مواطناً بينهم 411 طفلاً، فيما تسبب الاحتلال والمستوطنون في قطع وتضرر أكثر من 12,067 شجرة. وأكد شعبان أن هذا التصاعد في الانتهاكات يعكس السياسة الاحتلالية التوسعية التي تستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني في كل مكان. قال شعبان إن دولة الاحتلال سابقت الزمن خلال الأشهر الستة الماضية في محاولات الانقضاض على الجغرافيا الفلسطينية، ليس فقط عبر إقامة البؤر الاستعمارية وتوسيع المستعمرات أو إصدار الأوامر العسكرية، بل أيضاً من خلال سلسلة غير مسبوقة من التشريعات والقرارات الحكومية التي تستهدف جوهر الأرض الفلسطينية. وأوضح أن هذه الاعتداءات وضعت الشعب والمؤسسات الفلسطينية أمام أخطر مرحلة من محاولات السلب والضم وفرض السيادة. وأضاف أن المستوطنين نفذوا 2153 اعتداءً خلال الفترة، أدت إلى استشهاد 4 مواطنين، وشملت هجمات على القرى الفلسطينية، إشعال المنازل، إطلاق النار، إقامة بؤر استيطانية جديدة، والسيطرة على الأراضي والطرق والمركبات. وكانت المحافظات الأكثر تضرراً هي رام الله بـ491 اعتداءً، والخليل بـ409، ونابلس بـ396. وجدد شعبان مطالبة كل الفلسطينيين "فصائل واتحادات شعبية ونقابات وجماهير" بالانضواء تحت استراتيجية وطنية للدفاع عن الأرض والمقدرات الوطنية، تتطلع إلى فلسطين فقط، وتهمها فلسطين فقط، وتنظر إلى ما يفعله الاحتلال بعين المسؤولية الوطنية المتحررة من المصلحة الذاتية والكيدية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store